البرازيل - هل فشل اليسار مجددا في أمريكا اللاتينية؟

يسرا الشرقاوي

مجلة السياسة الدولية يوليو 2003 - العدد رقم 153

انقضت أكثر من ستة أشهر منذ أن تولي لويز ايناسيو دا سيلفا أو 'لولا' منصبه كأول رئيس عمالي للبرازيل في مطلع عام 2003 الجاري ، لأكبر دول أمريكا اللاتينية و صاحبة تاسع أكبر اقتصاد علي مستوي العالم . و بدأت تتبدد أحلام الكثيرين ممن اعتقدوا في إمكانية أن تصبح حكومة 'لولا' أول حكومة يسارية تنجح في القارة اللاتينية. و تحقق التوازن الذي عد به 'لولا' خلال حملته الانتخابية بين تدشين منظومة واقعية و فعالة من البرامج الاجتماعية والالتزام بسياسات اقتصادية حازمة تقيل ' العملاق البرازيلي ' من كبوته الاقتصادية. و تزيح عن كاهله ثقل المديونية الخارجية

إلا أن معطيات الستة أشهر الماضية أوضحت أن 'لولا' الذي كشف تفاصيل خطابه السياسي خلال المرحلة الانتخابات ن انضمامه إلي منطقة يـسار الوسط ، قد تخلي بشكل شبه كامل و تحت وطأة عوامل عديدة عن مضمون تعاليم اليسار. و اختار السير علي خطي من سبقوه من القيادات البرازيلية، ليصبح ' بـليـر البرازيل' وفقا لوصف مجلة التايم الأمريكية

لقد أستلم 'لولا' تركة اقتصادية مثقلة بالديون الخارجية و الداخلية و تحيطها مخاوف المستثمرين و دوائر المال حول أسلوب قيادة ' لولا' ذو الماضي المعادي لقوانين السوق و كل ما هو أمريكي. فما كان منه سوي أن لجاء للأدوات الرأسمالية القديمة والتي طالما أنهكت فقراء هذه القارة . و زادت من وطأة سياسته الاقتصادية المتقشفة ، بدء الحرب الأنجلو- أمريكية ضد العراق و التي تسببت في ارتفاع أسعار البترول العالمية بشكل جنوني، ارتفعت معه معدلات التضخم البرازيلية

تعالت الأصوات المعارضة لسياسات 'لولا'، كان في مقدمتها بعض العناصر داخل حزب العمال ، الذي شارك ' لولا' في تأسيسه عام 1980 وصعد بعه إلي السلطة بعد ثلاث محولات فاشلة. لقد جاهرت عناصر عديدة داخل حزب العمال بمعارضتهم لسياسات ' لولا' التي اعتبروها مجرد استمرارا لسياسات سلفه فيرنادو كارداسو ،خاصة فيما يتعلق بالإصلاحات الخاصة بنظامي المعاشات و الضرائب و خطواته نحو تعويم سعر الصرف و استقلالية البنك المركزي البرازيلي. حتى برامجه الاجتماعية و صفت بأنها استنساخا لبرامج قديمة

وعلي المستويين الدولي و الإقليمي ، لم تتحقق أيا من السيناريوهات التي وضعها العارفون بماضي ' لولا' السياسي، حول مستقبل العلاقات السياسية و الاقتصادية بين البرازيل و الولايات المتحدة الأمريكية. لقد التزم ' لولا' من البداية بلهجة معتدلة تجاه واشنطن ، لم تعلي نبراتها إلا أثناء الحرب ضد العراق، ثم سرعان ما خفتت. و العلاقات بين البلدين تسير نحو مزيدا التناغم رغم الخلافات حول بنود اتفاقية التجارة الحرة FTAA

وعلي الرغم من أن البوادر ، رجحت انضمام ' لولا' إلي الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز و نظيره الكوبي فيدل كاسترو في مثلث لليساريين، إلا أن ' لولا' حرص من البداية علي تجنب تكرار أخطاء رفيقه القدامى. وحاول الاحتفاظ لنفسه بدور الوسيط المحايد فيما يخص الأزمة الداخلية في فنزويلا . ودور ال القائد المتعاون و المتفهم لمتطلبات عالم أمريكا الجديد ، فيما يخص قضايا الجريمة و العنف التي تربط الحدود البرازيلية و الكولومبية

منقووول للفائدة .
AlexaLaw