المشكلة الأرجنتينية :أزمة سياسات أم صراعات حزبية سياسية

نزيرة الأفندى


مجلة السياسة الدولية ابريل 2002 - العدد رقم 148


اتخذت الحكومة الأرجنتينية مؤخراً عدة إجراءات للتغلب على الأزمة المالية التى تواجه البلاد والتى دفعت الشعب للخروج فى مظاهرات صاخبة ، وأدت إلى عمليات سلب ونهب واسعة النطاق.ومن هذه الإجراءات خفض الإنفاق العام والعجز المالى ، وفرض ضرائب على الصادرات والشركات لتمويل البرامج الاجتماعية ، بالإضافة إلى تجميد الحسابات المصرفية واقتراح تحويلها إلى سندات على الحكومة.

وإذا نظرنا إلى الإجراءات المتخذة من جانب السلطات الأرجنتينية من زاوية قدرتها على حل الأزمة المالية الراهنة ، سوف نكتشف أنها قد تدفع إلى مزيد من التوتر فى الأوضاع وتؤدى للمواجهة بين السلطات وأفراد الشعب الأرجنتينى ، فخفض الإنفاق وعجز الموازنة سيؤثر حتماً على قطاع ضخم من أفراد الشعب الأرجنتينى فى ظل ارتفاع البطالة إلى 22% من حجم قوة العمل. وخفض قيمة العملة يعنى زيادة الأسعار وعودة ذكريات الركود التضخمى مرة أخرى.كما أن تجميد الحسابات المصرفية والادخار واقتراح تحويلها إلى سندات على الدولة يعنى مزيداً من المديونية العامة التى عجزت الحكومة عن توفيرها فى الوقت الملائم ، فأعلنت توقفها عن السداد ، وتسارعت الأحداث على النحو المعروف منذ شهر ديسمبر 2001 والذى شهد قرار صندوق النقد الدولى بوقف تقديم القروض للأرجنتين.

والحقيقة أن الواقع الحزبى والسياسى الراهن فى الأرجنتين يشير إلى أن صراع الأحزاب السياسية والرغبة فى الاستحواذ على السلطة كان أحد الأسباب الرئيسية للفساد المالى والسياسى فى البلاد ، كما كان السبب الأساسى فى تفجر الاحتجاجات الشعبية ، بالإضافة لعدم بروز لاعب رئيسى يحسم الصراع السياسى لصالحه.ولهذا فإن تخطى المشكلة الأرجنتينية يتطلب عنصراً أساسياً وهو الثقة بين أفراد الشعب وقياداته السياسية ، بعيداً عن الضغوط والانقسامات ، بين مطالب طبقة عاملة وأخرى متوسطة ، وأن تكون حركة دخول وخروج رؤوس الأموال بالعملات الأجنبية فى إطار هدف قومى واضح ومحدد الملامح وليس مجرد استجابة لتطبيق قواعد منظمة التجارة العالمية أو سياسة صندوق النقد الدولى التى تكيل بمكيالين ، فالاستقرار السياسى يعنى عودة رؤوس الأموال المهاجرة وتدفق رؤوس الأموال الأجنبية فى آن واحد ، وهذا هو المطلوب لحل المشكلة الأرجنتينية

منقووول للفائدة .
AlexaLaw