سياسة إدارة كلينتون الخارجية:إنجاز أم فراغ استراتيجى

د.السيد أمين شلبى

مجلة السياسة الدولية العدد 144 ابريل 2001

شهدت الولايات المتحدة خلال فترة إدارة الرئيس كلينتون (1993 ـ 2000) بروز الولايات المتحدة بصورة واضحة كقوة أعظم وحيدة فى العالم ، بعد إختفاء منافسها فى الحرب الباردة وهو الاتحاد السوفيتى ، وغياب أى قوة رئيسية قادرة على تهديد الولايات المتحدة أو تحديها.هذا الوضع الجديد الذى خرجت به الولايات المتحدة من الحرب الباردة ، فرض على سياستها الخارجية أعباء ومسئوليات جديدة ، وأصبحت السياسة الخارجية والدبلوماسية الأمريكية موضع الاهتمام والتقييم أمريكياً وعالمياً.
ومع بداية النصف الثانى من ولاية كلينتون ، بدأ الخبراء والمحللون فى مناقشة وتقييم آراء ادارته فى مجال السياسة الخارجية ، ومدى كفاءة تعامله مع ما واجه أمريكا والعالم من قضايا، مثل الوضع فى روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق ، أو إدارة العلاقة مع الصين التى أصبحت قوة اقليمية كبرى ، وفى التعامل مع الانفجارات العرقية والدينية فى البلقان ، هذا بالاضافة الى المواقف من الأمم المتحدة والمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية وغير ذلك من القضايا.
وفى هذا النقاش حول الميراث الذى ستخلفه إدارة كلينتون فى السياسة الخارجية ، تجادلت مدرستان فى التفكير ، الأولى اعتبرت أن ادارة كلينتون قد أساءت استخدام فترة كانت فيها الولايات المتحدة القوة التى لاينازعها أحد فى الشئون الدولية والقيادة العالمية ، وضيعت فرصة كان لديها فيها الحرية المطلقة لصياغة جدول أعمال العالم السياسى ، وبشكل تتوافق فيه المصالح الأمريكية مع مصالح شركائها.ومن ثم استخلصت هذه المدرسة أن إدارة كلينتون لن تخلف ميراثاً له الدوام فى السياسـة الخارجية ، ولن تخلف سوى الفراغ ، وأرجعـت ذلك أساساً الى افتقارها للرؤية الشاملة ، والأولويات الواضحة ، والاهتمام الشخصى لرئيسها.
أما المدرسة الثانية فقد اعتبرت أن السياسة الخارجية لادارة كلينتون كانت متوافقة مع طبيعة العلاقات الدولية التى ورثتها عن الحرب الباردة ، والتى لم تكن تسمح بصياغة استراتيجية شاملة ، تشبه تلك التى صاغتها إدارات الحرب الباردة.كذلك تشير هذه المدرسة الى الظروف الداخلية الصعبة التى واجهتها إدارة كلينتون ، وخاصة ما يتعلق بالعلاقة مع الكونجرس بعد سيطرة الجمهوريين عليه ، وعدم اهتمام الرأى العام بقضايا السياسة الخارجية ، وزيادة نفوذ جماعات الضغط والمصالح الخاصة.وترى هذه المدرسة أنه بالنظر الى هذه الاعتبارات ، فإن انجازات السياسة الخارجية لادارة كلينتون تقترب من 'المعجزة' وأنه فى ضوء هذه الظروف الدولية والداخلية ، والتى سوف تستمر ، فإن أى رئيس أو إدارة قادمة ، سوف تتبع خطوات إدارة كلينتون فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ، ولن تحقق من النجاح اكثر مما حققته

منقووول للفائدة .
AlexaLaw