تمييز التهرب الضريبي عن باقي التصرفات الأخرى



تمييز التهرب الضريبي عن باقي التصرفات الأخرى








ليس الغش الضريبي المفهوم الوحيد الذي يمكنه أن يقترن بالتهرب الضريبي، نظرا لكون هذا الأخير متعدد الدلالات والمعاني رغم ما يتميز به من خصوصيات ومميزات.
وتأسيسا على ذلك يمكن القول أن التهرب الضريبي له ارتباط بالخطأ في التكييف، أو ما يسمى بتفسير نصوص القانوني الجبائي، والتفسير كقاعدة عامة هو البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين إذ يقوم القاضي بتفسير العقد انطلاقا من مؤشرات داخلية أي يكون مصدرها العقد، أو من خلال مؤشرات خارجية بكون مصدرها العرف الجاري به العمل


ولكن هناك استثناء في المسائل المتعلقة بالتفسير، بحيث إذا كانت عبارات العقد واضحة وصريحة فلا مجال هناك للتفسير، أما إذا كانت عبارات العقد غامضة وغير واضحة ففي هذه الحالة بتعيين اللجوء إلى التفسير من أجل البحث عن الإرادة الحقيقية للمتعاقدين.
ومن أبرز المسائل التي يتم فيها التفسير هي حالة العقد الصوري، نظرا لكون المتعاقين يقومان بإخفاء معاملاتهم المالية عن الجمهور، من أجل القيام بأعمال مخالفة للقانون، والهدف منها التقليل من التكلفة الجبائية للعملية التعاقدية، وعدم إظهار القيمة المالية للعقد لتفادي الضرر الممكن حدوثه مستقبلا

وفي الميدان الجبائي فالصورية تستهدف بشكل كلي "حسب دولاهي" كل تمويه على الإرادة أو إخفاء الحقائق عنها من أجل التملص من الضريبة

لهذا فالتهرب الضريبي من خلال العقود الصورية يرتب عدة آثار سلبية، والتمييز بينهما يعتبر من بين أصعب المسائل التي تطرح على المستوى الفقهي، بل حتى على المستوى القضائي، لأن الصورية وسيلة وليس غاية في حد ذاتها، وبناء على ذلك يبقى للقاضي سلطة تقديرية في تكييف العقد على الأساس الصحيح، من خلال الآليات التي يتوفر عليها، لضبط كل من يحاول التملص من أداء الضريبة سواء كليا أم جزئيا خاصة فيما يتعلق بالرسوم المتعلقة بالتسجيل لدى الإدارة الجبائية،

وقد اعتبرت المواد 33و25و 38 من قانون الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والضريبة على الدخل، أنه من بين الإخلالات الخطيرة المحددة على سبيل الحصر، إدراج عمليات صورية في المحاسبة والقاسم المشترك إذن بين التصرف الضريبي والصورية هو التحايل على مقتضيات النصوص القانونية، والاختلاف القائم بينهما هو أن التهرب الضريبي يهدف إلى تفادي أداء الضريبة إما كليا أو جزئيا أما الصورية فهي وسيلة لعدم إظهار القيمة الحقيقية للعقد، وبالتالي يمكن وضع ثمن أقل من الثمن الحقيقي الذي اتفقا عليه المتعاقدين. كما أن الصورية لا تسعى إلى عدم أداء الضريبة بشكل نهائي بل تهدف إلى التقليص من نسبة رسوم التسجيل والتنبر

أما فيما يخص المفهوم الآخر الذي يمكن أن يرتبط بالتهرب الضريبي هو نقل العبء الضريبي، فهذا الأخير يسعى أيضا إلى تجنب أداء الضريبة لكن هناك آثار تترتب على كلا المفهومين، فالتهرب الضريبي يفضي إلى حرمان الخزينة من مورد مهم وهو الضريبة، أما نقل العبء الضريبي فيستقر على ممول فعلي يدفع للخزينة العامة الضريبية بشكل كامل رغم عملية النقل التي تمر من ممول إلى ممول آخر
وأخيرا فالحدود الفاصلة بين مفهوم التهرب الضريبي والمفاهيم الأخرى المشابهة عادة ما تطرح عدة صعوبات، خاصة حينما يتعلق الأمر بالغش الضريبي، لأن التهرب الضريبي يكون أحيانا مشروعا وأحيانا أخرى غير مشروع، فالمكلف بالضريبة يمكن أن يستعمل مهارات جبائية أو يطلب استشارة جبائية من خبير جبائي، تكون له دراية كاملة بالمجال الضريبي من خلال استغلال الثغرات القانونية التي تعتري النصوص الجبائية، وهذا يعتبر تهربا ضريبيا مشروعا لأن الممول يتفادى بطرق شرعية التصرف الذي يمكن أن تنتج عنه الواقعة المنشئة للضريبة، ويبقى بعيدا عن المتابعة القانونية ما دام لم يتعدى الحدود التي رسمها القانون

وبعكس ذلك إذا استعمل المكلف بالضريبة وسائل احتيالية مخالفة للنصوص الضريبية آنذاك يمكن اعتباره في هذه الحالة خارج القانون ويستوجب المتابعة القضائية
ولكن في معظم الحالات فالتهرب الضريبي المشرع الذي لا يقوم على أساس خرق مقتضيات النصوص الجبائية، وما دام يقوم على أساس استغلال ما أهمله المشرع من ثغرات يمكن أن يترتب عليه آثار ما دام الهدف الذي ابتغاه الملزم فيه هو تعسف في استعمال الحق

ويقصد بهذا الأخير استعمال الشخص لحق يخوله له القانون بطريقة تعسفية ترتب ضررا للغير، أو إذا كانت الغاية من ذلك الاستعمال لا تتلاءم مع الأضرار الجسيمة التي تلحق الغير

ومن هذه القاعدة يمكن للإدارة الجبائية إذا أثبتت أن هناك تهرب ضريبي ولكن لا يوجد عندها الأساس القانوني من أجل متابعة المتهرب من الضريبة نظرا لعدم خرقه للقانون، ففي هذه الحالة يمكن أن تؤسس دعواها على أساس التعسف في استعمال الحق

منقووول للفائدة .
AlexaLaw

شكراااااااااااااااااااااااا