الصراعات المسلحة فى غرب إفريقيا - إلى أين؟

بدر حسن شافعى

مجلة السياسة الدولية العدد رقم 143 - يناير 2001

شهدت منطقة غرب إفريقيا فى العقد الأخير من القرن الماضى - مجموعة من الصراعات المسلحة بعضها داخلى مثل الصراع فى ليبيريا -1990-، سيراليون -1991 وحتى الآن-، غينيا بيساو -1998-، وبعضها خارجى - حدودى غالبا - مثل النزاع بين نيجيريا والكاميرون حول جزر باكاس، ثم النزاع الأخير بين كل من ليبيريا - سيراليون - غينيا -كوناكرى- بسبب اتهام كل منهم للأخرى بدعم المعارضة التى تنتقل عبر الحدود بينهما.


ومن هنا يثور التساؤل حول دور منظمة الايكواس 'وهى اختصار للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا- Economic Community of West Africa States على اعتبار أنها المنظمة الإقليمية الغربية المنوطة بتسوية وحل الصراعات فى هذا الإقليم نظرا لإنضواء 16 دولة تحت لوائها? كما يثور تساؤل آخر عن مستقبل الصراع الأخير بين كل من ليبيريا - سيراليون - غينيا وهل سيتم تسويته بالطرق السلمية? أم أن الأمور ستصل إلى حافة الهاوية خاصة وأنه الصراع الأول من نوعه الذى يقع بين ثلاثة دول أعضاء فى المنظمة.


دور الإيكواس فى حل أزمة ليبيريا :


بعد الإشارة إلى دور الإيكواس فى حل أزمة ليبيريا ذا مغزى خاص، على اعتبار أن السابقة الأولى من نوعها للمنظمة فى مجال التدخل العسكرى، كما أنها تجربة يمكن الاستفادة من تقييمها فى تفسير ما قد يحدث بالنسبة للأزمة التى نحن بصددها.


فمنذ اندلاع الحرب الأهلية فى ليبيريا عام 1990. بين القوات الحكومية بزعامة الرئيس الراحل صمويل دو، والمعارضة التى تقودها الجبهة الوطنية بزعامة تشارلز تايلور -الرئيس الحالى- وجدت الإيكواس نفسها مضطرة للبحث عن حل لهذا الصراع وفق ما يقتضيه ميثاقها الدفاعى الذى ثم توقيعه فى مايو 1980، وبالفعل تصدرت الحرب فى ليبيريا أعمال القمة رقم 13 للمنظمة والتى عقدت فى جامبيا -مايو 1990-. وتم الاتفاق على تشكيل لجنة خاصة بالوساطة تضم كل من نيجيريا - غانا - توجو - مالى - جامبيا على أن يعهد للأخيرة برئاستها.


لكن مساعى هذه اللجنة قوبلت بصعوبات عدة خاصة من قبل المعارضة، الأمر الذى دفع المنظمة إلى اتخاذ قرار بإرسال قوات عسكرية تابعة لها بلغ قوامها ثلاثة الآف ثم ارتفع إلى سبعة الآف خلال عام وتنتمى هذه القوات إلى عشر دول، إلا إن هذا القرار لم يكن سهلا ، إذ ظهر بوضوح مدى تأثير العوامل الجيوثقافية -انجلوفون - فرانكفون- فضلا عن المصالح السياسية المتعارضة -مؤيدون للنظام- فى ليبيريا -نيجيريا - توجو-. ومعارضين له -السنغال - كوت ديفوار - بوركينافاسو-.


ومرة أخرى لم تتمكن قوات حفظ السلام من تحقيق الاستقرار فى الإقليم، الأمر الذى دفع نيجيريا إلى قيادة القوات بمفردها، والتحول من مهمة حفظ السلام إلى فرض السلام، وتمكنت من اقصاء المعارضة عن العاصمة. واستمرت المعارك بين قوات المنظمة والمعارضة حتى ثم توقيع عدة اتفاقات عن أبرزها كوتونو 93، أبوجا 96.


الايكواس والنزاع بين ليبيريا - غينيا - سيراليون :


يتمثل السبب الرئيسى فى هذا الصراع فى قيام المعارضة فى كل منها بشن هجمات على النظام الوطنى انطلاقا من أراضى الغير. ويظهر ذلك بوضوح فيما يتعلق بالعلاقة بين ليبيريا، غينيا، فى حين أن المعارضة فى سيراليون تقوم بدعم المتمردين فى غينيا وذلك بسبب العلاقات الوثيقة التى تربط بين الرئيس الليبيرى تشارلز تايلور والمعارضة السيراليونية بزعامة فوداى سنكوح.


لكن يلاحظ أن تجربة ليبيريا كانت هائلة فى أذهان الجميع، فنجد الرئيس تايلور يعرض على غينيا إجراء مفاوضات مباشرة فى أى مكان وزمان دون تدخل الإيكواس. فى حين اكتفت منظمة الوحدة الإفريقية بإصدار بيان يدعو لضبط النفس. أما الايكواس فعقدت مفاوضات مع الجانب الغينى من أجل إرسال 500 مراقب عسكرى إلى منطقة الحدود المضطربة.


ومن هنا يمكن القول بأنه مالم يتمكن أطراف النزاع من تسويته بصورة سلمية. فإن دور الايكواس فى حالة استفحاله سيكون محدودا لعدة اعتبارات :

* حالة الانقسام التى لا تزال تعانى منها المنظمة ما بين دول فرانكفونية وأخرى انجلوفونية.


* المصالح السياسية المتعارضة لدول المنظمة فى علاقتها بأطراف النزاع الثلاثة.


* السياسة الخارجية النيجيرية الحالية والتى تدعو إلى الاهتمام بالداخل. وتقليص التدخل فى الصراعات الخارجية، حتى وإن كان تحت لواء المنظمة.


* التكلفة الباهظة - ماديا وعسكريا - للتدخل فى هذا النزاع

منقووول للفائدة .
AlexaLaw