عامل الزمن فى كتابات علم العلاقات الدولية فى الجامعات المصرية

د.جهاد عودة

مجلة-السياسة-الدولية-يوليو-2001-العدد-رقم-145


الارتباط بين مفهوم الزمن والعلاقات الدولية هو ارتباط وثيق ، فالزمن عنصر حاسم فى منهج تدريس العلاقات الدولية.والعلاقات الدولية كعلم يهتم بدراسة القوانين العامة التى تحكم تاريخ العلاقات الدولية.ويلاحظ أن تدريس علم العلاقات الدولية والكتابة الأكاديمية فى الجامعات المصرية تعاملت مع الزمن باعتباره عنصراً استاتيكياً غير متطور ، مما ساهم فى إضعاف عملية التنظير فى علم العلاقات الدولية فى الكتابات العربية.وقد اهتمت مدرسة العلاقات الدولية المصرية بقضية التنظيم الدولى والسلام ، والذى ربما جعلها فيما بعد غير مدركة تماماً لتطورات علم العلاقات الدولية فى مناهجه الواقعية والليبرالية.

وهنا نطرح فى منهج التحليل مفهوم الزمن المعرفى ، فى مقابل الزمنين المادى والنفسى ، فالعلم ليس واقعاً مادياً أو شعورياً ، بل هو واقع معرفى للتواجد الانسانى ، وتاريخ العلاقات الدولية فى العالم الغربى يتعامل مع الزمن كلحظة وديمومة وتعاقب وتوالى وحركية وتغير وصيرورة ، فالتاريخ يدور فى إطار الوصف بأشكاله اللغوية المختلفة ، أما العلم فيدور فى إطار استخلاص الأنماط والقواعد العامة الدالة على الماضى أو الحاضر بغرض بناء توقعات فى المستقبل.والزمن المعرفى يمكن تعريفه بأنه تصور لنموذج يتم فى إطاره تصنيف المادة العلمية وبناء المقولات والاستخلاصات ، وهذا النموذج له دينامية خاصة تولد زمناً لتصنيف المادة وبناء المقولات والاستخلاصات.وهناك أنماط للنماذج المعرفية ، حيث أن النمط المعرفى يتضمن عدة نماذج معرفية ، والنمط المعرفى يحدث نتيجة تفاعل الأحداث التاريخية مع الاكتشافات العلمية ومع التصورات النفسية العامة المتعلقة بهذه الأحداث والاكتشافات.

ويمكن تطبيق هذا الاطار المعرفى على اثنين من الكتابات العربية ، أولهما كتاب 'أصول العلاقات السياسية الدولية:الدولة والفرد فى الأسرة الدولية' الطبعة الثالثة عام 1959 للدكتور أحمد سويلم العمرى ، والثانى هو كتاب 'الاستراتيجية والسياسة الدولية' الطبعة الأولى عام 1967 للدكتور بطرس بطرس غالى ، ويلاحظ أن الكتابان ينطلقان من مقولة المجتمع الدولى وليس مقولات أو تصورات معرفية متعلقة بالنظام الدولى ، والدكتور بطرس غالى يتبع مدرسة التعاون الدولى من خلال القانون والتنظيم الدولى ، أما الدكتور سويلم العمرى فيتبع نموذج أبحاث السلام ، والكتابان لهما مصادر معرفية واحدة ، متمثلة فى أهمية العقلانية والتنظيم الدولى ، رغم وجود بعض الخلافات بينهما.ولايتعامل الكتابان مع عامل الزمن فى داخل كل نموذج ، فهما لايفرقان ولايشرحان مغزى التعاقب والتوالى فى الأحداث ولايقدمان منهجاً لشرح التغير فى النظام الدولى ، فهما يتعاملان فقط مع تتالى الأحداث كما هى ، وربما يجد هذا تفسيره فى أن المؤلفان من الأساتذة الأوائل فى العلاقات الدولية وفى وقت لم تكن مناهج العلاقات الدولية قد نضجت بشكل يسمح بالتعامل المنهجى مع القضايا الدولية ، ولذا تعاملا مع العلاقات الدولية فى إطار التاريخ ولم يذهبا الى أعمق من ذلك.

منقوووول للفائدة .
AlexaLaw