أزمة ما بعد الإنقلاب فى فنزويلا وجهود إحتوائها على المستويين الإقليمى والدولى

رضا محمد هلال

مجلة السياسة الدولية - إبريل 2003 - العدد رقم 152

شهدت فنزويلا فى الفترة من شهر أبريل 2002 وحتى منتصف مارس 2003 أزمة سياسية واقتصادية حادة بين أحزاب المعارضة ونقابات العمال من جانب ، ومؤسسة الرئاسة الحالية ممثلة فى الرئيس هيوجو شافيز من جانب آخر.وكان الرئيس شافيز قد تعهد بتنفيذ عدد من الإصلاحات فى أعقاب عودته للحكم مرة ثانية فى منتصف أبريل 2002 إثر فشل محاولة الانقلاب عليه ، وإجراء تحقيق فى أحداث العنف التى ارتكبتها قوات الأمن ضد المتظاهرين يوم 11 أبريل 2002 وراح ضحيتها 35 قتيلاً وأكثر من 300 جريح ، ولكن شافيز أعطى أوامره بإرجاء التحقيقات ، مما أدى لاندلاع وعودة المظاهرات.

كما قامت بعض أحزاب المعارضة وبعض قيادات النقابات برفع دعاوى قضائية ضد الرئيس لإجباره على استكمال التحقيقات فى أحداث العنف ، ولكن المحكمة العليا أقرت صحة تصرف الرئيس بوقف التحقيقات ، وهو ما أثار قضية انتقال الفساد الى القضاء. واندلعت المظاهرت المعارضة للرئيس ، والذى قام بدوره بتسيير مظاهرات مؤيدة له ، مما دفع المعارضة الى الإعلان عن إضراب عام بدءاً من 2 ديسمبر 2002 ، شمل جميع مظاهر الحياة.وترتب على هذا الإضراب إنخفاض كبير فى إنتاج فنزويلا من النفط ومن ثم انخفاض عائداتها وتكبد الاقتصاد خسائر يومية قدرت بنحو 100 مليون دولار.وقد استطاعت قوى المعارضة أن تندمج وراء قائمة مطالب محددة وعلى رأسها تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة فى فنزويلا للخروج من الأزمة الراهنة.

وقد سعى الرئيس هيوجو شافيز فى مواجهة هذه الأزمة الى اتباع استراتيجية رئيسية تهدف الى بقائه فى منصب الرئاسة مع إنهاء هذا الإضراب بطريقة سلمية ، وذلك من خلال إحكام قبضته على مؤسسات القطاع الخاص ، وتنفيذ عدة قرارات للحد من الكساد ، ووضع قيود مشددة على صرف العملة الأجنبية.واعتمد الرئيس شافيز بجانب الاستراتيجية السابقة ، استراتيجية أخرى تقوم على تخفيف الضغوط المحلية والاقليمية والدولية عليه وإحراج قوى المعارضة أمام الرأى العام الفنزويلى. وللهروب من الضغوط الخارجية ممثلة فى الإدارة الأمريكية ، والضغوط الاقليمية وعلى رأسها منظمة الدول الأمريكية ، اقترحت حكومة فنزويلا على أحزاب وقوى المعارضة الاجتماع مع مسئولين حكوميين لبحث مطالبها وإنهاء الاضراب العام ، واستجابت الحكومة أيضاً للعرض البرازيلى بتشكيل منتدى دولى وإقليمى لتسوية الأزمة الفنزويلية.

وعقب عدة جولات بين الرئيس شافيز وقوى المعارضة برعاية منتدى أصدقاء فنزويلا وأمين عام منظمة الدول الأمريكية ، تمكن الطرفان فى 20 فبراير الماضى من التوصل الى اتفاق أولى ، تضمن عدة نقاط ، أهمها وقف تبادل الاتهامات بين الطرفين ، ودعوة كافة العناصر السياسية والاجتماعية الى المساهمة فى إيجاد جو من السلام والهدوء فى البلاد ، وتشكيل لجنة للتحقيق حول الاضطرابات التى جرت فى 11 أبريل 2002 ، واستمرار التفاوض بين الجانبين بشأن إجراء إستفتاء فى أغسطس المقبل حول المسائل والقضايا التى يتفق عليها الطرفان فى مفاوضاتهما.

وهكذا استطاعت المعارضة أن تحصل على عدة مكاسب نظير إنهاء الإضراب العام فى فنزويلا كما أن الرئيس شافيز تمكن من توظيف هذا الإتفاق من ناحيتين ، الأولى : إنهاء الاضراب العام الذى كبد الاقتصاد الفنزويلى خسائر جاوزت خمسة مليارات دولار.والثانية:تصفية قيادات المعارضة فى مرحلة تالية ، وتحديداً فى شهر مارس الماضى ، حيث أمرت أجهزة الأمن بالقبض على هذه القيادات، الأمر الذى يلقى ظلالاً من الشك حول إمكانية استمرار المفاوضات بين الجانبين مستقبلاً

منقووول للفائدة .
AlexaLaw