عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .


عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .



عالم القانون

العدل أساس الملك - Justice is the basis
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
TvQuran
 مدى اختصاص المحكمة العليا بالرقابة الدستوري 110
AlexaLaw on facebook
 مدى اختصاص المحكمة العليا بالرقابة الدستوري 110
 مدى اختصاص المحكمة العليا بالرقابة الدستوري 110
 مدى اختصاص المحكمة العليا بالرقابة الدستوري 110
 مدى اختصاص المحكمة العليا بالرقابة الدستوري 110
 مدى اختصاص المحكمة العليا بالرقابة الدستوري 110

شاطر | 
 

  مدى اختصاص المحكمة العليا بالرقابة الدستوري

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655186

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

 مدى اختصاص المحكمة العليا بالرقابة الدستوري 1384c10


الأوسمة
 :


 مدى اختصاص المحكمة العليا بالرقابة الدستوري Empty
مُساهمةموضوع: مدى اختصاص المحكمة العليا بالرقابة الدستوري    مدى اختصاص المحكمة العليا بالرقابة الدستوري I_icon_minitime27/9/2011, 14:26

خيارات المساهمة


مدى اختصاص المحكمة العليا بالرقابة الدستوري

مدى اختصاص المحكمة العليا بالرقابة الدستورية فى ضوء احكام القانون رقم 17 لسنة 1423 م
للمحامي /فتحى منصور عبدالصمد الفيتورى

تاريخياً مرت الرقابة على دستورية القوانين في ليبيا بعدة مراحل مختلفة، فقد مارست محكمتنا العليا هذه الرقابة بموجب نص دستوري ( 1 )، وبأسلوب الدعوي الأصلية التي يباشرها كل ذي مصلحة شخصية مباشرة ، واستمر هذا الإختصاص معقودًا لها حتي في ظل أحكام الإعلان الدستوري عقب قيام الثورة عام 1969 م وإن كان ذلك خارج التحصين الدستوري الوارد بالإعلان الدسـتوري( 2 ) غير أن هذا الأمر اختلف بصدور إعلان قيام سلطة الشعب عام 1977 م والأخذ بنظام وحدة السلطة (السلطة للشعب ولاسلطة لسوا ه) مماترتب علي ذلك سريان الإعتقاد بأن هناك تعارض بين الفلسفة السياسية القائمة بموجب الإعلان وبين اختصاص المحكمة العليا بالرقابة علي دستورية القوانين التي تصدر عن صاحب السلطة (المؤتمرات الشعبية الأساسية) ، ونجم عن كل ذلك صدور القانون رقم 6 لسنة 1982 والذي سلب المشرع بموجبه إختصاص الرقابة علي دستورية القوانين من المحكمة العليا ، وقد تولد علي هذا وجود فراغ تشريعي وقضائي بشأن هذه المسألة الخطيرة علي حقوق المواطن وحرياته .

وإزاء ماأسفر عنه الواقع العملي القضائي المتأثر والمنسجم مع الآراء الفقهية المنادية بالأخذ برقابة صحة التشريع لغياب النص آثر المشرع حسم الأمر فأصدر القانون رقم 17 لسنة 1423 م والذي أعاد بموجبه للمحكمة العليا الإختصاص برقابة دستورية القوانين ( 3 ) ..

لعلنا بهذا السرد التاريخي المقتضب مهدنا للقارئ الكريم الفكرة الأساسية، والغاية المتوخاة من إثارة موضوع الرقابة علي دستورية القوانين من خلال محكمتنا العليا ومداها (سابقاً وحاليًا) ، وتجدر بنا الإشارة إلي أنه كان للفقه موقفا صريحًا خلال الفترة التي غاب فيها النص علي إختصاص القضـاء بهذه الرقابة ( 4 ) ، علي أن الأمر لم يكن كذلك بعد عودة الإختصاص حيث لم تُبحث هذه المسألة أو يتناولها المختصين بالتعليق أو البيان ـ فيما نعلم علي الأقل ـ ونعني بذلك الخوض في مدي رقابة المحكمة العليا علي دستورية القوانين حاليًا بعد صدور القانون رقم (17 /1423م) ، وبمعني آخر هل الرقابة القضائية المنوطة بالمحكمة العليا تعد رقابة إلغاء كما هو الحال في السابق أم أنها رقابة إمتناع علي الرغم من أن إتصالها بالدعوي الدستورية مقرر بدعوي أصلية؟.

ممالاشك فيه أن مقتضيات بحث هذه الجزئيات تفرض التطرق ولو بشكل مبسط لبعض عموميات الرقابة القضائية علي دستورية القوانين ، مما يدعونا لبيان الأسس العامة للرقابة علي الدستورية (مطلب أول) ، ثم نلج بعدها لرقابة المحكمة العليا بموجب النص وللوضع عند غيابه (مطلب ثاني) ، علي أن نتناول الوضع الراهن بعد عودة الإختصاص ، وما نراه من آفاق لهذه الرقابة (مطلب ثالث).

المطلب الأول

الأسس العامة للرقابة القضائية علي دستورية القوانين

مفاد هذه الرقابة أن تكون لأحكام الدستور مرتبة السمو بالنسبة لأحكام القوانين الأدني مرتبة عملاً بقاعدة أو مبدأ تدرج القواعد القانونية، وبحيث يقوم النظام القانوني في الدولة علي أساس خضوع القاعدة القانونية الأدني للقاعدة الأعلى منها، وبمايجعل لأحكام الدستور الصدارة علي قمة الهرم القانوني، ثم يليها في المرتبة التشريع العادي ، فالتشريع الفرعي ..وهكذا .

وفي مجـال هذه الرقابة فإن الدول المعاصرة لم تسلك مسلكًأ واحدًا بشأنها فمنها من نهج أسلـوب الرقابة (السابقة) ومنها من آثـر نهج الرقابـة القضائية (اللاحقة) ( 5 ) ، وفي هذه الأخيرة نجدها قد اختلفت في مدي هذه الرقابة اللاحقة ، وفي وسائل وكيفية ممارستها وفي الجهة القضائية المختصة .



أولاً / جوهر ومضمون الرقابة القضائية :

يكمن مضمون هذا النوع من الرقابة علي دستورية القوانين في وجود هيئة قضائية معينة مهمتها مراقبة مدي مطابقة ما يصدر عن السلطة التشريعية مع أحكام الدستور، ومن ثم إما أن تقضي بعدم دستورية النص المعروض عليها، أو بأن تقرر صحته وإتفاقه مع أحكام الدستور، وبحسب نوع هذه الرقابة ومداها فإن أثر الحكم يختلف فإذا كانت تمارس الهيئة رقابة إلغاء فإن عدم الدستورية يترتب عليه إلغاء النص المخالف، بينما لايتعد حكمها بعدم الدستورية حدود إهمال تطبيق النص المخالف إذا كانت لاتمارس إلا رقابة إمتناع.

ويمكن القول بأن جوهر هذه الرقابة يتمثل في أنها تعد من أهم مستلزمات قيام دولة القانون إذ لا يكفي مجرد الإعلان عن حقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية والإقرار بقيمتها القانونية مالم تعترف الدساتير والوثائق بوجود هيئات قضائية تتولي تصحيح الإنحراف ورد الإعتداء الذي قد يقع علي هذه الحقوق والحريات ( 6)

وفي تأييد ومعارضة هذه الرقابة القضائية ثار الجدل واحتدم النقاش طويلاً بين الفقه الدستوري( 7 )، فقد انصبت وجهة النظر المعارضة لهذه الرقابة علي أنها تعطل عمل الديمقراطية، وبأنها تعد عديمة الجدوي في حماية الحريات، كما أنها وفي مجملها تشكل مخالفة لمبدأ سيادة الأمة، وفيها تعارض بيّن مع مبدأ الفصل بين السلطات، وأيًا كان شأن هذه الإنتقادات التي وُجهت للرقابة القضائية علي دستورية القوانين فإن الدول المعاصرة وعلي مختلف مناهجها السياسية أقرت هذه الرقابة من منطلق أنها أصبحت أمرًا لازمًا، حيث لم يعد للمذهب السياسي السائد في أي دولة ما يحد من مبدأ تدخلها في شتي مناحي الحياة الإجتماعية والإقتصادية، وبمعني آخر لم يعد مفهوم الدولة المـعاصرة (الخادمة) كما كان مفهوم الــدولة التقليـدية (الحارسة) والذي أستتبع بالضرورة وعبر الفلسفات الحديثة أن وُجد طوفان من القوانين، وسيل من التشريعات المتلاحقة بحيث أصبح لا مناص من إقرار هذه الرقابة القضائية لدي مختلف النظم المعاصرة لاعتبارها الضمانة الفعالة لنفاذ الدستور، ولأنها في الوقت ذاته تمثل ضمانة كبري، وهي الجزاء االملائم علي مخالفة التشريع العادي لأحكام الدستور والإنحراف في إستعمال السلطة التشريعية، وبشكل أعم وأهم تعد هذه الرقابة الضمانة الأساسية الأكثر فعالية وأهمية للحريات العامة التي قررت في صلب الوثيقة الدستورية أو في ديباجتها ( 8 ).

ثانيًا: أساليب إعمال الرقابة القضائية :

اختلفت النظم القانونية عند أخذها بهذا النوع من الرقابة علي الدستورية، فمنها من أخذ بأسلوب الدعوى الأصلية، بينما سلكت أخري أسلوب الرقابة بطريق الدفع .

1. أسلوب الرقابة القضائية بدعوي أصلية:

تُمارس هذه الرقابة بوسيلة الدعوى الأصلية ( المبتدأة ) للطعن في عدم دستورية قانون معين ، ويطلق علي هذا الأسلوب (الهجومي ) لأن الدعوى هنا تُوجه لمهاجمة ومواجهة القانون المخالف لأحكام الدستور، إذ لصاحب المصلحة الحق في مهاجمته بمجرد صدوره إذا كانت له مصلحة حاله ومباشرة في ذلك، أي لا يُفترض إنتظاره إلي حين تطبيق القانون، كما يقتضي هذا الأسلوب أن تُرفع الدعوى إلي جهة قضائية مختصة، غير أنه ولخطورة هذا الأسلوب حيث غالبًا ما تصل الرقابة في مداها إلي حد إلغاء القانون المخالف فأنه لم يلقي هذا النوع من الرقابة إقبالاً، ولم يظفر إلا بنطاق محدود ( 9 ) . ومن التطبيقات العملية لهذا النوع من الرقابة نجدها قد جاءت علي أنماط مختلفة خاصة من حيث صاحب الحق في مباشرة الدعوى الدستورية، ومن حيث ما يترتب علي الحكم بعدم الدستورية من أثار قانونية، فقد تكون الدعوي من إختصاص هيئة أو هيئات معينة يحددها القانون بحيث لايختص بمباشرتها سواها، كما هو الحال في النظام اليوغسلافي (سابقًا)، وفي النظام التركي ( 10 ) . وقد يثبت هذا الحق للأفراد وإن كان يتم بطريقتين:
(أولهما): يكون بطريق غير مباشر حيث الطعن أمام المحكمة المختصة بالدستورية مرتبطًا بموضوع
النزاع المعروض علي محكمة الموضوع في دعوى عادية ، وهنا ترفع الدعوة الدستورية
(بواسطة القاضي) إذ لا يحق للأفراد وبطريق مباشر رفع الدعوى ( 11 )،
(ثانيهما) : أن يعطي هذا الحق للأفراد لممارسته ـ بدون وساطة ـ ولإتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية مباشرة أمام المحكمة المختصة، وقد أخذ بهذا الأسلوب الأخير عدد من الدساتير (سويسرا ، أسبانيا ( 12 ) وجانب من الدول العربية نذكر منها (ليبيا ، السودان).
2. أسلوب الرقابة القضائية بطريق الدفع بعدم الدستورية :

يختلف هذا الأسلوب عن سابقه ( الدعوى الأصلية ) ومن ثم فهو لا يُعد وسيلة هجومية بل يطلق عليه الوسيلة الدفاعية ، وتكون هذه الرقابة عن طريق إثارة دفع أمام المحكمة العادية بعدم دستورية القانون المراد تطبيقه علي النزاع المعروض أمامها ، وفي هذه الحالة إما أن يتصدي القاضي من تلقاء نفسه للبحث في مدى دستورية القانون فإذا ما تبين له ترجح مخالفة القانون للدستور فليس أمامه ـ وإزاء وجود محكمة دستورية مختصة( 13 ) إلا أن يوقف السير في الدعوى ويطلب من صاحب الشأن إتخاذ مايلزم من أجراءات الطعن أمام الهيئة المختصة بالرقابة الدستورية أيًا كانت تسميتها ، أو أن يحيل الدعوي إلي المحكمة الدستورية للنظر في مدي دستورية النص المطعون فيه ( 14 )

بعد أن وقفنا في عجالة علي جوهر ومضمون الرقابة القضائية علي دستورية القوانين ، ورأينا أنواعها وأساليبها المختلفة وفقًا للأسس العامة لهذه الرقابة نمضي للحديث عن الرقابة القضائية علي دستورية القوانين في ليبيا التي مارستها محكمتنا العليا بموجب النص ، وأثناء سلبها هذا الإختصاص ، ومدي الرقابة التي تمارسها حاليًا بعد إعادة هذا الإختصاص إليها .


المطلب الثاني

المحكمة العليا والرقابة علي دستورية القوانين

أشرنا فيما سبق إلي أن المحكمة العليا مارست الرقابة علي دستورية القوانين وفقًا لأحكام الدستور وقانون تأسيسها ، واستمرت في ممارسة هذا الإختصاص عقب قيام الثورة في ظل أحكام الإعلان الدستوري بأسلوب الدعوى الأصلية ، وقد قررت في عدد من أحكامها أخذها برقابة الإلغاء التي يترتب عليها إعتبار النص المخالف لأحكام الدستور لاغيًا ، كما أشرنا أيضًا إلي أن المشرع سلب منها هذا الإختصاص عام 1982م ، وإلي أن القضاء وإزاء غياب النص مارس رقابة صحة التشريع عن طريقة رقابة الامتناع التي نادي الفقه بتطبيقها ، واستمر الحال كذلك حتي عام 1994م عندما أصدر المشرع القانون رقم (17/ 1423م) ليعود للمحكمة العليا الإختصاص بالرقابة الدستورية إلا أن هذا الإختصاص لايزال حتي كتابة هذه السطور دون تطبيق فعلي( 15 ) حيث لم تمارس المحكمة العليا الرقابة علي دستورية القوانين بشكل عملي ، وهذا مايثير العديد من التساؤلات القانونية .


أولاً : رقابة المحكمة العليا علي دستورية القوانين في ظل أحكام دستور عام 51م ، والإعلان الدستوري لعام 69م:

مارست محكمتنا العليا هذه الرقابة عملاً بنص المادة (16) من قانون تأسيسها الصادر في عام 1953م والتي تقرر " يجوز لكل ذي مصلحة شخصية مباشرة الطعن أمام المحكمة العليا في أي تشريع أو إجراء أو عمل يكون مخالفًا للدستور " والذي بموجبه كانت الرقابة بدعوي أصلية يرفعها صاحب الشأن ، أي أنها دعوى مبتدأة من صاحب المصلحة يهاجم بها القانون المخالف للدستور دون وساطة من المحاكم العادية ، وهذا الحق يملكه أي فرد أو هيئة أي أنه لم يكن مقصورًا علي جهة أو جهات معينة بذاتها، وقد توسعت المحكمة العليا من خلال ما أصدرته من أحكام في مفهوم المصلحة ، حيث لم تشترط لقبول الدعوى الدستورية أمامها أن تكون المصلحة حالة بل قررت بأنه يكفي أن تكون محتملة ولو تحققت هذه المصلحة الحالة أو المحتملة يوم رفع الدعوى( 16 )، وقد استمر اختصاصها هذا قائمًا حتي عقب إلغاء الدستور بموجب أحكام الإعلان الدستوري الصادر في 69.12.11 م ( 17 ) ، وإن كانت هذه الرقابة مارستها المحكمة بشكل منقوص بحكم ماورد من تحصين للأعمال والإجراءات والتصرفات الصادرة عن مجلس قيادة الثورة عملاً بنص المـادة (18) من الإعلان الدستوري، بما يعني ووفقًا لهذا النص الدستوري استمرت الرقابة من قبل المحكمة العليا خارج نطاق التحصين .

أما من حيث مدى هذه الرقابة، أي ما يترتب علي الحكم بمخالفة قانون معين لأحكام الدستور، وبمعني آخر هل مارست المحكمة العليا بأسلوب الدعوى الأصلية رقابة إلغاء أم رقابة إمتناع ؟
ففي هذه المسألة كانت هناك اتجاهات واختلافات فقهية متباينة ، علي أنها وإن كانت آراء شخصية فأنها لم تخرج عن إعمال قواعد التفسير القانوني وضمن المبادئ الدستورية المستقرة والمتعارف عليها ، ففيما ذهب رأي إلي أن رقابة المحكمة العليا بشأن رقابة دستورية القوانين _ في تلك الفترة _ ليست برقابة إلغاء، وإنما هي رقابة أمتناع مؤيدًا وجهة نظره هذه بأن المشرع لم يذهب في قانون المحكمة العليا إلي خلافه ، وأن المحكمة العليا ذاتها وطيلة خمسة عشر عامًا من عمرها ما إدّعت هذه السلطة لنفسها ( 18 ) ، فإن رأي أو جانب فقهي آخر ذهب إلي أن رقابتها تصل حد إلغاء القانون معتمدًا في هذا علي الظروف التاريخية وقت صدور القانون وشكل النظام الإتحادي في ليبيا ، والأخذ بأسلوب الإلتجاء إلي المحكمة بدعوي أصلية يقطع بأن إرادة المشرع إنصرفت إلي منح المحكمة سلطة الإلغاء ( 19 )، علي أن محكمتنا العليا آنذاك قد انتصرت لهذا الإتجاه الأخير وحسمت المسألة بقولها : " … وماتقرره المحكمة من عدم دستورية النص المُثار لاتتأثر به القوانين التي أقرها المجلس النيابي الذي جري انتخابه في ظل ذلك القانون عملاً بقاعدة الوجود الفعلي للقوانين ، اللهم القوانين التي تتعارض مع نصوص بيانات مجلس قيادة الثورة …" حيث قضت المحكمة ببطلان نص المادة (40) من المرسوم بقانون رقم (6) لسنة 1964 م لعدم دستوريته واعتبرت النص لاغيًا ( 20 ) .

وما يمكن أن نخلص إليه في هذه المرحلة أن الرقابة علي دستورية القوانين كانت من اختصاص المحكمة العليا، وتمارس عن طريق الدعوي الأصلية كحق لجميع الأفراد، وبأن أثر الحكم بعدم الدستورية يترتب عليه اعتبار النص المخالف لاغيًا ، أي أن الرقابة كانت رقابة إلغاء .

ثانيًا: الرقابة القضائية في ظل غياب النص علي إختصاص المحكمة العليا بالرقابة علي دستورية القوانين :
بإعلان قيام سلطة الشعب عام 1977 م والأخذ بالنظام الجماهيري المعتمد علي مبدأ وحدة السلطة حيث أصبح التشريع ينبع من الشعب بكامله ، عن طريق المؤتمرات الشعبية الأساسية ، وفقًا لشريعة مقدسة ثابتة غير قابلة لأي تعديل أو تبديل (الدين أو العرف) ، وماترتب علي ذلك من قول بأن فكرة وجود الدستور مستبعدة أمام شريعة المجتمع (القرآن الكريم) ظهرت آراء منادية ومنددة بوجود الرقابة القضائية علي دستورية القوانين ( 21 ) ، ورغم تصدي بعض الآراء لهذه النظرة إلا أن المشرع قد تأثر بها كثيرًا إلي حد إصداره القانون رقم (6) لسنة 1982م الذي أعاد بموجبه تنظيم المحكمة العليا مستبعدًا النص علي إختصاصها بالرقابة الدستورية

ولقد سنحت الفرصة لمحكتنا العليا أن تقول كلمتها في مسألة سكوت المشرع بعد أن سلب منها هذا الإختصاص ، وكان ذلك بمثابة الدفع أمامها بعدم دستورية نص المادة (40) من قانون الجرائم الإقتصادية رقم 2 لسنة 1979م تأسيساً علي مخالفته مبدأ (لاجريمة ولاعقوبة إلا بنص) ، إلا أن المحكمة العليا قد آثرت الطريق الأسهل ، وحجبت نفسها عن بحث مدى إمكانية أخذها برقابة صحة التشريع، على الأقل بطريق الإمتناع والتي هي من صميم عمل المحاكم والوظيفة القضائية ، حيث أصدرت الجمعية العمومية للمحكمة قرارها في 82.10.30م القاضي بعدم إختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى ( 22 ) ، وهكذا تركت المحكمة العليا المواطن عرضة لأي قانون قد يتسم بعيب عدم الدستورية دون قاضي يقرر ذلك مما يعصف بأهم ضمانه وهي حق التقاضي المكفول للكافة ، ، متغاضية عما سبق وأن أرسته من مبادئ بحكمها التاريخي الصادر عام 1970م ( 23 )

غير أن الفقه كان له شأن آخر حيال هذه المسألة ، فقد انبرى جانب منه إلي نقد هذا القضاء والمناداة بالأخذ برقابة صحة التشريع والإمتناع عن تطبيق النص المخالف لنص أعلي منه وفقًا لقاعدة تدرج القواعد القانونية والتي يملكها القاضي بحكم وظيفته القضائية لا علي أساس الإختصاص بالرقابة على دستورية القوانين ( 24 ) .

ولاغرو أن يكون لتلك الآراء ذات التأصيل والتخريج القانوني للموضوع من أثر مباشر علي مسلك المحكمة العليا في هذا الصدد ، حيث نجدها تفاعلت معه ووجدت فيه المخرج المناسب للمأزق الذي وضعت فيه نفسها بعد حكمها الآنف ذكره ، ولتؤكد لبقية المحاكم الأدني بأن عليها واجب الإلتزام بالمبادئ الجوهرية الكفيلة باحترام حق المواطن في اللجوء للمحاكم طلبًا للحماية من تطبيق أي قانون يراه مخالفًا للمبادئ القانونية العامة بقولها : " … للتشريع في الدولة درجات ثلاث يمثل التشريع الأساسي فيها المقام الأول ويتلوه في المرتبة التشريع العادي أو الرئيسي وهو ما يعرف بالقانون ، ثم يأتي التشريع الفرعي وهو ما يسمي باللوائح من تنفيذية وتنظيمية ولوائح ضبط في المرتبة الأدنى وأن هذا التدرج في التشريعات يقتضي خضوع الأدني

منها للأعلي ، ذلك أن كل تشريع يستمد قوته من مطابقته لقواعد التشريع الذي يعلوه فإن صدر مخالفًا لأحكامه عُدّ ما ورد به من مخالفة لاغيًا ، فالتشريع العادي – القانون – يجب ألاّ يعارض التشريع الأساسي ( 25).

ولتؤكد علي نهجها هذا وترسخه تقرر بالطعن المدني رقم 3 / 36 ق الصادر بجلسة 1990.12.2 م … إن المشرع وإن نزع من المحكمة العليا إختصاصها في الرقابة علي دستورية القوانين بالقانون رقم 6 لسنة 1982 م إلاّ أنه لم يمنع القاضي من النظر في الدفع بعدم صحة تشريع معين في الدعوى الماثلة أمامه إذا تعارض مع تشريع آخر إنطلاقًا من وظيفته الأصلية في تفسير القانون وليس له في هذه الحالة أن يوقف النظر في الدعوى إنتظارًا لتشريع ثالث يزيل التعارض بينهما ، لأن وقف الدعوى في مثل هذه الحالة يُعد امتناعًا عن الفصل فيها ، وهو ما يحرمه المشرع علي القاضي .. ( 26 ) .

وهذا الإتجاه كان علي المحكمة العليا السير فيه بداية ومنذ نزع الإختصاص بالرقابة علي الدستورية منها ، إذ وإن كانت لاتملك هذه الرقابة فإن لها بلا شك رقابة صحة التشريع المقررة للمحاكم عامة علي أساس أن مهمة القاضي إزالة التعارض وإعمال أحكام التشريع الأعلى مرتبة ، أي ممارسة رقابة الإمتناع وعدم تطبيق التشريع الذي يتراءى له بأنه مخالفًا لتشريع أعلى منه ( 27 ) .

عل أن هذا الإتجاه من محكمتنا العليا وإن جاء متأخرًا وبعد مضي سنوات عديدة من صدور قانون سالب لإختصاصها في عام 1982م ، إلاّ أننا لانملك إلا أن نشيد بموقفها هذا والذي نلمس فيه مدى تفاعلها مع الآراء والإجتهادات الفقهية فيما ُعرض من مشاكل أو عوارض قانونية معينة ، والذي إن دل علي شئ من ناحية أخري فإنما يدل علي أن محكمتنا العليا ما كانت يومًا بمعزل عن مشاكل الحياة الإجتماعية ، بل دائمًا لها الدور المؤثر والمُتأثر.


المطلب الثالث


أثر الرقابة عل دستورية القوانين بعد عودة الإختصاص للمحكمة العليا عام 1423م

بصدور إعلان قيام سلطة الشعب في مارس 1977م ، واحتوائه علي تأكيد علي أن القرآن الكريم شريعة المجتمع ، وبأن السلطة الشعبية المباشرة هي أساس النظام السياسي في الجماهيرية أصبحت الديمقراطية المباشرة ومن خلال المؤتمرات الشعبية الإساسية هي صاحبة السلطة بأنواعها ومنها إصدار التشريعات، وفي عام 1988 ف صدرت الوثيقة الخضراء الكبري التي كرست من جديد حقوق الإنسان وحرياته التي جاءت بها شريعتنا الإسلامية السمحاء ، ولعل أهمها ذلك النص علي أن (أبناء المجتمع الجماهيري يلتزمون بما ورد في هذه الوثيقة ولا يجيزون الخروج عليها ، ويجرمون كل فعل مخالف للمبادئ والحقوق التي تضمنتها ، ولكل فرد الحق في اللجوء إلي القضاء لإنصافه من أي مساس بحقوقه وحرياته الواردة فيها) ، ولم يقف الحال عند ما ورد بهذه الوثيقة الخضراء بل كان لصدور قانون تعزيز الحرية رقـم ( 20 / 91م ) ( 28 ) التأكيد علي جملة المبادئ ذات الصلة بحقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية ، ومن خلال هذا التشريع الملزم للقضاء والكافة لصراحة النص بأن أحكامه أساسية لا يجوز أن يصدر ما يخالفها ، ويُعّدل كل ما يتعارض معها .

وبذلك أرست الوثيقة الخضراء الكبري المبادئ العامة لحقوق المواطن وحرياته الأساسية ، ثم جاء قانون تعزيز الحرية بجملة من المبادئ والأحكام العامة المكرسة لما جاء بالإعلان والوثيقة وليقرر بأن أحكامه أساسية أي أنه قانون أساسي ، ولتكون من ثم في مرتبة أعلي من كافة التشريعات والقوانين الأخرى ، وقد أكد المشرع ذلك بإصداره للقانون رقم 5 لسنة 1991م بشأن تطبيق مبادئ الوثيقة الخضراء الكبري لحقوق الإنسان في عصر الجماهير .

ولماكانت الإعلانات و الوثائق الصادرة عن السلطة التأسيسية تُعد بمثابة الدستور ( 29 ) ، وكان قانون تعزيز الحرية بصريح النص قانون أساسي كان لِزامًا علي المشرع إعادة الإختصاص بالرقابة علي دستورية القوانين للمحكمة العليا حِرصًا منه علي سلامة التطبيق العملي لتلك المبادئ و الأحكام ، واقتناعًا منه بأهمية وضرورة هذه الرقابة ، وكان ذلك بالقانون رقم 17 لسنة 1423م ، غير أن ما يُلاحظ أن المشرع سلك ذات النهج السابق عندما سكت عن تحديد مدى أثر الحكم بعدم دستورية قانون معين ، أي بمعنى هل الرقابة القضائية التي أسندها للمحكمة العليا على دستورية القوانين هي (رقابة إلغاء) أم (رقابة إمتناع) ؟
لا شك أن إبداء وجهة النظر ، أو الإجابة علي مثل هذا التساؤل المتعلق بمسألة ذات خصوصية بالغة الأهمية من الناحية القانونية لما يترتب عليها من آثار لا يُعد من الأمور الهينة أو اليسيرة ، علي أنه وإن كان لنا أن ندلي برأينا فليس أمامنا إلا المحاولة .

لو رجعنا إلي تلك الآراء الفقهية التي تصدت للإجابة علي ذلك عندما كانت محكمتنا العليا تُمارس هذه الرقابة بموجب أحكام دستور عام 1951م ، وقانون تأسيسها الصادر عام 1953م ، لوجدنا أن الرأي القائل بأن رقابة المحكمة العليا تصل في مداها وأثرها إلي أنها رقابة إلغاء ، يعتمد وبشكل أساسي في تدعيم وجهة نظره هذه علي الظروف التاريخية وقت صدور القانون ، وشكل الدولة الإتحادي (تعدد السلطات) وعلي أن إقرار المشرع بأخذه أسلوب الدعوى الأصلية يعني أن إرادته قد انصرفت إلي منح المحكمة العليا سلطة الإلغاء ليضمن استقلالها عن السلطة التشريعية وليجعل من المبادئ التي تقررها ملزمة لجميع السلطات بمافيها السلطة التشريعية ( 30 ) .

علي أنه وإن كانت وجهة النظر هذه صالحة أو مُبررة في ذلك التاريخ فإنه من المتعذر من الناحية القانونية الإعتماد عليها حاليًا في ظل النظام الجماهيري القائم علي مبدأ وحدة السلطة كما لايستقيم الإمر من ناحية أخري الإعتماد على ما سبق وأن قررته المحكمة العليا في هذا الشأن ( 31 ) ، إذ في القول بخلاف ذلك تنصيب للمحكمة العليا سلطة موازية في الجماهيرية للمؤتمرات الشعبية الأساسية، وهو ما يعد إفراغ للنظرية و الفلسفة التي يقوم عليها النظام الجماهيري ، وتعارض تام مع ما جاء بإعلان قيام سلطة الشعب ( 32 ) .

هذا كما أنه يمكن الرد على القول بأن المشرع عندما جعل الإختصاص بالرقابة على الدستورية منوط بالمحكمة العليا دون سواها و بدعوى أصلية قطع بأنه قد منحها سلطة إلغاء القانون ، بأن النظام الدستوري ( السويسري ) على الرغم من إقراره لرقابة الدستورية على القوانين ، و إناطة هذا الإختصاص بالمحكمة الإتحادية دون غيرها ، فأنه يقرر بأن أثر حكمها في هذا الشأن لا يتعدى الإمتناع عن تطبيق القانون المخالف ، و ذلك بنص الفقرة الثالثة من المادة (113) من الدستور الصادر في 1977.5.29 ف (تختص المحكمة الاتحادية وحدها – بناء على طلب ذوي الشأن- ببحث دستورية القوانين و تمتنع عن تطبيق المخالف منها للدستور الاتحادي و دساتير الولايات المختلفة) ( 33 ) .

وإزاء غياب النص على أثر الحكم بعدم الدستورية كما فعلت بعض الدول ( 34 )، فأننا نؤيد الإتجاه الذي يرى أن رقابة المحكمة العليا لا تتعدى رقابة الإمتناع ( 35 ) ، ووجهة نظرنا هذه تنطلق في أساسها من إعتقادنا بأن المشرع عندما أعاد الاختصاص للمحكمة العليا كان هدفه تنظيم الرقابة القضائية على دستورية القوانين التي وجدت خلال غياب النص و مارستها المحاكم المختلفة بحكم وظيفتها الأصلية في تفسير القوانين وإعمال قاعدة التدرج بشأنها خاصة بعد أن أقرت المحكمة العليا ذلك بالحكمين السابق الإشارة إليهما ، ولوضع حد لإحتمالات صدور أحكام قضائية متضاربة و متباينة بصدد قانون معين ، أي بمعنى أن المشرع قد إنصرفت إرادته و قصده من إعادة الاختصاص بالرقابة الدستورية للمحكمة العليا بدوائرها المجتمعة تنظيم رقابة الإمتناع التي مارستها المحاكم المختلفة وليضع حدًا لأي إجتهادات قضائية قد تصدر عن هذه المحاكم وعلى مختلف مستوياتها بشأن هذه المسألة الخطيرة ، هذا فضلاً على أن وراء أخذه برقابة الإمتناع قد يكون _ من وجهة نظرنا علي الأقل _ تفادي إحتمالات وجود أي نوع من التنازع بينه وبين المحكمة العليا في حالة إقراره لرقابة الإلغاء ، والتي تصل حد إلغاء القانون الصادر عنه ، أي عن المشرع _ المؤتمرات الشعبية الأساسية مالكة السلطة في الجماهيرية والتي لها دون سواها سلطة إلغاء ، وإصدار، وتعديل أي قانون .

وفي هذا الشأن تحديدًا نجد رأياً فقهًيا في مصر وهي تأخذ بأسلوب رقابة الإلغاء منادياً بالعدول عن ذلك ، فالدكتور سمير تناغو وفي معرض تعليق له علي حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في 1977.2.22 م القاضي بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة ( 29 ) من القانون رقم 49 لسنة 1977م فيما نصت عليه من إستمرار الإجارة التي عقدها المستأجر في شأن العين المؤجرة لصالح ورثته من بعده ، وما أثاره من ردود فعل علي المستويين السياسي والقانوني . يقول : ونظرًا لأن مصر تأخذ بمبدأ تعدد السلطات فأنه يمكن إحترامًا لهذا المبدأ الأساسي، إدخال تعديل علي المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا يسترد به مجلس الشعب سلطته في إصدار تشريعات حقيقية لا تخضع لرقابة الإلغاء فإن كانت التشريعات المخالفة للدستور تعاد للجمعية الوطنية في فرنسا قبل صدورها ، فمن باب أولي يجب إعادة هذه التشريعات في مصر إلي مجلس الشعب بعد صدورها والعمل بها ، حت لا تكون لجهة أخري غير مجلس الشعب سلطة إصدار التشريعات أو إلغائها وحتى لايحدث اضطراب في المعاملات ( 36 ) .

وفي معرض ماتختص به محكمة الشعب في الجماهيرية من إلغاء العمل أو التصرف القانوني المطعون فيه قرارًا أو لائحة أو تشريعًا نجد إتجاهًا من الفقه يرى بأن تقتصر سلطة محكمة الشعب على الإمتناع عن تطبيق الإجراء المعيب وتنبيه المؤتمرات الشعبية الأساسية إلي هذه المخالفة وأبعادها لكي تقوم هذه الأخيرة عن طريق المراجعة الديمقراطية بتصحيحها بنفسها ، فالمؤتمرات الشعبية الأساسية الأداة الوحيدة لممارسة السلطة وإصدار التشريع ، وينبغي أن تبقي كذلك الأداة الوحيدة التي تملك سحبه أو تعديله أو إلغاؤه ( 37 ) .

ومن جانب آخر يبدو أن المشرع عندما سكت عن النص علي رقابة الإلغاء أراد أيضًا درء ماقد تثيره رقابة الإلغاء من مشكلات عملية وتحديدًا مدي سريان أثر الحكم بعدم الدستورية من حيث الزمان ، بمعني هل يترتب علي الحكم إلغاء النص المخالف منذ تاريخ النطق بالحكم ، أم من تاريخ نشره ، أم أن الأمر علي خلاف ذلك بحيث يرتد أثره إلي تاريخ نفاذ القانون المقضي بعدم دستوريته ، وفي هذه الحالة الأخيرة ماهو الوضع بالنسبة للحقوق المكتسبة ، وما هو شأن المراكز القانونية التي نشأت وتكونت في ظل سريانه ؟ .

هذه التساؤلات والعقبات القانونية التي أثارتها رقابة الإلغاء كانت موضوع نقاش حاد وطويل بين الفقه القانوني في مصر إزاء الحكم الدستوري ( 38 ) الصادر عن المحكمة الدستورية بتاريخ 1990.5.19 م القاضي بعدم دستورية المادة الخامسة مكرر من القانون رقم 38 لسنة 72م في شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 188 لسنة 86م وهو الحكم الدستوري الذي أحدث وأثار آراءً متباينة لدي الفقه الدستوري في مصر ويمكن تحديدها في اتجاهين (أولهما) يقول ببطلان تشكيل المجلس منذ إنتخابه وحتي تاريخ نشر الحكم ، ومن ثم بطلان ما صدر عنه من قوانين وإجراءات ، و(ثانيهما) ينادي بقصر آثارالحكم علي منطوقه دون أسبابه ، وإن كان أصحاب هذا الإتجاه الأخيرلم يتفقوا في طرح الحلول العملية التنفيذية لما جاء بمنطوق الحكم ( 39 ) .

ما نخلص إليه وعلي هدى ماسبق سرده أن رقابة الإلغاء فيها تعارض مع النهج السياسي والفلسفة القائم عليها النظام الجماهيري لماقد تثيره من تنازع بين المشرع والمحكمة من ناحية ، ولما قد ينجم عن الحكم بعدم الدستورية من معضلات قانونية من حيث تحديد مدى أثر هذا الحكم من ناحية أخري ، الأمر الذي يدفعنا للقول بأن هذا الاسلوب لايتفق ولايتلاءم مع النظام الجماهيري القائم علي وحدة السلطة ، كما أن الواقع العملي في النظم الآخذة بنظام تعدد السلطات أدي إلي المناداة بالتخلي عن رقابة الإلغاء وفقًا للرأي الفقهي المصري السابق التعرض إليه .

ما نريد الوقوف عنده ومن فحوي كل ما تقدم أن المشرع قد منح المحكمة العليا الإختصاص بالرقابة علي الدستورية وفوض جمعيتها العمومية بوضع لائحة إجرائية لمباشرة الطعون الدستورية ( 40 ) إيمانًا منه بأهمية هذه الرقابة، إلا أنها لم تمارس هذه الرقابة منذ عودة الإختصاص إليها وحتي هذا التاريخ ، وفي هذا الصدد لايسعنا القول بأن هذه المدة – أي من تاريخ نفاذ القانون رقم 17 / 1423م وحتي الآن – غير كافية لوضع لائحة إجرائية تبين كيفية ممارسة هذا الاختصاص من قبل ذوي الشأن ، كما لايستقيم الركون إلي أن مسألة بحث مدي أثر حكمها بعدم الدستورية ، أي بمعني هل لها حق ممارسة رقابة الإلغاء أم رقابة الإمتناع كان وراء هذا التأخير ، كما لا يصح كذلك اللجؤ إلي عذر عدم وجود دستور يمكن تطبيقه والعمل من خلاله ، إذ وفيما نعلم ليس هناك من قائل بأن ما جاء بإعلان قيام سلطة الشعب ، وما كرسته الوثيقة الخضراء الكبري ، وما قرره قانون تعزيز الحرية ، وأحكام القوانين المنظمة لأعمال المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية ليست بقوانين ومبادئ أساسية ذات مرتبة تشريعية تعلو كافة القواعد القانونية الأخرى في الدولة .










الخــاتمة

من جماع ما سلف لم نوفق علي مايبدو في إيجاد العذر أو المبرر المناسب والملائم لمسلك المحكمة العليا وجمعيتها العمومية طوال المدة الماضية ومنذ أن أعاد إليها المشرع هذا الإختصاص ، الأمر الذي نأمل معه أن تنشط المحكمة العليا بهذا الشأن وأن تتصدى بشجاعة وبسرعة للبث في المسائل الدستورية لما في ذلك من إثراء للواقع القانوني في الجماهيرية وضمان أكيد وفعال لحقوق الأفراد وحرياتهم في مجتمع ترفرف عليه رايات العدل والمساواة .




المراجــع /


1. د. عبد السلام المزوغي ـ القضاء الشعبي ـ الدار الجماهيرية 1991 ف.
2. د. سليمان محمد الطماوي ـ القضاء الإداري ـ دار الفكر العربي القاهرة 1961 ف.
3. د. عبد الحميد متولي ـ القانون الدستوري ـ منشأت المعارف الإسكندرية 1974ف .
4. د. رمزي الشاعر ـ النظرية العامة للقانون الدستوري ـ دار النهضة العربية القاهرة 1983ف .
5. د. إسماعيل مرزة ـ القانون الدستوري ـ منشورات جامعة قاريونس 1969ف .
6. د. محسن خليل ـ النظم السياسية ـ دار النهضة العربية القاهرة 1975ف .
7. د. محمد كامل ليلة ـ القانون الدستوري ـ دار الفكر العربي القاهرة 1971ف .
8. د. عبد المنعم محفوظ ـ القضاء الدستوري في مصر 1991ف .
9. د. عبد الرضا حسين الطعان ، التنظيم الدستوري في ليبيا بعد الثورة ـ منشورات جامعة قاريونس 1995ف .
10. د. خالد عبد العزيز عريم ـ القانون الإداري الليبي ـ منشورات جامعة قاريونس 1971ف .
11. د. الكوني علي اعبودة ـ رقابة صحة التشريع في ليبيا ـ مجلة المحامي ع 13 س 4 .
12. د. الكوني علي اعبودة ـ صلاحية القضاء في التصدي لدستورية القوانين ـ مجلة المحامي ع 24 س 6
13. د. محمد عبد الله الحراري ـ القيمة القانونية للمبادئ المتعلقة بالحقوق والحريات الأساسية ـ مجلة الجديد في العلوم الإنسانية ع1 +2 (1997ف).
14. د. مصطفى عبد الحميد عياد ـ الرقابة الشعبية على صحة التشريع في النظام الجماهيري ـ المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر 1989 ف .
15. مجلة المحكمة العليا ـ أعداد مختلفة



نشرت في (الميزان)
موقع باللجنة الشعبية العامة للعدل والأمن العام
www.almiezan.net


التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
 

مدى اختصاص المحكمة العليا بالرقابة الدستوري

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

+
صفحة 1 من اصل 1

.:: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ::.


      هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة     
odessarab الكلمات الدلالية
odessarab رابط الموضوع
AlexaLaw bbcode BBCode
odessarab HTML HTML كود الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم القانون :: منتدى AlexaLaw لعالم القانون :: فروع القانون العام :: القانون العام الداخلي :: القانون الإداري-
انتقل الى:  
الإسلامي العام | عالم القانون | عالم الكتاب و الثقافة العامه | التجاره و المال و الأعمال | البرامج و تكنولوجيا المعلومات | تطوير المواقع و المدونات | الترفيهي و الإداري العام

Powered by AlexaLaw.com ® Phpbb Version 2
Copyright © 2010
.:: جميع الحقوق محفوظه لمنتدى عالم القانون © ::.

.::جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه و إنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه في حدود الديمقراطيه و حرية الرأي في التعبير ::.