تقديم:تحديات القمة العالمية لمجتمع المعلومات

نيرمين السعدني ‏

مجلة السياسة الدولة يناير 2004 - العدد رقم 155

يشهد العالم اليوم ثورة هائلة فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، تمثلت أهم ملامحها فى الدور الكبير الذى تلعبه المعلومات فى منظومة التنمية ، وتسهيل المعيشة اليومية للشعوب ، فضلاً عن دورها ف تحقيق الانتشار الهائل للأفكار ، والمفاهيم والتصورات.كما أصبح التقدم لايقاس بحجم الصادرات والواردات أو بقوة العملة الوطنيى ، بقدر ما يقاس بالقدرة على ملاحقة ثورة المعلومات والاتصالات ، وهو الأمر الذى أصبح يفرض تحديات متزايدة على الدول النامية ، خاصة أن الفجوة الرقمية أصبحت تعكس وتفرض التقدم الحادث فى دول الشمال ، وتزيد من تهميش دول الجنوب ، فمنذ أواخر التسعينات بدأ الحديث عن ثورة الاتصالات والمعلومات ، وبدأت الدول النامية تدرك خطر العزلة التى قد تفرضها الثورة الرقمية الجديدة اذا لم تستعد لها ، وتستفيد منها بشكل واع.

لقد أصبحت الفجوة الاقتصادية بأبعادها المتعارف عليها بين الشمال والجنوب أقل خطورة من الفجوة الرقمية التى أفرزتها ثورة الاتصالات والمعلومات ، والتى لم تعد تضع الحواجز والعراقيل فيما بين الدول المتقدمة والنامية فقط ، بل أن هذه الفجوة الرقمية قد توجد داخل البلد الواحد بسبب عدم تدفق المعلومات فيه بشكل كاف.وهو ما جعل ثورة المعلومات والاتصالات محل اهتمام الشعوب ، والحكومات والعديد من وكالات الأمم المتحدة المتخصصة ، التى تصدت لدراسة أبعادها وتداعياتها المختلفة.

وفى هذا الاطار ، جاء قرار الاتحاد الدولى للاتصالات بعقد أول قمة عالمية تناقش الثورة المعلوماتية بكافة أبعادها ، وتقرر أن تنعقد المرحلة الأولى من 'القمة العالمية لمجتمع المعلومات' فى جنيف فى ديسمبر 2003 ، على أن يتم عقد المرحلة الثانية منها فى تونس عام 2005.ولأول مرة فى تاريخ الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة ، يشارك فى القمة العالمية كافة الأطراف المعنية بثورة المعلومات والاتصالات ، حيث شارك فى المرحلة الأولى للقمة ، رؤساء الدول والحكومات ، والقطاع الخاص ، ومؤسسات المجتمع المدنى ، والهيئات المانحة ، وكل وكالات الأمم المتحدة ، الى جانب ممثلى الاعلام والصحافة.

وكانت عملية التحضير للقمة قد بدأت عام 2000 ، حيث تم تشكيل سكرتارية عامة لها فى جنيف ، وبدأت الاجتماعات التحضيرية التى شاركت فيها كل دول العالم ، كما عقدت العديد من المؤتمرات الاقليمية فى مناطق مختلفة من العالم ، على نحو كشف عن اهتمام عالمى واسع النطاق بثورة المعلومات وانعكاساتها على مختلف الدول والشعوب.وقد استهدفت القمة التوصل الى وثيقة وخطة عمل تحدد أهداف مجتمع المعلومات وكيفية الاستفادة منه ، بما يخدم أهداف ومصالح كافة الأطراف.ولم تنحصر مناقشات القمة على القضايا الفنية والتقنية المتخصصة ، وإنما تناولت المناقشات العديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، مثل قضايا حقوق الانسان ، وحرية الرأى ، والاختلافات الثقافية ، وغير ذلك من القضايا التى لازالت محل مناقشة فى بعض هيئات الأمم المتحدة المتخصصة.ومن هنا كان تدخل البعثات الدبلوماسية واجباً على الوفود المشاركة فى الاجتماعات التحضيرية بجانب وفود الوزارات المعنية الأخرى.وقد لاقت المشاركة فى هذه المؤتمرات اقبالاً كبيراً من شعوب العالم النامى ، سواء فى أفريقيا وآسيا ، أو بعض دول أمريكا اللاتينية.

ويتناول هذا الملف أهم القضايا التى تناولتها المرحلة الأولى من القمة العالمية لمجتمع المعلومات ، من خلال عدد من المقالات ، واللقاءات التى عقدت مع مسئولين بارزين حملوا على عاتقهم التأكد من نجاح القمة ، ومحاولة التوصل الى حلول فعلية للمشاكل التى ظلت مثارة تقريباً حتى قبل موعد وصول رؤساء الدول بساعات قليلة.كما يحاول الملف أيضاً أن يلقى الضوء على أهم الأبعاد التنموية لتكنولوجيا المعلومات وثورة الاتصالات.

منقووول للفائدة .
AlexaLaw