الدستور المدني في العهد النبوي

تنص المادة 25 من الدستور المدني علي ( وان يهود بني عوف امة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم , مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم أو أثم فأنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته ) .
تنص هذه المادة علي مبدأ هام من مبادئ الإسلام وهو مبدأ المساواة بين أفراد المجتمع الإسلامي بين المسلمين وغيرهم من أفراد هذا المجتمع ذلك أن الإسلام لا يفرق بين شخص وآخر في الخضوع للسلطات القانونية وليس فيه وليس فيه فرد فوق القانون مهما علت مرتبته فقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :
" كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلي الله عليه وسلم بقطع يدها ، فأتي أهلها أسامة بن زيد فكلموه فكلم النبي صلي الله عليه وسلم : يا أسامة لا أراك تشفع في حد من حدود الله عز وجل , ثم قام النبي صلي الله عليه وسلم خطيبا فقال :
إنما هلك من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشرف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه ، والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها فقطع يد المخزومية"
وبذلك نري أن جميع أفراد المجتمع متساوون في أحوالهم المدنية والجنائية , فلا يمتاز احد بحكم خاص ولا بطرق محاكمة خاصة به بل جميعهم متساوون أمام القانون .
وكذلك لا يميز الإسلام شخص عن أخر في التمتع بالحقوق فلم يجعل منزلة لأفراد أسرة معينة لا يتمتع بها سواهم بل ناط الأمر بالعمل ومهد السبيل لكل عامل فكل مناصب الدولة من إمارة إلي اصغر منصب فيها حق مباح لجميع أفراد الأمة ولا يحول بينه وبينها نسب أو عصبة حيث يقول الرسول صلي الله عليه وسلم :
"الناس سواسية كأسنان المشط " .
وهكذا في سائر الأحكام الإسلامية الناس سواسية وقد كان الذميون والمعاهدون يستمتعون في بلاد الإسلام بنعمة هذه المساواة حيث يقول النبي صلي الله عليه وسلم " من آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة " فبعد أن اعترف لهم بأنهم امة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم نجده قد نبه إلى انه من ظلم أو أثم فإنه لا يهلك إلا نفسه وأهل بيته ، دون التفريق بينهم علي أساس دين أو عرق , وقد كان هذا دأب الرسول صلي الله عليه وسلم حتى آخر عهده , حيث أن المتتبع لخطبته في حجة الوداع يجد أن الخطاب فيها موجه للناس كافة حيث كان يقول " أيها الناس " ولم يقل " أيها المؤمنين " .
وقد ورد في هذه الخطبة قوله " أيها الناس إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام إلي أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا " , وقد ورد في هذه الخطبة أيضا قوله " أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه : إلا أن ربكم واحد , إن أباكم واحد , كلكم لآدم وآدم من تراب , أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير , إلا لا فضل لعربي علي عجمي ولا لعجمي علي عربي ولا لأحمر علي اسود ولا لأسود علي احمر إلا بالتقوى ألا هل بلغت ؟ اللهم اشهد "
وإذا تمعنا في نص المادة 25 من الدستور النبوي نجدها تتوافق مع المجتمع المدني التي ينادي بها أصحاب القانون الوضعي في الوقت الحديث حيث أن هذا المجتمع قائم علي فكرة المصالح المشتركة بين أفراده والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات استنادا علي مبدأ المواطنة .

منقووول للفائدة .
AlexaLaw