عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .


عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .



عالم القانون

العدل أساس الملك - Justice is the basis
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
TvQuran
الرّبا وبدائله في الإسلام 110
AlexaLaw on facebook
الرّبا وبدائله في الإسلام 110
الرّبا وبدائله في الإسلام 110
الرّبا وبدائله في الإسلام 110
الرّبا وبدائله في الإسلام 110
الرّبا وبدائله في الإسلام 110

شاطر | 
 

 الرّبا وبدائله في الإسلام

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655190

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

الرّبا وبدائله في الإسلام 1384c10


الأوسمة
 :


الرّبا وبدائله في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: الرّبا وبدائله في الإسلام   الرّبا وبدائله في الإسلام I_icon_minitime8/5/2011, 17:48

خيارات المساهمة


الرّبا وبدائله في الإسلام

الدكتور عادل عامر
بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدّمة : الحمد لله ربّ العالمين, والصّلاة والسّلام على سيّد المرسلين محمّد بن عبد الله, وعلى آله وصحبه أجمعين, أمّا بعد: موضوع الرّبا من المواضيع المهمّة في حياتنا, والتعامل بالرّبا أصبح السّمة العامّة والمميزة للإقتصاد في عصرنا, وذلك بحجّة أنّ التّقدّم الإقتصاديّ لا يتحقق إلّا بهذا التّعامل. وبلادنا الإسلاميّة كغيرها من الأمم سارت على هذا الطّريق, وأصبح التّعامل بالرّبا أمراً واقعاً فيها, وذلك بسبب كونها أمّة متّبِعَة ضعيفة, فتعاملت بالرّبا بالرّغم من تحريمح الواضح في الإسلام. وقد حاولت في هذا البحث أن أبيّن أنّ الرّبا لا يساهم في تقدّم الإقتصاد, بل هو على العكس من ذلك سبب أساسيّ في الأزمات الإقتصاديّة, وسبب رئيس أيضاً في تقسيم المجتمع إلى أغنياء وفقراء, وهو لا يخدم إلّا فئة قليلة لا يهمّها سوى الربح وجمع المال, وحتّى هذه الفئة تكون فائدتها مؤقّتة لأن خلل الإقتصاد الّذي يسبّبه الرّبا سوف يصيبها لا محالة.
وجدت في أثناء بحثي في هذا الموضوع كتابات كثيرة ومؤلّفات عديدة لكثير من الكتّاب معاصرين وسابقين, وما ذلك إلّا لأهميّة الموضوع, وتماسّه المباشر مع حياتنا وديننا. فلم تكن هناك صعوبة في تجميع مواد البحث, فالمكتبة الإسلاميّة تزخر بمؤلّفات كثيرة في هذا الموضوع. ومعظم هذه المؤلّفات كانت لكتّاب حديثين, فالكتّاب السّابقون أو القدامى كتبوا في الرّبا وتعريفه وبيّنوا أنواعه وعرضوا لصوره, ولكنّهم لم يكتبوا في موضوع التّعامل مع الرّبا بالنّسبة للعالم لأنّ هذه المشكلة قامت في وقت حديث نسبيّاً. وقد حاول الكتّاب الحديثون الرّد على المزاعم الّتي تدعو المسلمين إلى التّعامل بالرّبا حتّى لا يتخلّف المسلمون عن ركب الحضارة ـ كما يدّعي بعض المتحمسين لكلّ غربيّ ـ وحتّى يسير المسلمون باقتصادهم على الطّريق الّتي أوصلت الغرب إلى ما هم فيه من قوّة وازدهار اقتصاديّ. وقد جعلت بحثي هذا من تمهيد وفصلين: تناولت في التّمهيد أهميّة الإقتصاد في حياة الأمم, ولماذا أصبح العالم يعتمد في تعاملاته على الرّبا, ثمّ انتقلت إلى الفصل الأوّل وجعلته في ثلاثة مباحث: الأوّل: عرّفت فيه الرّبا لغة وشرعاّ واصطلاحاً عند الإقتصاديين, وبيّنت كيف برروا الفائدة.
وفي المبحث الثّاني: تحدّثت عن حكم الرّبا في الإسلام وفي الدّيانات السّماويّة السّابقة. أمّا المبحث الثّالث: فقد كان عن مخاطر الرّبا, وأسباب تحريمها, ونظرة الإقتصاديين والمذاهب الإقتصاديّة للرّبا, وبيّنت كيف ردّ الإسلام على التّبريرات الّتي وُضعت لاستخدام الرّبا. ثمّ انتقلت إلى الفصل الثّاني وجعلته في ثلاثة مباحث: الأوّل يتحدّث عن سياسة الإقتصاد الإسلامي, وأهمّ النّقاط الّتي يرتكز عليها. ثمّ جعلت المبحث الثّاني عن الزّكاة كأحد أهمّ دعائم الإقتصاد الإسلامي, فعرّفتها, وبيّنت حكمتها وتحدّثت عن روح الزّكاة ومقصدها. أمّا المبحث الثّالث والأخير فكان عن فائدة الزّكاة ومردودها الإقتصاديّ, مع موازنة بين الزّكاة والرّبا. وحاولت الإجابة عن السّؤال: هل يُلزم المسلمون بالتّعامل بالرّبا بحجة اعتماد الإقتصاد العالميّ عليه؟
وفي الختام تحدّثت عن أهمّ النّتائج الّتي خرجت بها من بحثي.
ومن أهمّ مراجع بحثي كتاب " اقتصادنا " لمحمّد باقر الصّدر, وكتاب " المعاملات المصرفيّة والرّبويّة وعلاجها في الإسلام " للدّكتور نور الدّين عتر, وكتاب " السّياسة الماليّة في الإسلام " لعبد الكريم الخطيب, وكتاب " بحوث في نظام الإسلام " لمصطفى البغا, وغيرها كثير من الكتب والدّوريّات. أسأل الله التّوفيق والهداية للصّواب "وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ"(هود: من الآية88)
تمهيد
1 ـ أهميّة الإقتصاد في حياة الأمم :
الإقتصاد في العلم الحديث هو: " تدبير شؤون المال بإيجاده وتكثير موارده" ( ). أو هو الدّراسة العلميّة للظواهر المتعلّقة بالنشاط الإقتصادي ( ).
ولا يخفى علينا أنّ تقدّم الأمم ورقيّها يتعلّق بشكل كبير بالنّاحية الإقتصاديّة, فتلبية حاجات النّاس, وتمويل المشاريع الإختراعات, والأبحاث الّتي تساهم في بناء الحضارة, كلّها تحتاج إلى موارد مالية لتغطية نفقات هذه الأمور.
واليوم تكون الدّولة قويّة بمقدار ما تملك من موارد وقوى اقتصاديّة كبيرة, لذلك أصبح الإهتمام بالمال كبيراً, وأصبحت المعادلة اليوم: قوّة اقتصاديّة سيطرة تامّة + حضارة قائمة.
واهتمّ الإسلام بهذه النّاحية كاهتمامه بكلّ نواحي الحياة, " فاهتمّ بالمال ايجاداً وتنمية واستثماراً وبقاء, من النّاحيتين الإيجابيّة والسّلبيّة, فاعتبر المال أمانة ثقيلة بيد صاحبه, وألزمه بحفظه, وتثميره, وألزمه السّعي من أجل تحصيله" ( ). وما هذا إلّا اعترافاً من الإسلام بأهميّة الإقتصاد, ودفعاً للمسلمين ليهتمّوا ذلك الإهتمام الّذي يضع المسلمين في مكانهم المناسب على السّاحة الدّوليّة, فتكون لهم قوّتهم, واستقلالهم, فلا يخضعون لقوانين الغرب الّذي أدخل إليهم كثيراً من المعاملات الّتي حرّمها الإسلام وقبلها المسلمون في هذا العصر ـ للأسف ـ بسبب ضعفهم وتخلّفهم.
2 ـ الإقتصاد العالمي الجديد وقيامه على الرّبا, كيف ؟ ولماذا؟ :
إنّ سعي البشر لتحصيل المال جعل الإنسان يحاول بكلّ السّبل ـ المشروعة وغير المشروعة ـ تكثير ماله وتجميعه, فالقوّة بيد الغني, والسّيطرة بيد صاحب المال, وحبّ المال غريزة في نفس الإنسان, لذلك فقد صار هذا الإنسان يتحايل حيناً, ويبرر أحياناً أخرى لإزالة أيّ عائق يقف في طريق جمعه الثّروة.
وكان الرّبا من أيسر السّبل وأضمنها لجمع المال وتكثيره, ولكنّ تحريم الرّبا في كلّ الشّرائع السّماوية وقف عائقاً أمام اعتماد الرّبا كوسيلة من وسائل جمع المال.
فقد " ظلّت البلاد الّتي تدين بالمسيحيّة تذعن لأحكامها في تحريم الفائدة حتّى نهاية القرن الثّالث عشر تقريباً, ثمّ أخذت تحت ضغط الحياة الإقتصاديّة, بسبب ظهور طبقة التّجار من جهة, وتقليص نفوذ الكنسية من جهة أخرى تفسح المجال لزحف الفائدة على ميادين المعاملات الماليّة شيئاً فشيئاً" ( ).
فالمصلحة ـ ومصلحة التّجار خاصّة ـ كانت السّبب الرئيس في تحليل الرّبا. يقول جو آلنر : " لقد أصبح رجال الأعمال عندنا تائهين في مطاردة المال, الّذي يجب أن يكون وسيلة إلى الحياة الطّيبة, لا غاية في ذاتها, حتّى نسوا الغاية, وأمعنوا في التّعلّق بالوسيلة" ( ).
والنّهضة الصّناعيّة الّتي قامت في أوروبّا, وحاجة المشاريع إلى المال اللازم للتّمويل, وغياب التّعاون والتّراحم في المجتمع الغربيّ, وتقديم مصلحة الفرد وتقديسها, كلّ ذلك أدّى إلى أن يصبح التّعامل بالرّبا ضرورة في تلك المجتمعات, حتّى صار النّظام " الفرديّ في العالم الغربيّ, يئنّ اليوم أمام مطامع الأفراد المتمثّلة في الإحتكارات العالميّة, والتّكتلات الماليّة الّتي تقوم على حساب الفرد المستهلك, بالإضافة إلى أنّ البيوت الماليّة تتحكّم في سياسة العالم الغربيّ, فتسخّرها لخدمة مصالح الرأسماليّة في تلك البلاد" ( ).
وهكذا, شيئاً فشيئاً, أخذت الأصوات تعلو لتحليل الرّبا, حتّى أصبح التّعامل بها أمراً شائعاً وعامّاً, فظهرت المصارف لأوّل مرّة, وكان ذلك على يد اليهود المشهورين بحبّهم للمال, فأُنشئ مصرف البندقيّة عام 1157م, ثمّ أنشئ بنك الودائع في برشلونة عام 1401م ( ).
ومع التّقدّم الصّناعيّ والثّورة العلميّة الّتي عمّت أوروبّا في القرن التّاسع عشر, اتّسع نظام المشاريع الصّناعيّة, ونشطت حركة التّبادل الماليّ, فتطوّرت المصارف, وظهرت تلك القوى الماليّة الكبرى, وتمركز المال في أيدي المصرفيين, وكان جلّهم من اليهود الّذين تحكّموا بالعالم عن طريق نفوذهم الماليّ والمصرفي.
وانتقلت عدوى المصارف إلى البلاد الإسلاميّة والعربيّة على يد المستعمر الّذي تعامل مع بلادنا كتعامله في العلم الغربيّ, وصدّر إلينا أنانيته وفرديّته, ـ وللأسف ـ تلقّفناها تلقّف الضعيف لفتات القوي, فأنشئ أوّل مصرف في مصر عام 1898م, وهو البنك الأهلي المصري ( ).
إنّ نشاط الصّناعة, وحاجة المشاريع إلى المال, والنّظرة الغربيّة الماديّة الّتي تبيح للإنسان القيام بأي نشاط حتّى ولو كان خاليّاً من الخلق والدّين يمكّنه من الحصول على المال, وزوال روح التّعاون والتّراحم بين أفراد هذا المجتمع الغربيّ, كلّ هذا شكّل ضغطاً على الكنيسة, فظهرت القوانين الوضعيّة الّتي تبيح الرّبا, وظهرت التّفسيرات والتّبريرات لهذه الفائدة, وأصبح العالم يتغنّى بأنّ التّقدّم الإقتصاديّ لا يقوم إلّا بإباحة الرّبا. وبما أنّ الضّعيف يتبع دائماً القوي, أخذت الأصوات ترتفع في بلادنا الإسلاميّة الضعيفة, تنادي بإباحة الرّبا, حتّى نلحق ـ بزعمهم ـ بركب الحضارة, وحتّى لا نتخلّف عن النّشاط الإقتصاديّ العالميّ.
الفصل الأوّل
المبحث الأوّل:
1ـ تعريف الرّبا لغة وشرعاً وأنواعها.
2 ـ تعريف الرّبا في الإقتصاد, وكيف برّر الإقتصاديون الرّبا.
المبحث الثّاني:
1 ـ حكم الرّبا في الإسلام وفي الدّيانات السّماويّة السّابقة.
المبحث الثّالث:
1 ـ مخاطر الرّبا, وأسباب تحريمها.
2 ـ نظرة الإقتصاديين إلى الرّبا.
3 ـ رد على تبريرات الإقتصاديين للتّعامل بالرّبا.
المبحث الأوّل:
1ـ تعريف الرّبا لغة وشرعاً وأنواعها:
الرّبا في اللغة: ربا الشّيء يربو ربواً ورباء: زاد ونما. وفي التنزيل: " وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ" ( ). ومنه أخذ الرّبا الحرام ( ).
وفي الشّرع: فقد عرّفها الحنابلة: "الزّيادة في أشياء مخصوصة"( ). وعرّفها الشّافعيّة بأنّها: "عقد على عوض مخصوص غير معلوم التّماثل في معيار الشّرع, حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما"( ). والمراد بالعوض المخصوص الأموال الرّبويّة. وغير معلوم التّماثل أي إنّ أحد العوضين زائد عن الآخر أو مجهول التّساوي معه. ومعيار الشّرع الكيل أو الوزن. وقيّدوا بحالة العقد فيما لو علم التّماثل في البدلين بعد العقد( ).
وعرّفها الأحناف: "الفضل المستحقّ لأحد المتعاقدين في المعاوضة, الخالي عن عوض شُرط فيه" ( ). أي الزّيادة لأحد المتعاقدين في عقود المعاوضة فقط. فلا تدخل الهبة لأنّها ليست معاوضة, والزّيادة هنا لا يقابلها شيء وتكون هذه الزّيادة ربا( ).
وعرّفها المالكيّة: " الزّيادة في العدد أو الوزن, محققة أو متوهّمة, والتّأخير" فلا يدخل الزّيادة عندهم في الجنسين, إلّا في النّسيئة لا غير, ويدخل الرّبا في ***** الواحد من وجهين: الزّيادة والنّسيئة( ).
وللرّبا أنواع في الشّرع:
1 ـ ربا الفضل: وهو بيع المال الرّبويّ بجنسه, مع زيادة في أحد العوضين.
2 ـ ربا النّساء: هو بيع المال الرّبويّ بمال ربويّ آخر, فيه نف العلّة إلى أجل ( ).
3 ـ ربا اليد عند الشّافعيّة: وذلك بأن يفارق أحدهما مجلس العقد قبل التّقابض ( ). أي أنّه يبيع المال الرّبويّ بآخر فيه نفس العلّة دون أن يشترط في ذلك أجل بنفس العقد, ولكن يحصل التّأخير في قبض البدلين أو أحدهما, في مجلس العقد بالفعل ( ).
2 ـ تعريف الرّبا في الإقتصاد, وكيف برّر الإقتصاديون الفائدة:
بالنسبة للرّبا في الإقتصاد الرّأسمالي, فكلمة فائدة هي المستخدمة, وتعني: ما يحصل عليه المقرض من المقترض مقابل استخدام المال. أو هي ما يحصل عليه المقرض من المقترض مقابل المخاطرة في إقراض ماله. أو مقابل الجهد المبذول في الإقراض.
وهناك نظريات كثيرة فسّرت كيف يتحدد سعر الفائدة, منها ما يقول إنّه يتحدد نتيجة قوى الطّلب والعرض في السّوق على الأموال ( ), أي سعر إنّ الفائدة هو السّعر الّذي يوازن بين التّفضيل الزّمني للمدّخرين, والتّفضيل الزّمني للمستثمرين.
وقد برّر الإقتصاديون الفائدة بأنّها نتيجة عنصر المخاطرة في إقراض المال, فالمرابي يقرض نقوده لشخص, ربّما لا يعيد له هذه النقود. فهو يخاطر بهذه النقود, لذلك يجب أن يأخذ الفائدة نتيجة هذه المخاطرة.
وبرّروا الفائدة بأنّها تعويض عن حرمان المرابي من الإنتفاع بالمال المقرَض, ومكافأة لـه على انتظاره طيلة مدّة الإقراض.
وقالوا أيضاً إنّ الرّبا حقّ للمقرض من الأرباح الّتي جناها المقترض جرّاء استخدامه للمال المقرَض.
وهناك تبرير آخر , وهو أنّ الفائدة هي تعبير عن الفارق بين قيمة السّلعة في الوقت الحاضر, وقيمتها في المستقبل. ومنهم من اعتبر الفائدة أجرة استخدام النّقود. وهي تماثل الأجرة الّتي يحصل عليها صاحب العقار, أو صاحب أدوات الإنتاج, نتيجة استفادة المستأجر من هذا العقار أو هذه الأدوات ( ).
وسنحاول في الصّفحات القادمة بيان نظرة الإسلام إلى هذه التّبريرات ومناقشتها.
المبحث الثّاني
1ـ حكم الرّبا في الإسلام وفي الدّيانات السّماويّة السّابقة:
إنّ الله سبحانه وتعالى قد أحلّ لنا الطّيبات في هذه الأرض: "يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ"( ). ويقول جلّ جلاله: "وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ" ( ). فالله سبحانه أراد لنا الحياة على هذه الأرض وسخّر لنا ما فيها حتّى نعيش بسعادة, وحتّى نصل بالخير ورضا الله إلى الجنّة, فلذلك كان تحريم الرّبا في كلّ الشّرائع, حتّى قيل إنّ الرّبا والزّنا قد حرّمت في كلّ الشّرائع, ولن تجد شريعة إلّا وقد حرّمت هاتين الكبيرتين لما فيها من خطر كبير على استمرار الحياة سعادة البشر( ) .
ففي الدّيانة اليهوديّة, جاء تحريم الرّبا في التّوراة. ففي الإصحاح الثّاني والعشرين من سفر الخروج: " إن أقرضت فضّة لشعبي الفقير الّذي عندك فلا تكن لـه كالمرابي ولا تضعوا عليه الرّبا" ( ). وجاء أيضاً في سفر التّثنية الإصحاح الثّالث والعشرين : " لا تقرض أخاك بربا, ربا فضّة, أو ربا طعام, أو ربا شيء مما يقرض بالرّبا" ( ).
إمّا في الدّيانة المسيحيّة فقد وضعت عقوبات شديدة لأولئك الّذين يتعاملون بالرّبا: فبالإضافة إلى إلزامهم بردّ الرّبا, فقد اعتبر المرابي كالمرتد, يحرم من الدّفن الدّيني هو ومن ساعده ( ).
وقد أكّد القرآن هذا التّحريم عند اليهود والنّصارى بقوله تعالى: "فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً * وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً" ( ).
وفي الإسلام جاء تحريم الرّبا في آيات كثيرة من سور القرآن الكريم, قال تعالى: "الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"( ).
وجاء في تفسير الآية: " إنّ آكل الرّبا يُبعث يوم القيامة مثل المصروع الّذي لا يستطيع الحركة الصّحيحة, لأنّ الرّبا ربا في بطونهم حتى أثقلهم, فلا يقدرون على الإسراع" ( ).
ويقول تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ"( ), وجاء في تفسيرها: " إنّ حرب الله النّار, وحرب رسوله السّيف. وقيل إنّ معنى هذه المحاربة المبالفة في الوعيد والتّهديد, دون نفس الحرب. وقيل بل المراد نفس الحرب ( ).
فالرّبا "محاربة سافرة لله ولرسوله, إذا كان بغياً على عباد الله الفقراء, وتحكّماً في أرزاقهم, وإفساداً لحياتهم, وتضييعاً لهم, إنّه قتل جماعي للفقراء والمستضعفين في المجتمع, ولهذا تولّى سبحانه وتعالى الدّفاع عن هؤلاء الضّعفاء, والإنتقام لهم ممن ظلموهم"( ). وقال تعالى: "وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ"( ). وجاء في التّفسير: " وما أعطيتم أكلة الرّبا ليربو في أموالهم فلا يربو عند الله, أي لا يزكو عند الله ولا يبارك فيه. وما أعطيتم من صدقة تبتغون بها وجه الله خالصاً لا تطلبون به مكافأة ولا رياء ولا سمعة فهذا الّذي يضاعف الله حسناته" ( ).
وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" ( ).
أمّا في الحديث النّبويّ الشّريف, فهناك أحاديث كثيرة تحذّر من الرّبا, وتبيّن حرمته في الإسلام:
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لعن الله آكل الرّبا وموكله وشاهديه وكاتبه"( ). فكلّ من دخل ضمن صفقة الرّبا فهو ملعون, وليس آخذ الرّبا فقط إنّما الّذي وافق على إعطاء الرّبا, والّذي شهد على العقد, والّذي كتبه أيضاً.
وعن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " درهم ربا يأكله الرّجل وهو يعلم, أشدّ من ستة وثلاثين زنية" ( ). فالرّبا خطير جدّاً ويفوق بخطره الزّنا تلك الجريمة الخطيرة.
وفي الحديث الشّريف لعمر رضي الله عنه: " إنّ آخر ما نزلت آية الرّبا, وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبض ولم يفسّرها لنا فدعوا الرّبا والرّيبة" ( ). وفي هذا الحديث يدعونا عمر رضي الله عنه إلى ترك الرّبا, وعدم محاولة تفسير بعض الأمور الّتي نشكّ بها هل هي ربا أم لا, ولكن من الأفضل الإبتعاد عن كلّ ما يسمّى ربا من قريب أو بعيد. فهذه الآيات وهذه الأحاديث تدلّ على عظيم حرمة الرّبا, وكونها من الكبائر الّتي تودي بصاحبها في نار جهنّم. ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " أتيت ليلة أسري بي على قوم بطونهم كالبيوت, فيها الحيّات تُرى من خارج بطونهم, فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ , قال: هؤلاء أكلة الرّبا"( ).
ولكن ما سبب هذا التّغليظ في تحريم الرّبا؟, ولماذا أعلن الله الحرب على من لا يريد الإنتهاء عنها؟, وما خطرها؟, هذا ما سنحاول بحثه في الصّفحات القادمة.
المبحث الثّالث
1 ـ مخاطر الرّبا وأسباب تحريمها:
إنّ الشّريعة الإسلاميّة لا تحفل بالصّور والأشكال, وإنّما تنظر إلى ما وراء الصّور والأشكال من آثار, وعلى أساس هذه الآثار يكون التّحليل والتّحريم. فالخمر حُرّم لأنّه يُذهب العقل ويُسكر, فكان قليل الخمر ككثيره في التّحريم( ). وكذلك الأمر بالنّسبة للرّبا, فالرّبا حرام بسبب آثاره ومخاطره, فهذه الآثار والمخاطر تطال المجتمع من نواحٍ كثيرة, ويمكننا أن نقول: إنّ هناك آثار ومخاطر أخلاقيّة, وهناك آثار ومخاطر اجتماعيّة, وآثار ومخاطر اقتصاديّة.
أ ـ مخاطر الرّبا الأخلاقيّة:
إنّ الرّبا أوّل ما يصيب بخطره يصيب المتعامل به, فيؤثّر على نفسيّة المرابي, ونفسيّة المقترض. ويمكن أن نجمل هذه المخاطر والأضرار بما يلي:
1 ـ الرّبا ينمّي حبّ المال في نفس المرابي, ويجعله جشعاً لا يكتفي بالقليل, ولا يراعي حرمات الله, فيدوس على كلّ شيء في سبيل تحقيق رغباته.
2 ـ الرّبا يقتل إحساس المرابي بآلام المحتاجين, ويسعى لاستغلال حاجتهم, ويصبح أنانيّاً لا يهمّه سوى تكديس المال ولو على حساب الآخرين.
3 ـ الرّبا يؤدّي إلى إحساس الفقير بالظّلم, وبأنّه وحيد لا يجد من يقف إلى جانبه, مما يُدخل إلى نفسه الحقد والبغض لباقي النّاس.
4 ـ إنّ تعامل الفقير بالرّبا, مع قناعته بحرمته, يجعله يشعر بتأنيب الضّمير, ويشعره بعقدة الذّنب الّذي لا يستطيع دفعه.
5 ـ إنّ تعامل الفقير بالرّبا, مع معرفته بحرمته, يجعله يستهين بحرمات الله, فيتجرّأ عليها, ويبرر لنفسه كلّ حرام, على أساس الحاجة والإضطرار.
ب ـ مخاطر الرّبا الإجتماعيّة:
لا يقتصر أثر الرّبا وخطره على المتعامل به فقط. وإنّما يلحق جميع أفراد المجتمع, ويؤثّر على كيان هذا المجتمع ككل, فهو:
1 ـ يقسّم المجتمع إلى قسمين: المرابون الّذين يملكون المال, والمحتاجون الّذين لا يملكون شيئاً.
2 ـ تصبح طبقة المرابين هي المتحكّمة والتسلّطة على باقي أفراد المجتمع, وذلك لا متلاكها المال, والمال ـ في مجتمع كهذا قوّة ـ ومن يملك القوّة, يتحكّم وتيسلّط.
3 ـ الرّبا يخلق فئة من النّاس تعيش دون مشقّة أو بذل جهد, فالتّعامل " بالرّبا يؤدّي إلى أن يستثمر أصحاب الأموال أموالهم دون مشقّة أو بذل جهد, ومن ناحية أخرى تدعوهم إلى الرّكود وإلى الرّاحة" ( ).
4 ـ الرّبا يؤدّي إلى تعطيل المواهب النّاشئة, لأنّ هؤلاء لا يجدون المال, ولو حصلوا على رأس المال المتناسب مع قدرتهم لاستطاعوا تحقيق أحلامهم واثبات جدارتهم, ولما أصبحوا محبطين عاطلين( ).
5 ـ الرّبا يقتل المعروف والتّعاون بين أفراد المجتمع الواحد, مما يؤدّي إلى تفكيك المجتمع وإلى تفرّقه وتشتّته.
6 ـ الرّبا ينمّي النّظرة الماديّة في المجتمع, ويقتل النّاحية الرّوحيّة, ويصبح المال غاية في حدّ ذاته, بعد أن كان وسيلة إلى حياة أفضل.
ج ـ مخاطر الرّبا الإقتصاديّة:
لقد انتشر التّعامل بالرّبا بحجّة خدمة الإقتصاد, ولكنّ خطر الرّبا يطال الإقتصاد ويؤثّر فيه تأثيراً سلبيّاً, وذلك من خلال:
1 ـ الرّبا يسبّب الأزمات الإقتصاديّة: وذلك من ناحيتين: الأولى, ما تصيبه طبقة المرابين من إثراء غير مشروع بسبب حصولهم على الفوائد المقرّرة على المقترضين دون المساهمة في مخاطر مشروعاتهم. والثّانية, ميل طبقة المرابين في أوقات الرّخاء إلى التّوسّع في الإقراض, وميلها إلى تقنين الإقراض في أوقات الرّكود, أو منعه خوفاً من احتمالات الخسارة, وعملاً على استرداد قروضها, وإرغاماً للمقترضين على السّداد( ), مما يزيد من سوء الأزمات الإقتصاديّة ويوسّع أضرارها.
2 ـ الرّبا يسبب الغلاء والإنحرافات الماليّة: فالفائدة الّتي يدفعها المنتج إلى المقرض تُضاف إلى تكاليف الإنتاج, وما ذلك إلّا لأنّ أيّ مشروع لا يعطي أرباحه إلّا بعد سنة أو بضع سنوات, بينما تكون الفائدة مستحقّة في فترة لا علاقة لها بالأرباح, مما يؤدّي إلى غلاء الأسعار, ونحن نعرف أنّ الّذي يستخدم هذا الإنتاج هم أفراد الشّعب الفقراء بشكل عامّ ( ). 3 ـ إنّ تركّز المال عند المرابي يحرم النّشاط الإقتصادي من هذا المال ومن دخوله فيه, مما يؤدّي إلى الرّكود والتّأخّر الإقتصادي. حيث أنّ هذا المرابي لا يقوم بأيّ نشاط اقتصادي إلّا إذا جاء من يقترض منه, ويتحمّل مخاطر المشاريع الإقتصاديّة وحده, أمّا المرابي فهو يريد ربحاً مضموناً, وليس على استعداد للتّعرّض لمخاطر أيّ مشروع اقتصادي.
4 ـ يؤثّر الرّبا على إنشاء الصّناعات الجديدة, وتوسّع الصّناعات القائمة, فالآلات الّتي تُخترع يجب أن تحقق ربحاً سنويّاً يعادل تكلفتها + سعر الفائدة, حتّى يستطيع الصّناع توظيفها في الإنتاج.
5 ـ يقول الدّكتور شاخت الألماني: " إنّ جميع المال في الأرض صائر إلى عدد قليل من المرابين, وإنّ قيام النّظام الإقتصاديّ على الأساس الرّبويّ يجعل العلاقات بين أصحاب الأموال والعاملين في التّجارة والصّناعة علاقة مغامرة مستمرّة, مع أنّ مصالح العالم لا تقوم إلّا بالتّجارة والحرف والصّناعات, واستثمار الأموال من المشاريع العامّة النّافعة"( ).
6 ـ عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إنّ الرّبا وإن كثر, فإنّ عاقبته تصير إلى قل" ( ). أيّ قلّة, وهذا الحديث يبيّن أنّ الرّبا مهما كثر زمهما استطاع المرابي أن يجمع مالاً عن طريق الرّبا, فإنّ هذا المال لابدّ أن ينقص, وذلك لأنّ المرابي إذا سحب الأموالمن أيدي المستثمرين, وأنهكهم بالفوائد الكبيرة فإنّ هذا سيؤدّي إلى خسارتهم وإفلاسهم, وهذا سيعود في النّهاية على المرابي نفسه, حيث تخفّ حركة التّبادل, ويضطر المرابي إلى صرف ماله, مما يؤدّي إلى نقصانه في النّهاية.
وهكذا نرى أنّ للرّبا مخاطر كبيرة تلحق بالأفراد والمجتمع وبنائه الإقتصادي. والإسلام دين العدل والرّحمة, لا يقرّ الظّلم, والرّبا ظلم, ظلم للفرد, وظلم للأمّة, وظلم للإقتصاد, فالمرابي لا ينظر أبعد من أنفه, يسارع إلى الرّبح السّريع والمضمون برأيه, ولا يدري أنّه بذلك يساهم في دمار المجتمع, وفي دمار نفسه في النّهاية أيضاً, فلا يمكن لإنسان أن يعيش في مجتمع مدمّر منهك مفلس, لذلك قال تعالى: "يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ" ( ). فالخطأ مهما استمرّ فإنّه زائل لا محالة, وعاقبته وخيمة.
والسّؤال الّذي يخطر في بالنا, ألا يحسّ المتعاملون بالرّبا بمخاطره؟, وما الّذي يدفعهم إلى الإستمرار فيه رغم كل مخاطره؟.
نستطيع الإجابة على هذه الأسئلة من خلال بحثنا السّابق عن نشأة الرّبا. فقد وجدنا أنّ السّبب الرّئيس لقيام الرّبا هو المصلحة, مصلحة التّجار والمرابين, وهؤلاء وبرغم إحساسهم بمخاطر الرّبا فإنّهم لا يهتمّون بها, لأنّهم لا يحسّون بهذه المخاطر عليهم مباشرة, فيفضّلون الرّبح السّريع بغضّ النّظر عن النّتائج.
وكذلك فإنّ الإقتصاد الغربيّ يطلق حقّ الملكيّة الفرديّة, وعلى هذا الأساس تقوم حريّة العمل, فهي كاملة ومطلقة من أيّ قيد خلقي أو اجتماعي أو انساني( ). فنرى أنّ كلّ فرد في الغرب يعمل لنفسه فقط, ولمصلحته هو دون أن يهتمّ بمصلحة غيره, فالغرب يعرف مضار المخدّرات, ويعرف مضار الزّنا, ومخاطر تفكك الأسرة, ولكنه لا يقوم بأيّ شيء يحدّ من رغبات الأفراد, ولا بأيّ إجراء يقف في وجه شهواتهم وحريّتهم الّتي يتصوّرونها, لذلك فهو مستمرّ بالرّبا, كما أنّه مستمرّ بالتّفكك والإنحلال.
2 ـ نظرة علماء الإقتصاد إلى الرّبا:
إنّ الرّبا كان في نظر الإقتصاديين منذ القديم خطأ, وسبب في ركود الإقصاد. فنجد أرسطو يعتبر الفائدة ضدّ الطّبيعة: " فأن تحصل من النّقود على نقود جديدة يكون هذا مخالف للطّبيعة, لأنّ النّقود قد جُعلت بطبيعتها لكي تتمّ مبادلة السّلع عن طريقها, وكلّ استخدام للنّقود ـ لكي يحصل أصحابها من ورائها على ثروة نظير إقراضها بفائدة خروج بالنّقود عن طبيعتها, لأنّه لا يكون قد تمّ استخدام النّقود لمبادلة السّلع, وإنّما للحصول منها مباشرة على سلعة"( ).
وكذلك فقد حرّم سان توماس الإكويني( ) الفائدة, بحجّة أنّ النّقود لا تلد, مستنداً في ذلك إلى أقوال أرسطو, وتعاليم الكنيسة( ).
أمّا التّجاريون( ) فقد هاجموا الفائدة واطلاق أرباح المرابين, واستندوا في ذلك حتّى إلى النّظريّات الدّينيّة الّتي حرّمت الرّبا, مع أنّ مهاجمة التّجاريين للرّبا كان مبعثه مصلحة رأس المال التّجاري( ).
وكان آدم سميث( )من أبلغ من دعا إلى الحريّة الإقتصاديّة, ولكنّه بالرّغم من ذلك طالب بوضع حدّ أعلى لسعر الفائدة على القروض( ). فكلّ المذاهب الإقتصاديّة ـ قديمها وحديثها ـ تنظر إلى الرّبا على أنّه خطأ, وإذا قبلوا به فقد طالبوا بتدخّل الدّولة في هذا المجال, وعدم تركه لتحكّم المرابين وأصحاب الأموال.
رد على تبرير الإقتصاديين للتّعامل بالرّبا:
رأينا سابقاً أنّ الّذين تعاملوا بالرّبا قد برّروا الرّبا بتبريرات مختلفة, فبعضهم برّرها بالمخاطرة, أو التّعويض, أو الفارق بين القيمة الحاضرة والمستقبليّة, وغير ذلك من التبريرات المختلفة. وقد أجاب توماس الأكويني على تبرير الرّبا, وقدّم كثيراً من الحجج لتحريم الفائدة, يقول:
1 ـ النّقود عقيمة, وثمارها بفضل العمل الّذي استثمرها لا بفضلها.
2 ـ النّقود تهلك عند استعمالها مرة واحدة, فتخرج من ملكيّة مستعملها, فلا يجوز المطالبة بثمن هذا الإستعمال.
3 ـ المطالبة بالفائدة يعتمد المطالبة بثمن الزّمان, والزّمان ملك لله, وليس ملكاً للمرابي( ).
وقد قدّم السّيّد محمّد باقر الصّدر إجابة وردّاً على هذه التبريرات في كتابه "اقتصادنا", فقال:
1 ـ إنّ عنصر المخاطرة خطأ من الأساس في نظر الإسلام, لأنّه لا يعتبر المخاطرة أساساً مشروعاً للكسب, إنّما يربط الكسب بالعمل المباشر أو المختزن.
2 ـ أمّا أنّ الفائدة تعويض عن حرمان المرابي من الإنتفاع بماله, فالإسلام لا يعترف بالكسب تحت اسم الأجر أو المكافأة, ولكن على أساس العمل المباشر أو المختزن.
3 ـ الإسلام قد أقرّ بحقّ الرّأسمالي في شيء من الأرباح الّتي جناها المقترض نتيجة استخدامه لمال المقرض, ولكن على أساس اشتراك صاحب المال والعامل في الأرباح, وربط حقّ الرّأسمالي بنتائج العمليّة الإقتصاديّة.
4 ـ وبشأن قولهم أنّ الفائدة هي فرق السّعر بين الماضي والحاضر, فالإسلام لا يقرّ كسباً لا يبرره إنفاق عمل مباشر أو مختزن. والفائدة هنا هي نتيجة عامل الزّمن وحده دون عمل, لذلك منع الإسلام الرّأسمالي من استغلال الزّمن في الحصول على كسب ربوي( ).
5 ـ لماذا أجاز الإسلام لمالك العقار أو الأداة أن يأخذ كسباً أو أجراً مضموناً دون عناء, ولم يجز للرّأسمالي أن يأخذ أجر إقراضه للمال؟, الجواب: العقار أو أداة الإنتاج هي عبارة عن مختزن لعمل سابق, وللمالك الحقّ في استهلاك قسط منه خلال استخدامه للأداة أو في عمليّة الإنتاج الّتي يباشرها. فالأجرة هي عبارة عن أجرة لعمل سابق, وبالتّالي هي كسب مضمون, يقوم على أساس عمل منفق, أمّا الفائدة فهي كسب غير مشروع, لأنّ من يقترض كميّة من المال, سوف يعيد هذه الكميّة كما هي لا تنقص شيئاً ـ بل العكس ـ تزيد بمقدار الرّبا, وبالتّالي تكون هذه الزّيادة غير مشروعة, لأنّها لم تكن عن عمل مباشر أو مختزن( ).
وهكذا وجدنا أنّ كلّ التّبريرات الّتي قدّمها المرابون, أو الّذين أحلّو التّعامل بالرّبا كانت تبريرات مرفوضة في دين الإسلام. أمّا ما هو البديل الّذي يقدّمه الإسلام عوضاً عن التّعامل بالرّبا, فهذا ما سنجده في القواعد الّتي قدّمها الإسلام من أجل نظام إقتصاديّ متين, فيه الخير والصّلاح لكلّ النّاس, بعيداً عن الإستغلال, وأكل أموال النّاس بالباطل, يقول تعالى: "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"( ).
الفصل الثّاني
المبحث الأوّل:
سياسة الإقتصاد في الإسلام.
المبحث الثّاني:
الزّكاة, تعريفها وحكمتها.
المبحث الثّالث:
1 ـ فائدة الزّكاة ومردودها الإقتصادي.
2 ـ موازنة بين الزّكاة والرّبا.
المبحث الأوّل:
سياسة الإقتصاد في الإسلام, وأهمّ النّقاط الّتي يرتكز عليها:
إنّ الإسلام ليس ديناً يتعلّق بالآخرة فقط, إنّما هو دين اختصّ بالدّنيا والآخرة معاً, بل جعل الدّنيا هي سبيل الآخرة, قال تعالى: "تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ"( ). وقال جلّ شأنه: " وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"( ). ولقد حضّ الإسلام على السّعي والبذل والعمل, ورغّب الإنسان بالتّمتّع بما أحلّ الله له, مع المحافظة على الحدود الّتي وضعها الشّرع. ولم يهتمّ الإسلام بالجانب الأخلاقي ومسألة الثّواب والعقاب فقط, إنّما دعّم هذا الجانب بجانب آخر فيه تشريعات وقوانين تلزم المسلم باتّباعها. فالإسلام لم يقتصر "على النّصائح الأخلاقيّة في المجال الإقتصاديّ, بل دعم ذلك وأكمله, فأيّده بقواعد تشريعيّة, تنظّم العلاقات الماليّة, وتحدّد الحقوق, وتفرض الواجبات. كما أنّه تميّز عن الأنظمة الإقتصاديّة الوضعيّة بعدم الإقتصار على الإلزام الخارجي, فإنّه دعم قواعده الإلزاميّة بأسس ودوافع اعتقاديّة ونفسيّة"( ). فإذا أردنا أن نبيّن الجانب الإعتقاديّ في الإقتصاد, سنجد ثوابت كثيرة قررها الإسلام, وأهمّ هذه الثّوابت:
1 ـ الملك لله, والإنسان مستخلف فيه: يقول تعالى: " وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ"( ), وفي هذا تذكير للإنسان بأنّه لا يملك شيئاً, وإنّما كلّ ما يملك هو لله, فترسخ في ذهنه هذه القاعدة, فلا يمتنع عن تنفيذ أمر الله سبحانه, فهو موّكل من عند الله في ماله, والموّكل ينفّذ أمر من وكّله, وهو يعرف في النّهاية أنّ هذا المال الّذي يجري بين يديه ليس له حتّى وإن استطاع أن يتصرّف به كلّه كما يشاء. ولم يختّص هذا الإستخلاف بشخص دون آخر, إنّما هي لجميع النّاس, قال تعالى: " وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ "( ). 2 ـ الكون كلّه مسخّر للإنسان: يقول تعالى: " أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً"( ). فتسخير الكون يعني أنّ كلّ ما فيه للإنسان, ليسعى ويعمل ويحصل على رزقه. يقول تعالى: " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"( ). فكلّ ما في الدّنيا بين يدي هذا الإنسان, وما عليه إلّا أن يجدّ في سبيل رزقه. وتسخير الكون للإنسان يعطي معنيين كبيرين:
أ ـ الكون وما فيه مهيأ ومبذول للإنسان, فإن هو أحسن سبل استخدامه, وأعمل فكره فيه فإنّه لا يستعصي عليه شيء في هذا الكون.
ب ـ الإنسان هو أفضل المخلوقات, ولولا ذلك لما كان كلّ شيء مسخّر لـه, لذلك لا يليق به أن يعبد شيئاً مما سُخّر له, بل هو سيّد هذا الكون, وجدير به ألّا يعبد إلّا ربّ هذا الكون وخالقه, والّذي سخّر هذا الكون له( ).
3 ـ الله جعل تفاوتاً بين النّاس في الرّزق: فهناك غنيّ وفقير, وما ذلك إلّا لحكمة أرادها الله. فلو تساوى النّاس في الرّزق لما استمرّت الحياة. فالغنيّ يُعطى المال لينظر ماذا يفعل به وكيف ينفقه, والفقير يُحرم منه, ويبقى عنده طموحه الّذي يدفعه إلى العمل والجدّ من أجل كسب المال. يقول تعالى: " أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ"( ). وقد جاء في تفسير قوله تعالى: " لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً", يعني لو أنّنا سوّينا بينهم في كلّ الأحوال لم يخدم أحد أحداً, ولم يصر أحداً منهم مسخّراً لغيره, وحينئذ يفضي ذلك إلى خراب العالم وفساد حال الدّنيا. ولكنّنا فعلنا ذلك ليستخدم بعضهم بعضاً, فتسخّر الأغنياء بأموالهم الأجراء والفقراء بالعمل, فيكون بعضهم لبعض سبب المعاش, فهذا بماله, وهذا بعمله, فيلتئم قوام العالم( ).
وكما قال الشّاعر :
وَالناسُ بِالناسِ مِن بدوٍ وحاضرةٍ............ بَعضٌ لِبَعضٍ وَإِن لَم يَشعُروا خَدَمُ
ولكنّ هذا التّفاوت لا يعني أنّ الغنيّ مفضّل على الفقير, أو أنّ الغنيّ محبوب من قبل الله بينما الفقير مكروه, يقول تعالى: "وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ" ( ).
4 ـ المال في الإسلام وسيلة لا غاية: فهو وسيلة للعيش الكريم, ولتلبية الحاجات, ومساعدة النّاس, لذلك ذمّ الإسلام حبّ المال الشّديد والتّعلّق به, قال تعالى: " وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً"( ). ولكنّه لم يمنع من التّمتّع به, وإنفاقه بما يرضي الله, يقول تعالى: " قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ" . فالإسلام لم يرد أن يصبح الإنسان عبداً للمال, وبيّن له أنّ هذا المال لن ينفعه يوم القيامة, يقول تعالى: "يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" ( ), وبالتّالي أمر بالعمل لتحصيل المال الّذي ينتفع به في هذه الحياة الدّنيا, يقول تعالى: " فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"( ).
وبما أنّ المال وسيلة, فقد حرّم الإسلام ـ كما قلنا ـ أن تصبح هذه الوسيلة غاية, وأراد من المال أن يكون وسيلة للعيش, وأراد أن يُستخدم, فمنع الإسلام كنز المال, وأمر بإنفاقه, قال تعالى: " وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" ( ). فالإسلام يريد أن يبقى المال داخلاً ضمن النّشاط الإقتصاديّ ومستخدماً فيه, لا أن يُحبس ويُكنز, مما يؤدّي إلى خروجه عن خلقته الّتي خلقه الله بها.
ووجّه الإسلام إلى استخدام المال كما يليق, دون إسراف أو تقتير, ففي الإسراف احتقار للبذل الّذي جاء به المال, وفي التّقتير حبّ للمال وضنّ به, يقول تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً"( ). فالمال في ذاته ليس شرّاً وليس خيراً, بل هو أداة خاضعة لمشيئة الإنسان, إن شاء كان نعمة وفضلاً, وكان رزقاً يُنال به الطّيبات, ويرى فيه حقّ نفسه وولده, ويؤدّي منه حقّ الله وحقّ العباد, مثل هذا المال نعمة يباركها الله ويبارك أهلها, وإن شاء حوّل النّعمة الّتي في يديه إلى نار تحرقه وتحرق من حوله, حين يذهب به مذاهب السّرف والسّفه, ويرد به موارد الإثم والفساد( ).
5 ـ الإنسان مسؤول عن نشاطه الإقتصادي أمام الله: فإذا سعى بالشّكل الّذي ينال معه رضى الله يكون له الأجر والثّواب, ولإذا استعمل طرقاً محرّمة أو مؤذية تنمّ عن أنانيّة أو قصور فكري فيكون عليه الوزر والعقاب من الله تعالى.
وليست هذه المسؤوليّة فقط أمام الله بل هي مسؤوليّة دنيويّة تحدّدها أخكام الشّريعة( ). يقول تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"( ).
وفي الإسلام أحكام تشريعيّة تحاسب الفرد على نشاطه الإقتصاديّ, فتمنعه من القيام بأيّ نشاط يضرّ الجماعة, أو يؤدّي إلى افسادها, مثل بيع الخمر أو انتاجها, أو زراعة المخدّرات وغير ذلك من أمثال هذه التّجارات, ومنعه أيضاً من الغشّ والتّزوير, فكان المسلم مسؤولاً عن بضاعته وجودتها, وهناك أحكام كثيرة في هذا الشّأن موزّعة في كتب الفقه.
وحمّل الإسلام المسلمين مسؤوليّة القيام بالنّشاطات المختلفة الّتي تؤدّي إلى خير المجتمع, فإذا قام بعضهم بها سقط الإثم عن الباقين, وإذا لم يقم بها أحد أثم الجميع, يقول تعالى: " فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ" ( ).
والمسلم أيضاً مسؤول عن ماله, كيف يستثمره, وكيف ينفقه, ومن أين اكتسبه, وسوف يُسأل يوم القيامة عن كلّ ذلك, يقول تعالى: " ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ"( ).
هذه أهمّ النّقاط الإعتقاديّة الّتي وضعها الإسلام وطالب المسلمين بالعمل بها, وكانت الأساس لنشاطهم الإقتصاديّ.
أمّا في الجانب التّشريعيّ في الإقتصاد فقد وضع الإسلام قواعد تشريعيّة ملزمة للمسلمين, وأهمّ هذه القواعد:
1 ـ أقرّ الإسلام الملكيّة بأشكالها المختلفة: الخاصّة, والعامّة. وخصّص لكلّ من هذه الأشكال حقلاً خاصّاً تعمل من خلاله:
فالملكيّة الفرديّة : هي حقّ للفرد ينالها بجهده وكسبه, وهي حقّ خصّصه الله له. فبكسب الإنسان وعمله, من زراعة وصناعة وتجارة, أو مما يحصل عليه من إرث أو هبة, يستطيع الإنسان في الإسلام التّملّك. وتكون هذه الملكيّة ليست نوعاً من التّوكيل عن الجماعة, فالملكيّة الفرديّة لا تعني أن يكون المسلم موظّفاً على ملكه من قبل الجماعة, بل هو المالك الحقيقي, والله هو الّذي خصّص له هذه الملكيّة, يقول تعالى: " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ" ( ), ولكنّ هذه الملكيّة مقيّدة بقيود:
أ ـ أن تحصل عن طريق مشروع, فالسّرقة والنّصب الرّبا هي طرق غير مشروعة.
ب ـ أن لا يكون في التّصرّف بها أو حيازتها ضرر يلحق الجماعة أو الأفراد, فيجب أن يتصرّف المسلم في ملكه بعيداً عن ضرر مجتمعه وغيره من الأفراد. فمثلاً يُمنع المسلم من بيع السّلاح للعدو, لأنّ فيه ضرراً للجماعة. وكذلك لا يستطيع أن يستعمل بيته بشكل يضرّ بجاره مثلاً.
ج ـ يجب مراعاة المصلحة العامّة, فإذا اقتضت المصلحة العامّة سحب هذه الملكيّة الفرديّة من الشّخص تُسحب. لكن ضمن ضوابط بحيث تطبّق القاعدة " لا ضرر ولا ضرار".
د ـ يجب أن يستخدم المسلم ملكيّته بشكل حسن, وأن يقوم بأمرها على أكمل وجه, فيُحجر على السّفيه الّذي يبدّد ملكيّته, ويمنع من التّصرّف بها( ).
أمّا الملكيّة العامّة : فهي الملكيّة الّتي يشترك فيها جميع المسلمين. ويمكن أن يكونوا جماعة من المسلمين مشتركة في بستان مثلاً, فتكون ملكيّة البستان لهذه الجماعة فقط. أمّا الملكيّة الّتي يشترك فيها جميع المسلمين, مثل ما يرد لبيت المال من خراج, وسائر الأموال الّتي تدخل إلى بيت مال المسلمين, فتصرف لما فيه صالح الجماعة دون تخصيص فئة دون أخرى.
2 ـ الإسلام يعطي المسلم حريّة وفرصة يستطيع بها أن يمارس نشاطه الإقتصادي:
حيث أنّ الإسلام " يضع النّظام الإقتصاديّ للمجتمع على أساس طبيعي غير متكلّف, تكون فيه فرص الكفاح في متناول الجميع"( ). ولكنّ هذه الحريّة مقيّدة بقيود, وهذه القيود تكون من جانبين:
أ ـ منع استغلال الإنسان لأخيه الإنسان بأيّ شكل من الأشكال. فالإسلام يمقت الرّبا والإحتكار, وأكل أموال النّاس بالباطل, يقول تعالى: "وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ"( ). " إنّ الإسلام لا يبغي مجرّد قيام السّباق الإقتصاديّ في الحياة الإجتماعيّة على أساس تكافؤ الفرص وعدم التّمييز فحسب, ولكنّه يريد ألّا يكون المتسابقون متظالمين متقاطعين, إنّ عليهم أن يكونوا متعاطفين متعاونين"( ).
ب ـ إشراف الدّولة على النّشاط العام, وتدخّل الّدولة لحماية المصالح العامّة, وحراستها ضمن دائرة الشّريعة السّمحة( ). وفيما عدا ذلك فالباب مفتوح أمام كلّ مسلم يعمل بحريّته, وفي المجال الّذي يريد.
3 ـ يكره الإسلام البطالة, ويحثّ على العمل الشّريف المنتج, الّذي يغني المسلم عن ذلّ السّؤال, مهما كان هذا العمل بسيطاً.
ولم يميّز الإسلام بين الأعمال, فقد اعتبر كلّ جهد مشروع ـ عضليّاً كان أو عقليّاً ـ هو عمل. "فقد اعتبر الإسلام جميع الأعمال النّافعة من أقلّها شأناً ـ كحفر الأرض ـ إلى أعظمها ـ كرئاسة الدّولة ـ داخلة كلّها تحت عنوان العمل"( ). فكلّ أفراد المجتمع هم عمّال, يجب عليهم أن يسعوا حتّى يحصلوا على قوتهم. أمّا العاجزون فيجب على القادرين مساعدتهم, فالإسلام يطالب "بقيام نظام دائم واجب في أيّ مجتمع, يضمن العزن والمساعدة للعاجزين, الّذين تعوزهم الوسائل اللازمة للوصول إلى القوت الضّروريّ........كما أنّ الّذين يحتاجون إلى العون كي يتمكّنوا من العمل والإنتاج الإقتصادي لابدّ أن ينالوا بغيتهم عن طريق هذا النّظام"( ). فالإسلام يريد أن يعمّ العمل في كلّ أنحاء البلاد الإسلاميّة, ولا يجب أن يجد من يمدّ يده لسؤال النّاس, ولا من يجلس دون عمل إلّا لعذر من عجز.
والإنسان حرّ في اختيار عمله, حسب ميوله وإمكاناته, وليس لأحد أن يمنعه من العمل, إلّا في حالات تستطيع فيها الدّولة منعه, وذلك إذا اختار عملاً غير مشروع كالشّعوذة والدّجل والبغاء مثلاً. أو في حالة أن اقتضت المصلحة تغيير بعض الأعمال, وفرض شروط عليها لضمان عدم الإضرار بالآخرين, أو لضمان حاجة الدّولة إلى هذه الأعمال, من باب التّخطيط المستقبلي لنهضة الدّولة وتطوّرها, فيمكن للدّولة أن

الموضوع الأصلي : الرّبا وبدائله في الإسلام الكاتب : AlexaLaw المصدر : منتديات عالم القانون
التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655190

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

الرّبا وبدائله في الإسلام 1384c10


الأوسمة
 :


الرّبا وبدائله في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: الرّبا وبدائله في الإسلام   الرّبا وبدائله في الإسلام I_icon_minitime8/5/2011, 17:49

خيارات المساهمة


والإنسان حرّ في اختيار عمله, حسب ميوله وإمكاناته, وليس لأحد أن يمنعه من العمل, إلّا في حالات تستطيع فيها الدّولة منعه, وذلك إذا اختار عملاً غير مشروع كالشّعوذة والدّجل والبغاء مثلاً. أو في حالة أن اقتضت المصلحة تغيير بعض الأعمال, وفرض شروط عليها لضمان عدم الإضرار بالآخرين, أو لضمان حاجة الدّولة إلى هذه الأعمال, من باب التّخطيط المستقبلي لنهضة الدّولة وتطوّرها, فيمكن للدّولة أن تطلب شروطاً معيّنة لعمل الطّبيب مثلاً, مثل تدرّبه وحصوله على شهادة معيّنة لضمان عدم إضراره بالنّاس, أو أن تحدّد الدّولة شروط القيام بصناعة ما, وكلّ ذلك من أجل الحفاظ على مصلحة الأمّة والأفراد.
4 ـ يمقت الإسلام كنز المال, ويريد من هذا المال أن يبقى دائماً دائراً ضمن النّشاط الإقتصاديّ وذلك إمّا بالإنفاق, أو العمل والإستثمار. ولا يجوز أبداً أن يصبح الإنسان حارساً لهذا المال, بل يجب أن يكون المال خادماً للإنسان, ووسيلة لتلبية حاجاته.
ولقد حثّ الإسلام على الإنفاق والبذل, مهما كانت حالة الإنسان الإقتصاديّة. يقول تعالى: "لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً"( ), وما ذلك إلّا ليبقى المال في حركة دائمة, هذه الحركة الّتي تؤمّن تكاثره واستعماله.
ولم تكن أوامر الإسلام بالإنفاق عامّة وغير محدّدة, بل فرض الله الزّكاة, ذلك الرّكن الأساسي من أركان الإسلام, والّذي يؤدّي إلى تعميم المال, وعدم تركّزه في أيدي قليلة. وسنحاول فيما يلي من البحث تفصيل القول في الزّكاة, لما لها من أهميّة في حفظ التّوازن, وزيادة النّشاط الإقتصادي, وحلّ كثير من المشاكل الّتي يتعرّض لها المجتمع المسلم. واعتبر الإسلام أنّ في المال حقّاً, هذا الحقّ هو حقّلله بطاعته وتنفيذ أوامره في استخدام المال الّذي رزقه للإنسان, وحقّ للعباد بمساعدتهم ومساندتهم والقيام بالواجب المترتّب تجاههم.
وهكذا فقد رأينا أنّ الإسلام لم يترك النّشاط الإقتصاديّ دون تنظيم أو تخطيط, بل لقد وضع الإسلام قواعد وأسساً تصلح لكلّ زمان ومكان, لأنّها عامّة لا تتبدل, ويندرج تحتها كثير من المتغيّرات الّتي تسير ضمن دائرة هذه القواعد العامّة, بما يضمن خير الإنسان في الدّنيا والآخرة.
المبحث الثّاني
تعريف الزّكاة وحكمها:
تعريف الزّكاة لغة:
الزّكاة: النّماء والرّيع. والزّكاء: ما أخرجه الله تعالى من الثّمر. زكا الزّرع: نما, وكلّ شيء يزداد وينمى فهو يزكو زكاة.
والزّكاة: الصّلاح. والزّكاة: زكاة المال تطهيره, وقوله تعالى: " وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا"( ) تطهّرهم بها. وقوله تعالى: " وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ" ( ) أي يصلح.
وأصل الزّكاة في اللغة: الطّهارة والنّماء والبركة والمدح, وكلّه قد استعمل في القرآن( ). قال تعالى: " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا"( ). فالزّكاة فيها معنى الطّهارة, فهي تطهّر نفس المزكّي من حبّ المال ومن البخل والشّح, ولا تزول هذه الصّفة إلّا بتعوّد البذل والعطاء( ). وقال تعالى: " وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ"( ), فالزّكاة هنا نماء, فهي تنمّي الحسنات, وتضاعف الأجر والثّواب عند الله تعالى, وتبارك في المال الّذي وهبه الله للإنسان.
وجاءت الزّكاة بمعنى المدح في الآية الكريمة: " فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى" ( ).
فالزّكاة بهذه المعاني الكثيرة فيها الخير الكثير للإنسان, وهي أحد أركان الإسلام الّتي يقوم عليها صرح هذا الدّين.
تعريف الزّكاة شرعاً:
هي اسم صريح لأخذ شيء مخصوص, من مال مخصوص, على أوصاف مخصوصة, لطائفة مخصوصة( ).
فالشّيء المخصوص هو مقدار الزّكاة, والمال المخصوص هو النّصاب المقدّر شرعاً من الذّهب والفضّة أو عروض التّجارة أو السّوائم, والأوصاف المخصوصة هي شروط الزّكاة, أمّا الطّائفة المخصوصة غهم من يستحقّ الزّكاة من الّذين ذكرتهم الآية: " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"( ). وقد فرض الله الزّكاة على كلّ مسلم حرّ تامّ الملك, وهو قول أكثر أهل العلم( ). والصّفة الّتي يجب أن تتوفّر في مال الزّكاة هي النّماء, فيجب أن يكون المال نامياً, أو قابلاً للنّماء, بحيث يدرّ على صاحبه ربحاً. ويجب أن يكون زائداً عن حاجة صاحبه. وبالغاً النّصاب الشّرعيّ. وحال عليه الحول. والزّكاة دين في أعناق الأغنياء, يجب أن يؤدّوه للفقراء والمحتاجين. وهي كذلك " حقّ معلوم, أي محدّد النّسبة والمقدار, علمه الّذين تجب عليهم الزّكاة, وعلمه الّذين تُصرف لهم الزّكاة, والّذي قرّر هذا وحدّده هو الله تعالى"( ). وللزّكاة أحكام كثيرة, بيّنها الفقهاء في كتبهم, لا مجال لذكرها الآن, ولكن ما يهمّنا هو أن نبيّن روح الزّكاة ومعناها, وأهمّ ما نجد في ذلك: 1 ـ الزّكاة حقّ: قال تعالى: "وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ"( ). فهي ليست تفضّلاً من الأغنياء على الفقراء, ولكنّها حقّ للفقراء على الأغياء, وهي حقّ لله على عباده.
2 ـ هذا الحقّ المعلوم لم يُترك لتقدير النّاس: فهو ليس بالكثير الّذي يُرهق الغنيّ ويؤذيه, فهو جزء من أربعين جزءً من أمواله الزّائدة عن حاجته, ولا هي بالقليلة, بحيث لا تفي بحاجة الفقير.
3 ـ وهي تُؤخذ من الأموال النّاميّة: أو الّتي تصلح للنّماء والزّيادة, ويكون هذا المال زائداً عن حاجة الغني, ويصل إلى حدّ معيّن هو النّصاب, مملوكاً له ملكاً تامّاً, يستطيع أن يتصرّف به كما يشاء.
4 ـ وهي تجب في كلّ عام مرّة: وفي إيجابها مرّة في العام مراعاة لحال الغنيّ بحيث لا تظلمه, ومراعاة لحال الفقير, فلا يُترك فترة طويلة دون مساعدة أو معونة.
5 ـ أمّا المستحقّون للزّكاة: فهم أشخاص تنوّعت حاجاتهم, فمن فقير لا يملك ما يستطيع به سدّ حاجته, إلى مدين اضطرّته الظّروف إلى مدّ يده للإستدانة, إلى مقطوع عن بلده لا يجد من يواسيه, إلى موظّف يقوم بجمع الزّكاة, إلى دعوة في سبيل الله, وغير ذلك ممن تجب مساعدتهم ومساندتهم.
6 ـ أمّا مقدار ما يُعطى لهؤلاء الأشخاص: فهو مقدار يستطيعون أن يسدّوا به حاجتهم, فلا يحتاجون معه الزّكاة مرّة أخرى, فبعض الفقهاء قالوا ( ): يُعطى المستحقّ ما يكفيه. وما ذلك إلّا لنقضي على أسباب حاجته وفاقته.
7 ـ وتقوم الدّولة بجباية أموال الزّكاة وتوزيعها: مما يبرّء ذمّة المزكّي, ويحمي كرامة الفقير والمحتاج, فلا يتعرّض للمنّ والأذى, ولا يحسّ بالذّل والمهانة.
8 ـ والزّكاة أكبر دليل على تكافل المجتمع المسلم: وفيها تدعيم لأواصر المحبّة والمودّة والتّعاون بين أفراده.
المبحث الثّالث:
1 ـ فائدة الزّكاة ومردودها الإقتصاديّ:
الله سبحانه وتعالى هو أعلم بعباده, وقد شرّع لهم ما فيه خيرهم وصلاحهم, فالزّكاة ليست عبادة يعملها المسلم لنيل رضوان الله فقط, بل هي نظام يضمن سعادة الإنسان في الدّنيا والآخرة. وللزّكاة فوائد كثيرة, منها للمزكّي, ومنها لآخذ الزّكاة, ومنها للمجتمع:
أ ـ فائدة الزّكاة ومردودها الإقتصادي على المزكّي:
1 ـ المسلم عندما يؤدّي حقّ الله سبحانه تبرء ذمّته, فيحسّ بالسّعادة لأنّه أدّى ما فرض الله عليه, ويحسّ براحة الضّمير والطّمأنينة, فهو حين يقرأ قوله تعالى: "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ"( ), يشعر أنّه مع المؤمنين الّذين أثنى الله عليهم. وهناك كثير من الآيات الّتي تبيّن أجر المزكّي عند ربّه مما يُشعره بالرّاحة والسّعادة.
2 ـ تطهّر نفسه من الشّح والأثرة, يقول تعالى: "خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا"( ). فحبّ المال والحرص عليه خصلة في الإنسان, يقول تعالى: "قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْأِنْفَاقِ وَكَانَ الْأِنْسَانُ قَتُوراً"( ), وعلاج هذا الشّح والحرص هو التّعوّد على البذل والعطاء.
3 ـ تنمّي إحساس الغنيّ بآلام الفقير وحاجته, فينطلق للمساعدة, ويتعوّد على تقديمها, ويطمئّن إلى أنّه إذا تعرّض للحاجة يوماً فإنّه سوف يجد من يعينه, يقول تعالى: " وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً"( ).
4 ـ الزّكاة تفيد المزكّي من ناحيّة إقتصاديّة: فإذا قلنا أنّ ما يمنع الفقير من الشّراء والإستهلاك لسدّ حاجاته هو عدم تملّكه للمال, فإذا حصل على المال أقدم على سدّ هذه الحاجات وذلك باستهلاك الإنتاج, فالغنيّ يدفع من ماله ما يقارب 2.5% , وما ذلك إلّا لأنّه قد حرّك السّوق ونشّطها, وساهم في زيادة التّبادل الإقتصادي, مما يلغي الرّكود ويعود بالفائدة على الجميع. يقول تعالى: "وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ"( ).
5 ـ المزكّي يستفيد من الزّكاة من طريق آخر, حيث أنّ إخراجه للزّكاة كلّ عام يتطلّب منه إجراء جرد لماله, فيحسب ماله, ويحسب نسبة الزّكاة. ومن المعلوم أنّ قيام التّاجر أو الغنيّ بهذا الجرد مفيد جدّاً, حيث يتدارك ما وقع فيه من أخطاء, ويحاول زيادة ربحه وماله عن طريق تنظيم عمله, ومعرفة ما له وما عليه.
ب ـ فائدة الزّكاة للفقير أو مستحقّ الزّكاة:
1 ـ تلغي من نفس الفقير الإحساس بالظّلم: فيعرف أنّ الله حين ابتلاه بالفقر لم يتركه دون عون, بل فرض له حقّاً في مال الأغنياء, يُعطى إليه ليتدارك حاجته, ويعرف أنّ الغنى ليس ميزة للإنسان, وأنّ الفقر ليس بغضاً من الله لعبده.
2 ـ تعطي للفقير الفرصة للإرتقاء وتغيير حالته الإقتصاديّة, وتغرس في نفسه الطموح: فالزّكاة تعطيه ما يستطيع به أن يبدأ حياته ونشاطه الإقتصاديّ, مما يغنيه عن ذلّ السّؤال.
3 ـ تمنع الزّكاة الفقير من ارتكاب الجرائم ـ الّتي يدفعه إليها الفقر ـ فلا يسرق, ولا يفعل ما يغضب الله, لأنّه سيجد ما يمنعه من ذلك ولا يحيجه إليه.
4 ـ الزّكاة تلغي الحقد والحسد من نفوس الفقراء, لأنّهم يرون أنّ الأغنياء يقومون بدفع الزّكاة إليهم, فيحلّ الحبّ والوئام والطّمأنينة مكان الحقد والحسد في نفوس الفقراء والمحتاجين.
ج ـ فائدة الزّكاة ومردودها الإقتصادي على المجتمع:
1 ـ تنمّي روابط المحبّة والمودّة بين أفراد المجتمع, وتجعل هذا المجتمع واحداً متحدّاً كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً.
2 ـ تعالج الزّكاة مشكلة الفقر في المجتمع, من خلال تمكين الفقير من أدوات الإنتاج, من ناحية أخرى" يطالب الإسلام بقيام نظام دائم واجب في أيّ مجتمع, يضمن العون والمساعدة للعاجزين, الّذين تعوزهم الوسائل اللازمة للوصول إلى القوت الضّروري, كما أنّ الّذين يحتاجون إلى العون كي ينمكّنوا من العمل والإنتاج الإقتصادي, لابدّ أن ينالوا بغيتهم"( ). فالزّكاة لا تربّي عاطلين عن العمل, أو فئة تعيش على الصّدقات, وإنّما هي وسيلة لاستئصال الفقر من المجتمع, وذلك بتمكين الفقير من العمل.
3 ـ تلغي الفوارق في المجتمع: وذلك من خلال توزيع الثّروة, وعدم تركّز المال في أيدي الأغنياء, بل تعيد التّوازن إلى المجتمع, عن طريق إعادة توزيع المال على أفراد المجتمع, مما يقلّص عدد الفقراء فيه.
4 ـ تفتح الزّكاة المجال للأعمال الجديدة, وتقضي على البطالة ومشاكلها الكثيرة, الّتي تعاني منها المجتمعات, فالبطالة تكلّف الدّولة كثيراً, وتولّد الجريمة, وعدم المسؤوليّة لدى الأفراد العاطلين.
5 ـ تساهم الزّكاة في خدمة دين الإسلام, وفي تجهيز الجيش المسلم, ليحافظ على قوّة البلاد وهيبتها, وتدعم الجهود الّتي يبذلها الدّعاة لدين الله في كلّ أنحاء الأرض.
2 ـ موازنة بين الزّكاة والرّبا:
من خلال دراستنا السّابقة, نلاحظ فروقاً كثيرة بين الزّكاة والرّبا, لعلّ أهمّها:
1 ـ الزّكاة عبادة فيها خشية الله وتنفيذ أوامره. بينما الرّبا معصية لله, واتّباعٌ للشّهوات.
2 ـ الزّكاة فيها مواساة للضّعيف, وإحساس بآلامه, ومساعدة له على العيش الكريم. بينما الرّبا فيها استغلال لحاجة المحتاج ولظروفه الصّعبة, فلا يلجأ إلى الإستدانة بالرّبا إلّا من اضطرّته ظروفه لهذا, أو من كان عنده طموح ولايجد ما يحقق به هذا الطّموح إلّا بهذا الطّريق.
3 ـ نتيجة الزّكاة زيادة الإيمان, والسّماحة والرّحمة والمودّة في قلب المزكّي. ونتيجة الرّبا القسوة في القلب والأنانيّة والبخل الّذي يكون عليه المرابي( ).
4 ـ نتيجة الزّكاة توزيع المال, وازدياد النّشاط الإقتصادي. ونتيجة الرّبا الرّكود الإقتصادي, وتركّز المال عند فئة معيّنة دون غيرها.
5 ـ تعود الزّكاة بالخير على المزكّي, فتنمّي ماله وتزيده, حيث يدفع قسماً قليلاً ليحصل على مال وفير, ذلك من خلال تمكين الفقير من المشاركة في النّشاط الإقتصادي. بينما الرّبا يعطي المرابي ربحاً وهميّاً, فالمرابي عندما يسحب أموال غيره يؤثّر ذلك على النّشاط الإقتصادي, ويؤدّي إلى الرّكود, وعندما يحلّ الرّكود في المجتمع, فإنّ مال المرابي سوف يقلّ مع الزّمن, أو يفقد قيمته, فالرّبا ربح مظنون مؤقّت, ولكن فيها الدّمار والهلاك للمجتمع كلّه.
6 ـ الزّكاة تنمّي المودّة بين أفراد المجتمع, وتلغي بينهم الحقد والحسد. بينما الرّبا تفكك المجتمع, وتزرع البغضاء والتّشاحن بين أفراده, حيث يستغلّ بعضهم بعضاً, وتصبح نظرة أفراده نظرة ماديّة, خالية من الودّ والحبّ والتّعاون.
3 ـ هل يُلزم المسلمون بالتّعامل بالرّبا بحجّة اعتماد الإقتصاد العالمي عليه؟:
إنّ تعامل العالم بالرّبا أصبح حقيقة واقعة, والعالم الإسلامي اليوم انخرط في هذا النّظام, لأنّه لم يرى أمامه إلّا الإنخراط فيه, أو الإنعزال عن العالم. وبالطّبع فمضارّ الإنعزال كبيرة جدّاً, فهي تعرّض المجتمع للضّعف والضّياع. وفي الإنخراط في هذا الوضع وهذا التّعامل احتراء على حرمات الله, وضياع للدّين والدّنيا. والمجتمع الإسلامي من حقّه أن يحكّم دينه وشريعته في حياته, والإقتصاد هو المجال الأوسع الّذي تظهر فيه خصائص كلّ مجتمع.
والدّعوة إلى التّمسّك بالدّين, والتّعامل وفق قواعد الإقتصاد الإسلامي, ليست دعوة للإنعزال وعدم التّعامل مع الأمم الأخرى, إنّما هي دعوة إلى الثّقة بالنّفس, والثّقة بالدّين, والثّقة بالشّريعة. فنحن إذا رضخنا لهذا التّعامل بحجّة أنّ العالم كلّه يتعامل به فهذا دليل على ضعفنا وعدم ثقتنا بديننا, فهل إذا أصبح العالم كلّه كافراً لا يعترف بربّ, وأقام معاملاته على هذا الأساس, أيكون هذا عذراً للمسلمين لينكروا الله, ويخضعوا لهذه المعاملات حتّى لا ينعزلوا عن العالم؟!, طبعاً هذا لا يجوز.
إنّ امتناع المسلمين عن التّعامل بالرّبا, سوف يدفع الغرب ـ الّذي يرى في العالم الإسلامي سوقاً كبيراً ومجالاً واسعاً للإستثمار ومالاً كثيراً ـ للسّعي إلى ايجاد تعامل خاصّ مع العالم الإسلاميّ بعيداً عن الرّبا وعما حرّم الله. والغرب ـ كما نعلم ـ غايته المال, وهو يتبع مصلحته أينما وجدت, لذلك إذا كنّا خائفين من العزلة فهي لن تحصل, وإن حصلت فهي لوقت محدود وقصير, فإذا صبرنا وسعينا بكلّ جهودنا, فإنّنا سوف نثبت وجودنا, ونحكّم شريعتنا, ونلغي الرّبا من حياتنا للأبد. ولنا في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسوة حسنة, حين وضع الرّبا تحت قدمه, وألغاه من المجتمع, الّذي كان يعتمد عليه بشكل كبير, فقد جاء في الحديث عن سليمان بن عمرو عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع يقول: " ألا إنّ كلّ ربا من ربا الجاهليّة موضوع, لكم رؤوس أموالكم لا تُظلمون ولا تظلمون"( ).
فالرّبا موضوع في المجتمع المسلم, ومحرّم تحريماً قطعيّاً, لذلك لا يجوز التّعامل به تحت أي حجّة أو تبرير. قال عمر رضي الله عنه: " إنّ آخر ما أنزل الله آية الرّبا, والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قُبض قبل أن يفسّرها لنا, فدعوا الرّبا والرّيبة"( ). فدعو الرّبا والرّيبة.
الخاتمة : 1 ـ الرّبا محرّم في جميع الشّرائع, ولكنّ المصلحة والنّظرة الماديّة الّتي سيطرت على العالم الغربيّ شكّلت ضغطاً على القوى الدّينيّة من مسيحيّة ويهوديّة, وأصبح التّعامل بالرّبا عامّاً بعد ظهور القوانين الّتي تبيح التّعامل بالرّبا.
2 ـ الرّبا ضرر كلّه, وليس فيه فائدة لأحد ـ حتّى للمرابي نفسه ـ فالرّبا يسبب مشاكل كثيرة, أخلاقيّة واجتماعيّة واقتصاديّة. أمّا الرّبح الّذي يظنّ المرابي أنّه حصل عليه فهو ربح مؤقّت, سوف ينتهي لا محالة إلى فقر وخراب للعالم.
3 ـ الإسلام رفض الرّبا رفضاً باتّاً وألغاه, ومنع التّعامل به تحت أي حجّة, وذلك انسجاماً مع نظام الإسلام ومقاصد الشّريعة, الّتي تحرّم كلّ ما فيه ضرر وظلم للناس.
4 ـ العالم الإسلاميّ يخضع للرّبا الآن, ويبرر ذلك بالمصلحة والخوف من العزلة الإقتصاديّة, ولأنّ العالم كلّه أصبح يتعامل بالرّبا, وكلّ هذه التّبريرات غير مقبولة, فالعالم الإسلاميّ عالم ضعيف يتبع العالم القوي, ولا يريد أن يقف موقفاً صارماً لإلغاء الرّبا.
5 ـ في نظام الإسلام من ناحية الإقتصاد نقاط هامّة, ومبادئ عامّة نستطيع من خلالها بناء اقتصاد متين, خالٍ من الرّبا والإستغلال, ونستطيع أيضاً أن نصبح من خلاله قوّة اقتصاديّة عالميّة.
6 ـ الزّكاة فيها خير كثير, وهي ركن من أركان الإسلام, ونستطيع من خلال تنفيذها بشكلها الصّحيح, أن نسدّ حاجات كثيرة للدّولة والأفراد, بدل اللجوء إلى الرّبا الّذي يزيد المشاكل تعقيداً ولا يحلّشيئاً منها.
أخيراً نتذكّر الآية الكريمة: "فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً * وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً"( ).
نسأل الله الثّبات على الحقّ, والإعتبار من الغير, وندعو الله: "رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ"( ).
فهرس الموضوعات
المقدّمة.......................................... ................................2
تمهيد:
أهميّة الإقتصاد في حياة الأمم............................................. .........4
الإقتصاد العالمي الجديد, وقيامه على الرّبا, كيف؟ ولماذا؟............................4
الفصل الأوّل:
المبحث الأوّل:
1 ـ تعريف الرّبا لغة وشرعاً وأنواعها.......................................... ..8
2 ـ تعريف الرّبا في الإقتصاد وكيف برّر الإقتصاديون الرّبا.........................9
المبحث الثّاني:
حكم الرّبا في الإسلام وفي الدّيانات السّماويّة السّابقة...............................10
المبحث الثّالث:
1 ـ مخاطر الرّبا وأسباب تحريمها........................................... .......13
2 ـ نظرة الإقتصاديين للرّبا............................................ ..........16
3 ـ رد على تبريرات الإقتصاديين للتّعامل بالرّبا...................................16
الفصل الثّاني:
المبحث الأوّل:
سياسة الإسلام بالنّسبة للإقتصاد.......................................... ........19
المبحث الثّاني:
الزّكاة, تعريفها وحكمها............................................ ............25
المبحث الثّالث:
1 ـ فائدة الزّكاة ومردودها الإقتصادي......................................... .27
2 ـ موازنة بين الزّكاة والرّبا........................................... .........29
3 ـ هل يلزم المسلمون بالتّعامل بالرّبا بحجّة اعتماد الإقتصاد العالمي عليه؟...........29
الخاتمة .................................................. .......................31
الفهارس:
فهرس الموضوعات......................................... .....................32
فهرس المصادر والمراجع.......................................... ................33
فهرس المصادر والمراجع
1 ـ القرآن الكريم
2 ـ الكتاب المقدّس
3 ـ أحمد محمّد جمال, محاضرات في الثّقافة الإسلاميّة, دار الكتاب العربي, بيروت, ط6, 1403/1983.
4 ـ مسند أحمد, تحقيق عبد الله محمّد الدّرويش, دار الفكر, دمشق, 1411/1991.
5 ـ أبو الأعلى المودودي, النّظام الإقتصادي في الإسلام, لجنة مسجد جامعة دمشق, قسم النّشر 65.
6 ـ البيهقي, شعب الإيمان, تحقيق أبو هاجر محمّد السّعيد بن بسيوني زغلول, دار الكتب العلميّة, بيروت, 1410/1990.
7 ـ التّرمذي, صحيح التّرمذي, مكتب التّربيّة العربي لدول الخليج, الرّياض, 1408/1988.
8 ـ الخازن, لباب التّأويل في معاني التّنزيل, دار الكتب العربيّة الكبرى, القاهرة, 1328هـ.
9 ـ سنن الدّارمي, تحقيق وشرح مصطفى البغا, دار القلم, دمشق, ط3, 1417/1996.
10 ـ سنن الدّارقطني, تحيق مجدي بن منصور بن سعيد الشّورى, دار الكتب العلميّة, بيروت, 1417/1996.
11 ـ سنن أبو داود, تحقيق محمّد محي الدّين عبد الحميد, المكتبة العصريّة, بيروت ـ صيدا.
12 ـ عبد الله عبد الرّحيم العبّادي, موقف الشّريعة من المصارف الإسلاميّة المعاصرة, المكتبة العصريّة, بيروت ـ صيدا, 1401/ 1981.
13 ـ ابن عبد البرّ القرطبي, الكافي في فقه أهل المدينة المكّي, دار الكتب العلميّة, بيروت.
14 ـ عبد الكريم الخطيب, السّياسة الماليّة في الإسلام, دار المعرفة, بيروت, 1395/1975.
15 ـ عبد الرّحيم بوادقجي, مبادئ في علم الإقتصاد والمذاهب الإقتصاديّة, مطبعة الدّاودي, دمشق , 1408/1988.
16 ـ علي محمّد العمّاري, الزّكاة ـ فلسفتها وأحكامها, دعوة الحقّ ( ذو الحجّة, 1414), منشورات رابطة العالم الإسلامي, ط2.
17 ـ أبو الحسن علي الحسني النّدوي, الأركان الأربعة, دار القلم, الكويت, ط3, 1415/1994.
18 ـ ابن قدامة, المغني, مكتبة الرّياض الحديثة, الرّياض, 1401/1981.
19 ـ سنن ابن ماجة, تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي.
20 ـ الماوردي, الحاوي الكبير في فقه الشّافعي, تحقيق علي محمّد معوّض وعادل أحمد عبد الموجود, دار الكتب العلميّة, بيروت.
21 ـ محمّد عبد المنعم الجمّال, موسوعة الإقتصاد الإسلامي, دار الكتب الإسلاميّة, القاهرة, دار الكتاب المصري, بيروت, ط2, 1406/1986.
22 ـ محمّد بن أبي العبّاس الشّافعي الصّغير, نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج, المكتبة الإسلاميّة.
23 ـ محمّد باقر الصّدر, اقتصادنا, دار التّعارف للمطبوعات, بيروت, ط14.
24 ـ المرغيناني, الهداية شرح بداية المبتدئ, المكتبة الإسلاميّة.
25 ـ مصطفى البغا, فقه المعاوضات, مطبعة جامعة دمشق, دمشق, 1409/1989.
26 ـ مصطفى البغا, بحوث في نظام الإسلام, مطبعة جامعة دمشق, دمشق, ط3, 1409/1989.
27 ـ ابن منظور, لسان العرب, دار المعارف, القاهرة.
28 ـ النّسفي, مدارك التّنزيل وحقائق التّأويل, دار الكتب العربيّة الكبرى, القاهرة, 1328هـ.
29 ـ نور الدّين عتر, المعاملات المصرفيّة والرّبويّة وعلاجها في الإسلام, مؤسّسة الرّسالة, بيروت, ط5.
30 ـ وهبة الزّحيلي, مفهوم المال والإقتصاد في الإسلام, مجلّة نهج الإسلام, العدد 49 ( 13, 1413/1992 ).
31 ـ يوسف القرضاوي, مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام, مكتبة الأقصى, عمّان, دار العربيّة, بيروت, 1386/1966.
32 ـ يوسف القرضاوي, الخصائص العامّة للإسلام, مؤسّسة الرّسالة, بيروت, ط8, 1414/1993.

الموضوع الأصلي : الرّبا وبدائله في الإسلام الكاتب : AlexaLaw المصدر : منتديات عالم القانون
التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
 

الرّبا وبدائله في الإسلام

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

+
صفحة 1 من اصل 1

.:: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ::.


      هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة     
odessarab الكلمات الدلالية
odessarab رابط الموضوع
AlexaLaw bbcode BBCode
odessarab HTML HTML كود الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم القانون :: منتدى AlexaLaw لعالم القانون :: القانون و الشريعة الإسلامية-
انتقل الى:  
الإسلامي العام | عالم القانون | عالم الكتاب و الثقافة العامه | التجاره و المال و الأعمال | البرامج و تكنولوجيا المعلومات | تطوير المواقع و المدونات | الترفيهي و الإداري العام

Powered by AlexaLaw.com ® Phpbb Version 2
Copyright © 2010
.:: جميع الحقوق محفوظه لمنتدى عالم القانون © ::.

.::جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه و إنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه في حدود الديمقراطيه و حرية الرأي في التعبير ::.