عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .


عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .



عالم القانون

العدل أساس الملك - Justice is the basis
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
TvQuran
مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  110
AlexaLaw on facebook
مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  110
مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  110
مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  110
مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  110
مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  110

شاطر | 
 

 مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655168

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  1384c10


الأوسمة
 :


مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  Empty
مُساهمةموضوع: مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي    مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  I_icon_minitime30/7/2010, 21:35

خيارات المساهمة


محمد بن ناصر السّحِيباني
عميد القبول والتسجيل بالجامعة


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:

فإن هذا الدين لازال يتعرض للهجمات من قبل أعدائه من اليهود والشيوعيين والنصارى والمنافقين وغيرهم من المبطلين وتتفاوت هذه الهجمات من حرب ساخنة إلى حرب باردة. من تقتيل أتباع هذا الدين من المسلمين وطردهم وتشريدهم، ومن سخرية بالله سبحانه وبرسله عليهم أفضل الصلاة والسلام خاصة الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى استنقاص الشريعة الإسلامية في أصولها وفروعها في معتقداتها وأحكامها.
وكل هذا يعتبر مصداقا لقوله تعالى: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}. (سورة البقرة: 217).
وتتنوع وسائل قتال هؤلاء الأعداء للمسلمين وأدواته، ولكن الهدف يظل ثابتا، أن يردوا المسلمين الصادقين عن دينهم إن استطاعوا، وكلما انكسر في يدهم سلاح انتضوا سلاحا غيره، وكلما كلت في أيديهم أداة شحذوا أداة غيرها 000 .
ومساهمة رمزية في صد بعض هذه الهجمات في مجال النقد الذي يوجهه الأعداء إلى الشريعة الإسلامية. وما يحاولونه من التطاول على أحكامها باستنقاصها وإخفاء مزاياها ومحاسنها، لإيقاع السذج والأغرار من المسلمين... فقد رأيت من باب المساهمة الرمزية وجهد المقل أن أكتب هذه المقالة عن مزايا التشريع الإسلامي، ثم أتبعها إن شاء الله- بمقالة أخرى عن العقوبات الإسلامية والدفاع عنها، لأنها أكثر الأحكام الإسلامية تعرضا للنقد والاستنقاص. والله أسال أن يحسن مقاصدنا وغايتنا وأن يوفق الجهود، ويسدد الخطأ إنه سميع مجيب.
المقصود بالتشريع الإسلامي:
قبل أن نتحدث عن مزايا التشريع الإسلامي ينبغي أن نحدد ما هو المقصود بهذا التشريع، فنقول مستعينين بالله سبحانه.
لفظ الشريعة في أصل الاستعمال اللغوي الماء الذي يرده الشاربون، ثم نقل هذا اللفظ إلى معنى الطريقة المستقيمة، التي يفيد منها المتمسكون بها هداية وتوفيقا... ويختص هذا اللفظ في عرف الفقهاء بالأوامر والنواهي والإرشادات التي وجهها الله تعالى إلى عباده ليكونوا مؤمنين عاملين صالحين، سواء أكانت متعلقة بالأفعال أم بالعقائد أم بالأخلاق ...إلخ .
ويقول الشيخ محمود شلتوت- رحمه الله- في تعريفها: والشريعة هي النظم التي شرعها الله أو شرع أصولها، ليأخذ الإنسان بها نفسه في علاقته بربه وعلاقته بأخيه المسلم وعلاقته بأخيه الإنسان وعلاقته بالكون والحياة .
ومن هذا نستطيع أن نقول إنه يقصد بالتشريع الإسلامي كل ما شرعه الله سبحانه في القرآن الكريم من أمر ونهي أو شرعه رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما سنه الخلفاء الراشدون، وكذلك ما أجمع عليه علماء المسلمين ومجتهدوهم، وما توصلوا إليه بالاجتهاد، يقول جل ذكره مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم وأمته تبع له في ذلك: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}. (سورة الجاثية: 18). ويقول جل ذكره: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}. (سورة النساء:59)، {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّه}. (سورة آل عمران:31). ويقول سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. (سورة الحشر: 7).والآيات في هذا كثيرة جدا. وفي الحديث: "إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" . وفي الحديث الآخر. "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" .
فالحاصل أن التشريع الإسلامي يقصد به كل ما شرعه الله من أصول الدين وفروعه في العقائد أو العبادات أو المعاملات أو الحدود أو القصاص أو غير ذلك مما يحتاجه الناس في حياتهم (فتشمل الشريعة أحكام الله لكل من أعمالنا من حل وحرمة وندب وإباحة. وذلك ما نعرفه اليوم باسم الفقه) .
ولعل أجمع كلمة تحدد المقصود من التشريع ما قاله سماحة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي- رحمه الله- في رسالته منهج التشريع الإسلامي وحكمته حيث قال: "والتشريع هو وضع الشرع، والشرع هنا هو النظام الذي وضعه خالق السماوات والأرض على لسان سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، ليسير عليه خلقه فيحقق لهم به سعادة الدارين على أكمل الوجوه وأحسنها" .
إن هذا التشريع الذي يحقق السعادة في الدارين لمن آمن به وعمل بمقتضاه يمتاز بمزايا عديدة وخصائص فريدة. ولعل أبرز خصائصه ومميزاته أنه من عند الله سبحانه، وما كان من عند الله فلابد أن يتصف بكل صفات الكمال ولابد أن يبرأ من كل صفات النقص، يقول جل ذكره في معرض حديثه عن القرآن الكريم الذي يعتبر أحد المصدرين الأساسيين للتشريع الإسلامي: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}. (النساء:81). ويقول سبحانه: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُه}. (هود: 1).
ويقول عز ذكره: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}. (الإسراء: 9). ومن هنا نستطيع أن نشير إلى بعض المميزات، فمنها:-
الأولى: شمول التشريع الإسلامي لجميع شئون الحياة وإحاطته بها:
لقد أنزل الله سبحانه هذه الشَريعة وجعلها منهاجاً لهذه الأمة وطريقاً تسلكها في جميع شئونها. فهذه الشريعة شاملة لجميع شئون الحياة ومرافقها، فانتظمتها جميعاً بأحكامها العادلة وتوجيهاتها الحكيمة.
وعندما ننظر في أحكام الشريعة وموقفها من شئون الناس وأحوالهم نجدها على ثلاث أضرب:-
الضرب الأول: من شئون الناس والحياة، أمرت به الشريعة ودعت إليه، وقد يكون هذا الأمر على وجه الإلزام أو على غير وجه الإلزام.
الضرب الثاني: من شئون الناس والحياة نهي عنه الشارع وحذر منه، وقد يكون، هذا النهي كذلك على وجه الإلزام أو على غير وجه الإلزام.
الضرب الثالث: ما سكت عنه الشارع، وهذا السكوت ليس عن غفلة ولا نسيان، وإنما بقصد التخفيف، ويوضح ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحدد حدوداً فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها". رواه الدارقطني.
ونحن نستدل لعموم الشريعة وشمولها جميع شئون الحياة بدليلين:
الدليل الأول: النص من الكتاب والسنة وواقع الأمة الإسلامية خاصة في عصرها الزاهر عصر النبوة والخلافة الراشدة، فقد وردت عدة آيات وأحاديث تدل على أن الشريعة عامة في كل شيء يقول جل ذكره: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ}. (النحل: 89) وفي الآية الأخرى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء}. (الأنعام: 38). قال ابن كثير رحمه الله عند تفسيره للآية الأولى: قال ابن مسعود- رضي الله عنه- قد بين لنا في هذا القرآن كل علم وكل شيء، وقال مجاهد- رحمه الله - كل حلال وكل حرام وقول ابن مسعود أعم وأشمل، فإن القرآن اشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق وعلم ما سيأتي وكل حلال وحرام وما الناس إليه محتاجون في أمر دنياهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم .
وقريبا من هذا القول ما ذكره الفخر الرازي- رحمه الله- عند تفسيره الآية الثانية ، ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}. (المائدة: 50)، فالأمر قد ورد فيها مطلقا من كل قيد، وكذلك قوله سبحانه: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}. (النور: 52). وكذلك قوله جل ذكره: {مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ} (يوسف: 111). وقال سبحانه حكاية عن الجن: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ}. (الجن: 14). ولو تتبعنا هذه الآيات الواردة بهذا الصدد والإشارة إلى دلالتها المباشرة وغير المباشرة على عموم الشريعة وشمولها لاحتجنا إلى صفحات كثيرة، وأما الأحاديث، فقد وردت عدة أحاديث بهذا المعنى. فقد ورد أن سلمان الفارسي- رضي الله عنه- قيل له: علمكم نبيكم كل شيء حتى الخرآءة. فقال سلمان:" أجل نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول..." الحديث .
وعن حذيفة - رضي الله عنه- قال:" لقد خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم خطبة ما ترك فيها شيئا إلى قيام الساعة إلا ذكره علمه من علمه وجهله من جهله..." الحديث .
وفي الحديث: "تركتم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ".
وفي الحديث: "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي ومنها... وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة". متفق عليه.
وفي بعض الروايات: "وبعثت إلى الجن والإنس".
قال ابن الجوزي في كتابه الوفاء: فإن قال قائل كيف قال: "وبعثت إلى الخلق كافة". ومعلوم أن موسى لما بعث إلى بني إسرائيل لو جاءه غيره من الأمم يسألونه تبليغ ما جاء به لم يجزله كتمه بل يجب عليه إظهار ذلك لهم.
ثم قد أهلك الخلق في زمن نوح، وما كان ذلك إلا لعموم رسالته فقد أجاب عن هذا ابن عقيل فقال:" إن شريعة نبينا جاءت ناسخة لكل شريعة قبلها، وقد كان يجتمع في العصر الواحد نبيان وثلاثة يدعو كل واحد إلى شريعة تخصه، ولا يدعو غيره من الأنبياء إليها ولا ينسخها".
بخلاف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فإنه دعا الكل ونسخ وقال: "لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي". وما كان يمكن عيسى أن يقول هذا في حق موسى، وأما نوح فلم يكن في زمنه نبي يدعو إلى ملته .
أما واقع الأمة الإسلامية فبالنسبة للعهد النبوي فتعتبر أفعاله عليه الصلاة والسلام من سنته، وقد كان عليه الصلاة والسلام يرعى جميع أحوال المسلمين، ويتولى جميع شئونهم الدينية والدنيوية فيفتي ويقضي في الحقوق والحدود، ويقود الجيوش ويقسم الغنائم ويؤم المسلمين في الجمع والجماعات، ويكاتب الملوك ويدعوهم إلى الإسلام، ويصالح الأعداء إذا رأى مصلحة المسلمين في ذلك، ويتفقد أحوال المسلمين في تعاملهم بالبيوع والإجارات وأنواع المزارعة وفي النكاح والطلاق والرجعة وفي الاستطباب وتجهيز الأموات وقسمة المواريث فلا يمكن أن يتم أمر في المدينة من أحوال الناس وشئونهم إلا وله عليه الصلاة والسلام حكمة في ذلك من إقرار أو إنكار، وبالنسبة لعهد الخلفاء الراشدين- رضى الله عنهم وعن الصحابة أجمعين- فكذلك، ما كان يبت في أمر من الأمور الدقيقة أو الجليلة إلا بالرجوع إلى كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو بالاجتهاد وفق أصول الشرع وقواعده.
وما نقل عن أحد من الخلفاء الراشدين- رضي الله عنهم- أنه اعتذر عن أمر من الأمور بأنه غير داخل في اختصاصه، بل إنهم ينظرون إليه باعتباره حقا فيقرونه وينفذونه، أو باطلا فيفندونه ويقمعونه، كمحاربة المرتدين وجمع القرآن وتدوين الدواوين وقمع البدع ومحار بتها...إلخ.
ومن يطالع تاريخ الخلفاء الراشدين وسيرتهم يجد الأمر في غاية الوضوح...
وعلى كل حال فمسألة شمول الإسلام وإحاطته بجميع شئون المسلمين كما أمر الله كانت واضحة تماما في هذا العصر الزاهر الذي يعتبر امتداداً لعصر النبوة ولا زال الأمر كذلك في العصور الإسلامية التالية، مع شيء من الضعف الذي أصبح شديداً في القرون المتأخرة، حيث غلبت العادات القبلية والتقاليد الواردة من الأمم الأخرى على الأحكام الشرعية، نتيجة لعوامل متعددة لعل أهمها بعد كثير من المسلمين عن الإسلام، وضعف الإيمان في نفوس كثير منهم، حتى وصلنا إلى هذه المرحلة التاريخية التي نعيشها، حيث ابتعد الناس أفرادا وجماعات وحكومات عن الشريعة الإسلامية والالتزام بأحكامها وتوجيهاتها إلا من عصم الله، حتى صار العلماء والمفكرون من المسلمين يبذلون الجهود الكبيرة لإقناع الناس والمنفذين منهم خاصة بشمول الإسلام وعمومه وإحاطته بكل شيء، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
الدليل الثاني: وهو دليل العقل والاستنتاج حيث لا يتصور أن الله سبحانه يترك خلقه مهملين دون ما رعاية ترعاهم وعناية تحوطهم في كل ما يحتاجون إليه من أمور دينهم ودنياهم، لأن هذا لو حصل لاعتبر تقصيرا وتفريطا لا يليق بالله سبحانه وحاشاه من ذلك، خاصة وأن هذه الشريعة هي خاتمة الشرائع بنبيها وكتابها، فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين وكتابنا القرآن هو خاتم الكتب الناسخ لها المهيمن عليها فهي شريعة لا تحد بزمان ولا مكان ولا بجنس فهي عامة لكل البشر صغيرهم والكبير ذكرهم وأنثاهم عرباً وعجماً في أي مكان كانوا وأي زمان وجدوا.
ونجد من الآيات ما يسند هذا الاستدلال كقوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ}. (المؤمنون: 115). أي أننا لم نخلقكم عبثا بل لغاية وقصد وهذا يقتضي وجود الأحكام التي تنظم شئون الآدميين. وكذلك قوله سبحانه: {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً}. (القيامة: 37). أي هملا دون ما عناية أو رعاية أي لا يمكن أن يكون ذلك لأنه عبث ينزه الله عنه.
فالتشريع الإسلامي يشمل أحوال الناس وينظمها في كل الأحوال ينظم أحوال الفرد والأسرة، وينظم شئون الدولة في الثقافة والاجتماع والسياسة والاقتصاد، يحدد السياسة الداخلية والخارجية وصلة الدولة بالأعداء والأصدقاء في حالة السلم والحرب، ويحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم والعلاقة بين العامل ورب العمل وبين الابن وأبويه والزوج وزوجه، إذن فنحن نخرج من هذا بأن عموم الرسالة وشمولها يقتضي ما يلي:-
أولاً: عمومها الزماني: فهي الشريعة الواجبة الاتباع من حين ما بعت محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة لا يجوز أن تزاحمها أو تنافسها شريعة أو مذهب أو نظام.
ثانياً: عمومها المكاني: فهي شريعة الأرض دون منافس أو مزاحم فهي شريعة الأرض بسهولها وجبالها ووديانها وبحارها وأنهارها وأعماقها وأجوائها بل هي شريعة الكون بكل أجرامه: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاً آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداًً}. (مريم: 93).
ثالثاً: عمومها البشري: فهي الشريعة الواجبة الاتباع من كل البشر على اختلاف الأجناس والأعراق وحتى الجن، فهي شريعة كل إنسان كيفما وجد وأينما وجد، مكث في الأرض أو صعد في السماء أو نزل الأجرام الأخرى. "إن استطاع إلى ذلك سبيلا".
فهي شريعته التي لا يجوز له أن ينفك عنها أو يفلت منها أو يفر: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ والإنس}. (الذاريات: 56). {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً}. (الأعراف: 158).

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655168

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  1384c10


الأوسمة
 :


مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي    مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  I_icon_minitime30/7/2010, 21:36

خيارات المساهمة


رابعاً: عمومها وشمولها الموضوعي: فهي لكل شيء ولكل شأن من شئون الأحياء والأشياء، بل وحتى الأموات رعت مالهم من حقوق وحرمة بعد موتهم، وعنيت بالحيوانات رفقا وعناية وعطفا، وبالدولة والمجتمعات والكون والكائنات: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}. (الأنعام: 38).
يقول الدكتور: محمد سلام مدكور في كتابه مدخل الفقه الإسلامي.-
وقد تضافرت النصوص الإسلامية وعلم من الدين بالضرورة عموم رسالة الإسلام:
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً}. (سبأ: 28). {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً}. (الفرقان:1). {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً}. (الأعراف: 58).
لهذا قام محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبيلغ هذه الرسالة إلى من استطاع تبليغك من الأمم متمثلين بالحكام كهرقل إمبراطور الروم وكسرى ملك الفرس والمقوقس حاكم مصر والحارث الغساني ملك الحيرة، والحارث الحميري ملك اليمن والنجاشي ملك الحبشة، تاركا لخلفائه من بعده القيام بتبليغ الدعوة إلى بقية الأمم وقد اهتدى بعض تلك الأمم فآمن بدعوته إنصافاً للحق، كما أنصفه من اتبعه من قومه، وقد اعترف توماس في كتابه الدعوة إلى الإسلام، بأن الكتب التي أرسلها محمد بن عبد الله إلى حكام الأمم المختلفة، يدعوهم فيها إلى الإسلام، تدل بوضوح على ما تردد ذكره في القرآن من مطالبة الناس جميعا بقبول الإسلام .
هذا وقد اعتبر العلماء أن من ينكر شيئا من ذلك- أي عموم الرسالة وشمولها- فهو كافر مرتد عن الإسلام، فمن ينكر عموم الرسالة أو يرى أن أحداً مهما كان يسعه الخروج منها فرداً أو جماعة أو دولة فهو كافر، أو زعم أنها خاصة بجنس من الأجناس أو عصر من العصور، وأنها لا تعنى بتنظيم شئون الناس في الاقتصاد والاجتماع والسياسة من اعتقد ذلك فهو مرتد عن الإسلام يستتاب فإن تاب وإلا قتل
الثانية: العدالة:
إن وجوه العدالة في التشريع الإسلامي كثيرة متعددة، يدركها من يمعن النظر في أحكامه ويتدبرها بتجرد وإخلاص، فأحكامه الخاصة بالأسرة وتكوينها وتنظيمها وحقوق الأفراد وواجباتهم في الأسرة لا تماثلها أحكام مما تواضع عليه البشر واعتادوه، فالأب له حقوقه وعليه التزاماته، والأم كذلك، والأبناء المكلفون كذلك، ونجد هذه القاعدة الفريدة في التعامل بين الزوجين المتمثلة في قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة}. (البقرة: 299).
وأحكامه الخاصة بالميراث وتوزيعه على الورثة تعتبر كذلك من العدالة بمكان, فللأب نصيبه وللأم نصيبها، وللزوج نصيبه وللزوجة نصيبها، بحسب الحال من وجود أولاد أو عدم وجود أولاد، ووجود أخوة أو عدم وجود أخوة، وللأبناء نصيبهم والبنات وللأخوة والأخوات، والأعمام والعمات، وهكذا تتدرج الحقوق حتى تصل إلى أصحابها مهما بعدوا، وفي الأحكام الخاصة بمعاملة الأعداء، نجد العدالة في أرقى صورها وأعلى درجاتها يقول جل ذكره: {َلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}. (المائدة: Cool. أي لا يحملنكم بغض قوم على ألا تعدلوا في حقهم، ويقول سبحانه: {فاعدلوا فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}. (الأنعام: 252).
أما في مجال العقوبات فعندما نلاحظ أن القصاص هو العقوبة الرئيسية لأكثر الجرائم الشخصية التي تقع على الأشخاص مباشرة، فإن هذا يعتبر منتهى العدالة وغاية الإنصاف، وكذلك الحدود فإنها عقوبات عادلة إذا أدركنا فداحة الجرائم التي فرضت من أجلها، والله تعالى يقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}. (الشورى:40) ويقول: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}. (النحل: 126).
وباختصار، فمادمنا نسلم ونعتقد بأن الأحكام الشرعية منزلة من عند الله سبحانه، الذي يعتبر العدل صفة من صفاته، فلابد أن تكون هذه الأحكام عادلة متقنة.
وإذا كانت العدالة هي من أبرز خصائص الأحكام الشرعية الواردة بالنص في القرآن والسنة، فإن هناك أحكاماً اجتهادية، وهناك أيضا تطبيق الأحكام إن كانت نصية أو اجتهادية، فنجد بالنسبة لهذين الأمرين أن الإسلام حض المسلمين والعلماء منهم خاصة وولاة الأمر على تحري العدل في تطبيق الأحكام، أو عند استنباطها، فوضع قوالب عامة ومعايير دقيقة ومقاييس عادلة لاستنباط الأحكام، فالأحكام الاجتهادية ليست عشوائية في استنباطها ولا ارتجالية في وضعها، ولكنها محكومة بقواعد وأصول فلابد أن تكون منسجمة مع الأصول العامة للشريعة، والقواعد الأساسية، والغايات والأهداف الكبرى، ويمكن الرجوع إلى هذا الموضوع في كتب أصول الفقه.
وفي مجال التطبيق كذلك فقد حث الله سبحانه المسلمين عامة وولاة الأمر بصفة خاصة على العدل، وحث على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، بل إن الله سبحانه أمر به أمراً صريحاً، يقول جل ذكره: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}. (النساء: 58). أي ويأمركم إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، والأمر كما هو معروف عند علماء الأصول يقتضي الوجوب إلا أن يصرفه صارف عن ذلك، وفي الآية الأخرى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}. (النحل:9) ويقول سبحانه فيما خاطب به رسوله صلى الله عليه وسلم: {وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ}. (الشورى:15).
وإلى جانب الآيات فهناك الأحاديث الكثيرة والوقائع المشهورة التي حصلت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في عهد الخلفاء الراشدين، ففي الحديث المتفق عليه: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله "- وعد منهم الإمام العادل- وفي الحديث الآخر: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوّ". رواه مسلم. وجاءه عليه الصلاة والسلام زيد بن سعنة قبل إسلامه يتقاضاه دينا عليه، فجبذ ثوبه عن منكبه، وأخذ بمجامع ثيابه، وأغلظ له ثم قال: إنكم يا بنى عبد المطلب مطل، فانتهره عمر وشدد له في القول، والنبي صلى الله عليه وسلم يبتسم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أنا وهو كنا إلى غير هذا منك أحوج يا عمر، تأمرني بحسن القضاء، وتأمره بحسن التقاضي..." الحديث .
ومكن عكاشة أن يقتص منه، وكذلك الأعرابي الذي تعلق في زمام ناقته فانتهره مرارا فلما لم ينتهر ضربه . وغير ذلك من الحالات والوقائع المماثلة كثيرة وليس هذا مجالا سردها فليرجع إليها في كتب التاريخ والسير، لتجد الصفحات البيضاء من صفحات العدل، ومن هذا نخرج بنتيجة وهي أن العدالة صفة رئيسية من صفات التشريع الإسلامي، خاصة فيما ورد فيه نص صريح من القرآن، أو نص صحيح صريح من سنة، كما يجب أن تراعى العدالة في جانبين.
أولاً: في الجانب التشريعي الاجتهادي: أي الأحكام الاجتهادية فيما لم يرد به النص كما في حالة سن الأنظمة اللازمة للناس، كأنظمة البلديات والمرور، وأنظمة العمال والموظفين والشركات وأصحاب المهن المختلفة، وغير ذلك مما يستجد من أمور الناس وشئون الحياة، فيجب على كل من يضعون هذه الأنظمة ويسنونها أن يراعوا جانب العدالة فيها، فلا يغلبوا مصلحة فئة على فئة أخرى، ولا جانباً على جانب، إلا بحق واضح تقتضيه مصلحة عامة راجحة، ويجب أن تكون هذه الأنظمة وأمثالها متمشية مع أصول الشريعة منسجمة مع قواعدها الكلية، غير متعارضة مع أحكامها الثابتة ولا متباينة مع الأهداف والغايات والمقاصد التي توخاها الشارع واعتبرها.

ثانياً: في الجانب التطبيقي: فيجب على الحاكم أن يتقي الله في حكمه، ويتحرى العدالة في تطبيق الأحكام التي أنزلها الله، فلاشك أنها عادلة، ولكن التطبيق قد يكون جائراً، فعليه أن يتقي الله فلا يحكم بأي حكم اجتهادي تبين له ظلمه وإجحافه، وعليه أن يعترض عليه ويبدي رأيه فيه.
ا لثالثة: الرحمة:
إن الرحمة تعتبر أمراً زائداً على العدالة، فالعدالة رحمة ولاشك، ولكن الرحمة عدالة وزيادة، أما العدل فإن فيه رحمة للكافة وللمجتمع بصفة عامة، ولكن قد لا يكون فيه رحمة للمحكوم عليه في ظاهر الأمر، مع أنه في الحقيقة رحمة، إذا نظرنا إلى المسألة نظرة ثاقبة تنفذ من الدنيا إلى الآخرة.
ويرى الأستاذ محمد أبو زهره- رحمه الله- خلاف ذلك، فهو يرى أن الرحمة والعدل مترادفان، فهو يقول: ولذلك كانت رحمة النبوة الأولى هي العدل، فالعدل في ذاته هو الرحمة الشاملة، ويقول: فالعدالة الحقيقية هي الرحمة الحقيقية .
ولكني أقول ليس الأمر كذلك، لأن الرحمة أوسع وأشمل، فهي كما قلت عدل وزيادة، وكل الأطراف ترضى بالرحمة، ولكن ليس كلها يرضى بالعدل، مع أن العدل يعتبر رحمة عامة ولكنه قد لا يكون كذلك في ظاهره ومما يدل على ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة الزبير مع الأنصاري فإنه في أول الأمر قال : "إسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك". فلما غضب الأنصاري واتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتحيز لابن عمته. قال صلى الله عليه وسلم : "يا زبير إسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر". فإن الحكم الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم مبني على الرحمة، فقد أمر الزبير بأن يسقي أرضه شيئا يسيرا ثم يرسل الماء، ولم يعطى الزبير كامل حقه، فإنه قريبه ويدل عليه فلما تبين هذا الموقف من هذا المنافق، حكم بالعدل وأعطى كل ذي حق حقه، وقد أشار. إلى هذا المعنى الإمام النووي- رحمه الله- في شرح مسلم .
وكذلك حديث الرجل الذي كان منقطعا لعبادة الله مدة طويلة، فلما مات سأله الله تعالى هل أدخلك الجنة بعملك أم برحمتي؟. فقال: بل بعملي، فلما حاسبه الله بالعدل استوجب النار، لكن الله سبحانه عامله بالرحمة التي هي أوسع من العدل فأدخله الجنة.
وقد جاءت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة كلها تصف هذه الشريعة بالرحمة، وتصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، وتصف المسلمين بالتراحم بينهم وتأمرهم به، يقول جل ذكره في معرض وصفه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً}. (الأحزاب: 43). وعن المؤمنين: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}. (الفتح:29) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتل المرأة الكافرة، والطفل والشيخ الكبير والمنقطعين للعبادة من الرهبان وغيرهم، ما لم يشتركوا في الحرب، وفي الحديث: "من لا يرحم لا يرحم ". والآيات والأحاديث والوقائع في هذه كثيرة لا تنحصر.
الرابعة: اليسر:
من مزايا التشريع الإسلامي الاتجاه إلى التيسير على الناس وعدم إيقاعهم في الحرج والضيق والمشقة وهذا واضح من الآيات والأحاديث الكثيرة يقول جل ذكره: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}. (البقرة: 185). ويقول سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُم}. (النساء: 28).
ويقول عز وجل: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}. (الحج: 78). وفي الحديث: "يسروا ولا تعسروا" . وعن عائشة- رضى الله عنها- قالت: "ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما" .
وفي حديث الأعرابي الذي بال في المسجد قال لهم عليه الصلاة والسلام: "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين". أخرجه البخاري عن أبى هريرة.
وهذا واضح في العبادات من صلاة وصوم وحج، وكذلك في المعاملات فإنها مبنية على التيسير على الناس وعدم إيقاعهم في المشقة والحرج، أما فيما يتصل بحقوق الناس إن كانت في الأموال أو الدماء أو الأعراض، فهذه ينبغي أن يمكن صاحب الحق من حقه، ولكن برفق كما قال جل ذكره: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَان}. (البقرة:178). لذلك فإن أي نظام يسن ينبغي أن يراعى فيه التيسير والرفق بمن وضع لهم والرحمة بهم. الخامسة: الحكمة:
تعرف الحكمة بأنها وضع الشيء في موضعه المناسب، وعرفها العلامة محمد الأمين الشنقيطي- رحمه الله- بقوله: والحكمة في الاصطلاح هي وضع الأمور في مواضعها وإيقاعها في مواقعها .
وتلاحظ الحكمة في التشريع الإسلامي في عدة مواضع , فمنها فيما يختص بالإرث وتقسيمه بنسب معينة , نلاحظ أنها في منتهى الحكمة , فعندما نقارن بين أنصبة البنين والبنات والأخوة والأخوات والأبوين والزوجين , نجدها تتناسب مع مسئولياتهم ومع واجباتهم وصلتهم بالميت ,وعندما نلاحظ العقوبات وتفاوتها من حد إلى حد ومن جناية إلى جناية نجد التناسب التام والانسجام الدقيق العقوبة والجريمة , وكذلك نجد الحكمة في تفاوت أنصبة الزكاة ومقاديرها من مال إلى مال , كذلك العبادات فأحكامها في غاية الحكمة ,وهذا شأن التشريع الإسلامي وصفته المميزة له الحكمة , فهو من لدن عليهم حكيم , وقد تكلم ابن القيم –رحمه الله –في كتابه المشهور أعلام الموقعين, عن هذا الموضوع بالتفصيل, وأورد كثيراً من الشبه وردها , وبين الحكمة في تفاوت العقوبات من ذنب إلى ذنب ومن جناية إلى أخرى, كما بين الحكمة فيما شرع من التماثل بين الجناية والجزاء , والحكمة فيما لم يشرع فيه التماثل , كما تطرق إلى كثير من الأحكام وبين وجه الحكمة في الاختلاف والاتفاق في كثير من صورها وفروعها , وذالك في حديثه عن القيس وهو كلام جيد نقيس .
السادسة: الخلود والديمومة:
كما ألمحت آنفاً أن هذا التشريع يمتاز بأنه خالد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لا يتطرق إليه التعديل أو التبديل، لذلك فإننا نلاحظ هذه الشريعة مرنة في أحكامها، ولكنها راسخة الأصول، أو كما وصفها أحد الكتاب شجرة ثابتة الأصول متحركة الفروع، ومما يدل على خلود الشريعة وديمومتها واستمرارها وشمولها قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}. (الصف: 9). فهذا نص مطلق غير مقيد بزمر وكذلك قوله جل ذكره: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. (الحجر: 9). وفي الحديث: "ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم". رواه مسلم.
السابعة: العناية بالدنيا والآخرة:
إن من المميزات الرئيسية للتشريع الإسلامي بصفة عامة، أنه شامل للدنيا والآخرة، علاج للظاهر والباطن، فهو لا يكتفي بعلاج الظاهر دون الباطن، ولا يكتفي بالحديث عن الدنيا دون الحديث عن الآخرة.
ولذلك فإن النظم الإسلامية كلها يجب أن تكون مبنية على الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر وبالبعث بعد الموت والمجازات بالعمل إن خيراً فخيرا وإن شراً فشراً، ولاشك أن النظم التي ترتكز على هذه القواعد العظيمة، وتعتبر مستمدة من المنهج الإلهي لا شك أنه سوف يكون لها قدسية في نفوس الناس وأثر كبير وهيبة عظيمة، وإن المسلم الذي يعتقد أنه أن أفلت في الدنيا من قبضة الحاكم فلن يفلح في الآخرة من قبضة الله سبحانه وأنه له بالمرصاد، وأن أعماله وحركاته وسائر تصرفاته مرصودة وأن أنفاسه محسوبة معدودة.
لاشك أن مثل هذا الاعتقاد وهذا التصور له دور كبير في تهذيب النفوس وصقلها وردعها عن الشرور وزجرها عن الجريمة، ولذلك نلاحظ أن النصوص الإسلامية لم ترد مجرد أوامر جافة، بل نجدها تخاطب في الإنسان قلبه ولبه وضميره وأحاسيسه، وتحرك كوامن الإيمان فيه وتوقظ ضميره، إن كنتم مؤمنين، لعلكم تتقون، لعلكم تذكرون، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر... الخ.
فمثل هذا الخطاب يحرك جذوة الإيمان في نفس المسلم، فيكون أدعى للاستجابة وأقرب للالتزام والانضباط.
وهذا بخلاف القوانين الوضعية التي لا ترتكز على دعائم من الإيمان في جوهرها، ولا تراعي أحاسيس الإنسان ومشاعره في أسلوبها، فهي مجرد أوامر ونواه جافة، تكتفي بعلاج الظاهر والحديث عن الدنيا على ضعف في العلاج وقصور في الحديث وركاكة في الأسلوب.

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655168

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  1384c10


الأوسمة
 :


مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي    مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  I_icon_minitime30/7/2010, 21:36

خيارات المساهمة


الثامنة: العصمة والصدق:
يعتبر هذا التشريع معصوما عن الخطأ، معصوما عن التحريف والتبديل والتغيير، كما يعتبر مصيباً في أحكامه لأنه من عند الله، صادقا في أخباره ووعده ووعيده. يقول جل ذكره في حق الرسول صلى الله عليه وسلم: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ، لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ، فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}. (الحاقة: 44-47). ويقول سبحانه حكاية عن المشركين: {ائْت بقرآن ئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيّ}. (يونس: 15).
ويقول الشاطبي - رحمه الله- في كتابه الموافقات: إن هذه الشريعة معصومة كما أن صاحبها صلى الله عليه وسلم معصوم، وكما كانت أمته فيما اجتمعت عليه معصومة ثم أورد دليلين:
أحدهما:
من القرآن فاستدل بقوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. وقوله: {كتاب أحكمت آياته}.
والثاني:
دليل الاعتبار الوجودي الواقع من زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الآن .
وكما يعتبر معصوما فإنه يعتبر صادقا مصيبا يقول جل ذكره: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً}. (سورة النساء: 87). {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً}. (النساء: 22 1). {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}. (الإسراء: 9). ويقول جل ذكره متحدثا عن القرآن: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}. (النساء: 82). وفي الحديث: "إن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد".
والتشريع الذي يتميز بالعصمة والصدق والإتقان وعدم التفاوت والاختلاف، لاشك أنه التشريع الواجب الاتباع.
التاسعة: السلطة التشريعية في التشريع الإسلامي: جعلها الله في أهل الذكر من العلماء، وهم المجتهدون الذين يكلفهم الشارع استنباط الأحكام للوقائع من النصوص أو الأمارات، على وفق نظم الإسلام وقواعده من غير جور ولا تحيف، بخلاف السلطة التشريعية في القوانين، فإنها تتولاها هيئة معينة يحددها دستور الدولة، وقد يكون الخطأ أقرب إليها من الصواب .
هذه بعض المزايا التي وقفت عليها أو وفقت إليها، وقد يكون فيها شيء من التداخل أو الازدواج وقد يكون بعضها مستلزما للبعض الآخر، ولكن زيادة في الإيضاح وحرصا على التبليغ أفردتها في فقرات ليسهل استيعابها والرجوع إليها.
وبهذه المناسبة فقد لاحظت أن بعض الكتاب في حديثهم عن مزايا التشريع الإسلامي، يتكلمون عن مزايا التشريع الجنائي، فبعض الباحثين يرى أن التشريع الجنائي الإسلامي له خصائص معينة تميزه عن أقسام التشريع الأخرى فمن ذلك فيما يرى هؤلاء:
أولاً: التدرج:
يقول الأستاذ أحمد فتحي بهنسى في كتابه السياسة الجنائية في الشريعة الإسلامية: إن سياسة التجريم التي ينهجها أي مشرع وضعي تأتي تدريجا، وخاصة إذا كانت الأفعال التي يخضعها للتجريم مباحة في الأصل.
وهذه السياسة هي التي سبقت بها الشريعة الإسلامية منذ القدم، ونذكر أمثلة التجريم التي يظهر فيها هذا التدرج التشريعي في الشَريعة الإسلامية. ثم أورد بعض الأمثلة منها حد الزنا .
والزنا باعتباره جريمة حرم دفعة واحدة، ولم يتدرج فيه ولكن التدرج حصل في العقوبة فقد كانت الحبس والإيذاء، ثم صارت الجلد والتغريب أو الرجم.
ثم ذكر حد شرب الخمر . وفعلا فقد حصل- التدرج في تحريمها بوضوح حيث أن- المجتمع في ذلك الوقت قد ابتلي بعادة الشرب وارتكس فيها.
ولكن ينبغي أن يلاحظ أن هذه المحرمات التي حرمت بالتدرج، أو فرضت عقوباتها بالتدرج، أن هذا أمراً خاصا بها، وفي ذلك الوقت خاصة. فإنه بعد تحريمها بصفة نهائية لا يجوز التدرج في تحريمها، في حق المجتمع الآخر ولا يقاس عليها غيرها من الجرائم، ولو توافرت في هذا المجتمع مثل هذه الظروف.
والحكمة في التدرج والله أعلم هو أن المجتمع الإسلامي في أول أمره كان ضعيفاً قليل العدد، ولم تكن له القاعدة الشعبية التي تحميه وتؤازره، في حالة الرفض وعدم الاستجابة من قبل الآخرين، فلما قوى المجتمع الإسلامي وازداد عدد المسلمين لم تكن هناك حاجة للتدرج، يدل لذلك أنه في عهد رسوله الله صلى الله عليه وسلم وفي آخر أيام حياته وكذلك في عهد الخلفاء الراشدين لما فتحوا بلاد الكفار من النصارى والمجوس وغيرهم لم يتدرجوا معهم في التحريم والتجريم والعقوبة، مع أن هذه المجتمعات كانت قد ابتليت بالزنا والربا وشرب الخمر، ومع ذلك فقد ابلغوا بالإسلام كاملا، وطولبوا بالالتزام به جملة واحدة، ويدل لذلك موقف الرسول صلى الله عليه وسلم مع بعض الوفود، كوفد عبد القيس، ووفود اليمن وثقيف، فإنهم عندما أسلموا استأذن بعضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في شرب الخمر لأنهم يحتاجون إليها للتدفئة فلم يأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندما قال أحدهم: إن الناس ليسوا بتاركي هذا الشراب أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم جمالها بمقاتلتهم، ومنهم من استأذن في الزنا أو في ترك الصلاة فكلهم لم يأذن لهم رسول الله بذلك، فلو أن هناك تدرجاً لاستجاب لهم رسول الله ولتدرج معهم.
ولكن لا مانع أن تستخدم سياسة التدرج في التجريم والعقوبة في الجرائم التعزيرية، فعندما يبتلى الناس بعادة سيئة، أو ينتشر بينهم خلق دميم، فلا مانع من التدرج في تحريم ذلك بتتبع مصادره أولا، وإيجاد البديل عنه، ثم تحريمه ثانيا، والمعاقبة على فعله بالعقوبة المناسبة.
ثانياً: عدم رجعية التشريع الجنائي على الماضي:
وينبني على هذا التدرج التشريعي أن المذنب لا يعاقب إلا بمقتضى النص الذي يكون ساريا وقت ارتكابه جريمته، أي أن النص لا ينسحب على ما مضى من الوقائع، ثم أورد بعض الأدلة من القرآن.
ثالثا: الاقتصار على الكليات دون الجزئيات والعموميات دون الخصوصيات: ثم تكلم عن النسخ. والواقع أن ما أشير إليه من هذه الأمور على أنها خصائص التشريع الجنائي لا يبدوا ذلك واضحا، بل الذي يظهر أن هذه الأمور ليست خاصة بالتشريع الجنائي دون غيره من أقسام التشريع الإسلامي، إن كانت في العبادات، أو الشئون المالية أو الأسرية أو شئون الحرب.
فكثير من التشريعات نلاحظ فيها التدرج كالزكاة والصلاة والصيام والجهاد، فليس التدرج مقتصرا على التجريم والعقوبة، بل نستطيع أن نقول أن التدرج يعتبر صفة عامة للتشريع الإسلامي.
كذلك عدم رجعية التشريع الجنائي على الماضي ليست مقتصرة على الجنايات بل هي صفة عامة للتشريع الإسلامي بجميع أقسامه، والآية التي يستدلون بها وهى قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}. (الأنفال: 38). وردت عامة مطلقة في كل شيء من الجنايات وغيرها.
أما الاقتصار على الكليات دون الجزئيات والعموميات دون الخصوصيات، والنسخ فهذه المسائل من الوضوح بحيث لا يحتاج الأمر إلى الكتابة عنها، فهذه من المسائل الخاصة بكثير من الأحكام كالمعاملات، والشئون الاقتصادية ونظام الحكم، وليست مقتصرة على قسم دون آخر، وليس من المناسب الإشارة إليها في معرض الحديث عن خصائص التشريع الجنائي لأنها عامة تشمل كثيراً من الأحكام كما ذكرت.
ومن هذا يتضح لنا أن التشريع الجنائي الإسلامي ليست له خصائص تميزه عن بقية أقسام التشريع، هذا إذا نظرنا إلى التشريع الجنائي بمفهومه العام الذي يدخل فيه الاعتداء على حقوق الله سبحانه وحقوق الناس والاعتداء على الأموال والأعراض والأبدان.
إنما نلاحظ في التشريع الجنائي الخصائص المشار إليها في التشريع الإسلامي بصفة عامة من عدالة وحكمة ورحمة ويسر وغير ذلك من المزايا التي أشرنا إليها.
وجوب تطبيق التشريع الإسلامي والالتزام به وتنفيذه:
إن التشريع الإسلامي على اختلاف أقسامه إن كان جنائيا أو مالياً أوفي العبادات أو في الحرب وشئونها، يعتبر روح الأمة الإسلامية، فبدون هذا التشريع لا يعتبر للأمة الإسلامية كيان ولا وجود، إلا وجودا شكلياً وكياناً صوريا، أي كالجسد الميت الذي لا روح فيه ولا حياة.
وما لم ينفذ المسلمون حكاما ومحكومين التشريع الإسلامي في كل مجالات الحياة، فإنه في هذه الحالة لا يعتبر لهم وجود شرعي، ولا كيان حقيقي، فالمسلمون ملزمون بتطبيق الشريعة الإسلامية خاصة ولاة الأمر، يقول جل ذكره: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون}. (الجاثية: 18). فاتباع الشريعة واجب في كل ما جاءت به من كليات أو جزئيات وأصول أو فروع، والحكم بما أنزل الله واجب لابد منه في حق الحكام والمحكومين: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}. (المائدة: 44). {وأولئك هم الظالمون}. (المائدة: 45). {وأولئك هم الفاسقون }. (المائدة: 47). ويقول سبحانه: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} (النساء: 65). ويقول عليه الصلاة والسلام: "والله لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به". وفي الحديث: "وما لم يحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم ".
إن هذه المسألة من الوضوح بحيث لا تحتاج إلى زيادة تفصيل، يدركها كل مسلم يتلو كتاب الله ويتدبره، ويقرأ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويفقهها.
وينبغي أن نلاحظ أنه لابد من تطبيق الشريعة عامة بكل أحكامها، وإلا فلا يعتبر المجتمع ملتزما بشريعة الله ولا مطبقا لها، يقول جل ذكره: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}. (البقرة: 85).
ويقول سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً}. (النساء:150-151). فلاشك أن الذي يطبق الإسلام في جانب ويحول بينه وبين التطبيق في جانب آخر، لاشك أن هذه الآيات تنطبق عليه وهو على خطر عظيم من الكفر والنفاق. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655168

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  1384c10


الأوسمة
 :


مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي    مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي  I_icon_minitime30/7/2010, 21:37

خيارات المساهمة


المراجع

في ظلال القرآن: (ج1ص228).
مدخل الفقه الإسلامي: الدكتور محمد سلام مدكور.
الإسلام عقيدة وشريعة: محمود شلتوت: (ص22).
متفق عليه.
رواه أبو داود والترمذي.
المدخل لدراسة الفقه الإسلامي : الدكتور محمد يوسف موسى.
منهج التشريع الإسلامي وحكمته: (ص23).
تفسير ابن كثير: (ج2ص582).
تفسير الرازي: (ج2ص211). وراجع تفسير القرطبي: (ج6ص420). وأضواء البيان للشنقيطي فقد تكلم على هذه الآية بإسهاب ونقل كلاما للسيوطي من كتابه الإكليل في استنباط التنزيل حول هذا المعنى: (ج3ص306).
رواه مسلم وأبو داود والترمذي.
الوفا بأحوال المصطفى: (ج1ص371).
أخرجه البخاري. انظر فتح الباري: (ج11ص494).
مدخل الفقه الإسلامي: الدكتور محمد سلام مدكور: (ص13).
انظر رسالة البرهان والدليل على كفر من حكم بغير التنزيل: أحمد بن ناصر المعمر: (ص48).
ذكره القاضي عياض في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى: (ج1ص109). وانظر كذلك الوفى بأحوال المصطفى لابن الجوزي: (ج3ص425).
الشفا: (ج2ص199).
الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي: القسم العام. (ص6-7). محمد أبو زهره.
شرح مسلم للإمام النووي: (ج15ص108).
الحديث متفق عليه. انظر رياض الصالحين للنووي بتحقيق الألباني: (ص75).
الحديث متفق عليه. انظر رياض الصالحين للنووي بتحقيق الألباني: (ص76).
منهج التشريع الإسلامي وحكمته.
انظر أعلام الموقعينالجزء الثاني من أوله إلى ص 187)
الموافقات: (ج2ص40).
مدخل الفقه الإسلامي: محمد سلام مدكور: (ص23).
السياسة الجنائية في الشريعة الإسلامية: (ص10).
السياسة الجنائية في الشريعة الإسلامية: (ص10).

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
 

مِن مَزَايَا التشرِيع الإسلامِي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

.:: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ::.


      هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة     
odessarab الكلمات الدلالية
odessarab رابط الموضوع
AlexaLaw bbcode BBCode
odessarab HTML HTML كود الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم القانون :: منتدى AlexaLaw لعالم القانون :: القانون و الشريعة الإسلامية-
انتقل الى:  
الإسلامي العام | عالم القانون | عالم الكتاب و الثقافة العامه | التجاره و المال و الأعمال | البرامج و تكنولوجيا المعلومات | تطوير المواقع و المدونات | الترفيهي و الإداري العام

Powered by AlexaLaw.com ® Phpbb Version 2
Copyright © 2010
.:: جميع الحقوق محفوظه لمنتدى عالم القانون © ::.

.::جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه و إنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه في حدود الديمقراطيه و حرية الرأي في التعبير ::.