البيئة الاستراتيجية فى الشرق الأوسط بعد انتفاضة الأقصى

د.حسن أبوطالب

مجلة السياسة الدولية العدد رقم 143 - يناير 2001

أدى اندلاع انتفاضة الأقصى فى 28 سبتمبر الماضى الى حدوث تغييرات ملحوظة فى البيئة الاستراتيجية فى الشرق الأوسط ، وتمثلت هذه التغييرات بصفة اساسية فى ثلاث جوانب ، أولها الأفكار والقيم المتعلقة بعملية الانتفاضة من حيث الشكل والمضمون ، وثانيها علاقات القوى فى المنطقة ، ثم أخيراً آليات العمل النضالى الشعبى.وفى كل هذه المجالات ، جاءت التحولات ما بين جزئية أو مستحدثة تماماً أو تحمل آثاراً متضاربة.لكن النتيجة الكلية تدفع الى الاستنتاج بأن البيئة الاقليمية فيما بعد الانتفاضة ليست هى نفسها التى كانت قبلها.


فمن ناحية لم يعد مبدأ الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح ومقيدة السيادة مقبول من جانب الفلسطينيين ، وحل محله مبدأ أو قيمة الجهاد والنضال من أجل الاستقلال.ومن ناحية أخرى بدأت تطرح أفكار جديدة حول سبل معالجة القصور الحادث فى آليات عملية التسوية ، مثل إنهاء الاحتكار الأمريكى ، وتفعيل دور الأمم المتحدة ، وإتاحة الفرصة لقوى دولية أخرى للعب دور متزايد فى عملية التسوية.


وفيما يتعلق بعلاقات القوى الاقليمية والبينية ، فقد أدت الانتفاضة الى خلق مزيد من العزلة الاقليمية لاسرائيل ، فى ضوء القرارات التى اتخذتها الدول العربية بشأن وقف التعاون الاقليمى مع اسرائيل ، ثم قيام مصر باستدعاء سفيرها فى تل أبيب احتجاجاً على الممارسات الاسرائيلية.وفى المقابل أعادت الانتفاضة المظلة العربية للمفاوض الفلسطينى ، كما ولدت الانتفاضة قوة ضغط لتسريع الانفتاح العربى على العراق.أما عن التغير الحادث فى آليات النضال الشعبى ، فقد قادت الانتفاضة الى تبنى آليات عمل نضالية جديدة ، مثل حركة المقاطعة الشعبية للسلع الأمريكية والاسرائيلية ، والتى بادرت بها هيئات شعبية وحزبية عربية.


كما شهدت جهود النضال الشعبى شكلاً جديداً تمثل فى هجمات اليكترونية قام بها شباب عرب ومسلمون على المواقع الاسرائيلية الرسمية على شبكة الانترنيت ، مثل موقع الكنيست الاسرائيلى ، ومواقع مختلفة للخارجية الاسرائيلية ووزارة الدفاع ، مما أدى لتعطيل هذه المواقع.كذلك فقد قامت القنوات الفضائية العربية بدور بارز فى نقل الوقائع اليومية للانتفاضة ، وخلق موجات من الحماس والتعاطف عربياً وعلى امتداد البلدان الاسلامية

منقووول للفائدة .
AlexaLaw