الأزمة التركية - سياسية أم اقتصادية ؟

أحمد دياب


مجلة السياسة الدولية يوليو 2001 العدد رقم 145

تعيش تركيا هذه الأيام أزمة خانقة تنذر بحدوث قلاقل اجتماعية وسياسية عميقة ، فقد تصاعد الصراع السياسى بين رئيس الدولة نجدت سيزر من ناحية ، وبين أركان الائتلاف الحاكم بسبب تفشى قضايا الفساد.كما تراجعت مؤشرات الاقتصاد التركى بصورة كبيرة ، وفقد المواطن التركى 40% من القيمة الشرائية لعملته الوطنية فى يوم واحد ، وأفادت تقديرات بأن الناتج القومى سيتراجع من 217 مليار دولار فى عام 2000 الى 150 مليار فى عام 2001 ، وسيؤدى هذا الى تراجع متوسط دخل الفرد السنوى من 3100 الى 1860 دولار.وقد شملت الأزمة الاقتصادية معظم القطاعات ، بداية من صغار التجار وأصحاب الحرف الصغيرة ،وصولاً الى القطاعات التجارية المعروفة بارتباطها بالنخبة الحاكمة.

ولم تكن الأزمة الاقتصادية الأخيرة ، هى الأولى بل سبقتها أزمة كبرى أيضاً فى خريف العام الماضى ، ولكن الأزمة الاقتصادية الجديدة هى الأكبر والأخطر فى تاريخ تركيا الحديث والمعاصر.ومما يؤدى لتفاقم الوضع أن هذه الأزمة تأتى فى وقت دخلت فيه العلاقات التركية مع الاتحاد الأوربى مرحلة مهمة ، تمثلت فى تحديد متطلبات الاتحاد من تركيا للانضمام الى الاتحاد الأوربى.وتبدو الحكومة التركية وأحزابها عاجزة عن التحرك السريع لحل الأزمة الاقتصادية ، وغارقة فى صراعات وانتقادات متبادلة بين حزبى 'الحركة القومية' و'الوطن الأم'.

وفى ظل هذه الأزمة كان من المفترض أن تستقيل حكومة أجاويد وتفسح المجال أمام القوى السياسية الأخرى لمحاولة معالجة الوضع.لكن هذا الخيار غير مطروح ، لأن القوى الأخرى ليست سوى حزب الفضيلة وحزب الطريق القويم المغضوب عليهما من جانب المؤسسة العسكرية.والخيارات الأخرى المتاحة هى حدوث انقلاب عسكرى مباشر ، خصوصاً فى ظل حالة الفوضى الشاملة التى تشهدها البلاد ، أو اجراء تعديل حكومى يخرج فيه الوزراء المتهمون بقضايا فساد ، أما الخيار الأخير والذى قد يطرح لاحقاً ، فهو تشكيل حكومة تكنوقراط تلتزم بالضوابط التى تحددها المؤسسة العسكرية.

منقوووول للفائدة .
AlexaLaw