عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .


عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .



عالم القانون

العدل أساس الملك - Justice is the basis
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
TvQuran
اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا 110
AlexaLaw on facebook
اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا 110
اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا 110
اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا 110
اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا 110
اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا 110

شاطر | 
 

 اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655168

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا 1384c10


الأوسمة
 :


اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا Empty
مُساهمةموضوع: اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا   اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا I_icon_minitime4/10/2011, 16:43

خيارات المساهمة


اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا

أولا: مجلس الشعب .. مناورات حول أحكام دستورية
1 ـ مشكلات الأعضاء
تمثل التطور الأساسي في قضية العضوية في مجلس الشعب خلال هذه الدورة في أربعة أمور أساسية، تمحورت حول الاستقالة، والبطلان والإسقاط، والانتخابات وقبول عضويات جديدة، وعدم حسم مشكلات بعض الأعضاء مع الجهات الخارجية.
أ ـ الاستقالة: كان التطور الأبرز في مسألة عضوية أعضاء مجلس الشعب خلال هذه الدورة، ما حدث بشأن قيام بعض الأعضاء بتقديم استقالتهم، بعد أن أفتت المحكمة الدستورية العليا في أغسطس 2003 بعدم أحقية من لم يؤد الخدمة العسكرية، أو يعفى من أدائها بشكل قانوني (المرض - وحيد والديه)، من التقدم للترشح لعضوية مجلس الشعب. وكان مجلس الشعب قد طلب من المحكمة الدستورية العليا منذ عدة أشهر، من خلال وزير العدل، تفسير نص المادتين 5 و 6 من قانون مجلس الشعب (القانون 38 لسنة 1972)، بعد أن حكمت المحكمة الإدارية العليا بعدم أحقية المتخلفين عن التجنيد بعضوية المجلس، وذلك بعد أن رفض مجلس الشعب تنفيذ أحكام قضائية قبل ذلك تقدم بها بعض الطاعنين إلى القضاء الأدنى للطعن في عضوية بعض أعضاء المجلس المتخلفين عن أداء الخدمة العسكرية، فأصدرت المحكمة الدستورية العليا تفسيرها في السابع عشر من أغسطس عام 2003، بشأن مدى مشروعية وجود أعضاء بالمجلس، أدوا الغرامة المالية بعد تخلفهم عن أداء الخدمة العسكرية، ضمن عضوية المجلس. وقد أصدرت المحكمة الدستورية فتواها في هذا الصدد، بحتمية أداء عضو مجلس الشعب الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها بشكل قانوني، بما يفيد عدم مشروعية قانون مجلس الشعب، بشأن إعفاء المرشحين من تقديم شهادات تفيد موقفهم من التجنيد بعد سن الـ35 عاماً، وعدم مشروعية الترشح لمجلس الشعب بموجب شهادات الإعفاء من أداء الخدمة العسكرية الناتجة عن دفع الغرامات المقررة للمتخلفين عن أدائها. وعقب صدور هذا الحكم دار سجال كبير حول مدى مشروعية وجود مجلس الشعب، ومن ثم مدى ملائمة اتخاذ قرار بحله على خلفية هذا الحكم . لكن الأمر حسم سريعاً بقصر الأمر على تنفيذ حكم المحكمة الدستورية نصاً، بما يفيد بقصر التنفيذ على الأعضاء المعنيين.
وقد بدأت مناورات ومفاوضات داخل أروقة الحزب الوطني بين الأعضاء المعنيين وبعض الكوادر الحزبية وثيقة الصلة بالحكومة، وكان الغرض من تلك المناورات، هو إيجاد مخرج لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية بأقل قدر من الخسائر للطرفين. وقد بدأ الأعضاء المعنيين بهذا الأمر في البحث بداية عما يحفظ لهم مقاعدهم في المجلس. وقد أمل بعض هؤلاء أن تساعد الرئاسة الجديدة للمحكمة الدستورية للمستشار ممدوح محي الدين مرعي، في تغيير الظروف . لذلك عزم هؤلاء بداية على إعداد مذكرة تطالب رئيس مجلس الشعب بتقديم طلب جديد للمحكمة الدستورية ـ وهو الأمر الذي رفضه رئيس المجلس لاحقاً ـ بغرض الحصول على تفسير دستوري تكميلي حول القانون 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية، والذي يفرض غرامة على الهارب من أداء الخدمة العسكرية، خاصة أن حيثيات تفسير المحكمة الدستورية لم تتطرق لهذا القانون. ورأى بعض هؤلاء أنه لا يستقيم طالما أوجب القانون 127 غرامة للمتهربين أن تصدر بحقهم عقوبة أخرى بحرمانهم من مباشرة حق الترشيح وهو أسمى الحقوق السياسية.
من ناحية أخرى، أثار بعض الأعضاء المعنيين بالمشكلة مسألة وجود أعضاء آخرين بالمجلس كان يجب أن يتضمنهم تفسير المحكمة، لكن ونتيجة لكونهم من كوادر الحزب الوطني وأن بعضهم عضواً في مجلس الوزراء، قد استثنوا من ذلك، وهو ما رفضته دوائر قريبة من السلطة التنفيذية، بدعوى أن بعض هؤلاء لم يصبه الدور، وبعضهم الآخر لم تطالـهم الطعون الانتخابية بتخلفهم عن التجنيد، أو تقرر صحة عضويتهم قبل أن تصدر المحكمة الدستورية حكمها . وقد جاء هذا التبرير ليضع تفرقة بين أعضاء المجلس في التعامل مع تفسير حكم المحكمة الدستورية، والذي كان يتحتم أن يراجع المجلس عقبه صحة عضوية جميع أعضاؤه أيا كانت انتماءاتهم الحزبية أو مواقعهم الوزارية، فيتحقق من أداء الجميع للخدمة العسكرية، أو الإعفاء القانوني منها.
على أنه ونتيجة للضغوط الواقعة على الأعضاء المعنيين بالأمر، فقد اتجه هؤلاء إلى طرح ثلاثة بدائل على أنفسهم. البديل الأول هو الرضوخ لحكم القضاء دون أية منازعات قضائية أخرى، على أن يتم ذلك في شكل استقالات. البديل الثاني، هو طرح الملف برمته على المؤتمر العام للحزب الذي عقد لاحقا في نهاية سبتمبر 2003، بحيث يقرر هذا الأخير ما يراه بشأن تصرفهم إزاء تفسير المحكمة الدستورية. أما البديل الثالث، هو الإسراع في تقديم طعن أمام القضاء ضد قانون التجنيد للطعن في دستورية المواد المتعلقة بالإعفاء، والطلب أن يصدر القضاء توصية بإرجاء مجلس الشعب البت في وضع هؤلاء الأعضاء وتجميد موقفهم إلى حين نظر القضاء في الطعن الجديد.
وبعد أن اختار الأعضاء البديل الثالث، رفضت المحكمة الإدارية العليا في الثالث من نوفمبر 2003 دعوى رفعها بعض الأعضاء المعنيين، تطالب بإعلان عدم دستورية المادتين 5 و 6 من قانون مجلس الشعب، وقالت في حيثيات حكمها أن الخدمة العسكرية إلزامية. وبذلك لم يعد أمام المتخلفين عن التجنيد من المعنيين بتفسير المحكمة الدستورية سوى التفاوض لتنفيذ التفسير.
وعقب سجال ومناقشات كثيرة، كان الوقت فيها هو العنصر الضاغط على كافة الأطراف، كي تحسم المشكلة قبل بدء الدورة البرلمانية الرابعة للمجلس في نوفمبر 2003، اتفق على أن يقدم الأعضاء المعنيين استقالاتهم من المجلس، وهو إجراء يرضي كل من الأعضاء المشمولين بتفسير المحكمة الدستورية والحزب الوطني الديمقراطي على السواء . ففي الاستقالة ضمان لفتح الدائرة أمام مرشحين جدد وقدامى على السواء، بما يكفل وصول أبناء المستقيلين أو من يرغبون في ترشيحهم من ذويهم وأقاربهم، ومن ثم يقلل من حدة خسارتهم بإحلال مناصرين لهم في المجلس، كما أنهم رأوا أن هذا الأمر سيمنع منافسيهم في انتخابات 2000 في الوصول إلى مقاعدهم في المجلس. أما الحزب، فقد رأى أن صيغة الاستقالة توفر عليه عناء قبول مرشحين سابقين في انتخابات مجلس الشعب ـ سواء كانوا من المستقلين أو المطرودين من الحزب بسبب الترشيح كمنافسين لقوائم الحزب ـ داخل المجلس، لذلك فمن الممكن الضغط في اتجاه الاستقالة خاصة مع الوعد باحتمال أو إمكان تعديل قانون مجلس الشعب، بما يضمن إضافة ما يشير صراحة إلى قبول شرط الإعفاء من التجنيد لمن أدى الغرامة ورغب في الترشح لعضوية مجلس الشعب.
وعلى هذا الأساس، كانت المصالح والاتفاقات بين الطرفين تشير في واقع الأمر إلى حسم الانتخابات وترجيح التدخل غير المباشر فيها قبل عملية الاقتراع. وكان المخرج المناسب أمام الرأي العام لتمرير هذا الاتفاق، هو ضرورة ألا تكون أحكام المحكمة الدستورية عرضه للتصويت بالمجلس، عندما يطرح أمر بطلان عضوية هؤلاء على المجلس، ويصوت المجلس لصالحها بنسبة الثلثين، وهي نسبة كبيرة غير مضمونة كما يرى أنصار هذه الصفقة، مقارنة بالاستقالة التي تقبل بشكل آلى.
وقد قبل المجلس في أولى جلسات فصله التشريعي الرابع يومي 12 و13 نوفمبر 2003 استقالة 16 عضواً ضمن الأعضاء المتخلفين عن أداء الخدمة العسكرية، وهم ما رأتهم اللجنة التشريعية بالمجلس أنهم ينطبق عليهم وحدهم تفسير المحكمة الدستورية العليا. وقد تمت تلك الاستقالة في تناقض واضح مع حكم الدستور والقانون، الذي كان يفرض على مجلس الشعب إبطال عضوية هؤلاء، ومن ثم قصر الانتخابات التكميلية على المرشحين في انتخابات 2000 دون سواهم، إعمالاً لحكم الدستور والقانون.
وقد رأى فقهاء القانون الدستورى والممارسين للعمل القضائي والتشريعي، من أمثال يحيى الجمل وإبراهيم درويش وفوزية عبد الستار وعاطف البنا ويحيى الرفاعي، وبعض من شارك في إعداد دستور 1971، أن ما حدث يشكل خرقاً لكافة القواعد القانونية، واعتبر بعضهم أن هذا الأمر يعد إصراراً مسبقاً من قبل السلطات المعنية على انتهاك الدستور، واعتياد الدوران في حلقة مفرغة من عدم الدستورية القائمة منذ نحو نصف قرن، لأن ما حدث سيظل أمراً قابلاً للطعن بالبطلان من جديد. غير انه من الناحية العملية أن تلك الطعون ـ إذا ما قبلت ـ ستكون عديمة الجدوى، وغير قابلة للتنفيذ، لأنه لا يرجح البت فيها قبل انتهاء الفصل التشريعي الثامن لمجلس الشعب في خريف عام 2005 .
جدير بالذكر، أن محكمة القضاء الإداري أصدرت قبل بدء الانتخابات، العديد من الأحكام في الدوائر المعنية كل على حدة، طالبت فيها بسرعة وقف وزارة الداخلية بفتح باب الترشيح، الذي يجب أن يقتصر ـ كما ترى- على المرشحين عام 2000. كما أصدرت محكمة القضاء الإداري في 22 ديسمبر 2003 حكماً ورد في حيثياته أن قيام العضو … بتقديم استقالته لا يغير من الحقيقة المطلقة، بأن عضويته باطلة بطلاناً مطلقاً سواء قدم استقالته، أو لم يقدم استقالته، ذلك أنه بصدور قرار التفسير من المحكمة الدستورية العليا المشار إليه وما يتمتع به من قوة ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، أضحى متعيناً على هذه السلطات جميعها، تشريعية وتنفيذية وقضائية، إعمال مقتضاه كل في مجال اختصاصه.. وإنزال صحيح حكم القانون عند اتخاذ إجراءات إعادة الانتخاب، بحيث يقتصر إجراء الانتخابات التكميلية على من كان مرشحاً في الانتخابات الأولى.
على أن كافة تلك الأمور لم تجد آذاناً صاغية، ومن ثم فإن الخطوات الأولى للطعن في فتح باب الترشيح بدأت قبل بدء الانتخابات في 25 ديسمبر 2003. ولعل ما هو لافت للأنظار أن هذه التجاوزات للدستور والقانون، كانت تتم بالتواكب مع الحوار بين الحزب الوطني والأحزاب السياسية بشأن الوفاق الوطنى وما ساده من دعوات بضرورة احترام الدستور والقانون من قبل الجميع سواء\سلطات رسمية أو مواطنين عاديين. ولا شك أن تجاوز وعدم احترام الأحكام القضائية بدرجاتها المختلفة أو عدم الالتزام الحرفى بتفسيرات الحكمة الدستورية، يمثل قدوة سلبية بكل المقاييس، وينال من مصداقية هذه المؤسسات، ويثير التساؤلات لدى الرأى العام حول مدى الجدية فى دعوات الإصلاح السياسى.
وعلى هذا الأساس، انتهت مشكلة ما اصطلح عليه إعلامياً باسم نواب التجنيد، لتشير في واقع الأمر إلى الحاجة الماسة إلى تغيير النظام الانتخابي برمته، وإصلاح النظام الحزبي على السواء. على أنه مع كثرة الجدل السياسي والفقهي حول موضوع مدى مشروعية استقالة أعضاء مجلس الشعب المتخلفين عن أداء الخدمة العسكرية، طالب الرئيس حسني مبارك في مطلع يناير 2004 الحكومة بالتقدم بطلب تفسير للمحكمة الدستورية العليا، لحسم الخلاف والجدل حول قانون مجلس الشعب، لبحث مدى صحة تلك الاستقالات، وعما إذا كانت العملية الانتخابية كان ينبغي لها أن تقتصر على من سبق ترشيحهم في انتخابات 2000 أم لا .
ومما لا شك فيه، أن طلب الحكومة في هذا الصدد من حيث الشكل، رغم تأخره الشديد، خاصة بعد إجراء الانتخابات، وحلف المنتخبين الجدد اليمين أمام مجلس الشعب، إلا أنه يعتبر عودة لإقرار حكم القانون. ومن الناحية العامة ، فقد كان هناك أكثر من احتمال لحكم المحكمة الدستورية العليا فى هذا الشأن.
الاحتمال الأول أن تصدر المحكمة فتواها بعدم جواز فتح باب الترشيح في الدوائر، التي شغرت بخروج الأعضاء المتخلفين عن أداء الخدمة العسكرية أمام جميع المرشحين. وفي هذا الشأن قد تشير المحكمة لضرورة تعديل قانون مجلس الشعب، مع تأكيد عدم الرجعية، بمعنى انطباق حكمها على ما سيلي من انتخابات برلمانية، وفي هذا المضمار تكون المحكمة قد قطعت الطريق كلية على احتمال حل مجلس الشعب. من ناحية أخرى، قد تنطوي فتوى المحكمة على بعض التشدد في تفسير ما أقرته، وتشير إلى مبدأ الرجعية، منوهة إلى ما أقرته وتجاهلته عن عمد السلطة العامة، من فتوى في أغسطس 2003، وعندئذ ستجبر السلطة التنفيذية على إبطال عضوية الأعضاء الجدد، وإجراء انتخابات جديدة في الدوائر الشاغرة، مع الاقتصار على مرشحي انتخابات 2000، أو قد تنوه المحكمة صراحة لحل المجلس وإجراء انتخابات جديدة وفق تفسيرها بشأن صحة الترشيح.
الاحتمال الثانى، أن تؤكد المحكمة الدستورية على شرعية فتح باب الترشيح للكافة، مستندة فى ذلك إلى ما أشارت إليه نص المادة 18 من قانون مجلس الشعب التى تشير إلى أنه إذا خلا مكان أحد المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته، فإنه يتعين إجراء انتخاب تكميلى لانتخاب من يحل محله. وقد وردت تلك العبارة على سبيل العموم ولم تذكر سبب خلو المكان، الأمر الذى يجعل من فتح باب الترشيح أمام العامة ضروريا.
هذا، وقد أخذت المحكمة الدستورية بجلستها المنعقدة فى 7 مارس 2004 بالاحتمال الثانى. حيث اعتبرت أن حقى الانتخاب والترشيح لا يجب المساس بهما أو مصادرتهما أو حجرهما على أناس دون غيرهما.
كما أن قصر الترشيح على من ترشح فى انتخابات 2000 سيفضى بالتالى إلى قصر الإدلاء بالصوت على المسجلين فى الجداول فى ذلك الوقت، دون إضافة أو حذف ما طرأ على تلك الجداول منذ ذلك الوقت، الأمر الذى يحرم من قيدت أسمائهم بعد ذلك من ممارسة حقوقهم السياسية، وأخيرا، رأت المحكمة أن قصر الترشيح على مرشحى انتخابات 2000 سيؤدى لنتائج وخيمة فيما يتعلق بنسبة العمال والفلاحين. وبمعنى آخر، فإنه فى حالة الدوائر التى لم يترشح فيها أحد من العمال والفلاحين سوى مرشح واحد، هو الذى فاز بالفعل، فهل سيتم ـ عملا بعدم الخلل فى تلك النسبية ـ عدم إجراء انتخابات فى الدائرة، أم سيتم انتخاب عضو من الفئات وتختل النسبة‍.
وقد أصدرت المحكمة الدستورية فى 7 مارس 2004 قرارا بصحة فتح باب الترشيح أمام جميع من تتوافر بشأنهم شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب، وأقرت المحكمة بصحة القرار الإدارى بفتح باب الترشيح أمام الكافة وعدم قصره على من خاض انتخابات 2000 فقط، مستندة فى ذلك إلى أن حقى الترشيح والانتخاب من الحقوق الأساسية التى كفلها الدستور، لا يجوز المساس بهما، أو تفسير النصوص التشريعية التى تنظمهما على نحو يؤدى إلى الانتقاص من محتواهما، بما يتضمنه ذلك من فتح باب الترشيح أمام كل من يرغب فى الترشيح. واستندت المحكمة أيضاً إلى أن القيود التى تفرض على حقى الانتخاب والترشيح، لا تتقرر اجتهاداً أو استنباطاً أو قياساً، بل يتعين أن يكون مصدرها نص صريح واضح وجلى، والقول بقصر الترشيح على من كان مرشحاً فى الانتخابات الأولى يتضمن وضع قيد على حق الترشيح بغير نص واضح الدلالة يجيز، كما أن القول بقصر دائرة المرشحين على من سبق ترشيحهم فى الانتخابات التى أفرزت العضو الذى تقرر بطلان عضويته، يؤدى بالضرورة إلى القول بقصر عملية الإدلاء بأصوات الناخبين، على من كان منهم مدرجاً بالكشوف المعدة فى ذلك الوقت، مما يحرم من تم قيده بكشوف الناخبين بعد ذلك التاريخ من ممارسة حقه فى انتخاب ممثله فى المجلس التشريعى.
وانتهت المحكمة فى قرارها إلى أن صدور نص المادة الثامنة عشرة من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب يعنى أنه إذا خلا مكان أحد المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته بسبب الاستقالة أو الوفاة أو بطلان العضوية أو إسقاطها، يجرى انتخاب تكميلى لانتخاب من يحل محله، وذلك بفتح باب الترشيح أمام جميع من تتوافر فى شأنهم شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب وقت إجراء الانتخاب التكميلى.
ب ـ البطلان والإسقاط : يتمثل الفرق الرئيسي بين إبطال العضوية وإسقاطها في أن الإبطال ينفى عن العضو صفة العضوية منذ إعلان نتيجة الانتخابات البرلمانية، وذلك لوجود خطأ في صحة الترشيح أو صحة العضوية. أما الإسقاط، فهو يطال العضو بسبب وجود مستجدات تتمثل في وجود أحكام قضائية بحق العضو المعني بإسقاط صفة العضوية عنه، وهذه الأحكام تكون قد صدرت عقب اكتساب العضوية. وتبطل أو تسقط العضوية بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس.



وبالنسبة للبطلان، كانت هناك ثلاثة مواقف ناتجة عن وجود طعون انتخابية، أدت إلى إبطال عضوية المعنيين بها من الأعضاء. وقد أعادت مشكلة الطعون الثلاثة إلى الأذهان ضرورة إحداث إصلاح تشريعى في مسألة العضوية خاصة والانتخابات عامة، بحيث يتم توحيد الجهة التي تقرر صحة العضوية، وبما يضمن أن يكون للقضاء وحده القرار النهائي في إقرارها، بدلا من التنازع الحادث في الاختصاص في هذا الشأن بين السلطتين التشريعية والقضائية، والذي تكون فيه الغلبة عادة للسلطة الأولى، التي بيدها تنفيذ أو عدم تنفيذ ما تطالب به الثانية، حيث قد تخضع تلك السلطة أحكام القضاء لأمور سياسية عديدة، منها عدم الإخلال بتركيبة العضوية والأوزان النسبية للأحزاب والقوى السياسية بالمجلس، وبما يضمن استمرار هيمنة الحزب الوطنى الديمقراطى داخل مجلس الشعب. وبذلك يصبح عضو مجلس الشعب ـ وفق النظام المعمول به- هو المتهم والحكم في مسألة صحة العضوية، فاليوم يتهم عضو ما في صحة عضويته فيقرر له الآخرون صحة العضوية، وغداً يصبح نفس العضو حكماً فيرد الجميل لمن أقروا له بالأمس بصحة عضويته . صحيح أن بعض برلمانات العالم لها الحق في إقرار صحة عضوية أعضائها، إلا أن هناك برلمانات أخرى للسلطة القضائية فيها كلمة الفصل في هذا الشأن، ناهيك عن أن المجموعة الأولى من البرلمانات ينتمي غالبيتها للبلدان الغربية، التي تراكم لديها ميراث كبير في الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، ومن ثم انخفضت فيها الطعون التي يقدمها المرشحون إزاء بعضهم البعض إبان الانتخابات البرلمانية، نتيجة لمناخ النزاهة الكبير لتلك الانتخابات.
وكانت مسألة إبطال العضوية بمجلس الشعب خلال هذه الدورة قد طالت ثلاثة أعضاء هم جمال حشمت، ورجب هلال حميده، وطلعت القواس.
(1) أثيرت مسألة إبطال عضوية الدكتور/ جمال حشمت، في جلسة مجلس الشعب يوم 15 ديسمبر 2002، عندما وافق المجلس على إبطال عضوية حشمت، وهو ضمن الأعضاء المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين بالمجلس وأحد أكثر الأعضاء نشاطاً في أعمال التشريع والرقابة. وقد جاء هذا القرار نتيجة الطعن الذي تقدم به مرشح الوفد محمد خيري قلج في صحة الانتخاب للمرحلة الأولى من انتخابات 18 أكتوبر 2000 بالدائرة الأولى مركز دمنهور، محافظة البحيرة، والتي لم تحسم النتيجة بها خلال الجولة الأولى، ومن ثم جرت فيما بعد انتخابات الإعادة بين أحد أعضاء الحزب الوطني ـ الذي طعن قلج في الأصوات التي حصل عليها- وبين حشمت .
وفى الجلسة جرت اتهامات للمجلس وللجنة الشئون الدستورية والتشريعية بالكيل بمكيالين في إقرار صحة العضوية والتعامل مع أحكام محاكم النقض، خاصة وأن تلك اللجنة والمجلس من بعدها، سبق لهما خلال هذا الفصل، رفض ما يزيد عن 20 طعناً مشابها أقرت محكمة النقض بصحتها، وهو ما اتبعته اللجنة والمجلس معاً قبل ذلك، في فصول تشريعية مختلفة. حدث أيضا خلال مناقشات إبطال العضوية اتهام بعض أعضاء المجلس للأمانة العامة، بالتلاعب فى أعداد أصوات الأعضاء الذين اقترعوا على إبطال عضوية حشمت، عندما تقرر اتخاذ الرأى ببطلان العضوية.
وقد قرر المجلس في نهاية الأمر بطلان عضوية جمال حشمت، والإعادة بينه وبين خيري قلج. وقد رفض عضوين من أعضاء حزب الوفد بالمجلس التصويت على قرار بطلان عضوية حشمت، الأمر الذي دعا رئيس الحزب بتحويلهما إلى أحد لجان التحقيق بالحزب. وقد خرج حشمت من عضوية المجلس، وقد تردد أن الغرض مما حدث كان في واقع الأمر مجرد طرد عضو الإخوان المسلمين، وإحلال عضو آخر محله. خاصة وأن ما حدث يوم الانتخابات التي جرت بين قلج وحشمت، والتي فاز فيها الأول، شابته كثير من التجاوزات لصالح مرشح الوفد، وذلك بحسب شهادات الكثير من الجهات المحايدة التي حضرت عملية الاقتراع، ومنها وكالات الأنباء الأجنبية والمراقبين والصحفيين. وفيما بعد تم إلقاء القبض على جمال حشمت ضمن عمليات المداهمة والضبط والاعتقال التي تجريها الجهات الأمنية بشكل متواتر للمنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، وذلك تحت دعاوى مختلفة، وقد تم ذلك في سبتمبر 2003.
(2) طرحت قضية بطلان عضوية كلا من طلعت القواس، ورجب هلال حميدة في 4 فبراير 2003، والعضو الأول هو من الأعضاء المنتمين للحزب الوطني وأحد رجال الأعمال البارزين في مجلس الشعب. أما العضو الثاني، فهو ممثل حزب الأحرار بالمجلس. وكان الطعنان الانتخابيان المعنيان قد قدما من قبل أحد المرشحين السابقين في انتخابات دائرة عابدين التي جرت في 8 نوفمبر 2000، وقد أقر مجلس الشعب بطلان عضوية العضوين، وفتح الدائرة لانتخابات جديدة فيها.
ويتبين من قراءة تقرير اللجنة الدستورية والتشريعية بشأن هذا الطعن أنه وجد ضمن جداول الناخبين بهذه الدائرة 1437 ناخباً حكمت محكمة القضاء الإدارى بإلغاء قيدهم في الجدول، كما أن محكمة النقض أخذت بعدم الثقة بسلامة الإجراءات التي تمت بأحد اللجان بالدائرة.
وواقع الأمر أن مشكلة بطلان العضوية في هذه الدائرة، هو كغيرها من المشكلات المماثلة ليست في مجرد خروج عضوين وإحلال عضوين آخرين محلهما، بل في أن الانتخابات الجديدة التي تجرى عقب قبول إبطال العضوية، لا يضمن نزاهتها مقارنة بالانتخابات العامة التى جرت عام 2000.
من ناحية أخرى، فإن الطعن في عضوية أحد أعضاء المجلس يثير تاؤلات كبرى حول مسئولية وزارة الداخلية وحدود تدخلها فى الانتخابات. ففى حالة دائرة عابدين، أقرت محكمة القضاء الإدارى وحكمت ببطلان القيد الجماعي لـ 1437 ناخباً كانت قد صدقت عليهم وزارة الداخلية. وقد أقرت محكمة القضاء الإداري في حكمها بشأن هذه الدائرة تعنت الداخلية وامتناعها عن تقديم الكشوف والمستندات اللازمة للفصل في الطعن. وكانت وزارة الداخلية قد بادرت وطعنت في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، ثم قررت وبلا سبب ترك الخصومة في الطعن يوم 3 فبراير 2003 (أي قبل مناقشة إبطال العضوية بيوم واحد). وفى اليوم ذاته تركت هيئة قضايا الدولة الخصومة، وأرسلت إلى رئاسة المجلس ما يفيد بتخلي وزارة الداخلية عن الطعن، فحول المجلس الموضوع للجنة الشئون الدستورية والتشريعية التي أتت بتقرير يوصى بإبطال العضوية، ولم تنتظر لحكم المحكمة بأن الطعن جائز أو غير جائز.
وعلى أية حال، فقد اتهم الأعضاء الذين ناقشوا تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية كلا من اللجنة والمجلس بالكيل بمكيالين أيضاً، خاصة وأن هناك تقارير عديدة لمحكمة النقض تعرض على المجلس وتحوى أموراً تتضمن تجاوزات أكثر بكثير، لكن المجلس يقرر صحة العضوية. وكما ردد بعض الأعضاء خلال جلسة الاقتراع على إبطال العضوية، أن اللجنة والمجلس يتحمسان لو كان الطعن في أحد أعضاء المعارضة، خاصة الذين يتميزوا بقوة الأداء في المجالين الرقابي والتشريعي، والعكس لو كان الطعن في عضوية أحد الأعضاء المنتمين للحزب وطني. وإن كان ذلك لا يعنى عدم تقديم الطعون فى أحد النواب من أعضاء الحزب الوطنى، كما حدث مع عضو دائرة عابدين.
فيما يتعلق بإسقاط العضوية، فقد أسقطت خلال الدور الثالث من هذا الفصل العضوية عن كل من بهاء الدين المليجي، وحسن عويس، وقد تم ذلك فى 9 مارس 2003. وينتمي العضوان إلى دائرتى أطسا وطامية بالفيوم على التوالي. وقد تم الإسقاط بسبب اتهامهما بالاستيلاء على أموال الدولة، وتزوير محاضر رسمية، والإضرار العمدي بمصالح الدولة، بما جعل محكمة الجنايات تحكم عليهما بالسجن والغرامة. وتعنى هذه الحالة أن الإسقاط تم لأسباب جنائية بحتة ثبتت بأحكام قضائية نهائية.
ج ـ الانتخابات وقبول عضويات جديدة : شهدت الدورة الثانية لمجلس الشعب، والفترة الزمنية التي شغلتها الدورة البرلمانية الرابعة خلال عام 2003، استكمال المقاعد التي لم تستكمل بعد عقب انتخابات 2000، كما شهدت تلك الفترة العديد من الانتخابات التكميلية، في دوائر مختلفة، شغرت بوفاة أو إبطال أو إسقاط عضوية ممثليها، وقد بلغ عدد هذه المقاعد 30 مقعداً.
وقد تمت الانتخابات وفق النظام الفردى، ولم تكن تلك الانتخابات تختلف عن المظاهر العامة لمناخ الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2000، بداية من التدخل الإدارى فيها، وعدم نقاء الجداول الانتخابية، مروراً بتدخل رأس المال والرشاوى الانتخابية، ومناخ القبلية والعشائرية الذي سيطر على الانتخابات، خاصة في الدوائر التي خرج منها ما عرف باسم نواب التجنيد، وانتهاء باستمرار ظاهرة الطعون الانتخابية للطعن في نتائج الانتخابات والإجراءات التي شابتها.
وباستثناء دائرة دمنهور التي كانت الإعادة فيها بين مرشح الوفد ومرشح الإخوان، شارك الحزب الوطني في كافة هذه الانتخابات. وكانت أهم جولات تلك الانتخابات هي الانتخابات التكميلية التي جرت في ديسمبر 2003 لشغر مقاعد نواب التجنيد وبعض الأعضاء المتوفين. وقد جرت الجولة الأولى من هذه الانتخابات في 25 ديسمبر 2003، وجرت الإعادة بشأنها في 31 ديسمبر 2003. وقد قاطعت أحزاب المعارضة والقوى السياسية الرئيسية المشاركة في تلك الانتخابات، دون أن تعلن ذلك بشكل جماعى أو رسمى.
وكان الوفد الذي رفض المشاركة في انتخابات ديسمبر 2003 لرفضه استقالة نواب التجنيد وتأييد إبطال العضوية عنهم، قد شارك في انتخابات دائرة كرداسة التي شغرت بوفاة أحد ممثليها، رغم أنها جرت في يوم الذى شهد الانتخابات التى تمت لخروج نواب التجنيد من مجلس الشعب. على أنه ما أن نجح أحد المرشحين المستقلين في انتخابات دائرة زفتى التي شغر مقعدها بسبب استقالة نائب من نواب التجنيد بها، حتى أعلن أن الفائز، واسمه عبد الفتاح الشافعي، وفدي الانتماء . وبذلك تكون عدد مقاعد الوفد التي كانت عقب انتخابات 2000 سبع مقاعد، وارتدت خلال الدور الأول من الفصل التشريعي الثامن إلى أربعة، ومطلع الدور الثالث إلى ثلاثة، قد أصبح خمسة مقاعد بانضمام قلج خلال دور الانعقاد الثالث، والشافعي خلال دور الانعقاد الرابع .
وكانت الأطراف المقابلة للحزب الوطني الديمقراطي في انتخابات ديسمبر 2003 هي أحزاب مصر الفتاة والجيل والأحرار، وقد شارك هذا الأخير بمرشح واحد وهو طلعت السادات أبن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات، وهو أحد الأطراف المتنازعين على رئاسة حزب الأحرار. على أن المنافس الحقيقي للحزب الوطني، كان هم المستقلين سواء من المنشقين على الحزب الوطني أو من المستقلين الفعليين.
وقد اختار الحزب الوطني مرشحيه في انتخابات ديسمبر عبر المجمعات الانتخابية التي جرت في الدوائر المعنية باختيار مرشحيه. وقد ضمت المجمعات الانتخابية هيئات مكاتب أمانات الحزب في المراكز والأقسام وهيئة مكتب أمانة المحافظة و25% من قيادات الوحدات الحزبية، وهيئات مكاتب المجالس المحلية للمراكز والأقسام (الرئيس والوكيلين). ورغم نية الجدية في أعمال دور هذه المجمعات في اختيار مرشحي الحزب، إلا أنه باستثناء عدد محدود من الدوائر كانت الانتخابات داخل تلك المجمعات تسير بشكل ارتجالى، وحتى بالنسبة إلى إنذارات الفصل لكل من يخرق الالتزام الحزبى، إلا أن قرارات الفصل رغم حدوثها بالفعل، كانت انتقائية إلى حد كبير.
وعلى الرغم من أن بعض ترشيحات المجمعات الانتخابية قد استبعدت أقارب المستقيلين من نواب التجنيد، إلا أن ترشيحات مجمعات أخرى أكدت على أن الترشيحات جاءت بأقارب وذوي المستقيلين. وفي هذا الصدد، يشار على سبيل المثال إلى دائرة الحوامدية بالجيزة ودائرة النزهة والمرج والسلام بالقاهرة حيث جاء المجمع الانتخابي بشقيقي العضوين المستقيلين في الدائرتين. وفي دائرة بني عبيد بالدقهلية، أختار المجمع الانتخابي أحد المقربين للعضو المستقيل هرماس رضوان، الذي اعتبر من أكثر النواب مقاومة لتفسير فتوى المحكمة الدستورية. من ناحية أخرى، كانت اختيارات المجمع تتم في بعض الأحيان مخالفة لصفة الأعضاء المراد ترشيحهم، ففي دائرة نهطاي على سبيل المثال رشح الحزب واحداً من كبار ملاك الأرض والمستثمرين كفلاح، وفي دائرة الدخيلة بالإسكندرية رشح المجمع أحد المحامين على مقعد العمال.
د - مشكلات بعض الأعضاء مع الجهات الخارجية: برزت خلال الدورة البرلمانية الثالثة لمجلس الشعب بعض المشكلات التي عانى منها بعض أعضاء المجلس مع الجهات الخارجية. وقد تمثلت تلك الجهات في الصحافة، حيث اعتبر بعض الأعضاء أن هناك أخباراً غير صحيحة تمسهم. إضافة إلى ذلك، كان هناك خلاف مع الأحزاب السياسية، كالذى حدث بين العضو محمود الشاذلى وحزب الوفد في مايو 2003، عندما ورد خطاب من رئيس الحزب إلى رئيس مجلس الشعب، يفيد باستقالة محمود الشاذلي من عضوية الحزب وهيئته البرلمانية وجريدة الوفد، مما اعتبره العضو فصلاً من الجريدة وليس استقالة. وجاء موقف الحزب من هذا العضو رداً على موقفه الرافض لإبطال عضوية جمال حشمت، لصالح مرشح الوفد في دائرة دمنهور خيري قلج. وقد أدى هذا الموقف إلى قيام الشاذلي بالاعتصام بنقابة الصحفيين والإضراب عن الطعام، إلى أن تمت تسوية المشكلة، وتم تعيينه في إحدى الصحف القومية، بعد تدخل العديد من الجهات منها رئيس المجلس.
على أن أهم مصدر للخلاف حدث بين أعضاء مجلس الشعب والجهات الخارجية خلال الدورة البرلمانية الثالثة، ذلك الذي حدث نتيجة إلقاء القبض على عضوين من أعضاء المجلس هما حمدين صباحي ومحمد فريد حسنين في 23 مارس 2003 بسبب قيادتهما لمظاهرة ضد العدوان الأمريكي البريطاني على العراق. وقد كان رد فعل مجلس الشعب إزاء هذا الأمر، قد تمثل في مطالبة بعض الأعضاء بسرعة الإفراج عنهما. وقد عقب وزير الدولة لشئون مجلس الشعب على الأمر بتأكيده بأنه تم الاتصال بوزير العدل، الذي أخطره أن نيابة أمن الدولة تجري تحقيقاً مع العضوين، وسيتم إخطار المجلس بنتيجة التحقيق. على أن رد الوزير لم يكن كافياً لإرضاء بعض الأعضاء، لذلك انسحب 24 عضواً من أعضاء المجلس ينتمون لكل من الإخوان والوفد والتجمع والمستقلين، وذلك احتجاجاً على تلك الواقعة، وهو ما قابله رئيس المجلس جلسات المجلس بانتقاد الانسحاب، مشيراً إلى أنه لا يمكن للمجلس حمل السلطة القضائية على الإفراج عليهما، لأن هذا الأمر يشكل جريمة في قانون العقوبات. وهو تصوير جعل من مسألة التضامن مع الزملاء النواب اقرب إلى فعل غير قانونى، وذلك رغم أن النائبين كانا قد تعرضا للاعتداء على يد قوات الشرطة، والتى سلمتهما فيما بعد إلى النيابة.
من جهته، قدم وزير العدل إلى مجلس الشعب إخطاراً كتابياً بالواقعة، وقد منع رئيس المجلس الأعضاء من مناقشة هذا الإخطار، بدعوى أن المجلس لا رقابة منه على السلطة القضائية. وقد أشار الإخطار نفسه إلى مخالفة الدستور فى عملية اعتقال النائبين، إذ أشار إلى انه لا توجد واقعة تلبس في ما نسب إلى العضوين من جريمة (على افتراض أن التظاهر يعد جريمة)، لكن ما حدث هو أن العضوين تم تصويرهما بآلات تصوير وهما يحرضان المواطنين على مهاجمة قوات الشرطة في مظاهرة بميدان التحرير يوم الجمعة 21 مارس 2003 . وأشار أيضا إلى أن أحد العضوين الذى قبض عليه بعد يومين من تلك الواقعة رفض التعاون مع النيابة في الأسئلة المطروحة عليه، بينما تنازل العضو الثانى عن حصانته (رغم أن هذا التنازل هو ملك المجلس وليس ملك العضو)، وأقر بواقعة التحريض مع زميله الآخر. يذكر هنا النائبين محل الواقعة قدما العديد من الاستجوابات للحكومة بمجلس الشعب.، وقد أفرج عنهما بعد 10 أيام من توقيفهما، وذلك ضمن 70 مواطناً آخرين أفرج عنهم.



- تعامل رئيس المجلس مع أعضاء المجلس
كان تعامل رئيس المجلس مع أعضاء المجلس من الأمور التي كانت تثير دوماً بعض المشكلات داخل المجلس، وكقاعدة عامة لا يرتبط هذا الأمر بشخص رئيس المجلس، قدر ارتباطه بلائحة مجلس الشعب، وما أعطته من سلطات له، إضافة إلى الأعراف السائدة بدور القائد، والتى تعطي دوماً للرئيس أو المدير أو القائد نفوذاً على مرءوسيه يفوق عادة السلطات المقررة قانونا والممنوحة له تجاههم، رغم كبر حجم تلك السلطات بداية.
وبشكل عام، تثار عادة التساؤلات حول قدر الموضوعية اللازم لدى رئيس مجلس الشعب كطرف رئيسى فى العلاقة بين الحكومة كطرف خاضع للرقابة البرلمانية، وعضو المجلس كقائم بالرقابة البرلمانية، وهى تساؤلات نابعة أصلا من كون رئيس المجلس عضوا قياديا في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم. وقد وضعت لائحة المجلس والممارسة العديد من القواعد المكتوبة، إضافة إلى القواعد العرفية لتلك السلطات، والتي أثرت دون شك فى طبيعة التوازن المفترض بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية. وفي هذا الشأن، يشار إلى أن رئيس المجلس هو الذي يحدد جدول الأعمال اليومى والمستقبلى، كما أنه يحدد موعد المناقشات ويتحكم في زمن النقاش ويديره، ويقترح غلق باب المناقشة في أى موضوع بنفسه أو بناء على طلب موقع عليه من 20 عضواً، وأنه يستطيع من خلال سيطرته على الوقت تحديد عدد الأسئلة والاستجوابات أثناء الدورة البرلمانية. كما أن رئيس المجلس يستطيع أن يستخدم سلطته للتأثير في مجرى النقاش السياسى أو القانوني بمجلس الشعب، الأمر الذي يثير دائما حساسيات وانتقادات لدى الكثير من الأعضاء لاسيما من أحزاب المعارضة، وتمسكه بمقولة د. رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق بأن المجلس سيد قراره لاسيما فى قضايا العضوية. من ناحية أخرى، فإن رئيس المجلس غالباً ما لا ينظر إليه كطرف محايد باعتبار بانتمائه إلى الحزب الوطني، المفترض انه حزب الحكومة التي يراقبها المجلس. وهو يوجه مسار المناقشات بتحديد زمن حديث العضو، وباستيضاح زمن بعض المسائل وأمور الاستجوابات أو طلبات الإحاطة.
إضافة إلى ذلك، فإن دراسة سلوك رؤساء مجلس الشعب تبين تأكيدهم للأعضاء على ضرورة عدم إلقاء التهم جزافاً ودون دليل، وهو أمر رغم صحته قانونا ومن حيث المبدأ العام، إلا أن صعوبة حصول العضو على المعلومات الموثقة بشأن أداء الجهات التنفيذية، كانت تؤدى من الناحية العملية إلى نوع من الانحياز للحكومة، وصد الاتهامات الموجهة إليها، وتصعيب مهمة الأعضاء فى الرقابة على أعمالها.
وخلال الدورة البرلمانية الثالثة، برزت العديد من المواقف التي تركزت حول عدم رضاء رئيس المجلس وبعض الأعضاء على السواء فى مسلك كل منهما لدى الآخر. وواقع الأمر أنه ما دام العضو لم يخرج عن قواعد الكلام وعما يمكن أن ينسب له من انتهاكات للدستور، فإنه من غير الممكن الحجر على حريته في الإدلاء برأيه مهما كانت طبيعة تلك الآراء بما في ذلك نقده لسياسة السلطة التشريعية إزاء أحكام القضاء. وبذلك يعد منعه من الكلام، أو مقاطعته بشكل مستمر، أو حذف أقواله من المضبطة، أو التصويت الآلي لحزب الأغلبية على عدم استرساله في الحديث، أو التصويت على إحالته إلى لجنة القيم، أمر غير جائز ونوع من المنع القسرى استنادا إلى الأغلبية التى يتمتع بها نواب الحزب الوطن الحاكم.

ثانيا: المحكمة الدستورية العليا .. تأثير ضخم فى الحياة المصرية
تثير فكرة الرقابة على دستورية القوانين خلافات متعددة فى الفكر القانونى والقضائى على المستويين المحلى والدولى. فقد ثار الخلاف حول جواز هذه الرقابة نفسها وما إذا كانت تمثل قيداً على سلطة التشريع التى من المفترض ـ دستورياً - أن ينفرد بها البرلمان حفاظاً على مبدأ الفصل بين السلطات وتأكيداً على أن القانون إنما يمثل إرادة الأمة. كما ثار الخلاف حول طبيعة القضاء الدستورى وهل هو من طبيعة سياسية أو من طبيعة قضائية صرف، وأيضاً هل هو قضاء مشروعية ينصرف إلى مراقبة مطابقة القوانين المطروحة للدستور أو انه قضاء شامل ينظر فى ملائمة القاعدة القانونية. أخيراً فقد ثار خلاف حول ما إذا كانت الرقابة الدستورية الأفضل هى الرقابة الوقائية التى تتلخص فى وجود هيئة دستورية ما تتولى النظر فى مدى دستورية القانون قبل إصداره بحيث لا يصدر قبل التأكد من دستوريته، أو أن تكون رقابة لاحقة تمارس بمناسبة تطبيق القانون بعد صدوره وتنتهى إلى إلغائه أو وقف العمل به حال عدم مخالفته لقواعد الدستور .
ومن الناحية التاريخية، فإن قضاء مجلس الدولة المصرى فى عام 1948 بحق المحاكم العادية فى مراقبة دستورية القوانين قد نحى منحى المحكمة العليا الأمريكية فى هذا الشان. ولكن هذا القضاء لم يذهب إلى المدى الذى ذهبت إليه المحكمة العليا الأمريكية والذى كان قد تطور إلى مدى بعيد وقت صدور حكم مجلس الدولة المصرى. فقد نظر الأخير إلى الأمر من وجهة نظر التأويل والترجيح القانونى الذى هو من صميم عمل القاضى، بحيث إذا أنتهى هذا التأويل إلى مخالفة النص المنطبق على واقعة الدعوى المطروحة على القاضى لقاعدة دستورية، فإن من واجب القاضى أن يستبعد تطبيق النص القانونى المطروح وفقاً لقاعدة سمو الدستور وما توجبه من تدرج القواعد القانونية، والتى وفقاً لها تكون نصوص الدستور هى النصوص الأعلى التي لا يجوز لأى تشريع مخالفة أحكامها. وهذه القاعدة هى قاعدة قانونية مسلم بها يقع تطبيقها فى سلطة القاضي. وبذلك فان سلطة القاضي المصرى طبقاً لحكم مجلس الدولة تقصر عن إلغاء النص المخالف للدستور وتقتصر قط على استبعاد تطبيقه، ولكن دون أن يعنى ذلك إعطاء الحق لكل محكمة فى تأويل نصوص القوانين المعروضة عليها وبيان مخالفتها لقواعد الدستور.
وعلى كل الأحوال، فإنه لم يكتب لهذا الحكم أن يحدث تأثيرا حقيقياً فى مسار الرقابة الدستورية فى مصر، فلم يتكرر هذا الحكم، ولم يتح له أن يصبح مبدأً عاماً مكرراً وتكاد تخلو الأحكام القضائية المصرية من أى حكم مماثل أو حتى حكم مخالف ينفى حق القاضي فى الرقابة الدستورية ولو فى المدى الذى قرره ذلك الحكم فقط.
غير انه وأثناء انعقاد المؤتمر الوطنى للقوى الشعبية لمناقشة مشروع الميثاق الوطنى عام 1962، فقد طرحت فكرة الرقابة الدستورية من خلال محكمة دستورية متخصصة، ولكن الميثاق صدر خالياً من أى صدى لهذه المناقشات. وان ظلت المطالبة بذلك دائرة ـ بشكل خافت ـ فى الفضائين السياسى والقانونى.
وحين وقعت الأزمة الشديدة بين السلطتين التنفيذية والقضائية عام 1969 فقد اتخذت السلطة التنفيذية عدة قرارات لإنهاء هذه الأزمة والتى عرفت بعد ذلك بـ مذبحة القضاء، وكان ضمن هذه القرارات قرار بإنشاء محكمة عليا تتولى وحدها الرقابة على دستورية القوانين. وحين صدر دستور عام 1971، فقد نص على أن تظل المحكمة العليا المذكورة فى ممارسة اختصاصاتها التى نص عليها قانونها لحين تشكيل المحكمة الدستورية العليا التى نص عليها الدستور . وقد أعطى هذا النص حصانة دستورية ضمنت البقاء لقرار إنشاء المحكمة وقانونها عندما قضت محكمة النقض بإبطال كافة قوانين وقرارات مذبحة القضاة، وقد تراخى صدور قانون المحكمة الدستورية العليا التى نص عليها الدستور الصادر فى سبتمبر 1971 إلى نحو ثمانى سنوات كاملة حيث لم يصدر قانونها إلا فى سبتمبر 1979.
وعلى امتداد العقدين الأخيرين فقد أحدثت أحكام المحكمة تأثيرا هائلاً فى مسيرة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى مصر وفى عامى 2002، 2003 فان عدداً من أحكام المحكمة قد واصل التأثير فى نفس الاتجاه، وسوف نقدم إجمالاً لهذه التأثيرات ولكن بعد التعرض أولاً لوضع المحكمة الدستورية العليا داخل النظام السياسى.

1. وضع المحكمة الدستورية العليا داخل النظام السياسى
تؤكد النظرة الموضوعية لأحكام المحكمة الدستورية العليا التزامها بإطار نظامها السياسي وعملها فى خدمة مصالحه وأهدافه، على العكس ما تشيعه بعض الكتابات التى تحاول أن ترصد للمحكمة ـ من خلال بعض أحكامها ـ دوراً ابعد مدى واكبر حجماً ينفيه التحليل القانونى الموضوعى لمجمل أحكام المحكمة كما ظهر فى بعض النماذج، ولاسيما حينما قضت المحكمة فى 16 مايو 1987 بعدم دستورية انتخاب مجلس الشعب بالقائمة النسبية المقتصرة على أعضاء الأحزاب السياسية، حيث اعتمدت فى ذك على المواد 8، 40، 62 من الدستور أى على ما رأته المحكمة من مخالفة الانتخاب بتلك الطريقة لمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص، وحقوق الانتخاب والترشيح التى كفلها الدستور. ولم تتطرق المحكمة إلى البحث فى عدم دستورية طريقة الانتحاب بالقائمة نفسها بصرف النظر عن التفصيلات التى يمكن تعديلها بما ينفى عنها شبهة عدم الدستورية.
وقد اتجهت المحكمة لهذا الاتجاه رغم أن هناك رأياً كبيراً يقرر بان طريقة القائمة نفسها غير دستورية بدلالة بعض النصوص الدستورية الخاصة بتكوين مجلسي الشعب والشورى وبدلالة ظروف وضع الدستور نفسه وخلو مناقشات لجانه من أي إشارة لطلب الانتخاب بهذه الطريقة. وقد ظهر هذا التوجه للمحكمة جلياً في ردها على دفع الحكومة الخاص بان الدستور لم يضع حدوداً أو قيوداً على سلطة المشرع التقديرية فى الاختيار بين النظم الانتخابية المختلفة بما يفيد إقرارها لهذا الدفع في ذاته، وهو توجه يدل على أن المحكمة لم تشأ أن تفرض على المشرع شيئاً محدداً فيها يخص أمراً جوهرياً يتعلق بطرق إنتاج إحدى المؤسسات السيادية وهو البرلمان، وتركت للمشرع مطلق التقدير فى ذلك مجاوزة الآراء المتقدمة عن عدم دستورية طريقة القائمة فى ذاتها .

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655168

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا 1384c10


الأوسمة
 :


اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا Empty
مُساهمةموضوع: رد: اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا   اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا I_icon_minitime4/10/2011, 16:48

خيارات المساهمة


وقد استمرت المحكمة على هذا النهج فى أحكامها المتتابعة التالية بإبطال انتخابات مجلس الشورى وبإبطال انتخابات المجالس الشعبية بالقوائم الحزبية فقط. ثم أحكامها المتتالية أيضا بإبطال النصوص البديلة للنصوص المقضى بعدم دستوريتها، وهى النصوص التى جعلت الانتخاب بمزيج من القائمة الحزبية مع تخصيص مقعد فردى فى كل دائرة انتخابية يتنافس عليه الحزبيون وغير الحزبيين. فتتابعت أحكام المحكمة الدستورية العليا بالقضاء بعدم دستورية هذه النصوص أيضاً لإخلالـها بمبدأ المساواة وتكافؤا الفرص وحقوق الانتخاب والترشيح. بل إن المحكمة تطرقت أيضا إلى تصحيح أعمال المجالس المقضى بعدم دستورية انتخابها والتى قضت المحكمة ببطلانها منذ انتخابها، وقررت المحكمة أن هذا البطلان لا يؤدى البتة إلى ما ذهب إليه المدعى من وقوع انهيار دستورى ولا يستتبع بطلان ما أقره المجلس من قوانين وقرارات وما اتخذه من إجراءات فى الفترة السابقة وحتى تاريخ نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية.
وقد كان هذا الحكم موضع انتقاد كثير من رجال القانون باعتبار أن تصحيح أعمال المجلس الذى أبطلته المحكمة لا يدخل ضمن سلطاتها، وأن ثمة وسائل أخرى لمواجهة الفراغ أو الانهيار الدستورى ليس منها ما تطرقت إليه المحكمة من أسباب. وقد ارجع بعض هؤلاء الفقهاء بروز هذه المشكلة إلى تقرير المحكمة الدستورية العليا بأن أحكامها تحوز أثراً رجعياً يبطل النص المطعون عليه وينهى جميع ما يترتب عليه من آثار- كأصل عام - من وقت صدور النص. وقد تدخل المشرع لعلاج المشكلات المترتبة على هذا التفسير فصدر القرار الجمهورى بقانون عام 1998 مقرراً بوضوح أن الأصل العام فى سريان أحكام المحكمة هو الأثر المباشر أى إبطال النص غير الدستورى منذ اليوم التالى لنشر الحكم فى الجريدة الرسمية فقط.
وقد انتهجت المحكمة نفس النهج بالنسبة للمجالس المحلية ـ التى من المفترض أنها أقل شاناً من المجلس النيابى - حيث قررت باستمرار أعمال وقرارات المجالس التى اعتبرت باطلة منذ انتخابها كما قررت المحكمة، وهو توجه يؤكد استيعاب وفهم المحكمة لدورها داخل ـ وليس خارج ولا فوق ـ النظام السياسي الذي تعمل فيه وأنها تتكامل وتتعاون مع سائر مؤسساته وفق أحكام الدستور. وقد ضمنت المحكمة حكما بتاريخ 19/5/1990 عبارات واضحة تؤكد وعيها بهذه الحقيقة الدستورية والسياسية الكبرى، كما تأكد هذا التوجه بشكل اكبر حين وقع خلال خلاف كبير من محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار/ طارق البشري، والمحكمة العسكرية العليا حول تفسير نص قانوني ورد فى قانون الأحكام العرفية يبيح لرئيس الجمهورية أن يحيل للقضاء العسكرىأيا من الجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات أو أى قانون آخر، حيث اتجهت محكمة القضاء الإداري إلى تفسير هذا النص على اعتبار أنه لا يبيح لرئيس الجمهورية إلا إحالة الجرائم المحددة بنوعها تحديداً مجرداً، وليس تلك التى وقعت فعلاً وتحددت أشخاص المتهمين فيها، وأن القول بان سلطة الإحالة تشمل الحالين يعنى أن رئيس الجمهورية يملك سلطة اختيار القاضى الذى يحاكم عن أفعال معلومة ومتهمين محددين، وهو ما ينافى أصول العدالة والقضاء. لكن المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار الدكتور / عوض المر انتصرت بقوة لموقف المحكمة العسكرية العليا، وأصدرت تفسيراً بأن النص يشمل كلا النوعين من الجرائم أى الجرائم المحددة بنوعها تحديداً مجردا، وكذلك الجرائم المعينة بذواتها بعد ارتكابها فعلاً ، وكان هذا التفسير محل انتقاد فقهي وسياسي واسع.
ولا حدود للأمثلة التى يمكن أن نضربها لالتزام المحكمة الدستورية العليا خاصة على عهد رئيسها المستشار الدكتور عوض المر 1991 ـ 1998 بجميع التوجهات الأساسية العليا للنظام السياسى متجاوزة بذلك أى نقض من رجال الفقه والقانون لأحكامها. من ذلك قضاء المحكمة بان كلا من القضاء العسكرى ومحكمة القيم بدرجتيها هما من قبيل القضاء الطبيعى كل فيما خصه به قانون إنشائه من اختصاصات، وأيضا حكمها بدستورية النص على ضرورة التمايز بين برامج الأحزاب المختلفة، رغم ما يعترى هذا النص من عوار، سجلته محكمة الأحزاب نفسها، وهي محكمة يدخل في تكوينها عناصر غير قضائية، وذلك عندما قبلت الدفع بعدم دستورية هذا النص وقدرت جديته وأحالته للمحكمة الدستورية العليا للحكم فيه.
وقد مدت المحكمة التزامها بالسياسات العليا لنظام الحكم إلى الدوائر الاقتصادية والاجتماعية، فعرجت فى أحد القضايا المطروحة عليها إلى سياسات خصخصة القطاع العام، رغم أن هذه السياسات لم تكن موضع البحث الأساسى فى القضية المطروحة عليها، وقضت بدستوريتها برغم ما يراه كثيرون من مخالفات ذلك لطبيعة الدستور الاشتراكية وما توفره من حماية مطلقة للملكية العامة باعتبارها ملكية الشعب وللقطاع العام الذى يقود التقدم فى جميع المجالات، كما ورد فى المادة 30 من الدستور، بل إن المحكمة لم تعتبر أن القوانين المتعلقة بالقطاع العام هي من قبل القوانين المكملة للدستور رغم كل ما يوفره الدستور من حماية، بل أن المحكمة استخدمت المادتان 8، و40 من الدستور الخاصتين بتكافؤ الفرص ومنع التمييز أمام القانون، وكذلك المادة 34 الخاصة بصيانة الملكية الخاصة، فى إبطال عدد ضخم من القرارات والقوانين التى رأتها المحكمة ماسة بالملكية الخاصة، خاصة في مجالات الإسكان والضرائب والتعويض عن عمليات التأميم.. الخ.
ورغم أن المحكمة فى حكم قديم يرجع لعام 1983 انتهت إلى أن الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية لا يعد ملزماً للشارع إلا بالنسبة لقوانين التى صدرت بعد دستور 1971، وذلك فى دعوى كانت متعلقة بإبطال مادة القانون المدنى التى تتيح تقاضى فوائد على الديون، فإنها عادت وأبطلت العديد من النصوص الصادرة قبل دستور 1971، وهو تناقض مبعثه التزام المحكمة بالسياسات العليا للنظام السياسي القائم، وهى السياسات التى كان من الممكن أن تتعرض لتهديدات كبيرة فيما لو أن المحكمة أعملت مبدأها فى عدم التصدى لدستورية بعض النصوص التى صدرت قبل دستور 1971، أو لو أنها تمسكت بالطبيعة الاشتراكية للدستور، وأعملت مواده العديدة التى تؤكد على هذه الطبيعة، أو لو أنها لم تتوسع فى استخدام المادة المتعلقة بصيانة الملكية الخاصة على النحو الموسع الذى واجه انتقادات كثيرة من كبار رجال الفقه والقانون من مختلف التوجهات بما فيها التوجهات الليبرالية والإسلامية.


أخيراً فإنه حينما اتجه النظام السياسي إلي المزيد من تدعيم وتأكيد حقوق المرأة بالتساوي مع الرجل في تولي الوظائف العامة وتقرر توليتها منصب القضاء وهو المكان الوحيد الذي استعصي علي المرأة التواجد فيه حتى نهاية القرن العشرين، فإن المحكمة الدستورية العليا كانت المكان الأول الذي تحقق فيه هذا الفرض للنظام السياسي، وذلك من خلال ثلاث أماكن للمرأة بداخلها أولـها موقع القاضي عضو المحكمة للأستاذة / تهاني الجبالي، والثاني كان في هيئة المفوضين والتي تم تعيين امرأتين بها نقلا من هيئة النيابة الإدارية.
2 ـ الأدوار المختلفة للمحكمة الدستورية العليا
فى ضوء هذا الالتزام الكامل بأهداف وسياسات النظام السياسي القائم والتفاعل معها والتكامل مع بقية المؤسسات، فإن المحكمة الدستورية العليا لعبت دوراً كبيراً فى إدخال تعديلات مؤثرة على مختلف مناحى الحياة فى المجتمع المصرى، وفى تأكيد المزيد من الحريات بل وفي صيانة الدستور نفسه. و قد تواصل هذا الدور بقوة منذ عام 1983 على الأقل، وذلك على النحو التالى:
أ ـ فى المجال السياسى: يأتى فى مقدمة الأدوار التى لعبتها المحكمة الدستورية فى المجال السياسى اهتمامها بالتصدى لتحديد طبيعة الاستفتاء الشعبى على الموضوعات التى يقدر رئيس الجمهورية طرحها على الشعب لاستفتائه فيها، وبيان الضوابط التى ينبغى أن يلتزمها هذا الاستفتاء والآثار المترتبة على موافقة الشعب على الموضوعات المطروحة. فقد ذهبت آراء لبعض كبار الفقهاء الرسميين إلى أن الاستفتاء إنما يمثل رجوعاً إلى الشعب بحسبانه السلطة التأسيسية، وأن موافقة الشعب على مبادئ الاستفتاء وموضوعاته تعتبر بمرتبة النصوص الدستورية، وتمنع النظر فى دستورية هذه المبادئ والموضوعات، بل وتعتبر تعديلاً لنصوص الدستور التى تتعارض مع نتائج الاستفتاء.
ولكن حينما عرض على المحكمة بعض النصوص القانونية التى ووفق عليها فى بعض الاستفتاءات الشعبية التى أجراها الرئيس الراحل أنور السادات، قضت المحكمة بعدم دستورية هذه النصوص القانونية فى اكثر من دعوى طرحت عليها كان أولـها فى إصدار المحكمة مبدأ هاما بان الاستفتاء ليس أكثر من ترخيص لرئيس الجمهورية بعرض المسائل التى يقدر أهميتها واتصالها بالمصالح القومية الحيوية على هيئة الناخبين لاستطلاع رأيها من الناحية السياسية، ومن ثم لا يجوز أن يتخذ هذا الاستفتاء ذريعة إلى إهدار أحكام الدستور أو مخالفتها، كما أن الموافقة الشعبية على مبادئ معينة طرحت فى الاستفتاء لا ترقى بهذه المبادئ إلى مرتبة النصوص الدستورية الذى لا يجوز تعديلها إلا وفقاً للإجراءات الخاصة المنصوص عليها فى المادة 189 من الدستور، وبالتالى لا تصحح هذه الموافقة ما قد يشوب النصوص التشريعية المقننة لهذه المبادئ من عيب مخالفة الدستور، وإنما تظل هذه النصوص على طبيعتها كعمل تشريعى أدنى مرتبة من الدستور، وتتقيد بأحكامه، وتخضع بالتالى لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية.
إن هذا الحكم والذى أستصحبته المحكمة فى جميع القضايا التى عرضت عليها بشأن النصوص المماثلة كلها قد فوت بقوة وحسم أى محاولة للالتفاف على أحكام الدستور من خلال الاستفتاءات الشعبية التى لا يُنظر إلى أهدافها ونتائجها بثقة، بل والتى يختلف الشأن حولـها أصلا فى الفقه القانونى فى مصر وبلاد العالم المختلفة باعتبارها وسيلة تنافى التقنين الدستورى لسلطات الدولة واختصاصاتها. وفى ضوء هذه القاعدة، أبطلت المحكمة نصوص العزل السياسى فى القوانين المختلفة مثل قوانين الأحزاب، ومباشرة الحقوق السياسية وغيرها من القوانين مما أتاح لمختلف التجمعات والتيارات السياسية، وكافة الشخصيات العامة من جميع الاتجاهات مباشرة حقوقهم السياسية.
وقد وضعت المحكمة مبدأً دستورياً هاماً فحواه أن الانتقال من نظام التنظيم السياسي الواحد إلى نظام تعدد الأحزاب لا يهدف إلى المساس بالحقوق والحريات العامة التى كفلها الدستور الذى لم يستهدف استبدال سيادة التنظيم السياسي الواحد بسيطرة التنظيمات الحزبية المتعددة. وقد توصلت من خلال هذا المبدأ إلى إبطال الانتخابات بطريق القوائم الحزبية وحدها أو بالإضافة لمقعد فردى على النحو المتقدم بيانه.
وأقرت المحكمة مبدأ هاماً فى خصوص طبيعة المعاهدات الدولية وآثارها، وأن التزام الدولة بها طالما ظلت قائمة لا يعنى حرمان المواطنين من حقهم فى إبداء الرأى فيها ونقدها تأكيدا لحرية الرأى والتعبير التى كفلها الدستور، بل إن حرية إبداء الرأى فى الاستفتاء يعنى حرية القبول أو الرفض، وبالتالى لا يجوز معاقبة المواطن على استعمال حقه فى إبداء الرأى بالرفض. وعلى هذا الأساس، أبطلت المحكمة بذلك نصاً فى قانون الأحزاب كان يمنع معارضى معاهدة السلام مع إسرائيل من الاشتراك فى تأسيس الأحزاب السياسية .
وكانت لجنة الأحزاب ومحكمة الأحزاب من بعدها قد رفضت قيام حزب الجبهة الوطنية على سند من نص قانون الأحزاب القاضى بحرمان رافضى معاهدة السلام مع إسرائيل من حق المشاركة فى تأسيس الأحزاب السياسية. باعتبار أن مؤسسى الحزب كانوا معارضين لهذه المعاهدة، كما استخدمت اللجنة نفس النص لحرمان الناصريين من إقامة حزب كان تقدم به السيد/ كمال أحمد الذى طعن بعدم دستورية النص وقضت المحكمة الدستورية العليا لصالحه، لكن حزبه رفض بسب إقرار المحكمة الدستورية في ذات الحكم بدستورية شرط التمايز بين برامج الأحزاب. ولكن يمكن القول إن الحزب الناصرى الذى قام فيما بعد ما كان له أن يقوم لولا القضاء بعدم دستورية النص المذكور، والنصوص المشار إليها سابقاً فى خصوص العزل السياسي.
ولم يقتصر تأثير أحكام المحكمة على هذا الحد ـ على ضخامته واتساعه ـ وما أدى إليه من إطلاق الحقوق السياسية والدستورية للمواطنين، بل أنه امتد إلى تحديد شكل العملية الانتخابية وما يترتب عليها من طريقة تكوين البرلمان وممارسته لعمله، وبالتالى ليس فقط من خلال إبطال نظم الانتخاب بالقائمة على النحو السابق، بل ومن خلال توسيع نطاق اختصاصات مجلس الشورى، حيث تبنت المحكمة مفهوماً واسعاً لمعنى القوانين المكملة للدستور التى يتعين اخذ رأى مجلس الشورى فيها قبل عرضها على مجلس الشعب، حيث قررت المحكمة بجلسة 27/ 7/ 1999 بأن القانون يعتبر مكملاً للدستور إذ اجتمع له شرطان، أولـهما أن يكون الدستور قد قرر فى مسألة بعينها أنه يكون تنظيمها بقانون أو وفقاً للقانون أو فى الحدود التى بينها القانون. وثانيهما أن يكون هذا التنظيم متعلقاً بقاعدة كلية من التى درجت الوثائق الدستورية على احتوائها وإدراجها ضمن نصوصها.
إن مدى اتساع هذا المفهوم يتضح بجلاء إذا علمنا أن المحكمة أعملته على قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية واعتبرته مكملاً للدستور وقضت بعدم دستوريته بالكامل لعدم اكتمال أوضاعه الشكلية بأخذ رأى مجلس الشورى فيه. وفى 8/ 6/2000 قضت المحكمة بعدم دستورية الإشراف على عملية الاقتراع فى الانتخابات والاستفتاءات فى جميع اللجان الأصلية والفرعية لغير أعضاء الـهيئات القضائية، وهو الحكم الذى ترتب عليه حرمان السلطة التنفيذية ـ ممثلة فى وزارة الداخلية ـ من سلطة اختيار رؤساء وأعضاء اللجان الفرعية من بين الموظفين العاديين، وهى سلطة كانت محل انتقاد كبير وشكوى مستمرة من سوء استخدامها كوسيلة لتزوير الانتخابات فى الدوائر التى لا تقبل السلطة التنفيذية بنجاح مرشحين معينين فيها، أو فى تلك التى ترغب فى إنجاح مرشحين بالذات من الموالين لها.
وكانت المحكمة قد سبق لها فى 1980 أن حكمت بعدم دستورية القانون الذى كان يقضى بتخصيص ثلاثين مقعداً للمرأة من مقاعد مجلس الشعب. وفى ذات المنهج الذى يخص طبيعة تكوين مجلس الشعب وتمثيل الفئات المختلفة فيه أصدرت المحكمة فى 8 يوليو 2000 حكماً قضى بعدم دستورية نص قانون المجلس الذى كان يقصر الاعتداد فى تحديد صفة المرشح من العمال والفلاحين على ما هو ثابت قبل 15 مايو 1971 .
لم يقتصر تأثير المحكمة على ما تقدم بيانه فيما يخص الجوانب السياسية، فقد انهالت أحكام المحكمة الدستورية العليا التى تؤكد على الحريات السياسية، وحقوق الدفاع أمام القضاء فى مجالات متعددة تتجاوز حقوق الانتخاب والترشيح، فقضت فى 2 يونيو 1984 بعدم دستورية نص قانونى كان يبيح دخول المساكن وتفتيشها فى حالة التلبس دون صدور أمر قضائى مسبب، كما تعددت أحكام المحكمة بإسقاط مواد عديدة من قانون الاشتباه وضيقت كثيراً من سلطة الشرطة فى مراقبة المشتبه فيهم، واستصحبت المحكمة قاعدة اصل البراءة فى العديد من أحكامها فى عهود مختلفة، وجعلتها قاعدة أساسية وجوهرية أقرتها جميع الشرائع.
ومن خلال هذا الاستصحاب أبطلت المحكمة عدداً كبيراً من النصوص الجنائية التى كانت توقع عقوبات ـ أو تدابير احترازية ـ فى حق أولئك الذين لم يصدر فى شأنهم أحكام قضائية قاطعة، وإنما كل ذنبهم ـ فى النصوص المقضى بعدم دستوريتها ـ هو تعدد مرات اتهامهم بارتكاب الجرائم، وأن ذلك الاتهام كان يقوم على أدلة قوية، وقد اعتبرت المحكمة أنه لا يمكن بحال توقيع عقوبة أو إنزال تدبير بحق أى مواطن بناءاً على مجرد اتهام من النيابة العامة مهما كانت قوة أدلة إثباته أو رجحانها.
وقضت المحكمة فى 5 فبراير 1983 بعدم دستورية نص قانونى كان يعفى جهات الحكومة المصرية والرقابة وموظفيها من أى دعوى أو مسؤولية عن أى إجراء اتخذوه بخصوص أعمال الرقابة المسندة إليهم بخصوص المواد والرسائل والأخبار التى تسرى عليها أحكام الرقابة. وقد أبطلت المحكمة نصوصاً قانونية متعددة بعضها كان يلزم المتهم فى قضايا النشر بتقديم ما يدل على صحة ما اسنده للموظف العام خلال خمسة أيام فقط من أول استجواب به أمام النيابة العامة، أو من أول تكليف له بالحضور أمام المحكمة وإلا سقط حقه فى إقامة الدليل على صحة هذا الإسناد. كما أبطلت المحكمة أيضا نصوصاً كانت تقضى بافتراض مسؤولية رئيس الحزب ورئيس تحرير صحيفة الحزب عن كل ما ينشر فيها، وكذلك بمعاقبة رئيس التحرير أو رئيس القسم المختص فى حال عدم وجود رئيس تحرير بصفته فاعلاً اصلياً مفترضاً فى الجرائم التى ترتكب بواسطة صحيفته. وكان ذلك كله بالإضافة لما قدمناه من أحكام انتصاراً كبيراً لحريات الرأى والتعبير.
وكان مبدأ الحرية النقابية من أهم المبادئ التي قررتها المحكمة في 11/6/1983، وعليه أبطلت المحكمة القانون رقم 125 لسنة 1981 ببعض الأحكام الخاصة بنقابة المحامين. وكان الرئيس السادات قد طلب إلي مجلس الشعب إصدار هذا القانون لحل مجلس نقابة المحامين التي عارضت الكثير من سياساته في حينه، وقد قررت المحكمة الدستورية أن مبدأ الحرية النقابية يعني أن السلطة المطلقة في تقرير شؤون النقابة إنما تكون للجمعية العمومية للنقابة، وأن الدستور لا يجيز للمشروع التدخل فى شؤون هذه السلطة أو تعطيلها أو وفقها.
ب ـ فى المجال الاقتصادى: كان المجال الاقتصادي بعد المجال السياسى من أبرز مجالات تأثير المحكمة الدستورية العليا فى الحياة المصرية خلال الربع الأخير. هذا مع التذكير بان الأحكام التى أصدرتها المحكمة فى مجال التشريعات الاقتصادية لا تخلو من تأثيرات سياسية كبيرة بحيث يسهل إدراجها أيضاً فى الجانب السياسي نفسه، إذ توجهت هذه الأحكام جميعاً باتجاه تصفية مختلف جوانب الاقتصاد الاشتراكي الذى قننته ثورة يوليو على امتداد الفترة من عام 1957، وحتى أواسط السبعينات من القرن العشرين.
ولا شك أن حكم المحكمة الدستورية العليا الذي صدر في فبراير 1997 يعتبر عمدة أحكام المحكمة فى ما أحدثه من تأثير فى الجانب الاقتصادى، فقد أضفى هذا الحكم مشروعية كاملة على خصخصة وحدات القطاع العام، وأقر بأحقية الحكومة فى طرحها للبيع، ونفى عن هذه العملية أى مخالفة للدستور، مستحدثاً تأويلات متعددة توصل من خلالـها لدستورية هذا البيع، وعلى النحو الذى رآه العديد من فقهاء القانون مخالفاً لصحيح نصوص الفصل الثانى من الباب الأول من الدستور الذى حدد المقومات الاقتصادية للمجتمع، ونظم اقتصاد البلاد تنظيماً اشتراكياً بحتاً، كما يعتبر موقف المحكمة من التشريعات الضريبية عموماً ومن قرارات المحافظين بفرض بعض الرسوم على بعض الأنشطة مندرجاً ضمن هذا التأثير حيث قضت المحكمة بعدم دستورية كثير من النصوص التى عرضت عليها فى هذه المجالات.
وتوضح بجلاء نوعية الأسباب التى اتخذتها المحكمة عماداً لقضائها فى العديد من النواحى الاقتصادية، بل والاجتماعية، وكيف أن هذه الأسباب لم تلتزم حدود القضاء الدستورى كقضاء مشروعية، وانطلقت إلى منازلة المشرع فى سلطته التقديرية فى تقدير ملائمة النصوص التشريعية للوقائع . بل تجاوزت ذلك أيضاً إلى معالجة الوقائع نفسها، ومحاولة اتخاذ طريق لإثبات ما يؤدى منها لعدم دستورية النص التشريعى المعروض متخذة فى ذلك سبيل الحديث المرسل عن آثار النص التشريعى فى التطبيق وهو أمر لا علاقة له بدستورية النص إطلاقاً، وتتكفل القواعد العامة للنظام القانونى بعلاج ما هو سلبى منه. وهكذا ولأسباب متعددة أو مماثلة للأسباب السابقة فقد أبطلت المحكمة مجموعة كبيرة من النصوص الضريبية من بينها فرض ضريبة على العاملين فى الخارج، وفرض بعض الضرائب لتمويل صندوق تمويل مشروعات الإسكان، ورسوم تنمية الموارد المالية للدولة، وضريبة التمغة النسبية على السندات والأسهم والحصص والأنصبة الصادرة من الشركاء المصريين.. الخ .
وقد أصدرت المحكمة أحكاما متعددة بعدم دستورية نصوص جمركية تجيز للوزير مصادرة البضائع المضبوطة من قبل أجهزة مكافحة التهرب الجمركى، وحكمت بعدم دستورية إعطاء البنوك العامة بما فيها بنك التنمية والائتمان الزراعى سلطة اتخاذ إجراءات الحجز الإدارى ضد دائنيها لتحصيل ديونها منهم مباشرة، وقررت بعدم دستورية إعطاء البنوك العامة الحق فى اتخاذ إجراءات الحجز الإدارى لتحصيل ديونها وهو حكم هام يندرج في إطار الأحكام العظيمة التى قررتها المحكمة لحفظ حقوق المواطنين وصيانة أموالهم . وهو ما يتأكد إذا علمنا أن سلطة البنوك كانت تتضمن انفرادها بتحديد حجم ما لها من ديون ضد هؤلاء الدائنين الذين يقع عليهم الحجز ويقتضى منهم المبالغ التى قدرتها هذه البنوك دون قدرة حقيقية على الاعتراض الجدى المانع من اتخاذ الإجراءات أو حفظ الحقوق.
وكذلك حكمت المحكمة بعدم دستورية نصوص متعددة من قوانين إيجار الأماكن يهمنا منها حكمان يتعلقان بالآثار الاقتصادية لأحكام المحكمة، أولهما قضائها بعدم دستورية الامتداد القانونى لعقد إيجار المستأجر الأصلى للعين المؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعى أو مهنى أو حرفى بعد تخليه عنه لصالح شركائه.
أما الحكم الثانى الذى احدث ضجة شديدة فكان حكمها بعدم دستورية امتداد إيجار العين المؤجرة لممارسة نشاط تجارى أو حرفى لصالح ورثة المستأجر الأصلى والذى صدر بتاريخ 22/ 2 /1997. لقد تداعى جمع كبير من التجار إلى اجتماع حاشد فى ساحة محكمة استئناف القاهرة، ومعهم عدد كبير من كبار المحامين وأساتذة القانون منهم عمداء سابقون لكليات الحقوق وتظاهروا ضد حكم المحكمة ونددوا به، حتى قال عميد سابق لحقوق القاهرة إن المحكمة خالفت الدستور بقوة حيث أن وسائل المساس بالملكية الخاصة التى حددها الدستور وحرمها هى المصادرة العامة للأموال، وفرض الحراسة دون حكم قضائى ونزع الملكية للنفع العام دون تعويض، والمساس بحقوق الإرث، أو التأميم بغير قانون أو بغير مقابل تعويض أو لغير اعتبارات الصالح العام. وبالتالى فلا يدخل فى المساس بالملكية الخاصة سلطة الشارع فى تقدير امتداد عقود الإيجار من عدمه .. الخ، خصوصاً عندما تكون العين مؤجرة لممارسة نشاط صناعى وتجارى يسفر عن اسم تجارى كبير لصاحبه يصبح هو علامة العين التى تتراخى أهميتها كمكان وقد تزول، وأن مثل هذا الحكم يعوق نمو المشروعات الصناعية والتجارية من خلال تتابع الأجيال عليها لتطويرها وتنميتها. ونظراً لقوة وموضوعية هذه الاحتجاجات فقد تدخل الشارع بتعديل قانوني للتقليل من الآثار السلبية للحكم المذكور.
وكانت المحكمة الدستورية العليا على الأخص فى عهد رئيسها المستشار عوض المر قد أبطلت جميع النصوص التى وردت فى قوانين التأميم والإصلاح الزراعي والحراسات العامة، والتى كانت تحدد تعويضاً تعسفياً مقطوعاً للممتلكات المستولى عليها أو المؤممة وتمنع أصحابها الأصليين من الطعن على هذا التعويض أمام القضاء، وهو منهج استمرت فيه المحكمة حتى فيما بعد عهد المستشار عوض المر.
أما فى عهد رئيسها المستشار محمود فتحى نجيب، فقد اختطت لنفسها منهجاً جديداً يتمثل من ناحية فى العودة لتقاليد تسبيب أحكامها فى الفترة السابقة على عام 1991، وهى التقاليد التى تناسب طبيعة القضاء الدستورى وما يقتضيه من تركيز وتكثيف للأسباب، وجعلها فى أضيق نطاق ممكن لبيان سند الحكم، وعدم التوسع والاسترسال فى التسبيب بلا ضرورة خصوصاً أن المحكمة لا تملك سلطة تفسير نصوص الدستور، وبالتالى فان الاسترسال فى التسبيب والشرح يغدو بلا جدوى فى حكم يتضمن بالضرورة منطوقاً قطعياً واضحاً لا لبس فيه يقرر بعدم دستورية نص قانونى محدد أو بدستوريته بلا زيادة ولا نقصان، أو يقرر لهذا النص تفسيراً محدداً من بين تفسيرات متعددة مطروحة على المحكمة.
من ناحية أخرى فانه يمكن القول بأن المحكمة فى عهدها الذى بدأ بالموسم القضائى 2002 -2003 قد جنحت إلى التقليل كثيراً من محاولة التدخل فى سلطة المشرع فى الموائمة خصوصاً فيما يخص التشريعات الاقتصادية والاجتماعية. ومن بين ضمن أحكام عديدة، يقدم حكم المحكمة فى 11 مايو 2003 فى الدعوى رقم 135 لسنة 19 ق نموذجاً لهذا المنهج، حيث رفضت المحكمة الدعوى بعدم دستورية نص قانونى يقضى باعتبار الأغذية فاسدة فى عدة أحوال، بينها حالة انتهاء تاريخ استعمالها، حيث اعتبر الطاعن أن الشارع فيما يكون قد اعتبر الأغذية فاسدة لمجرد انتهاء صلاحيتها دون التحقق فعلاً من ذلك عن طريق التحليل المعملى، وهو دفاع لم توافق عليه المحكمة، حيث اعتبرت أن انتهاء فترة الصلاحية سبب قائم بذاته للعقاب، كما انه لا يقوم على أى افتراضات، لأن تحديد تاريخ صلاحية السلعة مقدماً إنما يقوم على فحوص وتحاليل أدق صاحبت تاريخ الإنتاج نفسه. وفى تقديرنا أن المحكمة لو لم يختط منهجها الجديد لكانت اقرب للقضاء بعد م دستورية النص.
ولم يمنع المنهج الجديد المحكمة من المضي قدما ً مع تراثها الممتد فى حماية حريات الأفراد وأموالـهم . فمنذ رئاسة المستشار فتحى نجيب أصدرت المحكمة أحكاما عديدة منها حكم منشور بالجريدة الرسمية عدد 22 تابع فى 29 مايو 2003 فقضى بعدم دستورية حرمان محامى الهيئات العامة من ممارسة قضاياهم الخاصة التى تكون متعلقة بالهيئات التى يعملون بها. وحكمها فى 11 مايو 2003 بعدم دستورية فرض ضريبة التمغة على مبالغ التعويضات المقضى بها بموجب أحكام قضائية نهائية، وحكمها فى 12 أبريل 2003 بعدم دستورية أيلولة التركات الشاغرة لبنك ناصر بالمخالفة لقواعد التقادم المنصوص عليها فى القانون المدنى وقانون التركات والمواريث، وأحكام عديدة أخرى أكملت بها المحكمة مسيرتها فى إحداث العديد من الآثار الكبرى على الحياة الاقتصادية فى مصر.
ج. فى المجال الاجتماعى: كانت قوانين الأسرة وقوانين الإسكان ابرز أدوات المحكمة الدستورية العليا فى أحداث تأثيرات اجتماعية كبيرة من خلال تصديها لدستورية الكثير من نصوص هذه القوانين.
يعد الحكمان الصادران من المحكمة فى الدعويين 7 لسنة 16 ق ، 62 لسنة 18 ق بجلستي1/2، و 15 /3 /1997 على التوالى، واللذين قضيا بدستورية الخصخصة، من الأحكام شديدة التأثير على كثير من أوجه الحياة الاجتماعية والاقتصادية، حيث ساهما فى المضى قدما في قرارات التحرير الاقتصادى من خلال خصخصة وحدات القطاع العام وبيعها للمستثمرين الأفراد، وما تبع ذلك من تأثيرات اجتماعية بالغة .
وفى مقابل هذه التأثيرات التى صبت لصالح أصحاب الأعمال عموماً، فإن المحكمة أصدرت أحكاما متعددة بعدم دستورية نصوص كانت تنال من بعض حقوق العمال والموظفين. ومن أخر هذه الأحكام ما قضت المحكمة فى 6 / 5 /2000 بعدم دستورية حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد أجازاته الاعتيادية فيما يجاوز أربعة اشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد لمصلحة العمل. وكذلك حكماً فى 16 /3 /2003 بعدم دستورية حرمان الوالد أو الأخ الذي لم يكن قد التحق بعمل قبل التجنيد من صرف المعاش المستحق أثناء فترة التجنيد الإلزامية، ، ثم مؤخراً فى ديسمبر 2003 بعدم دستورية حرمان الزوج من المعاش المستحق لزوجته.
لكن تشريعات الأسرة، حملت بعض المواقف المتعارضة في قضاء المحكمة، حيث قضت برئاسة المستشار محمد على بليغ بعدم دستورية القانون رقم 44 لسنة 1979 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية، وذلك بعد أن اعتبرت المحكمة أن حالة الضرورة الموجبة لإصدار هذا القرار بقانون فى غيبة مجلس الشعب غير متوافرة. ولهذا السبب الشكلى فقد أبطلت المحكمة فى 4/ 5/1985قانوناً كان يزيد من حقوق المرأة دون نظر في اتفاقه موضوعياً مع الدستور. ولم تمض المحكمة فى هذا الاتجاه إلا فى حكم وحيد لاحق حين صدر فى 6 /1/ 1996 حكم بعدم دستورية إلزام المطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره من مطلقته وحاضنتهم ولو كان لهم مال حاضر يكفى لسكناهم، وكان لحاضنتهم مسكن تقيم فيه مؤجراً كان أو غير مؤجر، وكذلك عدم تحديدها لنهاية السكن الذى يلزم به المطلق لصغاره وحاضنتهم بانتهاء فترة الحضانة.
ولم تمض المحكمة فى هذا الاتجاه من بعد حيث تتابعت أحكامها بدستورية النصوص المتعلقة بالأحوال الشخصية من بعد، حيث قضت فى أحكام متتابعة كل ما عرض عليها تقريباً من نصوص القانون 100 لسنة 1985 بشأن الأحوال الشخصية. وفى 15/12 /2002 قضت بدستورية القانون رقم 1 لسنة 2000 المعروف باسم قانون الخلع. وقررت بموافقته الكاملة لأحكام الشريعة الإسلامية، وأن نصوصه تدخل فى حقوق أولى الأمر فى استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة التفصيلية، وتفضيل ما يرونه من آراء الفقهاء، وما يستنبطونه بأنفسهم من أحكام من الأدلة التفصيلية ولو خالفت آراء لفقهاء آخرين.
حقوق المستأجرين التى قررتها القوانين المتتابعة للإيجار كانت أهم مناطق الإصابة بعدم الدستورية في أحكام المحكمة الدستورية العليا التى أعملت مفاهيمها لمبادئ الشريعة الإسلامية ولحقوق الملكية الخاصة وغيرها من الحقوق الدستورية لتصفية التشريعات الاستثنائية لإيجار الأماكن من كافة النصوص التى تحمى المستأجرين، فقضت المحكمة بعدم دستورية نصوص الامتداد القانونى لعقود الإيجار للمقيمين مع المستأجر الأصلى من أقاربه حتى الدرجة الثالثة نسباً ومصاهرة، وهى أحكام كانت موضع انتقاد فقهى وسياسي كبير. ثم أعقبتها بإبطال نصوص فى قوانين المحاماة والمهن الطبية كانت تبيح بعض الامتيازات لمكاتب المحامين وعيادات الأطباء سواء فيما يتعلق بتنازل مستأجريها عنها أو بيعها ....الخ، كذلك قضت المحكمة بعدم دستورية جميع حالات السماح للمستأجر بإيجار المكان من باطنه دون إذن المالك، ولو كان ذلك فى الأماكن السياحية أو المصايف والمشاتى، وكذلك بعدم دستورية تبادل المساكن بين المستأجرين فى البلد الواحد. فضلاً عن ما سبق الإشارة إليه من أحكام فى المجال الاقتصادى وقد صدرت جميع هذه الأحكام فى عهد المستشار عوض المر، الذى انتهت المحكمة فى عهده أيضا إلى حكم شهير قضى بجلسة 22/ 2/ 97 بعدم تجريم تقاضى خلو الرجل أو مقدم الإيجار استناداً إلى اعتبار أن القانون رقم 4 لسنة 1996 والذى أعاد تنظيم علاقات الإيجار وردها إلى قواعد القانون المدنى هو قانون أصلح للمتهم .
وقد أثار هذا الحكم أزمة شديدة مع محكمة النقض التى رأت أن هذا الحكم يخرج عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا، التى ليس لها أن تتدخل فى سلطة جهة القضاء العادى فى تقدير القانون الأولى بالتطبيق على المنازعات المطروحة أمامها. وأن ثمة مجالاً مختلفاً لكل من القانون 136 لسنة 1981 الذى يجرم تقاضى ما يزيد عن حد معين من مبالغ خارج عن عقد الإيجار والقانون 4 لسنة 96 الذى يعيد تنظيم العلاقة فى العقود التى تحرر فيما بعد صدوره فقط . وبالتالى لا يعتبر القانون الأخير من قبيل القانون الأصلح للمتهم فى قضايا خلو الرجل ومقدم الإيجار.
وقد لجأ صاحب الدعوى التى صدر فيها الحكم للمحكمة الدستورية العليا من جديد للفصل فى تنازع التنفيذ بين الحكمين، فقضت بالطبع لصالح حكمها وأنه ملزم لكافة سلطات الدولة بما فيها محكمة النقض وسائر جهات القضاء. ورغم أن محكمة النقض كانت على حق فى أنه ليس من سلطة المحكمة الدستورية العليا التدخل فى سلطة المحاكم المختلفة فى تقدير القانون الواجب التطبيق . إلا أن الحقيقة أن اعتبار القانون 4 لسنة 96 اصلح للمتهم فى مجال تجريم أفعال تلقى خلو الرجل ومقدمات الإيجار كان هو الأقرب لروح العدالة. وقضت المحكمة بعدم دستورية افتراض علم الموكل بالعقد الذى أبرمه وكيله فى مجال تجريم تحرير اكثر من عقد للوحدة السكنية الواحدة.
ولم ينج من هذه النصوص إلا النص الذى كان يمنع الشخص من احتجاز اكثر من مسكن فى المدينة الواحدة ـ ملكاً أو إيجارا ـ بدون مقتضى. وقد انتهت المحكمة إلى عدم دستورية هذا النص لمساسه بحقوق الملكية والحقوق الشخصية. كذلك فقد درجت المحكمة الدستورية العليا فى عهودها المختلفة على الحكم بعدم دستورية قرارات المحافظين بمد نطاق العمل بالتشريعات الاستثنائية لإيجار الأماكن لبعض القرى داخل محافظتهم على سند من أن القوانين المختلفة لم تعط لهم هذه السلطة، واستمر نهج المحكمة على ما هو عليه حتى الآونة الأخيرة، فقضت فى 6يوليو 2003 بدستورية القانون رقم 6 لسنة 1997 فيما قضى به من زيادات كبيرة فى أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى حددها القانون على أساس سنة إقامة المبنى فقط دون أى اعتبارات أخرى. ومن قبل، قضت فى 24 أبريل 2003 بعدم دستورية حق المستأجر فى تأجير الوحدة المؤجرة له فى المصايف والمشاتى دون إذن المالك. وكانت قد قضت فى 14 نوفمبر 2002بعدم دستورية إطلاق الامتداد القانونى لأبناء المستأجر الأصلى وزوجته ووالديه، وإلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار لصاحب الحق فى هذا الامتداد، وقصرت هذا الامتداد على مرحلة واحدة فقط، وهى المرحلة الممتدة من المستأجر الأصلى الأول، إلى أقاربه من الدرجة الأولى ثم ينتهى العقد بانتهاء آخر واحد من هؤلاء.
ويتضح مما سبق بجلاء مدى التأثير الشديد الذى أحدثته المحكمة الدستورية العليا فى حياة مصر المعاصرة على امتداد الربع قرن الأخير، حتى أنه يمكن القول أن المحكمة اتخذت من بعض نصوص الدستور الذى قيل وقت صدوره أنه يقنن لأهداف ثورة يوليو ومكاسبها الاشتراكية، أداة لإعادة تغيير معظم العلاقات والقرارات والقوانين التى أحدثتها هذه الثورة بالكامل فى اتجاه مختلف باتجاه التعددية السياسية، والحقوق الفردية، والحرية الاقتصادية واقتصاد السوق .

منقووول للفائدة .
AlexaLaw

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
 

اداء المؤسسات مجلس الشعب والدستورية العليا

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

+
صفحة 1 من اصل 1

.:: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ::.


      هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة     
odessarab الكلمات الدلالية
odessarab رابط الموضوع
AlexaLaw bbcode BBCode
odessarab HTML HTML كود الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم القانون :: منتدى AlexaLaw لعالم القانون :: فروع القانون العام :: القانون العام الداخلي-
انتقل الى:  
الإسلامي العام | عالم القانون | عالم الكتاب و الثقافة العامه | التجاره و المال و الأعمال | البرامج و تكنولوجيا المعلومات | تطوير المواقع و المدونات | الترفيهي و الإداري العام

Powered by AlexaLaw.com ® Phpbb Version 2
Copyright © 2010
.:: جميع الحقوق محفوظه لمنتدى عالم القانون © ::.

.::جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه و إنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه في حدود الديمقراطيه و حرية الرأي في التعبير ::.