السلام فى الشيشان: الفرص والقيود

مراد بطل الشيشانى

مجلة السياسة الدولية أكتوبر 2003 - العدد 154

تصاعدت العمليات العسكرية التى نفذتها المقاومة الشيشانية خلال الأشهر الماضية ، على نحو يوضح زيف الادعاءات الروسية بأن الأوضاع فى الشيشان تتجه نحو الاستقرار ، وتكشف متابعة السياسة الروسية تجاه الشيشان ، عن أنها ماضية فى سياسة التصعيد أكثر من البحث عن فرصة للسلام ، فى الجمهورية الثائرة المطالبة بالاستقلال منذ انهيار الاتحاد السوفيتى عام 1991 ، فعلى الرغم من قيام روسيا بالتخلص من معظم القادة الشيشانيين المتشددين ، وميل الأوضاع فى الشيشان الى قبول حل الصراع بالطرق السلمية ، فإن روسيا لم تستغل هذه الفرصة المواتية لاحلال السلام ، وعمدت الى تصعيد التوتر ، من خلال خلق حكومة محلية موالية لها ، وهذا مابرز من خلال الاستفتاء الذى جرى فى مارس الماضى ، ومن خلال الانتخابات الرئاسية التى ستجرى فى الشيشان خلال أكتوبر الجارى ، حيث تسعى موسكو الى تحويل السلطة الى أحمد قاديروف ، أو غيره بشرط موالاته لموسكو ، والعمل على احلال الشرطة المحلية محل القوات الفيدرالية ، وإعادة إعمار الشيشان من خلال هذه الحكومة.

ولاشك أن هذه السياسة الروسية ستؤدى الى إثارة القوى السياسية والقبلية الشيشانية ، حيث ترفض اتاحة الفرصة للتيار المعتدل ، والذى يمثله رئيس الجمهورية الشرعى أصلان مسخادوف ، ونائبه أحمد زكاييف.وتعتمد على تيار أحمد قاديروف الموالى لها ، مما يدفع بالتيار الراديكالى الى السطح.فاعتماد روسيا على تيار قاديروف من خلال دعم الاستفتاء ونشر الشرطة المحلية الشيشانية ، وإعادة اللاجئين ، وإن هدفت روسيا من ذلك الى الاشارة الى انتهاء حربها فى الشيشان ، إلا أن هدفها الأساسى هو تحويل الصراع فى الشيشان الى صراع داخلى ، خاصة اذا أدركنا وجود رفض كبير للاستفتاء ولنشر الشرطة المحلية ، بسبب انتشار الفساد ، ووجود قوى عسكرية روسية تتاجر بالنفط ، الذى يكرر بمراجل يدوية ،ووصلت نسبته العام الماضى الى ما بين 500 ـ 600 مليون طن ، بينما النفط المكرر بشكل شرعى بلغ نحو 700 مليون طن فى نفس العام.وهذا الاتجار متورط به الجيش الروسى ورجال عصابات روسية.ولهذا فإن العديد من الشيشانيين يعتبرون الاتجاه الموالى لروسيا خائناً ومتواطئاً مع الفساد.

وفى هذا الاطار ، فإن اعتماد روسيا على هذا التيار ورفضها أى فرصة للحوار مع التيار المعتدل ذى الشعبية ، يؤدى الى تصاعد التيار الراديكالى ، الذى يرفض أى نوع من العلاقة مع روسيا ، ويستطيع هذا التيار أن يستقطب فئة من الشباب الذى يعانى من القمع الروسى والفساد ، بشكل أكبر ، ويبرزه على الساحة كمدافع وحيد ضد السياسات الروسية فى الشيشان.

وتحاول روسيا أن تربط بين العمليات الفدائية التى تجرى فى الشيشان منذ ديسمبر الماضى وبين التفجيرات التى وقعت فى الرياض والمغرب فى نفس التوقيت ، للاشارة الى تورط تنظيم القاعدة فيها ، ولتبرير الحرب فىالشيشان ، غير أن العديد من المراقبين نفوا هذه الصلة.ورغم إدانة مسخادوف لتلك العمليات ، إلا أن روسيا استمرت فى اتهامه بالارهاب، وهو ما يشير الى تعمد روسيا تجاهل هذا التيار المعتدل.وقد أشار البعض الى أن هذه العمليات تمثل نوعاً من الرفض لما جرى من استفتاء ، وتهدف الى القضاء على التيار الموالى لموسكو.

وهكذا فإن روسيا بسياستها الحالية تضيع على نفسها فرصة للسلام فى الشيشان ، وتصر على تجاهل التيار المعتدل ، واستفزاز التيار المتشدد للقيام بأعمال عنف ، على الرغم من غلبة التيار المعتدل على الساحة الشيشانية ، وتراجع طروحات الاستقلال التام لدى التيار الشيشانى السياسى الشرعى والأكثر قبولاً دولياً ، وهو ما يفتح الباب أمام استمرار وتصاعد الصراع فى الشيشان وخروجه عن نطاق السيطرة ، وتعثر فرص التسوية السلمية فى المستقبل القريب

منقووول للفائدة .
AlexaLaw