مقالات الدكتور الشافعى بشير

هذا الموضوع سوف اخصصه لمقالات الدكتور الشافعى بشير والتى نوه فى المحاضرات انها مهمه جدا


تنويه هام : هذه المقالات للدراسة فقط وليست للمناقشة فى المنتدى وتعبر فقط عن رأى كاتبها الدكتور شافعي .

يتبع .........,

د. الشافعي بشير
رحم الله إسماعيل فهمي وزير خارجيتنا الأسبق.. كان دبلوماسياً عظيماً عيار 24 دهب خالص.. يتكلم بحساب ويعمل بحساب من قاعدة وطنية قومية خالصة.. إلي أن جاءنا وزير الخارجية الحالي الذي يفتقد لأبسط مبادئ الدبلوماسية شكلاً وموضوعاً وأثار استفزاز الناس بتصريحاته الغريبة، ومن بينها تصريحه الأخير في التليفزيون والصحف بالهمز واللمز عن حسن نصرالله وحزب الله.. ولأن حديثه كله كان غثاء كغثاء السيل ولا يستحسن إعادة ذكره.. فإننا فقط نرد علي تساؤله السطحي الذي ينم عن جهل فاضح بوطنيتنا وقوميتنا
.. فهو يتساءل عن الهدف السياسي والعسكري من أعمال المقاومة اللبنانية في مواجهة الغزو الإسرائيلي.. ويتطوع بالإجابة قائلاً.. إنها لم تحقق شيئاً.. ـ يا سلام!!.. هل هذا كلام وزير أكبر دولة عربية إسلامية في المنطقة؟! إنه يصلح أن يكون علي لسان وزير خارجية إسرائيل أو وزيرة خارجية أمريكا تعبيراً عن الإحباط الشديد لفشل المشروع الأمريكي الإسرائيلي لتركيع الأمة العربية والإسلامية معاً.. واستمرار حلقات مسلسلهما في كسر رقابنا وإشعارنا دائماً الهزيمة وترسيخ الإحساس بأننا أمة مكسورة ومهزومة ليس لها أن ترفع رأسها أبداً.
فقد انكسرنا وانهزمنا في حرب 48 وحرب 56 وحرب 67 ولم نفرح بكامل انتصارنا في حرب 73.. ولم تصب إسرائيل بأي خدش في جبهتها الداخلية وهي تنقل كل معاركها العسكرية خارج أراضيها.. إلي أن جاء غزوها الأخير لدولة لبنان، وتصدي لها حسن نصر الله وحزبه بقوته المسلحة الرائعة التي أوقفت زحف الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان بأداء غير مسبوق في المنطقة.. واضطرت فصائل الجيش الإسرائيلي للتراجع أمام عنف المقاومة.. وشاهدناها في كل القنوات التليفزيونية وهي في حالة مزرية.. ثم وهذا هو الأعظم.. نقلت المقاومة اللبنانية المعركة ـ لأول مرة ـ إلي داخل إسرائيل.. وأمطرتها بالصواريخ التي لم تذق مرارتها في أي حرب سابقة.. وأجبرتها علي إخلاء المساكن وتجميع مواطنيها في الخنادق ثلاثة وثلاثين يوماً حتي تفسخ النسيج الداخلي الإسرائيلي الذي لم يتأثر بأي حرب إسرائيلية سابقة.
لقد رفع حسن نصرالله وحزب الله رؤوسنا جميعاً في المنطقة العربية والعالم الإسلامي واضعاً النقاط فوق الحروف التالية:
أولاً: إن إسرائيل التي لم تهزمها الجيوش العربية مجتمعة، يمكن أن تلقي الهزيمة علي أيدي المقاومة المؤمنة برسالتها الوطنية والقومية.
ثانياً: إن إسرائيل التي لا تهزم ـ كما تقول أبواق الصهيونية في الخارج والداخل ـ قد ذاقت طعم الهزيمة المرة لأول مرة.. بدليل أنها لم تستطع أن تحسم المعركة لصالحها رغم مرور شهر كامل.
ثالثاً: إن شعوب المنطقة العربية لم تستسلم للمخطط الصهيوني، رغم استسلام الكثير من ملوك ورؤساء الدول العربية.
رابعاً: أن خروج الشعوب العربية والإسلامية في مظاهراتها الحاشدة تأييداً لحسن نصرالله وحزب الله كانت إعلاناً صريحاً بفشل وفساد وانهزامية أنظمة الحكم العربية، وإعلاء أكثر صراحة لكلمة الجهاد الحقيقي طريقاً مقدساً للتحرير واستخلاص مقدساتنا من أيدي الصهيونية المعتدية.
خامساً: إن موقف الدبلوماسية المصرية كان ومازال موقفاً مخزياً من الزعيم القائد المخلص حسن نصرالله وحزب الله، بقدر ما هو ممالئ ولأمريكا وإسرائيل، وليت أحمد أبوالغيط وزير خارجية مصر يكف عن الحرث في غيطهما.. ويفلح في غيط الوطنية المصرية والقومية العربية.. ورحم الله إسماعيل فهمي فلاح الدبلوماسية المصرية الوطنية القوية والإسلامية وحسبنا الله ونعم الوكيل في الوزير الحالي ومن شابهه.

تغريب وتخريب الجامعات المصرية والعربية ..
د. الشافعي بشير
قضية الساعة في الجامعات تدور حول المشروع الجديد لقانون تنظيم الجامعات الذي عرض وزير التعليم العالي خطوطه العامة ووزعها علي الجامعات لإبداء الرأي.. وقد أبدي عدد من الأساتذة الأفاضل آراءهم في مقالات منشورة كمقالي الأستاذ حامد عمار والأستاذ الدكتور حسن نافعة. ونريد أن نضيف إلي تلك الآراء القيمة رؤية حول بعض العبارات الحاكمة لمشروع القانون الجديد.. إذ ترددت عبارات استراتيجية التعليم العالي ومصلحة مصر الوطنية والقومية.. ولا نري في المشروع الجديد استجابة لتلك المبادئ والأهداف.. بل نراه قد ضل طريقه إليها لغياب الفهم الحقيقي عن الدور الريادي والتاريخي لمصر في المنطقة العربية،
حيث كانت باستمرار بمثابة القاطرة التي تقود منظومة التعليم والثقافة في الوطن العربي من المحيط إلي الخليج، في ظل استراتيجية واضحة المعالم ومحققة لمصالح المنطقة ومصلحة مصر الوطنية والقومية.. بل والمالية إذا ما تحدثنا بلغة واضعي خطط مشروع القانون الجديد للجامعات تحت عبارة »البيزنس«..
فمصر هي التي ساهمت بدور فعال في وضع وإقرار وتشغيل منظومة التعليم الابتدائى والإعدادي والثانوي ثم الجامعي في الدول العربية.. وقننت ذلك الوضع في المعاهدة الثقافية العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في إطار جامعة الدول العربية عام 1964.. وكانت الاستراتيجية الواضحة تتمثل في جعل الوطن العربي الواسع منطقة تعليمية موحدة بصرف النظر عن الحدود السياسية لتنشئة أجيال عربية واعية مستنيرة بمشاكلها وقضاياها المصيرية.. وخاصة بعد زرع إسرائىل في المنطقة وإثارة التحدي العلمي والثقافي والحضاري للأمة العربية.. وفي قلبها مصر بالذات.
وقد نجحت مصر في إرساء دعامات المنظومة التعليمية في الدول العربية التي استعانت بمدرسي مصر في مختلف المراحل التعليمية قبل الجامعية وكذلك بأساتذة الجامعات المصرية في كل التخصصات.. وكان مدرسونا وأساتذتنا وسائر المهنيين والحرفيين العاملين في الدول العربية يشعرون بأنهم يعيشون في منطقة تعليمية موحدة، يتعلم أبناؤهم في مدارسها ومناهجها المنسقة في ظل ميثاق الوحدة الثقافية ودستور المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.. مع استمرار التشاور والتنسيق بين وزراء التعليم العرب للمحافظة علي ذلك الإنجاز العظيم.. الذي رأيناه يُصاب بشرخ عندما أصدرت مصر قرارها العشوائى بإلغاء الفرقة السادسة بالتعليم الابتدائى وسببت اضطراباً في المنظومة التعليمية العربية الموحدة إلي أن عادت مصر للصف العربي بإعادة الفرقة السادسة لمرحلة التعليم الابتدائى.. وكان ذلك مثالاً بسيطاً للنسيج التعليمي العربي الذي كنا نحن بمثابة القلب والعقل له.. وكان الرئىس السادات مدركاً لتلك الاستراتيجية المحققة للمصالح العربية والعائدة بالفائدة العظيمة لمصر.. فجعلها في الدستور الدائم عام 1971 هدفاً أساسياً لمصر، كما ورد في وثيقة إعلان الدستور والمادة الأولي منه.. وهو ما نقله الدكتور شمس الوكيل رحمه الله إلي قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 في مادته الأولي التي حددت بوضوح استراتيجية التعليم الجامعي طبقاً للمفاهيم التي أوضحناها.
وهى أمور لا نراها في مشروع الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي الذي يفتقر »أي المشروع« للوضوح والصراحة والشفافية مردد أفكار أمريكية لا تصلح لمصر، ومبقياً مبادئ ينادي بها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وهي مؤسسات تابعة للأمم المتحدة ولكنها خاضعة لأمريكا خصوعاً تاماً تحت مظلة اللوبي الصهيوني الذي لا يريد خيراً لمصر والأمة العربية.. بل يريد هدم تراثها الثقافي والأخلاقي والديني والنسيج الروحي والقومي للأمة العربية أمام المشروع الإمبريالي الصهيوني بتفتيت المنطقة ومسح هويتها تمهيداً لإنشاء دولة أو إمبراطورية إسرائىل الكبري بالأساليب التي تحدثت عنها بروتوكولات حكماء صهيون.. وترددها الولايات المتحدة الأمريكية تحت شعار الشرق الأوسط الجديد.. وأفلحت في استقطاب رؤساء وملوك في المنطقة.. ولكن الشعوب العربية ظلت موحدة فكرياً وعقائدياً وقومياً، كما رأيناها أثناء الغزو الإسرائيلي الأمريكي الأخير للبنان ووقوف المقاومة اللبنانية موقفها العظيم أمام العدوان مع تعضيد وتأييد كافة الشعوب العربية كمحصلة عظيمة للاستراتيجية الثقافية والتعليمية والروحية التي قادتها مصر منذ عشرات السنين.
إن مشروع الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي يذكرنا بمشروع قانون العيب الذي عرضه الرئىس السادات علي مجالس كليات الحقوق في الجامعات عام 1980 ورفضته جميعاً ما عدا جامعة واحدة، وكانت حيثيات الرفض تدور حول مدخل وفكر وفلسفة القانون قبل الدخول في تفاصيله.. وهو ما ينطبق علي مشروع قانون الدكتور هلال.. فهو مرفوض لنفس الأسباب وزيادة.. لتحليقه بعيداً عن فلك استراتيجية التعليم في مصر والدول العربية وإضراره بالمصلحة الوطنية والقومية في الأجل القريب والبعيد.. وننصح بالعودة إلي الدراسات الوطنية المخلصة لمشروع قانون الجامعات الذي أقرته اللجان المشتركة بين رؤساء الجامعات ورؤساء نوادي أعضاء هيئة التدريس في ظل وزارة الأستاذ الدكتور فتحي سرور.. فهي تبني ولا تهدم وتنبع من واقعنا دون تغريب أو تخريب مثل الذي نراه في مشروع هاني هلال.
ورداً علي أسئلة الزملاء أعضاء هيئة التدريس عن موضوعات الإعلان عن الوظائف وتعيين القيادات الجامعية فإننا نحيلهم لنموذج من تصرف السلطة عندما أصدر رئىس الجمهورية قراره بإسناد رئاسة أكبر مجلس متخصص للعلماء من أساتذة الجامعات إلي شخص.. لا هو دكتور.. ولا أستاذ جامعة كنوع من الاستخفاف بالعلماء الأفاضل، ونموذج من نماذج التعسف في استخدام السلطة المطلقة التي خبرناها كذلك في تعيين العديد من القيادات الجامعية الفاشلة.. ورفض مبدأ انتخاب العمداء ورؤساء الجامعات.. والإصرار علي التدخل البوليسي في كل شئون الجامعات.

الثقة المفقودة في قانون الجامعات ..15/10/2006
د. الشافعي بشير
الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي يقود حملة تعديل وتطوير قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972.. وقد أرسل مشروعه للجامعات في خطوطه العامة تحت عنوان »رؤية لتطوير القوانين والتشريعات التي تحكم مؤسسات التعليم العالى«.
والسيد الوزير يذكرنا برؤى مماثلة لعدد من وزراء التعليم العالي خلال الثلاثين سنة الماضية عندما قدم الدكتور حسن إسماعيل مشروعه للتعديل والتطوير. وكان أبرز ما فيه الإعلان عن وظائف المعيدين والمدرسين المساعدين والمدرسين وسائر أعضاء هيئة التدريس..
وكان بذلك يعيد مآسي قانون الجامعات السابق رقم 184 لسنة 1958 حيث كان الإعلان عن تلك الوظائف يستخدم أحياناً للتنكيل بعضو هيئة التدريس أو تفويت الفرصة علي أول الخريجين وتعيين آخر بالواسطة مما يذكره من عاصروا تطبيق ذلك القانون قبل عام 1972..
وكان رد الفعل لذلك المشروع عنيفاً من جانب المعيدين والمدرسين المساعدين وأعضاء هيئة التدريس بحيث صدرت تعليمات أمنية بسحبه من جدول أعمال المجلس الأعلى للجامعات الذي انعقد في 31 مايو ،1979 والذي قرر من جانب آخر إدخال الحرس الجامعي في الجامعات..
وعندما تولي الوزارة الأستاذ الدكتور مصطفي كمال حلمي أحسن الاتصال بنا في نوادي أعضاء هيئة التدريس، وكان يجرى حواراً مستديماً مع مؤتمرنا العام الذي طلب إليه العمل علي تحسين الدخل المالي للمعيدين والمدرسين المساعدين وأعضاء هيئة التدريس.. إذ كانت الدخول متدنية.. بل ومزرية، ويبدو أنه لم يستطع الحصول علي موافقة رئىس الجمهورية.. مما دفعنا دفعاً للتصادم مع الحكومة، حيث عقدنا مؤتمرنا العام في 8 و 9 مارس 1984 وقررنا إرسال وفد لمقابلة رئىس الجمهورية وعرض مطالبنا العادلة. ولما تجاهلت الحكومة تلك المطالب فقد قرر المؤتمر العام الإضراب عن العمل في جميع الجامعات يوم الأحد 8 أبريل 1984.. وكان يوماً رائعاً في تاريخ الجامعات المصرية إذ نجح الإضراب بنسبة 70% تقريباً.. وكان له أثره الكبير في استجابة الرئىس والوزير لمطالبنا.. فصدر القرار الجمهوري رقم 150 لسنة 1984ـ ومعه قرارات الوزير بتعديلات مالية لا بأس بها.. وتفهم الوزير مطالبنا في تعديل قانون الجامعات فأصدر قراره بتشكيل لجنة مشتركة من رؤساء الجامعات ورؤساء النوادي لوضع مشروع التعديل.. وكنا نقاوم بشدة اتجاه رؤساء الجامعات لإعادة الإعلان عن الوظائف لما له من مثالب وعيوب ومخاطر علي أعضاء هيئة التدريس الذين تم تعيينهم بعنصر التفوق الدراسي والذي تم ترقيتهم بعنصر التفوق والتميز العلمي الخاضع لتحكيم اللجان العلمية الدائمة..
ثم أتانا الوزير الدكتور فتحي محمد علي وحاول وضع مشروع من خلال رؤساء الجامعات المجتمعين في فندق الواحة أيام 13 و14 و15 يناير ،1986 وكنا نعلم بالخطوط العامة السيئة لذلك المشروع.. فانعقد مؤتمرنا العام ورفضه رفضاً باتاً وأرسل ذلك للوزير ورؤساء الجامعات المجتمعين سراً خلال إجازة نصف العام.. ومات المشروع إلي أن جاء الدكتور فتحي سرور وزيراً للتعليم وشكل لجاناً مشتركة من رؤساء النوادي ورؤساء ونواب الجامعات لوضع مشروع متكامل لقانون تنظيم الجامعات.. ووضعنا المشروع بالتوافق التام وسجلناه كتابة.. ثم.. لا شيء.. فقد ابتذل الوزير، وضاع المشروع بين ملفات الوزارة.. وسلكت معنا الحكومة سياسة الضرب تحت الحزام.. وقد تولاها ونفذها الدكتور حسين كامل بهاء الدين بامتياز، إذ أصاب ديمقراطية الجامعات في مقتل بإلغاء انتخابات العمداء وجعل تعيينهم في قبضة السلطة والحزب وحرم أعضاء هيئة التدريس في الجامعات من أكبر مفاخرهم واعتزازهم في الحياة الجامعية المتمثلة في انتخاباتهم الدورية للعميد في مؤسسة يفترض فيها ديمقراطية الأداء من جانب صفوة العلم والفكر في الدولة..
ثم قاد حملة طاغية ضد نوادي أعضاء هيئة التدريس لحل مجالس إداراتها المنتخبة التي لا تنال رضاه ورضا الأمن.. وتم له ما أراد.. وكانت نكسة للجامعات التي خبا صوتها مثلما خبت أصوات النقابات المهنية.. وعندما ذهب الدكتور حسين كامل بهاء الدين.. لم تترحم الجامعات علي أيامه.. وإن كانت قد لدغت لدغة سامة أخري في 18 مايو عام 2000 علي أيدي الدكتور مفيد شهاب بقانونه الشهير رقم 82 لسنة 2000 بتعديل المادة 121 من قانون تنظيم الجامعات الذي حرم طلابها من خبرة وعلم ومخزون ثقافة الأساتذة الكبار فوق السبعين.
باختصار.. كل الوزراء الذين أدخلوا تعديلات علي قانون شمس الوكيل رحمه الله.. كانت تنهش في قاعديه الأساسيتين: الديمقراطية والحرية في الجامعات.. ذلك أن الدكتور شمس الوكيل رحمه الله وضع قانون تنظيم الجامعات عام 1972 بعد صدور الدستور الدائم عام 1971.. وكان السادات يريد لمصر أن تتطور بعد فترة حكم عبدالناصر.. تتطور للديمقراطية الحقيقية والحرية وحقوق الإنسان.. فتلقف شمس الوكيل الخيط وصاغ القانون بتلك الروح والديمقراطية والحرية والأمان لعضو هيئة التدريس.. فجعل العمل في الجامعة من خلال المجالس الديمقراطية وليس بإرادة فردية لأي صاحب منصب.. وفتح الباب واسعاً أمام عضو هيئة التدريس للبحث والترقي دون قيود (بيروقراطية) إذ كفل له الترقي للوظيفة الأعلي بمجهوده العلمي فقط من خلال اللجنة الدائمة دون حاجة لتدخل السلطات بتوفر درجة في الميزان أولاً.. حيث كانت تلك وسيلة سيئة للتمييز بين أعضاء هيئة التدريس علي أساس رضاء السلطات وجهازها الأمني، مما يثير لها النفاق والخضوع مع تغييب عنصر الكفاءة العلمية وحرية الفكر والرأي والتعبير..
وها نحن نعود مع وزير التعليم العالي الدكتور هاني هلال للمربع رقم واحد في ساحة الجامعة بحجة التطوير الذي لا نراه تطويراً للأفضل وإنما إعادة للمحاولات التي تنتقص من مزايا وأسس وقم قانون ينظم الجامعات رقم 49 لسنة 1972.. مثلها في ذلك مثل التعديلات الدستورية التي انتقصت من مزايا دستورنا الدائم.. بداية بتعديل السادات للمادة 77 من الدستور في مايو 1980 إذ ألغي النص الذي كان يحدد فترة الرئاسة بمدتين وجعلها مطلقة لمدي الحياة. وحرم الشعب من ممارسة حقه الديمقراطي في اختيار رئىس الدولة بالانتخاب الحر المباشر دون تزوير أو تزييف لإرادته.. ثم أضاف الرئىس مبارك تعديله للدستور إلي الأسوأ بعد تغيير نص المادة 76 ليصادر حقنا في اختيار رئىس الجمهورية كشأن الدول الديمقراطية التي توجد بها الشروط التعجيزية للترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية في مصر.. وهي شروط تشير بأصابع الاتهام لتوريث رئاسة الدولة.. مما أفقدنا الثقة في أي تعديل يُدخله نظام الحكم علي مواد الدستور الدائم.. وهي ثقة مفقودة أيضاً بالنسبة لمشروع الوزير هاني هلال بتعديل قانون تنظيم الجامعات..

مفارقات الأمن الجنائى والسياسي ..17/9/2006
د. الشافعي بشير
حكم محكمة الجنايات ببراءة المتهم في مذبحة بني مزار.. يثير عدة تساؤلات عن تلفيق القضايا ونزع الاعترافات بالتعذيب.. فقد ذكر والد المتهم في جريدة »الوفد« ـ عدد الجمعة 8 سبتمبر ـ بأنه تم القبض عليه وأفراد أسرته وتم تعذيبهم وإرهابهم للاعتراف بأن محمد هو مرتكب الجريمة، وبرر المتهم اعترافه بالجريمة نتيجة للإكراه والتعذيب الواقع عليه وانتهز فرصة مثوله أمام محكمة الجنايات لإنكار كل ما سبق له من اعترافات أمام البوليس والنيابة..
ـ وكانت اعترافات المتهم في قضية مجزرة بني مزار تشبه اعترافات والد وزوج امرأة وجدت جثتها مهترئة في مصرف بمحافظة الدقهلية،
وتوصلت تحريات المباحث الجنائية إلي أن والد تلك المرأة وزوجها قد ارتكبا جريمة القتل لسوء سلوكها.. واعترف الوالد والزوج بالجريمة ومثلا أمام وكيل النيابة كيفية ارتكابها.. وأوشك وكيل النيابة علي تقديم المتهمين إلي محكمة الجنايات للحكم عليهما بالإعدام أو الأشغال الشاقة لجريمة القتل عمداً مع سبق الإصرار.. ولكن وكيل النيابة فوجئ بالسيدة المدعي قتلها تدخل عليه مكتبه وتقول: أنا يا بيه حية ولم يقتلني أبي أو زوجي، وقد كنت في القاهرة دون علم أهلي الذين أبلغوا عن اختفائي.. وأصيب وكيل النيابة بالذهول، وأحضر الوالد والزوج وسألهما.. لماذا اعترفتما بارتكاب جريمة قتل لم ترتكباها.. وكان الرد من شدة التعذيب يا بيه.. كان الموت أهون.
ـ هذه قصة حكاها لنا تلميذي خريج كلية حقوق المنصورة وليست فيلماً سينمائياً. وإن صح أن يكون فيلم مأساة بوليسية يتكرر عشرات ومئات المرات في مصر من جانب ضباط البحث الجنائي الفاشلين في العثور علي الجناة الحقيقيين في القضايا الجنائية، ويستسهلون ممارسة التعذيب لاستخلاص الاعترافات من بعض من تحوم حولهم الشبهات من قريب أو بعيد، ثم يتضح لعدالة المحكمة أن تلك الاعترافات قد أخذت بالتعذيب الذي يؤكده تقرير الطب الشرعي.. فتحكم المحكمة بالبراءة طبقاً للدستور والقانون الذي يعتبر الاعترافات المأخوذة بالتعذيب باطلة.. وهكذا صدرت الأحكام العديدة من محاكم الجنايات وأمن الدولة العليا طوارئ، حيث ذكرنا منها سبعة أحكام قضائية علي سبيل المثال ونحن نرد علي خطاب الرئيس مبارك في عيد الإعلاميين التاسع يوم الأحد 31 مايو 1992 عندما نفي وقوع تعذيب للأفراد في أقسام الشرطة ومباحث أمن الدولة والسجون والمعتقلات.. ونشرنا مقالاً في جريدة الشعب يوم 30 يونيو 1992 نذكر للرئيس مبارك أحداث وجرائم التعذيب في مصر بأسماء الضحايا وأرقام وتواريخ القضايا حتي يقوم بعمل إيجابي لمنع ممارسات التعذيب لاستخلاص الاعترافات من المتهمين والشهود صوناً للحق والعدل في مصر.. ولكنه لم يفعل، ونشرت منظمات حقوق الإنسان الدولية تقارير عديدة تدين عهد الرئيس مبارك بارتكاب أكثر وأقسي وسائل التعذيب في القضايا الجنائية والسياسية معاً.
ـ وكان التعذيب في القضايا السياسية لتلفيق التهم الباطلة.. أوسع نطاقاً في ظل قانون الطوارئ المطبق منذ تولي الرئيس مبارك للسلطة في عام 1981 حتي الآن، وممارسة لسلطات الحاكم العسكري العام المنصوص عليها في قانون الطوارئ والتي فوض الكثير منها لرئيس الوزراء ووزير الداخلية.. فكانت المحاكمات العسكرية وأحكام الإعدام بالجملة والاعتقالات بعشرات الآلاف.. وإثارة قضايا أمن الدولة باعترافات مأخوذة بالتعذيب، والذي قد يصل إلي حد الموت لضحية التعذيب. وقد ذكرنا الكثير منها في مقالاتنا وتقاريرنا في المؤتمرات الدولية.. ويشاء الله سبحانه وتعالي أن تثور هذه الأيام قضية أحد ضحايا التعذيب الذي أفضي به إلي الموت، وأشار الشهود إلي الضابط المتهم الذي مازال علي قيد الحياة.
ـ ومع شيوع ممارسات التعذيب البوليسية في القضايا الجنائية والسياسية.. إلا أنها تفوق حدود التصور في القضايا السياسية.. ويبدو أنه يوجد بالفعل »كارت بلانش« لمباحث أمن الدولة أن تفعل ما تشاء وهي آمنة من المحاكمة أو المساءلة بأي وجه من الوجوه.. وقد أساءت تلك الممارسات لنظام حكم الرئيس مبارك الذي صنفته منظمة العفو الدولية ومنظمة الميدل إيست ووتش وغيرها من منظمات حقوق الإنسان ضمن نظم الحكم الأكثر انتهاكاً لحقوق الإنسان في العالم.
ـ وما لم تذكره تلك المنظمات الدولية في حيثيات إدانتها لنظام الحكم.. ذلك الذي يحدث في إطار ما يسمي بالأمن الشخصي لرئيس الجمهورية.

حوادث السكك الحديدية.. وسوء التصرف في ميزانية الدولة ..10/9/2006
د. الشافعي بشير

صحف الأسبوع الماضي.. حافلة بأخبار النكد لشعب مصر بسبب كثرة حوادث القطارات وسقوط مئات المواطنين بين قتيل وجريح.. فاق عددهم ما سقط شهيداً من مقاتلي حزب الله في حربه ضد إسرائيل ثلاثاً وثلاثين يوماً متواصلة نال فيها إعجاب العالم..
ـ ويا سبحان الله.. فقد أعلن الرئيس السادات أنه أبرم معاهدة السلام مع إسرائيل حتي لا يسقط أحد أبنائه من المواطنين ضحية حرب أخري مع إسرائيل.. وكان يصرح دائماً بأن حرب أكتوبر 1973 هي آخر الحروب..
ـ وأصبح الرئيس السادات في ذمة الله.. وثبت للعالم أن حرب أكتوبر 73 لم تكن آخر الحروب الإسرائيلية.. وأن أبناءه من المصريين سقطوا قتلي وجرحي بالمئات في حوادث قطارات الصعيد وقليوب وإيتاي البارود أكثر ممن سقطوا شهداء في ساحة القتال من الرجال المحاربين الأشداء في حزب الله الذين أدخلوا علينا الشعور بالفخر والعزة والكبرياء والتخلص من الإحساس الانهزامي الاكتئابي في مواجهة إسرائيل.
ـ ولكن نظام الحكم في مصر يُصر علي نكدنا بتلويث حياتنا بالفواجع والأحزان والاكتئاب المستديم منذ حادث غرق العبارة العائدة من السعودية وموت أكثر من ألف إنسان، ثم الحوادث المتكررة للقطارات وأحدثها تصادم القطارين عند قليوب، واندلاع النيران في جرار قطار إيتاي البارود المتجه إلي الإسكندرية، وانقلاب قطار البضائع في بني سويف.. ثم انقطاع المياه عن عدة أحياء بالإسكندرية نتيجة انهيار جسر الترعة التي تغذي محطات المياه بسبب الإهمال الشديد والعجز في تدبير الموارد المالية لتبطين الجسر.
ـ وهكذا تتوالي الكوارث علي شعب مصر.. وخاصة من جانب مرفق السكك الحديدية التي نشر عنها الوفد تقريراً يوم الأحد الماضي يتحدث عن أسباب انهيار مرفق السكك الحديدية بسبب سوء الإدارة، وخاصة في عهد وزير النقل والمواصلات الأسبق المهندس سليمان متولي الذي استمر في منصبه قرابة عشرين سنة.. لأن نظام الحكم راض عنه بصرف النظر عن التخريب المستمر في مرفق السكك الحديدية.. إذا أصبحت الجرارات والعربات والقضبان في حالة متهالكة بعد انتهاء العمر الافتراضي لها، وعدم رصد الميزانيات اللازمة لتجديد وصيانة المرفق الهام.. بل أهم مرافق المواصلات لشعب مصر من جنوب البلاد إلي شمالها وشرقها وغربها.
ـ وكانت نتيجة هذا التقتير في الاعتمادات المالية للسكك الحديدية، وعدم الاستماع لشكاوي السائقين والفنيين عن حالة المرفق المتهالكة. وعجرفة وزير النقل والمواصلات سليمان متولي وامتناعه عن إجراء الحوار مع السائقين والعمال.. مما أجبرهم علي الإضراب والاعتصام في نقابتهم في ديسمبر عام 1986.. ثم استمرار عجرفة وعناد نظام الحكم بعدم التحاور مع فئات الشعب.. بل ومواجهتهم بعنف وظلم قانون الطوارئ حيث تم القبض علي السائقين والعمال، وقدمتهم الحكومة لمحكمة أمن الدولة العليا طوارئ للحكم عليهم بالأشغال الشاقة والسجن.. ولكن خاب أمل الحكومة، إذ حكمت المحكمة ببراءتهم جميعاً وألقت باللوم علي الحكومة ممثلة في وزيرها القائم علي مرفق السكك الحديدية.. وتركب الحكومة رأسها العنيد مرة أخري ويرفض الحاكم العسكري العام (وهو الرئيس مبارك) التصديق علي حكم المحكمة.. أي الاستمرار في الحرب ضد سائقي وعمال السكك الحديدية بعناد غريب.
ـ وكانت تلك هي النتيجة.. نتيجة سوء تصرف نظام الحكم.. ممثلة في الحوادث المتكررة للقطارات وسقوط المئات قتلي وجرحي وحرقي والعياذ بالله..
ـ ويعطي نظام الحكم دليلاً علي سوء تصرفه في الميزان العام للبلاد.. إذ يرصد المليارات وينفقها فيما لا ينفع الناس، ويضن بها علي المرافق الحيوية المهمة لشعب مصر.. مثلما أنفق نصف مليار جنيه علي بناء سجن الواحات، كما ورد في مضابط محكمة الجنايات في قضية جريدة الشعب ووزير الداخلية الأسبق اللواء حسن الألفي.. وقد نشرنا تلك المهزلة في مقالنا بجريدة الشعب يوم 17 يوليو 1998.. ولم تعقب علينا الحكومة بالنفي مما يثبت صحة الواقعة.. أي إسراف وتبذير لبناء سجون.. وشح وتقتير علي مرفق السكك الحديدية الذي تكمن فيه حياة الناس وأمنهم وسلامتهم.. وهو نفس الإسراف الذي شاهدناه في تخصيص مائتي مليون جنيه لأسبوع شباب الجامعات في المنصورة قبل انتخابات الرئاسة، والذي أعلن فيه محافظ الدقهلية في حضور الرئيس مبارك.. أن شعب المنصورة والدقهلية عموماً الذي يتجاوز خمسة ملايين نسمة يبايعه لفترة رئاسة خامسة.. وأضاف رئيس جامعة المنصورة.. أنه هو أساتذة الجامعة وطلابها يبايعون الرئيس مبارك لست سنوات أخري في رئاسة الجمهورية.. وانفض السامر وتمت انتخابات الرئيس مبارك ونجح فيها رسمياً.. وخرجت جامعة المنصورة بذكري عن أسبوع الشباب تمثلت في بناء فندق لا لزوم له داخل الجامعة تكلف خمسين مليون جنيه من أموال الشعب.. كان يمكن إنفاقها فيما هو أهم بكثير علي إصلاح المرافق المهمة في البلاد.. ومنها السكك الحديدية البائسة.
ـ باختصار.. إننا أمام سفه شديد من نظام الحكم في التصرف في المال العام.. وغياب الرقابة البرلمانية الحقيقية علي رصد الاعتمادات المالية وإنفاقها.. وقد صدق محمود أباظة رئيس الوفد في قوله بأن الحكومة غير رشيدة في إنفاق الميزانية ولابد من تعديل الدستور لاستعادة دور البرلمان في إقرار بنود الميزانية بنداً بنداً والرقابة في الإنفاق والحد من سوء تصرف الحكومة..
ـ وإن لم يتم ذلك التوجه المهم في إصلاح أحوال مصر.. فسوف يظل مسلسل الكوارث في كل المرافق الأساسية وليس فقط في مرفق السكك الحديدية.. ولا عزاء لشعب مصر المغلوب علي أمره في ظل ديمقراطية الحزن الوطني..

مليارات الوزير.. وقرارات الرئيس ..3/9/2006
د. الشافعي بشير

بعد كارثة قطاري قليوب.. تحرك نظام الحكم معلناً تخصيص خمسة مليارات جنيه بصفة عاجلة لإصلاح وتحديث قطارات وورش السكك الحديدية.. وأخشي ما نخشاه أن يحدث مع تلك المليارات من المال العام ما يحدث مع صفقات حكومية سابقة بالملايين والمليارات وكانت عرضة للغش والنهب والسلب مثل صفقة أتوبيسات وارد الأمريكية التي ضاعت فيها الملايين من أموال الشعب بين مافيا الاستيراد والعمولات في مصر ومافيا النصب في أمريكا.. إذ اتضح من التحقيقات التي جرت في تلك الصفقة المشبوهة أن الأتوبيسات المستوردة لمدينة الإسكندرية كانت صناعة متخلفة جداً..
تصدر منها أصوات مزعجة للغاية كعيوب في الشكمان أو عادم الدخان مسببة تلوثاً خطيراً في البيئة وإخلالاً أشد بهدوء المدينة وأعصاب سمع أهلها حتي إن إحدي ربات البيوت لم تحتمل عذاب تلك الضجة فألقت بنفسها من شرفة الدور العلوي منتحرة.. ولعل ذلك وغيره من آلاف الشكاوي والبلاغات كان وراء سحب تلك الأتوبيسات من مرفق المواصلات بالمدينة ـ ثم كانت المفاجأة في الخبر المنشور بالصحف عن الشركة الأمريكية التي صنعت وصدرت تلك الأتوبيسات.. والذي يقول إنها قد أنشئت خصيصاً للصفقة وتم حلها بعدها..
أما الصفقة المشبوهة الثانية فتتعلق بالمشروع الأمريكي للصرف الصحي بالإسكندرية والذي قال عنه كمال حسن علي رئيس الوزراء الأسبق.. إنه أصيب بالذهول عندما علم وتحقق من أن مائة مليون جنيه من أموال ذلك المشروع قد صرفت علي المكاتب الاستشارية الأمريكية وعملائها.. وقد كتبنا عن تلك الواقعة مقالين بجريدة الشعب في 14 مايو و10 يونيو ،1995 كما نشر الأستاذ الدكتور محمد صادق العدوي رئيس قسم الهندسة الصحية بجامعة الإسكندرية كتاباً بعنوان (قضية مجاري الإسكندرية ـ جريمة العصر).
هاتان جريمتان تتعلقان بسوء التصرف في المال العام فقدمهما لوزير النقل المكلف بإنفاق الخمسة مليارات جنيه، وكذلك للجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب والجهاز المركزي للمحاسبات في مصر.
** قرارات الرئيس مبارك بالتعديل الوزاري الأخير شملت تعيين المستشسار ممدوح مرعي وزيراً للعدل، وكان سيادته رئيساً للمحكمة الدستورية العليا ـ ورئيساً للجنة المشرفة علي انتخابات رئيس الجمهورية التي فاز فيها الرئيس مبارك.. ولم تكن تصرفاته في تلك اللجنة متمشية مع المعايير الدولية والدستورية لإدارة الانتخابات بالحياد والشفافية والاستقلالية، مما عرضه لهجوم شديد من الكتاب وأصحاب الفكر والرأي، ودعاة حقوق الإنسان، ونادي القضاة بصفة خاصة.. فضلاً عن دوره في تعديل وتفعيل المادة 76 من الدستور وقانون تنظيم انتخابات الرئاسة الذي أعطي للجنة المشرفة علي انتخابات الرئيس سلطة الفصل في التظلمات والطعون بصفة نهائية ونافذة وغير قابلة للطعن.. أي سلطة مقدمة بما جعلها وجعل رئيسها المستشار ممدوح مرعي عرضة للهجوم الشديد من الرأي العام الذي يناصبه العداء، كما ورد بالصفحة الأولي بجريدة الوفد يوم الأربعاء الماضي تحت عنوان (وزير العدل يخاصم الصحافة).. وهو يذكرنا بوزير الداخلية الأسبق زكي بدر الذي كان يتصادم مع الرأي العام.. ومع ذلك كان الرئيس يصر علي تعيينه واستمراره بعناد غريب.. ونظن عناده اليوم ضد القضاة وناديهم..
وهو عناد يصحب تصرفات الرئيس مبارك طوال الخمس وعشرين سنة الماضية.. وكانت إحدي صوره أيضاً إصداره قرار تعيين المستشار ماهر عبدالواحد رئيساً للمحكمة الدستورية العليا خلفاً للمستشار ممدوح مرعي.. وكان المستشار ماهر عبدالواحد عرضة للانتقاد الشديد لأسلوب عمله كنائب عام، وخاصة أثناء الانتخابات الرئاسة والبرلمانية الأخيرة.. واتهمه نادي القضاة صراحة في بيانه المنشور بجريدة الوفد يوم 26 أبريل بالانحياز للسلطة التنفيذية ضد القضاة.
إذن.. فقد تم تحريك المناصب المؤثرة علي الانتخابات الرئاسية القادمة لصالح ترشيح ونجاح جمال مبارك.. فوزير العدل المعين أخيراً إلي جانب رئيس المحكمة الدستورية العليا المنقول إليها أخيراً.. هما المسئولان عن الانتخابات الرئاسية القادمة لتوريث الرئاسة صراحة وبلا مواز.. ولم يقدم الرئيس مبارك تفسيراً مقنعاً لقراره بتعيين وزير العدل بالذات، كما ورد في تصريحه لمجلة »روزاليوسف« يوم الأربعاء الماضي.. ويعني هذا أنه مصر علي توريث رئاسة الجمهورية بعناد شديد وبخطط مرسومة جيداً.. وصفها الأستاذ أنور عكاشة في جريدة »المصري« يوم الأربعاء بأنه (أسلوب أقرب للعند ويغيط الناس).

بل هو الحزن الوطني.. 27/8/2006
بقلم: د. الشافعي بشير

مصر في المشرحة.. كان ذلك هو عنوان الصفحة الأولي بجريدة الوفد يوم الأربعاء.. وتحت العنوان صور مأساة حادث القطارين عند قليوب ولو قُدّر لي أن أصيغ عنوانا للمأساة لما وضعت مصر الدولة أو الشعب في المشرحة.. بل الحزب الحاكم الذي نسميه »الحزن الوطني«.. جالب الأحزان والمآسي والمصائب علي مصر.. فما زالت مأساة العبارة عالقة في الأذهان.. ولم يكن من السهل أن ينسي الناس غرق أكثر من ألف انسان بسبب الإهمال الشديد والتسيب واستغلال النفوذ
المنسوب الي مالك العبارة الذي قال عنه رئيس الديوان الملكي بأنه جاره وصديقه واتخذ صاحب العبارة من ذلك حماية له وحصانة من مساءلة أمام أي جهاز عن خرق القانون واشتراطات الأمان الكامل في العبارة مما أدي الي وقوع الكارثة بغرقها واصابة أكثر من ألف بيت بالأحزان.. وكانت قمة الهزل من جانب الحزب الحاكم أن أضفي عليه الحصانة بتعيينه مسبقا في مجلس الشوري ثم بالسماح له بالسفر للخارج قبل التحقيق معه في الجريمة التي ارتكبها. وراحت أرواح الناس هدرا وتخربت بيوت فقدتت عائلها ونكبت في ابنائها.
المسألة باختصار تتمثل في استخفاف نظام الحكم بالانسان المصري مثلما حدث في مأساة احتراق قطار الصعيد في فبراير 2002 وموت وجرح أكثر من ألف إنسان.. من بينهم خمسة اخوة كبار كانوا في طريقهم لمحافظة قنا للاحتفال بالعيد مع امهم الأرمل الوحيدة إلا من أبنائها الخمسة.. واحترق الأولاد كلهم مع غيرهم.. فهل عرفنا المسئول الكبير عن تلك المأساة.. وهل تمت مساءلة الحزن الوطني الحاكم وقيادته عن تلك المأساة.. وقد نشرنا وقتها مقالا بجريدة الوفد يوم 9/3/2002 وطرحنا هذا السؤال: علي من تدعو هذه الأم المكلومة المصابة باحتراق ابنائها الخمسة؟ فماذا تم من جانب حزب الحكومة وبرلمانها؟ لا شئ.
وفي مسلسل كوارث السكة الحديد وانعدام مسئولية نظام الحكم عنها ما حدث في ديسمبر 1998 عندما دخلت السيدة الي دورة المياه في قطار قنا ووضعت رضيعها داخل الحوض.. واذا بأرضية الحمام تسقط ويسقط معها جسد الأم التي تمزقت قطعا وألعياذ بالله ولم يفز أهلها إلا ببعض اشلائها.. فماذا تم؟ لا شئ.
لأن السادة المسئولين الكبار يعرفون أنهم خارج إطار المساءلة طالما ان رئيس الحزب وقياداته قد عينتهم وضمنت لهم الحماية من المساءلة البرلمانية وحتي الجنائية.. اللهم الا اذا زجوا بعامل بسيط أو سائق قطار يتحمل المسئولية بمقولة ان الحادث كان بسبب خطأ فردي وليس بسبب الإهمال الجسيم في صيانة وتجديد مرفق السكك الحديدية وهو ما أراد سائقو القطارات وعمالها أن ينبهوا الحكومة لسوء حالة المرفق الذي وصل الي حد خروج قطار الاسكندرية عن القضبان في كفر الدوار وقتل واصابة الكثيرين فاجتمع السائقون والعمال في مقر الرابطة بالقاهرة مطالبين وزير النقل حينذاك المهندس سليمان متولي بإجراء حوار معهم حول مشاكل مرفق السكة الحديد ومطالبهم المالية.. فوعدهم الوزير بالحضور ثم أخلف وعده ولم يذهب اليهم في استخفاف واضح بزقدار هؤلاء الناس.. بل واستخفاف بملاحظاتهم المهمة في اصلاح مرفق السكك الحديدية حتي لا تقع الكوارث تباعا كما يحدث فعلا.. واضطر السائقونوالعمال لإعلان الاعتصام في مقر الرابطة.. واذا بزكي بدر وزير الداخلية يقتحم الرابطة ويعتقل الساقين والعمال. وتقدمهم الحكومة للمحاكمة الجنائية في القضية رقم 1486 لسنة 1987 ولكن القضاء العادل حكم ببراءتهم وألقي باللوم علي وزير النقل.. فماذا حدث؟ حدث العجب العجاب.. رفضت الحكومة حكم القضاء بالبراءة أو إلغاء الحاكم العسكري الذي يحكمنا بقانون الطوارئ منذ ربع قرن ويعطيه سلطة الغاء حكم المحكمة.
أرأيتم الهزل في حكم البلاد؟ أرأيتم العناد السلطوي واستكباره؟
إذن لماذا لا تقع كوارث غرق العبارة وقتل وجرح أكثر من ألف إنسان؟ ولماذا لا تقع كوارث قطار الصعيد وقطاري قليوب؟ انها المسئولية الضائعة في مصر.. بدءا من رئيس الحزب الحاكم والدولة الي من يعينهم ويمكن لهم في مناصب الدولة.. ولقد عبر الاستاذ جمال بدوي عن ذلك في عنوان مقاله بالوفد يوم الأربعاء الماضي الذي يقول: »رئيس الدولة هو المسئول« ونضيف نحن: إنه المسئول عن تدهور أحوال مصر.. خارجيا وداخليا حتي وصلنا الي هذا الخراب الذي لن يرفع عنا الا برفع الحزن الوطني الجاثم بثقله الرذيل علي شعب مصر.

حزب الله.. أجاب عن السؤال! 6/8/2006
د. الشافعي بشير

الذين وضعوا ميثاق الأمم المتحدة عام 1945 كانوا يريدون من مجلس الأمن أن يكون مثل عربة المطافئ التي تجري بسرعة نحو الحريق لإطفائه فوراً دون الدخول في تساؤلات عن أسبابه والمسئول عنه، وإلا امتد الحريق لمساحات أوسع، وأوقع المزيد من الضحايا. ولكن الذي حدث منذ بداية العدوان الإسرائيلي علي لبنان في الثاني عشر من شهر يوليو حتي الأسبوع الأول من شهر أغسطس يشير إلي تجريد مجلس الأمن من مهمته الأساسية في الإيقاف الفوري للعمليات العسكرية وإفساح الطريق لتسوية النزاع بالطرق العديدة المنصوص عليها في الميثاق..
إذ وقفت الولايات المتحدة الأمريكية بالمرصاد ضد صدور أي قرار من مجلس الأمن يدين العدوان الإسرائيلي الموسع جداً علي دولة لبنان والذي تجاوز كل الخطوط الحمراء للشرعية الدولية، بل والأخلاقية.. وخاصة بعد المجزرة الوحشية الإجرامية التي ارتكبها الطيران الإسرائيلي علي مدينة قانا وراح ضحيتها العشرات من الأطفال والنساء تحت الأنقاض بعد القصف المتعمد للمبني الذي لجأ إليه الأطفال والنساء هرباً من جحيم الغارات الإسرائيلية المتواصلة ليلاً ونهاراً علي المساكن المدنية.
وحتي بعد نشر صور ضحايا مجزرة قانا علي شاشات التليفزيونات وكبريات الصحف والمجلات العالمية مما يحرك الحجر للتأثر والغضب والثورة.. لم يتحرك مجلس الأمن بما يمليه الضمير الإنساني بإصدار قرار واضح بإدانة المجزرة الإسرائيلية، ومن ثم الأمر بوقف إطلاق النار فوراً، وإذ منعته أمريكا من ذلك حماية لإسرائيل وتشجيعاً لها علي استمرار عملياتها العسكرية لتحقيق أهداف سياسية أمريكية إسرائيلية في المنطقة بإعادة صياغتها جغرافياً وسياسياً وعسكرياً وفق خطة استراتيجية معدة سلفاً بعقول أمريكية إسرائيلية تحت عنوان الشرق الأوسط الجديد الذي لا يمل الرئيس بوش من التحدث عنه والترويج له والإصرار علي تحقيقه ولو علي أشلاء جثث شعوب المنطقة كما حدث ومازال يحدث في العراق، وكما حدث وما زال يحدث في فلسطين ولبنان بالهمجية المغولية الإرهابية الإسرائيلية الأمريكية لإخضاع شعوب وحكومات الشرق الأوسط لما تريده أمريكا وإسرائيل والانبطاح والانصياع لهما ضاربين عرض الحائط بميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف لعامي 1949 و1977 بحظر ارتكاب جرائم الحرب وساخرين من المجتمع الدولي الذي احتشد في روما في يوليو 1998 معلناً وثيقة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية التي تقول في الديباجة: »إن الدول الأطراف.. إذ تضع في اعتبارها أن ملايين الأطفال والنساء والرجال قد وقعوا خلال القرن الحالي ضحايا الفظائع لا يمكن تصورها هزت ضمير الإنسانية بقوة.
وإذ تسلم بأن هذه الجرائم الخطيرة تهدد السلم والأمن والرفاه في العالم، وإذ تؤكد أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب ألا تمر دون عقاب، وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها علي نحو فعال من خلال تدابير تتخذ علي الصعيد الوطني وكذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي، وقد عقدت العزم علي وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلي الإسهام بالتالي في منع هذه الجرائم.. إلخ.
ومثلما فقد الناس ثقتهم بالأمم المتحدة فقد فقدوها أيضاً بالجامعة العربية التي عجزت تماماً عن مواجهة الموقف الدامي في المنطقة.. وفشل وزراء الخارجية في إصدار قرار موحد بإدانة العدوان الإسرائيلي كما فشلوا في الدعوة لعقد مؤتمر القمة العربي لملوك ورؤساء يقضون الصيف علي الشواطئ بينما تقضي إسرائيل علي شعب عربي ودولة عربية بكل وسائل الحرب الإجرامية وبأشد الأسلحة الأمريكية فتكاً.. ولم يتحركوا بعد مذبحة قانا إلا ببيانات شجب لا تغني ولا تسمن من جوع ضاربين هم أيضاً بمعاول الهدم لجامعة الدول العربية.
ولكن ما العمل؟؟ لقد أجاب حزب الله علي السؤال في الميدان نفسه وضرب لنا المثل الأعظم في مواجهة الظلم والطغيان والبربرية الإجرامية الإسرائيلية الأمريكية.. فقد خاض المعارك البطولية ضد الغزو الإسرائيلي المدعم عسكرياً وسياسياً من أمريكا.. وحتي اليوم العشرين مازال يحارب بقوة وعظمة أثارت إعجاب كل الشعوب العربية والإسلامية التي خرجت في مظاهرات حاشدة ترفع صور حسن نصرالله وتهتف لحزب الله وتدعو له في المساجد بالنصر الذي يعود للأمة كلها، كما قال في إحدي خطبه.

الفوضي الأمريكية الخلاقة والشرق الإسرائيلي الجديد!! 23/7/2006
د. الشافعي بشير

ذلك ما أفصحت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية قبل مجيئها للشرق الأوسط المشتعل بالحرب الإجرامية الإسرائيلية الأمريكية علي شعب لبنان الذي يتعرض لقصف وحشي بالطائرات والبوارج الحربية والمدافع الأرضية منذ أسبوعين، مع سكوت غريب لمجلس الأمن الدولي الذي عهدت إليه المواثيق الدولية بمهمة التدخل الفوري لإيقاف إطلاق النار في مثل حالة لبنان، والدعوة لإجراء مفاوضات لحل المنازعات مهما كانت طبيعتها وخطورتها.. ولكن المجلس يتخلي عن مهمته الأساسية بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية التي تشجع إسرائيل علي استمرار عدوانها العسكري لتحقيق الهدف الشيطاني المشترك المعلن عنه في عنوان هذا المقال.
ولم يكن هذا الهدف جديداً علينا وعلي الدارسين للصهيونية العالمية ذات الأهداف العقائدية التي تؤمن بها الإدارة الأمريكية في مختلف عهودها منذ الرئيس هاري ترومان الذي ألقي بالقنبلة الذرية علي اليابان عام 1945 حتي الرؤساء رونالد ريجان وبوش الكبير وخليفته كلينتون ثم بوش الابن الصهيوني جداً الذي يتبني التنفيذ الحالي للفوضي الأمريكية الخلاقة، كما تقول وزيرة خارجيته وصولاً لتحقيق الهدف الكبير الذي تسعي إليه إسرائيل تحت عنوان »الشرق الأوسط الكبير« الذي روج له إسحاق رابين وشيمون بيريز وصرحت به وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس خلال الفوضي الحالية الشاملة للعراق وفلسطين ولبنان بعقول وأصابع وأنياب إسرائيلية أمريكية.
فما حدث وما زال يحدث في العراق وفلسطين ولبنان هو ضلع في سلسلة الأهداف الصهيونية الإسرائيلية الأمريكية.. حتي في أسلوب التعامل مع الشعوب بقسوة ووحشية وهمجية ضد كل المفاهيم الإنسانية والمواثيق الدولية.
أمن أجل ثلاثة جنود إسرائيليين وقعوا في أسر المقاومة العسكرية العربية فوق الأرض المحتلة في فلسطين ولبنان.. يجري حصار غزة وتجويع أهلها واجتياحها وأسر أعضاء الحكومة والبرلمان الفلسطيني مع عدد غير محدود من شبابها وقصف بلا حدود للمباني السكنية ومراكز الحكومة الفلسطينية ونسف المرافق الأساسية من مياه وكهرباء وصرف صحي في حملة إبادة بشرية لشعب فلسطين، مثلما تفعل مع شعب لبنان بحصارها القاتل لدولة لبنان من البحر والبر والجو منذ أكثر من أسبوعين لمنع وصول أي إمدادات غذائية أو طبية، مع التواصل في هدم القري والمدن وطرد الأهالي وملاحقتهم بالقصف حتي عندما يحتمون بمقر البوليس الدولي للأمم المتحدة المرفوع علمها لكي تراه الطائرات الإسرائيلية التي لم تحترم علم الأمم المتحدة، ولا علامات الصليب والهلال الأحمر الدولي التي تسعف الجرحي والمصابين، ولم تحترم ما يسمي بالقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة مثيرة فوضي كاملة إسرائيلية أمريكية كما يقول عنوان هذا المقال الذي صرحت به وزيرة الخارجية الأمريكية دون خجل من فضح الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة!!
وهي استراتيجية مخطط لها قديماً ومدونة بوضوح كامل في بروتوكولات حكماء صهيون التي يتصدرها شعار الدكتور أوسكار ليفي القائل »نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسدين ومحركي الفتن فيه وجلاديه« وهو يلخص كل الخطط الصهيونية التي سجلت في الأربعة وعشرين بروتوكولاً التي صاغها كبار عتاة اليهود منذ أكثر من مائة عام كمنهج وبرنامج عمل لإقامة دولة إسرائيلية في فلسطين واتساع رقعتها ونفوذها لتصبح قوة إمبراطورية بدعم قوي من الدول الكبري كما نشاهد في أيامنا هذه، إذ تسخر الولايات المتحدة كل إمكانياتها العسكرية والاقتصادية والسياسية لدعم إسرائيل بلا حدود، وضد كل القوانين والمواثيق والأعراف الدولية حتي أنها تطلب من إسرائيل أن تستمر في غاراتها الوحشية علي حزب الله وشعب لبنان وتمنع مجلس الأمن من إصدار قرار بإيقاف العمليات العسكرية.. بل وتعلن بأنها ستمد إسرائيل بالقنابل الأمريكية الذكية بالليزر حتي يتم القضاء تماماً علي حزب الله.. ولو تم هدم دولة لبنان علي رؤوس شعبها.. توصلا لتحقيق الشعار المشار إليه في عنوان هذا المقال، وهو شعار مطبق في العراق وفلسطين ولبنان، إذ تسودها الفوضي المخطط لها بعناية من جانب إسرائيل وأمريكا.
وتلك هي الفوضي الخلاقة التي تتكلم عنها أمريكا.. إنها خلاقة في نظرها لأنها تهدم الأوضاع المستقرة القائمة في المنطقة علي أساس وجود دول عربية كبيرة مستقلة ذات سيادة، وأهداف قوية عن الوحدة العربية ونصرة شعب فلسطين ومعاداة إسرائيل المعتدية والوقوف ضد أطماعها التوسعية واستعادة الأرض المقدسة وفي مقدمتها القدس الشريف.
تلك كلها خطط مرسومة منذ أكثر من مائة عام ومعلنة في بروتوكولات حكماء صهيون، وتنفذها إسرائيل الأمريكية وأمريكا الإسرائيلية لتوحد العقيدة وتوحد المصالح.. ويقف الإسلام ضد تلك العقيدة كما تقف العروبة الحقيقية ضد تلك المصالح الإمبريالية الصهيونية، وهي الروح السائدة في كل الشعوب العربية التي نراها في مظاهراتها الحاشدة ضد العدوان علي لبنان والمؤيدة تماماً لحزب الله وقائده حسن نصر الله رغم أنف أنظمة الحكم العربية التي وقفت موقفاً سلبياً محزناً من العدوان الإسرائيلي الأمريكي علي لبنان.. أرضاً وشعباً وحكومة.
نصر الله حسن نصر الله وجيشه المجاهد.. ونصر الله فصائل الجهاد في فلسطين.. ونصر الله دينه والمؤمنين.. وأوقع الهزيمة بالأمريكيين والإسرائيليين وشعارهم الخائب الوارد في عنوان هذا المقال.. إنه سميع مجيب الدعوات.. قولوا آمين.

هذه هي العنصرية النازية الإسرائيلية الأمريكية.. 23/7/2006

د. الشافعي بشير

* كل هذا الضرب والتدمير والتخريب وقتل الأطفال والنساء وهدم البيوت علي رؤوس أهلها وقصف الجسور وتقطيع الطرق وإشعال الحرائق وملاحقة الهاربين من جحيم الغارات وقتلهم وإحراقهم فوق أرضهم في لبنان.. كل ذلك من أجل جنديين أسيرين في أيدي حزب الله؟!
* تشن إسرائيل حرب إبادة علي دولة لبنان وشعبها أمام أعين وأبصار كل العالم الذي يتابع غارات الطيران الإسرائيلي ليلاً ونهاراً دون انقطاع منذ عشرة أيام متوالية مع قصف ثقيل من البحر والبر علي جنوب لبنان والعاصمة بيروت..
بل وشمال لبنان وشرقه وغربه دون تفرقة بين أهداف عسكرية وأخري مدنية.. والكل يتفرج ولا يتحرك.. إلا كما تحرك رئيس أكبر دولة في العالم وهو يدق علي رؤوسنا لتذكيرنا بأن إسرائيل تدافع عن نفسها دفاعاً شرعياً لأن حزب الله أخذ جنديين إسرائيليين في الأسر.. وهو يعرف أن الجنديين الإسرائيليين كانا ضمن قوات احتلال إسرائيلية لأرض لبنانية، وأن من حق المقاومة اللبنانية الشعبية أن تشن حملاتها علي جيش الاحتلال كما تقول كل المواثيق والأعراف الدولية.. ومع ذلك يكرر علينا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ادعاءه الظالم بأن المقاومة الشعبية اللبنانية المحتلة في حزب الله هي منظمة إرهابية.. ويعطي الحق لإسرائيل أن تشن حرب إبادة شاملة واسعة النطاق ضد الدولة الصغيرة المسماة لبنان.. فتحرق وتخرب وتدمر وتقتل كما لو كان الإنسان في لبنان ليس مثل الإنسان الإسرائيلي أو الأمريكي.. وكما لو كان العالم قد أصبح غابة للوحوش الكاسرة بلا أمم متحدة وقانون دولي أو شرف وإنسانية.
* إنها إذن.. العنصرية النازية الإسرائيلية الأمريكية التي لا تساوي البشر من العرب بالمخلوق الإسرائيلي أو الأمريكي.. فمن أجل أسيرين إسرائيليين فقط.. شنت إسرائيل غاراتها الوحشية بكل ما تملكه من أحدث الطائرات الأمريكية والأسلحة والذخائر المحظورة دولياً كالقنابل الفوسفورية والعنقودية وانتهاك كل بنود القانون الدولي الإنساني في اتفاقيات جينيف لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين بها في عام ،1977 واتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948 واتفاقية الأمم المتحدة عام 1980 بعدم استعمال الأسلحة والذخائر التي تُحدث أضراراً مفرطة وعشوائية وخاصة للمجتمع المدني.. ومع ذلك فإن الرئيس الأمريكي بوش ومندوبه في مجلس الأمن يمنعان أعضاء المجلس من إصدار قرار بوقف الغارات الإسرائيلية علي لبنان.. بل إن الرئيس الأمريكي يجند الدول الصناعية الكبري المجتمعة في روسيا للوقوف إلي جانب إسرائيل تأييداً لمطالبها في استعادة الأسيرين الإسرائيليين فقط دون ذكر آلاف الأسري العرب في سجون ومعتقلات إسرائيل، كما لو كانوا هؤلاء ليسوا من البشر.. مع الإصرار علي تنفيذ القرار الظالم رقم 1559 الصادر بنفوذ أمريكا في مجلس الأمن لنزع سلاح حزب الله.. أي تجريد المجني عليه من السلاح وهو في وطنه وفوق أرضه بينما يتركون كل السلاح للمحتل للأرض اللبنانية في مزارع شبعا وجيشه الجرار علي الحدود اللبنانية الجنوبية التي تدخل في أطماع إسرائيل وخططها للسيطرة علي منابع الأنهار.. الحصباني والليطاني ضمن الأطماع الصهيونية بتكوين دولة إسرائيل الكبري من النيل للفرات ومن برية لبنان إلي يثرب في المملكة العربية السعودية، كما تقول كتبهم وصحفهم وبروتوكولات حكماء صهيون.. مع تأييد عقائدي خطير من الولايات المتحدة والرئيس جورج بوش بالذات.. هو وإدارته الصهيونية من القمة إلي القاع..
* إنهم جميعاً عنصريون مثلما كانت ألمانيا النازية قبل الحرب العالمية الثانية.. عندما كان هتلر يصرح ليل نهار بأن شعب ألمانيا هو الشعب المختار في العالم.. ولابد من خلق المجال الحيوي له بالتوسع شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً تحت راية ألمانيا الكبري.. وهو ما نفذه فعلاً بغزو النمسا وتشيكوسلوفاكيا وبولندا في سبتمبر ،1939 مما أشعل نيران الحرب العالمية الثانية.. ووجه آلته الحربية الجبارة نحو غرب القارة الأوروبية وأشبعها ضرباً وقصفاً وتدميراً حتي سقطت كلها تحت أقدام جيشه الجرار.. وخاصة دولة فرنسا الواسعة الممتدة الأطراف.. ولم يتوقف النازي عند حدود فرنسا، بل تابع عدوانه بالغارات الجوية علي العاصمة البريطانية.. فهرع رئيس الوزراء ونستون تشرشل إلي الولايات المتحدة الأمريكية يستنجد بها حتي لا يسقط العالم الغربي الديمقراطي الحر في قبضة النازية العنصرية التوسعية الإجرامية.. فصدر الإعلان الثائر للرئيس الأمريكي روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني في 14 أغسطس 1941 يعلنان فيه المبادئ التي ستسود العالم بعد هزيمة ألمانيا النازية.. وهي مبادئ موجهة إلينا وتخاطبنا وتمنحنا الوعود بحق الشعوب في تقرير مصيرها بحرية وديمقراطية دون ضغط الأقوياء وغزوهم وقهرهم للضعفاء.. وتحريم التوسع الإقليمي علي حساب الدول والشعوب المستقلة.. وعدم استخدام القوة في حل المنازعات الدولية.. وأطلق علي ذلك الإعلان اسم »تصريح الأمم المتحدة« حيث كان البذرة الأولي لإنشاء منظمة الأمم المتحدة عام 1945.. مع مبادئها العظيمة عن الأمن والسلام والحرية وحقوق الإنسان واحترام المعاهدات والقانون الدولي، وبناء العلاقات الدولية علي أساس التسامح وحسن الجوار والمساواة بين الدول.. وقال المستر »تشرشل« في مجلس العموم بعد مؤتمر بالتا مبررا إعطاء الدول الخمس الكبري حق الفيتو في مجلس الأمن »بأن ذلك راجع لمسئوليتها الخاصة في حفظ السلام والأمن الدولي وواجبها في أن تكون في خدمة العالم وليس لكي تسود العالم«.
* أين كل هذه المبادئ مما تفعله أمريكا وإسرائيل في لبنان؟.. لقد استخدم المندوب الأمريكي سلاح الفيتو في مجلس الأمن لمنعه من إصدار قرار في منتصف يوليو لإيقاف العمليات العسكرية الوحشية التي ترتكبها إسرائيل ضد شعب فلسطين في غزة والضفة بعد أسر أحد جنودها بأيدي المقاومة الفلسطينية حماس.. لقد وافق علي مشروع القرار عشر دول في مجلس الأمن وامتنعت أربع عن التصويت.. ولم يبق إلا صوت الولايات المتحدة الأمريكية.. فأبت أن تعلن موافقتها أو حتي تمتنع عن التصويت ليتسني للمجلس أن يصدر قراره المشروع بوقف المجازر الإسرائيلية.. وسخرت من الدول العشر التي أرادت إصدار القرار.. ورفع جون بولتون مندوب أمريكا يده عالياً بالفيتو.. وشل يد مجلس الأمن والأمم المتحدة لإيقاف مسلسل القتل والتخريب الدموي الإسرائيلي علي أرض فلسطين المحتلة.. ضارباً بالباطل عرض العالم كله وميثاق الأمم المتحدة الذي بشرنا به زعماء الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وتقرير المصير والعدالة والمساواة في إعلانهم الشهير من فوق البارجة البريطانية »الرمز أوف ويلز« في 14 أغسطس 1941.. لأن رئيس وزراء بريطانيا العظمي ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت كانا يعانيان من القهر والظلم النازي.. فلما رفع الله عنهما ذلك الغضب واستويا علي العدل والسلام والحرية بميثاق الأمم المتحدة عام 1945.. نسياه تماماً بذبح فلسطين عام 1948.. واستمرار عمليات الذبح حتي اليوم، وامتداده شمالاً في دولة لبنان الصغيرة التي لا حول لها ولا قوة أمام الترسانة العسكرية الإسرائيلية الأمريكية، والتأييد السياسي الأمريكي الدولي لإسرائيل في مجلس الأمن.. بل وتشجيعها علي مواصلة ذبح شعب لبنان منذ عشرة أيام بحجة الرئيس الأمريكي ونائبه الصهيوني تشيني ووزيرة خارجيته الذين يقولون »دعوا إسرائيل تواصل حربها« حتي تحقق أغراضها المخطط لها سلفاً بتصفية أي مقاومة شعبية ضد احتلالها وتوسعاتها الإقليمية بإخضاع لبنان تماماً ثم التوجه نحو سوريا ومن بعدها إيران التي تثير لهما المتاعب بنشاطها النووي.

برافو عمرو موسي ..19/7/2006
د. الشافعي بشير

قلت ما كان يجب قوله بصراحتك المعهودة.. قلت لقد ماتت عملية السلام وإننا خدعنا بالمبادرات والقرارات والوساطات دون أن يتحقق الا هذا العدوان الإسرائيلي الوحشي علي لبنان مع عجز كامل للحكومات العربية.. بل ومحاولة مخزية لتحميل حزب الله مسئولية ما يحدث من جانب اسرائيل. كما لو كانوا يلتمسون العذر لإسرائيل في شن غاراتها الاجرامية علي المرافق الاساسية الحيوية لشعب لبنان ضد كل مفاهيم اتفاقيات جنيف 1949 بعدم استهداف البنية التحتية والجسور والكباري ومحطات المياه والكهرباء التي لا غني عنها لمعيشة المدنيين..
فقد تجاوزت اسرائيل كل الخطوط الحمراء في الحرب المشروعة الي التدمير والتخريب والارهاب واسع النطاق لشعب لبنان وقتل المدنيين العزل قصدا وعمدا مما يسقط دعاوي الرئيس الأمريكي بوش فيما يردده بأن ما تفعله إسرائيل هو دفاع شرعي عن النفس!!
انه شريك رسمي علني في جرائم الحرب الاسرائيلية ومتواطئ سياسيا باستخدام الفيتو في مجلس الأمن لإحباط صدور قرار بوقف العمليات الحربية ضد لبنان رغم أن العملية العسكرية التي قام بها حزب الله كانت مشروعة دوليا لأنها وقعت من أهل البلاد علي المحتلين لأرضهم وهي عمليات عسكرية للمقاومة الوطنية التي سوغتها اتفاقيات جنيف 1949 و1977 وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
عزاؤنا الوحيد في مواجهة الإجرام الإسرائيلي والعجرفة الأمريكية والخزلان المبين والخيبة لحكام العرب أن حزب الله يرد لنا كرامتنا المهدرة.. بل ويزيدنا فخرا بتهديد العمق الاسرائيلي وضرب حيفا وهز نظرية الأمن الإسرائيلي وهو ما عجزت عنه الجيوش العربية كلها.
عزاؤنا عن غياب الرجال في مجالات الحكم.. أن عندنا رجلا مثل حسن نصرالله ورجلا مثل عمرو موسي.

شرعية الحكم ..16/7/2006
د. الشافعي بشير

القرارات التي أصدرها الرئيس مبارك بتعيين النائب العام السابق رئيسا للمحكمة الدستورية العليا تثير الكثير من التساؤلات عن سبب ذلك الاختيار رغم الهجوم الشديد الذي تعرض له النائب العام قبل الانتخابات وأثناءها وبعدها.. وكانت بكل المعايير انتخابات سيئة، شهد القضاة بتزويرها وتشويه ممارستها ببلطجية وهم المجرمون الذين صورتهم الفضائيات تحت حماية الأمن المركزى والحصار البوليسي للجان الانتخاب لمنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم تخوفا من سقوط مرشحي الحزب الحاكم الذي انتقم منهم الشعب بإسقاطهم في الجولة الأولي من الانتخابات..
ووصل الأمر للاقتحام البوليسي لعدد من اللجان والاعتداء علي رؤسائها من القضاة بالضرب والسب، مما دفع نادي القضاة لتقديم بلاغات للنائب العام للتحقيق السريع مع الضباط في امتهان القضاء والقضاة. وكان تقاعس النائب العام في مواجهة تلك البلاغات مدعاة للتساؤل عن الجانب الذي يقف فيه النائب العام لمصر كلها.. جانب السلطة البوليسية أم جانب سيادة القانون الذي أهدر بالكثير من ممارساته وتصرفاته طوال مدة شغله لمنصب النائب العام، ولا داعي لضرب الامثال كما في قضية أيمن نور وما لابسها من مهازل وقضية العبارة وموت أكثر من ألف رجل وطفل وامرأة وهروب المجرم الأصلي وتحويل الجناية الخطيرة الي جنحة مع أن مجرد استخدام العنف مع رئىس أو عضو لجنة انتخاب رئيس الجمهورية يعتبر جناية تستحق الحكم بالسجن خمس سنوات أو السجن المؤبد اذا ما افضي الجرح أو الضرب الي الموت كما نص علي ذلك قانون انتخاب رئيس الجمهورية رقم 174 لسنة 2005 الذي حرص المستشار ممدوح مرعي علي شرحه بمقال في جريدة الأهرام يوم 22/7/2005 حيث كان مقررا أن يتولي هو رئاسة لجنة الانتخابات الرئاسية باعتباره رئيسا للمحكمة الدستوريا العليا.. وقد تعرض هو الآخر لهجوم شديد بسبب ممارساته المناقضة للشفافية في إجراءات الانتخابات الرئاسية.. ولم يختلف موقفه عن موقف النائب العام السابق.. وكان ذلك بالتأكيد بسبب العناد الرئاسي ضد الرأي العام.. إذ رقي الرئيس النائب العام لمنصب رئيس المحكمة الدستورية العليا مثلما ترشح الشائعات رئيس المحكمة السابق لتولي منصب وزير العدل..
إن العناد الذي خبرناه في منهج الرئيس مبارك في الحكم خلال ربع القرن الماضي فهو لا يقيم وزنا للرأي العام.. ولا يهمه ما يكتب في الصحف بأقلام صفوة الفكر والرأي في البلاد.. ويصل الأمر الي حد تسفيههم وإهانتهم كما حدث عند صدور قانون ذبح الصحافة رقم 93 لسنة 1995 واحتجاج الصحفيين ومطالبتهم بتعديل القانون.. فرد الرئيس: »نحن لا نبيع ترمس« ويضطر الصحفيون للرد بنفس العنف برفض القانون في جمعيتهم العمومية غير العادية يوم 10 يونيو واحتجاب الصحف يوم 25.. وعندئذ يرد مستشار والرئيس قائلين: »لا ضغط علي الرئيس«.. »لا لوي لذراع السلطة« كما لو كانت هذه السلطة وراثة في قطاع عقاري وليس سلطة دولة تقول عنها الدساتير والمواثيق الدولية ان الشعب هو مصدرها وأن رئيس الجمهورية والحكومة خدم للشعب يلتمسون اتجاهات رأيه العام للاستجابة لها وتنفيذها وليس التصادم معها والإصرار علي التصرف الانفرادي الفرعوني المثير للغضب العام الذي يعم مصر حاليا كما نشاهد في جميع القطاعات.. وفي مقدمتها رجال القضاء حيث تجاهل الرئيس الاستجابة لمطلبهم المهم بتحقيق استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية واذا بالرئيس يزيد علي ذلك التجاهل بتأكيد تغوّل السلطة التنفيذية علي السلطة القضائية بالتعيينات الرئاسية الأخيرة وتعمد اختيار شخصية مكروهة قضائيا لتعيينها في أكبر منصب قضائي وهو رئيس المحكمة الدستورية العليا رغم وجود كفاءات دستورية عظيمة بين مستشاري تلك المحكمة وتستحق تولي رئاستها افضل كثيرا من النائب العام السابق الذي فشل في العلم والمخزون الثقافي الدستوري لديه مما يجعله غير مستحق لقيادة مستشاري المحكمة الدستورية العليا.
ولكن للمسألة وجهاً آخر.. فالنائب العام السابق الذي أصبح رئيسا للمحكمة الدستورية العليا سوف يكون رئيسا أيضا للجنة انتخابات رئيس الجمهورية التي سيرشح فيها ابن الرئيس مبارك.. ومطلوب منه أن يقوم بالدور الذي قام به رئىس اللجنة السابق وكان مثار نقد القضاة وأصحاب الفكر والرأي في البلاد وأساتذة القانون الدستوري.
فتعيين النائب العام السابق علي قمة المحكمة الدستورية العليا كان ترتيبا مقصودا مثل قرار تأجيل انتخابات المحليات لمدة سنتين حتي يتم تفصيل الاجواء لوراثة رئاسة الجمهورية التي حرصت المادة 76 المعدلة بالدستور علي تفصيلها لصالح جمال مبارك الذي لا يستطيع غيره أن يحصل علي تأييد وترشيح مائتين وخمسين عضوا من مجلسي الشعب والشوري والمجالس الشعبية المحلية في أربعة عشرة محافظة.. وهذاهو الشرط الأساسي للترشيح لرئاسة الجمهورية ويعتبر تعجيزيا مثل لبن العصفور الذي لا يقدر عليه الا الرئيس ونجله أو من يرشحانه للرئاسة رغم أنف الناس الذين لم يذهبوا لصناديق انتخاب الرئيس مبارك ذاته في العام الماضي.. إذ قالت الاحصائيات الرسمية ان جملة من شاركوا في الانتخابات الرئاسية كانت 7 ملايين من مجموع الناخبين البالغ اثنين وثلاثين مليون مواطن.. أي لم يشارك نصف عدد الناخبين في اختيار الرئيس مبارك.. وهو ما يتطلب في أي دولة ديمقراطية اعادة الانتخاب حتي يكتسب الرئيس شرعية دستورية لتولي الرئاسة.
فهل يمكن الحديث عن شرعية دستورية في مصر.. سواء للاستفتاءات والانتخابات المزورة.. أو لفرض قانون الطوارئ مدة ربع قرن نسخ فيها نصوص الحقوق والحريات في الدستور الدائم وأحال مصر الي دولة بوليسية يحكمها الحاكم العسكري العام بقرارات ومحاكم عسكرية واعتقالات واعدامات بالجملة.. ومصادرة حريات وحقوق اعضاء النقابات المهنية وفرض الحراسة عليها.. ومعاندة الصحفيين بالقانون الآخر مثل معاندة القضاة برفض مشروع قانونهم ثم بتحديهم بالتعيينات التعسفية في أرفع المناصب القضائية لغرض في نفس يعقوب وليس لوجه الله ومصلحة مصر وشعبها الذي تقول عنه المادة الحادية والعشرون من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان »إن ارادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة.. ويعبر عن هذه الارادة بانتخابات نزيهة دورية علي اساس الاقتراع السري وعلي قدم المساواة بين الجميع« وهو نفس ما يقوله العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الأمم المتحدة عام 1966 الذي وافق وصدق عليه الرئيس مبارك في 9 ديسمبر 1981 في أجواء مقتل الرئيس السادات الذي أصاب أهل الحكم بالرهبة والتذلل لله بالدموع.. ثم زالت الرهبة وحل الاستكبار والعناد مع الله والشعب.. فأين العهد والتعهد؟! وإلي أي مدي يمكن قياس شرعية حكم الرئيس مبارك علي ضوء مواثيق حقوق الإنسان والشعوب؟

من عزاء اللغة العربية إلي سرادقي القضاء والصحافة .2/7/2006
د. الشافعي بشير

للموسيقار محمد عبدالوهاب رحمه الله أغنية حنونة تقول »مريت علي بيت الحبايب«، وقد شعرت برغبة جامحة للمرور علي الحبايب يوم الخميس الماضي.. وهو عادة ما يكون موعد زيارة لمدافن القرية من بيتي.. فقرأت الفاتحة علي روحي أبي وأمي رحمهما الله.. وأحسست برغبة أخري في قراءة الفاتحة علي عزيز آخر كدت أبكي عليه بمجرد أن انتهيت من تصحيح أوراق امتحان القانون في الدراسات العليا بكلية الحقوق.. فقد ساءني كثيراً أن أجد طلاباً حصلوا علي الثانوية العامة ثم ليسانس الحقوق والتحقوا بالدراسات العليا..
وإذا بهم يخطئون في قواعد اللغة العربية حتي في بدائيات النحو والصرف.. فضلاً عن الكتابة بخط رديء حتي أنني علقت علي كراسة أحدهم »بأن هذا ليس خطاً عربياً وإنما هو نبش فراخ«.
لقد أصبت بحالة اكتئاب سبق أن عبرت عنها بمقال منشور في جريدة »الوفد« اليوم 22 يونيو 2003 بعنوان »خلل في منظومة التعليم« عرضت فيها لنماذج من أخطاء مئات الطلاب في أوراق الامتحانات مما يدل علي أنهم اجتازوا مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي دون تحصيل أو فهم لقواعد اللغة العربية.. ووجهت سؤالاً لوزراء التربية والتعليم ومفتشي ومعلمي اللغة العربية في مدارسنا.. كيف اجتاز الطلاب الامتحانات في كل تلك المراحل؟؟ ورجوت أن يرد علينا أحد من هؤلاء السادة.. ولم يرد أحد حتي نشرت كل الصحف الخبر أو النبأ العجيب في الأسبوع الماضي عن امتحان اللغة العربية في الثانوية العامة، إذ وردت أخطاء في نموذج التصحيح الذي وضعه كبار مفتشي ومعلمي اللغة العربية علي مستوي الوزارة.. مما أحدث ارتباكاً في لجان الامتحان، إذ أجاب الطلاب علي سؤال اللغة بطريقة صحيحة طبقاً للمنهج بينما كانت إجابة معلميهم في نماذج التصحيح خاطئة!! وتعلن الصحف عن اعتراف الوزارة بالأخطاء وتشكيل لجنة لمراجعة نموذج التحاق اللغة العربية للصف الثالث الثانوي!!.
هل يجدأحد تعليقاً مناسباً لما وصلنا إليه من انهيار في التعليم أوصل إلينا طلاباً في كلية الحقوق يرفعون المنصوب وينصبون المرفوع ويكتبون كلاماً غريباً مثل طالب الدراسات العليا في القانون الذي كتب في ورقة الإجابة هذه العبارة »قانون الطوارق« ويقصد بها قانون الطوارئ؟!.
وعندما قرأت العبارة في السطر الثالث تقريباً من الصفحة.. علمت حولها بالقلم الأحمر، وقلت لعلها سقطة قلم بسبب سرعة الكتابة في الامتحان، ولكن الطالب ظل يكرر العبارة ست أو سبع مرات في الصفحة.. فتوقفت عن متابعة القراءة.. إذ كان من العبث أن أتعامل مع طالب حاصل علي ليسانس الحقوق ثم التحق بالدراسات العليا للقانون ولا يعرف كتابة قانون الطوارئ الذي قرأ عنه مئات المرات خلال السنوات الأربع بكلية الحقوق وسمعه مني ومن غيري مئات المرات أيضاً، ثم أتانا في الدراسات العليا ليحصل علي الماجستير في القانون!!.
ألست معذوراً في الإصابة بحالة الاكتئاب والحزن، كما لو كنت قد فقدت عزيزاً ليد مثل الأحباب الذين مررت عليهم يوم الخميس لقراءة الفاتحة؟ ولم يشأ أحد السادة المستشارين أن يتركني أخرج من هذا المزاج الحزين.. إذ ينشر يوم السبت قبل الماضي مقالاً يقول فيه:
»لقد عملت في التفتيش القضائي ثلاث سنوات قبل أن أرقي إلي درجة مستشار في أوائل السبعينيات، فوجدت أخطاء فاحشة في بعض الأحكام مثل صدر حكماً من هذه المحكمة علي المدعيان، ووقعت عينه علي أخطاء إملائية في بعض مسودات الأحكام التي يحررها القاضي بخطه مما يذهب بهيبة الحكم ويقلل من شأن من أصدره، وأضاف المستشار حامد عبدالدايم إلي ما سبق في مقاله المنشور بجريدة »أخبار اليوم« في السبت 24 يونيو أن وزير العدل السابق المستشار فاروق سيف النصر طلب من شيخ الأزهر ندب بعض أساتذة اللغة العربية لتصحيح أحكام محكمة النقض لغوياً حفاظاً علي هيبة المحكمة في قمة الهرم القضائي.
هل بحث الحكام سبب هذا الانهيار في لغة البلاد والأصلية الرسمية؟! أم أن هناك تخطيطاً للتعذيب وتهميش لغة القرآن الكريم مثلما حدث في تركيا العلمانية التي حاكاها أحد المسئولين المتفرنجين المصريين مقولة إن مصر دولة علمانية؟!! وبماذا يفسر سيادته وهو مسئول كبير بأن الحكومة قد تسببت بسياساتها السيئة في وجود عجز في المدرسين بالمدارس يزيد علي ستين ألفاً كما ورد في تقرير الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة المنشور بجريدة »الأهرام« يوم السبت 24 يونيو؟ وبماذا يفسر سيادته قرار الحكومة بعدم تعيين خريجي كليات التربية في وظائف المدرس بالمدارس الابتدائية والإعدادية، وقد كانوا يكلفون بتلك الوظائف بمجرد تخرجهم في الكلية التي أهلتهم علمياً وفنياً وتدريبياً لتولي وظائف المدرسين.. ثم تركتهم بحجة إنهم يحشون ويغذون عقول التلاميذ بأفكار دينية خاطئة، وقال الله وقال الرسول بلسان عربي مبين لا يرضي مانحه ؟؟؟؟؟؟؟.
ولا يمر الأسبوع إلا بمزيد من الاكتئاب من حال القضاء وحال الصحافة فقد أصر نظام الحكم علي رفض المطالب الأساسية للقضاء لإصلاح مرفق العدالة، وتحقيق الاستقلال للقضاة بعدما أثبتت الأحداث مساوئ تدخل السلطة التنفيذية البوليسية في أعمال السلطة القضائية والعصف باستقلالها الذي ظهر بوضوح في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث فضحت السلطة التنفيذية، أمام العالم بتدخلاتها وممارساتها البوليسية والبلطجية في أعمال القضاة الذين عهد إليهم الدستور وعهدت إليهم أحكام الدستورية العليا بالواجب المقدس في الإدارة والإشراف المباشر علي الاستفتاءات والانتخابات بحرية وشفافية ونزاهة.. وإذا بالحرية والشفافية والنزاهة تسحل سحلاً جهاراً نهاراً أمام الفضائيات التليفزيونية ويتعرض القضاة للضرب والحصار والإهانة وفرض التزوير البوليسي فرضاً مما يثير غضب الحليم وثورته.. وهو ما فعله نادي القضاة دفاعاً عن شرف القضاء وشرف شعب مصر الذي يريد اختيار نوابه دون تزوير وتزييف لأصواته الانتخابية.
ويجتمع مجلس الشوري.. ويجتمع مجلس الشعب ويتجاهل نظام الحكم آراء شيوخ القضاة في جمعيتهم العمومية بناديهم، ويفسر البعض تلك الآراء ولا يعترف بشرعية التنظيم المدني للقضاة في ناديهم وحقهم في التعبير عن جموع القضاة طبقاً للمواثيق الدولية.. ويدعون بأن وزارة العدل ممثلة في وزيرها ومجلس القضاء الأعلي هما جهة الاختصاص فقط في إبداء الرأي علي مشروع قانون السلطة القضائية.. وتذهب جريدة »العربي« إلي رئيس نادي القضاة بالإسكندرية المستشار محمود الخضيري وأجرت معه حواراً نشرته في 25 يونيو.. موجهة له هذا السؤال: ما أوجه الخلاف بين مشروع النادي وقانون الحكومة؟
ويرد المستشار: تنحصر أوجه الخلاف في التفتيش القضائي والعنصر المختار في مجلس القضاء الأعلي، ومسألة الندب والإعارة، وتقييد سلطة رئيس المحكمة في توزيع القضايا وأخيراً علي النص الخاص بالنادي.
لقد لخص المستشار رئيس نادي قضاة الإسكندرية مطالب الإصلاح التي يطالب بها قضاة مصر.. فقد شاهدت وشهدت محكمة النقض علي انحراف المستشار فلان وكيل التفتيش القضائي بتزوير الانتخابات، وأكدت وأثبتت عليه محكمة النقض تلك الجريمة.. وكان العجب العجاب أن المحكمة طلبت من المستشار المذكور الخاضع للسلطة التنفيذية خضوعاً منبطحاً، كما قالت المستشارة نهي الزيني طلبت منه أن يقدم مذكرة بشأن الاتهامات المنسوبة إليه.. فردت وزارة العدل بخطاب رسمي يقول: إن المستشار المذكور قد خرج في إعارة لدولة عربية بترولية.. هكذا بتلك السرعة كانت المكافأة علي الانبطاح للسلطة الحاكمة المزورة.. وأرجو الأستاذ الدكتور مفيد شهاب وزير مجلسي الشعب والشوري الذي يدافع عن مشروع الحكومة وخاصة في موضوع الندب والإعارة أن يرجع إلي حكم محكمة النقض بصفحة 44 من كتاب استقلال القضاء وفق الانتخابات للأستاذ المستشار يحيي الرفاعي الرئيس الشرفي لنادي القضاة الطبعة الأولي الصادرة عن المكتب المصري الحديث عام 2000.
ولا داعي للتعقيب علي أحاديث الأستاذ الدكتور فتحي سرور بشأن تنظيم أو قانونية نادي القضاة أو التعقيب علي أحاديث النواب أعضاء الحزب الحاكم.. فكما قال اليائسون من إصلاح الحال المايل:
»مافيش فايدة« إلا صاعقة تنزل من السماء تقصف رقاب الفساد والعناد أو تنفجر الأرض ليجعل عاليها سافلها، وحسب نادي القضاة حالياً أن يقيم سرادق عزاء يجاور سرادق عزاء نقابة الصحفيين بعد صدور الحكم بحبس الصحفي الشجاع إبراهيم عيسي رئيس تحرير جريدة »الدستور« والصحفية سحر زكي وأمسك يدي ونفسي بشدة لعدم التعليق علي حيثيات حكم المحكمة المنشور بجريدة »المصري اليوم« الثلاثاء الماضي.. فأنا أحتاج لمعددة متخصصة في لطم الخدود.. ولا أزيد.. يا شهر يونيو.. يا شهر الهزائم والنكسات.
ورحم الله المستشار الدكتور عوض المر رئيس المحكمة الدستورية الأسبق الذي شاركته عام 2001 في قضية الجامعات أمام المحكمة الدستورية العليا بعد أن خرج إلي المعاش واشتغل بالمحاماة.. كان يقول: إنني أشعر وأنا واقف أمام بعض القضاة، أنهم لا يفهمون القانون، وإنني مطالب بأن أقوم بتوعيتهم عن مبني ومعني وروح القانون.. رحمه الله رحمة واسعة وله الفاتحة.

وساهمتم في تلوث مصر ..18/6/2006
د. الشافعي بشير

ما إن هدأت زوبعة أنفلونزا الطيور حتي خرجت علينا الصحف بأنباء وباء جديد يهدد الثروة الحيوانية من الأبقار والعجول التي انتشر بينها مرض العقد الجلدي الذي انتقل إلي مصر مع الأبقار المستوردة من إثيوبيا كما ورد في جريدتي الوفد والأسبوع.. وإن كانت الأخيرة قد نشرت تحقيقاً صحفياً كاملاً عن الأحوال الخطيرة في محافظة بني سويف حيث نفقت أعداد هائلة من الماشية.. وأضافت أنه في المنوفية ـ وتحديداً بقرية الفرعونية تم منع الذبح تماماً للماشية بسبب الإصابة بالحمي القلاعية أو الجلد العقدي عند الأبقار.. كما قضي المرض علي أعداد كبيرة من الماشية في محافظة الوادي الجديد.
وكما جاءتنا أنفلونزا الطيور عبر الحدود وقضت علي النصيب الأكبر من الدجاج وخربت بيوت ومزارع تربية وبيع الدواجن وتسببت في ارتفاع أسعار اللحوم فوق طاقة غالبية الشعب المطحون أصلاً بالغلاء الفاحش.. فقد جاءتنا أيضاً أمراض الأبقار عبر الحدود ـ سواء من إثيوبيا أو غيرها من البلاد التي نستورد منها ما يسد حاجة شعب مصر بسبب عدم تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء رغم أن الدراسات العلمية والميدانية التي أجرتها الجامعات ومراكز البحوث الزراعية أثبتت إمكانية تحقيق الاكتفاء الغذائي الذاتي لشعب مصر بدءاً من رغيف الخبز حتي قطعة اللحم والبيض وكوب اللبن.. وأرجو الرجوع لمئات التقارير العلمية التي أعدتها الجامعات ونوادي أعضاء هيئة التدريس وقدمتها للحكومة والسيد رئيس الجمهورية، خاصة توصيات المؤتمر العام الكبير الذي انعقد في نادي جامعة الإسكندرية بالرئاسة الشرفية للأستاذ الدكتور محمد فتحي سرر حيث تسلم تلك التوصيات لتوصيلها لرئيس الجمهورية.. وقد فعل كما أخبرنا.. ولكن تصرفات نظام الحكم كانت تسير عكس المطلب الوطني بالاكتفاء الغذائي الذاتي، وفشلت جميع المحاولات لتحقيق هذه الغاية لدرجة الاستخفاف بعلماء مصر وتسفيه مطلبهم الوطني بجعل زراعة القمح هدفاً قومياً استراتيجياً لتحرير الإرادة السياسية المصرية من الضغوط الأمريكية التي تستخدم المعونات الغذائية لإملاء إرادتها علي صانع القرار في مصر، خدمة لسياسة الامبريالية في المنطقة والتمكين للمنهج الصهيوني كما قالت بروتوكولات حكماء صهيون.
ففي خطاب الرئيس مبارك يوم 23 يوليو 1990 يقول تيجي نتكلم بقة علي بعض من الإخوان كلموني علي مشروع قومي كبير أيضاً للزراعة، اتقال كده بقي، طلعلي واحد من اخوانا دكتور يقوللي، لا أنا عاوز مليون فدان.. مليون فدان إيه اطبخي يا جارية.. كلف يا سيدي، عارفينها ولا مش عارفينها.
وكان ذلك في وقت نستورد فيه أربعة أرغفة تقريباً من كل خمسة نأكلها وتستطيع أمريكا أن تخنق شعب مصر بحرمانه من رغيف العيش.. ومع ذلك فقد قال الرئيس مبارك في خطاب آخر.. لماذا ننتج القمح في مصر بتكلفة أعلي مما تأخذه أمريكا مقابل كل طن تورده لنا؟!!، وكانت سياسة وزارة الزراعة بقيادة يوسف والي بالذات ضد زراعة القمح في مصر لتحقيق الاكتفاء الذاتي سواء برفض أبحاث الجامعات المصرية وتوصياتها أو برفض المشاريع العربية المخلصة لمساعدة مصر في توفير رغيف الخبز بأيدي وسواعد شعب مصر فوق أرضه.. ففي عدد جريدة »الأهرام« الصادر يوم 30 ديسمبر 1987 أعلن الأمير محمد الفيصل آل سعود أنه تقدم للحكومة المصرية بمشروع لاستصلاح مليون فدان في الصحراء وزراعتها قمحاً بتمويل من بنك فيصل الإسلامي، ولكن الحكومة المصرية رفضت هذا العرض.. ثم خرج علينا ملك التطبيع مع إسرائيل ليعلن أنه سيزرع الفراولة والكانتالوب في مصر ويصدرهما بأسعار مرتفعة لأوروبا ويستورد بالحصيلة قمحاً من الخارج!! ولم يفلح حضرته في مشروعه الوهمي الذي انتقده الدكتور حلمي مراد ـ رحمه الله ـ واستمرت مصر تعتمد علي استيراد معظم حاجاتها من القمح، ومن الكثير من الشحنات الفاسدة كما قال لنا وكيل وزارة التموين في مؤتمر كبير بفندق رادوا بالإسكندرية عندما كانت كلية العلوم تعقد ندوتها العلمية في مايو 1987 حول آثار التلوث الغذائي بالإشعاع، خاصة بعد انفجار مفاعل تشرنوبل السوفيتي الذري.. واستمرار استيراد ألبان الأطفال وغيرها من أوروبا رغم تلوثها بالإشعاع.. ولعله كان السبب الرئيسي في انتشار حالات سرطان الصغار والكبار حتي وجدنا الدولة تدعو للتبرع لإنشاء المستشفي الكبير لسرطان الأطفال.. ورحم الله ابن سائق الجامعة الذي أوصلني لمحطة أتوبيس المنصورة وأخبرني بكل الأحزان أن ابنه البالغ من العمر ثلاث سنوات قد توفي بسرطان في المخ والعياذ بالله.
إن حصاد نظام الحكم ورجال التطبيع مع إسرائيل التي استوردوا منها ومن غيرها البذور الزراعية الفاسدة والمبيدات المسرطنة التي أكدتها محكمة الجنايات في قضية وكيل وزارة الزراعة، وطالبت في حيثيات حكمها التحقيق مع يوسف والي وزير الزراعة باعتباره المسئول الأول عن استيراد ما سببه السرطان لشعب مصر علي نطاق واسع، ورحم الله نائبنا في الإسكندرية الأستاذ المحامي الوطني الذي كان يعالج في فرنسا ومصر من السرطان الذي قضي عليه لينضم إلي عشرات الآلاف من ضحايا وزير الزراعة وأمين الحزب الوطني الحاكم المسئول عن تلوث غذاء شعب مصر والإسهام في تحقيق أهداف إسرائيل في حربها البيولوجية ضد شعب مصر.
وقد حذرنا من تلك الحرب البيولوجية التي ظهرت أول معالمها بعد فتح الحدود مع إسرائيل عام ،1980 إذ أظهرت إحصائيات وزارة الداخلية زيادة نسبة تهريب المخدرات لمصر وخاصة الهيروين من ناحية حدودنا مع إسرائيل، كما تسرب الإيدز مع الإسرائيليات حاملات الوباء واللائي عاشرن بعض الشباب المصري لنقل الوباء عمدا مثلما فعل اليهودي الأمريكي المعروفة قضيته بالقاهرة في اصطياد أطفال الشوارع ومعاشرتهم جنسياً وقضية الإسرائيلي مطران وابنته.. وكذا ما قيل عن نشر إيدز ملكات عسل النحل، وقد نشرنا كل ذلك منذ أكثر من عشرين سنة في مقالنا بجريدة »الشعب« العدد 175 يوم 19 أبريل 1983 وعدد 11 أغسطس 1988 والعدد 534 يوم 20 فبراير 1990 وعدد 21 أبريل 1992 وعدد 11 مايو 1999 وجريدة »الوفد« في 6 فبراير 2001 وعدد »الوفد« في 2 مارس 2001 الذي رددنا فيه علي تهديد المدعو ليبرمان مستشار شارون بضرب السد العالي لتخريب مصر ورد الرئيس مبارك عليه.
حضرات السادة.. ألم تلاحظوا أن الكوارث البيئية تنزل علي رأس مصر وشعبها من كل جانب حتي كثرت أمراضه من سرطان وفشل كلوي وتسمم في الأغذية المستوردة وهد جيل الشباب بالمخدرات المهربة للبلاد وتسرب شحنات اللحوم والدواجن المنتهية الصلاحية من خلال الموانئ تهريباً ورشوة ونفوذاً من الكبار مع مقولتهم الفاسدة بأن معدة شعب مصر تهضم الحجر كمبرر لجمع المال الحرام.
ألم تلاحظوا حضراتكم أن التلوث قد طال كل شيء بدءاً من الانتخابات المزورة التي قادت وتقود ملوثين للسلطة التشريعية التي تفرز تشريعات ملوثة أطلقوا عليها القوانين سيئة السمعة.
ماذا نقول عن هذا العهد.. عهد التلوث الأعظم؟ وهل يضع الحزب الحاكم في برنامج الانتخابات الرئاسية القادمة خطة خمسية أو عشرية لغسل مصر من تلوثها؟! ياريت.

جريمة عمرها 25 سنة..12/6/2006
بقلم: د. الشافعي بشير

جريمة بشعة.. مارسها نظام الحكم طوال الخمس وعشرين سنة الماضية.. وسجلتها عليه تقارير المنظمات الدولية والطب الشرعي المصري ومحاكم الجنايات.. ولم تكن تلك التقارير متجاوزة للواقع المؤلم في أقسام الشرطة والسجون والمعتقلات، التي وضعت اسم مصر في قائمة النظم التي امتهنت التعذيب واتخذته أسلوباً للحكم، وأدمنت ممارسته تحت مظلة قانون الطوارئ المطبق منذ 1981 حتي اليوم. وللحقيقة والتاريخ.. كانت منظمات حقوق الإنسان الوطنية والدولية منصفة للعشر سنوات من حكم الرئيس السادات..
إذ سجلت عدم تسلمها لبلاغات عن التعذيب في السجون والمعتقلات، إلا فيما ندر بعد قرارات سبتمبر المشئومة عام ،1981 التي سبقت اغتيال الرئيس السادات في السادس من أكتوبر 1981.. ولكن المنظمات الدولية سجلت علي نظام حكم الرئيس مبارك اعتياده علي ممارسة التعذيب في أقسام الشرطة والسجون والمعتقلات.. وقالت منظمة العفو الدولية في تقريرها المنشور في شهر يوليو 1989: »لقد أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع عدد كبير من المعتقلين السابقين.. وكانت وسائل التعذيب التي تعرضوا لها منذ منتصف عام 1986 تشمل:
1 - التعليق من المعصمين الموثقين أو المقيدين بسلاسل خلف الظهر ومن الكاحلين أو الركبتين.
2 - الضرب.. وأدوات الضرب تشمل الأسلاك والعصي الغليظة والسياط.
3 - إطفاء السجائر في جسد الضحية.
4 - الصدمات الكهربائية الموجهة عبر أسلاك أو هراوات إلي مناطق حساسة من الجسم مثل الفم وحلمة الثدي والأعضاء التناسلية.
5 - ضروب أخري من الاعتداء الجنسي، بما في ذلك إدخال العصي أو المواد الأخري في الشرج.
6 - التهديد باغتصاب المعتقل أو أقاربه أو الاعتداء عليه أو عليهم جنسياً، بما في ذلك التهديد باغتصاب زوجة المعتقل أمامه.
- وأفاد معظم المعتقلين بأنهم كانوا معصوبي العينين طيلة فترة التعذيب حتي لا يتعرفوا علي معذبيهم.. وهو ما استندت عليه دائرة من دوائر القضاء في الحكم ببراءة عدد من الضباط والجنود بحجة أن المعتقلين كانوا معصوبي العينين ولا يتعرفون علي أشخاص معذيبهم، وهو ما انتقدناه بشدة في المؤتمرات الوطنية والدولية عن حقوق الإنسان، واعتبرناه حلقة في سوء إدارة العدالة في مصر لعدم استقلال القضاء.
- ولم تكن منظمة العفو الدولية متجنية علي مصر في تقريرها عام ،1989 إذ أيدتها في ذلك المنظمة العربية لحقوق الإنسان في تقريرها المنشور بجريدة »الوفد« في 3 أغسطس 1989.. كما تجمع لدينا عدد وافر من تقارير الطب الشرعي وأحكام محاكم الجنايات بإدانة التعذيب في العديد من القضايا، فضلاً عن إفادات العديد من ضحايا التعذيب.. وقد قدمناها جميعاً إلي لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة Cat عندما طلبت شهادتنا المضادة للتقرير الذي قدمه مندوب مصر في ذلك الوقت المستشار رجاء العربي النائب العام السابق.. قدمنا شهادتنا حسبة لله سبحانه وتعالي، وإبراءً لذمتنا من نظام حكم يعذب الناس حتي الموت، ويكذب علناً وينكر التعذيب كسياسة ومنهج له في الحكم حتي شهر يونيو من هذا العام ،2006 عندما نشرت جريدة »المصري اليوم« خبر »إحالة ضابط بأمن الدولة للجنايات بتهمة تعذيب مواطن حتي الموت«.. وتابع الخبر.. بأن النيابة اتهمت ضابط أمن الدولة بتعذيب المجني عليه أشرف مصطفي حسين صفوت حتي الموت.
- والمصيبة أن نظام الحكم ينكر باستمرار وجود تعذيب للمحتجزين والمعتقلين والمسجونين في مصر كمنهج وأسلوب في التعامل مع المعارضين والنشطاء السياسيين، رغم الأدلة الدامغة ضده في تقارير منظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية.. وقد تابعنا ممارسات التعذيب في مصر خلال ربع قرن منذ عام 1981 وكتبنا عنها ستة عشر مقالاً بجريدتي »الشعب« و»الوفد« مطالبين الرئيس مبارك بالتدخل لمنع ممارسات التعذيب في أقسام الشرطة والمعتقلات والسجون، والالتزام بنصوص اتفاقية الأمم المتحدة لمنع التعذيب لعام ،1984 التي وقعت وصدقت عليها مصر ونشرتها بالجريدة الرسمية في العدد الأول يوم 7 يناير 1988 التي تنسب المسئولية عن جرائم التعذيب إلي: رئيس الدولة ـ ورئيس الحكومة ـ ووزير الداخلية ـ والضباط والجنود الذين مارسوا التعذيب أو علموا به وسكتوا عنه وكان في إمكانهم منعه أو إيقافه.
- لقد اعتبرت الاتفاقية الدولية ممارسة التعذيب خطيئة وجريمة نظام الحكم من القمة للقاع في السلطة.. وهي جريمة لا تسقط بالتقادم وتعرض المسئولين عنها للمحاكمة الجنائية الوطنية والدولية مهما طال الزمن حتي موتهم أو فضحهم بعد الموت.
- وستوجه أدلة الإدانة ضد هؤلاء جميعاً في عشرات ومئات التقارير الموثقة بشهادات الأحياء من ضحايا التعذيب عن أنفسهم وعن زملائهم الذين أزهق التعذيب حياتهم.. وفي تقارير الطب الشرعي وأحكام المحاكمة الوطنية.. المنشورة علي الإنترنت عن التعذيب في مصر عامي 2005 و2006..
- ثم ـ وهذا أعظم وأدل سبيلاً للإدانة ـ كتابهم الذي سيقرأونه يوم الحساب الأعظم.. كما يقول ربنا سبحانه وتعالي »اقرأ كتابك كفي بنفسك اليوم عليك حسيباً« (الإسراء 14) صدق الله العظيم.

شأن الجامعات كشأن القضاء ..4/6/2006
د. الشافعي بشير

نظام الحكم لا يتعلم ولا يفهم الأحداث.. يتصادم مع كل فئات الشعب.. كما فعل مع القضاة وأساتذة الجامعات والنقابات.. واستطاع بغشوميته أن يغرس في الناس البغض والكراهية والرغبة في الثأر والانتقام منه كما حدث في الانتخابات البرلمانية عندما انتهزها الشعب فرصة لإسقاط رموز الحزب الحاكم في الجولة الأولي من الانتخابات.. وعندما قاطع الانتخابات الصورية لرئاسة الجمهورية.. فلم يشارك فيها إلا عشرة في المائة من تعداد شعب مصر حسب تصريح وبيانات الحكومة التي بالغت في العدد لتضفي شبيئاً من الشرعية علي انتخاب رئيس الجمهورية.. فهل تعلم الحزب الحاكم؟ وهل صفت الرؤية عند رئيسه؟؟
ـ أبداً.. فهو نظام حكم عنيد.. يعترف رئيسه في كثير من خطبه وتصريحاته بأنه عنيد.. حتي قلده الوزراء والمحافظون وسائر رموز السلطة في العناد حتي أوردوا البلاد موارد الهلاك مثل العبارة غرقت بالناس وما عبرت البحر وإن كانت قد عبرت عن المأساة التي يعيشها شعب مصر.
ـ ما سبب هذا الكلام الحزين؟؟ سببه ندوة عقدها نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة الإسكندرية يوم الثلاثاء الماضي تحت عنوان »ديمقراطية الأداء في الجامعات«.. وقد جاءت الندوة بعد عشر سنوات من مصادرة الديمقراطية في نادي الجامعة.. بل ومعظم نوادي الجامعات المصرية كما هي مصادرة في نقابة المهندسين ونقابة الصحفيين بقانوني ذبح الصحافة وحصار النقابات وتجميد نشاطها بمنع انتخاباتها خوفاً من كشف سوءاتها بإسقاط مرشحي السلطة المكروهة كراهية شعبية عميقة.
ـ أرأيتم حضراتكم كراهية شعبية أكثر من كراهية جموع شعب مصر لنظام الحكم في أزمة القضاة والذي وجد في أزمة القضاء متنفساً للتعبير عن غضبه ونقمه علي السلطة التي لم تفهم.. ولا تريد أن تفهم مغزي التفاف الشعب حول القضاة.. وتعاملت معه بنفس الأسلوب الغشيم الذي تتعامل به في كل أزمة تتسبب فيها حكومة الحزب المسمي خطأ.. الوطن اليمقراطي!!.
ـ وما أكثر تلك الأزمات التي أثارتها حكومات ذلك الحزب مع الجامعات بأساتذتها وطلابها حتي أصبحت جامعاتنا خارج قائمة الجامعات ذات التقدير المحترم دولياً.. ودخل في مصطلحات الإعلام المصري مصطلح صفر الجامعات مثل صفر المونديال.
ـ فمنذ صدور الدستور الدائم للبلاد في سبتمبر عام 1971 تحت شعارات الديمقراطية وسيادة القانون واستقلالية الجامعات.. والدولة تعمل جاهدة علي هدم تلك الشعارات.. فقد نصت المادة 18 من الدستور علي أن تكفل الدولة استقلال الجامعات.. وهو ما رددته أيضاً المادة الأولي من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972.. واتجهت باقي مواده لإرساء دعائم الديمقراطية في إدارة الجامعات.. غير أن الدولة تسير عكس الاتجاه فيصدر السادات اللائحة الطلابية المشئومة عام 1979 يتبعها بقراره المشئوم في سبتمبر 1981 بفصل أربعة وستين عضو هيئة تدريس من الجامعات.. ويتابعه الرئيس مبارك ونظام حكمه بإلغاء حق أعضاء هيئة التدريس في انتخاب العمداء مثلما ألغي انتخاب العمد في القري في سلسلة معاداة الديمقراطية.. ويطلق علي الجامعات وزراء ورؤساء جامعات كانوا ومازالوا حرباً علي استقلال الجامعات كما نص علي ذلك الدستور.. وحرباً علي ديمقراطية الإدارة داخل الجامعات.. مثلما فعل مع القضاء الذي فقد صبره علي الفساد والإفساد وتلويث سمعته بنسبة الانتخابات المزورة إليه.. والإصرار علي إخضاعه للتدخلات غير السوية في شئونه والعناد الرئاسي الحكومي برفض إصدار قانونهم المتفق مع معايير العدالة والاستقلالية والنزاهة التي قررتها المواثيق والإعلانات الدولية التي لا يحترمها نظام الحكم مثلما لا يحترم دستوره الدائم لعام 1971 مشهراً دائماً دستور الطوارئ بعصاه الغليظة وقنابله المسيلة للدموع وسجونه ومعتقلاته وممارساته التعذيبية والقمعية حتي سجلت الهيئات والمنظمات الدولية نظام حكمنا ضمن أسوأ نظم الحكم المعادية والمنتهكة لحقوق الإنسان في العالم، وهكذا أضاف الحاكم لألقاب مصر.. صفر الحريات بعد صفر المونديال وصفر الجامعات التي استعاد أساتذة جامعة الإسكندرية تاريخها وأزماتها منذ نهاية حكم السادات وبداية حكم الرئيس مبارك عام 1981 حتي اليوم.. وتذاكر أعضاء هيئة التدريس في ندوة الثلاثاء ما أصيبت به الجامعات من أزمات ونكسات ونكبات وربطوا بين حال الجامعات وحال القضاء هذه الأيام.. والمحصلة النهائية.. صفر لنظام الحكم بصفة عامة.. صفر لنظام خائب فاشل ساقط سقوطاً فاحشاً بمناسبة معايشتنا هذه الأيام لامتحانات الجامعات وامتحانات الانتخابات.. ولا ملحق للساقطين.. إلا سقوطهم من عروشهم والله علي كل شيء قدير.

أي مصر.. تلك التي يتحدث عنها الرئيس؟! 28/5/2006
د. الشافعي بشير

حديث السيد الرئيس أمام مؤتمر دافوس المنعقد بشرم الشيخ يوم السبت 20 مايو.. يثير الكثير من علامات الاستفهام والتعجب.. ولابد أن المستمعين والقراء سيتساءلون عن البلد الذي يتحدث عنه الرئيس وينسب إليه الحرية والديمقراطية وسيادة الدستورة والقانون واحترام الشرعية.. خاصة في ظل الصورة القاتمة للبلد الذي يحكمه الرئيس مبارك والذي شهدها العالم كله في الأيام السابقة علي انعقاد مؤتمر شرم الشيخ.. إذ قدم نظام الحكم للفضائيات التليفزيونية والصحافة العالمية بياناً عملياً عن الديمقراطية المصرية في ظل قانون الطوارئ.
لمن يتحدث الرئيس مبارك؟؟ للمشاركين في مؤتمر شرم الشيخ الدولي أم لشعب مصر؟! لمن يتحدث عن أحوال المنطقة ومصر بالذات عندما يقول عن الإصلاح والتطوير (إصلاح نصل إليه بإطلاق طاقات مجتمعاتنا في جميع المجالات، نصل إليه باحترام حقوق الإنسان.. نصل إليه باحترام الدستور والقانون، وليس بالخروج عنها والعمل خارج إطار الشرعية).. هل نظام حكم الرئيس مبارك يحترم حقوق الإنسان والدستور والقانون والعمل في إطار الشرعية؟! ما هو دليل سيادته علي ذلك خلال الخمس وعشرين سنة الماضية حتي تزوير الانتخابات وإثارة أزمة القضاء؟!
ثم يتابع الرئيس حديثه في المؤتمر تحت عنوان »رؤية واضحة وشجاعة' نواصل استكمال بنية ديمقراطيتنا، ونستهدف مجتمعاً عصرياً لمصريين أحرار في بلد ديمقراطي، يعزز حرية مواطنيه ويحمي حقوقهم، ويدعم قيم المواطنة والمشاركة والمساواة في الحقوق والواجبات!!
أي ديمقراطية يتحدث عنها الرئيس مبارك؟! هل هي الديمقراطية التي يعرفها العالم والتي تقول إن الشعب هو مصدر السلطات.. يمارسها من خلال مشاركته في انتخابات حرة نزيهة لاختيار أفضل العناصر للحكم مع احتفاظه بحق مساءلتها وإسقاطها في الانتخابات التالية إذا أساءت التصرف، كما شاهدها مثلاً في إسبانيا عندما أسقط الشعب الحزب والحكومة التي عاندته وسارت عكس الرأي الشعبي العام؟ والتي شاهدنا تطبيقاً حديثاً لها في إيطاليا عندما أسقط الشعب بيرلسكوني وحكومته وحزبه لارتمائه في أحضان أمريكا ضد إرادة الجماهير؟ وإسقاط الشعب بحريته الكاملة لمستشار ألمانيا شرودر في الانتخابات الحرة الأخيرة؟!
أي نموذج ديمقراطي من تلك النماذج يطلقها الرئيس علي جميع الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي جرت في عهده منذ عام 1981 حتي الآن؟ وأي وصف حقيقي وعادل ونزيه يطلقه الرئيس علي الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب التي شهد العالم بتزويرها وتزييفها.
أنا مندهش من هؤلاء الذين كتبوا للرئيس صيغة الخطاب الذي ألقاه أمام ألف وخمسمائة شخصية عالمية في مؤتمر دافوس بشرم الشيخ.. هل كتبه أحد ترزية القوانين سيئة السمعة في مصر؟ أم كتبه أحد المتقوقعين في القرية الذكية التي يمارس منها الدكتور نظيف إدارة حكومته؟ القرية الاصطناعية البعيدة تماماً عن قري مصر وشوارعها وحواريها وبيوتها وإحلال الناس فيها؟!
وأيا كان الذي كتب الخطاب للرئيس مبارك.. فهل اقتنع الرئيس بذلك الكلام قبل أن يلقيه أمام المؤتمر وأجهزة الإعلام في العالم التي شهدت الأحداث الأخيرة لثورة القضاة علي تزوير الانتخابات وتعرضهم للإهانة والضرب.
أي ديمقراطية وحقوق إنسان ودستور وشرعية يتحدث عنها محمد حسني مبارك الذي ترأس البلاد خمسة وعشرين عاماً تحت اسم الحاكم العسكري العام بقانون الطوارئ الذي ألغي الدستور الدائم لعام 1971 وأصبح هو الدستور الحقيقي للبلاد بمصادرة الحريات وكثرة الإعدامات بالأحكام العسكرية وكثرة الاعتقالات وفرض الحراسات علي النقابات وضيق الجامعات بالأمن السياسي حتي تخلفت عن ركب الجامعات الإسرائيلية وغيرها، كما أفصحت عن ذلك إحصاءات ترتيب الجامعات في العالم.
ويقول الرئيس في خطابه »إن مصائرنا بأيدينا، وبأن أحلام شعبنا هي أحلام غير مؤجلة«.
هل أذكر السيد الرئيس بأن السيدة الفاضلة سوزان مبارك قد أعلنت منذ عدة سنوات عن خطة توفير كوب لبن وبيضة في الصباح لكل طفل.. هل تحقق هذا الحلم بسياسة رشيدة للحكومة؟! وكم كان يساوي كوب اللبن في ذلك الوقت، وكم كانت تساوي البيضة؟! وكم أصبحت الآن بعدما ارتفعت أسعارها أضعافاً مضاعفة تعجز ملايين الأسر المصرية عن توفيرها لأبنائها.. لقد تجاوز كيلو اللبن أربعة جنيهات يا سيادة الرئيس، وتجاوز سعر البيضة الواحدة المتوسطة نصف جنيه.. وكانت أسعار كوب اللبن والبيضة تحسب بالقروش عند بداية حكم سيادتك.. وهكذا لم تؤجل فقط أحلام شعبنا بل أصبحت مستحيلة التحقيق مع تدني مستوي الأجور والمرتبات لحملة الشهادات الجامعية والمتوسطة وارتفاع معدل البطالة واتساع رقعة الفقراء المصريين وزيادة الأثرياء ثراءً فاحشاً في اختلال خطير لتوازن طبقات وفئات المجتمع المصري مما ينذر بالخطر العظيم ضد نظام حكم الرئيس وأمن وسلام شعب مصر.
حضرات الكتاب العظام الذي تكتبون خطب رئيس الجمهورية.. لا تكتبوا كلاماً يسخر منه الناس عندما يقارنون بينه وبين واقعهم الأليم.. فلا يكون علي لسانهم إلا الآية الكريمة »يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون.. كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون« صدق الله العظيم.. ولم تصدقوا أنتم في حديث الديمقراطية وحقوق الإنسان المصري والدستور وسيادة القانون والشرعية التي أعلن عنها الرئيس في المؤتمر العالمي بشرم الشيخ.

كرامة الانسان في مصر! 23/5/2006
بقلم: د. الشافعي بشير

الذين يذهبون الي المقابر يوم الخميس لقراءة الفاتحة لعزيز عليهم.. نرجو ان يذهبو كل خميس الي عدد من الموتي الذين لبست عليهم العاصمة المصرية الملابس السوداء... فلهم الفاتحة
اولاً: كرامة الانسان المصري.
ثانيا: الحرية لشعب مصر الذي فرض عليه حظر التجوال في طرقات بلاده وشوارعها.
ثالثا: العدالة التي أهدرت في دار العدل بانعقاد محكمة مطعون عليها بالبطلان واهدار حقوق الدفاع لنكون عنوانا آخر لسوء ادارة العدالة في مصر.
رابعاً: كرامة مصر ذاتها التي تتعرض للمهانة تلو الاهانة لسياسة الدولة التي توجه دعوات لرئيس الوزراء الاسرائيلي لزيارة مصر في وقت لا يوجه رئيس الدولة دعوة لرئيس وزراء فلسطين بل ويحضر للقاهرة وزير خارجية فلسطين فلا يقابله رئيس الدولة او وزير خارجيته، كما لو كانت فلسطين تحولت لارض الاعداء.
خامساً: استقلالية مصر وسيادتها وريادتها للعروبة والاسلام بعدما اعلنت امريكا بلا تحفظ او تردد أن طائراتها لضرب العراق تطير في اجواء مصر متوجهة لقتل رجالنا ونسائنا واطفالنا في العراق.. مثلما تتسلم اسرائيل بترول مصر لتزويد دباباتها وآلتها الحربية التي تقتل يوميا اخواننا في فلسطين.
سادسا: عزة شعب مصر في غذائه وكسائه ومعيشته اليومية التي ارتبطت بفتات المعونات الامريكية التي يدافع اليهودي ديفيد وولش عنها امام الكونجرس بقوله ان امريكا تلزمه بأن تدفعها لمصر لانها تدافع عن المصالح القومية الامريكية في المنطقة.
سابعا: الشرف والنزاهة وقد ضاعا تماما في انتخابات مجلس الشعب بالتزوير الفاحش الذي ارتكبته حكومتنا بالمعني الواسع للحكومة من القمة الي القاع واكتملت المهزلة بإحالة المستشارين الشرفاء الذين كشفوا التزوير للمحاكمة التأديبية بينما تركوا واقعة التزوير ذاتها والمجرمين المزورين بلا تحقيق ومحاكمة.
ثامنا: وكسة ونكسة ضحايا نظام الحكم من ملايين العانسات والعزاب من الشباب بسبب البطالة بالملايين واستحالة بناء بيت للزوجية في ظل الحكم الفاشل الجاهل الذي يضر ولا ينفع علي طول الخط.

انتهاء خريطة طريق الرئيس مبارك.. 14/5/2006
د. الشافعي بشير

أكمل الرئيس مبارك خريطة طريقه بفقرتين خطيرتين، اختار بهما طريق من سبقوه في رئاسة الجمهورية.. وطرح جانبا الطريق الآخر المعتاد لخروج رئيس الجمهورية في الدول الديمقراطية بعد قضاء مدة أو مدتين في منصب الرئاسة.. كما هو الشأن في الدستور الأمريكي الذي نقل عنه الرئيس السادات نص المادة 77 في دستوره الصادر عام 1971.. بعد عام واحد من وفاة الرئيس جمال عبدالناصر بأزمة قلبية حادة إثر أحداث أيلول سبتمبر الأسود، ونهاية مؤتمر القمة العربي في 28 سبتمبر الذي سجل في التاريخ نهاية الرئيس.
ويبدو أن الرئيس السادات كان متأثرا بموت الرئيس عبدالناصر وجنازته المهولة.. فتولدت لديه رغبة في أن يخرج من رئاسة الجمهورية بالطريق الذي يخرج به رؤساء الجمهورية في الولايات المتحدة الأمريكية الذين يبقون في الرئاسة مدة واحدة أو مدتين كحد أقصي.. ويتركون البيت الأبيض لرئيس آخر يختاره الشعب بإرادته الحرة..
فنص في المادة 77 علي ان تكون الرئاسة في مصر لمدتين فقط مجموعهما اثنتا عشرة سنة.. كان مفروضا ان تنتهي بالنسبة إليه في عام 1982.. ولكنه تذكر ان حكام مصر الفرعونية لا يتركون الحكم هكذا.. فبادر بتعديل المادة 77 من الدستور في مايو 1980 لكي يبقي في الرئاسة لمدد أخري لا يعلمها إلا الله.. ولم يشأ ربنا سبحانه و تعالي ان يبقي الرئيس السادات حتي نهاية مدته الثانية، إذا انتهت حياته بحادث المنصة في 6 أكتوبر 1981 بعد التوتر الشديد في نظام حكم بقرارات أيلول الأسود المصري في تراكمات سياسية ودولية وقومية أخري.. أشفق عليه المخلصون منها.. فنصحوه بمقالات صحفية بأن يعلن عدم ترشيح نفسه لفترة ثالثة برئاسة الجمهورية. ونشرنا في مقالنا بجريدة الشعب في العددين 114 يوم 30/6/1981 و115 في 7/7/1981 رجاء خالصا للرئيس بأن يعلن عدم ترشيح نفسه لفترة رئاسية أخري عندما تنتهي مدته في اكتوبر 1982، إعمالا للنص الأصلي في دستور 1971 قبل تعديله.. إثراء للحياة السياسية المصرية عن طريق إفساح المجال لوجوه سياسية جديدة وشخصيات جديدة، كما يحدث في النظم الديمقراطية العريقة التي تتجدد فيها الروح الديمقراطية علي مستوي الاشخاص والبرامج والأفكار.
ولم تمض ثلاثة أشهر علي ذلك الرجاء للرئيس السادات حتي أطلق عليه الرصاص علي مشهد من نائبه الرئيس محمد حسني مبارك.. وكنا مع غيرنا من أساتذة القانون والدستور نتمني من الرئيس مبارك ألا يبقي في منصب الرئاسة حتي يلقي أجل الرئيس عبدالناصر موتاً أو مصير الرئيس السادات قتلا والعياذ بالله.. وأن يقوم بتعديل الدستور لتعود المادة 77 إلي أصلها عند وضعها في سبتمبر 1971.. أي ان يبقي الرئيس في منصب الرئاسة مدتين فقط ليحل محله آخر بانتخابات شعبية حقيقية نزيهة وليس باستفتاءات أو انتخابات صورية أو مزورة كما شاهدنا وشاهد العالم في مصر.. ونشرنا مع غيرنا مقالات صحفية عديدة نذكر الرئيس مبارك بمأساة نظام الحكم الرئاسي الذي أنهي حياة الرئيسين السابقين بالموت او الاغتيال.. لان روح ذلك النظام تأبي تأبيد الرئاسة في شخص واحد مدي الحياة.. وهو ما تنبه إليه جورج واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية، فاشترط في أول دستور ألا يبقي رئيس الجمهورية أكثر من مدتين حتي لا يفكر كارهوه ومعارضوه بإزاحته بالموت أو القتل.. وهكذا ساد السلام والأمن كل ثماني سنوات عند تبديل شخص وحزب رئيس الولايات الأمريكية.. وهو ما لم يفهمه ترزية القوانين والدستور في مصر.. فجعلوا الأبدية أساس البقاء في قصر الرئاسة .. وعندما اشتد الضغط علي الرئيس مبارك ونظام حكمه للاصلاح الدستوري والسياسي.. فقد ألقوا علي المادة 76 من الدستور عصي الثعابين الفرعونية ضد عصا نبي الله موسي.. فالتوت كالشياطين حتي لا تخرج رئاسة الجمهورية القادمة من قبضة الرئيس مبارك إلا إلي ابنه جمال مبارك رئيس لجنة السياسات التي ساهمت في المهالك التي تعرض لها شعب مصر.. ومازال يعاني منها حتي زاد الطين بلة بقرار الرئيس مبارك بمد قانون الطوارئ سنتين أخريين ليكمل سبعة وعشرين عاما حاكما عسكريا لدولة مدنية.. فقد نصبه قانون الطوارئ عام 1981 حاكما عسكريا للبلاد، يحكمها بأوامر عسكرية ومحاكم عسكرية أصدرت أكبر عدد من أحكام الإعدام لتزيد من الضغط النفسي والعصبي للشعب مع عشرات الآلاف من الاعتقالات والتعذيب البشع الذي سجلته تقارير الهيئات الدولية وجماعات حقوق الإنسان.. ويتصاعد الضغط والقهر والغضب الشعبي بكل فئاته بسبب الفشل الذريع للحكومات في كل سياساتها لتخفيف المعاناة عن الناس.. بل زادت البطالة وزادت تكاليف المعيشة وانهارت الخدمات في المرافق، وتمت مصادرة حقوق المهنيين في انتخاب مجالس إدارات نقاباتهم فتعطلت أمورهم بل وضاعت مصالحهم.. حتي وصلنا لأزمة نادي القضاة الذي اعترض علي تلويث سمعته بالتزوير البوليسي البشع في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.. وتجاوزت السلطات البوليسية كل الخطوط الحمراء فاعتدت علي القضاة الرافضين للتزوير ضربا وكسراً للعظام وسباً وحصاراً لهم داخل اللجان ومنع الناخبين من الوصول إليهم.. في مهزلة كبري شهدها العالم من خلال البث التلفزيوني للفضائيات العربية والدولية.. وكان ذلك أحد أسباب الانفجار الشعبي المتعاطف والمتضامن مع القضاة هذه الأيام.. وهو انفجار خطير لمخزون الغضب في مصر يشبه انفجار 18 و19 يناير 1977 وانفجار السادس من أكتوبر 1981.. يزيد عليهما الفساد والإفساد والنهب لثروات البلاد في القروض المهربة والخصخصة المشبوهة ومظاهر الثراء البشع في مقابل الفقر المدقع والضياع الذي يولد الأخذ بالثأر.. بل والإرهاب.
لقد أضاف الرئيس مبارك أخطر جملتين في خطة طريقه برئاسة الجمهورية. جملة المادة 76 من الدستور.. وجملة قانون الطوارئ الممتد لحكمه العسكري المستديم.. وأظن أن الرئيس مطالب بأن يدعو دائما بدعاء سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام والصالحين: »اللهم أحسن خواتيم أعمالنا«.

صلاحية من؟! 25/4/2006

بقلم: د. الشافعي بشير

الذي فعله الرئيس السادات في سبتمبر 81 تحت عنوان »مذبحة الجامعات والصحافة« يفعله خليفته بعد حادث المنصة بربع قرن.. فقد ضاق رئيس الجمهورية السابق بصفوة الفكر والرأي الذين عارضوا سياساته الخاطئة في التطبيع اللامعقول مع اسرائيل لدرجة العناد الرذيل عندما يستخف بناجميعا في اغسطس 1980 ويأمر وزير الزراعة باستيراد عشرة ملايين بيضة من اسرائيل بعدما وعدها علنا بتحويل نهر النيل اليها مما اثار ضده وضدنا غضب العالمين العربي والافريقي
وسائر المسلمين الذين اصابهم صديقه مناحم بيجين بضم القدس كلها لاسرائيل باعتبارهاالعاصمة الابدية لها.. ولسان حاله يقول لنا.. طظ فيكم جميعا..وحاصرنا الاستخفاف من جانب رئيس مصر ورئيس حكومة اسرائيل فقررنا تحديهما برفض الاعتراف بما يسمي معاهدة السلام وما تستلزمه من تطبيع العلاقات مع الاسرائيليين.. فدعونا الي اجتماع للمؤتمر العام لنوداي الجامعات واصدرنا اعلانا برفض التطبيع مع اسرائيل وخاصة مع الجامعات الاسرائيلية.. وحذرنا جميع اعضاء هيئة التدريس من التعامل بأي صورة مع الجامعات الاسرائيلية.. وانذرنا من تخول له نفسه مخالفة هذا الخطر بوضعه في القائمة السوداء وفضح عمالته لأعداء الامة.. وكان لهذا الإعلان اثره العظيم في منع التطبيع مع اسرائيل.. وقد اسرها الرئيس السادات في نفسه واضمر لنا الشر وافرزه بقرارات سبتمبر وفصل واحدا وستين استاذا من الجامعات.. وشاء ربنا ان يذهب هو ويبقوا هم في جامعاتهم بعد مقتله في حادث المنصة وذهب بعناده وسجل التاريخ عظمة ووطنية اساتذة الجامعة الذين دافعوا عن شرف الامة.
وتعيدنا تلك الذكري للمشهد الذي نراه الآن بعد قرار وزير العدل باحالة كبار القضاة المنتخبين من الجمعية لنادي القضاة.. احالتهم الي مجلس الصلاحية بحجة معلنة حول دورهم فيما يسمي بالقائمة السوداء للقضاة الذين شاركوا في تزوير نتائج انتخابات مجلس الشعب وشهد عليهم المئات من اعضاء الهيئة القضائية الذين كانوا يشرفون علي اللجان الفرعية واثبتوا فيما تحت ايديهم من مستندات التصويت والفرز نتائج اخري غير التي اعلنها رئيس اللجنة العامة في فضيحة تزويرية صورته الفضائيات العربية والعالمية بالصوت والصورة مما الحق اشد الاذي بسمعة الهيئة القضائية مما دفع مجلس ادارة نادي القضاة للدفاع عن سمعة قضاء مصر وتشكيل لجان لتقصي الحقائق والاستماع لشهادة القضاة والمستشارين الذين شاركوا في الانتخابات واثبتوا التغول البوليسي لتزوير الانتخابات بكل السبل لصالح حزب الحكومة التي عصفت باستقلال السلطة القضائية وامسكت في يدها سلطان تعيين النائب العام ووزير العدل ورئيس المحكمة الدستورية العليا.. وما خفي كان اعظم كما ورد في كتاب المستشار يحيي الرفاعي الرئيس الاسبق لنادي القضاة.
ـ ان نظام حكم الحزب الوطني المكروه شعبيا والذي يمثله وزير العدل.. هو الذي يستحق ان يحال الي مجلس صلاحية من جانب الامة المصرية.. فهو الذي انتهك التزامات الدولة المصرية امام منظمة الامم المتحدة بالمحافظة علي استقلال القضاء بالمعايير الدولية.. وهو ـ اي نظام الحكم ـ هو الذي اساء لقضاء مصر في الانتخابات بكل جرائم السلطة التنفيذية اثناء اجراء تلك الانتخابات لاسقاط رموز المعارضة وانجاح مرشحي الحزب الحاكم المكروهين كراهية العمي من جموع شعب مصر.. وكان لابد ان يقف نادي القضاة وقفته القوية في مواجهة المزورين للارادة الشعبية.. وكان من حقهم ان ينسبوا تهمة التزوير بما تجمع لديهم من ادلة موثقة من قضاة يعتبرون شهود رؤية.. وكان لابد من إعلان براءة ذمة هيئة القضاء من جريمة التزوير باعلان القائمة السوداء لمن احطات بهم الخطيئة بالادلة الدامغة.. وبدلاً من مبادرة وزير العدل والنائب العام بالتحقيق في الاتهامات الموجهة لمن اتهموا بالتزوير اذا بهما يمسكان باقطاب نادي القضاة المدافعين عن شرف القاضي وسمعة القضاء كمن يتركون السارق والمسروق ويمسكون بالحارس الامين.. فهل ينصلح بلد بهذا المنهج؟ وهل يرضي الله عن حكام يقلبون الاوضاع بهذا الشكل؟

من يدافع عن البقرة؟! 15/4/2006
د. الشافعي بشير

لدي رغبة في البكاء.. ليس علي إنسان مفقود مثل الطالب مصطفي عثمان من محافظة قنا أو التلميذ أمجد الشناوي من محافظة الإسكندرية.. فقد بكي عليهما الأب والأم والأخوة حتي فقد والد مصطفي بصره ومات بحسرته ثم لحقت به الأم شاكية لله ظلم الذين اعتقلوه وعذبوه حتي الموت.. ولم تظهر له جثة يتلقاها الأهل لدفنها في بلدته قنا مع أبنائه وأجداده، تماماً مثلما حدث للتلميذ أمجد الشناوي بالإسكندرية.. إذ اعتقل وتعرض للتعذيب في مباحث أمن الدولة.. ثم أفرج عنه.. ثم أعيد اعتقاله حسب رؤية الشهود..
ولم يستطع أهله العثور عليه حياً أو ميتاً رغم توصياتنا ورجائنا لمساعد أول وزير الداخلية.. وجفت دموع أهله.. إلي أن استدعينا منظمة حقوق الإنسان (ميدل إيست ووتش) لكي تحقق في قضية إختفاء الفتي.. وجاءت أمه إلي لجنة البعثة المجتمعة في نادي نقابة الأطباء بالإسكندرية.. وحكت قصة أو مأساة ابنها مع دموع تسح علي خديها ودموع أخري للحاضرين والمستمعين للمأساة.
كان ذلك منذ سنوات.. وقد تعودت علي مثل تلك الأنباء.. ولكن النبأ الذي هزني بشدة منذ بضعة أيام.. ويلاحقني ليلاً ونهاراً ويريد أن يبكيني.. هو نبأ بقرة حامل.. رعت في حقل شيخ البلد دون إذنه.. فما كان منه إلا أن هجم عليها وأخذ يضربها بوحشية حتي كسر ساقها وأجهضها.
ولا أعرف كيف كان شعور البقرة المسكينة وشيخ البلد ينزل عليها ضرباً بدون رحمة فيكسر ساقها ويتابع ضربه المبرح الوحشي علي ظهرها وبطنها حتي يجهضها.. كيف كانت تتلقي الضربات الموجعة.. كيف كانت نظرات الاسترحام في عينيها للرجل الذي تجرد من الرحمة والشفقة ويضربها علي ظهرها وبطنها وهي حامل حتي تتدفق منها الدماء نزيفاً.. كيف تقول لشيخ البلد.. كفاية ضرب يا شيخ البلد فقد كسرتني وأجهضتني؟.. ماذا لو كانت تلك الحامل هي زوجته أو ابنته ورأي متوحشاً مثله يضربها حتي كسر ساقها وإجهاضها؟.
لقد حكمت عليه المحكمة بالحبس ستة أشهر وألف جنيه غرامة.. ولكن أين حكم الإنسانية وحكم الله سبحانه وتعالي؟؟ أين موقف الإنسانية من الحيوان؟ لقد أرشدنا ربنا سبحانه وتعالي لكيفية التعامل في مشكلة مثل مشكلة البقرة التي رعت في حقل شيخ البلد.. وكان حكم ربنا رحيماً بالغنم التي رعت في حقل لغير صاحبها وعرضت القضية علي داود وسليمان عليهما السلام.. فكان الحكم رحيماً وعادلاً دون إلحاق الأذي بالحيوان.
وقد يقول قائل: يا أستاذ انت بتتكلم عن حيوان تعرض للضرب والكسر والإجهاض.. وتريد أن تتعاطف معه بالبكاء وهو يصرخ ويتألم من وحشية بني آدم.. فما بالك بعشرات الآلاف من المصريين الذين تم اعتقالهم في ظل قانون الطوارئ المطبق ظلماً منذ ولاية الرئيس مبارك عام 81 حتي اليوم؟؟، وقد امتلأت بهم السجون والمعتقلات وتعرضوا للضرب والتعذيب الذي سجلته تقارير الطب الشرعي وأحكام الإدانة الصادرة من المحاكم المصرية.. وأعلنته تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية متهمة نظام الحكم في مصر بأبشع التهم التي تلصق بالحكومات المستبدة؟؟
يا أستاذ.. فتكلم عن تعذيب بقرة في مصر، فما بالك بضرب وتعذيب عشرات آلاف المصريين المعتقلين ظلماً بقانون الطوارئ في الخمس وعشرين سنة الماضية، واسأل وزير العدل عن الإحصائية الدقيقة بعدد التظلمات من الاعتقالات التي قدمت لمحكمة أمن الدولة العليا طوارئ في ظل حكم الرئيس مبارك.. وهل تجاوزت المائة ألف؟ وبكم ألف وألف؟
الأستاذ منزعج لضرب بقرة وكسرها وإجهاضها وقتل جنينها، وبالقطع فقد انزعج لإزهاق أرواح المئات من المصريين بأحكام الإعدام المتسرعة الصادرة من المحاكم العسكرية في ظل قانون الطوارئ الذي لطخ نظام الحكم أيضاً بدماء الذين قتلوا رمياً بالرصاص البوليسي دون محاكمة تحت شعار ضرب الرصاص في المليان الذي أعلنه وزير داخلية، وضرب الرصاص في السويداء الذي أعلنه وزير داخلية آخر في تغييب كامل للعدالة القضائية والدستورية التي عصف بها تماماً ذلك القانون الملعون المسمي قانون الطوارئ.. الذي ستعرضه رئاسة البلاد الشهر القادم علي مجلس الشعب لتمديده أكثر من خمس وعشرين سنة ليزداد الظلم والقهر والخراب بالبلاد.. أو سيحاول نظام الحكم أن يفعل مثلما فعل في تعديل المادة 76 من الدستور ويقدم لمجلس الشعب مشروع قانون مكافحة الإرهاب كستار لامتداد قانون الطوارئ.. وستكون موافقة أغلبية المجلس جاهزة، كما هو الحال دائماً.. مع تصفيق حاد لأزهي عصور الديمقراطية، ولا عزاء لأبقار مصر وكائناتها البشرية.. وهنيئاً مقدماً لشيوخ البلد في كل مؤسسات الدولة من القمة إلي القاع.. ومبارك للقطط السمان ومهربي المليارات وهاربي عبارات الموت.. إلي أن تقع الواقعة ويهب النائمون من شعب مصر كما تهب الشعوب التي تحترم نفسها مثل شعب إسبانيا الذي أسقط أزنار رئيس الحكومة والشعب الإيطالي الذي أسقط بيرلسكوني رئيس الحكومة والشعب الفرنسي الذي أسقط سياسة رئيس حكومة في عقود العمل، فمن يصحو ومن يواجه الظلم والقهر؟؟
دبلوماسية الرئيس مبارك
الحديث الذي أدلي به الرئيس مبارك لقناة »العربية« الفضائية متحدثاً عن الشيعة وأن ولاءهم لإيران أكثر من ولائهم لدولهم.. أثار موجة غضب واسعة النطاق علي مصر ورئيسها.. والذي ندرسه لطلابنا عن الدبلوماسية يقدم تعريفاً لها بأنها علم وفن إدارة الشئون الخارجية للدولة بفطنة وذكاء من أجل تحقيق أفضل المصالح وتجنب أكثر الخسائر.. فأين هي كل تلك الاشتراطات في حديث الدبلوماسي الأول لمصر وهو رئيس الدولة الذي يتصرف في كل شيء داخلياً وخارجياً؟؟.

يا ميت خسارة!! 29/4/2006
د. الشافعى بشير

أول تعليق علي ما حدث لمقر حزب الوفد وجريدته وتاريخه العريق الذى يحتاج إلي ألف اعتذار واعتذار لقيادات عظيمة حملت راية أكبر وأقوي حزب شعبي طوال ثمانين عاماً.. بداية بسعد باشا زغلول ومصطفي باشا النحاس.. ثم ثالث الزعماء الذى تحمل قهر وظلم السلطة.. وثابر وصبر حتي أعاد حزب الوفد للوجود بأحكام قضائية.. وقاد سفينة الوفد بعقلانية وحكمة وخبرة التاريخ حتي توفاه الله.. رجلاً شريفاً نظيفاً لم يتلوث في ظل عهد تلوث فيه الكثيرون، ولم ينكسر في زمن جعل الانكسار سهلاً لأقوي الرجال، واستطاع أن يجمع حوله أجيال الوفديين القديمة والوسيطة والحديثة، وكنت معجباً بفؤاد سراج الدين،
ووجهت له دعوة للمجىء إلي المنصورة للمشاركة في الحوار مع أساتذة الجامعة والطلاب حول إصلاح النظام السياسي في مصر، وذلك ضمن برنامج أعده نادي أعضاء هيئة التدريس لرؤساء الأحزاب: الوفد والوطني والإخوان المسلمين والتجمع والعمل والأحرار.. وكان الإعلان عن موعد اللقاء مع فؤاد سراج الدين بمثابة دعوة لكل الوفديين بمحافظة الدقهلية وما حولها.. وإذا بنا نواجه بمهرجان سياسى ديمقراطى كبير يتهيأ لمقابلة زعيم الوفد في يوم الأحد المقرر للقائه.. ونصادف أن كان ذلك اليوم محدداً لنظر قضية مصطفي شردى رحمه الله ضد اللواء فوزي معاذ، فاعتذر فؤاد سراج الدين وأوفد نيابة عنه الأستاذ الدكتور وحيد رأفت رحمه الله.. ولكننا أعدنا توجيه الدعوة لرئيس حزب الوفد في نادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة الإسكندرية بالتنسيق مع رئيسه حينذاك الأستاذ الدكتور نبيل هاشم رحمه الله.. وكان لقاء رئيس الوفد بأساتذة الإسكندرية وجهود الوفديين مهرجاناً عظيماً يعيد إلينا ذكريات الشعبية الجارفة لزعيم الوفد الأول سعد باشا زغلول وزعيم الوفد الثاني مصطفي باشا النحاس.. وأحسسنا بأن مصر تتحدث عن نفسها مرة أخري كما كانت في الزمن الجميل.
وذهب فؤاد سراج الدين للقاء ربه.. مع تاريخ حافل بالبذل والعطاء والجهاد والكفاح من أجل الأمة التي اتخذت لها شعار زعيم ثورة 1919.. »الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة«.. وظل زعيم الوفد الثالث محافظاً علي ذلك الشعار حتي ودعناه إلي مثواه الأخير.. رحمه الله رحمة واسعة.. ثم.. ثم كان الرئيس الرابع لحزب الوفد الأستاذ الدكتور نعمان جمعة، واستبشرنا خيراً بالامتداد الهادئ السلمي لرئاسة حزب الوفد.. ومرت السنوات بحلوها ومرها.. إلي أن توجتها أزمة اقتحام مقر حزب الوفد بالقوة وإطلاق الرصاص وإشعال الحرائق.. وفضيحة هائلة في كل وسائل الإعلام الداخلية والدولية.. وتسمرت الأعين في المشهد الحزين.. ولم يعد اللسان ينطق إلا.. يا ميت خسارة.

نادى القضاة.. وهيومان رايتس ووتش.5/4/2006
د. الشافعي بشير

قالوا.. إن نادى القضاة سوف يستقبل ممثلي منظمة حقوق الإنسان (ميدل إيست ووتش) يوم الأربعاء القادم.. وقد أعاد هذا الخبر إلي الذاكرة زيارة بعثة تلك المنظمة لمصر في المدة من 27 يناير حتي 22 فبراير 1992 ومقابلتها للنائب العام المستشار رجاء العربى ووزير الداخلية اللواء محمد عبدالحليم موسي ـ رحمه الله ـ واللواء محمود الفخراني مدير إدارة السجون. وقد حضرت تلك البعثة لمصر بناءً علي طلب منظمات حقوق إنسان مصرية لتقصي الحقائق حول ممارسات التعذيب في السجون والمعتقلات المصرية، فضلاً عن عشرات آلاف الاعتقالات التعسفية في ظل قانون الطوارئ المطبق منذ عام 1981..
وقد ساهمنا في دعوة تلك البعثة وطلبنا منها زيارة الإسكندرية والمنصورة ودمياط.. حيث استضفناها في نقابة الأطباء ونقابة المحامين وعرضنا عليها أكثر من مائة حالة تعذيب بشع في السجون والمعتقلات فضلاً عن حالات الاختفاء التام لبعض المعتقلين، إذ استمعت إلي إفادات الأهل في مأساة محزنة مبكية.
وكانت أكثر الجرائم بشاعة وخطورة تلك التي وقعت فى قرية البصارطة بدمياط بشهادات موثقة حيث قتلت قوات الأمن ثلاثة شباب ضرباً بالرصاص دون محاكمة.. في سلسلة ضرب الرصاص في المليان التي كانت تتبعها قوات الأمن ضد كل مفاهيم حقوق الإنسان.. وقد ذهبنا مع البعثة ـ في ليلة عاصفة ـ لمكان الجريمة في محافظة دمياط تحت مراقبة ومتابعة قوات الأمن، وتحققنا من الواقعة التي أسهمت مع غيرها في تشويه سمعة مصر في مجال حقوق الإنسان.
وقد بذلت بعثة المنظمة جهوداً مضنية لتقصي الحقائق عن انتهاكات حقوق الإنسان في العشر سنوات الأولي من حكم الرئىس مبارك، وأجرت العديد من المقابلات في القاهرة والإسكندرية وأسيوط وأسوان والمنصورة والمنيا.. واستمعت إلي المجني عليهم والمحامين والصحفيين وأساتذة الجامعات والطلاب والنشطين في الدفاع عن حقوق الإنسان.. وعندما تجمعت لديها الأدلة عن انتهاكات حقوق الإنسان في السجون والمعتقلات.. فقد طلبت من النائب العام ووزير الداخلية التصريح لها بزيارة السجون والتحقيق في الممارسات داخلها.. فوافقت السلطة المصرية علي إجراء الزيارة.. حيث قامت البعثة بزيادة ستة سجون خلال ثمانية أيام.. إذ زارت سجن وليمان أبو زعبل وطرة والاستقبال والمزرعة.. وسجن القنطرة للنساء وسجن طنطا العمومي.. وذهلت البعثة من حالات السجون المصرية المزرية والمتردية وسجلت ذلك في مؤتمر بكتاب تجاوز مائتي صفحة باللغات الإنجليزية والعربية في فضيحة مدوية لأوضاع السجون في مصر.. وأضافت البعثة إلي ذلك إصدار تقرير مطول في كتاب يقع في 220 صفحة عن التعذيب والاعتقالات التعسفية في مصر.. وطالبت الرئىس مبارك وكافة السلطات المصرية باتخاذ الإجراءات الفعالة لإيقاف تلك الجرائم في حق شعب مصر.. ودعت الحكومة الأمريكية لإدانة سجل حقوق الإنسان السيئ في مصر.. بل وأوصتها بأن تربط منح المعونات والقروض بمدى استجابة الحكومة المصرية لتوصيات البعثة وغيرها من منظمات حقوق الإنسان.
وعندما قرأنا توصيات منظمة الميدل إيست ووتش الموجهة للحكومة الأمريكية بأن تقطع أو تقلل المعونة المالية لمصر إذا لم تصلح سياستها في مجال حقوق الإنسان.. غضبنا.. واتصلنا بالسيدة فرجينيا بشري رئىس لجنة تقصي الحقائق وسألناها.. هل طلبت من الحكومة الأمريكية أن تعاقب إسرائىل بمنع المعونات المالية عنها بسبب سجلها الأسود في حقوق الإنسان.. فقالت: نعم.. وأرسلت إلينا تقريرها عن إسرائىل الصادر في يوليو 1993 بعنوان »رخصة للقتل« ويقع في 264 صفحة حافلة بإدانة جرائم إسرائىل ضد الفلسطينيين.. ودعت في صفحتي 31 و32 الحكومة الأمريكية لأن تستخدم المعونات التي تتجاوز ثلاثة مليارات دولار للضغط علي إسرائىل لإجبارها علي احترام القانون الدولي واتفاقيات جنيف بصدد حقوق الإنسان الفلسطيني.. وزادت فرجينيا بشري علي ذلك بإهدائنا تقريراً مطولاً عن وحشية الجرائم الأمريكية في العراق في عهد الرئيس بوش الأب.. حيث حملت حملة شعواء علي الجرائم الأمريكية ضد شعب العراق.. ونشرت ذلك في أمريكا ذاتها وفي العالم بأكثر مما قد تفعله أي حكومة أو هيئة عربية.
هذه منظمة قوية وشجاعة في الدفاع عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط بالذات.. وقد خبرناها في الكثير من أحداث وقضايا ومشاكل حقوق الإنسان المصري والعرب.. فكانت تثبت في كل مرة أنها منظمة رائدة في حقوق الإنسان ولا تنحاز للإدارة الأمريكية أو تخضع لإسرائيل واللوبى الصهيوني.. وأن وجود مقرها في نيويورك لا يعني أنها ضيعة أمريكية كما قال البعض في التحقيق الصحفي المنشور بجريدة الأهرام بالصفحة العاشرة يوم الجمعة الماضي.. ولا داعي للمخاوف التي أثارها بعض المستشارين ونقيب المحامين من زيارة المنظمة لنادي القضاة يوم الأربعاء القادم للتباحث في أمور تدخل في صميم اختصاص نادى القضاة الذي تعطيه الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها في 29 نوفمبر و13 ديسمبر 1985 التحدث باسم القضاء والدفاع عن استقلالهم كما سجلت الوثيقة الدولية في عشرين بنداً، بل لقد عينت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة مقرراً خاصاً لمراقبة ومتابعة حالة استقلال السلطة القضائية وزيارة نواديهم والتحدث معهم مجتمعين ومنفردين وكتابة تقريره لمحاسبة الحكومة أمام اللجنة الدولية.. ولا يعتبر ذلك تدخلاً أجنبياً في شئون مصر كما قال البعض في التحقيق الصحفي بجريدة الأهرام.. بل هو حق قانوني مشروع لأجهزة منظمة الأمم المتحدة بتوقيع وتصديق مصر علي مواثيق حقوق الإنسان.
فأرجو أن يطمئن الجميع.. إلي أن زيارة منظمة الميدل إيست ووتش لنادى القضاة في مصر.. لا تمثل عدواناً علي السيادة المصرية، أو تخابراً مع جهات أجنبية محظور التعامل معها.. وإنما هي وجه مشروع من أوجه التعامل في مجال حقوق الإنسان، يجد سنده الشرعي في قبول مصر وإقرارها سلفاً للشرعية الدولية لحقوق الإنسان المنشورة في الجريدة الرسمية المصرية في أبريل 1982 والمعتبرة قانوناً مصرياً يعمل نادى القضاة في محيطه ومحرابه، وفي ظل سوابق قانونية وسياسية بين منظمة الميدل إيست ووتش والحكومة المصرية ذاتها عام 1992.

عيب! 29/3/2006
د. الشافعى بشير

نظام حكمنا يهوي إهدار أقدار الناس.. في وقت يدمن فيه رفع شأن من لا شأن لهم من الأفاقين والمنافقين واللصوص.. بل والقتلة.. ويشاء ربنا سبحانه وتعالي أن يخيب صنيع حكامنا ويرد عليهم سوء أفعالهم بأحكام إدانة جنائية لصنائعهم كما حدث مع رئيس لجنة الموازنة ورئيس لجنة الصناعة ورئيس لجنة كذا بمجلس شعب سابق.. بل ومحافظ مستشار سابق.. كلهم كانوا من رموز الحزب الحاكم ونجحوا في الانتخابات بالتزوير.. ولكن الله لا يصلح عمل المفسدين،
فسقطوا وسقطت معهم سمعة حزبهم ومن رفعوهم وصعدوهم بتلوثهم حتي فاحت رائحتهم.. فقدموا للمحاكمة الجنائية، حيث تمت إدانتهم والحكم عليهم بالسجن.. ومازالوا فيه حتي الآن »إلا من التقاه ربه ليجد عنده حسابه. والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون«.
هذا حال سقط المتاع من الناس الذين يجدون التكريم عند الحكام.. أما كبار رجال القوم.. ذوو الهمم العالية وعنوان الاستقامة والنزاهة والشرف والعلم.. مثل أساتذة الجامعة الذين يشار إليهم بالبنان في المحافل والمؤتمرات.. وأما كبار المستشارين الذين يعتبرون رموز السلطة القضائية علماً وخبرة وشجاعة في الحق ودفاعاً عن قداسة القضاء ونزاهته وحياده واستقلاله ضد تغول السلطة التنفيذية وتدخلها المعيب.. بل المشين الذي يلوث وجه القضاء كما حدث في ممارسات نكتم الحديث عنها، وممارسات أخري تتحدث عن نفسها في الفضائيات ووسائل الإعلام العالمية كتزوير الانتخابات الأخيرة تزويراً فجاً وفاحشاً.. بعد الادعاء الحكومي بأنها ستجري بنزاهة وشفافية تحت إشراف القضاة في جميع اللجان.. ثم إذا بالمهازل تكاد تفقأ عيون الناس وتلحق بالسلطة القضائية المصرية سوء عمل السلطة التنفيذية.. وتهدد بضياع مصداقيتها أمام الأمة.. لولا أن تصدى كبار المستشارين وسائر القضاة في ناديهم للدفاع عن شرف القضاء والقضاة باعتبارهم رمز العدالة والنزاهة والاستقامة والاستقلالية عن شرور وآثام السلطة التنفيذية.. لولا ذلك لكنا قد فقدنا الأمل تماماً في إصلاح هذا الوطن الذى ينهار وينهار وينهار.
ولكن بقايا الأمل اختلط بها الكثير من الألم ونحن نشاهد كبار مستشارينا يحالون للتحقيق بسبب تصديهم لممارسات تزوير الانتخابات الأخيرة.. ألا يعتبر ذلك إهانة للسلطة القضائية ذاتها.. وألا يعد ذلك إقلالاً من قدر رموز القضاء المصري وعنوان جهاده في سبيل رفعة شأن مرفق العدالة بديل التأييد العظيم الذى يلاقونه في الجمعيات العمومية لنادي القضاة ومؤازرة صفوة الرأي فى مصر في الأحزاب والنقابات والجامعات والصحافة مما يضع الذين أحالوهم للتحقيق في وضع حرج أمام شعب مصر؟؟
لقد قررت الجمعية العمومية الطارئة للقضاة المحافظة علي كرامة وأقدار كبار رموزها، وأوصتهم بعدم المثول للتحقيق باعتبار ذلك إهانة لهم ولناديهم وكرامة القضاة الذين أعطتهم الوثائق الدولية لحقوق الإنسان واستقلالية السلطة القضائية الحق في تكوين نواديهم والتحدث في الشأن العام والقضايا القوية حتي لا يعتبروا فصيلاً منفصلاً عن الاهتمام بمصير الأمة وهمومها.
لقد غابت الدبلوماسية في التعامل مع كبار المستشارين.. وهو أمر كنا نحرص عليه عند التعامل مع كبار أساتذة الجامعة، وكنت شخصياً أول مستشار قانوني لجامعة المنصورة عند نشأتها عام 1973.. ولم أكن افتح محضر تحقيق للأساتذة الكبار سناً وعلماً في مشاكل الخلاف في الرأي والتعبير عندما يحيلهم رئيس الجامعة للتحقيق.. وإنما كنت أوليهم الاحترام وأطلب منهم أن يقدموا مذكرة تفصيلية بالرد علي ما ينسب إليهم.. ثم احفظ التحقيق بموافقة رئيس الجامعة لعدم ثبوت مخالفة أو نكتفي بالتحدث معه شفاهة لإصلاح ما ينبغي إصلاحه، وهكذا نحافظ علي قدر الأستاذ وكرامته أمام تلاميذه من أعضاء هيئة التدريس وطلابه من الشباب وموظفي الكلية والجامعة.. اللهم إلا إذا كان ضالعاً في جريمة كسرقة علمية أو تزوير نتائج الامتحانات، ولا يستحق الاحترام بعد تجمع الأدلة الدامغة ضده.. عندئذ ينال ما يستحقه من إهانة.
ولقد رفضت شخصياً أن أمثل لتحقيق أمر به وزير التعليم الذى أصدر قراره بمنع دخول تلميذات المدارس بالحجاب.. ورفعنا ضده دعوي أمام محكمة القضاء الإداري التي حكمت ببطلان قراره.. فنشرنا مقالاً بجريدة الشعب يوم 26/8/2004 نهاجم فيه سياسته الخاطئة والمخربة في المدارس والجامعات وخيرناه بين تقديم استقالته أو أن يفعل مثلما يفعلون في اليابان للتكفير عن اخطائهم.. فإذا بالوزير يأمر بإحالتنا للتحقيق في قضية رأي عام دون أن يحسب حساباته جيداً وهو يتخذ مثل ذلك القرار ضد أقدم أستاذ في كلية حقوق المنصورة، وأول مستشار قانوني لها وأول رئيس ناد منتخب من أعضاء هيئة التدريس ولمدة تسع سنوات.. كان الأمر يمثل إهانة.. وقد رفضناها ونشرنا ضدها مقالاً في جريدة الشعب في 21 فبراير 1995 بعنوان »وزير التعليم وتكميم أفواه أساتذة الجامعات«.. ونصح الناصحون بعدم الاستمرار في تلك المهزلة.. وانتهي الأمر بالحفظ والنسيان والخذلان تاريخياً لمن أصدر القرار.
ولهذا فإنني أؤيد رأى الجمعية العمومية الطارئة لنادي القضاة بعدم مثول كبار مستشاريهم للتحقيق في قضية رأي وتعبير دستوري.. وأبسط ما يقال فى هذا الموضوع.. عيب.. عيب المساس بأقدار شيوخ قضائنا.