عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .


عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .



عالم القانون

العدل أساس الملك - Justice is the basis
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
TvQuran
 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر 110
AlexaLaw on facebook
 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر 110
 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر 110
 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر 110
 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر 110
 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر 110

شاطر | 
 

  آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12654996

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 34

الأوسمه :

 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر 1384c10


الأوسمة
 :


 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر Empty
مُساهمةموضوع: آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر    آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر I_icon_minitime23/9/2011, 11:32

خيارات المساهمة


آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر

الدكتور عادل عامر

الباحث السياسي والقانوني والاجتماعي والمحاضر في القانون العام في الجامعات الخاصة المصرية والكاتب الحر

تمهيد وتقديم:-
يذهب معظم الباحثين في النظم السياسية إلى انتهاج مبدأ تصنيف النظام السياسي لبلد ما على أساس شكل النظام الحزبي فيه ، بوصفه مدخلا - صادقا - لدراسة كل متغيرات وخصائص العملية السياسية ويعكس حقيقة الإيديولوجية الحاكمة من حيث درجة انفتاحها أو انغلاقها على الأخر أو بمعنى أخر ينطلق الأخذ بالنظام الحزبي بوصفه معياراً لتصنيف الدول العربية ، على أساس الهامش المتاح لمؤسسات المجتمع المدني ، ومن ضمنها الأحزاب السياسية للمشاركة في الحياة السياسية والحكم ، وبالتطبيق على المنطقة العربية ، نجد إن هذه المشاركة تتحدد وفق ثلاثة اتجاهات أهمها الاستبعاد سواء بموجب النص عليه 0 السلطة الحاكمة قيوداً على حرية التعبير ويحرم بالتالي تشكيل أحزاب سياسية ،أو تضع بقانون تضع قانوناً يسمح بتعدد الأحزاب لكن تعطي سلطة تقرير نشأتها من عدمه للأهواء والدوافع الخاصة بالنظام ، أما الاتجاه الثاني فيتمثل في رفض بعض الجماعات ترفض نفسها المشاركة في الحياة البرلمانية أو الحزبية بحجة ما تتضمنه من تشريعات تتناقض مع عقيدتها والاتجاه الأخير يذهب إلى ترك الباب مشرعاً للمشاركة في العملية السياسية. فالانتخابات كآلية مشروعة ومقبولة لتحقيق التحول السياسى وإنجاز التغيير السياسى على نحو سلمى ، ونقل رغبات ومطالب المواطنين إلى الحاكمين ليتسنى تحويلها إلى مخرجات سياسية، وكأداة لحسم التناقضات والصراعات القائمة فى المجتمع، ولمحاسبة شاغلى السلطة بشكل دورى، وكضمانة لتقاسم السيطرة على السلطة بين الجماعات المختلفة وفقاً لأوزانها النسبية، فإنها تعد بذلك أفضل صور المشاركة وأكثرها فاعلية، وتعتبر مؤشراً جيداً على مدى التطور الديموقراطى، والوسيلة الوحيدة الكفيلة ليس فقط بدفع هذا التطور فحسب وإنما بصيانته وتأمينه أيضاً، وهو ما لا تتيحه ولا تستطيعه وسائل وقنوات المشاركة السياسية الأخرى. استناداً لما سبق يمكن رسم الخريطة الحزبية في مصر على النحو التالي : أولا:- على الرغم من الركود العام الذي يسيطر على الحياة الحزبية في مصر، فإن محاولات الخروج من هذا الجمود لم تتوقف، فهناك من سعى إلى إنشاء أحزاب جديدة، عكست حالة الأزمة الحالية التي تعانى منها كل الأحزاب تقريبا، في الوقت الذي برزت فيه جهود حزبية من أجل تشكيل جبهة أو تحرك حزبي عام، وذلك على خلفية قضية الإصلاح السياسي ومحاولة فرضه على أولويات النظام السياسي. وكان لكل من الحزب الوطني وحزب التجمع نصيب من التميز في الحياة الحزبية للعام 2003 ومطلع العام 2004، فالأول طرح رؤيته للإصلاح الشامل، أما الثاني فقد قدم نموذجا في تغيير القيادات الحزبية عبر إعمال آليات ديمقراطية داخلية. كما كانت دعوة الرئيس مبارك لحوار وطني بمثابة فرصة لإحداث تغييرات كبرى في الحياة الحزبية والسياسية، لكن الأحداث دلت لاحقا على عدم القدرة على توظيفها توظيفا جيدا، فضاعت هباء. وقد عبرت حالة التجميد التي تعانى منها سبعة أحزاب مصرية من أصل 24 حزبا عن أزمة أعمق يعيشها النظام الحزبي المصري، تتعلق بالمدخل الإداري وليس الشعبي في التعامل مع هذه الأحزاب، فالأحزاب المجمدة تعانى في معظمها من أزمات بنائية تتعلق بغيابها من الأصل عن الجمهور، فهي تمثل مجرد مقار وعشرات الأعضاء، دون أي تأثير حقيقي في الشارع السياسي، وذلك بسبب أن نشأتها جاءت نتيجة لإجراءات إدارية قام بها المؤسسون مع لجنة الأحزاب، وفى ساحات المحاكم وليس بين الجماهير في الحي والمدينة ثم على امتداد الوطن كله. ولعل محاولة كسر جمود المشهد الحزبي الحالي تمثلت في محاولة تأسيس حزبين جديدين رفضتهما لجنة الأحزاب، ويحاولان الحصول على الشرعية القانونية من خلال أحكام القضاء، وهما حزب الغد المصري الاجتماعي الديمقراطي برئاسة أيمن نور، والحزب الدستوري الاجتماعي برئاسة ممدوح محمد أحمد قناوي. ويعبر الأول بصورة كبيرة عن الشق الجيل من أزمة حزب الوفد، حيث خرج مؤسسه أيمن نور عقب خلافه مع رئيس الحزب نعمان جمعة، ليشكل الوجه الشاب للتيار الليبرالي المصري، ليعكس أزمة عميقة تعانى منها الأحزاب المصرية الشائخة، وليلحق بباقي الانشقاقات الجبلية التي شهادتها مختلف القوى السياسية، والمتمثلة في حركة الكرامة المنشقة عن الحزب الناصري، وتعبر عن الجيل الشاب في صفوف التيار الناصري، وإن كانت هناك مفارقة كبرى تتمثل في أن معظم قادة هذه الحركة اقتربوا من الخمسين عاما من العمر. كذلك فإن حزب الوسط المعبر عن انشقاق آخر عن حركة الإخوان المسلمين له مضمون جيلي واضح.و في ظل الحوار الذي فرض نفسه حول الإصلاح في مصر على النحو المشار إليه آنفا، كان طبيعيا أن يقدم الحزب الوطني رؤيته لهذا الإصلاح. تعد وثيقة حقوق المواطنة والديمقراطية التي أصدرها الحزب الوطني في مؤتمره السنوي المنعقد في سبتمبر 2003 بمثابة رؤية الحزب الرسمية بشأن الإصلاح. وحسب الوثيقة نفسها فإن هدفها الأول محاولة رأب الصدع بين المواطن من جهة والدولة/الحزب الوطني من جهة أخرى، وإلي بناء قاعدة جديدة للحزب الحاكم في صفوف الشباب والمرأة والمجتمع المدني، والي تغيير البنية الثقافية للمجتمع علي أسس الوسطية الإيجابية وقيم المشاركة. وتدعو الوثيقة في إيجاز شديد إلى ضرورة إعادة النظر في القوانين المنظمة أو المقيدة للأحزاب والنقابات ومباشرة الحقوق السياسية، وتتناول وثيقة الحزب أربعة محاور للإصلاح وهي: المحور الأول يتعلق بإحياء مفهوم المواطنة وتحديث بنية العلاقة بين المواطن والدولة، حيث ينطوي مفهوم الحزب الوطني للمواطنة علي فكرتين أساسيتين؛ الأولى هي عقد اجتماعي جديد بين المواطن والدولة ينقل الجزء الأكبر من عبء التنمية الاقتصادية والاجتماعية من الدولة إلى المواطن وتصبح الدولة بذلك مسئولة في المقام الأول عن توفير مناخ وبنية سياسية وتشريعية وإدارية تمكن المواطن من أداء دوره المنشود في عملية التنمية الاقتصادية. والثانية تحسين العلاقة بين المواطن والدولة من خلال إنهاء معاناة المواطن اليومية علي يد أجهزة الدولة. وفي هذا المجال تتحدث الوثيقة عن عدد من السياسات منها، إنهاء وتسوية الخصومات القضائية بين الدولة والمواطنين والتي تبلغ ما يقارب نصف مليون قضية، وتحديث وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين عبر تسهيل عملية الحصول علي التراخيص واستخراج الأوراق الرسمية، وتحسين علاقة المواطن بمؤسسة الشرطة من خلال التوعية بثقافة حقوق الإنسان ورفع كفاءة الشرطة وتحسين نوعية التعامل مع المواطنين، وتحديث نظام الإدارة المحلية.
المحور الثاني يتعلق بما سمى بالعدالة الناجزة للمواطنين، حيث دعت الوثيقة إلى عدد من الإصلاحات التشريعية تتضمن تيسير قواعد وإجراءات التقاضي، ومراجعة قانون العقوبات لتدعيم ضمانات حقوق الإنسان، وتعديل قانون صندوق النفقة، وإصدار تشريع لحماية حقوق المستهلك، وإصدار قانون التعاون الموحد.
المحور الثالث يدور حول تحديث البنية الثقافية، وذلك وفقا لمنظومة قيمية ترتكز علي مركزية الهوية المصرية، وعلي قيم الوسطية الإيجابية، التي يرى الحزب أنها البديل لكل من الفكر القومي وفكر التيارات الإسلامية. وتدور هذه المنظومة حول ما يسمى بالقيم الثقافية الدافعة إلى التقدم والنهضة، والتي تستند علي العلم والتفكير العلمي والعقلاني كمنهج للتقدم، والتعددية الإيجابية التي تشجع علي التجريب والإبداع، وتعزز الحوار والتسامح، وتنبذ الأصولية الجامدة والتعصب والانغلاق، وتشجع المواطن على المشاركة والعطاء والتطوع. ووفقا لرؤية الحزب الوطني فإن الإصلاح لا يتم إلا في ظل تحول ثقافي، استنادا إلى افتراض أن التعجيل بالإصلاح السياسي في ظل مناخ ثقافي تسود فيه قيم الرجعية والأصولية والانغلاق علي الذات، ويتمتع فيه التيار الإسلامي بقدرة تعبوية وتنظيمية عالية سيكون له عواقب وخيمة قد تؤدى بمصر إلي سيناريو مماثل لسيناريو الجزائر 92. وهو ما رد عليه المعارضون لرؤية الحزب بأن الترهيب من عواقب الإصلاح ووضع الإصلاح الثقافي بديلا أو شرطاً للإصلاح الدستوري والسياسي الشامل ما هو إلا عذر بال، الهدف منه الحفاظ على الوضع القائم وتحييد أي قوة خارجية أو داخلية تنادى بالإصلاح، كما أنها تعمل فقط على الترهيب من قوة مفترضة للتيار الإسلامي، وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين المحظورة.
المحور الرابع، ويعنى بتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني في مسيرة الإصلاح، ويكاد يكون المحور الوحيد الذي يتلاقى فيه الحزب الوطني مع مطالب القوى السياسية الأخرى. حيث تدعو وثيقة الحزب إلي إزالة العقبات التي تواجه نشاط منظمات المجتمع المدني لتمكينها من تعبئة المواطن للمشاركة وتعميق عملية التحول الديمقراطي، وذلك عبر إعادة النظر في قوانين الأحزاب السياسية ومباشرة الحقوق السياسية، والقوانين المنظمة لعمل النقابات المهنية بغرض تحديثها ووضع حل لمشاكل الممارسة الديمقراطية.
ثالثا ـ دعوة الرئيس مبارك للحوار الوطني
أعطى الرئيس حسنى مبارك حيزا كبيرا من كلمته الختامية لمؤتمر الحزب الوطني لقضية الديمقراطية والمشاركة والإصلاح السياسي. حيث دعا إلي إعادة النظر في القوانين المنظمة لعمل النقابات المهنية بغرض تحديثها وتطويرها وتشجيع الكوادر النقابية من الشباب والمرأة علي المشاركة بفاعلية في العمل النقابي ودعم البناء المؤسسي للنقابات. وأكد على أهمية تحديث القوانين المنظمة لعملها ولمباشرة حقوقها السياسية. بما يخلق مناخا سياسيا وتشريعيا ينشط الحياة الحزبية ويدفع الأحزاب لإعادة بنائها المؤسسي والديمقراطي. ويذلل العقبات التي تواجهها. ودعا الرئيس في خطابه إلي التواصل مع كافة الأحزاب والقوى السياسية الأخرى بما فيها القوى المستقلة في حوار بناء يستهدف صالح الوطن ويسعى لإقامة حياة سياسية صحيحة ويضع أسسا قوية للممارسة الديمقراطية، مشيرا إلى أن الدعوة للحوار لن تقتصر على الأحزاب والقوى السياسية بل ستمتد لتشمل منظمات المجتمع المدني. وقد حدد الرئيس هدف هذه الدعوة للحوار الوطني في التمهيد لإعداد ميثاق شرف ينظم العلاقة بين الأحزاب السياسية ويحكم مبادئ وسلوكيات المنافسة وإدارة الحملات الانتخابية بما يضمن سلامة الأداء الحزبي على كل المستويات. وفي أعقاب هذه الدعوة، عقد أمين عام الحزب الوطني عددا من اللقاءات المغلقة مع رؤساء أحزاب الوفد والتجمع والناصري والأمة والاتحاد الديمقراطي، بينما تم استبعاد جماعة الإخوان بسبب ما وصف بعدم شرعيتها القانونية. وقد اتضح من المداولات الأولية بين الحزب الحاكم والأحزاب الأربعة تباينت ردود أفعال القوى السياسية لوثيقة حقوق المواطنة والديمقراطية ولدعوة الرئيس لحوار وطني ولنتائج الاجتماعات التحضيرية مع الأحزاب. حيث رحبت بعض قيادات الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني باهتمام الحزب المتزايد بقضايا حقوق الإنسان والمشاركة السياسية، وأثنت على موقف الحزب الداعي إلى الإصلاح السياسي التدريجي، ودعت إلى التفاعل الإيجابي مع هذا الموقف، والتحاور معه بدون مواقف حزبية مسبقة، وباعتبار أن مثل هذا الحوار من شأنه أن يزيد من مساحات التفاهم بين الأحزاب السياسية الشرعية، وبما يسمح بتغيير القوانين المتعلقة بالممارسة السياسية والحزبية، ويؤدى بالتالي إلى تعميق الممارسة الديمقراطية. لكن ظلت هناك أغلبية تنتمي إلى معظم الأحزاب السياسية المعارضة تشكك في الطريقة التي يدير بها الحزب الوطني عملية الإصلاح السياسي، حيث وجهت عدة انتقادات رئيسية إلى وثائق الحزب، منها أن ورقة حقوق المواطنة وخطاب الحزب الوطني بصفة عامة يركز على قضايا فرعية ويتجاهل الأسباب الحقيقية للجمود السياسي ولانصراف المواطن المصري عن المشاركة والعمل العام، وأنها تعكس الأولويات الأمريكية للإصلاح السياسي من قبيل التركيز على قضايا المرأة والمجتمع المدني وتغيير البنية الثقافية، وتضمنت الانتقادات أيضا أن الحوار الوطني وفقا للأسلوب الذي اتبعه الحزب الوطني مع الأحزاب الأخرى، من قبيل إجراء الاجتماعات مع رؤساء الأحزاب المعارضة في غرف مغلقة ودون خطة واضحة، قد تضمن أسباب فشله وتعثره حتى قبل أن يبدأ، إذ أن الحزب الحاكم أراد فرض أولوياته وطريقة تفكيره على الأطراف الأخرى، ولم يكن جادا في الاستماع لمطالبها والتواصل معها وتقديم التنازلات المناسبة لها. فضلا عن أن أي حوار وطني حقيقي لا يتم في ظل حالة الطوارئ التي تمنع الأحزاب من الاتصال المباشر بالجماهير العريضة وفي ظل هيمنة الحزب الحاكم علي وسائل الإعلام. كما أن الحوار استبعد قوى سياسية ذات ثقل، حتى وإن كانت محظورة قانونا، وبينما كانت دعوة الحوار الوطني حسب كلمات الرئيس مبارك توحي بشمولها كل القوى السياسية، فقد جاءت الجولات المحدودة التي جرت بين أمين الحزب الوطني ورؤساء الأحزاب الأخرى، كالوفد والتجمع والناصري، لتؤكد نوعا من التفاهم ولو الضمني على استبعاد حركة الإخوان من أي حوار سياسي، وتم تبرير ذلك بأن الإخوان اختزلوا الإسلام في تنظيمهم وهو ما يهدد الوحدة الوطنية، ويعتمدون على الخطاب الديني والطاعة العمياء للمرشد العام، وان وجودهم هو المبرر والمتكئة لاستمرار قانون الطوارئ وللسيطرة علي الانتخاب ولاستمرار رئاسة الرئيس مبارك للحزب الوطني فالانتخابات كآلية مشروعة ومقبولة لتحقيق التحول السياسى وإنجاز التغيير السياسى على نحو سلمى ، ونقل رغبات ومطالب المواطنين إلى الحاكمين ليتسنى تحويلها إلى مخرجات سياسية، وكأداة لحسم التناقضات والصراعات القائمة فى المجتمع، ولمحاسبة شاغلى السلطة بشكل دورى، وكضمانة لتقاسم السيطرة على السلطة بين الجماعات المختلفة وفقاً لأوزانها النسبية، فإنها تعد بذلك أفضل صور المشاركة وأكثرها فاعلية، وتعتبر مؤشراً جيداً على مدى التطور الديموقراطى، والوسيلة الوحيدة الكفيلة ليس فقط بدفع هذا التطور فحسب وإنما بصيانته وتأمينه أيضاً، وهو ما لا تتيحه ولا تستطيعه وسائل وقنوات المشاركة السياسية الأخرى.


*نشأة وتطور الأحزاب السياسية في مصر 1976-2005*
بعد انتهاء حرب عام 1973 ، سعى الرئيس الرحل أنور السادات إلى إتباع بعض السياسات الليبرالية على الصعيدين السياسي والاقتصادي ، فكان قراره بالانفتاح الاقتصادي عام74 ، والإعداد للتعددية التي بدأت عام 1974 بتطوير الاتحاد الاشتراكي منذ إعلان السادات ورقة أكتوبر في نفس العام . وقد انتهى هذا الأمر في عام 1975 بتأسيس ثلاثة منابر داخل الاتحاد الاشتراكي ، وهذه المنابر هي منبر الوسط (مصر العربي) بزعامة ممدوح سالم ، ومنبر اليمين (الأحرار الاشتراكيين) بزعامة مصطفى كامل مراد ، ومنبر اليسار (التجمع الوطني التقدمي الوحدوي) بزعامة خالد محي الدين . وفي 11 نوفمبر 1976 ، وعند افتتاح الدور الأول من الفصل التشريعي الثاني لمجلس الشعب ، أعلن الرئيس السادات تحويل تلك المنابر الثلاثة إلى أحزاب سياسية . وبعد ذلك ببضعة أشهر ، وفي يونيو 1977 تحديداً صدر قانون الأحزاب السياسية ، والذي أكد على أربعة مبادئ هي : -
(أولاً) ضرورة أن يكون من بين مؤسسي الحزب عشرون عضواً من أعضاء مجلس الشعب خلال الفصل التشريعي الذي بدأ في نوفمبر 1976.
(ثانياً) عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
(ثالثاً) الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية .
(رابعاً) حظر قيام أي حزب على أساس طبقي أو طائفي.
وفي صيف عام 1978، تأسس الحزب الوطني الديمقراطي على أنقاض حزب مصر، الذي أعلن اندماجه في الحزب الجديد. وقد ترأس هذا الحزب الرئيس السادات نفسه ، بعدئذ تحول كل أعضاء حزب مصر لهذا الحزب . وفي ذات العام نشأ حزبي العمل والوفد ، وكان الأول قد نشأ في يوليو 1978 بزعامة إبراهيم شكري الذي تولى رئاسة الحزب ومحمود أبو وافية عديل السادات الذي تولى منصب الأمين العام ، وقد تم ذلك كله بموجب رغبة الرئيس السادات لمواجهة المد اليساري الجارف لحزب التجمع بهذا الحزب الجديد ، واتهامه لأنصار "التجمع" بافتعال أحداث يناير 1977 الدامية . أما الوفد الذي نشا في 4 فبراير 1978 بزعامة فؤاد سراج الدين ، فقد جمد نشاطه بعد تأسيسه ببضعة أشهر وتحديداً في 7 يونيو 1978 ، احتجاجاً على القوانين الاستثنائية التي صدرت تقويضاً لحركته . وقد حذا "التجمع" حذو الوفد، في نفس العام، لكنه حصر نشاطه داخل مقره فقط. وقد استمرت حالة الاستقطاب الحزبي على أشدها عام 1979-1981 ، بعد توقيع اتفاقيتي كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ، وتزايد نفوذ رأس المال والفساد الاقتصادي والسياسي ، وتخلص السادات من معارضيه بمجلس الشعب بحله عام 1979 وتعديل قانون الأحزاب بشكل أكثر تشدداً ، بمنع تأسيس أي حزب يعارض السلام مع إسرائيل أو يعارض ثورة يوليو 1952 ، وقد تلا ذلك بعدة أشهر تحول حزب العمل لنقد السياسات الداخلية والخارجية للرئيس السادات بشدة . وتطورت الإحداث بشكل درامي إلى الحد الذي لم يعد يستطع فيه السادات الصبر على المعارضة ، فأعلن قرارات 5 سبتمبر 1981 التي أعتقل بموجبها 1536 من معارضيه من الأحزاب والقوى السياسية ، والغي ترخيص صحيفتي "الشعب"و "الأهالي" الناطقين باسم حزبي العمل والتجمع. ومع بداية عهد مبارك في أكتوبر 1981 ، شهدت الساحة السياسية درجة من الانفتاح السياسي عامة والحزبي خاصة ، وقد لعب القضاء دوراً في هذا الانفتاح ، حيث حكم بعودة الوفد في نهاية 1983 . وفي عام 1991 ، أصدرت دائرة الأحزاب بالمحكمة الإدارية العليا قراراً بتأسيس ثلاثة أحزاب هي "الخضر المصري" و "الاتحاد الديمقراطي" و "مصر الفتاة" ، بعد أن كانت لجنة الأحزاب القائمة بموجب قانون الأحزاب قد رفضت تأسيس الأحزاب الثلاثة . وفي 20 إبريل 1992 ، أصدر القضاء بعد رفض ذات اللجنة قراراً بتأسيس الحزب "العربي الديمقراطي الناصري" . وفي نفس العام، أصدر القضاء قراراً بتأسيس "حزب الشعب الديمقراطي"، وقرر عودة حزب "مصر العربي" لممارسة نشاطه. وفي يونيو 1993 أقر القضاء بتأسيس حزب " العدالة الاجتماعية"، وتلا ذلك قراره بقيام حزب "التكافل الاجتماعي". وقد وافقت لجنة الأحزاب في فبراير 2000 على تأسيس حزب "الوفاق القومي" وهو أول حزب يتم الموافقة عليه منذ منتصف التسعينات. وقد وصل عدد الأحزاب بذلك حتى نهاية 2007 إلى 24 حزباً سياسياً ، نشأت على أربع أجيال على النحو التالي :
- التعددية الحزبيةفي عهد الرئيس مبارك ( 1981- حتى الآن)
- تولي الرئيس مبارك مقاليد الحكم في مصر في 15 أكتوبر عام1981 فيظروف سياسية بالغة الصعوبة ، وكانت أولي مهام الرئيس هي العمل علي إعادة الاستقرارإلي البلاد بعد التوتر الذي شهدته المرحلة الأخيرة من حكم السادات . وقد حدثتانفراجة سياسية بعد تولي مبارك وذلك عن طريق الإجراءات التي اتخذها مثل الإفراج عنالمعتقلين السياسيين والالتقاء بهم ، وإعادة بعض الصحف إلي الصدور ، وتخفيف القيودعلي النشاط الحزبي . وقد ازداد عدد الأحزاب السياسية في مصر في عهد الرئيس مبارك منخمسة أحزاب في عام 1981 إلى 24 حزباً في الوقت الحالي تمارس نشاطها السياسي بكلحرية في إطار ضمانات قانونية وسياسية كاملة. -طبقا لنتيجة الاستفتاء بتاريخ 26-3-2007 تم تعديل المادة (5) من الدستور لتحظر قيام أو تأسيس أي حزب على أساس ديني وأصبح نص المادة كالتالي "يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطارالمقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور. وينظمالقانون الأحزاب السياسية. وللمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية وفقاً للقانون. ولا تجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية على أية مرجعية دينية أو أساسديني، أو بناء على التفرقة بسبب ***** أو الأصل." وتعديل المادة (76) من الدستورلتعطى للأحزاب السياسية فرصةً أكبر في الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية " ولكل حزب منالأحزاب السياسية التي مضى علي تأسيسها خمسة أعوام متصلة علي الأقل قبل إعلان فتحباب الترشيح‏ ،‏ واستمرت طوال هذه المدة في ممارسة نشاطها مع حصول أعضائها في آخرانتخابات علي نسبة‏(3%)‏ علي الأقل من مجموع مقاعد المنتخبين في مجلسي الشعبوالشورى‏، أو ما يساوى ذلك في أحد المجلسين‏،‏ أن ترشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاءهيئته العليا وفقاً لنظامه الأساسي متى مضت علي عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة عليالأقل‏.‏ واستثناءًا من حكم الفقرة السابقة‏،‏ يجوز لكل حزب من الأحزاب السياسيةالمشار إليها‏ ،‏ التي حصل أعضاؤها بالانتخاب علي مقعد علي الأقل في أي من مجلسينفي آخر انتخابات‏،‏ أن يرشح في أي انتخابات رئاسية تجرى خلال عشر سنوات اعتبارا منأول مايو‏2007،‏ أحد أعضاء هيئته العليا وفقاً لنظامه الأساسي متى مضت على عضويتهفي هذه الهيئة سنة متصلة علي الأقل‏.‏ "



م
اسم الحزب
تاريخ تأسيسه
1
الحزب الوطني الديمقراطي
1977
2
حزب الأحرار الاشتراكيين
1977
3
حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي
1977
4
حزب العمل الاشتراكي
1978
5
حزب الوفد الجديد
1978
6
حزب الأمة
1983
7
حزب مصر العربي الاشتراكي
1985
8
حزب الخضر المصري
1990
9
حزب الاتحادي الديمقراطي
1990
10
حزب مصر الفتاة ( مجمد حالياً)
1990
11
الحزب العربي الديمقراطي الناصري
1992
12
حزب الشعب الديمقراطي
1992
13
حزب العدالة الاجتماعية
1993
14
حزب التكافل الاجتماعي
1995
15
حزب الوفاق القومي
2000
16
حزب مصر 2000
2001
17
حزب الجيل الديمقراطي
2002
18
حزب الغد
2004
19
الحزب الدستوري الاجتماعي الحر
2004
20
حزب شباب مصر
2005
21
حزب السلام الديمقراطي
2005
22
حزب المحافظين
2006
23
الحزب الجمهورى الحر
2006


24
حزب الجبهة الديمقراطية
2007
وبعد خطوة الرئيس مبارك بتعديل المادة 76 من الدستور، كان لزاماً على السلطة التنفيذية أن تقوم ضمن خطى الإصلاح السياسي بتعديل بعض القوانين المرتبطة بدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومنها قانون الأحزاب السياسية. على أن هذا لم يحدث كما يتضح من تعديل قانون الأحزاب السياسية. ويتناول الجزء التالي قانون الأحزاب السياسية، أي الإطار القانوني الحالي لنشأة وعمل الأحزاب السياسية وممارسة نشاطها، كما يتطرق كلما لزمت الضرورة للوضع السابق للقانون لتوضيح طبيعة التطور القائم في ممارسة الأحزاب السياسية لنشاطها. ويوضح أيضاً القيود الأخرى المحيطة بالأحزاب السياسية، والنابعة من بيئتها الداخلية وبيئتها الخارجية.
أولاً: قانون الأحزاب السياسية
1- لجنة الأحزاب السياسية
أحال القانون في تأسيس الأحزاب السياسية إلى لجنة أسماها بلجنة شئون الأحزاب السياسية ، وتعتبر قرارات تلك اللجنة من الأهمية إلى حد أنها تعد جواز مرور لساحة العمل الحزبي الشرعي ، أي تحول التنظيم السياسي غير المؤسس قانوناً من كونه جماعة غير شرعية لحزب سياسي . وللجنة الأحزاب تشكيل وطريقة محددة في الانعقاد ، كما أن لها صلاحيات قننها القانون .
أ - تشكيل لجنة الأحزاب
تتشكل لجنة الأحزاب السياسية من 9 أعضاء هم رئيس مجلس الشورى (رئيساً) ، ووزير الداخلية ، ووزير شئون مجلس الشعب ، وثلاثة من بين الرؤساء السابقين للهيئات القضائية أو نوابهم من غير المنتمين إلى أي حزب سياسي ، وثلاثة من الشخصيات العامة غير المنتمين إلى أي حزب سياسي. ولعل الملاحظة الرئيسية على هذا التشكيل ، هي أن تلك اللجنة يغلب عليها الطابع الإداري والحكومي . فبداية، يلاحظ إن رئيس تلك اللجنة هو الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي. من ناحية أخرى ، تضم اللجنة وزير شئون مجلس الشعب والشورى وهو احد أعضاء المكتب السياسي للحزب الوطني ، كما تضم اللجنة وزير الداخلية و3 من القضاة السابقين يعينهم وزير العدل وهو عضو بالوزارة ، وأخيراً تضم اللجنة 3 من الشخصيات العامة يختارهم أيضاً وزير العدل بناء على كشف مسبق لدية معد سلفاً بأسماء الشخصيات العامة . ولعل ورود عبارة "الشخصيات العامة" بشكل مجرد ودون تحديد لمعنى هذه العبارة ، يجعل هناك إمكانية لضم أية أشخاص لقائمة الشخصيات العامة . وأخيراً ، كان التعديل الأخير لقانون الأحزاب قد أخرج وزير العدل من تشكيل اللجنة ، بدعوى أنه هو الذي يعين الشخصيات العامة ، على أن هذا الإجراء رغم إيجابيته لم يكن -بسبب ما تقدم من حجج- كافياً لوجود لجنة مستقلة ومحايدة . فتلك اللجنة في التحليل الأخير تتسم بالانحياز للسلطة التنفيذية وللحزب الوطني .
ب - انعقاد اللجنة
حدد القانون نصاباً معيناً لعقد لجنة الأحزاب، لضمان إحكام السيطرة على اللجنة وعلى اجتماعاتها، حتى لا تنفرد الشخصيات العامة بعقدها، إذا ما برزت لدى أي من هؤلاء نزعة استقلالية أو حيادية في التعامل مع القضايا المطروحة. حيث اشترط القانون وجود رئيس مجلس الشورى إضافة إلى ستة من أعضاء اللجنة التسعة، بغض النظر عن صفة وجودهم باللجنة. صحيح أن التعديل الأخير للقانون خفف من الشرط الموضوع في الصفة السابقة، والذي تضمن عدم عقد لجنة الأحزاب إلا بوجود رئيس مجلس الشورى ووزراء العدل والداخلية وشئون مجلس الشعب، إلا انه أبقى بعض القيود على صحة عقد اللجنة لاجتماعاتها. من ناحية أخرى، اشترط القانون نصاباً لعقد لجنة الأحزاب، لكن وضع النصاب هنا جاء في إطار القيد على اللجنة وليس على الحزب (تحت التأسيس) الذي تنظر اللجنة في تأسيسه، أي أن ما حدث يعد تغيراً إيجابياً وإن كان محدوداً. فبدلاً من حضور 62, 5% من أعضائها كما كان قبل تعديل القانون، أصبحت نسبة الحضور نحو 78%، وهو أمر إيجابي نسبي، لأن عدم عقد اللجنة بعد مضي 3 أشهر يعد موافقة على تأسيسه كحزب. ومن ثم فإن ارتفاع نسبة الحضور يعد معوقاً للانعقاد، ومن ثم إمكانية تمرير تأسيس الحزب. وجدير بالذكر، أن قانون الأحزاب تقليدياً قد أشار إلى أن تقرر لجنة الأحزاب الموقف النهائي من الأحزاب الطالبة التأسيس في غضون أربعة أشهر، وإذا تأخرت عن ذلك ، فإن ذلك يعد رفضاً .
2 - شروط تأسيس الأحزاب وسلطات اللجنة إزاء الأحزاب
وضع قانون الأحزاب شروطاً لتأسيس الأحزاب السياسية، كما وضع سلطات للجنة فيما يتعلق بعلاقاتها بالأحزاب القائمة بالفعل. أ - ومن حيث المبدأ فإن القانون اشترط طلب التصريح بالعمل مسبقاً؛ ولكنه جعل عدم رد اللجنة ضروري وخصت أعمدته إيذانا بتأسيس الحزب ، بخلاف النص السابق على التعديل الذي كان يجعل عدم الرد مفيدا عن النص، ولكن هذا التعديل ليس جوهريا ، ويظل للجنة القول الحسم.
ب - يشترط قانون الأحزاب أن تكون للحزب برامج تمثل إضافة للحياة السياسية وفق أهداف وأساليب محددة ، وتأتي هذه العبارة0 كبديل عن الشرط الموضوع في القانون السابق من "تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى" . وهذا الشرط قيد على تأسيس أحزاب جديدة ، رغم أن محكمة الأحزاب كثيراً ما صرحت بتأسيس عدة أحزاب سبق للجنة الأحزاب أن رفضتها بسبب هذا الشرط.
ج - وضع قيود إضافية على الأحزاب طالبة التأسيس، باشتراط إخطار كتابي موثق من 1000 عضو على الأقل من المؤسسين يمثلون 10 محافظات على الأقل بما لا يقل عن 50 عضواً من كل محافظة، وذلك بدلاً من النص السابق بالاكتفاء بـ 50 عضواً. صحيح أن التعديل الأخير ألغى الالتزام بأن يكون نصف عدد مؤسسي الحزب على الأقل من العمال والفلاحين كما كان في السابق، إلا أن ارتفاع عدد طالبي التأسيس يشكل قيداً. حيث أتي النص علي النحو التالي :- (يجب تقديم إخطار كتابي إلى رئيس لحنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها في المادة (Cool من هذا القانون عن تأسيس الحزب موقعاً عليه من ألف عضو على الأقل من أعضائه المؤسسين مصدقا رسمياً على توقيعاتهم ، على أن يكونوا من عشر محافظات على الأقل وبما لا يقل عن خمسين عضواً من كل محافظة ، وترفق بهذا الإخطار جميع المستندات المتعلقة بالحزب ، وبصفة خاصة نظامه الأساسي ولائحته الداخلية وأسماء أعضائه المؤسسين وبيان الأموال التي تدبيرها لتأسيس الحزب ومصادرها ، واسم من ينوب عن الأعضاء في إجراءات تأسيس الحزب . ويعرض الإخطار عن تأسيس الحزب والمستندات المرفقة به على اللجنة المشار إليها في الفقرة السابقة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم هذا الإخطار).
د - استمرار التعديل على نهج القانون الأصلي في تحويل الطعون على قرارات اللجنة من القضاء الإداري العادي إلى محكمة خاصة نص عليها القانون تشارك فيها شخصيات عامة، غالباً ما لا يكون لها نفس الثقل العلمي للقضاة.
هـ- رغم أن التعديل أشار لأول مرة لتبرعات الأشخاص الطبيعيين كمصدر شرعي لتمويل الحزب، إلا أنه قيد موارد الأحزاب في أكثر من موضع. فبداية، هناك تطابق بين القانون السابق والقانون الحالي بعد التعديل بإقرار الأخير بعدم جواز تلقي تبرعات من شخص اعتباري مصري. كما استمر تحريم قيام أية أحزاب بأنشطة تجارية أو استثمارية لتمويل نفقاتها .
و- إعطاء لجنة الأحزاب سلطة وقف نشاط الحزب من خلال إشارة القانون إلى أنه "يجوز للجنة طبقاً لمقتضيات المصلحة القومية وفي حالة الاستعجال أن تأمر مؤقتاً بوقف نشاط الحزب أو أحد قياداته". وبغض النظر عن سلطة اللجنة في الوقف وهو أمر يسهل انتقاده على وجه العموم، إلا أن ما هو أكثر إثارة أن يكون سبب هذا الوقف هو "مقتضيات المصلحة العامة" وهي عبارة تتسم بالعمومية إلى حد كبير.
ل - منح القانون الحق للجنة الأحزاب سلطة وقف نشاط الحزب بدعوى مقتضيات المصلحة القومية، وذلك استمراراً على نهج القانون، دون أعطاء الحزب حق الاستمرار في العمل بعد طعن يقدمه إلى محكمة الأحزاب خلال مدة محددة من صدور قرار اللجنة
م - أتباع ذات القواعد المخلة بعدالة التوزيع بين المواطنين ، والتي أدت إلى زيادة الثري ثراءاً والفقير فقراً بين الأحزاب السياسية ، إذ أقرت المادة 18 بـ 100 ألف جنية لكل حزب لمدة عشر سنوات ، تستمر الدولة في منحها للأحزاب الممثلة في أي من المجلسين ولو بمقعد واحد . كما تمنح الدولة 5 آلاف جنية للحزب عن كل مقعد يمثله في المجلسين ، وبحد أقصى نصف مليون جنية للحزب . وهكذا يصبح لحزب الأغلبية حالياً والذي يتمتع أصلاً بميزة كبيرة لتنوع مصادر تمويله، بتمويل سنوي من الدولة قدره 600 ألف جنية، مقابل أحزاب لا تحصل على أي تمويل من أي جهة.
3– الفرص التي أتي بها القانون بعد تعديله الأخير
جاء قانون الأحزاب بعد تعديله الأخير ببعض الفرص التي يمكن من خلالها تفعيل العمل الحزبي ، وذلك على النحو التالي : -
(أولاً) إلغاء شرط سبق وضعه في التعديل الثاني لنفس القانون عام 1979 (قانون رقم 36 لسنة 1979) ، باشتراط موافقة الأحزاب السياسية على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ، جدير بالذكر أن المحكمة الدستورية العليا سبق أن حكمت عام 1988 بعدم دستورية هذا النص . وعلى هذا الأساس ، يكون حذف هذا النص بمثابة إقرار بحكم المحكمة .
(ثانياً) إلغاء شرط كتابة تقارير دورية عن أية زيارات تقوم بها الأحزاب السياسية إلى الخارج .
(ثالثاً) إلغاء شرط حتمية عدم ممارسة أي حزب وهو تحت التأسيس لأي نشاط حتى لو كان ذلك في نطاق العمل على تأسيسه.الخ خ
(رابعاً) إلغاء شرط التزام الحزب بمبادئ ثورة يوليو1952 ، وما أسماه القانون بثورة مايو 1971 . كما ألغى شرط عدم تعارض مقومات الحزب مع النظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية ، وإن كان مما يشكل مفارقة في هذا الصدد ، هو بقاء الحديث عن تلك المكاسب في الدستور دون أن يطالها التعديل أيضاً .
(خامساً) إلغاء سلطة المدعى الاشتراكي على الأحزاب ، بإلغاء دوره في تخلف أو زوال أي شرط من شروط تأسيس الحزب . وقد كان هذا الأمر هو من الأمور التي تشكل تحصيل حاصل لأن معظم تلك القيود كانت ضمن قانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي رقم 33 لسنة 1978، و الذي ألغي بالفعل منذ عام 1994.
(سادساً) لم يجبر القانون الأحزاب بالإعلان في الصحف عن أية تبرعات يجيزها القانون ، فيما يبدو أنه تخفيف من الأعباء التي تقع على عاتق الحزب بهذا الالتزام ، ورفعاً للحرج من نشر أسماء المتبرعين ، خاصة أن قيمة الإعلانات قد تتجاوز في بعض الأحيان حجم التبرعات . إضافة إلى ذلك ألغى التعديل مسئولية رئيس الحزب عما يصدر في الصحيفة إلى جانب مسئولية رئيس التحرير ، وهو الأمر الذي أدى في السابق إلى ملاحقة رؤساء أحزاب المعارضة في ردهات المحاكم . جدير بالذكر أن تلك المسئولية أضيفت للقانون في عهد الرئيس السادات وحكمت المحكمة الدستورية العليا في يوليو 1995 بعدم دستوريتها .

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12654996

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 34

الأوسمه :

 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر 1384c10


الأوسمة
 :


 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر    آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر I_icon_minitime23/9/2011, 11:34

خيارات المساهمة


ثانياً: القيود الداخلية والخارجية المحيطة بعمل الأحزاب السياسية
هناك جملة من القيود العملية التي تعوق حركة عمل الأحزاب السياسية من حيث الممارسة ، وهذه القيود تختلف شدة وطئتها من حزب إلى آخر ، لكنها إجمالاً تشكل قيوداً عامة أو شبة عامة تتعرض لها الأحزاب السياسية (والمعارضة منها تحديداً) ، ويمكن إجمال أهم هذه القيود فيما يلي:-
1 – قيود النظام السياسي
أدت القيود التي يفرضها النظام السياسي على الأحزاب السياسية المعارضة إلى بقاء تلك الأحزاب خارج المنظومة الإدراكية للمواطن المصري ، خاصة وأن غالبيتها لا يصدر صحفاً .وتتعدد القيود التي يفرضها النظام السياسي في هذا الشأن ، وهذه القيود أدت بالفعل إلى وضع العديد من المصاعب أمام حركة أحزاب المعارضة الأكبر نسبياً من غيرها . وتنقسم القيود التي تقف في مواجهة الأحزاب إلى قيود قانونية ، وقيود غير قانونية . ويرتبط النوع الأول بجملة من القوانين على رأسها قانون الطوارئ ، الذي يحظر تنظيم تجمعات ومؤتمرات حزبية إلا بعد اتخاذ إجراءات محددة . أما النوع الثاني من القيود ، فهو قيود غير قانونية ، ويرتبط بمنع استفادة الأحزاب السياسية المعارضة من الموارد القومية التي يجب أن تتاح للجميع على قدر من المساواة ، دون تفرقة بين حزب حاكم وحزب معارض . وفي هذا الصدد ، يبرز على سبيل المثال ، قلة ظهور أحزاب المعارضة في وسائل الإعلام المملوكة للدولة ، وتوظيف مخصصات الإدارة المحلية للحزب الوطني وحده خاصة إبان الانتخابات . وإذا كانت تلك الأمور هي ما تشكو منه أحزاب المعارضة الكبيرة نسبياً، فكيف يكون الحال بالنسبة للأحزاب الصغيرة، التي لا يعلم المواطن عنها إلا أقل القليل
2 – مشكلة التنظيم الحزبي
سوف يتم الحديث عن مشكلة التنظيم في الأحزاب المصرية بشكل مفصل لاحقاً ، على أن ما هو مقصود بتلك المشكلة إجمالاً ، هو أنه بالرغم من أن الأحزاب المصرية جميعها يمتلك تنظيماً وهيكلاً إدارياً ، إلا أن هذا الوضع لا يعدو أن يكون أمراً نظرياً ، تسطره كافة الأحزاب في أوراق تأسيسها ، بغية تمرير عملية التأسيس دون أية معارضة من الجهة القائمة على تأسيس الأحزاب في مصر وهي لجنة الأحزاب السياسية . وفي هذا الشأن ، فإن غالبية الأحزاب هي أحزاب أقرب في تعاملاتها الداخلية إلى النمط العائلي . إذ أن الكثير من مؤسساتها يتألف بالتعيين ، أو بانتخابات يطعن في نزاهتها آخرون من داخل الحزب ، كما أن الكثير من دماء تلك التنظيمات قد أصابها الجمود والتجلط ، بحيث لم يعد هناك تصعيد وحراك نخبوي أو تجديد للدماء . إضافة إلى ذلك فإن الكيانات التنظيمية للحزب كالمؤتمر العام القومي ، والأمانة العامة ، وغيرها من المسميات كالمكتب السياسي ، وأمانات المحافظات، واللجان الموضوعية ، لا تنعقد بشكل دوري ، وأحيانا كثيرة لا تنعقد على وجه الإطلاق في بعض الأحزاب وعلى أية حال ، فقد أدى ضعف الهياكل التنظيمية للأحزاب ، وتدهور دورة المعلومات بها ، إلى المزيد من ترهلها وفقدانها ثقة المواطنين بها ، لا سيما مع افتقاد بنيانها الداخلي لكل ما استصرخت به السلطة التنفيذية من شعارات حول تداور السلطة في مؤسسات الدولة ، والنزاهة ومواجهة الفساد ، والتغلب على هيمنة القيادة على كافة المستويات ، والدعوة إلى تجديد النخبة على مستوى الوزراء وعلى مستوى الهيئات والمؤسسات العامة ، ورفض التعيين في الكيانات التي يفترض تشكيلها بالانتخاب .
3 – أزمة القيادة
تتمثل أحد مشكلات الأحزاب المصرية في وجود أزمة قيادة طاحنة داخل غالبيتها . وترتبط أزمة القيادة بأمر أساسي يسبقها ، يتعلق –كما سبق ذكره- بضعف وهشاشة المؤسسات السياسية ، وعجزها عن التدخل لوقف أوتوقراطية الزعامة الحزبية ، نتيجة لضعفها بسبب عدم دورية انعقادها ، أو شلليتها ، أو طريقة تشكيلها من عناصر قد تكون معينة من قبل رئيس الحزب …الخ . أما فيما يتعلق بلحظة وقوع أزمة القيادة، فهو يرتبط عادة بخروج القيادة الحزبية من الحياة السياسية (غالباً نتيجة الوفاة)، تاركة الحزب خلفها دون قيادة بديلة منتخبة من مؤسسات الحزب. وعادة ما تكون تلك القيادة، هي القيادة التي أسست الحزب. أما الشكل الآخر من أزمة القيادة، فيرجع إلى صراع رئيس الحزب نفسه مع قيادات الصف الثاني. ويتمثل السبب الأكثر شيوعاً في بروز أزمة القيادة داخل الأحزاب المصرية ، في وجود غبن حقيقي أو متصور واقع على تلك قيادات الصف الثاني، بسبب هيمنة مؤسس أو رئيس الحزب على ناصية القرار بالحزب ، ورفضه مشاركة الآخرين في القيادة ، وتجميده من الناحية العملية لمؤسسات الحزب . وقد يكون السبب مجرد الرغبة في الاستيلاء على الدعم السنوي للحكومة للأحزاب المصرية ، أو الرغبة في الوجاهة . وفي جميع الأحوال يكون الصراع المتبادل صراعاً على النفوذ وليس على إعمال المبادئ، الأمر الذي يستدعي من قيادات الصف الثاني الغاضبة القفز على قيادة الحزب ، سواء كانت تلك القيادة على رأس الحزب ، أو عقب خروجها من الرئاسة ، وذلك قبل أن يقوم الآخرين بذلك ويتمثل المظهر العام لأزمة القيادة أو سيناريو أحداثها داخل الأحزاب التي تعاني من تلك المشكلة ، في وجود الصراع بين أعضاء الحزب الذين ينقسموا بدورهم بين مؤيد لهذا الطرف أو ذاك . ووفقاً لتسلسل الأحداث ، فقد تقوم الأطراف المتصارعة بدعوة تنظيمات الحزب للاجتماع ، في محاولة لكسب كل منهم شرعية الوجود على رأس الحزب ، الأمر الذي ربما ينتهي إلى تدخل لجنة الأحزاب السياسية -المنشأة وفقاً للقانون 40 لعام 1977 سابق الإشارة إليه- وتجميد نشاط الحزب ، بعد أن يطلب كل طرف اعتماد انتخابه على رأس الحزب
4– دور الصحافة الحزبية
سادت مقولة منذ بداية التجربة الحزبية في مصر عام 1976 ، تعبر عن الحال الجذري للأحزاب السياسية وجهل الجماهير بها ، وحتى أن المواطن المصري لا يعرف من الأحزاب السياسية سوى صحفها ، فهو لا يدري إلا بوجود حزب مايو وحزب الأهالي وحزب الشعب …الخ . وإذا كان هذا الوضع الشائك هو حال الأحزاب الكبيرة نسبياً وجميعها يصدر صحفاً ، فماذا يمكن أن يتخيل الشخص بالنسبة لحال الأحزاب المصرية الصغيرة ، وأغلبها لا يصدر صحفاً .من ناحية أخرى ، فإن معظم الصحف الحزبية تعاني من أزمة كبيرة ترتبط بهيمنة رؤساء الأحزاب عليها أو بنقص التمويل ، وضيق الكوادر المهنية ، ونمطية وبيروقراطية الأداء ، وترهل هياكلها الإدارية ، وزيادة العمالة ، وضعف الرقابة الشعبية ، وغياب الشفافية ، الأمر الذي أدي بالتالي إلى تراجع نسب توزيع تلك الصحف ، ومن ثم انخفاض عدد القراء . جدير بالذكر ، أن الأحزاب السياسية التي نشأت حديثاً تتفاقم فيها تلك المشكلة مقارنة بالأحزاب التي سبقتها . فهناك أحزاب لا تصدر صحفاً مثل الخضر المصري ، ومصر 2000 والجبهة الديمقراطية . ومنها من لا يصدر صحفاً بسبب تجميده ، مثل حزب مصر الفتاة ، وحزب الشعب الديمقراطي ، ،. أما الأحزاب الصغيرة التي تصدر صحفاً ، فهي أحزاب الأمة ، والتكافل ، والاتحادي الديمقراطي والجيل ، ويصدر كل منها صحيفة واحدة .وقد اصدر الحزب الدستوري الاجتماعي صحيفته خلال فترة الانتخابات الرئاسية ثم توقف عن الصدور.والوفاق القومي وحزب العدالة الاجتماعية
5 – ضعف التمويل
تتسم الأحزاب السياسية المصرية بصغر حجم أعضاؤها ، وقد أثر هذا الحجم المحدود على فعالية وحجم تلك الأحزاب في الساحة الحزبية المصرية . وقبل تعديل قانون الأحزاب السياسية كما سبق ذكره ، كان الحزب يحصل مهما كان حجمه على 50 ألف جنية من الدولة سنوياً ، نظير القيام بنشاطه ووظائفه ، كما يحصل كل حزب له عضو في مجلس الشعب أو مجلس الشورى على ألف جنية سنوياً عن كل ممثل له في أي من المجلسين . ومما لا شك فيه ، أن تلك الأموال لا تمثل الكثير بالنسبة لأحزاب المعارضة ، في ظل محاولاتها القيام بأنشطتها ، من اجتماعات ، ومؤتمرات ، وتقديم نظير للخدمات العامة التي تقدم إليها ، وطبع الصحف…الخ . ولذلك تسعي بعض الأحزاب للحصول على مصادر أخرى للتمويل ، فيعتمد الوفد ، الذي يرفض الحصول على دعم الدولة ، على سبيل المثال على تبرعات أنصاره التي وضعت في شكل وديعة مصرفية فينفق الحزب من عائدها . ولكن تم إنفاق الجزء الأكبر من هذه الوديعة على حملة الانتخابات الرئاسية في الوقت الذي لا يجد الحزب تبرعات جديدة بسبب الأزمة الداخلية المحتدمة . أما الحزب الوطني ، فنتيجة للتداخل الشديد بينه وبين مؤسسات الإدارة المحلية ،كان يحصل على تمويله من تلك الإدارات قبل بدء الإصلاح في مؤتمره العام الثامن عام 2002 ، حيث بدا في الاعتماد على أعضائه خصوصاً من رجال الأعمال.


لهذا نتطرق إلي العوائق أمام هذه الأحزاب

العوائق الرئيسية أمام رفع مستوى الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب تعود إلى: محورية دور الرئيس أو الزعامية، وعدم شيوع قيمة المساءلة وتوجيه النقد، وضيق مجال المشاركة في صنع القرار، ومحدودية التغيير في المستويات القيادية، ومحدودية الممارسة الانتخابية المجدية قد يكون من قبيل السمات العامة في الأحزاب المصرية الضعف التنظيمي والهيكلي، وعدم الاهتمام بعملية التربية السياسية للكوادر والقيادات. وهذا يعود إلى حداثة التجربة الحزبية بوجه عام (1976 - 2009) وحداثة بعض الأحزاب التي ظهرت في الحياة السياسية مؤخراً، كما يعود إلى ظروف البيئة السياسية والقيود المفروضة على الحياة الحزبية. وهذه الظروف في مجملها أثمرت عدة ظواهر منها: عدم التوازن بين الحزب الوطني الحاكم باعتباره حزباً كبيراً وأحزاب أخرى بالغة الصغر والمحدودية، وغياب الفروق بين برامج وتوجهات الأحزاب السياسية بالشكل الذي يجعلها لا تصلح كبدائل من وجهة نظر الناخبين، وغياب الممارسة الديمقراطية السليمة داخل الأحزاب، وتركيز عملية صنع القرارات فيها في دائرة ضيقة تشمل رئيس الحزب وعدداً محدوداً من نخبته. وفي المنظور العام فإن الأحزاب المصرية لم تقم بوظيفتها بدرجة مؤثرة في التعبير عن مصالح القوى السياسية، ولم تطرح السياسات والبرامج التي تحيي الحياة السياسية وتنعشها. ويحد من تأثيرها كذلك كثرة الشقاقات الداخلية والمعارك التي تدور أساساً حول النفوذ والمصالح الخاصة داخل هذه الأحزاب. وبالطبع فإن الإشكالية بالنسبة للحزب الوطني الديمقراطي تصبح أكثر عمقاً وتأثيراً، باعتباره الحزب الحاكم وصاحب التأثير الأعمق في مسار التجربة السياسية المصرية سلباً وإيجاباً. وبالنظر إلى القضايا التي تناولتها الدراسة وبالنظر إلى القضايا التي تم تناولها لإلقاء الضوء داخل الحزب الوطني الديمقراطي فإنه يمكن القول إن هذه الممارسة تشوبها الكثير من النواقص وتحتاج للكثير من التطوير والتغيير والتنقية سواء على مستوى البنية التنظيمية للحزب، أو على مستوى نوعية السياسات وأسلوب العمل الداخلي. من ناحية أخرى، يمثل الحزب الوطني في الحياة السياسية نموذجاً للحزب المسيطر والذي تنبع سيطرته من "الهيكل الدستوري البيروقراطي للدولة" فالحزب مندمج في "هيكل الدولة". ويلفت جهاد عودة الانتباه إلى ما يطلق عليه "التوحد بين السياسي والحزبي بسبب المنصب البيروقراطي". فالنموذج الأساسي يتمثل في هيمنة السلطة التنفيذية على مقادير الدولة، ويكمن ذلك في "تنصيب وتمثيل قيادات الدولة التنفيذية. في المناصب العليا للحزب (الرئيس - الأمين العام - أمين التنظيم - أمين الإعلام - أمينة المرأة - أمين العمال - أمين الفلاحين - أمين الشباب) هذا إلى جانب أعضاء المكتب السياسي"(38). ولعل السؤال الذي يمكن طرحه في هذا السياق هو:


هل هناك علاقة بين الديمقراطية داخل الأحزاب، وديمقراطية النظام السياسي؟
تذكر إحدى الدراسات أن الأحزاب المصرية المعاصرة حققت درجة ملحوظة من الممارسة الديمقراطية ولو المحدودة، وذلك بالمقارنة مع الأحزاب التي عرفتها مصر في مرحلة ما قبل 1952، وذلك على الرغم من أن "نظام الديمقراطية المقيدة" الذي تعيشه مصر منذ عام 1976، ينطوي على تراجع في مستوى التطور الديمقراطي بالمقارنة مع مستوى الديمقراطية الذي كان موجوداً في الفترة من 1923 - 1952 وبناء على ذلك، فقد استنتجت الدراسة أنه "لا توجد صلة ضرورية بين التطور الديمقراطي في نظام الحكم وفي مؤسسات المجتمع، لأنه لا علاقة آلية بين نمط السلطة في كل منهما. نقطة البدء في التعثر الديمقراطي العام تعود بطريقة مباشرة -سواء في مؤسسات المجتمع ومنها الأحزاب أو في النظام السياسي- إلى افتقار الاثنين إلى وجود النخب المؤمنة إيماناً حقيقياً ومخلصاً بالديمقراطية قيمة وممارسة” والحقيقة أن مثل هذا التحليل، وإن كان يصدق على بعض النماذج السابقة والحالية، إلا أنه بالنسبة للظروف الحالية في مصر، نرى أن هناك علاقة أكيدة ومباشرة بين تعثر ديمقراطية النظام، وهبوط مستوى الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب المصرية. إن العوائق الرئيسية أمام رفع مستوى الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب تعود إلى: محورية دور الرئيس أو الزعامية، وعدم شيوع قيمة المساءلة وتوجيه النقد، وضيق مجال المشاركة في صنع القرار، ومحدودية التغيير في المستويات القيادية، ومحدودية الممارسة الانتخابية المجدية. ولن تختلف كثيراً حول أسباب تعثر الممارسة الديمقراطية في النظام السياسي عما هي عليه في مؤسسات المجتمع ومنها الأحزاب. على أن درجة التشابه في أسباب التعثر الديمقراطي ليست هي محور العلاقة بين الجانبين، وإنما هناك أيضاً وفي الحالة المصرية تحديداً، القيود التي يفرضها النظام على النشاط الحزبي، والمناخ السياسي العام غير المشجع على إشاعة قيم ومبادئ وآليات الممارسة الديمقراطية، وذلك كله مما يجعلنا نعود ونتفق مع الدراسة المشار إليها والتي لم تجد بداً من الاعتراف بأن "انخفاض مستوى التطور الديمقراطي في الأحزاب وفي النظام السياسي، معاً يثير مشكلة أكثر عمقاً تتعلق بالتطور التاريخي للمجتمع والدولة إجمالاً" ، وإن كنا نضيف على ذلك أن نقطة البدء في التعثر الديمقراطي العام تعود بطريقة مباشرة -سواء في مؤسسات المجتمع ومنها الأحزاب أو في النظام السياسي- إلى افتقار الاثنين إلى وجود النخب المؤمنة إيماناً حقيقياً ومخلصاً بالديمقراطية قيمة وممارسة. لكن بالرغم من الخطوات الكبيرة نحو حل مشكلة الديمقراطية على وجه لا تمكن مقارنته بما كانت عليه مصر منذ حكم الفراعنة حتى حكم الملوك ، فإن المشكلة ، مشكلة الديمقراطية ، كانت قد زادت حدتها ،ضعافاً مضاعفة عام 1971 عنها عام 1952 أو ما قبله من أعوام . لماذا ؟ " بكل الأحوال ، كان الانجاز البشري من أروع الانجازات الديمقراطية للثورة ، لأنه استولد الشعب العملاق النائم ، جيلاً يقظاً ، واليقظة الشعبية أولى شروط الديمقراطية نظاماً ، والديمقراطية ممارسة ، وهكذا ، عندما جاءت سنة 1971 كان في مصر شعب أكثر تمسكاً بحقه في الديمقراطية من شعب 1961 ، ومن شعب 1956 ، ومن شعب 1952 لأن موجة الوعي الشعبي كانت في تصاعد مستمر بفعل الثورة ذاتها ، وكان لا بد من أن تحل مشكلة الديمقراطية في شعب شبابه جيل يقظ لا يقبل أنصاف الحلول ، أو الانتظار .


السمات العامة في الأحزاب المصرية الضعف التنظيمي والهيكلي، وعدم الاهتمام بعملية التربية السياسية للكوادر والقيادات

. وهذا يعود إلي حداثة التجربة الحزبية بوجه عام (1976 - 2009) وحداثة بعض الأحزاب التي ظهرت في الحياة السياسية مؤخراً، كما يعود إلي ظروف البيئة السياسية والقيود المفروضة علي الحياة الحزبية. وهذه الظروف في مجملها أثمرت عدة ظواهر منها: عدم التوازن بين الحزب الوطني الحاكم باعتباره حزباً كبيراً وأحزاب أخري بالغة الصغر والمحدودية، وغياب الفروق بين برامج وتوجهات الأحزاب السياسية بالشكل الذي يجعلها لا تصلح كبدائل من وجهة نظر الناخبين، وغياب الممارسة الديمقراطية السليمة داخل الأحزاب، وتركيز عملية صنع القرارات فيها في دائرة ضيقة تشمل رئيس الحزب وعدداً محدوداً من نخبته. وفي المنظور العام فإن الأحزاب المصرية لم تقم بوظيفتها بدرجة مؤثرة في التعبير عن مصالح القوي السياسية، ولم تطرح السياسات والبرامج التي تحيي الحياة السياسية وتنعشها. ويحد من تأثيرها كذلك كثرة الانشقاقات الداخلية والمعارك التي تدور أساساً حول النفوذ والمصالح الخاصة داخل هذه الأحزاب. وبالطبع فإن مشكلة الحزب الوطني الديمقراطي(الحاكم) تصبح أكثر عمقاً وتأثيراً، باعتباره الحزب الحاكم وصاحب التأثير الأوحد في التجربة السياسية المصرية سلباً وإيجاباً.
المعارضة المصرية ذات أهداف متباينة وبإختلاف هذه الأهداف تختلف تحركات كل فريق منها وطريقة تناوله للواقع
ويهمنى فى هذا البحث أن أتناول تقسيمها من حيث أهدافها لا من حيث الإيدلوجيه التى يتبناها كل فريق كما يهمنى أن أضع لها بعض المعالم من وجهة نظرى ربما تفيد فى حركتها المستقبلية وتحدد الأهداف عادةً شكل المعارضة وطرق تناولها وتعاملها مع الواقع وهى من هذا الجانب علي أنواع ثلاثة :
فأما النوع الأول :
فقد ولد محدود الأهداف وينحصر الهدف عنده فى مجرد البقاء حياً فى الواقع السياسى بأى صورة من الصور . وهو يعلم أن سر صناعته ووجوده مرهون برغبة النظام الحاكم كما أنه يعلم أن الشكل الحزبى فى مصر ما كان إلا لخدمة الفكرة الشمولية وصياغة قوالب جديدة بهدف إحتكار السلطة وديكتاتورية القرار وهو يعلم أيضاً أن الديكتاتوريه قد تحتاج إلى بعض العلامات الظاهره لمحاكاه الدول الديمقراطيه ولأن هذه الأنظمة الشمولية قد وقفت عند نقطة الصفر مما يضطرها إلى إعادة صياغة الديكتاتورية بصورة مستحدثة وبهدف صناعة الستار الوهمى عند الحديث الإعلامى فهى قد أنشأت هذا النوع من الأحزاب ومنحته وظيفة "معارضه"ويرضى هذا النوع من المعارضة بأن يقوم بدور المساهم فى صياغة هذا الواقع وخدمته برغبته وإرادته وبالإتفاق مع السلطه الحاكمه وذلك مقابل تحقيق أهداف محدده لنفسه أغلبها يدور حول رغبات ذاتيه ونفسيه أهمها الرغبه فى البقاء فى دائرة الضوء ولا يستطيع هذا النوع من المعارضة أن يخرج عن الدور الذى أعد له بأى صوره من الصور كما أنه من المستحيل أن يتحرك داخل دائره الرفض السياسي وإنما قد يحاول أن يشكل معارضه من خلال الإعتراض المنظم فى إطار الشكل الحاكم وهى دائره أقرب إلى دائره إبداء وجهات النظر ... وتأتى محدودية العضوية فى هذا النوع من الأحزاب كعنصر مؤكد لهذا المعنى ومدعم له وهذا الإطار يشكل النوع الأول من المعارضه المصريه وهم غالبية الأحزاب المصنوعة بواسطة لجنة الأحزاب المصرية وهى المعبره بالطبع عن التوجه السياسى الحاكم وأهدافه وأسلوب عمله فى كل مرحله . وبسبب انحصار وانحسار هذه الأحزاب والأشكال المعارضه فى هذا الإطار وفى هذا الهدف الوحيد فإن دراسة حركته وأشكاله يكون خارج نطاق الإحتياج العلمى.... أو التحليلى إذ لا تأثير له فى الحياه السياسية الحالية أو المستقبلية كما أنه يختفى من دائره النضال الوطنى ليشكل الإطار التكميلى للنظام الحاكم الذى يستعين به ويحتاج إليه ويتعامل معه بإطمئنان شديد لسببين الأول منهما أن هذا النوع من المعارضه لا يملك فى حقيقه الأمر أى ايديولوجيه خاصه والثانى أن حدود العضويه فى الحزب المصنوع تكاد تنحصر فى مجموعة من الأفراد المتفاهمين حول هذا الهدف أو حتى بين مجموعه من أبناء العائلة الواحدة .
أما النوع الثانى:
ويمثله فريق حزبي قد تنوعت أهدافه ... بصورة واضحه ... ولم تعد قابله للإختباء أو التوارى وهذا الفريق يرغب فى تحقيق معارضه حقيقية لنظام يتعارض معه ايدلوجيا ...إلا أنه وفي ذات الوقت يرغب فى معارضة الكثير من الأفكار السياسية الأخرى المشاركه له في جبهة المعارضه لهذا النظام الحاكم سواء أن اتخذت الشكل الحزبى أو اتخذت هذه الأفكار شكل جماعه أو ظهرت على هيئة تيار شعبى يتعارض فى ايدلوجتيه مع هذا الفريق من النوع الثانى ومن أمثلة هذا النوع الثانى حزب التجمع المصري بسياسته الحاليه . والذى قد يتعارض ايدلوجياً مع النظام القائم والحاكم كما أنه قد يصفه بأوصاف تجعل منه شكلاً من أشكال الأنظمة المستبده إلا أنه فى ذات الوقت لا يصل فى حجم معارضته ورفضه لهذا النظام إلى التأثير فيه أو إضعافه أو الحد من قدرته إلى درجة العجز ويرجع ذلك إلى أن عداء هذا الحزب بتوجهه الحالى للفكر الإسلامى السياسي مثلاً يصل إلى حد من التعارض الجذرى يفوق تعارضه مع الحزب الحاكم . ولهذا فقد يختلف هذا الحزب مع النظام الحاكم مجرد إختلاف إلا أننا عندما نصف هدفه فى مواجهة المعارضة الإسلامية بأشكالها المختلفه وخاصةً فى مواجهة " جماعة الإخوان المسلمين " نجد أن نظرة هذا الحزب إلى هذه الحركة تصل إلى حد التعارض فى البقاء فلا هو يثق في ديمقراطية هذه الجماعه ولا هو يثق حتي في صدق نواياها وحتي لا يستهان بأثر هذا الفصام علي الحركه الإسلاميه فإننا نقرر أن أثرها يشكل خطراً علي إستمرارية الحركه الإسلاميه وتحقيق معدلاتها . وتأتى أهمية وخطورة هذه النظره وسلبيتها على التيار الإسلامى إلى قوة حزب التجمع الواقعية وهى قوة لا تقاس بعدد الأعضاء ولا شك كما لا تقاس بقوة التأثير فى الشارع السياسى ولا بقوة الخطاب فكل هذه الوجوه من القوة قد حرمت منها الأحزاب المصرية جميعاً إما بفعل النظام المصرى وتأثيره وقراراته وإما لضعف لغة الخطاب الخاصة بهذه الأحزاب وإفتقادها إلى عناصر الإنتشار . وإنما تأتى قوة حزب التجمع من خلال الإنتماء إلى الجماعة العلمانية المصرية والمفرطه فى مدنية الدولة والمتفقة من حيث الهدف العام على رفض المنطق الديني فى تسييس الأمور والتى يصل حجم رفضها إلى وصفها للفهم الدينى أو للحركة الإسلامية بأنها رده سياسية وإجتماعية لا تستحق المخاطره أو المناقشة ولعل هذا الإنتماء إلى الجماعة العلمانية يجعل من حزب التجمع حزباً محل حمايه وتأييد على المستوى الحكومى وعلى المستوى الثقافى وكذلك على مستوى الكثير من أهل الصفوه والمال والتأثير فى القرار فضلاً عن الحمايه الدوليه وبهذا الميزان أيضاً نستطيع أن نزن " حزب الوفد " والذي لن يصل بمعارضته للنظام القائم إلى تجاوز حد التفاهم أو العمل ذى الأثر البعيد فكلا الحزبين ينظر إلى ما يسميه بالمرجعية الإسلاميه ثم إلى الإخوان المسلمين ثم إلى الفكر الدينى بصفه عامه على أنهم حالة رده إجتماعيه تقوض أركان المجتمع وتشكل خطراً مستقبلياً...بينما ينظر كل منهما إلى النظام القائم على أنه مجرد نظام يخالف أصول اللعبة الديمقراطية . وهذالنوع من المعارضة يشكل النسبة الغالبة من الاحزاب ذات التأثير ويدخل على قائمتها الحزب العربى الناصرى أيضاً والذى قد لا يظهر بين اوراقه أو تحركاته هذه النظره الغارقه فى العداء مع الفكر الإسلامى بصورته السياسية كما تعبر صحافته عن قدر اكبر من التعارض مع النظام السياسى القائم قد تصل الى درجه التأثيرفى وجود هذا النظام إلا أنه مع ذلك يرفض البديل الإسلامى بكل مظاهره . كبديل حاكم. أو متحكم . وإنما قد يقبله كمشارك فى صياغة القرار فى دولة المستقبل كمشاركه محدوده. ومن هنا يجب التعرض إلى مفهوم عام لدى هذه الأحزاب مجتمعة فى مواجهة الفكر الإسلامى .. بصفة عامة وفى مواجهة تطبيقات حركة "الإخوان المسلمين" لهذا الفكر بصفه خاصه تتلخص فى ثلاثة بنود :
1. فقد تتفق رؤية هذه الأحزاب على أن الخطر الأكبر عندها يكمن فى أن تكون مرجعيه الفكر الدينى هى البديل إلا أنها قد تتفاوت فى تعارضها مع الإخوان المسلمين بدرجات مختلفة حتى إن جمعهم مجرد التعارض وقد ظهر هذا الخلاف في الرفض الجماعي لما أعلنه برنامج الإخوان المسلمين الحزبي حول دور المرأه والأقباط وهيمنة رجال الدين علي القرار.
2. كما تتفق هذه الأحزاب على أن الفكر الإسلامى والإخوان المسلمين وحتى التيار الإسلامى المستقل فى مصر لم يتفقوا بعد على صياغة واحدة لمفهوم الدولة المدنية ... أو حتى مجرد الخطوط العريضة بل إن صدور مشروع البرنامج الحزبى للإخوان المسلمين دلل على أن هذا الأمر لم يتم حسمه حتى داخل أروقة الجماعة الواحده ....
3. كما اتفقت هذه الأحزاب على أن ركوب التيارات الإسلامية لقطار الديمقراطية إنما هو ركوب مؤقت وأن تلك المطالبه الساميه بالديمقراطيه التي تصدر منهم . لن يزاملها تطبيق مماثل إذا ما حكمت مصر هذه التيارات المتعددة وأن تطبيق حركة الإخوان المسلمين لهذه النظرية السياسية فى النقابات والمجتمعات والمنتديات التى حظى الإخوان فيها بأغلبية قادرة على صياغة القرار كالنقابات المهنية أو التجمعات الإنتخابية لم تظهر فيها روح المشاركة أو اختيار الأكفأ أو التعاون الديمقراطى المثمر حول أهداف مشتركة . بل إن البعض يعتبر أن التنظيمات الإسلامية هى تنظيمات تعتمد على الهرم الديكتاتورى الفردى فبينما هى عند الحركة السلفية تتمثل فى سلطة الشيخ والعالم والفقيه والأحكام الشرعية فإنها تتمثل عند حركة "الإخوان المسلمين" فى السمع والطاعه واستثمار روح المعركه وطاعة الأخ المسئول وتجتمع هذه التيارات الإسلامية بما فيها الحركات المنظمة حول إنعدام آلية التغيير وإندماج السلطات لتتجمع فى فرد أو أفراد إلى درجة أن يقوم الجهاز الواحد بالأعمال القضائية والتنفيذية والتشريعية مجتمعه وينعدم فيها تداول السلطة وتأتى حين نقلها المحدود فى صورة أقرب إلى التوريث الجسدى والفكرى . وكانت هذه النقاط الثلاث هى عقبات الواقع التى قد تفسر صمت المجتمع المدنى أمام الإعتداء على حقوق الأفراد متى كان إنتماؤهم إلى الفكر الإسلامى حتى وصل عدد المعتقلين من التيار الإسلامى ومن الإخوان المسلمين بصفة خاصة إلى آلاف من المعتقلين بمناسبة عملية إنتخابات واحده الأصل فيها أنها عمليه ديمقراطية ( إنتخابات المحليات ) ومع ذلك تم مقابلة ذلك بالصمت إن لم يكن بالترحيب من هذه القوى المدنية والعلمانية والحزبية مجتمعة وإذا كان الإخوان المسلمون لا يسلمون بهذه النقاط إلا أنهم وفي ذات الوقت لم يبذلوا جهداً في إزالتها حتي الآن ربما لشدة الإنشغال أو إلي إحتياجهم إلي علماء الإستراتيجيات المتخصصين أو لسبب ثالث غير معلوم .
أما النوع الثالث :
فهو ينتمى فى أغلبه إلى الحركة الإسلامية وإلى حركة الإخوان المسلمين .. ثم إلى شخصيات قومية ووطنية وأقلام صحفية وأصحاب فكر وبعض الرموز التاريخية وجمع من أصحاب الفكر الليبرالى المستقل.. وبعض رموز حزب العمل المجمد وكثير من القيادات التاريخية من اليسار أو من اليمين وبعض الحركات الشعبيه كحركة كفايه وغيرها من التحركات الشعبيه فضلاً عن أحزاب تحت التأسيس كحزب الوسط . وربما يتفق هؤلاء جميعاً على وجود أوجه العوار التطبيقى فى التحركات الإسلامية كلها أو بعضها إلا أنهم أيضاً يتفقون حول هدف واحد ووحيد وهو تقويم أركان النظام السياسي القائم أو تغييره لإعتماده على الديكتاتوريه الفاشله كما أن هذا النظام بالرغم من فشله الإقتصادي فهو لا يمثل ديكتاتوريه عادله والدليل على ذلك عندهم تفشى الفساد وعموم سيطرة رأس المال وإنكماش أركان الدوله فى مواجهة الفساد مما يشير إلى مشاركة الفساد فى صياغته . من أجل ذلك فقد استقر الأمر عند هذا الجمع على وصف النظام الحاكم بإنه ديكتاتوريه نفعيه أشبه بنظام " مصلحة الطبقه " التى تحافظ على نفسها من خلال الحفاظ على شخص الحاكم ويأتى التوريث متوجاً لهذه المصالح ومعبراً عنها 0 ولتأمينها وهو بمثابة صمام الأمان لحركة المجموعة الحاكمه وتتبادل هذه المجموعه الحاكمه مراكزها القياديه بغض النظر عن معيار الكفاءه أو الأمانة .. وإنما الأهم هو معيار التبادل النفعى ... من أجل البقاء فى دائرة الدعم النفسى للنظام ككل ومن خلال هذه النظره يرفض هذا التجمع المعارض والذي يشكل النوع الثالث فكره التوريث بحده واضحه كما يقبل هذا النوع من المعارضه زوال النظام القائم ولو حلت محله حركة شموليه أخرى. فهم يرون أن ديكتاتورية أى تنظيم معارض تصلح كمرحلة إنتقالية حتى ولو كانت ديكتاتورية الفكر الإسلامى أو جماعة الإخوان المسلمين كما أنهم يرون أن قوة الحركة الإسلامية وانتشارها وحسن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين وقوتهم العددية وشعبية أفراد التيار الإسلامى المستقل سوف يكون منها الدعم الشعبى لحركة التغيير السياسى ... ويلاحظ أن التغيير وليس الإصلاح هو هدف هذه القوى السياسية مجتمعة وهي ترمي إلي أي تغيير ممكن دون النظر إلي تفاصيله وتبقى ثمة اشكالية لم تحسمها هذه المجموعة كما لم تحسمها حركة الإخوان المسلمين ... فبينما يكون الهدف عندهم هو استبدال هذا النظام واحلال النظام الديمقراطى عوضاً عنه . تكون استراتيجية الحركة عند بعضهم رمادية اللون إلى الحد الذى يصفهم بإنعدام الرؤيا الإستراتيجية بل ولقد كانت مظاهرت الإخوان المسلمين قويه حينما عبرت عن رفض الجماعه لما حدث معها في إنتخابات المحليات والشوري ودعوتهم لمقاطعة الإنتخابات . إلا أنهم في الوقت ذاته أصدروا بياناً ضد الإضراب العام والذي كان مقرراً عقده في 6/4/2008. رغم أن المشاركين والداعين لهذا الإضراب والمرحبين به كان أغلبهم من أفراد الفريق الثالث الذي يدافع عن وجود الإخوان بقوه. وبالإضافه إلي ما سبق فإن فريق النوع الثالث في أغلبه قد يصلون فى حد إضعاف النظام القائم إلى أقصى درجة إلا أنهم لم يعلنوا أبداً عن هذا النظام البديل.. ولا عن الخطوات التالية لهذا الإسقاط ولا عن مدى صلاحية البديل منهم أو من غيرهم .. وتعتبر المعارضه من النوع الثالث هى أخطر أنواع المعارضه على النظام الحاكم ... فهم يشكلون عنصرأ عددياً يهدد النظام الحاكم إذا ما لجأ إلى صندوق الإنتخابات وأصحاب الأقلام ( عيسى – قنديل – الإبراشى – المسيري – أسحق - هويدى – البشرى وغيرهم ) يمثلون مصداقية حقيقية لدى جماهير الشعب المصرى أما الشخصيات الإسلامية المستقلة فهى تمثل مرجعية الطاعة لدى الشارع السياسي ويظهر من هذه الأسماء الدكتور/ يوسف القرضاوى على المستوى المحلى والعالمى فى آن واحد .. والذى أصبحت قيادته تجب فى تأثيرها كافة الوسائل الإعلامية التقليدية فى مصر والرسمية منها بصفة خاصة وأخيراً فإن الحركات الإعتراضية كحركة " كفايه " قد أخذت شكلاً جيداً كبدايه لفت الأنظار الدوليه إليها... وقد إلتقت مع هذه الشخصيات والحركات المجموعات الليبرالية المستقلة والتى لا تعتمد فى تمويلها على الدولة أو على جهات أجنبية ... فأصبحت آراؤها المتعددة هى المحرك الأساسي والمستند العلمى لجموع الباحثين فى المجتمع المصرى حول التغيرات السياسية والإجتماعية فى مصر . إلا أن هذا النوع الثالث مازال يعانى من بعض أوجه النقد .. ومن المهم أن نعلم ونعتقد أنه ليس كل ما يطرحه الناقدون هو من قبيل الهدم بل إن الواقع ليعبر عن تجاهل بعض تيارات النوع الثالث من المعارضين لكل ما يثار حوله من إنتقادات ولو كانت من المحبين أو المهتمين به " فالإخوان المسلمون " مثلاً يعتبرون الإنتقادات التى يوجهها لهم خصومهم أو أنصارهم السياسيون إنما هى نوع من التدخل فى شئونهم الداخلية . فلا يفرقون بين التنظيم بالمعنى الدقيق وبين الفكرة الإصلاحية التى يتم البحث عنها كبديل لواقع قائم ... ويحق للكافه توجيه النقد إليها بل وتوجيه دفتها عند اللزوم. أما المعارضون من أصحاب الأقلام فهم قد يبالغون فى عناصر هدم الواقع إلا انهم لا يبذلون جهداً فى خلق تحالفات حقيقية من أجل المستقبل ولو من قبيل الفروض النظرية.أما حركة كفايه فبالرغم من أنها لم تدرس أسباب توقف النمو الأفقى فيها فإنها قد نجحت فى المطالبة بتداول السلطة وفى تطبيق ذلك على نفسها . ومن هنا فقد اتسعت الهوه بين النوعين الثانى والثالث من المعارضة المصرية وسمحت هذه الحالة من الضعف والتفرقه بين المعارضه وبعضها أن يفرض النظام الحاكم الكثير من القيود الإجتماعية والتشريعية على الممارسات الديمقراطية حتى وصل الأمر إلى قيام الحكومة بمنع المواطنين من تقديم أوراق ترشيحهم إلى المجالس المحلية. مهما كان إنتماؤهم السياسى ... لتتحول الممارسة الديكتاتورية إلى نوع من أنواع السفور يعرضه النظام الحاكم فى تحقير لقدرات المعارضة من النوعين الثانى والثالث ... كما أن الواقع السياسى أصبح ممهداً لإصدار قانون الإرهاب وغيره من القوانين المكبله للحريات وحقوق الأفراد وكذلك لتحجيم حجم الحركة المعارضة من النوع الثالث من خلال عقد المحاكمات العسكرية أو جرائم النشر أو التأثير فى أسلوب الإنتخاب فى مجال النقابات والمؤسسات المهنية وفى النهاية فإن المعارضة من النوع الثانى والنوع الثالث قد بات مفروضاً عليها أن تفيق إلى بعض المعالم ومنها تلك هي الثمرات الخمسة :
الثمرة الأولي :
أن الفريق المعارض الرافض لحركة الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية لا ينبغى أن يساوى بين معارضته لأنظمة مستبدة وبين معارضته لفكر اسلامى فى طور التجربة والتكوين ففى الوقت الذى أثبت الواقع عجز الحكومات المتعاقبة منذ ثورة يوليو عام 1952 وحتى الآن عن إقامة حياه ديمقراطية سليمة. فقد تطورت الحركة الإسلامية فى محاولات الإندماج داحل إطار المجتمع المدنى بإطاره الحديث لا سيما حركة الإخوان المسليمن. بل إن الأقلام الإسلامية المستقرة أصبحت تشكل قيادات فكريه تقدميه للأمة ولعل أبرز الأمثلة على ذلك ما ينشره الدكتور القرضاوى من فتاوى عصرية وكذا أصحاب الأقلام الرشيدة كالبشرى والعوا وهويدى والمسيري كما أن حركة فكريه متطوره داخل قواعد جماعة الإخوان المسلمين قد بدأت تأخذ مسارها بغض النظر عن مدى تأثيرها الظاهر فى هذه الأيام. كل هذا ينبغى أن ينبه أحزاب التجمع والناصرى والوفد ومن يسير على نهجهم أن معارضة من هم فى طور التكوين والتطور لا ينبغى أن تتساوى مع معارضة أنظمة أصبح من المستحيل عليها أن تقبل بفكرة تداول السلطة أو الإصلاح السياسي بصفة عامة .
الثمرة الثانية :
أن على الإخوان المسلمين أن تساهم فى إزالة تلك الحواجز بينها وبين غيرها من أصحاب الأقلام وأنصار الدولة المدنية والأحزاب ذات الإعتبار. وأن تؤمن بأن قوة هذه الأحزاب لا تأتى من زيادة أو قلة الأعداد فيها إنما هى تكمن فى التأييد الدولى والتوارث التاريخى وإنتماء بعض القيادات الفكرية الإجتماعية إليها بصفة عامة وتأتى إزالة الحواجز من خلال تبنى استراتيجيات نضالية يكون هدفها الإلتقاء مع الرافضين لها بغض النظر عن عمق حاله فقدان الثقة المتبادلة فى هذه الأيام والتى يمكن علاجها ولا ينبغى أن يدحض جهدها تلك السلبيات التى تراها فى هذه الإتجاهات من سرعة التخلى والإنضواء تحت راية الحكومات والمطلوب فيها هو البدء فى هذه الاستراتيجية حتى لو كانت النتائج بعيدة المنال وأن تبدأ بإصلاح ما لديها فى تواضع مطلوب لحركه فى مثل حجمها.
الثمرة الثالثة :
أن على المعارضة من النوع الثالث بما فى ذلك التيارات الإسلامية وهى التى تستهدف تغيير أركان النظام القائم من نظام شمولى إلى نظام ديمقراطى أن تقدم فكرها مصحوباً بخطوات علميه وعمليه . وأن تتضمن تلك الخطوات شرح بدائلها الدقيقة . حتى لا تترك المستقبل رهناً للتخمينات أو المفاجآت كما أن عليها أن تعلن عن استراتيجية جديده للتحالف مع الآخر يكون فيها ذلك التواضع السياسى مع ابراز الجبهات الأخرى بل وإحترام قدراتها... ولا يهم عمق حالة التشرذم الحالية إلا أن المهم هو أن تملك هذه العقليات ملكه تغيير هذا الواقع ولو على المدى البعيد .
الثمرة الرابعة :
ويتعلق بحديث الأوضاع الداخلية لجميع الأحزاب والتجمعات لا سيما إذا كانت من النوع الثانى أو الثالث ويدخل ضمن هذه الأحزاب حركة الإخوان المسلمين بالطبع .. حال كونها الحركة التاريخية العملاقة والمرهون بها المشاركه في حركة الإصلاحيين فى مصر .. فليس من العيب قبول الإنتقاد العام حول التطور الديمقراطى داخل الحزب أو الجماعة وليس من العيب إعمال تداول السلطة أو شرح ما غمض منها على أفق الدراسة والبحث وليس من العيب أيضاً الإعتراف بأن منهج الحزب الذي سبق إعلانه فى جماعه الإخوان المسلمين كان أسبق فى الإعلان من استقرار حالة النضج السياسى والفقهي التى تعتمل الآن فى أروقة الجماعة . كما أن الأقلام والصحفيين ورجال الفكر الذين يتفقون مع الجماعة حول هذا الهدف عليهم أن يتقدموا بأوراق تفاهم مشتركة مع حركة الإخوان المسلمين لصياغة أول تجمع ديمقراطى مناضل من أجل الحرية مع دعوة الآخرين له بطريقة يقبلونها.
الثمرة الخامسة والأخير : وهو أن تدرك جميع الأحزاب المصرية والتجمعات والجماعات وأصحاب الأقلام وكافة الإتجاهات المعارضة أنه لا مكان لأحدهم فى حكومة مصر المستقبل ... فالخط البيانى للتحول الديمقراطى يشير إلى تحول يتجه إلى الأكثر شمولية وتعقيداً من سابقه . وأن الديمقراطيه المعلنه ما كانت إلا لخدمة الديكتاتوريه الحاكمه . فمنذ سنوات قليلة كان إلغاء الإشراف القضائى على المحليات من خلال مشروع قانون تقدم به أحد أعضاء البرلمان وبعد سنوات كان تقويض الإنتخابات المحلية على النحو الذى يتم به الآن فى حساب زمنى دقيق وسوف يتم بعدها تقويض النقابات المهنيه . ومنذ سنوات قليلة كان تقويض حكم المحكمة الدستورية والذي يقضى بوجوب الإشراف القضائى الكامل على الإنتخابات تمهيداً لإنتخابات تشريعية ستتم على ذات النسق الذى تمت به إنتخابات المحليات.فى حساب زمنى دقيق. ثم لم يستحملالنظام الاشراف القضائي لدورتين برلمانتين لعدل الدستور لزاحة هذا الاشراف نهائيا عودة لنطقة الصفر فلو أضفنا إلى ذلك ترسانة القوانين والإجراءات التى تعد على نسق قانون الإرهاب والتشريعات الصحفية فضلاً عن إلغاء الإنتخابات نصاً فى مناصب عمداء الكليات والعمد والمشايخ ثم فعلاً فى إتحادات الطلاب والنقابات العمالية لعلم الجميع إلى أين تتجه مصر ومع ذلك فإن المعارضة المصرية مازالت تشارك فى هذا الرده دون إيضاح لأى معالم لحركتها المستقبلية وهى تسير وفق آليات أقل ما توصف به هو الغموض دون أن تدرك انها تساند الحكم الشمولى بإضفاء المشروعية على الإجراءات الشموليه فيه . وأنها تحول جرائم الحكومة المستبدة إلى مجرد تجاوزات فى العملية الإنتخابية عن قصد أو عن غير قصد . فمن غير المفهوم ذلك الإصرار من المعارضة على اقتحام إنتخابات يعلم البسطاء والعامة فضلاً عن المتخصصين والساسه أنها ستتم بصورة شكلية لإختيار مجلس تشريعى يحقق أهداف الطبقة الرأسمالية الحاكمة ويحقق أحلامها فى الإستغلال الإقتصادى ثم ترضخ المعارضة لرغبة هذا المجلس الزائف فى صنع أقلية تكتسى ثوب المعارضة وتضفى عليه المصداقية والجدية الظاهرية .. ومن العجيب أن تفتخر المعارضة كلها أو بعضها أنها حظيت بمائة مقعد . من أصل أربعمائه وأربعة وأربعين مقعداً شملها تزوير الإرادة ثم يرضى الجميع بهذا الواقع ليندمجوا فى الشكل المرسوم لهم من قبل النظام الحاكم تماماً ولسان حالهم يعلن الرضاء والإكتفاء بهذا الدور السياسى المرفوض ودون الإعلان عن استراتيجية للمقاومة فإستراتيجية النضال هي الإعلان الوحيد الذي يجب أن تعلنه المعارضه الصادقه وليس المشاركه في الجرم وإضفاء المشروعيه عليه وهو ما تكرر في المحليات دون أي خطوه مضاده . ولا يدحض ذلك الخطأ رغبة التيارات المعارضة فى المشاركة لما فى المشاركة من إيجابيات الذيوع والإنتشار والإحتكاك الجماهيرى فقد كان من الممكن قبول هذا القول لو أنه يندرج وفق استراتيجية معلنه لهذا الحزب أو ذاك أما أن تتم الأمور بهذه الصورة من العفوية فهو ما يتناقض مع المنطق السياسى السليم. بل إن بعض المعارضين قبل صفقة الإستئثار ببعض المحليات علي جثة من تم إستبعادهم قهراً وغصباً . ومن هنا فإن على جميع الأحزاب من النوع الثانى والثالث أن تعيد حسابات الحركة السياسية وفق هذه المعالم وأن يعيدوا صياغة حركتهم الوطنية وأن يبدأوا الإصلاح الداخلى لديهم جميعاً . فكلهم وبلا استثناء شريك فى الحوار الديمقراطى داخلهم وكلهم يعانون من الإستبداد الداخلى وتوارث السلطه وإنعدام الآليه الديمقراطيه وإن كان ذلك بدرجات متفاوته. ثم ان عليهم بعد ذلك إعلان راية النضال فى مواجهة واقع سياسى حكم عليهم جميعاً بالموت إما خنقاً أثناء حياتهم السياسية أو وأداً بالمحاكمات العسكرية والحبس فى جرائم النشر أو قتلاً للعملية الديمقراطية سواء أكان ذلك القتل بالتشريع أو بالتطبيق العملى للديكتاتوريه المفرطه تتفق كل القوى الوطنية على اختلاف منطلقاتها الفكرية واتجاهاتها السياسية وبرامجها الاجتماعية، على أن وقف حالة التدهور في جميع مناحي الحياة في بلادنا غير ممكن دون إحداث تغيير ديمقراطي حقيقي، ينهي إلى غير رجعة نظام الحكم الاستبدادي المتمثل في الحكم الفردي المطلق والمستند إلى ترسانة من القوانين المقيدة للحريات والى هيمنة البيروقراطية وأجهزة الأمن واستخفافها بكل القوانين في ظل أحكام عرفية دائمة وزج للمعارضين في السجون والمعتقلات وتعذيب وترويع للمواطنين في أقسام الشرطة وتزوير الانتخابات وتعطيل الأحكام القضائية، وباختصار إنهاء كل مظاهر حكم الدولة البوليسية القائمة ان التغيير الديمقراطي المنشود لابد وأن يستند إلى الإقرار غير المشروط بالحقوق المتساوية للمواطنين دون تفرقة على أساس ***** أو الدين أو العرق. وإذا كانت الديمقراطية تعني بالأساس المشاركة الواسعة للجماهير في كل مستويات اتخاذ القرار والرقابة على تنفيذه، فان تمكين الجماهير من هذه المشاركة – فعلا لا قولا – يعني فضلا عن حرية الفكر والتعبير والتنظيم والحركة والتغيير من خلال تداول السلطة، احترام آدمية المواطن وحقه في العمل والمسكن الصحي الملائم والتعليم المجاني والرعاية الصحية المجانية وخدمات ومرافق عامة تليق بالإنسان. وبغير العمل من أجل تحقيق هذه الحقوق الأساسية المعترف بها في مواثيق حقوق الإنسان، وبدون تأمين هذه الحقوق لكافة المواطنين دون تمييز وضد العصف بها سواء ضد مظاهر الاحتكار والاستغلال والفساد أو بسبب النشاط السياسي أو النقابي أو غيره، يصبح الحديث عن المشاركة – أي الديمقراطية – مجرد غطاء لهيمنة أقلية، أيا ما كان وصفها، على مقدرات الشعب. حرية التعدد في النقابات العمالية وحق العمال المطلق في تأسيس النقابات والاتحاديات وحق التنظيم النقابي في الشركات الخاصة والاستثمارية الأجنبية والمشتركة.. إطلاق حرية الانتخاب والترشيح والدعاية الانتخابية ووقف كافة أشكال التدخل الإداري والبوليسي في الانتخابات.. إعادة أجهزة الأمن إلى حجمها الطبيعي وإخضاع الشرطة وأقسامها للرقابة القضائية ورقابة المجالس الشعبية المنتخية، وقصر التجنيد الإجباري على الجيش دون الشرطة، وسن قوانين مشددة لضمان وقف كافة أشكال التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان وتوقيع العقوبات الصارمة على المتورطين فيها.. تأكيد استقلال القضاء واحترام الأحكام القضائية وإلغاء كافة أشكال المحاكم الاستثنائية. إلغاء كافة أشكال الوصاية على حرية الفكر والإبداع والبحث العلمي سواء من أجهزة الرقابة الحكومية أو من السلطات الدينية، وإلغاء وزارات الإعلام والثقافة وأجهزة الرقابة على المصنفات والأجهزة المماثلة لها.


آليات العمل من أجل تحقيق برنامج التحول الديمقراطي:

لا يتسع المجال هنا للتفصيل في آليات الممارسة النضالية وصولا لتحقيق التغيير الديمقراطي المنشود ونكتفي برصد ما نعتبره أسس هذه الممارسة، وهي: 1. ان الحريات الديمقراطية لم تأت للشعوب يوما منحة من حاكم أو تهبط عليها من السماء، وإنما علينا انتزاعها من سلطة تتمسك بانفرادها بالحكم ولسوف تسعى التمسك به حتى النهاية، ويعني ذلك في الممارسة: § رفض الانصياع لاستبداد السلطة وانتهاكها للدستور في كل ما يتعلق بالحريات الديمقراطية، الأحزاب وعلى القوى المحجوبة عنها الشرعية أن تبتدع الأشكال الملائمة للإعلان عن تواجدها الرسمي على ساحة العمل السياسي دون انتظار التصريح بذلك، كما يجب على الأحزاب الشرعية أن تتمرد على محاولات التضييق عليها وحصر نشاطها في المقرات. § يجب ممارسة كافة أشكال التعبير عن الرأي وأساليب الاحتجاج السلمي المشروعة دون استئذان، ويكفي الإعلان المسبق عنها على أوسع نطاق. 2. ان سعي السلطة السياسية في مصر لعزل الجماهير عن ساحة العمل السياسي، وحصره في أضيق نطاق ممكن للنخب الاجتماعية والسياسية، يجب أن يقابل بالسعي لجذب أوسع الجماهير - وخاصة المنظمة في نقابات واتحادات وجمعيات – للعمل السياسي بأشكاله المختلفة، ويتطلب ذلك من النخبة السياسية الدفاع عن مصالح الجماهير وتبني مطالبها العادلة والانخراط في كفاحها اليومي من أجل تحسين ظرف معيشتها، وكذلك السعي معها لتنظيم نفسها من

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12654996

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 34

الأوسمه :

 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر 1384c10


الأوسمة
 :


 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر    آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر I_icon_minitime23/9/2011, 11:37

خيارات المساهمة


آليات العمل من أجل تحقيق برنامج التحول الديمقراطي:

لا يتسع المجال هنا للتفصيل في آليات الممارسة النضالية وصولا لتحقيق التغيير الديمقراطي المنشود ونكتفي برصد ما نعتبره أسس هذه الممارسة، وهي: 1. ان الحريات الديمقراطية لم تأت للشعوب يوما منحة من حاكم أو تهبط عليها من السماء، وإنما علينا انتزاعها من سلطة تتمسك بانفرادها بالحكم ولسوف تسعى التمسك به حتى النهاية، ويعني ذلك في الممارسة: § رفض الانصياع لاستبداد السلطة وانتهاكها للدستور في كل ما يتعلق بالحريات الديمقراطية، الأحزاب وعلى القوى المحجوبة عنها الشرعية أن تبتدع الأشكال الملائمة للإعلان عن تواجدها الرسمي على ساحة العمل السياسي دون انتظار التصريح بذلك، كما يجب على الأحزاب الشرعية أن تتمرد على محاولات التضييق عليها وحصر نشاطها في المقرات. § يجب ممارسة كافة أشكال التعبير عن الرأي وأساليب الاحتجاج السلمي المشروعة دون استئذان، ويكفي الإعلان المسبق عنها على أوسع نطاق. 2. ان سعي السلطة السياسية في مصر لعزل الجماهير عن ساحة العمل السياسي، وحصره في أضيق نطاق ممكن للنخب الاجتماعية والسياسية، يجب أن يقابل بالسعي لجذب أوسع الجماهير - وخاصة المنظمة في نقابات واتحادات وجمعيات – للعمل السياسي بأشكاله المختلفة، ويتطلب ذلك من النخبة السياسية الدفاع عن مصالح الجماهير وتبني مطالبها العادلة والانخراط في كفاحها اليومي من أجل تحسين ظرف معيشتها، وكذلك السعي معها لتنظيم نفسها من اجل انتزاع حقوقها. 3. التضامن: عند أي انتهاك من جانب السلطة للحقوق السياسية الديمقراطية أو الاقتصادية أو الاجتماعية للمواطنين، يجب على جميع القوى السياسية تنظيم أوسع حملات التضامن مع ضحايا الانتهاكات يصرف النظرعن ميولهم السياسية، وفي جميع الأحوال يجب تصعيد النضال ضد كل أشكال انتهاك حقوق الإنسان وضد التعذيب وضد إهانة المواطنين في أقسام الشرطة، وبناء آلية فعالة لوقف هذه الانتهاكات والتصدي لها. طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، لتكن معركة انتخاب رئيس الجمهورية 2011 البداية: ان تمركز كافة السلطات في يد رئيس الجمهورية يجعل من معركة انتخاب رئيس الجمهورية في أكتوبر 2011 ساحة بالغة الأهمية للنضال من أجل التحول الديمقراطي المنشود وإكساب النضال من أجل الديمقراطية عمقا شعبيا بعد أن فقد الناس الأمل في التغيير مع استمرار الرئيس حسني مبارك ومعاونوه 30 عاما في الحكم، ومع ما رسخ في قناعة الناس من أن تداول السلطة في مصر وما شايهها من بلاد يعني تحديدا تغيير قمة السلطة. والفرصة تبدو متاحة لاختبار بعض الآليات السابق ذكرها، ونعني تحديدا انتزاع ما نطالب به عبر ممارسته، وفرضه عبر ممارسة أوسع الضغوط وحشد كل القوى في سبيل تحقيقه. ويعني ذلك في هذه الحالة إعلان أكثر من قوة سياسية – منذ الآن – عن أسم مرشحها لانتخابات الرئاسة القادمة وإعلان برنامجه وحشد أوسع التأييد الممكن له، عبر المؤتمرات وجمع التوقيعات والإعلان في الصحف والتجمعات الاحتجاجية أمام مجلس الشعب وغير ذلك من الأساليب الكفاحية، معركة التغيير الديمقراطي في مصر قطاعات واسعة من الجماهير الطامحة إلى التغيير الحقيقي، وهذا وحده مكسب كبير لنضالنا الديمقراطي فليس خافيا على أحد أن عزوف الجماهير عن المشاركة يأسا وخوفا – وهو ما يحاول النظام الحالي تكريسه – هو الحلقة الرئيسية التي ينبغي كسرها لكي تنفتح أمام بلادنا آفاق التغيير الديمقراطي الذي نسعى إليه ونحلم به مع جماهير شعبنا.


الأحزاب السياسية المصرية ما بين معارضة ضعيفة وولاء مطلق
للدولة لقد شهدت السنوات الأخيرة نشاطاً ملحوظاً في تخليق الأحزاب السياسية حتى بلغ عددها اربعة وعشرين حزباً ، وهذا العدد ـ قياساً على ما سبق ـ ليس بقليل ، على أن اختلاف هذه الأحزاب في مبادئها وتوجهاتها ونسبة انتشارها يوحي بحياة سياسية صحية تمارس الديموقراطية في أجلّ معانيها ، غير أن كتاب " أزمة الديموقراطية في الأحزاب المصرية " للدكتور وحيد عبد المجيد ، الصادر عن مكتبة الأسرة ، يؤكد غير ذلك ، ويرى أن آفة الأحزاب السياسية المصرية هي في تنظيماتها أو هياكلها التنظيمية ، فهذه الهياكل تفتقد القدرة على توفير المتطلبات اللازمة لنشاط حزبي فاعل ومؤثر ، وأهم هذه المتطلبات هو استثمار مختلف الطاقات والإمكانات الحزبية ، ولا يتحقق ذلك إلا عبر مشاركة واسعة من أعضاء الحزب على مختلف المستويات التنظيمية ، وبصفة خاصة المستوى القاعدي ، مهما كان عدد هؤلاء الأعضاء . ولذلك فإذا صح أن الحزب يُعرف بتنظيمه ، فأداؤه يتوقف أيضاً على قوة هذا التنظيم أو ضعفه . فالأحزاب السياسية الأساسية في مصر ينقصها الخلفية الأيديولوجية بل لدى بعضها ما يزيد على حاجتها من هذه الخلفية، كما لا يعوزها البرامج ، ولكن أكثر ما ينقصها وتشتد حاجتها إليه هو الهيكل التنظيمي القوي الذي يمكن الاستناد عليه والانطلاق منه للوصول إلى الناس واجتذاب أعضاء جدد وإعداد مرشحين يخوضون الانتخابات وتوفير فرص الفوز لهم . ويرى الدكتور وحيد عبد المجيد أن التجربة الحزبية المصرية المعاصرة تفيد أن حزباً يبدأ بعضوية محدودة تتسع تدريجياً لهو خير من حزب تتدفق عليه عضوية واسعة من اليوم الأول لتأسيسه فيفشل في استيعابها ثم يفقدها ، والفيصل هنا هو التنظيم الحزبي ، ومعيار نجاح هذا التنظيم هو قدرته على إطلاق طاقات كل عضو وتوفير آليات منتظمة للمشاركة القاعدية في إدارة الشأن الحزبي . وهذا هو المقصود بديموقراطية التنظيم الحزبي ، وجوهر هذه الديموقراطية هو المشاركة ، وشرط هذه المشاركة هو الارتباط الوثيق بين قيادة الحزب وقواعده والتواصل المستمر من أسفل إلى أعلى ، وليس فقط من أعلى إلى أسفل . ولقد شغلت هذه القضية دارسي الأحزاب السياسية منذ مطلع القرن العشرين ، فالديموقراطية الحزبية ليست يسيرة المنال ولا سهلة التطبيق ، وهي لا تتوقف فقط على رغبة مؤسسي أي حزب وقادته ، وإن كان لوجود هذه الرغبة أثر ينكر في التقدم نحو تنظيم حزب ديموقراطي . والسؤال عن إمكانية أن يكون التنظيم الحزبي ديموقراطياً لم يكن نوعاً من الترف السياسي أو رغبة في إضفاء شكل أفضل على الأحزاب ، فقد ارتبط هذا السؤال بمسألة موضوعية من ناحية ، وبضرورة عملية من ناحية أخرى . موضوعياً ، يختلف الحزب عن النظام السياسي الذي ينبغي أن يكون ديموقراطياً ، فالحزب يضم أعضاء متفقين في الاتجاه والبرنامج ، بخلاف النظام السياسي الذي يمكن إلا أن يشتمل على اتجاهات متنوعة ومختلفة ، والحزب ينضم إليه المواطن طواعية واختياراً ، ويستطيع أن يتركه إذا وجد فيه ما لا يرضيه ، بخلاف النظام السياسي لأن من يجد فيه ما يسيئه لا يمكن أن يتركه إلى نظام سياسي آخر أي إلى دولة أخرى لا يحمل جنسيتها . وبسبب هذا التباين بين الحزب والنظام السياسي ، كان السؤال عن الحاجة إلى الديموقراطية في داخل الأحزاب موضوعياً . أما عملياً ، اقترن هذا السؤال بجدل حول ما إذا كان الحزب الأكثر ديموقراطية هو الأكثر فاعلية في كل الأحوال ، فالديموقراطية داخل الحزب توفر إمكانات لا بديل عنها لتعظيم مشاركة أعضائه القاعديين ، وبالتالي زيادة قوته الناجمة عن هذه المشاركة ، فالحزب الذي ينشط كل أعضائه أو معظمهم أكثر تأثيراً من حزب تحتكر نخبة صغيرة فيه إدارة شئونه . ويؤكد المؤلف أن من الضروري أن يدرك قادة أي حزب سياسي أهمية توسيع نطاق مشاركة أعضائه ليس فقط في نشاطاته ، ولكن أيضاً في إدارة شئونه ، وأن يعرفوا منافع الانفتاح والتواصل بين مختلف مستويات الحزب . وتكشف دراسة الدكتور وحيد عبد المجيد عن حدوث تقدم نسبي في الاتجاه العام للممارسة الديموقراطية داخل الأحزاب المصرية بالمقارنة مع أحزاب ما قبل 1952 ، فوفقاً للمؤشرات التي تم الاعتماد عليها ، يمكن ملاحظة وجود هذا التقدم بالنسبة لمعظمها ، لكن بدرجات متفاوتة ، ودون بلوغ مستوى الممارسة الديموقراطية الكاملة في أي من الجوانب التي تشملها تلك المؤشرات ، فقد حدث تقدم متفاوت ، بالمقارنة مع مرحلة ما قبل 1952 في حداثة التنظيم الحزبي نفسه ، وعملية صنع بعض القرارات الحزبية ، والأطر المؤسسية للمشاركة وخاصة من حيث توفيرها للأمن حيث أدائها في الغالب ، وأسلوب التجنيد للنخبة الحزبية في بعض الأحزاب ، وطريقة إدارة جانب من خلافات هذه النخبة . لكن ظلت هناك بالمقابل ثوابت في المرحلتين تحول دون تعميق التقدم النسبي الذي حدث ، وأهمها الدور المهيمن لرئيس الحزب ومركزية التنظيم الحزبي , وفي هذا السياق ينبغي النظر إلى تجربة حزب الأحرار الدستوريين قبل 1952 من حيث حدود دور رئيسه كاستثناء في المرحلتين مازال هو الحزب الوحيد الذي لم يكن لبعض رؤسائه دور مهيمن ، والذي حدث تداول على منصب الرئاسة فيه لأسباب غير وفاة الرئيس . ومن الواضح إذن التقدم الذي حدث في الممارسة الديموقراطية داخل الأحزاب المعاصرة محدود وجزئي ، لكنه يكتسب دلالة مهمة في ظل عدم حدوث تقدم موازٍ في ديموقراطية نظام الحكم بالمقارنة مع مرحلة ما قبل 1952 ، فالثابت أن نظام "الديموقراطية المقيدة" الذي تعرفه مصر منذ 1976 ينطوي على تراجع في مستوى التطور الديموقراطي بالمقارنة مع النظام الديمقراطي المقيد أيضاً 23ـ 1952 . فقد أصبح هناك قيود لم تكن معروفة قبل 1952 على التعدد التنظيمي ، وهي قيود آخذه في التزايد لا التناقض ، ما غدت الانتهاكات لحرية ونزاهة الانتخابات أكثر حدة ، فرغم أن معظم الانتخابات في مرحلة ما قبل 1952 شهدت تدخلات شتى وأعمال تزوير ، فقد توفرت لبعضها الحرية والنزاهة ، وهو ما لم يتوفر لأي انتخابات عامة مصرية منذ 1976 . ويقرر الدكتور وحيد أن مستوى تطور الديموقراطية في مؤسسات المجتمع المصري مازال أقل من أن يبشر بانعكاسات إيجابية على نظام الحكم ، وخاصة وإن العائقين الرئيسيين أمام هذا التطور في الأحزاب هم نفسهما اللذان يحولان دون تجاوز نظام الديموقراطية ، المقيدة : دور الرئيس ، والمركزية الشديدة ، وما زالت الأحزاب المصرية تفتقد إلى نخب مؤمنة وملتزمة بالديموقراطية وقادرة على "مأسسة" هذه الأحزاب . والواقع أن نظرية التفسير المؤسسي للتطور الديموقراطي هي التي تقدم أساساً أكثر صلابة لفهم لماذا وكيف يحدث هذا التطور أو يتعثر ، وخاصة في البلاد التي تعاني تاريخياً من ضعف المؤسسة ، كما أنها تتجاوز قصور التفسيريين الاقتصادي ـ الاجتماعي ، والثقافي عن تقديم نظرية متكاملة . فقد ارتكز التفسير الاقتصادي ـ الاجتماعي إلى نظرية التحديث منذ الخمسينيات وبقى أسيراً لها في الوقت الذي انطفأ وهجها أو كاد . ويعاني التفسير الثقافي للديموقراطية من قصور شديد أيضاً ، رغم أنه مازال شائعاً في الدراسات المقارنة للأنظمة السياسية ، وهو يتخلص في ضرورة توفر نوع معين من القيم السياسية والاجتماعية كشرط لازم لوجود واستمرار الديموقراطية ، ولا ينكر التفسير المؤسسي للديموقراطية أهمية الثقافة السياسية ، ولكنه يركز على ضرورة توفرها لدى النخب والنشطاء في العمل السياسي وليس للجمهور بصفة عامة ، فالتطور الديموقراطي يتوقف على أداء النخب السياسية والمثقفة في الدولة والمجتمع قبل أي شيء آخر ، وخاصة في مجال قدرتها على بناء مؤسسات ديموقراطية من شأنها تدريب المواطنين على المشاركة والتنافس والتسامح والمساومة ، وهذه تحديداً هي معضلة التطور الديموقراطي في مصر . وعلى هذا النحو يمكن القول بأن ضعف تطور مؤسسات المجتمع في مصر وغياب نخب سياسية ملتزمة بالديموقراطية هما العاملان الأكثر أهمية في تفسير أزمة التطور الديموقراطي سواء داخل الأحزاب في نظام الحكم ، ولذلك يتوقف تجاوز هذه الأزمة على وجود نخب تؤمن بالديموقراطية وتلتزم بها وتتحلى بثقافتها ، وخاصة الأحزاب السياسية التي بإمكانها تقديم نموذج مشع يؤثر على منظمات المجتمع الأخرى وعلى نظام الحكم في آن معاً . فوجود نخب حزبية بهذه المواصفات تتيح " مأسسة " الأحزاب كخطوة جوهرية باتجاه تدعيم التطور الديموقراطي، وليست هذه عملية سهلة بأي حال ، فعندما لا تتوافر تقاليد لمؤسسات مستقلة عميقة الجذور ، لا يكون تأسيسها أمراً يسيراً ، ولذلك فإن " مأسسة " الأحزاب المصرية تقتضي جهوداً كبرى تشمل أيضاً تدعيم الاستقلال والموارد والخبرات والمهارات التنظيمية كلما اقترب موعد الانتخابات البرلمانية المصرية طفت على السطح قضية الأحزاب الجديدة المتنوعة مثل "الوسط" و"الشورى" و"الكرامة" وغيرها من الأحزاب التي رفضت "لجنة تشكيل الأحزاب" السماح لها بمزاولة العمل السياسي رسميًا ، وبالتالي حُرم أنصارها من الترشح تحت لوائها وفي ظل برامجها مما يضعف قدرتهم على دخول مجلس الشعب الجديد. فإن تشكيل "لجنة تكوين الأحزاب" في مصر وآلية عملها يحولان دون السماح بتأسيس أي حزب جديد ، والواقع العملي يؤكد ذلك فاللجنة لم توافق على حزب واحد بين عشرات الطلبات التي قدمت لها. وكل الأحزاب الجديدة التي تأسست في مصر في السنوات الأخيرة نشأت بموجب أحكام قضائية بعد أن رفضتها "لجنة تكوين الأحزاب" ، ماعدا حزب الجبهة الديمقراطية الذي كان اسرع حزب توافق غلية اللجنة منذ انشائها مما حدا بالشارع المصري وصحافة المعارضة إلى تسمية اللجنة بـ"لجنة منع تكوين الأحزاب" ، وتعكس هذه التسمية الساخرة تقييم الرأي العام لتلك اللجنة باعتبارها إحدى أدوات التعسف الحكومي لتقليص حجم المعارضة وتكريس ديكتاتورية الحزب الحاكم. ورغم السمعة السيئة التي تحملها –وتستحقها- هذه اللجنة إلا أنها لعبت دورًا إيجابيًا للحيلولة دون وصول عدد الأحزاب في مصر إلى مثيله في بنجلاديش أو اليمن أو إندونيسيا أو غيرها من دول العالم الثالث التي تتشبث زورًا بأهداب الديمقراطية المزعومة ، بينما المشاهد أن الدول المتقدمة المستقرة ذات الماضي العريق في الممارسة الديمقراطية لا يزيد عدد الأحزاب الفاعلة فيها عن عدد أصابع اليد الواحدة بل أقل حتى ليمكننا القول بأن عدد الأحزاب يتناسب عكسيًا مع نجاح واستقرار التجربة الديمقراطية ، إذا استثنينا من ذلك بالطبع أنظمة الحكم الشمولي ذات الحزب الواحد. وحيث أن العدد الصغير من الأحزاب يتنافى منطقيًا مع إمكانية استيعاب وتمثيل جميع ألوان الطيف السياسي في مجتمعات متقدمة ومعقدة تزخر بالتنوع والتعددية ، فإن كلاً من الأحزاب الكبيرة في أوروبا ينضوي تحته عددٌ من الأجنحة يصلح كل منها لتأسيس حزب مستقل، ولكن لن يتحقق له من أهدافه ما يمكن تحقيقه من خلال انتمائه للحزب الكبير الذي هو في الحقيقة ائتلاف أحزاب متشابهة تتفق حينًا وتختلف أحيانًا فتتصارع وتتحاور فيما بينها –ديمقراطيًا- لبلوغ المصلحة العامة .. وهذا الأمر غائبٌ تمامًا في الأحزاب المصرية القائمة فلا تنوع ولا ديمقراطية ولا حرص على المصلحة العامة. وإذا كانت أحزاب المعارضة وصحافتها هما أول من يذرف الدمع على الأحزاب المرفوضة ، ويعلو تنديدها بالحكومة ولجنتها فإنها مدعوة لدور أهم وأجدى من النواح والعويل ، فقد كان من المتوقع أن يتلقى كل حزب جديد مرفوض حكوميًا العديد من الدعوات المفتوحة من الأحزاب القائمة لينضم إليها فيصبح جناحًا -مستقلاً أو متوافقًا- يمارس نشاطه السياسي بحرية من خلال الحزب الأصلي ، فتتحقق لكلٍ منهما منفعة متبادلة تثري الممارسة الديمقراطية ، وتكون بمثابة المقاومة السلمية للتعسف الحكومي والتوجه الإقصائي الذي يستهدف استئصال تيارات فكرية معينة والحيلولة دون مشاركتها في الحياة السياسية. ما الذي يمنع من ذلك؟ وإذا كنا لم نر هذا التصرف حتى الآن من أيٍ من أحزاب المعارضة المصرية فإن ذلك يرجع إلى عدة مخاوف تمثل هاجسًا لتلك الأحزاب يحول دون الإقدام على هذه الخطوة الجريئة ، على رأسها طبعًا الخوف من الحكومة التي ستعتبر ذلك تحديًا لها فمن طردته لجنتها من الباب سيدخله الحزب المعارض من الشباك مما سيوسع الهوة بين الطرفين ، ثم الخوف من الحملات الإعلامية المسعورة التي ستطلقها الصحافة الحكومية موجهةً سهام النقد اللاذع للحزب الذي يقدم على ذلك فهو براجماتي أو فاشي أو أصولي أو مخادع أو يؤجر نفسه من الباطن، وبالطبع تتخوف معظم الأحزاب من تأثير هذه الحملات على الرأي العام. إلا أن تلك المخاوف تتضاءل أمام الهاجس الحقيقي وهو خوف الحزب من غزو الأفكار الجديدة التي ستفد إليه ، خاصةً وأن معظم الأحزاب الجديدة ذات أفكار راديكالية وتديرها قيادات شابة واعدة ومتحمسة ، ونحن لا يسعنا بالطبع مطالبة قيادات الأحزاب وزعاماتها التاريخية بالتنازلات الملائكية ، ولكننا على يقين من وجود حل لهذه المشكلة ، ففي الدول الديمقراطية هناك اتفاقات تحالف مكتوبة وذات بنود محددة تحفظ لكل طرف شخصيته وحقه وفقًا لوزنه السياسي ، وتؤمن للجميع النجاح المشترك ، وهناك تجربة سابقة في مصر للتحالف بين "الوفد" و"الإخوان" رغم ما بينهما من تباين ، وقد أسفرت عن قدر لا بأس به من النجاح المرحلي. مكمن التحدي قد يكون هذا الطرح مثار دهشة أو سخرية .. إذ أن معظم الأحزاب الناشئة هي في الأصل وليدة تباينات وانشقاقات في الأحزاب القائمة ، وهذا هو مكمن التحدي حيث ينبغي أن تتعاون كل القوى السياسية المخلصة على تجاوز مظاهر الخلل في الممارسة الديمقراطية في مصر إذا كانوا يريدون للديمقراطية أن تنهض من كبوتها وتتبوأ مكانتها ، والمؤسف أن فشل التجربة الحزبية في مصر أصبح ذريعة لبعض النظم العربية التي ترفض فكرة التعددية الحزبية ، ودون أن نعفي الحكومة من مسئوليتها عن تخريب هذه التجربة من جراء القمع البوليسي والاحتكار الإعلامي وتزوير الانتخابات ، فإن أحزاب المعارضة تتحمل مسئوليتها كذلك ، حيث أن تطور العملية الديمقراطية في مصر مرتبط بل مرهون بالتطور الديمقراطي داخل هذه الأحزاب وتخلصها من النمط القبلي الذي لا يزال مسيطرًا عليها. الديمقراطية داخل الحزب الوطني بمصر العوائق الرئيسية أمام رفع مستوى الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب تعود إلى: محورية دور الرئيس أو الزعامية، وعدم شيوع قيمة المساءلة وتوجيه النقد، وضيق مجال المشاركة في صنع القرار، ومحدودية التغيير في المستويات القيادية، ومحدودية الممارسة الانتخابية المجدية قد يكون من قبيل السمات العامة في الأحزاب المصرية الضعف التنظيمي والهيكلي، وعدم الاهتمام بعملية التربية السياسية للكوادر والقيادات. وهذا يعود إلى حداثة التجربة الحزبية بوجه عام (1976 - 2003) وحداثة بعض الأحزاب التي ظهرت في الحياة السياسية مؤخراً، كما يعود إلى ظروف البيئة السياسية والقيود المفروضة على الحياة الحزبية. وهذه الظروف في مجملها أثمرت عدة ظواهر منها: عدم التوازن بين الحزب الوطني الحاكم باعتباره حزباً كبيراً وأحزاب أخرى بالغة الصغر والمحدودية، وغياب الفروق بين برامج وتوجهات الأحزاب السياسية بالشكل الذي يجعلها لا تصلح كبدائل من وجهة نظر الناخبين، وغياب الممارسة الديمقراطية السليمة داخل الأحزاب، وتركيز عملية صنع القرارات فيها في دائرة ضيقة تشمل رئيس الحزب وعدداً محدوداً من نخبته. وفي المنظور العام فإن الأحزاب المصرية لم تقم بوظيفتها بدرجة مؤثرة في التعبير عن مصالح القوى السياسية، ولم تطرح السياسات والبرامج التي تحيي الحياة السياسية وتنعشها. ويحد من تأثيرها كذلك كثرة الشقاقات الداخلية والمعارك التي تدور أساساً حول النفوذ والمصالح الخاصة داخل هذه الأحزاب. وبالطبع فإن الإشكالية بالنسبة للحزب الوطني الديمقراطي تصبح أكثر عمقاً وتأثيراً، باعتباره الحزب الحاكم وصاحب التأثير الأعمق في مسار التجربة السياسية المصرية سلباً وإيجاباً. وبالنظر إلى القضايا التي تناولتها الدراسة وبالنظر إلى القضايا التي تم تناولها لإلقاء الضوء داخل الحزب الوطني الديمقراطي فإنه يمكن القول إن هذه الممارسة تشوبها الكثير من النواقص وتحتاج للكثير من التطوير والتغيير والتنقية سواء على مستوى البنية التنظيمية للحزب، أو على مستوى نوعية السياسات وأسلوب العمل الداخلي. من ناحية أخرى، يمثل الحزب الوطني في الحياة السياسية نموذجاً للحزب المسيطر والذي تنبع سيطرته من "الهيكل الدستوري البيروقراطي للدولة" فالحزب مندمج في "هيكل الدولة". ويلفت جهاد عودة الانتباه إلى ما يطلق عليه "التوحد بين السياسي والحزبي بسبب المنصب البيروقراطي". فالنموذج الأساسي يتمثل في هيمنة السلطة التنفيذية على مقادير الدولة، ويكمن ذلك في "تنصيب وتمثيل قيادات الدولة التنفيذية... في المناصب العليا للحزب (الرئيس - الأمين العام - أمين التنظيم - أمين الإعلام - أمينة المرأة - أمين العمال - أمين الفلاحين - أمين الشباب) هذا إلى جانب أعضاء المكتب السياسي"(38). ولعل السؤال الذي يمكن طرحه في هذا السياق هو: هل هناك علاقة بين الديمقراطية داخل الأحزاب، وديمقراطية النظام السياسي؟تذكر إحدى الدراسات أن الأحزاب المصرية المعاصرة حققت درجة ملحوظة من الممارسة الديمقراطية ولو المحدودة، وذلك بالمقارنة مع الأحزاب التي عرفتها مصر في مرحلة ما قبل 1952، وذلك على الرغم من أن "نظام الديمقراطية المقيدة" الذي تعيشه مصر منذ عام 1976، ينطوي على تراجع في مستوى التطور الديمقراطي بالمقارنة مع مستوى الديمقراطية الذي كان موجوداً في الفترة من 1923 - 1952 (39). وبناء على ذلك، فقد استنتجت الدراسة أنه "لا توجد صلة ضرورية بين التطور الديمقراطي في نظام الحكم وفي مؤسسات المجتمع، لأنه لا علاقة آلية بين نمط السلطة في كل منهما"(40). نقطة البدء في التعثر الديمقراطي العام تعود بطريقة مباشرة -سواء في مؤسسات المجتمع ومنها الأحزاب أو في النظام السياسي- إلى افتقار الاثنين إلى وجود النخب المؤمنة إيماناً حقيقياً ومخلصاً بالديمقراطية قيمة وممارسة والحقيقة أن مثل هذا التحليل، وإن كان يصدق على بعض النماذج السابقة والحالية، إلا أنه بالنسبة للظروف الحالية في مصر، نرى أن هناك علاقة أكيدة ومباشرة بين تعثر ديمقراطية النظام، وهبوط مستوى الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب المصرية. إن العوائق الرئيسية أمام رفع مستوى الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب تعود إلى: محورية دور الرئيس أو الزعامية، وعدم شيوع قيمة المساءلة وتوجيه النقد، وضيق مجال المشاركة في صنع القرار، ومحدودية التغيير في المستويات القيادية، ومحدودية الممارسة الانتخابية المجدية. ولن تختلف كثيراً حول أسباب تعثر الممارسة الديمقراطية في النظام السياسي عما هي عليه في مؤسسات المجتمع ومنها الأحزاب. على أن درجة التشابه في أسباب التعثر الديمقراطي ليست هي محور العلاقة بين الجانبين، وإنما هناك أيضاً وفي الحالة المصرية تحديداً، القيود التي يفرضها النظام على النشاط الحزبي، والمناخ السياسي العام غير المشجع على إشاعة قيم ومبادئ وآليات الممارسة الديمقراطية، وذلك كله مما يجعلنا نعود ونتفق مع الدراسة المشار إليها والتي لم تجد بداً من الاعتراف بأن "انخفاض مستوى التطور الديمقراطي في الأحزاب وفي النظام السياسي، معاً يثير مشكلة أكثر عمقاً تتعلق بالتطور التاريخي للمجتمع والدولة إجمالاً" (41)، وإن كنا نضيف على ذلك أن نقطة البدء في التعثر الديمقراطي العام تعود بطريقة مباشرة -سواء في مؤسسات المجتمع ومنها الأحزاب أو في النظام السياسي- إلى افتقار الاثنين إلى وجود النخب المؤمنة إيماناً حقيقياً ومخلصاً بالديمقراطية قيمة وممارسة.


مواصفات الحزب الديمقراطي مقارنة بغيره من الأحزاب السياسية.

لا شك أن (الديمقراطية) قد أصبحت من المطالب الرئيسية و على أولويات الأجندة السياسية العربية في الفترة الأخيرة. و على الرغم من الاتفاق على (الديمقراطية) كمفهوم بوجه عام، فإن آليات تنفيذها بوجه خاص تتباين إلى أطروحات عديدة و متنوعة. كما أن الحديث عن الديمقراطية يرتكز أساساً على أنظمة الحكم، و لا يتطرق بالأهمية نفسها إلى منظمات و مؤسسات المجتمع المتعددة. على هذا النحو، تهتم هذه الشهادة بمناقشة قضية الديمقراطية و الأحزاب العربية (نموذج حزب العمل المصري) في المقام الأول. و قد آثرنا - بالطبع- التركيز على أسباب تعثر الممارسة الديمقراطية داخل جزب العمل .. مروراً بمحددات أخرى .. لنصل إلى توصيف المشهد الحزبي العام و علاقته بالسلطة. و قبل أن نتطرق إلى نموذج حزب العمل.. لابد أن نؤكد على أن تأثير النظام الحزبي على الديمقراطية في الأحزاب المعاصرة يتحدد في(1): العلاقة الطردية بين رسوخ النظام الحزبي و استقراره، و بين توافر الديمقراطية داخل الحزب. العلاقة بين طبيعة النظام الانتخابي المعمول به في اطار النظام الحزبي، و بين العلاقة الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية. بين نظام الأحزاب المتعددة، و تأثيره على الديمقراطية داخل الأحزاب. و هو ما يترتب عليه تحديد مؤشرات دراسة الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية على النحو التالي(2): ² المؤشر الخاص بنمط توزيع السلطة و الاختصاص في الأحزاب من خلال: البناء التنظيمي للأحزاب السياسية. عملية صنع القرار الحزبي. ² المؤشر الخاص بالعلاقة بين النخبة و الأعضاء في الأحزاب من خلال: الأطر المؤسسية لمشاركة الأعضاء. استيعاب عناصر جديدة داخل النخبة. ² المؤشر الخاص بأنماط التفاعلات داخل النخبة الحزبية: الصراع على النفوذ داخل النخبة الحزبية. الخلاف حول قضايا سياسية و فكرية. جذور حزب العمل و بدايته الحديثة علي هذا النحو، نعود قليلاً - بإيجاز- إلى النشأة التاريخية للحزب عام 1978 حينما اضاق الرئيس الراحل أنور السادات ذرعاً بأحزاب المعارضة الثلاثة (التجمع و الوفد و الأحرار) التي نشأت في بداية التعددية الحزبية. و قرر النزول إلي الشارع السياسي، و تشكيل حزب خاص به معلناً بذلك وفاه حزب مصر العربي الاشتراكي الذي كان يتولى رئاسته ممدوح سالم رئيس الوزراء الأسبق. كما أعلن بعد ذلك بتشجيع قيام حزب يقود المعارضة الصحيحة، و بأنه لا مانع لديه كرئيس دولة من قيام حزب معارض من داخل النظام.. حيث أستقر علي إبراهيم شكري، و كلفه بتشكيل هذا الحزب الجديد. و كان قانون الأحزاب يشترط لقيام أي حزب جديد انضمام عشرين نائباً من مجلس الشعب إلي عضويته، و أن يتقدم الجميع بطلب التأسيس إلي اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي، و ليس أمام اللجنة في هذه الحالة غير أن توافق. و تشكل الحزب بالفعل، و كان علي رأسه محمود أبو وافية (زوج شقيقه جيهان السادات قرينة الرئيس أنور السادات)، و صدر الترخيص بإعلان قيام حزب العمل الاشتراكي. و الذي أنضم إليه آنذاك عدداً من المناضلين الأشداء، و علي سبيل المثال: الراحل محمود القاضي، و الراحل حلمي مراد، و الراحل أحمد مجاهد، و ممدوح قناوي، و غيرهم. و في وسط هؤلاء المناضلين لم يستطيع محمود أبو وافية السيطرة علي الحزب و ترويضه كما أراد الرئيس السادات، فاستقال ثم توفي بعدها بقليل. و تعرض الحزب في انتخابات عام 1979 لهزيمة ساحقة و مدبرة، و لم يفز إبراهيم شكري بعضوية المجلس، كما ضاعت منه فرصة قيادة المعارضة البرلمانية في انتخابات عام 1984، و التي فاز بها حينذاك تحالف حزب الوفد مع الإخوان المسلمين.. بأكبر مساحة في ذلك الوقت. و تحول المجلس إلي مصدر توتر و إزعاج للحكومة، و لهذا حرضت علي حله، بتشجيعها لأحد المحامين بتصعيد الأمر و رفعه إلي المحكمة الدستورية العليا، و أسهمت في تقديم الأدلة علي عدم شرعيته و أهليته.. إلي أن صدر قرار الحل بالفعل في عام 1987. و هكذا بدأ الإعداد لانتخابات برلمانية جديدة.


أسباب تعثر الممارسة الديمقراطية:
1– الأسباب الداخلية: التغير في عقيدة الحزب
و بدأ الاستعداد داخل حزب العمل لذلك، و بدأت لجان المؤتمر العام و اللجنة التنفيذية في الحزب تعقد اجتماعاتها لمناقشة ما يلي: سُبل دخول مجلس الشعب، و شكل التحالف مع القوى و الأحزاب السياسية الأخرى سواء الرسمية (التجمع، و الأحرار، و الناصري) أو التي لم تحصل على شرعيتها (جماعة الإخوان المسلمين). و قد تواكب مع هذه الأحداث، سفر حامد زيدان رئيس تحرير صحيفة "الشعب" التي يصدرها حزب العمل إلى دولة خليجية للعمل بها؛ فتولي عادل حسين رئاسة التحرير، و أصبح بحكم موقعه عضو باللجنة التنفيذية العليا للحزب. و هي مرحلة تحول هامة في توجهات الحزب من جانب، و في توجهات صحيفة الحزب من جانب آخر. وقد ظهر هذا التحول في حرص عادل حسين و اهتمامه بفتح عدة قنوات اتصال مع جماعة الإخوان المسلمين. و بالفعل تم عقد اجتماع في مكتب إبراهيم شكري (رئيس حزب العمل)، و حضره عن حزب العمل كل من: إبراهيم شكري، و عادل حسين، و أحمد مجاهد، و ممدوح قناوي، و جمال أسعد. و حضر عن جماعة الإخوان المسلمين كل من: مصطفى مشهور و محمد المأمون الهضيبي... حيث تم الاتفاق على: التحالف بين كل من: حزب العمل و حزب الأحرار وجماعة الاخوان المسلمين. أن يتم التحالف على أساس 40 % للعمل، و 40 % للإخوان، و 20 % للأحرار. إنه تحالف إسلامي له برنامج موحد يشمل على عشر نقاط. و كان نتيجة لهذا التغيير الذي طرأ في المؤتمر العام لحزب العمل قبيل انتخابات عام 1987؛ أن تم طرح برنامج له صبغة إسلامية، و يرفع الشعار الانتخابي (الإسلام هو الحل). و قد نتج عن هذا التحالف استقالة العديد من الرموز و القيادات الحزبية، و على سبيل المثال: أبو الفضل الجيزاوي، و ممدوح قناوي، و إبراهيم العزازي. و على الرغم من هذا التحالف، فإنه سرعان ما حدث أول صدام بين حزب العمل و جماعة الإخوان المسلمين.. عندما قرر حزب العمل أن يكون جمال أسعد (المسيحي) على رأس القائمة الانتخابية لمحافظة أسيوط في صعيد مصر. و بعد صراع مرير بين الحزب و الجماعة.. تم الاتفاق على أن يتم ترشيح محمد السيد حبيب مرشح الجماعة على المقعد الفردي، بينما يتم ترشيح جمال أسعد على رأس قائمة أسيوط. و في هذا السياق، نذكر الدور التاريخي و السياسي الذي قام به عادل حسين مع حامد أبو النصر (المرشد العام الراحل لجماعة الإخوان حينذاك) قبل الانتخابات بعدة ساعات حيث أصدر المرشد بياناً يدعو فيه جماعته لانتخاب جمال أسعد. و تتوالى السنوات، إلى أن جاء الاستعداد الخاص بانتخابات المؤتمر العام لحزب العمل عام 1989. والتي ظهرت فيها بشدة أن هناك صراع و تنافس بين الاتجاه الاشتراكي و بين الاتجاه الإسلامي. و هو الصراع الذي حُسم بصعود الاتجاه الإسلامي و سقوط الاتجاه الاشتراكي بعد إنهاء أعمال المؤتمر و إعلان نتيجة الانتخابات صباح الجمعة. و ذلك قبل الانتهاء من جدول أعمال المؤتمر الذي بدأ الخميس صباحاً، و يستغرق مدة يومين. على هذا النحو، اجتمع الاتجاه الاشتراكي بعد سقوطه في مكتب أحمد مجاهد (نائب رئيس الحزب)، و قرروا عقد مؤتمراً جديداً في 10 مارس عام 1989. و هو ما أسفر عن لجنة تنفيذية ثانية و جديدة، حيث تولى فيها أحمد مجاهد رئاسة الحزب، و أصبح جمال أسعد نائباً لرئيس الحزب. و هو ما آثار الكثير من الخلط فيما بعد بين قيادات حزب العمل و قيادات الإخوان في الهيكل التنظيمي للحزب(3). و قد تم الإعلاء من درجة هذا الانشقاق إعلامياً و سياسياً سواء من خلال التدعيم الحكومي لهذا الانشقاق من خلال اللقاءات التي جمعت بين المنشقين و بين رئيس مجلس الشعب و وزير الداخلية حينذاك، أو من خلال إصدار صحيفة جديدة باسم الحزب لإضعافه أمام المجتمع و أمام الرأي العام(4). و نؤكد مرة ثانية على الدور الذي قام به عادل حسين - في ظل كل هذه الأحداث- بعد تعديله لمنهجه الفكري من الماركسية إلى الإسلام على المستويين الفكري و التنظيمي في إعادة تشكيل حزب العمل بنسق فكري و سياسي مختلف عما سبق، و بكوادر و بقيادات حزبية جديدة.. تمثلت في تركيبة حزب العمل الفريدة، بداية من الناصريين و الشيوعيين، و مروراً بالقوميين، وصولاً إلى الإسلاميين بمختلف توجهاتهم للانصهار في بوتقة مشروع "الإسلام الحضاري".. الذي يُُُمثل بشكل أو بآخر المشروع الفكري لعادل حسين نفسه. و على الرغم من أن صحيفة "الشعب" التي رأس تحريرها عادل حسين قبل أن يتولى منصب الأمين العام لحزب العمل قد تناولت أقباط مصر بشكل سيئ، فإن عادل حسين سرعان ما تدارك ذلك الأمر من خلال الحوار الفكري الذي قام به مع العديد من رموز أقباط مصر، و على سبيل المثال لا الحصر: جمال أسعد. و هو ما جعله يستطيع أن يكتسب ثقة العديد من رموز الأقباط فيما بعد .. لينضموا للحزب و لجنته التنفيذية ككوادر حزبية لها مكانتها السياسية و الفكرية. و هنا لابد أن نذكر بديهية، و هي أن عادل حسين قد استطاع من خلال قدراته الحزبية و خبراته السياسية أن يسيطر على كافة مقاليد حزب العمل بسهولة شديدة. و بالتالي، قدرته على إنجاح مؤيديه و إسقاط معارضيه. و ما ترتب على ذلك من تحييده لإبراهيم شكري (رئيس الحزب) في الصراع بينه و بين أحمد شكري (نجل إبراهيم شكري). و يُمكننا أن نرصد هنا بعض الملاحظات الهامة حول المؤتمر العام السابع لحزب العمل و الذي عقد يومي 15 و 16 أبريل 1999(5)، لما يحمله من دلالات هامة من جانب، و لكونه المؤتمر الأخير للحزب قبل التجميد من جانب آخر، و هي كالتالي- التأكيد علي وجود عدد كبير من عناصر الشباب داخل اللجنة التنفيذية للحزب و قواعده. - التأكيد علي التمثيل المنـاسب للمرأة، و هو ما تأكد من خـلال وجـود كل من: أسمـهان شكري و نجلاء القليوبي و إيمان جعفر. - دخول ثلاثة من الأقباط – للمرة الأولي– كأعضاء للجنة التنفيذية، و هم: جمال أسعد و جورج اسحق و هانى لبيب. - ظهور تنوع كبير بين أعضاء اللجنة على كل من المستويين: الفكري و السياسي.. ليكونوا تياراً متجانساً إلى حداً ما في قسماته العامة.
2- الأسباب الداخلية: صراع قيادات الحزب
أما عن أزمة حزب العمل التي تحدث عنها الكثيرون، فهي - كما نعتقد- الأزمة التي بدأت قبل رحيل عادل حسين (الأمين العام للحزب)، و تفاقمت بعد رحيله(6)، ثم انتخاب مجدي أحمد حسين خلفاً له(7)، و فوزه بدون منافسين. و هو ما دعي نجل إبراهيم شكري إلي الزعم بعدم قانونية هذا الانتخاب لأنه لم يُبلغ لمجلس الشورى لاعتماده(Cool. و منذ البداية، أبدى مجدي حسين عقب توليه أمانة الحزب استعداده لفتح قنوات للحوار مع الحكومة بشأن مستقبل الحزب المجمد.. غير أنه رفض المساومة علي المواقف الفكرية و الإسلامية للحزب(9). و في إجراء مفاجئ - كما وصفه البعض- لحسم النزاع المتفاقم داخل الحزب، قرر إبراهيم شكري تعيين حامد زيدان رئيساً لتحرير صحيفة "الشعب" خلفاً لمجدي حسين الذي تولي منصب الأمين العام للحزب. و ذلك علي اعتبار أن حامد زيدان كان أول من تولي منصب رئاسة تحرير صحيفة الحزب حينما بدأ الحزب نشاطه الرسمي تحت أسم حزب العمل الاشتراكي(10). و هو ما أدي إلي المزيد من الانشقاق و التصدع بعد تفسير البعض لهذا القرار بأنه (صفقة حكومية)، و هو ما نفاه إبراهيم شكري بشدة(11). و برر قراره بأنه بصدد إجراء تغيير في الصحيفة، و من غير المنطقي أن يأتي بالشخص (المقصود هو طلعت رميح..) الذي كان هو ذاته مسؤولاً عن جزء كبير من أخطاء كان من الممكن آلا تقع فيها الصحيفة و الحزب(12). و سارعت الجبهة المضادة لقرار تعين حامد زيدان رئيساً للتحرير بدعوة اللجنة التنفيذية(13) للحزب لاجتماع عاجل(14) حضرة 22 عضواً من أجمالي 55 عضواً. و تم اتخاذ قراراً بتعين محفوظ عزام نائباً لرئيس الحزب. و تعين طلعت رميح رئيساً للتحرير. و هو ما أعتبره طلعت مسلم عصياناً لقرارات رئيس الحزب؛ فقرر - نيابة عن رئيس الحزب الذي كان حينذاك خارج محافظة القاهرة- قراراً بإعفاء مجدي حسين و معه عشرة من القيادات من مناصبهم الحزبية، و إحالتهم للتحقيق الحزبي. و هم: مجدي حسين- محفوظ عزام-عبد الحميد بركات - مجدي قرقر - محمد السخاوي - طلعت رميح - نجلاء القليوبي- عمر عزام- محمد بدر -عامر عبد المنعم - رضا البيطار. و هو الاجتماع نفسه الذي طالب فيه أحد صحفيي "الشعب" من أعضاء اللجنة التنفيذية بعزل إبراهيم شكري للحفاظ عليه من تشويه صورته و استغلاله. و بعد عودة إبراهيم شكري إلي القاهرة قام بعقد لقاء في منزلة بالجيزة مع مجدي حسين و عدد من قيادات الحزب منهم: عبد الحميد بركات و أحمد المهدي و مجدي قرقر و محمد السخاوي. و اتفقوا في هذا الاجتماع علي دعوة اللجنة التنفيذية و الاحتكام إليها في جميع القضايا التي تسببت في اندلاع الأزمة الأخيرة، بالإضافة إلي وقف جميع الحملات الإعلامية المتبادلة(15). ثم فاجأ إبراهيم شكري (رئيس الحزب و رئيس مجلس إدارة صحيفة الشعب) الجميع بخطاب(16) وجهه إلي كل من: د.مصطفي كمال حلمي (رئيس المجلس الأعلى للصحافة) و إبراهيم نافع (نقيب الصحافيين) ينفي فيه الصفة الرسمية الحزبية لما ينشر علي موقع صحيفة "الشعب" علي الانترنيت، و يطالبهما باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. و كنهاية لهذا المشهد السياسي من الصراع داخل الحزب، و بعد عدة لقاءات مصغرة تم عقد لقاء خاص و مغلق للجنة التنفيذية.. حيث توصلوا في نهاية هذا الاجتماع إلي صيغة تفاهم/كحل وسط لاختيار كل من: حامد زيدان و طلعت رميح في منصب رئيس تحرير صحيفة "الشعب"(17). و ذلك بعد رفض إبراهيم شكري اختيار طلعت رميح، و تصميمه علي حامد زيدان، بل و تهديده بالانصراف و ترك الاجتماع. و بعد محاولات مجدي حسين بإقناع إبراهيم شكري بالاكتفاء بوضع عبارة (صدرت برئاسة تحرير حامد زيدان) علي صدر الصحيفة(18). كما ألغي إبراهيم شكري في هذا الاجتماع القرار السابق(19) الذي اتخذه طلعت مسلم نيابة عنه بإعفاء عشرة من قيادات الحزب. علي هذا النحو، توالت الأزمات علي الحزب - بوجه خاص- بعد القرار الغريب، بل و العجيب للمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة بإلغاء قرار لجنة شؤون الأحزاب السياسية بالاعتراض علي تأسيس حزب الجيل الديمقراطي، و وافقت علي تأسيس الحزب و بدأ ممارسة عمله السياسي. و هو الحزب الذي يرأسه ناجي الشهابي.. أحد المتصارعين علي رئاسة حزب العمل (المجمد) مع إبراهيم شكري(20). و هو قرار لا يخلو من فعل (الصدمة) لما يحمله من معاني و دلالات علي الحياة السياسية في مصر، خاصة إذا عرفنا أن عدداً من أعضاء حزب العمل الذين انشقوا عليه في السنوات الأخيرة هم أنفسهم من مؤسسي الحزب الجديد. نستخلص من كل ما سبق أن هناك أزمتين.. كان لهما أكبر الأثر في عرقلة الممارسة الديمقراطية داخل حزب العمل و خارجه: الأزمة الداخلية هي التي أثارها البعض رغم عدم صلاحيتهم – بل و أهليتهم – للتناحر علي رئاسة الحزب، و هو ما جعلهم يخفقوا بسرعة كبيرة. و ذلك بعد أن أثاروا الكثير من الصخب. و لا شك أن أزمة الحزب منذ زمن لها جانبها الداخلي، و هو ما ظهر بشدة بعد ذلك في أزمته الخارجية. هذه الأزمة التي برزت عقب إعلان نتائج انتخابات اللجنة التنفيذية الأخيرة عام 1999 حينما قام ناجي الشهابي (واحد من القيادات المعارضة لعادل حسين) بالتشويش على الانتخابات.. غير إنه و من معه لم يتمكنوا من تغيير نتائج الانتخابات. و وصل الأمر بهم إلى حد تشكيك كل طرف في نزاهة و وطنية الآخر. و تفاقمت الأزمة للدرجة التي بدأ بها إبراهيم شكري في التلويح بإصدار صحيفة جديدة للحزب بخلاف صحيفة الشعب، و ذلك بالتعاون مع مجموعة أحمد شكري و أعوانه. و لكن سرعان ما أتخذ المكتب السياسي موقف حاسم و أجهض هذه المحاولات، و هو ما أكد على أن صلاحيات رئيس الحزب قد تقلصت إلى درجة كبيرة.


الأسباب الخارجية: موقف الحكومة من الحزب

أما الأزمة الخارجية فهي التي تفاقمت بسبب رواية "وليمة لأعشاب البحر" لكاتبها السوري حيدر حيدر. هذه الأزمة التي تلقفها النظام السياسي في مصر ضد حزب العمل، حيث دعم –بشكل أو بآخر– الانشقاقات الفردية، ثم وجه للحزب الضربة القاصمة من خلال وقف إصدار صحيفته و تجميد نشاطه، بالإضافة إلي تصعيد المنشقين إلي درجة المنافسين. و هو ما ترتب عليه تهميش حزب العمل من علي الساحة السياسية المصرية، و إظهاره مع منطق التكفير و ضد العقلانية. خاصة في ظل الإعداد لانتخابات مجلس الشعب حينذاك، و هو ما يعني – أيضاً – بشكل مباشر.. موقف النظام السياسي من كافة التيارات الإسلامية التي يضمها حزب العمل تحت برنامجه. في البداية، قامت صحيفة "الأسبوع" القاهرية بالتنديد بشكل موضوعي بالرواية، و أظهرت مدى إزدرائها للأديان و خدشها للحياء. و لم ينتبه أحد لذلك. أما ما حدث مع حزب العمل فإنه في يوم 28 أبريل سنه 2000 حينما نشرت صحيفة "الشعب" مقال بعنوان (من يبايعني علي الموت) لطبيب يُحسب على التيار الإسلامي، و جاء المقال عبارة عن منشور تحريضي علي القتل بعد أن أخرج الجميع من الملة و الدين بسبب رواية "وليمة لأعشاب البحر"، و تبعه بعد ذلك بسلسلة من المقالات يُكفر فيها مجموعة من الكتاب و الشعراء.. مما أثار طلاب جامعة الأزهر فاندلعت التظاهرات. و الطريف أن الرواية التي هاجمها قد نشرت منذ ما يزيد علي عقدين من السنوات. غير أنه قد عثر فيها على ثلاث أو أربع جمل يتفوه بها أحد شخوص الرواية حيث فهم أنها تحتوي علي تعدي ضد الله و الرسول و القرآن. و أستغل هذا الفهم في كتابه مانشتات ضخمة نشرها في صحيفة الشعب، مثل: (إلي شعب مصر أغضب في الله). و دعي الرئيس المصري و شيخ الأزهر و المفتي إلي إقامة الحد علي من وصفهم: (الفاجر بن الفاجر، و الفاسق أبن الفاسق، و الكافر أبن الكفار.. مؤلفاً و ناشراً و وزارة). و هو ما يظهر أن اجتزاء بعض العبارات من سياقها و وضعها في عناوين ضخمة لقارئ عام لهو تحريض علي الترويع و القتل. و هو ما وصل إلي ذروته في مانشتات صحيفة "الشعب" ليومي الثلاثاء 2 مايو و الجمعة 5 مايو سنه 2000 و ما لا شك فيه أن تلك قضية شائكة، ينبغي التعامل معها بمنتهى الحذر.. بحيث تتضح فيها الخطوط الفاصلة بين حماية النظام العام و الآداب، و بين مصادرة حرية التعبير و الإبداع. و يظل التحدي الحقيقي متمثلاً في الكيفية التي يمكن بها احترام ثوابت المجتمع و قيمة الأساسية، و بين احترام الحق في التعبير و الإبداع. إن حرية التعبير لا تمارس في فراغ، و إنما تتعامل مع واقع اجتماعي معين لابد من احترام قيمة الأساسية. و حينما نسترجع ما حدث نلحظ أن الصدام بين الإسلاميين و التيارات السياسية الأخرى عاد إلي الظهور علي السطح بشكل حاد، فأغلبية.. احتشدت كمؤيدين لموقف الرواية و صاحبها باسم الدفاع عن حرية الإبداع، و أغلبية الإسلاميين كانوا في المعسكر المضاد. الأمر الذي بدا كاشفاً لحقيقة تتمثل في عجز النخبة عن الاتفاق علي طبيعة ثوابت المجتمع و حدود خطوطه الحمراء التي يتعين الوقوف عندها. إشكالية الممارسة الديمقراطية في الأحزاب المصرية في ظل الديمقراطية المقيدة: حزب العمل نموذجاً بقي أن نقول أن الأزمة التي تسببت فيها رواية "وليمة لأعشاب البحر" توضح شكل العلاقة بين النظام السياسي و الحزب المعارض في مصر من جانب، و علاقة الأحزاب بالقوي السياسية و المثقفين من جانب آخر(22).. كنموذج للإطار العام الذي يحكم الحياة الحزبية في مصر. أضف إلي هذا الآلية الداخلية للأحزاب المعارضة بين مواطن القوة و نقاط الضعف، و الدور المحوري لكل من رئيس الحزب و أمينة العام
و من هذا المنطلق نرصد -هنا- سريعاً بعض الأحكام القضائية التي حصل عليها حزب العمل، و لم تنفذ: 1. أصدرت لجنة شؤون الأحزاب السياسية في 25 فبراير سنه 2000 قراراً يتضمن عدم الاعتداد بأي من المتنازعين حول رئاسة حزب العمل حتى يتم حسم النزاع بينهم رضاء أو قضاء، و وقف إصدار صحيفة الشعب خلال فترة النزاع. 2. أقام إبراهيم شكري (رئيس الحزب) الدعوى رقم 8368 أمام محكمة القضاء الإداري في 21 مايو سنه 2000 حيث طلب في ختامها وقف تنفيذ قرار لجنه شؤون الأحزاب السياسية الصادر في 20 مايو سنه 2000، و جميع ما ترتب عليه من أثار. 3. أقام إبراهيم شكري (رئيس الحزب) الدعوى رقم 8687 في 28 مايو سنه 2000، و الذي طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً و بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار لجنه شؤون الأحزاب السياسية مع ما يترتب علي ذلك من أثار، و الأمر بتنفيذ الحكم بمسودة و بدون إعلان. 4. أصدرت الدائرة الأولي بمحكمة القضاء الإداري في25 يوليو سنه 2000 حكماً في الدعوتين 8368 و 8687 بقبول الدعوتين شكلاً، و بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم الاعتداد بأي من المتنازعين علي رئاسة حزب العمل الاشتراكي و وقف إصدار صحيفة الشعب و غيرهما من صحف الحزب، و ما يترتب علي ذلك من أثار. و ألزمت جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب، و أمرت بتنفيذ هذا الحكم بمسودته و دون إعلان. و إحالة الدعوى إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها. 5. حين تحقق للجنة شؤون الأحزاب السياسية أن قرارها الصادر في20 مايو سنة2000 سيصدر الحكم بوقف تنفيذه لا محالة في جلسة 25 يوليو سنة 2000 بعد أن استنفذت اللجنة المذكورة دفاعها في الدعوى صارت إلي عقد اجتما

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12654996

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 34

الأوسمه :

 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر 1384c10


الأوسمة
 :


 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر    آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر I_icon_minitime23/9/2011, 11:38

خيارات المساهمة


الأسباب الخارجية: موقف الحكومة من الحزب

أما الأزمة الخارجية فهي التي تفاقمت بسبب رواية "وليمة لأعشاب البحر" لكاتبها السوري حيدر حيدر. هذه الأزمة التي تلقفها النظام السياسي في مصر ضد حزب العمل، حيث دعم –بشكل أو بآخر– الانشقاقات الفردية، ثم وجه للحزب الضربة القاصمة من خلال وقف إصدار صحيفته و تجميد نشاطه، بالإضافة إلي تصعيد المنشقين إلي درجة المنافسين. و هو ما ترتب عليه تهميش حزب العمل من علي الساحة السياسية المصرية، و إظهاره مع منطق التكفير و ضد العقلانية. خاصة في ظل الإعداد لانتخابات مجلس الشعب حينذاك، و هو ما يعني – أيضاً – بشكل مباشر.. موقف النظام السياسي من كافة التيارات الإسلامية التي يضمها حزب العمل تحت برنامجه. في البداية، قامت صحيفة "الأسبوع" القاهرية بالتنديد بشكل موضوعي بالرواية، و أظهرت مدى إزدرائها للأديان و خدشها للحياء. و لم ينتبه أحد لذلك. أما ما حدث مع حزب العمل فإنه في يوم 28 أبريل سنه 2000 حينما نشرت صحيفة "الشعب" مقال بعنوان (من يبايعني علي الموت) لطبيب يُحسب على التيار الإسلامي، و جاء المقال عبارة عن منشور تحريضي علي القتل بعد أن أخرج الجميع من الملة و الدين بسبب رواية "وليمة لأعشاب البحر"، و تبعه بعد ذلك بسلسلة من المقالات يُكفر فيها مجموعة من الكتاب و الشعراء.. مما أثار طلاب جامعة الأزهر فاندلعت التظاهرات. و الطريف أن الرواية التي هاجمها قد نشرت منذ ما يزيد علي عقدين من السنوات. غير أنه قد عثر فيها على ثلاث أو أربع جمل يتفوه بها أحد شخوص الرواية حيث فهم أنها تحتوي علي تعدي ضد الله و الرسول و القرآن. و أستغل هذا الفهم في كتابه مانشتات ضخمة نشرها في صحيفة الشعب، مثل: (إلي شعب مصر أغضب في الله). و دعي الرئيس المصري و شيخ الأزهر و المفتي إلي إقامة الحد علي من وصفهم: (الفاجر بن الفاجر، و الفاسق أبن الفاسق، و الكافر أبن الكفار.. مؤلفاً و ناشراً و وزارة). و هو ما يظهر أن اجتزاء بعض العبارات من سياقها و وضعها في عناوين ضخمة لقارئ عام لهو تحريض علي الترويع و القتل. و هو ما وصل إلي ذروته في مانشتات صحيفة "الشعب" ليومي الثلاثاء 2 مايو و الجمعة 5 مايو سنه 2000 و ما لا شك فيه أن تلك قضية شائكة، ينبغي التعامل معها بمنتهى الحذر.. بحيث تتضح فيها الخطوط الفاصلة بين حماية النظام العام و الآداب، و بين مصادرة حرية التعبير و الإبداع. و يظل التحدي الحقيقي متمثلاً في الكيفية التي يمكن بها احترام ثوابت المجتمع و قيمة الأساسية، و بين احترام الحق في التعبير و الإبداع. إن حرية التعبير لا تمارس في فراغ، و إنما تتعامل مع واقع اجتماعي معين لابد من احترام قيمة الأساسية. و حينما نسترجع ما حدث نلحظ أن الصدام بين الإسلاميين و التيارات السياسية الأخرى عاد إلي الظهور علي السطح بشكل حاد، فأغلبية.. احتشدت كمؤيدين لموقف الرواية و صاحبها باسم الدفاع عن حرية الإبداع، و أغلبية الإسلاميين كانوا في المعسكر المضاد. الأمر الذي بدا كاشفاً لحقيقة تتمثل في عجز النخبة عن الاتفاق علي طبيعة ثوابت المجتمع و حدود خطوطه الحمراء التي يتعين الوقوف عندها. إشكالية الممارسة الديمقراطية في الأحزاب المصرية في ظل الديمقراطية المقيدة: حزب العمل نموذجاً بقي أن نقول أن الأزمة التي تسببت فيها رواية "وليمة لأعشاب البحر" توضح شكل العلاقة بين النظام السياسي و الحزب المعارض في مصر من جانب، و علاقة الأحزاب بالقوي السياسية و المثقفين من جانب آخر(22).. كنموذج للإطار العام الذي يحكم الحياة الحزبية في مصر. أضف إلي هذا الآلية الداخلية للأحزاب المعارضة بين مواطن القوة و نقاط الضعف، و الدور المحوري لكل من رئيس الحزب و أمينة العام
و من هذا المنطلق نرصد -هنا- سريعاً بعض الأحكام القضائية التي حصل عليها حزب العمل، و لم تنفذ: 1. أصدرت لجنة شؤون الأحزاب السياسية في 25 فبراير سنه 2000 قراراً يتضمن عدم الاعتداد بأي من المتنازعين حول رئاسة حزب العمل حتى يتم حسم النزاع بينهم رضاء أو قضاء، و وقف إصدار صحيفة الشعب خلال فترة النزاع. 2. أقام إبراهيم شكري (رئيس الحزب) الدعوى رقم 8368 أمام محكمة القضاء الإداري في 21 مايو سنه 2000 حيث طلب في ختامها وقف تنفيذ قرار لجنه شؤون الأحزاب السياسية الصادر في 20 مايو سنه 2000، و جميع ما ترتب عليه من أثار. 3. أقام إبراهيم شكري (رئيس الحزب) الدعوى رقم 8687 في 28 مايو سنه 2000، و الذي طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً و بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار لجنه شؤون الأحزاب السياسية مع ما يترتب علي ذلك من أثار، و الأمر بتنفيذ الحكم بمسودة و بدون إعلان. 4. أصدرت الدائرة الأولي بمحكمة القضاء الإداري في25 يوليو سنه 2000 حكماً في الدعوتين 8368 و 8687 بقبول الدعوتين شكلاً، و بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم الاعتداد بأي من المتنازعين علي رئاسة حزب العمل الاشتراكي و وقف إصدار صحيفة الشعب و غيرهما من صحف الحزب، و ما يترتب علي ذلك من أثار. و ألزمت جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب، و أمرت بتنفيذ هذا الحكم بمسودته و دون إعلان. و إحالة الدعوى إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها. 5. حين تحقق للجنة شؤون الأحزاب السياسية أن قرارها الصادر في20 مايو سنة2000 سيصدر الحكم بوقف تنفيذه لا محالة في جلسة 25 يوليو سنة 2000 بعد أن استنفذت اللجنة المذكورة دفاعها في الدعوى صارت إلي عقد اجتماع عاجل و طارق بجلسة 24 يوليو سنة 2000 حيث أصدرت فيه قراراً آخر متضمناً وقف إصدار صحف الحزب و وقف نشاطه. 6. أقام إبراهيم شكري ( رئيس الحزب ) طعناً أمام محكمة القضاء الإداري تم قيده برقم 11525 لسنه 54 ق طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار لجنة شؤون الأحزاب السياسية الصادر في 24 يوليو سنة 2000 مع ما يترتب علي ذلك من أثار، و الأمر بتنفيذ الحكم بمسودته و دون إعلان. 7. أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في 9 سبتمبر سنه 2000 في الطعن رقم 11525 لسنه 54 ق بوقف تنفيذ قرار لجنة شؤون الأحزاب السياسية الصادر في 24 يوليو سنه 2000 فيما تضمنه من وقف إصدار صحيفة "الشعب". 8. أقام إبراهيم شكري ( رئيس الحزب ) في 11 سبتمبر سنه 2000 الدعوى رقم 13857 لسنه 54 ق ضد رئيس مجلس الشورى بصفته رئيس لجنة شؤون الأحزاب السياسية حيث طلب في ختامها بصفة مستعجلة الأمر باستمرار تنفيذ الحكمين الصادرين في الدعاوى أرقام 8368 و 8687 و 11525 مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات و الأتعاب. 9. أصدرت المحكمة الإدارية العليا في 28 سبتمبر سنه 2000 حكمها بالإجماع في الطعن المقدم من رئيس مجلس الشورى بصفته رئيس لجنة شؤون الأحزاب السياسية ضد إبراهيم شكري (رئيس حزب العمل)، و المقيد تحت رقم 11604 عليا برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، و الصادر في الدعوى رقم 11525 بجلسة 9 سبتمبر سنة 2000 لصالح إبراهيم شكري (رئيس الحزب) بصفته. 10. أصدرت محكمة القضاء الإداري في 3 أكتوبر سنه 2000 حكماً في الدعوى رقم 13857 لسنه54 ق، و المقامة من إبراهيم شكري ضد رئيس مجلس الشورى بصفته رئيس لجنة شؤون الأحزاب السياسية بقبول الدعوى شكلاً، و بوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية المدعي عليها السلبي بالامتناع عن تنفيذ الحكمين الصادرين في الدعوتين 8368 و 8687 بجلسة 25 يوليو سنه 2000، و ما ترتب علي ذلك من أثار و ألزمت جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب. و أمرت بتنفيذ الحكم بمسودته و دون إعلان و بإحالة الدعوى إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد التقرير بالرأي القانوني في موضوعها. 11. تم إعلان الأحكام الصادرة لصالح إبراهيم شكري (رئيس الحزب) للجهة المعنية بتنفيذها، و علي يد محضر لضرورة تنفيذها خلال الفترة المحددة في المادة 123 عقوبات لاعتبار المعرقل لتنفيذها مرتكب جريمة الامتناع عن تنفيذ أحكام قضائية واجبة التنفيذ. 12. أقام إبراهيم شكري (رئيس الحزب) دعوة جديدة أمام جنح مصر الجديدة ضد رئيس مجلس الشورى بصفته و عن نفسه، و يجري تداولها. 13. أقام رئيس مجلس الشورى بصفته رئيساً للجنة شؤون الأحزاب السياسية اشكالان أمام الدائرتين الأولي و العاشرة بمحكمة القاهرة للأمور المستعجلة، و قد ضمتا للنطق بالحكم بجلسة 1 أغسطس سنة 2000، و هما اشكالان قدما علي خلاف القانون، و قصد منهما تعطيل تنفيذ الأحكام الصادرة لصالح صحيفة "الشعب". و قد وصفت محكمة القضاء الإداري تصرف هيئة قضايا الدولة بأنه يحيد بركن من أركان الدولة القانونية مما يتعين معه الترفع عن إتيان ما من شأنه الالتفاف حول حجية الأحكام تعطيلاً لتنفيذها و نيلاً من رفيع مكانتها، و قد صدر الحكم في الاستشكالين بجلسة 8 يناير سنه 2001 كما كان متوقعاً بعدم الاختصاص، غير أن الأحكام الصادرة بعودة صحيفة "الشعب" و من قبلها حزب العمل لم تنفذ أيضاً. 14. رفضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في 20 مارس سنة 2001 الاستشكالات المقدمة من الحكومة المصرية في قضية تجميد حزب العمل و إيقاف صحيفة "الشعب". هذه مجرد أمثلة من واقع معاناة حزب سياسي في التأكيد على مقومات وجودة و شرعية بقاءه. و لقد وصل الأمر برئيس الحزب أن صرح بقوله: لقد فعلنا كل ما هو قانوني حتى يعود الحزب إلي ساحة العمل السياسي في مصر، و لكن يبدوا أن الأمور تدار بطرق لا نعرفها، و لم نعد قادرين علي التعامل معها(23). شهادة أخيرة بقي أن نرصد بعض الملاحظات الأساسية حول قضية حزب العمل و عنها، و هي تنقسم إلى: ملاحظات خاصة عن حزب العمل: - (الإسلام هو الحل)..شعار سياسي يُعاد تفسيره و تأويله بأكثر من شكل، لأن الإسلام الصحيح/المعتدل هو الذي يسمح بالشورى و التعددية التي تقر بوجود غير المسلم في المجتمع الإسلامي. أما إذا كان علي النقيض من ذلك، فأن الضرر و الخطر سيقع علي عاتق الجميع.. سيبدأ بالمسيحي، و سينتهي بالمسلم نفسه. كما إنه شعار لا يعني (الفرز) بقدر ما يشير إلى المظلة الإسلامية للحضارة العربية، و التي تتضمن: المصرية، و الفرعونية، و المسيحية. إن التوجه الإسلامي المعتدل هو الذي يضمن المساواة في الحقوق و الواجبات بين كافة المواطنين علي السواء. فالإسلام المعتدل هو الذي يضمن للأقباط بل للمصريين جميعاً أمنهم و سلامتهم. خاصة، أن شعار "الإسلام هو الحل" قد ظهر كرد فعل للحداثة في مواجه ما يسمي بالغزو الفكري الأوروبي الأجنبي من جانب(24)، و بمعني أن الإسلام هو الحل أي السبيل الوحيد للإصلاح من جانب آخر(25). و ذلك مع تأكيدنا علي أنه إذا كان الإسلام دين و دولة، فيجب أن نعي أن الإسلام (دولة) بمستوي يختلف عن مستوي العقيدة و الشريعة، و وهو ما يتطلب فهم البعد السياسي فيه(26).. ذلك أن شمولية الإسلام لا تعني، و لا يجب أن تعني خلط المسلمين بين المتمايز و المتغاير من مستوياته لأنه دين شمل الأشياء ليميز بينها.. لا ليخلط بينها. و بالتالي لا يمكن أن نخلط بين ثوابت الدين ومتغيرات السياسة(27). و هو ما يجعلنا نميل إلي الرأي الذي يؤكد علي أن الإسلام دين و أمة، فالتأصيل النظري و الموضوعي يؤكد أن كل من: أبو الأعلى المودودي و سيد قطب قد دعوا إلي فكرة الدولة الإسلامية بحث تكون أداة للحاكمية الإلهية، و يُعتبر كل ما عاداها جاهلية.. و هو أضيق المعاني. إن قضية الإيمان و الكفر قضية فردية تعود إلي صاحبها، و ليست من قضايا النظام العام.. فقد أراد الله تعددية الأديان (و لو شاء لجعل الناس أمة واحدة)، كما أنه ليست من الإسلام في شيء أن تتجادل الأديان أو أن يدعي بعضها الأفضلية أو الامتياز أو أنه يحتكر الهداية. و يتسق مع هذا كله أن القرآن الكريم لم يضع حداً دنيوياً علي الردة(28). بالإضافة إلي أن دولة المدينة أيام الرسول (ص) هي تجربة فريدة لا تتكرر و لكن تستلهم، و الذي حدث بعد ذلك باسم دولة الإسلام لا يختلف في شيء عن الرأسمالية و الشيوعية(29). و بالتالي، نجد أن الأمة هنا ليست مثل الدولة أي السلطة، بل هي الشعوب و الجماهير التي تؤمن بالإسلام. و هذه الأمة ليست من صنع التاريخ/الجغرافيا، و ليست قرار ملك/فرعون، و إنما من صنع الإسلام(30). إذن، نعتقد إنه لا يجب أن يُثير هذا الشعار خوف المسيحيين و قلقهم تجاه العمل السياسي لحزب العمل صاحب التوجه الإسلامي من المنظور الحضاري العربي، و ليس المنظور الديني الطائفي. فحزب العمل يدعو إلي فهم المجتمع بمرجعية إسلامية في إطار حضاري و سياسي عربي معاصر. - الدعوة إلى وجود وحدة عربية تكتليه أمام التجمعات الغربية، و هو ما وجدته كأحد المرتكزات الإستراتيجية في الخطاب السياسي لحزب العمل.. من خلال موقفه تجاه كل من: ليبيا و السودان و العراق، بالإضافة إلى موقفه تجاه المطالبة بالمزيد من التقارب المصري – الإيراني، و رفع درجة التمثيل الدبلوماسي بينهما. فهذا التقارب في ظل وجود الرئيس الإيراني محمد خاتمي؛ إنما يمثل في حقيقة الأمر نوعاً من التكتل القوي أمام دول العالم الأول بصورة متوازنة. - و نتساءل: لماذا تتعامل أنظمتنا العربية مع التظاهرات على اعتبار إنها من المحرمات السياسية؟، و في الوقت نفسه: متى ترقى شعوبنا في تظاهراتها بعيداً عن عمليات الشغب و التدمير للممتلكات العامة؟!!إنه منطق: اللهم إلا مبدأ الترغيب و الترهيب. و هل في الصالح العام لتطوير الآلية الديمقراطية في بلادنا تجميد الأحزاب؟، خاصة إذا كان هناك حزب يجمع تحت طياته بشكل أو بآخر تيارات عديدة من التيارات السياسية الإسلامية؟.. مع التأكيد على إننا لا يمكن أن ننكر وجود التيار الإسلامي، و بالتالي لا يمكن تجاهله أيضا. - لا أحد يستطيع أن ينكر الدور الذي قامت به صحيفة "الشعب" في الدفاع عن مصالح الوطن العليا.. خاصة في معاركها ضد الوزراء و الفساد، غير أن هذا لا ينفي السقطة الكبرى في قضية (وليمة لأعشاب البحر).


ملاحظات عامة عن المناخ السياسي في مصر:
أن التاريخ السياسى فى مصر قد عرف فى معظمه نظام الانتخاب الفردى المباشر، باستثناء فترات قليلة اتجه فيها النظام السياسى لتغيير قوانين الانتخاب سعياً نحو الالتفاف على الإرادة الشعبية على نحو ما فعلت وزارة صدقى، وكما بدا الأمر خلال الثمانينيات. لم تكد النظم الانتخابية التى عرفتها مصر تؤتى بعد ثمارها المرجوة على النظام الحزبى، وعلى مسيرة التطور الديموقراطى، على نحو ما حدث فى تجارب بلدان أخرى؛ وقد كان ذلك نتيجة المحددات المرتبطة بواقع الحياة السياسية فى مصر والتى تهيمن فيها السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية وتحول دون قوتها أو عدالة تمثيلها للقوى والتيارات السياسية الموجودة فى البلاد. هذا فضلاً عن طبيعة الثقافة السياسية التى تكرس الخضوع والطاعة، وضعف النظام الحزبى، وطبيعة الظروف الاقتصادية والاجتماعية التى تحول دون اهتمام الناس بالسياسة. لقد كان من جراء تلك العوامل تيسير سبل الالتفاف حول ضوابط النظام الانتخابى ليصير بمثابة أداة لإقرار الأوضاع القائمة التى تكرس هيمنة الحزب الحاكم بصورة أو بأخرى. وهكذا، جعلت كل تلك الأمور تغيير النظام الانتخابى أداةً فى يد السلطة أكثر من كونه أداة فى يد المحكومين، وبالأحرى القوى السياسية المعارضة. ومن ثم تتأتى أثاره السلبية على تلك القوى والتيارات، دون أن تجنى منه بعد إلا حصاد الهشيم. ومما سبق، يمكننا أن نستنتج أن فاعلية تطبيق نظام انتخابى ما تتوقف على العديد من المحددات التى قد تؤدى به على دعم المسيرة الديموقراطية، أو أن يصير بمثابة عقبة تتنكب سبيل التحول الديموقراطى. وتأتى إرادة النظام السياسى فى تحقيق الديموقراطية ودفعها نحو التقدم والازدهار فى مقدمة تلك لعوامل؛ فبوجودها قد يتأتى لنظام قاصر أن يكون أصدق تعبيراً، و أكثر تمثيلاً لإرادة الناخبين من نظام انتخابى متطور يفتقد تلك الإرادة. بل إن الأخير قد يُستخدم من قِبل السلطة للحد من احتمالات التطور الديموقراطى. - بعيداً عن نظرية المؤامرة التي تستهدف مصر و الأمة العربية؛ فأننا في ظل "العولمة" و "النظام العالمي الجديد" نحتاج إلي الحفاظ علي خصوصيتنا و التمسك بها في ظل هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية و حليفتها المدللة الكيان الصهيوني العنصري علي مقدرات غالبية دول الوطن العربي. غير أن هذه الخصوصية لن تتحقق إلا بالمشاركة الفعالة للمصريين (بوجه عام) و الشباب (بوجه خاص) علي كافة المستويات السياسية و الثقافية و الاجتماعية، و بالتالي العمل السياسي/الحزبي. و –أيضاً– للحد من التفسير الطائفي (الديني) للأحداث الإقليمية و الأحداث العالمية حتى لا ننمي التطرف و التعصب في حياتنا السياسية. إن العمل الحزبي يسمح بمساحة كبيرة من الديناميكية و التفاعل البناء لأعضائه، و ذلك – بشرط – وضوح منظومة الولاء و الأهداف. -إن الجمود الفكري الذي نعيش فيه الآن.. أدى إلى حصر السواد الأعظم من التيار الإسلامي في نفق الأزمة.. التي تؤدي إلى حالة من التشويش سواء حينما يطالبوا بإنشاء حزب سياسي من أجل الوصول إلى السلطة/الحكم، أو حينما يؤكدون على انهم سيكونوا جنودا لأي حكومة تطبق الشريعة الإسلامية.. دون التأكيد أو الإشارة إلى مدى كفاءة هذه الحكومة أو فسادها أو دورها في التنمية(31). الممارسة الحقة هي الفيصل والحكم الانتخابات التشريعية في الديمقراطية الانتخابية التنافسية المتعددة التي تلائم عمليات التغيير والتحول الديمقراطي تتفق ولا تختلف كثيرا عن امتحانات الثانوية العامة في النظم التعليمية التي تعكس الوضع في المجتمع ولا تلبي احتياجاته!! في الديمقراطية الانتخابية فالانتخابات أو بالأصح هي إحدي آليات الممارسة والمشاركة السياسية إلا أنها لا تعبر بشكل كامل عن الاختيار الحر للمواطنين أو عن الممارسة الديمقراطية الصحيحة والحقة لأنها لا تتيح في النهاية إلا الاختيار من بين الأحزاب والقوي السياسية الموجودة بغض النظر عن حجمها وطبيعتها وقوتها وشرعيتها وعلاقاتها بالجماهير ومشاكل المجتمع ثم إنها أيضا لا تتيح إلا الاختيار من بين البدائل التي تقدمها الأحزاب والقوي السياسية وقياداتها العليا. والثانوية العامة أو ما يعادلها رغم أنها تمثل مرحلة تعليمية هامة وفاصلة إلا أن كل من يدخلها ويلتحق بها ليس من الضروري أن يكون ملائما ومؤهلا لها وأحق بها وهو ما ينعكس بالتالي علي امتحاناتها فرغم كونها المعيار الأساسي لاجتيازها لبدء مرحلة تعليمية جديدة ومختلفة إلا أن نتيجة تلك الامتحانات لا تعبر بحق وبصدق علي مستوي من اجتازها ونجح فيها في الديمقراطية الانتخابية فعمليات التصويت والاقتراع وهو ما نطلق عليه مجازا الانتخابات تتدخل فيها متغيرات وعوامل كثيرة تؤثر في نتائجها بشكل كبير ومباشر في مقدمتها دقة التنظيم والقدرة علي التعبئة والحشد وضعف الأحزاب والقوي المنافسة والشعارات المرفوعة والمطروحة والخطب السياسية وثغرات القوانين والضوابط وما تسفر عنه من بلطجة ورشاوي وتزوير مقنع مثلما هو الحال في امتحانات الثانوية بداية من الغش وضعف الرقابة واختلاف معايير التصحيح والتعامل معها برؤية سياسية وتأثير الرأي العام علي نتائجها. المحصلة النهائية واحدة فالانتخابات وعمليات التصويت والاقتراع تفرز عناصر قد تكون غير مؤهلة ولا تعبر عن مختلف قوي الشعب التي تدخل البرلمان بالخداع والتدليس والأموال وامتحانات الثانوية تقدم بدورها طلبة قد يلتحقون بالجامعة وكليات القمة وهم غير مؤهلين ولا مستحقين لها!! ما أحاول الاقتراب منه والتطرق إليه ليس هدفه تفسير وتبرير ما حدث في جوالات انتخابات مجلس الشعب الحالية لأن أساتذة وعلماء السياسة والعلوم الدستورية يعرفون جيدا أن الحركات الإسلامية أو حركات ما يطلقون عليه الإسلام السياسي التي تمزج وتخلط في كثير من الأحيان بين الدين بكل ما يعنيه والسياسة بكل ما تتطلبه وتستغل الدين لتحقيق أهداف وأغراض سياسية لا تختلف كثيرا عن الحركات اليسارية والقومية التي ظهرت في أعقاب الحرب العالمية الثانية مستغلة لحظات التغيير والتحولات الكبري لجذب شرائح اجتماعية متعددة وتلعب علي التناقضات الداخلية والخلافات والصراعات وتحرك عوامل الغضب والتذمر الكامنة في المجتمع ولهذا فإن ما حدث في انتخابات مجلس الشعب وقد يراه البعض تحولاً ومنعطفًا جديدًا إلا أنه ليس بالأمر الجديد أو الخطير في مراحله الأولي. هدفي أيضا ليس مجرد إظهار وتجسيد الخوف والرعب من وصول المرشحين المستقلين الذين خاضوا الانتخابات تحت شعار الإسلام هو الحل علي اعتبار أن هدفهم تغيير النظام وطبيعة الدولة لأغراض شخصية خاصة في ظل نشر الزميل العزيز علي قلبي حمدي رزق بالزميلة المصور وثيقة أعدها النائب الثاني لمرشد جماعة الإخوان المسلمين المحظورة تحت عنوان "فتح مصر" لأن الشعارات الحماسية والعاطفية والدينية مهما كانت براعتها وقدرتها علي الإقناع حتي ولو بالخداع لا تقيم دولة إلا بغير نظام ثم إن الفرق كبير بين الحدود النظرية والممارسة العملية والقدرة علي التنفيذ والفرق أيضا كبير بين الشعارات البراقة حتي ولو استغلت الدين وبين الرؤي والأهداف المعتمدة علي بديل وبرنامج سياسي فعلي أو مشروع حقيقي له مقوماته الخاصة للبناء والتنمية والفروق واسعة وكبيرة بين الرفض والهدم والقدرة علي البناء. 2 - أحزاب المعارضة قبل تناول رؤى ومواقف أحزاب المعارضة من قضية الديمقراطية فإنه من الأهمية بمكان التأكيد أنه على الرغم من وجود 13 حزباً سياسياً في مصر، إلى جانب الحزب الوطني الديمقراطي (حتى منتصف عام 1996)، فالمؤكد أن أكثر من نصف عدد هذه الأحزاب يكاد يكون غير معروف للأغلبية العظمى من المصريين، لأنها ببساطة هي أحزاب صغيرة جداً وهامشية، وقد ظهر معظمها إلى حيز الوجود بأحكام قضائية راعت بالأساس الجوانب الشكلية دون الشروط الموضوعية لقيام الأحزاب السياسية. لذلك فهي أحزاب أقرب إلى الدكاكين الحزبية منها إلى التنظيمات السياسية بالمعنى المتعارف عليه. وعلى هذا الأساس فإن الأحزاب السياسية التي لها حضور نسبي على الساحة السياسية هي بالأساس: الوفد الجديد، وحزب العمل الاشتراكي، وحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي، والحزب العربي الديمقراطي الناصري. وعلى الرغم من وجود تفاوتات في ما بين الأحزاب السياسية المصرية من حيث حجم عضويتها وحدود قدرتها على التأثير السياسي، فهي تتسم بصفة عامة بالشخصانية، أي أن رئيس الحزب هو محور الحزب وعموده الفقري، بل هو الحزب نفسه. وبالتالي فهي أحزاب أشخاص أكثر منها أحزاب برامج. كما تتسم بضعف هياكلها التنظيمية وقواعدها الاجتماعية، أي هي لا تعبر عن قوى اجتماعية حقيقية داخل المجتمع. والدليل على ذلك أن أنشطتها غالباً ما تتركز في دوائر وشرائح اجتماعية وثقافية ضيقة في العاصمة وبعض المدن الكبرى. وهو ما يعني محدودية قدرتها على الانتشار والتغلغل في عمق المجتمع جغرافياً واجتماعياً وتنظيمياً. كما أن هناك أحزاباً عديدة تتسم بالسلفية، حيث ترتبط بالماضي أكثر من ارتباطها بالحاضر والمستقبل. وهو ما ينعكس في غلبة طابع العلاقات الشللية والشخصية والعائلية عليها من ناحية، وفي عدم تبلور أطرها الفكرية والمؤسسية والأيديولوجية على نحو واضح من ناحية أخرى. إذ لا تكاد توجد اختلافات جوهرية بين البرامج العامة لعدد من الأحزاب. ناهيك عن ضعف قدراتها المالية والتنظيمية واعتمادها في تمويل جانب مهم من أنشطتها على الدعم المالي الذي تتلقاه من الدولة وهو ما يفقدها، إلى جانب عوامل أخرى، صفة الاستقلالية عن أجهزة الدولة. ونظراً إلى جميع الاعتبارات السابقة، وغيرها، فإن أحزاب المعارضة في مصر، بوضعها الراهن، هي أضعف من أن تقوم بدور مهم ومؤثر في الحياة السياسية، كما أنها أضعف من أن تطرح بديلاً سياسياً متماسكاً للنظام القائم، وبخاصة سياساته تحول دون تبلور مثل هذا البديل. ونظراً إلى رؤى ومواقف أحزاب المعارضة من قضية الديمقراطية، يمكن القول بصفة عامة إن مواقفها ورؤاها في هذا الشأن لا تختلف كثيراً عن رؤية وموقف النخبة الحاكمة، وإن اختلفت الأهداف والمسوغات والمبررات. فأحزاب المعارضة تطرح الديمقراطية كمطلب رئيس لها، وتستخدم المفهوم بكثافة في خطاباتها وسجالاتها السياسية والإعلامية. كما أنها كثيراً ما انتقدت، وتنتقد، السلطة الحاكمة بسبب ما تعده ممارسات لا ديمقراطية من قبل تلك السلطة. وعلى الرغم من ذلك فإن هناك ظواهر واقعية عدة تؤكد أن طرح أحزاب المعارضة لقضية الديمقراطية على مستوى الخطاب السياسي والإعلامي يتناقض مع ممارساتها العملية في هذا الخصوص، وهو ما يؤكد أن هذه الأحزاب ترفع شعارات الديمقراطية لمجرد كونها في صفوف المعارضة، وأنه متى وصل أحدها إلى السلطة، فإن مسلكه في ممارستها لن يختلف كثيراً عن مسلك النظام القائم حالياً، فالمعارضة على شاكلة الحكم. وتتمثل أولى الظواهر، التي تؤيد المقولة السابقة بأن أحزاب المعارضة تفتقد - بدرجات متفاوتة الديمقراطية الداخلية، أي هي أحزاب تُدار بأساليب غير ديمقراطية، وذلك بغض النظر عمّا تتضمنه بعض وثائقها الحزبية من تأكيد التزام مبدأ الديمقراطية، وبغض النظر كذلك عن بعض الإجراءات الانتخابية التي قد تجري داخل هذا الحزب أو ذاك، والتي غالباً ما تكون نتائجها محسومة سلفاً. وهناك دراسات علمية عدة موثوق فيها في هذا المجال. وهنا يبدو التناقض واضحاً بين الخطاب السياسي العلني لأحزاب المعارضة من ناحية وبين ممارستها العملية من ناحية أخرى. ففي الوقت الذي تطالب النظام الحاكم بتطبيق الديمقراطية، وتنتقد بشدة ما تعده ممارسات لا ديمقراطية للنظام، فهي لا تطبق الديمقراطية داخلها. وغالباً ما تطغى الاعتبارات المتعلقة بالروابط العائلية والشخصية والشللية على إدارة الشؤون الداخلية للأحزاب. وهو ما يعني غياب أو ضعف الاعتبارات المتعلقة بالنهج الديمقراطي والتقاليد المؤسسية في هذا المجال. وإذا كانت أحزاب المعارضة تشكو ظاهرة تركيز السلطة على مستوى الدولة، فإن هناك تركيزاً للسلطات والاختصاصات داخل تلك الأحزاب. وإذا كان رئيس الدولة يستطيع أن يستمر في السلطة مدى الحياة، فإن رؤساء أغلب أحزاب المعارضة يستطيعون ذلك على مستوى أحزابهم، بما في ذلك حزب الوفد الجديد الذي يعبر عن التيار الليبرالي في مصر. ونظراً إلى غياب الديمقراطية داخل أحزاب المعارضة فهي تكثر داخلها الصراعات والإنشقاقات التي تنشأ حول محاور سياسية وفكرية وجيلية. أما الظاهرة الثانية، التي تؤكد غلبة الطابع البرغماتي وربما الانتهازي على طرح أحزاب المعارضة لقضية الديمقراطية، فتتمثل بأن تاريخ القوى والتيارات التي تعبر هذه الأحزاب عنها حافل بالأفكار والممارسات اللاديمقراطية، التي كان من شأنها، إلى جانب عوامل أخرى، تشويه مفهوم الديمقراطية في الذاكرة الجماعية للشعب المصري. وليس هناك ما يدل على أن هذه التيارات قد قامت بمراجعات فكرية جادة لرؤاها ومواقفها السابقة في خصوص قضية الديمقراطية. فالتيار القومي الاشتراكي الناصري قام على رفض التعددية الفكرية والسياسية معتبراً إياها تزييناً للإرادة الشعبية وعاملاً لتفتيت وحدة الأمة وتماسكها. لذلك فقد تم على صعيد الممارسة السياسية خلال الحقبة الناصرية إلغاء الأحزاب السياسية وتأميم المجتمع المدني لحساب الدولة، وتكريس ظاهرة التنظيم الواحد والفكر الواحد والزعيم الواحد، فضلاً عن مقايضة قضية الديمقراطية بقضايا أخرى مثل التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني وإزالة آثار العدوان (بعد هزيمة 1967). لذلك فإن تجاهل قضية الديمقراطية والمشاركة السياسية يعد من أكبر سلبيات عهد عبد الناصر ومن أبرز نقاط ضعفه. أما التيار الماركسي، فقد رفض الديمقراطية الليبرالية معتبراً إياها تعبر عن سيطرة الطبقة البرجوازية، وتمثل إجحافاً بحقوق الطبقة العاملة. ومع التسليم بجميع السلبيات والانتهاكات التي شابت الحياة الدستورية خلال مرحلة الديمقراطية البرلمانية 1923 - 1952، سواء من قبل القصر أو من قبل الإنكليز أو أحزاب الأقلية، فإن حزب الوفد الذي مثّل تاريخياً التيار الليبرالي في مصر، قد مارس دوره السياسي خلال تلك المرحلة بوصفه تعبيراً عن الأمة بأسرها. لذلك فهو لم ينظر قط إلى الأحزاب الأخرى على أنها أحزاب منافسة له يجب أن تتمتع بحق الوجود المشروع على الساحة السياسية، بل نظر إليها كمجموعات متشرذمة خرجت عن الإجماع الوطني للأمة. ولا شك في أن موقف الوفد هذا قد قام على تجاهل الكثير من أسس الديمقراطية ومبادئها. وهكذا ساهم الوفد في تكريس عقلية الإجماع السياسي وقيمه في المجتمع المصري. وقد ترسخت هذه القيم في مرحلة ما بعد عام 1952 بفضل ممارسات وسياسات النظم التي تعاقبت على حكم مصر منذ ذلك التاريخ. وهناك ظاهرة ثالثة، تؤكد عدم إخلاص قوى وأحزاب المعارضة لقضية الديمقراطية وبرغماتيتها في التعامل معها، وتتمثل بعدم التزامها مبادئ الديمقراطية في إدارة العلاقات والتفاعلات في ما بينها. فالعلاقات بين القوى والأحزاب المعنية تقوم في الغالب على الشك وعدم الثقة وتبادل الاتهامات وصولاً إلى التخندق السياسي والفكري وممارسة النفي المتبادل في بعض الحالات. وعلى الرغم من تمكن هذه الأحزاب من عقد بعض الاجتماعات المشتركة وإصدار بعض البيانات المشتركة للتعبير عن مواقفها في شأن بعض القضايا الداخلية أو الخارجية، فإن هذا المسلك يعد الاستثناء وليس القاعدة، إذ إن أحزاب المعارضة وقواها كثيراً ما أخفقت في التنسيق في ما بينها لتأليف جبهة عريضة أو ائتلاف قوى لمواجهة هيمنة الحزب الوطني على مقاليد الحياة السياسية، أو حتى للتأثير بفاعلية في بعض سياسات النظام وقرارته.

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12654996

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 34

الأوسمه :

 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر 1384c10


الأوسمة
 :


 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر    آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر I_icon_minitime23/9/2011, 11:40

خيارات المساهمة


3 - التنظيمات الإسلامية المسيسة
لقد كان بعض التنظيمات الإسلامية المسيسة عنصراً مؤثراً في الساحة السياسية المصرية منذ مطلع السبعينات. ومن هناك تأتي أهمية التعرف إلى رؤى تلك التنظيمات ومواقفها من قضية الديمقراطية. وفي هذا الإطار يتعين التمييز بين التنظيمات الإسلامية المتشددة التي يأتي على رأسها في الوقت الراهن كل من الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد من ناحية، وبين التنظيمات المعتدلة التي يمثلها بالأساس جماعة الإخوان المسلمون من ناحية أخرى. واستناداً إلى نتائج بعض الدراسات السابقة التي اهتمت برصد وتحليل بعض كتابات ومنشورات عدد من رموز وقيادات التنظيمات المتشددة يمكن القول إن هذه التنظيمات ترفض الديمقراطية على نحو صريح وقاطع. بل تنظر إليها على أنها كفر وشرك بالله، لكونها تجعل السيادة للشعب، في حين السيادة والحاكمية لله وحده. كما أنها تقوم على منح الشعب من خلال ممثليه حق التشريع خلافاً لما شرع الله تعالى. هذا وتنظر التنظيمات المعنية إلى قواعد الديمقراطية ومبادئها على أنها من ابتكار أهل الكفر، وقد فرضوها على المسلمين، ويريدون أن يستمروا في فرضها عليهم بالقوة. كما أن الديمقراطية في نظر هذه التنظيمات تقر مبدأ تعدد الأحزاب في حين لا يعرف الإسلام سوى حزب الله وحزب الشيطان. وهكذا فإن التنظيمات الإسلامية المتشددة ترفض الديمقراطية لكونها تتعارض مع أسس ومبادئ نظام الحكم في الاسلام حسبما تتصورها هذه التنظيمات. لذلك فإن منطلقاتها الفكرية وأساليبها الحركية تتمحور حول مقولات الجاهلية والتكفير والعنف. وبعضها يكفر النظام الحاكم فقط، في حين يكفِّر بعضها الآخر النظام والمجتمع معاً، ولكن جميعها تستخدم العنف الانقلابي أو الثوري للإطاحة بالنظام القائم وبناء الدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي، وفقاً للأصول والمبادئ الإسلامية الصحيحة حسبما تراها هذه التنظيمات. في المقابل فإن جماعة الإخوان المسلمين تتبنى نهجاً مختلفاً تجاه قضية الديمقراطية، مع الأخذ في الحسبان أن الإخوان لا يحبذون استخدام مفهوم الديمقراطية، بل يستخدمون مفهوم الشورى بوصفه مفهوماً إسلامياً أصيلاً يغني عن استخدام مفهوم الديمقراطية، بل إنه أكثر منه شمولاً في نظرهم. وعموماً فقد تطور نهج الإخوان تجاه قضية الديمقراطية وما يرتبط بها من تعددية سياسية وحزبية عبر مراحل عدة. فمؤسس الجماعة حسن البنا لم يرفض مبادئ النظام الدستوري النيابي، بل عدّها من أكثر المبادئ توافقاً مع أصول الإسلام في السياسة والحكم، لكنه في الوقت نفسه رفض التعددية الحزبية بصورة قاطعة، وذلك استناداً إلى أسس دينية. فالإسلام في نظره لا يقر نظام الحزبية ولا يرضاه لأنه يفتت وحدة الأمة. كما رأى البنا الأحزاب لا تكوّن أصلاً في النظام الدستوري - النيابي، إذ يمكن تأسيسه من دون أحزاب أو في ظل حزب واحد. وقد استمرت رؤية البنا هذه هي الحاكمة لموقف الجماعة من قضية التعددية الحزبية حتى مطلع الثمانينات. ونظراً إلى التطورات التي طرأت على علاقة النظام الحاكم بجماعة الإخوان المسلمين منذ منتصف السبعينات، والتي بدأت بالإفراج التدريجي عن المعتقلين من قيادات الجماعة وأعضائها، فضلاً عن السماح لها بممارسة بعض مظاهر النشاط السياسي العلني، والسماح لها كذلك بإصدار مجلة الدعوة، ولكن دون الاعتراف بمشروعية وجودها القانوني، نظراً إلى هذه التطورات والتي جاءت في إطار اتجاه السادات لتشجيع وتدعيم التيارات الإسلامية حتى يستخدمها كأداة لمواجهة وموازنة خصومه من اليساريين والناصريين، فإن الجماعة تمكنت خلال السبعينات من إعادة تنظيم صفوفها وإحياء هياكلها وتوسيع نطاق قاعدتها الاجتماعية في المجتمع، وذلك بعد تغييبها عن ساحة العمل السياسي والاجتماعي لقرابة عقدين من الزمان. ومع حلول الثمانينات، وبغض النظر عن حالة التأزم التي أصابت علاقة النظام السياسي بالجماعة في أواخر السبعينات، فهي كانت قد وصلت إلى قناعة أساسية مفادها أنها قادرة على تحقيق أهدافها بأساليب سلمية، ومن خلال العمل في إطار أسس وقواعد النظام السياسي القائم. كما أدركت الجماعة أنها قادرة على تغيير هذه القواعد من داخلها وبصورة تدريجية، الأمر الذي يقضي في نهاية المطاف إلى إقامة الدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي بوصفهما الهدف الأسمى الذي تصبو إليه الجماعة. وفي الوقت الذي انتهج مبارك منذ بداية حكمه خطاً متشدداً في التعامل مع التنظيمات الإسلامية المتشددة، التي اغتال أعضاء ينتمون إلى أحدها (تنظيم الجهاد) سلفه السادات، فهو انتهج خطاً متسامحاً في التعامل مع الإخوان المسلمين. فقد سُمح للجماعة بممارسة النشاط السياسي ولكن دون إضفاء حق الوجود القانوني المشروع عليها. وفي هذا السياق خاضت جماعة الإخوان المسلمين الانتخابات البرلمانية عام 1984، وذلك بالتحالف مع حزب الوفد، وأصبح لها تمثيل في البرلمان أول مرة منذ تأسيسها. كما شاركت في انتخابات عام 1987 بالتحالف مع حزبي العمل والأحرار، وأصبحت أكبر قوة سياسية معارضة داخل البرلمان من حيث عدد المقاعد التي حصل عليها مرشحوها. هذا وقد قاطعت الجماعة الانتخابات البرلمانية عام 1990 تضامناً مع أحزاب المعارضة التي قاطعتها. فضلاً عن ذلك، فقد اتجهت الجماعة منذ منتصف الثمانينات إلى المشاركة بفاعلية في انتخابات النقابات المهنية، بل إنها أصبحت صاحبة الأغلبية في مجالس عدد من النقابات المهمة مثل نقابات الأطباء والمهندسين والصيادلة والمحامين ...إلخ. وفي هذا السياق بدأت الجماعة تطالب السلطة بالترخيص لها بتأسيس حزب سياسي، إلا أن الحكومة رفضت - وترفض - ذلك المطلب لكون الدستور يمنع تأسيس أحزاب سياسية على أسس دينية لما يمكن أن يمثله ذلك من تهديد للوحدة الوطنية. وعلى الرغم من انخراط الجماعة في العمل السياسي والاجتماعي خلال الثمانينات، وتمكنها من تحقيق مكاسب سياسية عديدة، فإن رؤيتها لقضية الديمقراطية ظلت مشوبة بنوع من الغموض والتناقض والمراوغة. وثمة مؤشرات عدة على ذلك: أولها، اتجاه بعض قيادات الإخوان إلى إقامة حالة من التماهي بين الإسلام كدين سماوي منزل وشامل لا يقيده زمان ولا مكان من ناحية، وبين جماعة الإخوان المسلمين كجماعة بشرية تتخذ من الدين الإسلامي مرجعية لها وتستمد منه رؤاها وتصوراتها من ناحية أخرى. ولا شك في أن إسقاط التمييز بين الدين الإسلامي والجماعة يضفي عليها نوعاً من القداسة، على الرغم من أن كل ما تطرحه هو مجرد اجتهاد بشري في فهم النصوص المنـزلة دون أن يعني ذلك أنه الاجتهاد الوحيد أو المعبر بمفرده دون غيره من الاجتهادات عن الإسلام الصحيح. وعلى الرغم من أن جذور هذا التوجه ترجع إلى فترة مؤسس الجماعة حسن البنا فهو عاد ليبرز كأحد ملامح خطابها الفكري والسياسي منذ مطلع السبعينات، حيث راح بعض قادة الجماعة يؤكدون أن منهجها هو المنهج الرباني، وأنها تستمد شرعية وجودها من الله سبحانه وتعالى، وأن الذين يحاربون الجماعة إنما يحاربون الله في دعوتها. ومثل هذا الطرح الذي يقوم على إيجاد نوع من التماهي بين الدين الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين، إنما يتعارض مع الأسس والمقومات الفكرية والسياسية والاجتماعية التي تعتمد عليها الأحزاب في تأسيس شرعيتها. فهو طرح يعمد إلى تأميم الإسلام لحساب الجماعة، وذلك بالتأكيد صراحة أو ضمناً أن منهجها وحده هو المعبر عن الإسلام الصحيح، وبالتالي فأي نقد للجماعة هو نقد للإسلام نفسه. وثانيها، أنه حين تزايدت حدة الانتقادات الموجهة إلى الجماعة من قبل السلطة الحاكمة وبعض القوى والتيارات السياسية الأخرى في شأن موقفها من قضية الديمقراطية أصدر الإخوان في آذار/مارس 1994 موجزاً ضمّنته الأسس الفقهية التي تقرها الجماعة في خصوص موضوع الشورى وتعدد الأحزاب في المجتمع المسلم. وقد أكد هذا الموجز أن الأمة هي مصدر السلطات، وانه مع التسليم بأن القرآن الكريم والسنة المطهرة هما الدستور الأسمى لحكم المسلمين الذين لا يعتد ولا يقبل ما خالف أيهما، فإن الأمة لا بد أن يكون لها دستور مكتوب تضعه وتتفق عليه تأخذه من نصوص الشريعة الغراء ثم من مراميها وغاياتها. كما أكد الإخوان في موجزهم إيمانهم بتعدد الأحزاب في المجتمع الإسلامي وبمبدأ تداول السلطة بين الأحزاب والجماعات السياسية وذلك عن طريق انتخابات دورية. وعلى الرغم من ذلك يُلاحظ أن الموجز قد تجاهل الإشارة إلى مفهوم الديمقراطية، فلم يذكره ولو لمرة واحدة. ولكن الأهم من ذلك هو أن الإخوان في هذا الموجز قد أكدوا قبولهم بالتعددية في إطار مرجعية واحدة هي الإسلام. وهذا أمر لا يتفق وجوهر التعددية في المفهوم الديمقراطي. فقضية التعددية تتجاوز الإطار الإسلامي. فهي ليست تعددية في مناهج فهم النص الشرعي، ولا هي تعددية ناشئة عن اختلاف الزمان والمكان، ولكنها تعددية في تقدير المصلحة وأوجه الإصلاح، وبالتالي فهي تتجاوز الإطار الإسلامي لتشمل جماعات أخرى خارجه قد تختلف مع الإسلاميين في الرؤية والتقدير. وفي ضوء ذلك فإن التعدد السياسي والحزبي في المفهوم الديمقراطي يقوم على تعدد المرجعيات السياسية والفكرية، دون أن يمثل ذلك مساساً بمبدأ احترام قدسية الأديان السماوية - وهكذا يحاول الإخوان الالتفاف حول مبدأ التعددية السياسية والفكرية الذي يمثل ركناً أساسياً للمفهوم الديمقراطي، وذلك بقصره على التعددية داخل الإطار الإسلامي، وهي تعددية في الفروع وليس في الأصول. لذلك كثيراً ما أكد - ويؤكد - بعض رموز الإخوان أن هدف الجماعة هو احتواء مختلف القوى والأحزاب والتيارات والجماعات في إطار صفوفها. وثالثها، في الوقت الذي طالب - ويطالب - الإخوان بالترخيص لهم بتأسيس حزب سياسي فإن قادة بارزين في الجماعة من بينهم مرشدها الحالي مصطفى مشهور ومرشدها السابق الشيخ محمد حامد أبو النصر، قد أكدوا في مناسبات عديدة ضرورة حرمان العلمانيين والشيوعيين الدعوة إلى الأفكار التي يؤمنون بها، وحرمانهم كذلك ممارسة النشاط السياسي، وذلك كنوع من الوقاية التي ينبغي الأخذ فيها لتأمين المجتمع والدفاع عن قيمه الإسلامية وعافيته الإيمانية على حد تعبير مصطفى مشهور. ومثل هذا الطرح يعني استبعاد القوى أو التيارات الفكرية والسياسية العلمانية من على الساحة السياسية، وذلك على الرغم من أن أغلب هذه التيارات لا يضع نفسه في حال تصادم مع قطعيات الشريعة الإسلامية، وإن كان لها رؤية أو رؤى خاصة في شأن العلاقة بين الدين والدولة، أي هي تقع في دائرة ما سمّاه أحد الكتاب الإسلاميين في العلمانية المتصالحة مع الدين. ورابعها، على الرغم من مطالبة الاخوان بالترخيص لهم بتأسيس حزب سياسي، فهم يؤكدون أن الحزب في حال تأسيسه لن يكون بديلاً للجماعة كحركة دينية إصلاحية سياسية. فالجماعة أكبر من أن يتم حصرها في حزب سياسي. لذلك فإن الحزب مطلوب للتعبير عن أحد أوجه نشاط الإخوان وليس عن كل نشاطهم، فضلاً عن كونه سيتيح للجماعة الحصول على ما تحصل عليه الأحزاب من مقار وصحف وخلافه. وهكذا لا ترغب جماعة الإخوان في أن تتحول إلى حزب سياسي في إطار التعددية الحزبية، ولكنها تريد أن تتخذ الحزب كأحد الأدوات لممارسة جانب من أنشطتها. وتأسيساً على ما سبق يمكن القول إن التغيير الذي طرأ على رؤية الإخوان المسلمين في خصوص قضية الديمقراطية وما يرتبط بها من تعددية سياسية وحزبية هو تغيير تكتيكي، سلكته الجماعة للتكيف مع الظروف والتطورات المحيطة بها. وبذلك فهو لم يكن حصيلة مراجعات فقهية وفكرية جادة لرؤية الجماعة وموقفها السابق من تلك القضية. وهو ما أدّى إلى غلبة طابع الغموض والبرغماتية والمراوغة على نهج الإخوان في هذا الخصوص. ففي لحظات الحصار السياسي والأمني الذي تتعرض له الجماعة يزداد تركيزها في خطابها السياسي والإعلامي على مفردات الديمقراطية والحرية والتعددية السياسية،بل تزايد على القوى الليبرالية في هذا المجال، أما في اللحظات التي تسجل الجماعة فيها نقاطاً سياسية مهمة فهي تتجاهل تلك المفردات. وهكذا يتضح أن التيارات الإسلامية في مصر لا تمثل دعماً لأي مشروع ديمقراطي. فالمتشدد منها يرفض الديمقراطية من حيث المبدأ، بل يكفرها، أما المعتدل فيتعامل معها من منطق برغماتي بحت، لكونها تحقق له في ظل الظروف الراهنة مكاسب سياسية، لا من منطلق القناعة بها كمبادئ وقيم عامة وكمنهج لممارسة السلطة والحكم. بلغة أخرى الديمقراطية لا تمثل اختياراً نهائياً للتيار الإسلامي المعتدل. ومن هذا المنطلق فإن موقف هذا التيار من تلك القضية لا يختلف كثيراً عن موقف النظام الحاكم ومواقف أحزاب المعارضة منها، وإن اختلفت المسوغات والمبررات. فالكل يرفع شعارات الديمقراطية، ولكن من منطلقات مختلفة وبقصد تحقيق أهداف مختلفة. ناهيك عن أن التنظيمات الإسلامية في مجملها تفتقد الديمقراطية الداخلية، وفاقد الشيء لا يعطيه كما يقولون
. 4 - القطاع الخاص
نظراً إلى أن الدولة تتبنى التخصصية، أي الانتقال من القطاع العام إلى القطاع الخاص، كسياسة رسمية على الصعيد الاقتصادي، فإنه من الأهمية بمكان تسليط الضوء على علاقة نمو القطاع الخاص بالتطور الديمقراطي في مصر. وفي هذا الإطار يؤكد البعض أن تراجع سيطرة الدولة على الاقتصاد وإفساح المجال للمبادرات والمشروعات الخاصة من شأنه أن يقلص من قدرة الدولة على استتباع المواطنين، ويؤدي إلى تدعيم مؤسسات المجتمع المدني وتنشيطها على النحو الذي يحقق نوعاً من التوازن بينها وبين مؤسسات الدولة. وهذا التوازن يمثل أحد الضمانات والمتطلبات الأساسية لترسيخ النظام الديمقراطي. ومع التسليم بصحة هذا القول على الصعيد النظري، وعلى صعيد خبرات التطور السياسي للنظم الديمقراطية الليبرالية في الغرب، فإنه يتعين النظر إليه في ضوء خصوصيات وتعقيدات الواقع السياسي والاقتصادي الراهن في مصروجدير بالذكر أن سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها الدولة والتي تستند إلى الانفتاح الاقتصادي وبرامج التخصصية، قد ساهمت في تدعم الشرائح الرأسمالية التقليدية، كما ساهمت في خلق شرائح رأسمالية تتمثل أساساً بجماعات رجال الأعمال التي تمثل فئات البرجوازية العليا وأصحاب النفوذ السياسي والاقتصادي معاً. كما أن عضوية هذه الجماعات لا تقتصر على رجال الأعمال في القطاع الخاص فقط بل تضم أيضاً "المستويات الإدارية العليا في شركات القطاع العام وقطاع الأعمال وبنوك الدولة باعتبارهم أصحاب النفوذ المؤثرين في صنع القرار. ومصدر النفوذ لبعض هذه الشرائح لا ينبع من الثروة والمال فقط، وإنما من شغل الوظائف السياسية العليا في المؤسسات التنفيذية أيضاً (وزراء ورؤساء ووزراء سابقون) وفي المؤسسات التشريعية (رؤساء لجان في مجلس الشعب)". وبحكم طبيعة تكوين ومصالح جماعات رجال الأعمال فهي تولي اهتماماً أكبر بالسياسة الاقتصادية لكونها الأكثر ارتباطاً بمصالحها. كما أن هذه الجماعات أكثر قدرة على ممارسة المساومات والضغوط من أجل التأثير في القرار الاقتصادي. ولكن على الرغم من اتساع القطاع الخاص وزيادة دوره في الحياة الاقتصادية، فإن هناك جملة من العوامل والمؤشرات تؤكد أن هذا القطاع الخاص بوضعيته الراهنة لا يمثل سنداً لتطور ديمقراطي حقيقي. بعض هذه العوامل يرتبط بطبيعة القطاع الخاص نفسه، وبعضها الآخر يرتبط بطبيعة علاقته بالدولة. أول هذه العوامل، يتمثل بالطبيعة البنائية للقطاع الخاص وطبيعة الأنشطة التي يقوم بها. فالقطاع الخاص ليس كتلة واحدة متجانسة، بل هو يتكون من روافد وفئات رأسمالية عديدة، أحدها هو الرافد الطفيلي الذي يضم مجموعة الأثرياء الذين حققوا ثروات خيالية منذ تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي في منتصف السبعينات، وذلك من جراء انخراطهم في الأنشطة الطفيلية التي تحقق أرباحاً طائلة وبصورة سريعة دون أن تكون منتجة من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية. ونظراً إلى أن جانباً كبيراً من هذه الأنشطة غير مشروع أو يندرج تحت باب الجريمة الاقتصادية، فقد تضخم حجم ما يُعرف بالاقتصاد الخفي أو الاقتصاد الأسود في مصر. وقد ارتبطت هذه الظاهرة - ولا تزال - بشبكة واسعة من الفساد والإفساد في صفوف بيروقراطية الدولة وقطاع الأعمال العام، إلى درجة أن أحد الاقتصاديين يرى أن الحلف غير المعلن القائم بين البيروقراطية الفاسدة في كواليس الحكومة وقطاع الأعمال العام من ناحية وبين الرأسمالية الطفيلية التي توجد بقوة بين أركان قطاع الأعمال الخاص من ناحية ثانية، هو مصدر كل الشرور التي لحقت بالاقتصاد المصري منذ منتصف السبعينات. ونظراً إلى أن هذا الرافد الطفيلي له وزنه في هيكل القطاع الخاص في الوقت الراهن، سواء من حيث الحجم أو من حيث القدرة على التأثير بأساليب مشروعة وغير مشروعة، فإنه من غير المتصور أن يدعم هذا الرافد التطوير الديمقراطي في المجتمع، لأن الديمقراطية الحقيقية تتضمن، إلى جانب عناصر أخرى، تحقيق مبدأ سيادة القانون مع توفير ضمانات وآليات ممارسة الرقابة والمساءلة والمحاسبة من قبل الرأي العام، فضلاً عن توفير ضمانات حرية الرأي والتعبير، وهو ما يعني فضح ممارسات الرأسمالية الطفيلية التي ساهمت - وتساهم - في تخريب الاقتصاد القومي ونهبه. ولذلك فإن هذه الشريحة من الرأسماليين لا تنظر إلى قضية الديمقراطية إلا من باب تحقيق الانفتاح الاقتصادي، والحد من رقابة الدولة على المصالح الكبرى، وهو ما يعني القضاء على دولة القانون وإطلاق يدها في نهب البلاد والعباد. وثاني العوامل، التي تحول دون جعل من القطاع الخاص المصري يمثل سنداً حقيقياً للتطور الديمقراطي هو افتقاد هذا القطاع الاستقلالية عن الدولة، بل عدم رغبته في تحقيق هذه الاستقلالية. ويرجع ذلك إلى سبب رئيسي مفاده اعتماد هذا القطاع على الدولة في تحقيق العديد من الأنشطة والمكاسب والامتيازات المرتبطة بالتسهيلات والإعفاءات الضريبية والجمركية وبتنفيذ بعض المشاريع لحساب الدولة، فضلاً عن الدور الذي تقوم به الدولة من خلال أجهزتها في ضبط القاعدة العمالية وذلك عن طريق الجمع والمزاوجة بين أساليب الاحتواء من ناحية وآليات القمع من ناحية أخرى. وفي ضوء ذلك يبدو وكأن هناك اتفاقاً غير معلن بين الدولة والقطاع الخاص، يقوم الأخير بموجبه بدعم السياسة الاقتصادية للدولة، ويتخلى عن الانخراط في أي أدوار أو أنشطة سياسية يكون من شأنها تحدي هيمنة الدولة على الساحة السياسية، وفي المقابل تقوم الدولة بتوفير الضمانات والتسهيلات التي تحمي مصالح القطاع الخاص وتمكنه من تحقيق الأرباح. ولا بأس في هذا السياق من أن يساهم القطاع الخاص بدور في رسم السياسة الاقتصادية للدولة. كما أن إنضمام عديد من رجال الأعمال إلى الحزب الوطني الديمقراطي (حزب الدولة) أمر يحظى بتأييد ومساندة السلطة الحاكمة، لكونه يساهم في إدماج فاعليات القطاع الخاص في الهيكل الرسمي للدولة. ما يجب أن يحكمنا بعيدا عن التشنج والتهويل والتهوين وقد حدث ما حدث بشكل طبيعي أو لظرف طاريء أو لعوامل أخري هو الممارسة الديمقراطية الصحيحة والحقة التي تقر وتعترف بشرعية النظام والدولة وتعمل من خلال القنوات السياسية والشرعية وتقر أيضا بالمفهوم الديمقراطي حتي ولو في صورته البسيطة وليست تلك الممارسة التي تركز مرحليا علي المظاهر الشكلية والنواحي الإجرائية للديمقراطية التي ليس عليها خلاف كبير بين كافة القوي السياسية علي تعدد واختلاف انتماءاتها وتوجهاتها الأيديولوجية والفكرية فتلك الممارسة لا تمثل سوي أحد مستويات الممارسة الصحيحة والديمقراطية الحقة بينما قواعد الممارسة السياسية والديمقراطية تقوم علي الحرية والتسامح والتعددية الحقة والقبول بالآخر. الممارسة المطلوبة يجب أن تبعد عن الالتباس والغموض والشعارات والتكتيك والأحكام المسبقة تركز علي الوضوح والشفافية والعلن بعيدا عن الادعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة واستغلال الدين والإحباط واليأس وعدم تجاوز الخطوط الحمراء وتصيد الأخطاء. الممارسة الصحيحة تتطلب من القادمين الجدد والعائدين القدامي معرفة واجباتهم وحقوقهم والتزاماتهم ويحفظون عن ظهر قلب الدستور والقوانين واللوائح يعرفون متي يتكلمون ومتي يحتجون يدركون أنهم إذا كانوا سيراقبون الحكومة والجهاز التنفيذي فهناك من يراقبهم وسيحاكمهم. إذا لم يلتزم الجميع القدامي والجدد بقواعد الممارسة الديمقراطية والبرلمانية الحقة بغض النظر عن انتماءاتهم الأيدولوجية والفكرية فسيكتشفون فجأة وبدون مقدمات أنهم لم يصبحون أطباء ومهندسين بل مجرد حملة لشهادة ثانوية قديمة لا قيمة لها ولا جدوي منها وأنهم فشلوا في السيطرة علي الجامعة أو تغيير نظامها وهيكلها وقانونها الأساسي أو علي أكثر تقدير ربما يصبحوا مهندسين لا يعرفون عن الهندسة شيئا أو أطباء لا يمارسون المهنة.. هدفهم وغاياتهم تحقيق مصالح شخصية قد تتطور بعد ذلك لمكاسب مادية بغض النظر عما فعلوه وسيفعلونه فيمن أعطوهم الفرصة للالتحاق بكلية لا يستحقونها!! إن تجربة (حزب العدالة و التنمية التركي) ذي الخلفية الدينية الإسلامية، و تبنيه "العدالة" و "التنمية" كشعار.. هما - في ظني- من أهداف الإسلام العليا. و بالتالي، فهي تجربة تستحق التوقف أمامها لأنها لا تتاجر بشعارات الدين.. بل أنها تؤكد على قيمه و أهدافه. و ما يترتب على ذلك من تقديم نموذجا إنسانيا لخلق مجتمعات عربية تسودها الحرية و التكافل الاجتماعي و يطبق فيها القانون.. طالما كوننا عاجزين عن منافسة الغرب ماديا و اقتصاديا(32). شهدت مصر خلال سنتي (2004-2005) تطورات سياسية هامة على الصعيد الداخلي، أعادت الأمل في إمكانية أن يدخل النظام السياسي بالبلاد في مرحلة انتقال أو تحوّل إلى نظام ديمقراطي يتمتع بالشرعية الدستورية، ويسمح بالتداول السلمي للسلطة، ويلتزم بسيادة القانون والدستور، ويحترم الحريات العامة والخاصة، ويتمتع فيه الشعب بحقه في التجمع والتعبير وتشكيل الأحزاب وممارسة دوره في المحاسبة والرقابة على الحكومة، ويضع حدا للفساد المستشري. وتذهب هذه الدراسة إلى أن هذه التطورات قد شكلت، على أفضل تقدير، حراكا سياسيا (Political Mobility) وتجاذبا لمطالب الإصلاح لقوى مختلفة داخل المجتمع من جهة، والسلطة السياسية المهيمنة على آليات الحكم من جهة أخرى، إلا أنها لم ترق حتى الآن الى مستوى الانتقال الديمقراطي (Democratic Transition). وذلك بسبب ضعف وعدم فاعلية خبرات التحول، ووجود العديد من العوائق الدستورية والقانونية، والالتفاف المستمر للسلطة السياسية حول مطالب الإصلاح، وضعف آليات التمكين للانتقال الديمقراطي (أحزاب سياسية هشة ومنقسمة ومجتمع مدني محدود الفاعلية). ولذا فهناك حاجة ماسة لتفعيل خبرات التحول الديمقراطي في مصر عن طريق التركيز على تكوين مناخ سياسي ملائم لتطوير حياة ديمقراطية سليمة. وتتناول الدراسة بالتحليل حالة الديمقراطية في مصر، والعوائق أمام التحول، والخبرات المتوفرة لإحداث تحول ديمقراطيّ، ثم تقترح بعض التوصيات لتفعيل هذه الخبرات. تمثل مصر حالة كلاسيكية لنظام تسلطي مهيمن يعاني من تآكل شرعيته وشعبيته نتيجة لشيخوخته في السلطة، وضعف قدراته على حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية لقطاعات عريضة من المجتمع، ومن أزمة في انتقال السلطة السياسية (توريث الحكم أو الخلافة السياسية)، ومن ضغوط داخلية وخارجية من أجل القيام بإصلاحات سياسية فعالة. وبعد فترة ركود سياسي استمرت أكثر من عشرة أعوام (1990-2000) ونتيجة لتراكم تلك الضغوط والأزمات، شهدت مصر حراكا سياسيا ملحوظا بدأ باستعداد النظام للدخول في حوار وطني مع بعض أحزاب المعارضة الرئيسية المعترف بها للبحث في إمكانات الإصلاح السياسي وطبيعته، ومحاولة النظام تفعيل حزب الدولة ومنحه "فكرا جديدا"، وتخفيف قبضته الأمنية، ممّا سمح بارتفاع الأصوات المطالبة بالإصلاح وببروز بعض القوى السياسية سواء الأحزاب والجماعات أو الحركات الإصلاحية الاحتجاجية الجديدة ونزولها إلى الشارع للتعبير عن رغبتها في الإصلاح ومعارضتها لاحتمالات التمديد لفترة رئاسة جديدة أو توريث الحكم. كما قام النظام بإجراء بعض التعديلات القانونية والدستورية، والذي جاء بعضها شكليا ومشروطا، في مجال ممارسة الحياة السياسية وإجراء انتخابات رئاسية تنافسية لأوّل مرة منذ تأسيس النظام الجمهوري في مصر عام 1953. وأجريت انتخابات رئاسية (سبتمبر 2005) وبرلمانية (ديسمبر 2005)، في أجواء مفعمة بالآمال في تحول سياسي ولو محدود. ولكن جاءت النتائج مخيبة لتلك الآمال، حيث أسفرت عن تولي الرئيس القائم لمقاليد الحكم لفترة رئاسية خامسة (بعد انتهائها تصبح أطول فترة حكم للبلاد بعد محمد علي) وبسيطرة الحزب الوطني بعد ضمّه للمستقلين على الأغلبية المطلقة لمقاعد البرلمان. ومنذ انقضاء الانتخابات البرلمانية الأخيرة في ديسمبر 2005، بدا وكأن عرس الانفتاح السياسي قد انتهى. حيث تنامى دور أجهزة الأمن وبدأ النظام في السعي إلى إجهاض التيار الإصلاحي المتنامي. فبعد الانتخابات مباشرة تمّ التراجع عن الكثير من الخطوات التي كان يمكن لها أن تدفع بعملية الإصلاح أو التحول إلى الأمام. فالمرشحان الرئيسيان في الانتخابات الرئاسية السابقة أودعا السجن وانفرط عقد حزبيهما، وأجلت الانتخابات المحلية التي كان مقرّرا عقدها في مارس 2006 لمدة عامين، واستمر مسلسل سجن الصحفيين، وتمّ تمديد قانون الطوارئ عوضا عن إلغائه، ثم بدأ الانقضاض على قضاة مصر وقمع المؤيدين لهم بقسوة وتمرير قانون مخالف لمطالب القضاة باستقلال السلطة القضائية وإشرافها الكامل على العمليات الانتخابية، والقبض على عناصر من حركة كفاية وحركة الإخوان المسلمين. وأصبحت الرسالة واضحة : سيسحق كل من يقف أمام مسلسل التوريث. ونجح النظام عن طريق القمع وتمرير القوانين المقيدة في إحداث حالة من الجزر في الحراك السياسي. كما أنّه نجح أيضا في إقناع الأطراف الخارجية بمخاطر الإسراع في العملية الديمقراطية، خاصة بعد فوز الإخوان المسلمين بـ88 مقعدا من مقاعد البرلمان الـ454، وفوز حماس في الانتخابات التشريعية للسلطة الفلسطينية. والخلاصة، أنّه في فترة الانفتاح السياسي الساعي إلى ضمان استمرارية النظام التسلطي في الحكم لأطول فترة ممكنة لا تصبح الديمقراطية هي القيمة العليا، وإنّما الحاجة إلى التقليل من الضغوط الداخلية على النخب الحاكمة واكتساب رضاء ودعم القوى الخارجية. فمن الممكن أن يقوم النظام بتقديم تنازلات للمعارضة، ويسمح بمساحة أكبر من الحريات، وتبني سياسات أقل قمعا، واستبدال بعض عناصر الحرس القديم بعناصر تبدو وكأنها إصلاحية معتدلة. ولكن النظام نفسه لا يتغير ويظل يحافظ على سماته التسلطية والقمعية وهيمنته على العملية السياسية. وعادة ما تجرى انتخابات وبصورة دورية، تضمن النخب السياسية الفوز دائما وتكتسب مشروعية شكلية جديدة. وبالتالي لا تشكل الانتخابات أو الحراك السياسي في هذه الفترة فرصة حقيقية لتداول السلطة، ولكنّها قد تتيح الفرصة لتشكيل وتفعيل الفضاء السياسي وتمكين قوى المعارضة من تنمية قدراتها وخبراتها، خاصة تلك التي عانت من التهميش والقمع من قبل النظام لفترات طويلة. لا يعني الحراك السياسي بالضرورة تخلي النظام عن السيطرة السياسية أو حرصه على التقدم نحو الديمقراطية، وإنّما قد تنشأ حالة من الهيمنة الأحادية على موازين القوة السياسية، أي سيطرة جهة أو قوة واحدة (حزب حاكم، رئيس متسلط، حركة سياسية، أو أسرة حاكمة) على مقاليد الحكم بصورة لا تسمح بالمنافسة السياسية الحقيقية أو تداول السلطة أو حتى ظهور نخب بديلة. والمساحة المحدودة من الحراك السياسي تتم تحت سيطرة وإرادة قوة واحدة تحاول أن تتحكم في إيقاع هذا المسار ونتائجه. فقد تتوفر بالفعل بعض ملامح الانفتاح السياسي في مصر: مساحة واسعة نسبيا للتعبير السياسي للأحزاب والصحف ومنظمات المجتمع المدني، وانتخابات بصورة منتظمة، وقوانين تنظم الممارسة السياسية، والسماح ببعض المظاهرات الاحتجاجية. ولكن على الجانب الآخر، تعاني عملية التحول الديمقراطي من معوقات كبيرة تتمثل في: 1. القوانين المقيدة للممارسة السياسية الفعالة. 2. سوء استخدام القانون من قبل النظام. 3. انخفاض نسبة المشاركة السياسية. 4ماهي الحزب الحاكم والدولة. 5. إجراء انتخابات مشكوك في نزاهتها ومطعون في مصداقيتها. 6. عدم فاعلية أحزاب المعارضة وعناصر المجتمع المدني. 7. ضعف ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة وأحزاب المعارضة8. غياب الرؤية الواضحة حول آليات التمكين للتحول الديمقراطي. تقويم لخبرات التحول يتجاوز التحول من نظام تسلطي إلى نظام ديمقراطي حقيقي مسألة السماح بقدر من الانفراج السياسي وإجراء انتخابات تنافسية يخرج منها النظام القائم فائزا باستمرار وحائزا بصك الشرعية من المجتمع الدولي. حيث يتمثل المحك الرئيسي في: 1. توسيع مساحات المنافسة السياسية الفعالة. 2. تمتع المواطنين بسلطات وحقوق سياسية حقيقية. 3. تفعيل دور المؤسسات التشريعية والرقابية، وعلى الأخص السلطتين التشريعية والقضائية، للحدّ من تجاوزات السلطة التنفيذية. ولن يحدث هذا إلا إذا تخلت النخبة السياسية الحاكمة طواعية عن بعض سلطاتها، الأمر الذي يصعب تصوره دون ضغوط قوية تستدعي هذا التنازل، أو بسبب (تغير موازين القوى) أي ظهور أطراف ديمقراطية حقيقية ذات شعبية عريضة ورؤية قيادية وتنظيم جيد تستطيع الضغط على النخب السياسية لتوسيع دوائر المنافسة وكسر الهيمنة على السلطة والعملية السياسية. وهناك قوتان رئيستان يمكن لهما أن تمارسا هذا الضغط :أ) الأحزاب السياسية، وب) الحركات الاجتماعية العريضة. فهذه هي التشكيلات الأساسية التي يمكن أن تحدث تغييرا في موازين القوى بين النظام الحاكم والمجتمع. أ. الأحزاب السياسية يقوم النظام السياسي في مصر على التعددية الحزبية، فهناك أكثر من عشرين حزبا معترفا به، ولكنّ أغلبها مجهول. وهنا تكمن المشكلة الرئيسية في عملية الحراك السياسي الذي تشهده مصر حاليا. فجلّ أحزاب المعارضة الرسمية أفقرتها سياسة الهيمنة الأحادية على السلطة وسياسية المنع والتقييد والتفتيت على مدار العقود السابقة، ووصلت إلى حالة من الضعف حيث أصبحت هي بدورها تساهم في إفقار الحياة السياسية في مصر. وتعاني الأحزاب السياسية من مشكلات عدة مثل ضعف البنية الحزبية، وغياب الممارسات الديمقراطية داخلها، وعدم قدرتها على إفراز قيادات كارزمية أو نخب جديدة تحظى بشعبية، وتفتتها نتيجة للصراعات الداخلية، وعدم الاستعداد للتضحية والضغط المستمر للحصول على مطالبها، وعدم قدرة أو رغبة الأحزاب في التنسيق فيما بينها وتكوين جبهة موحدة قوية أمام النظام. وأظهرت الانتخابات الرئاسية الأخيرة العديد من المؤشرات على ذلك، حيث حصل 7 مرشحين للرئاسة على مجموع 2% فقط من أصوات الناخبين، وأدلى 23% فقط من الناخبين بأصواتهم، وامتنعت الغالبية العظمى 77% عن المشاركة. كما فشلت هذه الأحزاب في الدفع بمرشح واحد تسانده جميعا. بل على العكس اتسم موقفها من الانتخابات بالتخبط: فالبعض شارك والبعض قاطع والبعض شارك دون أن يشارك! كما أن أداء الأحزاب في الانتخابات التشريعية (ديسمبر 2005)، والتي اتسمت بالعديد من الانتهاكات كان أكثر ضعفا، حيث حصلت أحزاب المعارضة الرسمية مجتمعة على 12 مقعدا من مقاعد البرلمان (454 مقعدا)، وفشل 17 حزبا في الحصول على مقعد واحد. ولعلّ ظهور الحركات الاحتجاجية التلقائية في الآونة الأخيرة مؤشر على حاجة قطاعات في الشارع السياسي إلى تجاوز الممارسات الحزبية المحدودة وتجاوز القصور الواضح في أداء الأحزاب. فقد عجزت الأحزاب القائمة حتى الآن عن تقديم رؤية استراتيجية للتغيير، وعن تقديم قيادات كارزمية تحظى بثقة وتأييد قطاعات عريضة من الشعب، وتفشت حالة عدم الثقة فيما بينها وعدم القدرة على التنسيق والتحالف. بالإضافة إلى الأحزاب المعترف بها رسميا، هناك عدد من الأحزاب التي حجبت عنها الشرعية، بالرغم من- أو بسبب - شعبيتها (كالإخوان المسلمين)، أو لأنّها تمثّل توجّهات ذات قبول لدى بعض قطاعات الشعب (حزب الكرامة "الناصري" وحزب الوسط). إضافة إلى أحزاب سياسية أخرى كالحزب الشيوعي وبعض الجماعات الماركسية. وأظهرت نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة الإخوان كقوة سياسية رئيسية تتمتع بشرعية كبيرة داخل الشارع السياسي على الرغم من حجب الدولة الشرعية عنها. فقد حصل مرشحو الجماعة على 20% من مقاعد البرلمان (88 مقعدا)، متجاوزين بفارق كبير الأحزاب السياسية الشرعية، وليشكلوا جبهة المعارضة الرئيسية والقوة السياسية الثانية بعد حزب الدولة. وتطرح هذه النقطة مسألة التخوف من الإخوان المسلمين (أو إدماج الأحزاب الإسلامية في الحياة السياسية) والإصرار على تهميشهم من قبل النظام وأكثر أحزاب المعارضة، بما في ذلك الليبراليون أو "الإصلاحيون" في مصر. فيبدو الأمر وكأن هناك بعض القوى السياسية و"الإصلاحية" في المعارضة على استعداد لتأجيل الدفع بالعملية الإصلاحية تخوفا من تحقيق التيارات الإسلامية فوزا أكبر في المرحلة القادمة. فالاعتراض على المرجعية الإسلامية للإخوان ليس في محله، لأنّ لكلّ حزب الحق في تبني البرنامج الفكري والسياسي الذي لا يتناقض مع القيم الأساسية للمجتمع أو الدستور. والناخب هو الحكم. ولعل هذه أحد مساوئ الديمقراطية. ولكن إنكار هذا الحق يتناقض بصورة مباشرة مع أبسط مبادئ الديمقراطية. وقد تكون هذه فرصة كي يفكر الإخوان بجدية في التحول من حركة إسلامية رئيسية إلى حركة وطنية رئيسية تجمع بين الالتزام بالنظام الديمقراطي والحريات العامة الخاصة والمبادئ الإسلامية. كما أنّ سؤال ماذا لو وصل الإسلاميون للحكم بطريقة ديمقراطية، ثم انقلبوا بعد ذلك على قواعد الديمقراطية، هو سؤال مشروع، ولكن الدافع وراءه ربما هو شعور الأحزاب العلمانية، على الرغم من تمدرس الكثير من عناصرها داخل أجهزة الدولة، بضعفها وعدم قدرتها على منافسة الإخوان جماهيريا، واستعدادها لتأجيل حسم المسألة الديمقراطية حتى يصبح ميزان التأييد الشعبي وربما الدولي في صالحها. القضية الجوهرية هنا ليست الإخوان أو نواياهم، بالرغم من أهمية ذلك، وإنّما القضية التي ينبغي التركيز عليها في المقام الأول هي تكوين اتفاق عام حول القواعد الحاكمة للعملية السياسية مستقبلا، وتأسيس جبهة واسعة من قوى المعارضة الهامة تصرّ على توفر ضمانات دستورية وقانونية ومؤسسيّة تحول دون السماح لأي طرف كان - إخوانًا أو حزبًا وطنيًا أو جنرالاً أو ليبراليا- بتغيير قواعد اللعبة السياسية بعد الوصول إلى الحكم أو التعسف في استخدام السلطة. ب. المجتمع المدني : يمكن أن تلعب مؤسسات المجتمع المدني في مصر دورا كبيرا في الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي، خاصة إذا تضافرت جهودها، وتمّ بناء وتطوير قدراتها في المجالات التنموية والدفاعية والحقوقية، وبدأت في التفكير في الاعتماد على العضوية لتحقيق أهدافها. وبالرغم من قدم مؤسسات المجتمع المدني في مصر، وعلى الأخص الجمعيات الأهلية في مجالي التنمية والخدمات التي تمثل الغالبية وتنامي عدد تلك المنظمات (حيث تقدر بحوالي 17 ألفا إلى 18 ألف جمعية)، وبروز جيل جديد من المنظمات الحقوقية والدفاعية (ما يزيد عن الـ40 منظمة)، فما يزال أثر المنظمات الحقوقية والدفاعية محدودا في عملية التحول. حيث يفتقر الكثير منها للخبرة والتدريب وأحيانا الكفاءة، ولا تقوم على العضوية وإنّما تؤسس كمكاتب يديرها محترفون، وبالتالي تفتقد للقواعد الشعبية والقدرة على التعبئة وحشد المناصرين من قطاعات عريضة من المواطنين، ويضطر لذلك معظمها إلى أن يعتمد في بعض الأحيان كليّا على التمويل الخارجي للقيام بأنشطته. وخلال فترة الحراك السياسي الأخيرة التي شهدتها مصر، برزت ظاهرة الحركات الاحتجاجية والإصلاحية، والتي يعتبر من أبرزها حركة "كفاية." كما ظهرت أيضا بعض الحركات التحالفية، مثال التجمع الوطني من أجل التحول الديمقراطي والجبهة الوطنية للإصلاح والتغيير. وهي ظاهرة أمدّت الساحة السياسية المصرية بالكثير من الحيوية والحركة حيث تبنت العديد من المطالب الإصلاحية الهامة. إلا أنّ طبيعة هذه الحركات ما تزال هشة وانتقالية، فهي تضمّ ممثلين من تيارات إيديولوجية وسياسية مختلفة تجعلها تفتقد القدرة على التماسك وعلى المحافظة على قوة دفع عملية الإصلاح. كما ظهر أيضا أنّ هذه الحركات والتحالفات لم تستطع حتى الآن أن تتواصل بفاعلية مع القطاعات الشعبية الواسعة، فهي ما تزال نخبوية ولا تحظى برؤية واضحة لطبيعة النظام السياسي في المستقبل. لن يحدث أي تحول فعال وتقدم نحو نظام ديمقراطي حقيقي إلا بتغير في موازين القوى السياسية. فما زالت السلطة السياسية في مصر قوية وتستطيع أن تتحكم في رسم أجندة التحول السياسي وضبط إيقاعه، كما أنها تتمتع بتأييد الأطراف الخارجية رغم بعض ضغوطها عليها. فالتغير في ميزان القوى إذن لن يتم إلا بنجاح الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في زيادة قوتها وفاعليتها وشعبيتها، ووصولها إلى مستوى يصعب فيه على السلطة تحقيق انتصارات سياسية سهلة أو حسم الأمر لصالحها كليا. وهذا أمر بديهي ولكنه قد يكون صعب التنفيذ. حيث يتطلب بالأساس كسر الهيمنة الأحادية على السلطة عن طريق : 1. وضع خطة "لتمكين الإصلاح" وضبط إيقاع وأجندة المرحلة الانتقالية للتحول الديمقراطي بمصر. 2. توفير مرجعية شرعية (مجلس حكماء) مقبولة داخليا لرسم معالم عملية التغيير. 3. تكوين مراكز قوى شعبية بديلة أو متجددة (أحزاب فاعلة تحظى بقيادات على درجة عالية من الكفاءة والنزاهة والفاعلية والقبول لدى الجماهير، حركات اجتماعية احتجاجية مساندة، رؤية استراتيجية واضحة للتغيير، وضوح شكل النظام السياسي المنشود مستقبلا، القدرة على ربط قضية الإصلاح بطموحات وحاجات الطبقات العريضة من الشعب). 4. تفعيل المشاركة السياسية للمواطنين، وحشد الشعب وراء قضايا مركزية تمس حاجاته وطموحاته الأساسية، ومطالبته بالعصيان المدني عند الضرورة. 5. الإصرار على إنهاء حالة التماهي بين الدولة والحزب الحاكم المهيمن على السلطة وموارد الدولة. 6. الإصرار على إصلاحات بنيوية فاعلة (قوانين الانتخابات والأحزاب، إنهاء حالة الطوارئ وعدم استبدالها بقوانين أكثر تقييدا للحريات، انتخابات حرة نزيهة، إصلاحات دستورية حقيقية، استقلال السلطة القضائية ومناصرة القضاة في مطالبهم الإصلاحية. 7. تبديد حالة عدم الثقة بين القوى السياسية وطمأنة كل طرف على دوره في الحياة السياسية مستقبلا. 8. تشكيل هيئات مستقلة تنجز مهام محددة خلال فترة 3 سنوات وقبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة للإعداد لدستور انتقالي مؤقت، والإعداد لقانون مؤقت لمباشرة الحياة السياسية والحريات العامة، والعمل على تمكين الجهاز القضائي من الإشراف الكامل على العملية الانتخابية منذ بدايتها وحتى نهايتها، والإعداد لإجراءات للتعامل مع من أفسدوا الحياة السياسية، والإعداد لقانون لمحاربة الفساد. ويمكن لمركز الكواكبي خلال الفترة القادمة المساهمة في تنمية خبرات التحول الديمقراطي في مصر عن طريق: 1 توفير الدراسات حول حالات التحول الديمقراطي سواء منها الناجحة أو التي فشلت في بعض الدول الأخرى، مع إبراز العوامل التي أدّت إلى النجاح أو الفشل. توفير المعلومات حول الممارسات الناجعة فيما يتعلق بآليات التحول الديمقراطي، والمشاركة السياسية، وحقوق المواطنة. 3. توفير المعلومات حول الممارسات الناجعة (Best Practices) فيما يتعلق بالعملية الانتخابية (القوانين الانتخابية، قوائم التسجيل، الحملات الانتخابية، الاقتراع، فرز الأصوات، الإشراف المستقل على العملية الانتخابية). توفير المعلومات حول نصوص الدساتير المختلفة المتعلقة بتكوين مناخ ديمقراطي فعال. توفير الدراسات حول إمكانات التحول في نظام ذي أحزاب سياسية ضعيفة. المساهمة في تنمية قدرات منظمات المجتمع المدني، خاصة الحقوقية والدفاعية، وإرشادها إلى كيفية الاعتماد على العضوية والتمويل الذاتي

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12654996

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 34

الأوسمه :

 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر 1384c10


الأوسمة
 :


 آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر    آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر I_icon_minitime23/9/2011, 11:41

خيارات المساهمة


ا لهوامش:

د.وحيد عبد المجيد، الأحزاب المصرية من الداخل، مركز المحروسة للنشر و الخدمات الصحفية و المعلومات، ط 1 – 1993، القاهرة، ص 4. المصدر السابق، ص ص 30 – 34. جمال أسعد، إني أعترف، دار الخيال، ط 1 – 2001، القاهرة، ص 160. المصدر السابق، ص 159. صحيفة "الشعب"، 20 أبريل 1999، القاهرة. 6. و ذلك يوم الخميس الموافق 15 مارس سنه 2001 بالإسكندرية. 7. في الاجتماع الذي عقد بمنزل إبراهيم شكري (رئيس الحزب)، و قد أمتنع طلعت مسلم (عضو المكتب السياسي) عن انتخابه، و رفض هذا الأمر. 8. صحيفة "الشرق الأوسط"، 5/4/2001، صفحة "شؤون عربية"، لندن. 9. صحيفة "الحياة"، 22 أبريل 2001 – العدد 13916، صفحة "الحياة العربية"، لندن. 10. صحيفة "الأهرام"، 9 أغسطس 2001، صفحة "أخبار محلية"، القاهرة. و أيضاً: صحيفة "الشرق الأوسط"، 9/8/2001، صفحة "شؤون عربية"، لندن. 11. صحيفة "الأهالي"، 15 أغسطس 2001 – العدد 1038، صفحة "الحياة السياسية"، القاهرة. 12. سناء السعيد، إبراهيم شكري لـ "الأسبوع": أناشد مبارك ألا يُحرم الحزب و قيادته من المشاركة في هذه المرحلة، صحيفة "الأسبوع"، 13 أغسطس 2001 – العدد 234، صفحة "بدون رتوش"، القاهرة. 13. طلعت إسماعيل، معركة رئيس التحرير، صحيفة "العربي"، 12 أغسطس 2001-العدد 770، صفحة "تحقيقات"، القاهرة. و أيضاً: • كيد النساء ليس بعيداً عن أزمة حزب العمل، صحيفة "صوت الأمة"،15/8/2001، صفحة "الشارع السياسي"، القاهرة. • أشرف عويس، "الشعب".. صحيفة علي كف صراعات اللجان.. و ربما تصدر يومياً، صحيفة "القاهرة"، 21 أغسطس 2001-العدد 71، صفحة "صحافة و إنترنت"، القاهرة. و هو الاجتماع الذي عُقد يوم الجمعة 10 أغسطس سنة 2001، كما ذكرت صحيفة "صوت الأمة" بتاريخ 15/8/2001. 15. طلعت إسماعيل، أسبوع "الكر و الفر" في حزب العمل، صحيفة "العربي"، 19أغسطس 2001-العدد 771، صفحة "وقائع"، القاهرة. 16. خطاب صادر بتاريخ 22/9/2001، و موقع من إبراهيم شكري (رئيس الحزب). و هو الاجتماع الذي عُقد يوم الثلاثاء 13 نوفمبر سنة 2001 في فيلا إبراهيم جميل أبو علي بالمقطم، و استغرق خمسة ساعات من النقاش و الجدل. 18. إبراهيم شكري عاد إلي أحضان مجدي حسين لإنقاذ "العمل" من وعود الحكومة، صحيفة "صوت الأمة"، 21/11/2001، صفحة "الشارع السياسي"، القاهرة. و أيضاً: تفاصيل الصلح بين إبراهيم شكري و مجدي حسين، صحيفة "الأسبوع"،26 نوفمبر 2001-العدد 249، القاهرة. و من الملاحظ أن طلعت مسلم لم يحضر هذا الاجتماع الهام، بل و شكك في شرعيته بعد ذلك. 20. صحيفة "الأهرام"، 18 فبراير 2002، القاهرة. و أيضاً : •صحيفة "الأسبوع"، 18 فبراير 2002، القاهرة. • صحيفة "الأهالي"، 20 فبراير 2002، القاهرة. 21. مجلة "العصور الجديدة"، يوليو 2000-العدد 11، حدث في مصر أبريل 2000 (ملف)، القاهرة. 22. فهمي هويدي، ليست أزمة أنظمة فحسب.. لكنها أزمة مثقفين أيضاً، صحيفة "الشرق الأوسط"، 28/5/2001، صفحة "رأي"، لندن. 23. صحيفة "الأسبوع"، 14 يناير 2002، صفحة "الصالون الثقافي"، القاهرة. د.محمود إسماعيل، الإسلام هو الحل شعار بل معني، صحيفة "القاهرة"، 20 نوفمبر 2001 -العدد 84، صفحة "محاورات"، القاهرة. د.محمد عمارة، هذا إسلامنا، صحيفة "القاهرة"، 11 ديسمبر 2001-العدد 87، صفحة "مخطوطات و تراث"، القاهرة. د.محمد جابر الأنصاري، مثال بـ "الجرم المشهود" علي ضرورة التمييز بين الدين و السياسة، صحيفة "الحياة"، 9 مارس 2001-العدد 13872، صفحة "الرأي"، لندن. المصدر السابق جمال البنا، الإسلام دين و أمة.. و ليس دين و دولة، الحلقة الأولي، صحيفة "القاهرة"، 5 فبراير 2002-العدد 95، صفحة "دراسات"، القاهرة. جمال البنا، "دولة" المدينة أيام الرسول تجربة فريدة لا تتكرر و لكن تستلهم، الحلقة الثانية، صحيفة "القاهرة"، 12 فبراير 2002-العدد 96، صفحة "دراسات"، القاهرة. جمال البنا، شعار "الإسلام دين و دولة" يرفعه الذين لا يعرفون في السياسة، الحلقة السادسة، صحيفة "القاهرة"، 12 مارس 2002-العدد 100، صفحة "دراسات"، القاهرة. عادل محمد خليل، ماذا يريد الإسلاميون: الحكم.. أم تطبيق الشريعة؟، صحيفة "القاهرة"، 11 مارس 2003-العدد 152، صفحة "معارك و مواقف"، القاهرة. المصدر السابق .

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
 

آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

.:: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ::.


      هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة     
odessarab الكلمات الدلالية
آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر حصرياا , آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر بانفراد , آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر منتديات عالم القانون , آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر حمل , آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر download , آليات الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب والقوى السياسية في مصر تحميل حصري
odessarab رابط الموضوع
AlexaLaw bbcode BBCode
odessarab HTML HTML كود الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم القانون :: منتدى AlexaLaw لعالم القانون :: فروع القانون العام :: القانون العام الداخلي-
انتقل الى:  
الإسلامي العام | عالم القانون | عالم الكتاب و الثقافة العامه | التجاره و المال و الأعمال | البرامج و تكنولوجيا المعلومات | تطوير المواقع و المدونات | الترفيهي و الإداري العام

Powered by AlexaLaw.com ® Phpbb Version 2
Copyright © 2010
.:: جميع الحقوق محفوظه لمنتدى عالم القانون © ::.

.::جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه و إنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه في حدود الديمقراطيه و حرية الرأي في التعبير ::.