عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .


عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .



عالم القانون

العدل أساس الملك - Justice is the basis
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
TvQuran
نفحات من التشريع الاسلامى  110
AlexaLaw on facebook
نفحات من التشريع الاسلامى  110
نفحات من التشريع الاسلامى  110
نفحات من التشريع الاسلامى  110
نفحات من التشريع الاسلامى  110
نفحات من التشريع الاسلامى  110

شاطر | 
 

 نفحات من التشريع الاسلامى

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655172

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

نفحات من التشريع الاسلامى  1384c10


الأوسمة
 :


نفحات من التشريع الاسلامى  Empty
مُساهمةموضوع: نفحات من التشريع الاسلامى    نفحات من التشريع الاسلامى  I_icon_minitime30/7/2010, 22:48

خيارات المساهمة


نفحات من السيره العطره



سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم-
محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- سيد الخلق وإمام الأنبياء، وحامل خاتم رسالات رب العالمين إلى الناس، النبى الأمى الذى سنتجول فى دروب حياته، نتنسم سيرته، ونتعقب خطواته، ونتسمع أخباره، ونسعى فى صحراء الجزيرة العربية نبحث، ونفتش ونقلب كتب التاريخ كى نتلمس آثاره، وفى رحلتنا تلك سنشاهد أحوال العالم قبل البعثة، ونطالع فصول حياته قبل نزول الوحى، ونتفهم كيف بدأ الدعوة سرًا؟، وكيف جهر بها؟، وكيف خرج بها من مكة؟، بل كيف خرج هو -صلى الله عليه وسلم- من مكة مهاجرًا إلى مدينته المنورة، حيث أسس لدعوته الدولة التى تحملها للناس، وسنرى كيف جاهد ببسالة كفار قريش؟ دفاعًا عن مدينته، حتى وقعت بينهما الهدنة. وما كسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعدها قط، وما خلد إلى الراحة فى دولته، بل جعل الهدنة فرصة ليثبت أمر الدين، وينشر نور الحق، إلى أن كان الفتح، وكان دخول الناس فى دين الله أفواجًا. وفى رحلتنا تلك لن ننسى أن نلمح بيته ونعرف صفته، وندرك ماجعل الله على يديه من معجزات براقة.

العالم قبل البعثة
قد يألف المرء النعمة، وقد تأنس عيناه النور؛ لكنه لن يعرف حمدًا حتى يدرك سلب النعمة وفوات النور، والناظر فى دنيا الإسلام لن يعرف فضله حتى يبصر كيف تهاوى الإنسان فى القرنين السادس والسابع فى أودية الظلم، وكيف تردى فى درب الشيطان، حين فقد عقله، وخفت فى الصدر نور قلبه، وجعل على عينيه غشاوة كفر تحجب عنه الإيمان. ذلك ما وصل إليه الأمر فى الحضارات السابقة المختلفة، وما وصل إليه الحال فى أمم العرب قبل البعثة

الحضارات السابقة
ما أشقى الإنسان حين يبتعد عن منهج ربه، يزعم أنه يعلى من شأن عقله، ويحرر إرادته، فإذا عقله يرتع فى أودية الضلال، ويحشى بالأساطير والخرافات، وإذا هو مكبل بقيود أطماعه وشهواته، وشرائعه العقيمة التى سنها لنفسه، ثم أنت تتلفت فى دياره التى خلف، وآثاره التى ترك، تبحث عن حضارته، فلا تجد إلا أحجارًا منحوتة، ورسومًا منقوشة، وأعمدة شاهقة، وأبنية سامقة، فإذا فتشت عن الإنسان وجدته حائرًا ضائعًا ليس فى قلبه إلا الجزع، وما فى عقله إلا الخواء، فأين الحضارة إذن؟! ذلكم ما آل إليه أمر العالم قبل البعثة. الفرس فى المشرق، والروم فى المغرب، ثم إذا أنت توغلت فى آسيا صادفتك أممها الوسطى، ثم الهند والصين فى أقصى شرقها، فإذا أنت عرجت إلى أوروبا لم تجد ما يبهج فؤادك، وقد تتساءل عن حملة رسالة موسى
-عليه السلام-، فلا تجد أمامك إلا اليهود وهم فى أشقى حال، وقد تأخذك قدماك إلى الحبشة فى إفريقيا، أو إلى مصر أقدم الحضارات، فلا تجد فى هذا القرن الميلادى السادس إلا ما يدمى قلبك ويدمع عينيك، لكن لعلها كانت ظلمة الليل البهيم التى تنبئ عن فجر يشرق بعدها!.

الفرس
كان الفرس يعبدون الله ويسجدون له، ثم أضحوا يمجدون الشمس والقمر وأجرام السماء، ثم جاءهم "زرادشت" فدعاهم إلى التوحيد بزعمه، وأمرهم بالاتجاه إلى الشمس والنار فى الصلاة، وظل من بعده يشرعون لهم حتى انقرضت كل عقيدة وديانة غير عبادة النار، واقتصرت عبادتهم تلك على طقوس يؤدونها فىالمعابد، ثم إذا خرجوا منها تقاذفتهم أمواج الباطل ورياح الضلال فى كل سبيل، وأمام فساد الفرس ظهرت دعوة "مانى" فى القرن الثالث الميلادى -بمنافسة النور والظلمة- فحرم الشهوات بالكلية لأنها من الظلام، ودعا باستعجال الفناء انتصارًا للنور، وهو ما أجابه إليه ملكهم حين قتله!! وظل أتباعه بفارس إلى حين الفتح الإسلامى، وظهرت من بعده دعوة "مزدك" بأن المال والنساء مشاع مباح كالكلأ والنار والماء! وما زالت دعوته تلك تظهر حتى صار الرجل لا يعرف ولده، والولد لا يعرف أباه، والمرء يغلب على بيته بمن يشاركه ماله ونساءه فى كل وقت وفى كل حين، أما بالنسبة للنظام الاجتماعى فقد عرف الفرس نظام التميز الطبقى فى أقسى صوره، وكان مركز المرء يحدد بنسبه، فلا يستطيع أن يتجاوزه، أو يغير حرفته التى خلق لها بزعمهم الباطل. وفيما يخص النظام المالى، فقد كان نظامًا جائرًا مضطربًا، يعتمد على الجباية والضرائب الباهظة، التى أثقلت كاهل الناس، حتى أدركوا أشغالهم ففشت فيهم البطالة وكثرت بينهم الجناية، وكان الفرس يقدسون أكاسرتهم، ويعتقدون فى ملوكهم الألوهية، وأن لهم حقـًا لا ينازع فيه فى التاج والإمارة، وكثرت كنوز ملوكهم فى الوقت الذى عانت فيه شعوبهم من شظف العيش. وروى عن "خسرو الثانى" أنه كان فى خزانته ثمانمائة مليون مثقال ذهب فى العام الثالث لجلوسه على العرش، أما "كسرى أبرويز" فكانت له اثنتا عشرة ألف امرأة، وخمسون ألف جواد وما لا يحصى من أدوات الترف والقصور. والعجيب أن الفرس مع ذلك كانوا يمجدون قوميتهم، ويعتقدون أنها اختصت دون سواها بالشرف فى الوقت الذى كانوا ينظرون فيه إلى الأمم من حولهم نظرة ازدراء وامتهان.

الروم
كان المجتمع الرومى يخضع لنظام طبقى جائر لا يتطلع فيه المرء لمن فوقه ولا يحق له أن يغير مهنته وحرفته التى يرثها من أبيه، وقد تعاظمت الضرائب والإتاوات على أهل البلاد، حتى مقت الناس حكوماتهم، وحدثت لذلك ثورات عظيمة واضطرابات، حتى إن ثلاثين ألفًا من البشر قد هلكوا فى اضطراب عام اثنين وثلاثين وخمسمائة من الميلاد وحده، وقد انحطت الدولة وتردت للهاوية من كثرة ما انتشر فيها من الرشوة والخيانة، وما ضاع فيها من العدل والحق، فضاعت التجارة، وأهملت الزراعة، وتناقص العمران فى البلدان. أما أهل الرياسة والشرف فقد استحوذت عليهم حياة الترف والبذخ، وطغى عليهم بحر المدنية المصطنعة والحياة المزورة، وارتفع مستوى الحياة وتعقدت الحياة تعقدًا عظيمًا. وكان الواحد منهم ينفق على جزء من لباسه ما يطعم قرية بأكملها. أما عن علاقة المملكة بما يخضع لها من بلدان، فكان المبدأ تقديس الوطن والشعب الرومى، وغيرهما له الاستعباد، أو الفقر والاضطهاد، وكان من أنكر ما فعلته هذه الدولة تحريفها للمسيحية، وتحويلها إلى سفسطة عقيمة، وحروب أليمة

تحريف المسيحية
أغارت وثنية روما على المسيحية فجعلتها مسخًا مشوهًا، فلا هى وثنية وقحة، ولا هى توحيد سليم، جمعت أشتاتًا من هنا وهناك طمس "بولس" نورها، وقضى "قسطنطين" على بقاياها، فعادت تجمع أخلاطًا من عقائد اليونان، والروم، والمصريين القدماء، ومع ذلك تفرق أتباعها شيعًا وأحزابًا، يحارب بعضهم بعضًا، حاملين بين جوانحهم كل عداوة وكل بغضاء، ولعل أشد مظاهر هذا الخلاف ما كان بين "المنوفيسيين" فى مصر، و"الملكانيين" فى الشام وروما، فبينما اعتقد الفريق الأول بالطبيعة الواحدة للسيد المسيح، إذ أصر الفريق الثانى على ازدواجها!! وقد حدثت فى الحروب بينهما أهوال عجيبة، حتى جاء هرقل والذى حكم من سنة عشر وستمائة إلى سنة إحدى وأربعين وستمائة من الميلاد (641/610م) وأراد أن يجمعهم على وحدانية إرادة الله وقضائه، فى مذهبه "المنوتيلى"، فاجتمعوا على الأولى واختلفوا فى الثانية، فتجددت بينهم الحروب وذكت نارها المشئومة

أمم آسيا الوسطى
لم يعرف عن هذه الأمم حضارة تذكر، أو نظام يشار إليه، وإنما كانت بوذية فاسدة، ووثنية همجية، لا تملك ثروة علمية، أو نظامـًا سياسيًا راقيًا، ومن أمثلة هذه الأمم الترك والمغول

الهند
يقول الرحالة الصينى "هوئن سوئنج" واصفًا الاحتفال العظيم الذى أقامه الملك "هرش" حاكم الهند من سنة ست وستمائة إلى سنة سبع وأربعين وستمائة من الميلاد(606م/647م): أقام الملك احتفالاً عظيمًا فى قنوج اشترك فيه عدد كبير جدًا من علماء الديانات السائدة فى الهند، وقد نصب الملك تمثالاً ذهبيًا لبوذا على منارة تعلو خمسين ذراعًا، وقد خرج بتمثال آخر أصغر لبوذا فى موكب حافل قام بجنبه الملك "هرش" بمظلة، وقام الملك الحليف "كامروب" يذب عنه الذباب. ويكفيك هذا الوصف لهذين الملكين وهما يظلان إلههما من الشمس ويدفعان عنه شر الذباب؛ لتعلم ما آلت إليه عقول هؤلاء القوم فى دينهم. لقد بلغت الوثنية أوجها فى القرن السادس الميلادى حيث تعددت الآلهة من أشخاص تاريخية، وجبال، ومعادن، وأنهار وآلات للحرب، وآلات للكتابة، وآلات التناسل، وحيوانات أعظمها البقرة، والأجرام الفلكية، وغير ذلك إلى أن بلغت ثلاثين وثلاثمائة مليون. واستعرت فى أركان الهند وجنباتها الشهوة الجنسية الجامحة حتى عبد الهنود آلة التناسل لإلههم الأكبر "مهاديو" فصوروها صورة بشعة، واجتمعوا للاحتفال بها رجالاً ونساءً، شيوخًا وشبابًا وأطفالاً !!، وعادت دور العبادة مكانًا يمارس فيه الكهنة والفساق فجورهم وخلاعتهم، فضلاً عن سائر الأماكن فى البلاد. ولم يعرف فى تاريخ الأمم نظام طبقى أعتى وأقسى منه فى الهند، وسن لذلك قانون يدعى "منوشاستر" قسم الناس بمقتضاه إلى طبقات أربع، يتمتع أعلاها بكل المزايا، ولا يبقى لأدناها إلا الذل والاستعباد، وتردت أوضاع المرأة فى هذا المجتمع حتى إن الرجل كان يخسر زوجته فى القمار، ولا يبقى للمرأة بعد وفاة زوجها إلا أن تصبح أمة فى بيت زوجها المتوفى تخدمهم دون حق فى متاع أو زواج أو تحرق نفسها خلفه هربـًا من عبوسة الدنيا وذلِّ الحياة.

الصين
عجيب أمر ذلك الإنسان حين يفقد عقله، وتتقاذفه أمواج الأيام، حتى يجد نفسه على شاطئ فكرة يعتقدها، ويؤمن بها، ويخلص لها، دون أن يدرى كيف وصل إليها، أو كيف وصلت إليه!! هكذا كان حال أهل الصين، حين تخبطوا بين ديانة "لاوتسو" المغرقة فى النظريات، وديانة "كونفوشيوس" التى عنيت بالعمليات، فكانت تعاليمَ تدار بها شئون الدنيا والأمور السياسية والمادية والإدارية، دون اعتقاد فى وجود إله، ثم الديانة "البوذية"، والتى بدأت كحكم بسيطة وبليغة، ثم ما لبثت أن شابتها الخرافة، وخالطتها الوثنية الحمقاء بتماثيلها، وضاعت بين أركانها فكرة الإله!! حتى إن مؤرخى هذه الديانة لا يزالون فى شكِّ من وجوده بها، وحيرة من قيام دين على أساس رقيق من الآداب، التى ليس فيها الإيمان بالله

أوربا
السائر فى دروب تاريخ أوربا الشمالية الغربية، لا يعرف لقدميه موطئًا أو سبيلاً، ذلك لأنه يتجول فى ديار خيمت عليها سحائب الظلام، واكتنفتها حروب ومعارك لا توصف إلا بالوحشية والضراوة. وبالاختصار، كانت أوربا فى هذه الحقبة بمعزل عن الحضارة، لا تعرف عن العالم، ولا يعرف العالم المتمدن عنها إلا قليلاً.

اليهود
بين آسيا وإفريقيا وأوربا انتشراليهود، وعلى ما كان فى أيديهم من مادة فى الدين، وقرب لفهم مصطلحاته ومعانيه، إلا أن ذلك لم يثمر حضارة تذكر، أو نظامًا يشار إليه. قضى عليهم أن يتحكم فيهم غيرهم، وأن يكونوا عرضة للاضطهاد والنفى والبلاء، وفشت بين أممهم أخلاق الخنوع عند الضعف، والبطش عند الغلبة، والقسوة والأثرة، وأكل المال بغير الحق، والجشع وتعاطى الربا، والنفاق، والصد عن سبيل الله. وبهذا الانحطاط النفسى، والفساد الاجتماعى، عزلوا عن إمامة الأمم، وقيادة العالم. ورغم أن أقرب ديانة لهم فى الأرض كانت المسيحية
-فكلاهما من مشكاة واحدة خرجت- إلا أن عداء بين اليهود والنصارى لم يكن يهدأ إلا ليعاود الاستمرار من جديد .

العداء بين اليهود والنصارى
الناظر فى تاريخ العداء بين اليهود والنصارى، يجزم بلا ريبة، ويقسم بلا شك، أن مثل هذه القسوة وتلك الضراوة فى العداء والاعتداء لم تعرف أو تحدث على الأرض فى مملكة من ممالك الحيوانات، لقد كانوا يوقعون ببعضهم البعض، ويتحينون الفرص، ويهدمون فى ساعة ما وقع تحت أيديهم من معابد، ويقتلون ما وصلت إليه سيوفهم من أرواح، فكيف يكون لإحداهما إذن حق فى قيادة البشرية؛ لتحقيق رسالة الحق والعدل والسلام؟!.


الحبشة
كانت الحبشة على المذهب "المنوفيسى" المصرى للنصرانية، والعجيب أنها على تنصرها كانت تعبد أوثانًا كثيرة، استعارت بعضها من الهمجية، فخلطت هذا بذاك. ولم تكن أمة ذات روح فى الدين، أو طموح فى الدنيا، حتى إنه لم يكن لها استقلال بأمورها الدينية إنما هى تابعة لكرسى الإسكندرية

مصر
على عراقة حضارتها، وكثرة خيراتها، إلا أن مصر قد طحنت فى عهد الرومان بين استبداد سياسى، واستغلال اقتصادى، واضطهاد دينى. ففى مجال السياسة لم يكن لها من أمرها شىء، ومجال الاقتصاد لم تعرف عنها روما سوى أنها شاة حلوب تستنزف مواردها، وتمتص دمها -كانت ضرائبهم الباهظة على كل شىء، حتى على النفوس، وكان فلاحو مصر يكدحون لرفاهية وترف الحفـنة الباغية فى روما، والعجيب أن الحرب الشرسة التى قامت بين المصريين والرومان، لم يكن القصد منها التحرر السياسى، أو البحث عن العدل الاقتصادى، إنما كانت نارًا تذكيها الخلافات الدينية، والمجادلات العقيمة. كان الناس لا يأبهون إلا بخلاف العقيدة، يخاطرون فى سبيلها بحياتهم، ويتعرضون من أجلها فى عشر سنين لما ذاقته أوروبا فى عهد التفتيش لعقود عديدة، وقع خلال هذه الحرب ما تقشعر منه الجلود من تعذيب وإغراق، وإحراق بالمشاعل، وتفنن فى الإبادة والتعذيب، حتى إنهم كانوا يصفون المصريين فى أكياس الرمل ثم يلقون بهم فى اليم. وبالجملة، لم تعرف مصر النصرانية فى عهد روما المسيحية إلا أشد الشقاء، وأقسى العذاب

العرب قبل البعثة
إنها لآية عظيمة من آيات الإسلام، حين يأتى قوم ما كان أحد يسمع عنهم إلا البداوة والشقاوة، فلا تمر بهم إلا سنون معدودة، فإذا نورهم يغمر الأرض بأقطارها، وإذا حضارتهم تسود ويقتبس منها كل أحد. سكن العرب جزيرتهم المعروفة، وانقسم أقوامهم إلى ثلاثة أقسام: العرب البائدة: كعاد، وثمود، وعملاق، وسواها ممن لا يعرف عن تفاصيل تاريخهم شىء، والعرب العاربة أو القحطانية: أبناء يعرب بن يشجب بن قحطان، والعرب المستعربة أو العدنانية: أبناء إسماعيل -عليه السلام-. وكان للعرب فى جزيرتهم أوضاعهم السياسية، والدينية، والاجتماعية، والاقتصادية، والخلقية، التى تميزوا بها، والتى يلزم معرفتها لإدراك الواقع الذى واجهه الإسلام وهو بعد فى مهده الأول: مكة المكرمة شرفها الله

الحالة السياسية
لم يكن للعرب فى يوم من الأيام قبل الإسلام أمة واحدة تجمع شعثهم، وتضم أطرافهم، بل كانوا قبائل متناثرة، فرقتها الصحراء الشاسعة بمفاوزها، وجبالها، وأفنتها الحروب المستعرة، والتى كانت تقوم بينها على أتفه الأسباب وأهونها. كان العرب حينئذ إحدى فرق ثلاث، أما الفريق الأول فيضم الملوك: آل غسان، وملوك الحيرة، وملوك اليمن. وهم ملوك وضعت فوق رؤوسهم التيجان، وسلب من أيديهم الاستقلال، فكان ملوك الحيرة تابعين لحكم الفرس، وكان ملوك آل غسان تابعين لحكم الروم، أما ملوك اليمن فقد تقاذفتهم أيدى الروم والأحباش تارة، والفرس أخرى، إلى أن اعتنق ملكهم الفارسى "بازان" الإسلام، فانتهى نفوذ الفرس على اليمن. وأما الفريق الثانى: فتمثل فى حكومة الحجاز والتى كانت لقريش، وقد كانت خليطًا من الصدارة الدنيوية، والزعامة الدينية، وكان العرب ينظرون إليها -على ضعفها- نظرة تقدير واحترام، وقسمت قريش بعد وفاة قصى بن كلاب المناصب بين ولديه عبد مناف وعبد الدار، فكان لبنى عبد مناف السقاية والرفادة، وجعلوها لهاشم بن عبد مناف، وكان لبنى عبد الدار دار الندوة واللواء والحجابة، وكان لقريش مناصب عدة سوى ذلك وزعوها فيما بينهم، وأما الفريق الباقى فيشمل سائر القبائل العربية المتناثرة فى الجزيرة، ومنهم من جاور غساسنة الشام، أو ملوك الحيرة، فتبعهم اسمًا لا فعلاً، ومنهم من ظل حرًا مطلقـًا داخل الجزيرة، وهؤلاء وأولئك كانوا يسمعون لرئيسهم ويطيعون، فترى القبيلة عن بكرة أبيها تسالم من سالم، وتحارب من حارب، لا تسأله، ولا تراجعه فى أمر، وهى فى ذلك تختصه بمزايا لا تكون لغيره، كحقه فى ربع الغنيمة وغيرها.

الحالة الدينية
كانت العرب تعبد الله وتوحده، متبعةً فى ذلك دين أبيهم إسماعيل -عليه السلام-، ثم جاء عمرو بن لحى رئيس خزاعة لهم بصنم رآه فى الشام فأعجبه، فجعلوه فى جوف الكعبة، يقدسونه، ويطلقون عليه هبل!! ولم تمض سنوات قلائل حتى اختلط حق إسماعيل بخرافات ابن لحى ومن طاوعه، فملأ الحرم بالأصنام حتى بلغ عددها ثلاثمائة وستين صنمـًا بعدد أيام السنة، وصار لكل قبيلة، بل لكل بيت صنم، يقدسونه، ويتعبدون له، وأصبحوا يعكفون على أصنامهم تلك، يبتهلون لها، ويستغيثون بها، ويطوفون حولها، بل ويتقربون إليها بالذبائح والحرث والأنعام، وكانوا إلى ذلك يستقسمون بالأزلام، ويضربون الميسر والقداح، ويؤمنون بأخبار الكهنة والعرافين ومن زعم التنجيم، وصارت فيهم الطيرة وهى التشاؤم بالشىء-، وعبادة النجوم والكواكب، وإنكار البعث والمعاد، وما عادوا يعرفون عن ربهم إلا النذر اليسير من بقايا حنيفية إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام-. وإلى جانب الأوثان ظهرت اليهودية فى الجزيرة العربية، حتى قيل إن عدد قبائل اليهود ربا على العشرين، كما دخلت اليمن على يد "تبان أسعد أبى كرب" الذى ذهب محاربـًا إلى يثرب فتهود، وعاد ينشر دعوته. وظهرت النصرانية فى اليمن على يد الأحباش، وانتشرت فى نجران على يد رجل زاهد صالح يسمى "فيميون"، كما دانت بها الغساسنة، وقبائل تغلب، وطىء، وغيرهم؛ لمجاورة الرومان. ومع هذه الديانات كان للمجوسية نصيب فى أرض العرب المجاورة لفارس، وعند بعض رجالات اليمن زمن احتلالها الفارسى، كما بقيت بعض آثار هزيلة للصابئية - وهى ديانة لقوم إبراهيم الكلدانيين- مختلطة مع المجوسية أو مجاورة لها

الحالة الاجتماعية
مجتمع تفككت أوصاله، وانحلت أواصره، وتحطمت جدرانه، هو مجتمع لم يبق له من صفة المجتمعات إلا الاسم فحسب. هكذا كان الحال فى مجتمع العرب الجاهلى حين أصابته الأدواء الاجتماعية، فلم تتركه إلا وقد أصبح حطامـًا، انتشر فيهم الزنا وفشا فيهم، حتى ما كانوا يستترون منه، إنما يعلقون على دوره الأعلام ويغشونها، وكانوا يئدون بناتهم خشية العار، ويقتلون أبناءهم خشية الفقر، يعاقرون الخمر، ويحتفون بها، حتى شغلت كثيرًا من أشعارهم، ويتبارون فى مجالس الميسر، حتى يعدون عدم المشاركة فيها عارًا، وانحدرت أوضاع المرأة عندهم إلى قاع سحيق، وشاع فيهم الرق كقانون من قوانين الحياة، وأصاب بنيانهم التفكك الاجتماعى حتى تناثرت أشلاؤه، ثم أنت إذا عدوت تفتش عن مؤسساتهم الاجتماعية، فى التعليم، والقضاء، والطب، وغيرها، لم تجد شيئًا يذكر، أو وجدت هياكل على عروشها، إذا ولجت فيها لم تظفر إلا بالخواء

المرأة
باستثناء بعض أوساط الأشراف الذين احتفظوا للمرأة بمكانتها بينهم، لم يكن للمرأة فى أرض العرب حق يعترف به، أو قوة تستند إليها. إذا ولدت سبق النور إلى بصرها وجه أبيها وقد علاه الحزن، وكساه الهم العميق، وقد يقضى عليها دون ذنب أو جريرة ألا تستمر فى الحياة أكثر من دقائق أو ساعات توأد بعدها، ويهال على وجهها البرىء التراب، فإن فرت من خطر الوأد لم يبق لها إلا حياة هى أقرب للموت منها للحياة، فكانت التى لم توأد مرة تمتد بها الحياة لتوأد فى كل يوم ألف مرة !! إن أراد وليها أن ينكحها فلا رأى لها أو نظر، وإن أراد زوجها أن يعلقها فيطلقها ثم يعيدها ثم يطلقها فيعيدها دون نهاية لذلك الوضع المهين، لم يبق لها إلا أن تستسلم وتنتظر، ثم إذا مات عنها زوجها ورثها مع متاعه ابنه أو أخوه، أو حبسها أهله لتكون فى خدمتهم وطاعتهم، فإن أرادت أن تتاجر وتشارك الرجال أسواقهم، طفف معها فى المكيال، وأصابها الظلم غير مستتر!، ثم هى مع هذا كله لا يحق لها طعام الرجال وشرابهم، إنما يتركون لها ما خلفته الموائد، وعافه النظر، فكأن المرأة فى هذه الأرض ليست إلا وسيلة متعة لرجال ليس لها عندهم إلا الظلم والقسوة والبطر

الرق
قبل بزوغ شمس الحق -رسالة محمد صلى الله عليه وسلم- على الدنيا كان الرق واقعًا يسرى بين الناس دون دهشة أو إنكار، فى الدولة الرومانية وغيرها، بين اليهود الذين نظموا أساليب الاسترقاق وفقًا لتعاليم التوراة بزعمهم الباطل، وبين النصارى الذين يطالعون رسالة "بولس" إلى أهل أفسس فيقرؤون فيها: أيها العبيد أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة!! فى بساطة قلوبكم للمسيح، ولا بخدمة العين كمن يرضى الناس، بل كعبيد المسيح، وهكذا كان شأن العرب، يسترقون الأحرار بحد السيوف فى المعارك، أو بالخطب والحيلة والغدر فى أحوال أخرى. ما كان أحد يتحدث عن الرقيق إلا باعتبارهم متاعًا يحق لسيده فيه التصرف كما يحلو له، حتى إن أراد أن يزهق روحه لم يلمه فى ذلك لائم، أو يعتب عليه عاقل، تكره الإماء على ممارسة البغاء؛ ليحصل سادتها الأجور، ويساق العبيد إلى العمل الشاق كما تساق البهائم والشياه، والأعجب من هذا كله ألا يسمع بين الرقيق صوت لمعارض أو ممانع!! كيف وهم يعلمون أنها قوانين الحياة وطبيعتها.

التفكك الاجتماعى
لئن كانت صحراء الجزيرة العربية قد باعدت بين قبائل العرب وبطونها، فإن نظام العرب الاجتماعى كان أشد فرقة، وأكثر تشتتًا. لم يكن العربى يعرف سوى قبيلته، وما كانت تحركه سوى عصبيته الشديدة لها، يسالم من سالمت، ويحارب من حاربت، شعاره فى ذلك المثل العربى القائل: انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا. هان دم العربى على العربى، ودفعتهم طبيعتهم البدوية لحروب ضروس، ومعارك شرسة، امتد بعضها عقودًا عدة، وما حركها وأشعل نارها سوى الأسباب التافهة، والعقول السمجة، ألوفًا من الأرواح أزهقتها حرب داحس والغبراء، وما أشعلها سوى رهان بين فرسين، وأربعون عامـًا من القتال بين بكر وتغلب، وما بدأها سوى قتل كليب لناقة البسوس. وما اكتفوا بتفرقهم القبلى فحسب، بل قسمهم ترفع بعض البيوت على بعض، حتى كان التفاوت الطبقى من مسلمات المجتمع العربى، والعجيب أن يقنن ذلك فى شعائر الحج، فيسبق ناس آخرين فى الإفاضة والإجازة، ولا يشاركونهم الوقوف بعرفة لعلو منزلتهم، وسمو شرفهم بزعمهم الأحمق!.

الحياة الاقتصادية
ما كان للعرب صناعة سوى ما كانت تغزل نساؤهم، وما كانوا يحيكونه ويدبغونه فى أهل اليمن، والحيرة، ومشارف الشام، وتناثرت بقاع متفرقة يشتغل أهلها بالزراعة، أما الرعى فكان مهنة منتشرة على شقائها لقلة الكلأ وندرة العشب، وانصرف العرب إلى التجارة، فكانت أكبر وسيلة للتكسب والرزق، وشهدت أرض الجزيرة رحلاتهم الدائبة شمالاً وجنوبًا، صيفـًا وشتاءً، إلى الشام و اليمن، ترويجًا لتجارتهم المهمة، التى كانوا يعتمدون عليها، ويقيمون لها الأسواق الشهيرة: كعكاظ، وذى المجاز، ومجنة، وغيرها. إلا أن تجارتهم هذه، وأسواقهم تلك، كانت تتهددها حروبهم الدائمة، ومعاركهم الشرسة، وقبائل متناثرة فى الصحراء، لا تعرف لها حرفة سوى قطع طريق القوافل ونهبها؛ لذا فإن تجارتهم الخافتة ما كادت تضىء إلا فى الأشهر الحرم، وكان أهل الحجاز -العرب واليهود- يتعاطون الربا، ويبالغون فيه مبالغة شديدة، ولا يعتبرونه غبنًا أو منقصة خلق، إنما يرونه تجارة محضة، فقد سرت فيهم سريان الحياة الطبيعية.

الحالة الخلقية
على حدة فى الطبع، ومعاقرة للخمر، وإدمان للميسر، وإغراق فى الشهوات والملذات، وكان فى العرب من الأخلاق الحميدة، والسجايا السامية، ما يفضى إلى الدهشة، ويأخذ بالألباب. امتاز العرب بالكرم، وهان على أحدهم أن يذبح ناقته التى لا يملك هو وعياله غيرها لضيف أو عابر سبيل يمر به، وكانوا يمتدحون الخمر ويسمونها "بنت الكرم" كأنها تشجعهم على البذل والإنفاق، ويشتغلون بالميسر لأنهم ينفقون ما ربحوه على المساكين والفقراء، وتحلى العرب بخلق الوفاء بالعهد، متى كان بينهم دينًا يتمسكون به، وإن قتل فى سبيله الأولاد وخربت الديار. ولا شك أن عزة النفس، والإباء عن قبول الضيم، تبقى إحدى أهم سمات العربى التى تدفعه شجاعة وغيرة لبذل نفسه، وإزهاق روحه. وكان العرب يمتدحون خلق الحلم والأناة والتؤدة -على ندرة ذلك الخلق بينهم- ويجعلونه مفخرة لمن اكتسبه واتصف به، ومع ذلك كان العربى إذا عزم على شىء يرى فيه المجد لم يصرفه عنه صارف، حتى يصل إليه أو يهلك دونه، ويبقى بعد ذلك كله سذاجتهم البدوية، التى باعدت بينهم وبين لوثات الحضارات المحيطة بهم بمكائدها وغدرها. والحق أن صفاتهم الثمينة تلك -وإن أوردتهم المهالك؛ لبعدهم عن هداية الله سبحانه وتعالى- إلا أنها ظلت رصيدًا مهمًّـا وجدت فيه الدعوة أساسًا متينًا لإقامة الدين.

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655172

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

نفحات من التشريع الاسلامى  1384c10


الأوسمة
 :


نفحات من التشريع الاسلامى  Empty
مُساهمةموضوع: رد: نفحات من التشريع الاسلامى    نفحات من التشريع الاسلامى  I_icon_minitime30/7/2010, 22:50

خيارات المساهمة


مكة
مكة.. بلد الله الحرام، البلد الذى شرف بالكعبة، ومجد بذكره فى القرآن، وطهر بأقدام الأنبياء وآثارهم، ذلك البلد الذى مع مكوثه فى حضن الصحراء الموحشة الواسعة، إلا أنه ظل قبلة الوفود، وهوى الأفئدة على مر العصور. بسواعد إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- شيدت الكعبة، وارتفع بنيانها عشرين قرنًا قبل ميلاد المسيح -عليه السلام-، وقد ولى أمر مكة بعد إسماعيل ولداه، نابت ثم قيدار، ثم ولى أمرها بعدهما جدهما مضاض بن عمرو الجرهمى، فلم يبق لأولاد إسماعيل من الحكم شىء، خلا مركز محترم لمكانتهم. واستمر حكم جرهم لمكة واحدًا وعشرين قرنًا من الزمان، غير أنهم ضاقت أحوالهم، وساء أمرهم، فظلموا الوافدين إلى مكة، واستحلوا مال الكعبة، حتى أدركت خزاعة ذلك، وعلمت ما بينهم وبين العدنانيين -أولاد إسماعيل- من الغيظ، فتحالفت مع بنى بكر-وهم بطن من بطون عدنان- حتى أجلوا جرهم عن مكة، ثم استبدت خزاعة بالأمر فحكموا مكة ثلاثمائة سنة، وجاء رجل هو قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى القرشى فتزوج حبى بنة حليل بن حبشة من خزاعة، وكان واليًا على مكة، حتى إذا مات حموه، قاتل خزاعة قتالاً شديدًا. وقد انضمت إليه قريش وكنانة، حتى دان له الأمر بمكة، فجمع قومه من منازلهم إلى مكة، وأنزل كل قوم من قريش منازلهم التى أصبحوا عليها. ومن مآثره أنه أسس دار الندوة، التى كانت مجمع قريش، تفصل فيها مهام أمورها، وتقضى فيها بالحسنى كبار مشكلاتها. وظل أمر مكة إلى قريش، التى امتازت بالرياسة الدينية، والشرف الدنيوى لذلك حتى بعثة النبى -صلى الله عليه وسلم-.



حياته قبل البعثة
الثمرة الطيبة لا تخرج من شجرة خبيثة الأصل، والبناء الشامخ لا بد له من أساس متين، ونبىٌ يراد له أن يحمل هداية الله إلى العالمين حتى قيام الساعة، لا بد أن تتعهده رعاية الله وتوجيهه حتى يؤهل للقيام بهذه المهمة الجليلة. ولا شك أن شرف نسبه وأسرته -صلى الله عليه وسلم-، ورعاية الله له فى مولده ورضاعته، وتعهده به صلى الله عليه وسلم، فى طفولته وصباه، ثم الكيفية التى قضى بها النبى الكريم حياته من الشباب إلى البعثة -لا شك أن ذلك كله كان تقديمًا رائعًا لبعثة نبىٍّ عظيم.

نسبه وأسرته -صلى الله عليه وسلم-
اصطفى الله سبحانه وتعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- من أزكى ولد إسماعيل نسبًا، وشرف النسب لا يمنح الرجل الخامل ذكرًا أو شرفًا، لكن اجتماعه لمن اتصف بحميد الخلق، واكتسى بالهيبة، وتزين بالعقل والحلم، يزيده قدرًا وشرفًا ورفعة، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو: محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، وينقسم نسبه -صلى الله عليه وسلم- إلى ثلاثة أجزاء: الجزء الأول إلى عدنان، والجزء الثانى إلى إبراهيم -عليه السلام-، والجزء الثالث إلى آدم -عليه السلام-، وقد اتفق على صحة الجزء الأول
لكن اختلف فى الجزئين التاليين، أما أمه -صلى الله عليه وسلم- فهى: السيدة آمنة بنت وهب.
محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب- واسمه شيبة- بن هاشم- واسمه عمرو- بن عبد مناة- واسمه المغيرة- بن قصى- واسمه زيد- بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر- وهو الملقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة- بن مالك بن النضر- واسمه قيس- بن كنانة بن خزيمة بن مدركة- واسمه عامر- بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وهذا الجزء هو الذى اتفق على صحته أهل السير والأنساب
قصى
هو قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر -وهو الملقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة- تزوج حبى بنت حليل بن حبشة من خزاعة والى مكة، فأنجب منها أربعة نفر، وامرأتين: عبد مناف وعبد الدار وعبد العزى وعبد قصى وتخمر وبرة. وقد جمع قصى قريشًا وكنانة، ورأى أنهم أولى بولاية مكة والبيت العتيق من خزاعة، لأنهم أبناء إسماعيل، فقاتل بهم خزاعة حتى أجلاها عن مكة، ثم إنه قطعها رباعًا بين قومه، وأنزلهم منازلهم، وأسس دار الندوة -برلمان قريش ومقر تشاورها وحكمها-. وكان لقصى من مظاهر الرياسة والتشريف: رياسة دار الندوة، واللواء، فلا تعقد راية الحرب إلا بيديه، والحجابة فلا يفتح باب الكعبة ولا يلى خدمتها إلا هو، وسقاية الحاج، ورفادته -أى إطعامه-، ثم قسمت هذه المناصب بين ولديه عبد مناف وعبدالدار بعد وفاته
الجزء الثانى
ما فوق عدنان، هو ابن آد بن هميسع بن سلامان بن عوص بن جوز بن قموال بن أبى عوام بن ناشد بن حزا بن بلداس بن يدلاف بن طابخ بن جاحم بن ناحش بن ماخى بن عيض بن عنو بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبرين بن يثربى بن يحزن بن يلحن بن أرعوى بن عيض بن ديشان بن عيصر بن أفتاد بن إيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمى بن مزى بن عوضة بن عرام بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم -عليهما السلام
الجزء الثالث
ما فوق إبراهيم عليه السلام، وهو ابن تارح- واسمه آزر- بن ناحور بن ساروع- أو ساروغ- بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح- عليه السلام- بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ- يقال هو النبى إدريس -عليه السلام - بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيث بن آدم -عليهما السلام-.

هاشم
كان هاشم بن عبد مناف رجلاً موسرًا، وكانت له السقاية والرفادة -أى الإطعام-، ويزعمون أنه كان يقوم فى قريش إذا أتى الحجيج فيقول: يا معشر قريش، إنكم جيران الله، وأهل بيته، وإنه يأتيكم فى هذا الموسم زوار الله، وحجاج بيته، وهم ضيف الله، وأحق الضيف بالكرامة ضيفه، فاجمعوا لهم ما تصنعون لهم به طعامًا أيامهم هذه التى لا بد لهم من الإقامة بها، فإنه والله لو كان مالى يسع لذلك ما كلفتكموه. ويبدو أنه شمر عن ساعديه وأخذ يهشم الخبز ليصنع الثريد بنفسه، فسمى هاشمًا لكونه أول من فعل ذلك وكان اسمه من قبل عمرو. ولم تكن هذه هى سابقة هاشم الوحيدة التى سنها لقومه، إذ يروى أيضًا أنه كان أول من سن لهم رحلتى الشتاء والصيف إلى الشام واليمن. وقد مر الرجل بالمدينة فى طريقه إلى الشام للتجارة فى إحدى السنوات، فتزوج بها من سلمى بنت عمرو أحد بنى عدى بن النجار وأقام عندها، ثم تركها وارتحل فمات بغزة من أرض فلسطين. أما العروس الأرمل، فقد نبتت فى رحمها بذرة هاشم التى أدركتها الأقدار قبل رحيله فغدت طفلاً يتيمًا هو شيبة، الذى ما إن أصبح غلامًا حتى علم بأمره أهله بمكة، فذهب إليه عمه المطلب ورده لقريش التى أطلقت عليه عبدالمطلب. وكان لهاشم أربعة بنين وهم: أسد، وأبو صيفى، ونضلة، وعبدالمطلب، وخمس بنات هن: الشفاء، وخالدة، وضعيفة، ورقدة، وجنة.

عبد المطلب
هو شيبة بن هاشم بن عبد مناف، جد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وسمى شيبة لشيبة كانت فى رأسه، وسمى عبدالمطلب لأن المطلب عمه أردفه خلفه على بعيره حين دخل به مكة لأول مرة فظنته قريش عبدًا له اشتراه، فقال لهم ويحكم! إنما هو ابن أخى هاشم. وقد ولد عبد المطلب بيثرب يتيمًا إذ مات أبوه هاشم بغزة بعد أن تزوج فى طريقه بسلمى بنت عمرو أحد بنى عدى بن النجار، أما سلمى فقد ربته حتى صار غلامًا، فسمع به عمه المطلب، فرحل فى طلبه، وما إن رآه حتى فاضت عيناه، وضمه، وألح على أمه حتى قبلت أن تدعه له، وقد شرف عبد المطلب فى قومه، وأقام بعد وفاة عمه لقومه ما كان آباؤه يقيمون، فأحبوه وعظم أمره بينهم، ويروى أن المطلب لما مات وثب نوفل أخوه على أركاح عبدالمطلب فاستلبها منه، ولم يتدخل قرشى لنصرة عبدالمطلب، فاستنصر أخواله من بنى النجار بالمدينة، فسار إليه خاله أبو سعد بن عدى فى ثمانين راكبًا، فما نزلوا عن ركائبهم حتى ردت لعبد المطلب أركاحه، أما نوفل فقد حالف بنى عبد شمس بن عبد مناف على بنى هاشم بن عبد مناف، فحالفت خزاعة بنى هاشم على نوفل وبنى عبد شمس بدار الندوة، وهذا هو الحلف الذى كان سببًا لفتح مكة. ولأن الرجل العظيم ترتبط حياته بعظائم الحوادث والأمور، فإن عبدالمطلب ارتبط بحادثتى حفر بئر زمزم وموقعة الفيل قبل ميلاد النبى -صلى الله عليه وسلم-، ثم ارتبط بعد ميلاده -صلى الله عليه وسلم- يتيمًا بكفالته، وهو بعد فى سنوات عمره الأولى، تعويضًا له عن فقده لأبيه عبدالله أحب أبناء عبد المطلب إلى قلبه. وكان لعبد المطلب عشرة بنين وهم: الحارث، والزبير، وأبوطالب، وعبدالله، وحمزة، وأبو لهب، والغيداق، والمقوم، وصفار، والعباس. كما كان له ست بنات، وهن: أم الحكيم- وهى البيضاء-، وبرة، وعاتكة، وصفية، وأروى، وأمية.

حفــــــــــــر زمـــــــــــزم
كانت جرهم تحكم مكة طيلة واحد وعشرين قرنًا من الزمان، ثم دارت الأيام فصار الأمر لخزاعة بعد قتال شديد، سدت فيه جرهم زمزم، ودرست موقعه، ودفنت فيه عدة أشياء: منها غزالى الكعبة الذهبيين، وحجر الركن الأسود، ثم ولت هاربة إلى اليمن، وعاد حكم مكة لقريش على يدى قصى بن كلاب بعد قرون ثلاثة أخرى، وزمزم بعد محبوس خيرها فى بطن الأرض، ويروى أن عبدالمطلب قد أمر فى المنام بحفر زمزم، كما يحكى أنه قد وصف له مكانها، وشمر عبد المطلب وابنه الحارث، وليس له يومئذ من الأبناء غيره، باحثًا عن بئر طال اشتياق الحجيج لمائه. وقريش التى استرقت النظر ترقب عبد المطلب وولده يحفران وحدهما دون أن تحرك ساكنًا، وما إن بدت بشائر الفوز تلوح، حتى وثبت عليهما تريد أن يكون لها فى الأمر نصيب يرضيها، ولم يجد عبد المطلب مخرجًا يلوذ به سوى اللجوء إلى أقداح الكعبة يقترع بها، وقد جاءت القرعة مرضية له، فكان الغزالان للكعبة، وأسياف ودروع وجدها صارت له، فنصب الأسياف بابا للكعبة، ولم تعد قريش إلا بخفى حنين بعد أن أقام عبدالمطلب عن جدارة سقاية زمزم للحجاج، ويروى أن هذا الموقف قد أشعر عبد المطلب بالضعف والوحدة فنذر إن آتاه الله عشرة من الأبناء ليذبحن أحدهم، وهو النذر الذى دفع ثمنه من الإبل بعد زمان فداءً لولده الأثير عبدالله.



حادثة الفيل
غار أبرهة الصباح الحبشى، حاكم اليمن من قبل ملك الحبشة من الكعبة، وقد كان نصرانيًا فبنى بصنعاء كنيسة عظيمة، ليصرف العرب عن قبلتهم المعهودة، ولم يعجب هذا الخبر عربيًا من بنى كنانة، فما كان منه إلا أن دخل الكنيسة ليلاً ثم تبرز بقبلتها، واستشاط أبرهة غيظًا، وعزم على هدم الكعبة، ومضى بجيش قوامه ستون ألف جندى، يسعى بين أيديهم تسعة أو ثلاثة عشر فيلاً، وأراد ذو نفر -أحد أشراف اليمن- ونفيل بن حبيب الخثعمى أن يمنعاه، فالتقياه تباعًا باليمن وخثعم، لكنه هزمهما واتخذ ذا نفر ونفيلاً أسيرين لديه. أما مسعود بن معتب الثقفى فإنه لم يجد حاجة للدفاع عن الكعبة وقتال أبرهة ما دام لا يريد أن يهدم اللات -بيت ثقيف المقدس-، ولم يكتف بتقاعسه بل أرسل معه من يدله على الكعبة ليهدمها، ووصل أبرهة "المغمس" فأرسل من يسوق له مال قريش، فسيق إليه وفيه مائتى بعير لعبد المطلب بن هاشم، أما قريش، فمع شدة رغبتها فى حماية الكعبة، حفاظًا على دينها ودنياها معًا، إلا أنها وجدت نفسها دون جيش أبرهة قوة وعتادًا، فرأت أن تتفرق فى الشعاب، وتتحرز فى رؤوس الجبال، ثم تبتهل إلى الله أن ينصر بيته، ويدرأ عدوه، وذهب عبد المطلب للقاء أبرهة، فما حدثه إلا فى إبله، وتعجب أبرهة لذلك، فأجابه عبدالمطلب: إنى أنا رب الإبل، وإن للبيت ربًّا سيمنعه. وانطلق أبرهة بجيشه حتى إذا كان بوادى محسر بين المزدلفة ومنى، برك فيله فلا يتحرك إلا فى غير وجهة الكعبة، وبينا هم كذلك إذ أرسل الله عليهم طيرًا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول، ومع أن حجارة الطير ما كانت إلا كمثل الحمص، إلا أنها كانت لا تصيب أحدًا حتى تقطع أعضاءه. وفر أبرهة ومن بقى من جيشه هاربين، فتساقطوا بكل طريق، وهلكوا بكل ناحية، وأصيب أبرهة بداء تساقطت بسببه أنامله، وما إن وصل صنعاء حتى هلك. وقد كانت هذه الوقعة فى شهر المحرم قبل مولد النبى -صلى الله عليه وسلم- بخمسين أو بخمسة وخمسين يومًا -عند الأكثر- وهو يوافق أواخر فبراير أو بداية مارس (571م) سنة إحدى وسبعين وخمسمائة من الميلاد.

أبرهة
قاد ذو نواس اليهودى فى سنة (523م) ثلاث وعشرين وخمسمائة من الميلاد، حملة منكرة على مسيحيى نجران؛ لأنهم أبوا أن يتركوا دينهم إلى دينه، فخد لهم الأخدود، وألقاهم فى النيران، حتى قيل إنه قتل منهم ما يقرب من عشرين ألف نفس. وسعى رجل إلى قيصر الرومان يستنصره، فأرسل إلى النجاشى ملك الحبشة يحرضه على قتال ذى نواس، وما أتت سنة (525م) خمس وعشرين وخمسمائة من الميلاد، إلا وقائد جيش الحبشة أرياط قد احتل اليمن، ومعه من الحبشة سبعون ألف جندى، ثم إن أبرهة -أشجع قواد أرياط- قد خرج على قائده، وتفرق جيش الحبشة بينهما، حتى التقى كل بفريقه، وأرسل أبرهة إلى أرياط أنه لا فائدة من قتال الحبشة لبعضها، ولكن ابرز إلى وأبرز إليك فأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده، فأجابه أرياط إلى ذلك. وقذف أرياط أبرهة بحربته، فشرمت حاجبه، وعينه، وأنفه، وشفته، فلذلك سمى أبرهة الأشرم، وحمل عتودة -وهو غلام أبرهة- على أرياط من خلفه فقتله غيلة وغدرًا، وتوج أبرهة ملكًا على اليمن. لكن النجاشى لم يعجبه ذلك، فتوعد أبرهة شرًا، إذ كيف يقتل أميره، ويستولى على حكم اليمن، دون إذن النجاشى وأمره؟، وأقسم النجاشى ليطأن بلاد أبرهة، وليجزن رأسه، واحتال أبرهة لأمره فجز رأسه، وأرسل شعره إلى النجاشى مع حفنة من تراب اليمن، قائلاً له إنه عبده الطائع له، وأن هذا شعر رأسه، وبعض تراب اليمن يضعه النجاشى تحت قدميه، لكى يبر بقسمه، فرضى النجاشى بذلك، وأقره على ملكه، لكن يبدو أن أبرهة لم يكتف بحكمه الدنيوى، إنما أراد أن يحوز مع ذلك حكم العرب الدينى، فبنى كنيسة لم ير مثلها فى زمانها شىء؛ ليصرف العرب عن قبلتهم، وتتابعت الأحداث، حتى كان مصرعه إثر حادثة الفيل الشهيرة.



عبدالله
هو عبدالله بن عبدالمطلب والد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأحب أبناء عبد المطلب إلى قلبه، وأحسنهم وأعفهم، ويلقب بالذبيح، وذلك لأن عبد المطلب كان قد نذر إن أوتى عشرة من الأبناء ليذبحن أحدهم، فلما أوتى العشرة أخبرهم بنذره فأطاعوه، ثم اقترع بينهم فكانت القرعة على عبدالله، لكن قريشًا ولا سيما بنى مخزوم -أخوال عبدالله-، وأخاه أباطالب أبوا عليه أن يذبح ابنه، واستقر رأيهم على أن يضربوا الأقداح بينه وبين عشرة من الإبل ليفتدوه، فما وقعت الأقداح على الإبل إلا فى عاشر مرة، فافتدى عبدالله حينها بمائة من الإبل، تذبح فلا يرد عنها إنسان ولا سبع. وأراد عبدالمطلب أن تكتمل فرحته بابنه الشاب الأثير، فاختار له آمنة بنت وهب بن عبد مناف لتكون له زوجة، وهى يومئذ أفضل امرأة فى قريش نسبًا وموضعًا، ولم يلبث عبدالله بمكة بعد أن بنى بها إلا قليلاً حتى ارتحل إلى المدينة؛ يشترى تمرًا، فمات ودفن بها وله إذ ذاك خمس وعشرون سنة، وكان ذبيح مكة الذى افتدى بمائة من الإبل قد أدى رسالته -حين ألقى بذرته تنمو فى رحم آمنة-. أما جنين عبد الله وآمنة فما كان ينتظره من متاع عبدالله أبيه إلا خمسة أجمال، وقطعة غنم، وجارية حبشية صارت حاضنته -صلى الله عليه وسلم- واسمها بركة وكنيتها أم أيمن.


آمنة
هى آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب -أم رسول الله-، وأفضل امرأة فى قريش يومئذ نسبًا وموضعًا، أما أبوها فسيد بنى زهرة نسبًا وشرفًا. تزوجت آمنة من عبدالله بن عبدالمطلب، فلما حملت به رأت أنه خرج منها نور أضاءت به قصور الشام، ثم تأيمت وجنينها بعد لم ير النور، ووضعته فكان خير من وضعت امرأة إلى قيام الساعة، وقد توفيت بالأبواء بين مكة والمدينة وهى فى طريق عودتها إلى مكة بعد أن زارت بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وهو ابن ست سنين أخواله من بنى عدى بن النجار. وبنو عدى بن النجار أخوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأن منهم سلمى بنت عمرو النجارية زوجة هاشم وأم عبدالمطلب جد رسول الله- صلى الله عليه وسلم.

مولده ورضاعته -صلى الله عليه وسلم-
حملت صبيحة الإثنين التاسع من شهر ربيع الأول لأول عام من حادثة الفيل، والموافق للعشرين أو الثانى والعشرين من إبريل عام (571م)-حملت صبيحة ذلك اليوم للدنيا أجمل وأجل هدية: ميلاد محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولم تجد آمنة أمُّ خاتم النبيين يد عبد الله زوجها؛ لتربت عليها، وتشاركها فرحتها بوليدها الصغير، ولكنها أرسلت إلى جده عبدالمطلب تبشره بالغلام النجيب، وامتلأ قلب الشيخ الذى كساه الحزن؛ لفقد ولده الشاب الأثير- امتلأ بالبهجة والبشر، وأسرع فأخذه، وسار به حتى دخل الكعبة، ثم دعا الله وشكر له، واختارله اسم محمد، ولما كان اليوم السابع لمولده ختنه على عادة العرب، وأمر بناقة فنحرت، ثم دعا رجالاً من قريش فحضروا وطعموا. وكانت عادة ساكنى الحضر من العرب يومئذ أن يلتمسوا المراضع لأولادهم، لتقوى أجسامهم، ويتقنوا اللسان العربى فى مهدهم، فالتمس عبدالمطلب من ترضع حفيده المحبوب، حتى صار الأمر لامرأة من بنى سعد بن بكر هى: حليمة بنت أبى ذؤيب، وفى ديار حليمة نشأ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتحرك لسانه بما تعلم، ودبت قدماه تسعى فى ديار بنى سعد وباديتهم، وبهذه البادية حدثت له -صلى الله عليه وسلم- حادثة شق الصدر الشهيرة، والتى كانت إرهاصًا بعظم شأنه -صلى الله عليه وسلم-.


طفولته وصباه -صلى الله عليه وسلم-
عاد محمد -صلى الله عليه وسلم- من ديار حليمة إلى أحضان أمه، التى طال اشتياقها إليه، وحنت عليه آمنة حتى بلغ عندها ست سنين، ثم إن الأرملة الوفية لذكرى زوجها الشاب عبدالله، قد عزمت أن ترحل إليه بالمدينة، فترى قبره، وتُرى محمدًا أخواله من بنى النجار، خرجت آمنة فى رحلة تبلغ خمسمائة كيلو متر، تصحب ابنها وخادمتها أم أيمن، ويصحبها عبدالمطلب، يحدوهم جميعًا حنينهم إلى قبر عبدالله، ومكثت آمنة بالمدينة شهرًا، ثم عُقِدَ العزم على الرحيل، لكنْ محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- وقد طالعت عيناه قبر أبيه فتجسد لديه معنى اليتم جليًا، كانت الأقدار تخبئ له مفاجأة أليمة أخرى فقد ألح المرض على أمه ولاحقها، حتى قضت نحبها بالأبواء بين مكة والمدينة، وعاد يتيم الأبوين حزينًا مع جده العطوف إلى مكة، فيكرمه جده، ويحبه، ويحنو عليه، بل ويقدمه على أبنائه، ويروى أن فراشًا كان يبسط لعبد المطلب فى ظل الكعبة لا يقربه أحد إجلالاً له حتى يخرج إليه، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأتى فيجلس عليه، فإن أراد أعمامه أن يؤخروه ولمحهم جده نهاهم عن ذلك، وأقره على ما يصنع، لكن أين يجد شيخ الثمانين متسعًا من الوقت ينشئ فيه حفيده؟. عاجلت المنية عبد المطلب فمات، وقد أوصى ابنه أبا طالب برعاية الحفيد اليتيم، وقام أبو طالب بمهمته خير قيام، وظل يساند ظهر محمد -صلى الله عليه وسلم- ويعضد جانبه ما يربو على الأربعين عامًا، ورحل محمد -صلى الله عليه وسلم- معه إلى الشام مرة وهو فى الثانية عشرة من عمره، فلقيا فى الطريق بحيرا الراهب، فعلم أنه نبى هذه الأمة ورده إلى مكة مخافة عليه، وشارك قريشًا حربها ضد قيس عيلان، وهو بعد فى الخامسة عشرة فى حرب الفجار، ثم شهد على أثره حلف الفضول بدار ابن جدعان إذ تحالفوا على نصرة المظلوم والغريب. وهكذا قضى النبى الكريم -صلى الله عليه وسلم-، طفولة امتزج فيها حنان الجد بألم اليتم والفراق، واللعب واللهو بالجد والحرب مع الكبار.

فى ديار حليمة
خرجت حليمة بنت أبى ذؤيب السعدية مع نسوة من بنى سعد بن بكر يلتمسن الرضعاء، وما إن وصلت مكة حتى التقطت كل واحدة منهن رضيعًا ألقمته ثديها، ولم يبق بمكة إلا رضيع واحد ومرضعة واحدة، أما الرضيع فكان محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، ترك ليتمه، فكانت كل واحدة منهن تقول: يتيم! وما عسى أن تصنع أمه وجده؟!، وأما المرضعة فكانت حليمة السعدية، ويبدو مما نقل إلينا من الروايات أنها كانت على حال بالغة من الضعف والوهن، فأبت أمهات قريش أن يدعن لها بنيهن، ولم ترض حليمة أن تعود لديارها خالية الوفاض، فعادت ليتيم مكة، بعد أن زهدته، وشجعها على ذلك زوجها أبو كبشة الحارث بن عبدالعزى قائلاً: لا عليك أن تفعلى، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة. وما إن التقم فم محمد -صلى الله عليه وسلم- ثديها حتى امتلأ من بعد جفاف باللبن، فشرب، وشرب أخوه ونام، وما كان قبلها يصنع ذلك، وإذا دابتها العجفاء تسبق دواب صويحباتها، وإذا ضرع غنمها حافل باللبن، فباتت حليمة وزوجها وابنها فى خير ليلة، وأصبح زوجها يقول لها: تعلمى والله يا حليمة؟! لقد أخذت نسمة مباركة. وترددت أنفاس محمد -صلى الله عليه وسلم- الزكية فى دار حليمة، فامتدت إليها البركة، فسمنت غنمها، وزاد لبنها وبارك الله لها فى كل ما عندها، حتى كان بنو سعد يقولون لرعيانهم: ويلكم! اسرحوا حيث يسرح راعى بنت أبى ذؤيب. وأتم محمد -صلى الله عليه وسلم- سنتين، ففطمته حليمة، وذهبت به إلى آمنة تلح عليها -لما رأت معه من الخير- أن تتركه لها مزيدًا من الوقت، ولم تزل بها حتى ردته إليها، فمكث فى بنى سعد، حتى سن الرابعة أو الخامسة. وفى هذه السن وقعت له حادثة شق الصدر، فخشيت عليه حليمة أن يكون أصابه سوء، فردته إلى أمه بمكة.

حادثة شق الصدر
بينا محمد -صلى الله عليه وسلم- يلعب مع الغلمان، فى ديار حليمة السعدية، وقد ناهز سنه يومئذ الرابعة أو الخامسة، حدثت له حادثة عجيبة، إذ أتاه الملك، فأخذه فصرعه، ثم شق صدره، واستخرج قلبه، وأخرج منه علقة، ثم غسله فى طست من ذهب بماء زمزم، ثم أعاده إلى مكانه، وغدا الغلمان إلى أمه حليمة ينبهونها قائلين إن محمدًا قد قتل، فأسرعت إليه حليمة، واستقبلته وهو منتقع اللون، وخشيت حليمة وزوجها أن يكون أصابه سوء فبادرا برده إلى أمه آمنة بمكة.

حلف الفضول
أتى رجل من زبيد إلى مكة بتجارة له، وأعجبت التجارة أحد كبراء مكة يومئذ -العاص بن وائل- فاشتراها منه، لكن العاص وقد أسرعت يداه بالتقاط تجارة الزبيدى تباطأ حين طلب منه أن ينقد الزبيدى حقه، واستعدى الزبيدى بطون قريش عليه فما أبه به أحد، فمضى ينعى حظه، ولم يرض الزبير بن عبدالمطلب بهذا الظلم، فجمع بنى هاشم وبنى المطلب، وأسد بن عبد العزى، وزهرة بن كلاب، وتيم بن مرة على طعام صنعه لهم فى دار عبدالله بن جدعان، ثم دعاهم على أن يتعاهدوا على ألا يجدوا بمكة مظلومًا من أهلها أو غيرهم إلا نصروه، فوافقوه على ذلك، ثم قاموا إلى المماطل العاص بن وائل فاستخلصوا منه حق الزبيدى وردوه إليه، وقد شهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الحلف مع عمه أبى طالب.

أبو طالب
بقدر ماسمت أخلاق العرب الأصيلة بأبى طالب فرفعته فى الدنيا، بقدر ما حبست عنه الخير فوضعته فى الآخرة!! فأبو طالب بن عبد المطلب الذى أمه وأم عبد الله واحدة، وهى فاطمة بنت عمرو المخزومية، كانت أخلاقه النبيلة تدفعه لكفالة ابن أخيه محمد -صلى الله عليه وسلم- رغم ضيق ذات يده، ثم تلزمه أن ينصح له ويؤازره، منذ هذه اللحظة وحتى وفاته، فنراه يحتال لخروجه فى تجارة خديجة، ثم نراه يصاحبه فى طلب زواجها، ومع ذلك لا ننسى صموده العجيب فى وجه قريش بأسرها حين ساومته مرة بعد مرة، لكف محمد -صلى الله عليه وسلم- عن رسالته، وصبره على ضغطها الأليم، وسعيه فى تجمع بنى هاشم وبنى عبد المطلب، حين توجس من قريش الغيلة والغدر بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وأخيرًا خروجه معه ثلاث سنين، محاصرًا فى أحد شعاب مكة، و قد وهنت عظامه، وكبر سنه، لكن أخلاقه تلك، التى دفعته فى كل طريق حميد، أبت عليه عند وفاته، أن يترك ملة عبد المطلب، فمات نصير الإسلام، وحاميه فى نشأته، مشركًا على دين قريش.

بحيرا
حين بلغ محمد -صلى الله عليه وسلم- اثنتى عشرة سنة ارتحل مع عمه أبى طالب إلى الشام فى تجارة له، ونزل الركب ببصرى فالتقيهم راهب صالح يدعى بحيرا -واسمه جرجيس-. وعلم الراهب من أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- ما جهله قومه وأهله، فسأل أبا طالب عنه فقال: ابنى. فأجابه: ما ينبغى أن يكون أبوه حيًا!. وتعجب أبو طالب من علم بحيرا! فقال له: فإنه ابن أخى مات أبوه وأمه حبلى به. فأجابه بحيرا مقتضبـًا وناصحـًا: صدقت، ارجع به إلى بلدك، واحذر عليه يهود. فأسرع أبو طالب برده مع بعض غلمانه إلى مكة، ويبدو أن بحيرا قد عرفه من خاتم النبوة الذى بظهره -كما جاء فى بعض الروايات-، ومما كان يقرؤه بكتبه من قرب بعثة نبى بعد عيسى -عليه السلام-، ومن أمارات ذلك النبى وعلاماته.

حرب الفجار
تعود النعمان بن المنذر أن يبعث كل عام قافلة من الحيرة إلى عكاظ تحمل المسك وتجىء بدلاً منه بالجلود والحبال وأنسجة اليمن المزركشة، ولأن قبائل الأعراب المتناثرة فى صحراء الجزيرة لا تجعل الطريق مأمونة، فقد كان على المنذر أن يعين من يحرس قافلته، وعرض رجلان على المنذر أن يقوما له بهذه المهمة هما: البرَّاض بن قيس الكنانى ومعه كنانة وعروة الرحال ابن عتبة الهوازنى ومعه هوازن، واختار المنذر عروة، فأسرها البراض فى نفسه، وما زال حقده يتأجج فى صدره، حتى اغتال عروة وأخذ قافلته، ولم يكتف البراض بما فعل، بل أسرع إلى بشر بن أبى خازم يخبره أن هوازن ستأخذ بثأرها من قريش، وهو ما حدث بالفعل، وقد سميت هذه الحرب بالفجار لأنها كانت فى الأشهر الحرم، التى أجمعت العرب على ترك القتال بها، وقد حضرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان يجهز لعمومته نبل هوازن الذى كانت تقذف به قريشًا، وسنه يومئذ خمس عشرة سنة، وقيل بل عشرون، ولعل الخلاف قد حدث لامتداد الحرب أربعة أعوام متتالية.

من الشباب إلى البعثة
ورث محمد -صلى الله عليه وسلم- عن آبائه المجد والمكانة، وحفظه الله أن تصيبه لوثات الجاهلية، كما طهره من أدرانها، فكان خلقه قبل البعثة مثلاً بين قريش، لكنه -صلى الله عليه وسلم- لم يرث عن آبائه متاعًا أو تجارة فكان على شرف نسبه، وسمو مكانته، يسعى فى الأرض، يفتش عن رزقه، ويكدح يومه مجابهًا شظف العيش، وخشونة الحياة، وهو فى ذاك يتنقل بين رعى الغنم، والتجارة لخديجة، التى تزوجها بعد أن رأت من كريم خلقه مالم تر فى أحد من قريش، ويبقى بناء الكعبة والتحكيم بين المختلفين فيها أحد أهم الحوادث التى شارك فيها قبل بعثته.

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
 

نفحات من التشريع الاسلامى

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

+
صفحة 1 من اصل 1

.:: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ::.


      هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة     
odessarab الكلمات الدلالية
odessarab رابط الموضوع
AlexaLaw bbcode BBCode
odessarab HTML HTML كود الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم القانون :: منتدى AlexaLaw لعالم القانون :: القانون و الشريعة الإسلامية-
انتقل الى:  
الإسلامي العام | عالم القانون | عالم الكتاب و الثقافة العامه | التجاره و المال و الأعمال | البرامج و تكنولوجيا المعلومات | تطوير المواقع و المدونات | الترفيهي و الإداري العام

Powered by AlexaLaw.com ® Phpbb Version 2
Copyright © 2010
.:: جميع الحقوق محفوظه لمنتدى عالم القانون © ::.

.::جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه و إنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه في حدود الديمقراطيه و حرية الرأي في التعبير ::.