الجدل حول اصلاح السلطة الفلسطينية

سعيد عكاشة

مجلة السياسة الدولية يوليو 2002 - العدد رقم 149

شهدت الآونة الأخيرة جدلاً واسعاً على عدة مستويات ، حول قضية اصلاح السلطة الفلسطينية. فوفقاً لماطرحته المعارضة الفلسطينية ، فإن إصلاح السلطة يعنى القضاء على مظاهر الفساد المالى الذى واكب نشأتها ، وإعادة توزيع السلطة نفسها وفق قواعد أكثر عدالة.ومن ناحية أخرى ، فإن إصلاح السلطة الفلسطينية من جانب اسرائيل يشكل مخرجاً لأزمتها الحالية ، فإسرائيل تحمل عرفات والسلطة الفلسطينية مسئولية أعمال العنف التى يمارسها الجانب الفلسطينى ضدها ، وعلى هذا فإن اصلاح السلطة وفقاً للمفهوم الاسرائيلى يعنى ذهاب عرفات وحلول جيل جديد من القيادات محله ، وبطبيعة الحال فإن اسرائيل تدرك أن تغيير عرفات يمكن أن يقود الى توترات فلسطينية وخلافات عربية تصب فى مصلحة اسرائيل فى النهاية.

وفى محاولة لتخفيف الضغوط عليه ، فقد أعلن عرفات عن عزمه التنحى عن الحكم عندما يتم إعلان الدولة الفلسطينية ، وقرر اجراء انتخابات عامة ومحلية فى الضفة وغزة ، وإجراء تغييرات على حكومته ، وتوج ذلك بالاعلان فى يونية الماضى عن تشكيل حكومة جديدة ، تضمنت تغييرات ترضى الأطراف المطالبة بالاصلاح ، فالولايات المتحدة التى ركزت على مطلب توحيد الأجهزة الأمنية ربما تجد فى تعيين وزيراً للداخلية مسئولاً عن أجهزة الأمن الداخلية تحقيقاً لهذا المطلب ، بعد أن ظل عرفات يسيطر على هذا المنصب منذ عام 1994.كما أن من يتهمون السلطة بالفساد المالى ، سواء من القوى الداخلية أو من قبل الاتحاد الأوربى ربما يجدون فى تعيين الخبير الاقتصادى 'سلام فياض' غير المحسوب على منظمة التحرير كوزير للمالية ، مؤشراً على جدية السلطة فى مكافحة الفساد المالى.كما أن تقليص حجم الحكومة الى 21 وزيراً فقط بعد أن كانت تقارب 40 حقيبة وزارية يستجيب لمطلب التقشف فى ظل تدهور الأوضاع المعيشية لأغلب الفلسطينيين.

وقد رحب الاتحاد الأوربى بالتغييرات التى أجراها عرفات على حكومته معتبراً أنها خطوة على الطريق الصحيح ، فيما ظلت واشنطن واسرائيل تعلنان عدم ثقتهما بالحكومة الجديدة.ولاشك أن استمرار تصاعد العنف والتدهور الأمنى سيعزز من مشروعية رفض اسرائيل والولايات المتحدة لخطوات الاصلاح التى تم اتخاذها.وتطرح الدولتان ضرورة سيطرة عرفات على أعمال العنف الفلسطينى باعتبار أن ذلك قد يدفع سيناريو الاعلان عن الدولة الفلسطينية الى الأمام ، ويسمح لعرفات برئاستها لفترة محدودة قبل اعتزاله العمل السياسى ، وربما يكون هذا السيناريو هو المخرج الوحيد والملائم للوضع المتأزم حالياً

منقووول للفائدة .
AlexaLaw