القمة العالمية الأولى لمجتمع المعلومات:تحديات التحضير ومعايير النجاح

السفير دانييل شتاو فخر

مجلة السياسة الدولة يناير 2004 - العدد رقم 155

تمثلت أهم أهداف القمة العالمية الأولى لمجتمع المعلومات ، فى بلورة رؤية مشتركة وتفاهم مشترك فيما يتعلق بمجتمع المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات ، والعمل على تجاوز الفجوة الرقمية القائمة بين الشمال والجنوب ، والوصول الى مجتمع المعرفة.فتقنيات الاتصالات والمعلومات ليست غاية فى حد ذاتها فقط ، ولكنها أيضاً تعتبر أداة فعالة لتضييق الفجوات التنموية الحالية ، وتفعيل الجهود الرامية لتحقيق الأهداف التنموية للألفية الجديدة ، وعلى رأسها محاربة الفقر ، والأمية ، والتمييز ضد المرأة.واذا تم استخدام تلك التقنيات بشكل رشيد ، فإنها يمكن أن تساعد فى تنمية الثروات ، وتحسين نوعية الحياة ، وتحقيق نسبة أعلى من المساواة والعدالة الاجتماعية ، وبصورة عامة تحفيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والحكم الرشيد

ومن أهم المعوقات التى تقف فى طريق التغلب على الفجوة الرقمية هى نقاط الضعف الموجودة فى البنية الأساسية لشبكة الاتصالات والمعلومات ، بالاضافة الى تكلفة الكمبيوتر الشخصى ، وبرامج الكمبيوتر المتاحة فى الأسواق الدولية.كما أن الأجهزة وبرامج الكمبيوتر تعتبر فى معظم الأحيان غير متناسبة مع الاحتياجات الأساسية للمستخدمين المتوقع لهم استخدام هذه الأجهزة والبرامج

ورغم أن موضوع الفجوة الرقمية والموضوعات المتعلقة به تأتى على رأس قائمة أولويات القمة ، فإن هناك موضوعات أخرى عديدة يجب أن تأخذ حقها فى المناقشة ، ومنها حماية الشبكات والمعلومات ، تأمين سرية البيانات ، بناء الثقة فى الصفقات والمعاملات الاليكترونية ، حماية الملكية الفكرية….الخ.ويجب أيضاً أن تتركز المناقشات حول كيفية وتوقيت اقامة اطار قانونى وسياسى وتنظيمى مشجع للاستثمار فى مجال تكنولوجيا المعلومات ، بالاضافة الى موضوع ادارة ووضع سياسات الانترنيت ، فالأنترنيت تسبب مشاكل ، وفى بعض الأوقات قلقاً لبعض الحكومات والفئات الاجتماعية.وعلى عكس وسائل الاعلام الأخرى كالجرائد والأفلام ، فإنه يوجد قيود أقل على شبكة الانترنيت

لقد واجهت عملية التحضير للقمة عدة معوقات غاية فى الصعوبة وغير متوقعة .ففى البداية ، تسبب التكوين الثلاثى للجنة التحضيرية والمكون من الحكومات ، والقطاع الخاص ، والمجتمع المدنى ، فى الكثير من التوترات فيما يتعلق بحقوق وواجبات كل طرف من الأطراف الثلاثة.وكان المعوق الثانى مصدره المفهوم الخاطىء بأن القمة سوف تكون مؤتمراً للتقنيات ، لأن المبادرة والتنظيم كان للاتحاد الدولى للاتصالات ، ولكن بفضل منظمات المجتمع المدنى ومساعى اليونسكو ، تطورت الموضوعات المطروحة لتشمل العديد من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى ليس لها علاقة مباشرة بمجال عمل الاتحاد الدولى للاتصالات.وارتبط المعوق الثالث الذى واجه التحضير للقمة ، بالوضع الدولى ، وخاصة ما يتعلق بأحداث 11 سبتمبر والأوضاع فى العراق وفلسطين ، وهى الأحداث التى ساهمت فى اضعاف التضامن الدولى وتعزيز مناخ عدم الثقة ، والاحساس بعدم جدوى الاجتماعات الدولية

أما فيما يتعلق بمعايير نجاح القمة ، فإن تقييم هذا النجاح يمكن أن يتم على المدى المتوسط ، خلال عامين مثلاً ، أى عند انعقاد المرحلة الثانية فى تونس 2005 ، وذلك بناء على معيارين ، أولهما هو مصداقية واستمرارية أسلوب العمل المتعدد الأطراف ، أى الذى يجمع ممثلين عن الحكومات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى.فرغم كافة الصعوبات التى واجهت عملية التحضير للقمة ، إلا أنها خلقت تفاعل ايجابى بين كافة الأطراف المشاركة ، وكانت مشاركة منظمات المجتمع المدنى ايجابية للغاية ، واستطاعت القمة أن تمهد الطريق لشكل جديد لادارة العالم ، يعتمد بشكل متزايد على مشاورات مكثفة مع كافة الأطراف المعنية ، بما فيها القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى.والمعيار الثانى لتقييم نجاح قمة جنيف هو معدل تنفيذ خطة العمل على المدى المتوسط ، ويعتمد ذلك على عدة أسس ، أهمها يرتبط بالخطوات العملية التى سيقوم بها المجتمع الدولى لتضييق الفجوة الرقمية، وتعبئة الموارد اللازمة لذلك

أيا ما كان الأمر، فإن قمة جنيف شكلت خطوة كبيرة نحو مجتمع المعلومات، ومازالت المسيرة مستمرة، ونجاحها يعتمد أساساً على قدرة كافة الأطراف المشاركة على مواصلة العمل جنباً الى جنب، من أجل تحقيق هذا المجتمع الجديد، الذى يسمح للجميع، رجالاً ونساء، فى الجنوب كما فى الشمال، بالوصول الى تقنيات المعلومات والاتصالات

منقووول للفائدة .
AlexaLaw