انتفاضة الأقصى والداخل الاسرائيلى

د.صلاح سالم زرنوقة

مجلة السياسة الدولية العدد رقم 143 - يناير 2001

جاء اقتحام شارون للمسجد الأقصى ، وهو الاقتحام الذى كان الشرارة التى أطلقت الانتفاضة ، بمثابة إفراز للتناقضات العديدة التى يعانى منها الكيان الاسرائيلى ، وعلى ذلك فإنه يمكن النظر للانتفاضة الفلسطينية على أنها نتيجة طبيعية أو تلقائية لهذه التناقضات.ومن ناحية أخرى ، وبغض النظر عن أسباب تفجر الانتفاضة ، فإن تداعياتها على الداخل الاسرائيلى كثيرة ، فقد عمقت من التناقضات القائمة ، وربما خلقت تناقضات لم تكن مطروحة فى هذا الوقت ، كما أنها فرضت العديد من الأسئلة والاشكاليات حول قضايا هامة تتعلق بأركان النظام الاسرائيلى والدولة والمجتمع على السواء.


وتستمد تأثيرات الانتفاضة على الداخل الاسرائيلى قوتها من سرعة انتشارها واستمرارها ، ووصولها الى عرب 1948 فى اسرائيل ، ثم ما أثارته من مشاعر الغضب فى العالم العربى والاسلامى ، وما حظيت به من تعاطف عالمى غير مسبوق معها.ومن هنا أوجدت حالة من الذعر والقلق فى المجتمع الاسرائيلى ، فثمة خوف من احتمال اندلاع حرب جديدة فى المنطقة ، وثمة خوف من تفكك المجتمع وربما الدولة ، من جراء الانقسام حول الموقف الواجب اتخاذه تجاه عرب 1948 ، وإزاء الانتفاضة ، ثم إزاء مستقبل عملية التسوية.


ويرى البعض أن فشل باراك وسياساته هو الذى أدى الى اندلاع انتفاضة الأقصى والى انهيار حكومته ذاتها ، ولكن الحقيقة أن أزمة باراك وحكومته تتمثل فى أن الدولة العبرية التى يقودها قد وصلت الى مفترق طرق لم تستطع تجاوزه ، وأنها الآن مضطرة ، بل مجبرة على الوقوف أمام هذا المفترق ، وبالتالى أصبحت أكثر عرضة لمتغيرات الأوضاع الفلسطينية والعربية دون أن يكون لها نفس القدرة السابقة على التأثير فى هذه المتغيرات.


لقد وضعت الانتفاضة الكيان الاسرائيلى فى مأزق ، من حيث كيفية التعامل معها ، فلم تعد القوة العسكرية قادرة على حسم الموقف ، خصوصاً وأن هناك سقفاً لاستخدام هذه القوة ، كما أن هناك خوف داخل اسرائيل من السكان العرب ، وهناك خوف أيضاً من أن تؤدى المواجهات مع الفلسطينيين الى حرب شاملة ن ومن الطبيعى أن يكون هذا الخوف مصحوباً بحالة من الانقسام والتشرذم والارتباك على كافة المستويات السياسية والمجتمعية.

منقووول للفائدة .
AlexaLaw