الخلاف بين إريتريا والسودان في ميزان العلاقات الإقليمية

محمد أبو الفضل


مجلة السياسة الدولية يناير 2003 - العدد 151

تصاعد التوتر بين اريتريا والسودان ودخل نفقا‏,‏ سبب حرجا لعدد من الأطراف الإقليمية‏,‏ حيث بدأ كل جانب يحاول استخدام الأوراق الممكنة في أجندته لتعظيم مكاسبه أو لتكبيد الآخر جملة من الخسائر السياسية‏,‏ وهو ما أفضي إلي حدوث تراشقات لفظية ومناوشات دبلوماسية متعددة‏,‏ وصلت الي حد التهديد باعلان الحرب‏.‏ وقد اتخذت التحركات علي الجانبين مظهرين رئيسيين أحدهما‏,‏ السعي نحو تكوين تحالفات أو تربيطات إقليمية غرضها التأثير علي الآخر وإضعاف موقفه وإجهاض حججه‏.‏ والثاني‏,‏ تنشيط سلاح المعارضة وتعزيز وسائل دعمها‏,‏ بصورة تفوق المشهد الهاديء السابق‏,‏ خاصة من جانب السودان‏.‏ وبالتالي دخل الخلاف الناشيء عن تقاطع في المصالح وتباين في الحسابات مرحلة تنذر باختلاط عدد كبير من الأهداف وتداخل مجموعة من التحركات الرامية الي وضع ترتيبات جديدة لمنطقة القرن الأفريقي‏,‏ لاستعادة الهدوء والاستقرار‏,‏ علي قواعد توفر عناصر أساسية للأمن الإقليمي‏.‏

ويحاول رئيس اريتريا أسياسي أفورقي استثمار أحداث سبتمبر من زاوية اتهام السودان بعدم توقفه عن دعم الحركات الإسلامية في العالم‏,‏ ومن بينها حركة الجهاد الإسلامي الاريتري التي زعم أنها علي علاقة بتنظيم القاعدة‏.‏ وفي هذا السياق اتهم في السادس عشر من أكتوبر الماضي وزير خارجية اريتريا علي سيد عبد الله الحكومة السودانية بدعم‏'‏ جماعات إرهابية لديها علاقة بتنظيم القاعدة‏'.‏ وتأتي هذه التصريحات لتصب المزيد من استعداء الولايات المتحدة علي السودان‏,‏ وكمحاولة لإعادة توطيد علاقة أسمرا بواشنطن وطي المرحلة القاتمة الماضية‏,‏ حتي بدت التوجسات الاريترية متقاربة مع المؤشرات الأمريكية حيال التعامل مع القرن الأفريقي‏,‏ حيث عزمت الولايات المتحدة إرسال المزيد من القوات لمطاردة ما يسمي بـ‏'‏ الجماعات المتشددة‏'‏ في المنطقة‏.‏ وبالتالي من الممكن أن تقوم اريتريا بدور في هذا المجال‏,‏ خاصة أن الملامح الراهنة تشي بأنه من الراجح أن يكون هذا الدور هو الخيار المناسب لحل أزمة اريتريا مع السودان وبعض دول الجوار الأخري‏.‏

والواقع أن ضبط عناصر الأمن في القرن الأفريقي يتطلب جملة من الخطوات الهامة‏,‏ بدونها ستكون الإجراءات والاحتياطات الأمريكية عرضة للاهتزاز والتأثر‏,‏ في مقدمتها تسوية الأزمات المنتشرة في ربوع المنطقة‏.‏ فالصومال لا تزال جراحه تدمي والزخم الأمريكي والدولي الذي توافر في النصف الأول من التسعينات تراجع بشكل جعل بعض المراقبين يعتقدون أن هناك مصالح غربية متعددة لهذه الخطوة أبرزها تكريس تفتيته‏,‏ حتي يتسني ترتيب أوضاعه وفقا لتصورات لا تلقي ممانعات داخلية كبيرة‏,‏ لكن هذه الاستباحة أرخت بظلالها علي غالبية دول المنطقة‏.‏ بمعني شيوع الانفلات الإقليمي سيقف عائقا كبيرا أمام أي ترتيبات أمريكية لمقاومة الإرهاب في هذه البقعة‏.‏ وعدم استبعاد حدوث اختراقات من نوعية حادثي مومباسا في كينيا‏.‏ وقد تحدث حالة ن التجاوب الكبير مع الإرهاصات الأمريكية من قبل قيادات المنطقة‏,‏ ليس اقتناعا بمحتويات أفكارها‏,‏ لكن بغرض توثيق العلاقة مع واشنطن والاستفادة منها في توتراتها‏.‏ وفي مقدمتها التوتر الحاصل بين اريتريا والسودان الذي فشلت الوساطة الليبية في إخماده وقررت الخرطوم تصعيده الي الاتحاد الأفريقي‏.

منقووول للفائدة .
AlexaLaw