اللامركزية المنشودة

بقلم: المحامي امجد بهجت شموط





لما كانت أهمية تطبيق مفهوم اللامركزية مرتبطة في تعزيز النهج الديمقراطي من خلال توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صناعة القرار السياسي والاقتصادي والتنموي بواسطة مجالس الحكم المحلي , , ورفع كفاءة الأجهزة التنفيذية في مجال التخطيط والإدارة , في كافة المحافظات , إضافة إلى تعزيز آليات الرقابة والمساءلة.



الآ إن تجربة اللامركزية لا تزال جديدة وغير واضحة أو معروفة لدى المجتمع الرسمي والمدني على حد سواء الأمر الذي يجعلنا نفكر ونتساءل عن التحديات والمخاطر التي قد ترافق عملية تطبيق اللامركزية لذلك لابد لنا من تسليط الضوء على عدة ملاحظات وهي التالية :



يتطلب العمل باللامركزية وجود فهم جماعي مشترك من اجل تحديد الرؤية والهدف من التعامل مع اللامركزية بما يكفل ذلك وجود قيادة سياسية قادرة ومؤهلة في التعامل مع مضامين اللامركزية , وهذا لن يحقق النتائج المرجوة ألا إذا تم التعامل مع اللامركزية في شكل أفقي بمعنى أن يتم التعامل معها من القاعدة وليس العكس وذلك قبل اقرار قانون اللامركزية من خلال مشاركة شعبية واسعة من كافة مؤسسات المجتمع المدني الأمر الذي سيزيد من نجاعة هذا النظام ونجاحه , بحيث يصبح جميع مكونات المجتمع مسؤولة ومهتمة في نجاح هذا النظام , وينفى عن المشروع الصفة بأنه مشروع حكومي بامتياز وهنا يمكن أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني بعقد جلسات حوارية لتعريف المجتمع وقادة الرأي المحليين في كافة محافظات المملكة , والحصول على نتاجات وتوصيات المشاركين .في إطار " التغذية الراجعة " مما سيسهم في إثراء المشروع., ويحقق أهدافه المرجوة .



من المهم جداً معرفة بأنه لا يوجد عالميا نموذج أو قالب بحد ذاته لمشروع اللامركزية فبعض الدول التي تعاملت مع هذا النظام نجحت في تطبيقه وأخرى فشلت ومن هذه الدول التي طبقت اللامركزية " غانا وأوغندا وتنزانيا ودول جنوب أفريقيا و الولايات المتحدة الأمريكية أضافه إلى استراليا وألمانيا" فالدول التي نجحت في التعامل مع هذا النظام كانت قد صممت ملامحه وأهدافه واليات العمل بها حسب احتياجاتها وخصوصياتها , مما يتطلب منا التأكيد مرة ثانية على ضرورة إشراك مؤسسات المجتمع المدني في الإعداد لقانون اللامركزية قبل إقراره من قبل الحكومة لضمان تطبيقه بشكل فاعل وضمان التجاوب معه وبما يحقق النتائج المرجوة منه في إطار الإصلاح السياسي والإداري المتوقع , وخلافاً لذلك فان هذا النظام سيشكل عبئاً إضافيا على الحكومة والمجتمع معاً ويسبب حالة إرباك إداري وتنظيمي .... الخ الأمر الذي يفرض علينا تحديد أولوياتنا السياسية والإدارية قبل المضي قدماً , في هذا الاتجاه .



وعند التعامل مع النظام اللامركزية يتطلب منا مراعاة وحماية منظومة حقوق الإنسان وخصوصاً فيما يتعلق بالاتفاقيات والتشريعات الدولية التي صادق عليها الأردن وأصبحت حيز التنفيذ بما في ذلك حماية حقوق الأقليات العرقية والدينية والأثنية ويحافظ على حماية حقوق العمال والمهاجرين ولدينا في الأردن ما يقارب على نصف مليون عامل إضافة إلى اللاجئين الفلسطينيين واللاجئين من الجنسيات الأخرى , والذي يبلغ عددهم "60الف " لاجئ طبقاً لإحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين .



إن التعامل مع نظام اللامركزية يوجب علينا التدرج في تنفيذه لضمان نجاحه وتحقيق الأهداف المرجوة منه لأنه لا يعقل التحول لدوله اعتادت على النظام المركزي , في الإدارة والحكم المحلي طيلة عمر الدولة الأردنية إلى نظام اللامركزية بشكل مفاجئ , هذا الأمر وبالتأكيد سوف يُحدث فجوه وشرخ كبير في إدارة شؤون البلاد مما يُلحق الأذى والضرر بالمصلحة الوطنية للدولة الأردنية, هذا ولن الأردن يعتبر من الدول الديمقراطية الناشئة وتجربته الديمقراطية غير ناضجة ولا تزال تمر بمرحلة المخاض التشريعي والمجتمعي صوب هذا النهج فان ذلك الأمر سيعزز من فرص إفشال نظام اللامركزية وهنا ربما نحن نكون بحاجة إلى تنفيذ مراحل تمهيدية تسبق التعامل مع اللامركزية في مجال الإصلاح البنيوي والتشريعي الذي يفرض علينا تعديل أو إلغاء عدد من القوانين حتى تتناسب مع نظام اللامركزية وحتى نضمن عدم التنازع أو التداخل في الاختصاص أو تضارب في القوانين المعمول بها حالياً , كما يتطلب الأمر تأسيس وإنشاء الهياكل التنظيمية والإدارية الناظمة لعمل اللامركزية وعلى المستويين الأفقي والراسي والاهم من ذلك هو السعي الحثيث إلى تغير النظرة التقليدية الاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع الأردني التي اعتاد عليها منذ تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية في تصريف وإدارة شؤونه اليومية , وهنا نحن بحاجه إلى توعية المجتمع بحالة التحول وربما هذا الأمر يتطلب وقتاً طويلاً لكن المهم أن تنجح هذه التجربة الجديدة لدينا وتحقق أهدافها المرجوة وهذا يقودنا إلى ضرورة تدريب وتأهيل جميع القائمين على الجهاز الإداري والتنفيذي لدى الحكومة المركزية ومجالس الحكم المحلي في المحافظات