ماذا جري في العراق ؟

لواء متقاعد د‏.‏ عادل سليمان


مجلة السياسة الدولية يوليو 2003 - العدد رقم 153


كان من الواضح منذ وصول اليمين المحافظ إلي الحكم في الولايات المتحدة أن الحرب التي جرت ضد العراق كانت حتمية بالنسبة لها‏,‏ لتطرح علي العالم كله مدي ما وصلت إليه آلتها العسكرية من قوة ومدي ما ملكته من وسائل تكنولوجية عبرت عنها بـ‏'‏ الثورة في الشئون العسكرية‏'‏ قوة غير مسبوقة ليس في إمكان أي طرف في العالم التصدي لها‏.‏

ومن ثم يهدف هذا التقرير بشكل محدد تفسير ما جري من انهيار عسكري سريع ومتتال ومتصاعد للنظام العراقي والذي انتهي بالسقوط المفاجيء للعاصمة بغداد وهي محور الارتكاز للسلطة العراقية وتزامن مع سقوط بغداد الاختفاء الكامل والتلاشي ليس فقط للقيادة العسكرية والسياسية ولكن لكل أركان ومؤسسات وهياكل الدولة العسكرية والمدنية في مشهد غير مسبوق في تاريخ الحروب‏,‏ رغم أن العراق اختار‏-‏ منذ البداية‏-‏ قبول الحرب في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها المملكة المتحدة وعدد من الدول المتحالفة معها والتي قدمت بعض العناصر من قواتها المسلحة مثل استراليا وأيرلندا وهولندا وغيرها‏.‏

فكان الرهان العراقي علي حرب مدن وشوارع ومقاومة شعبية‏..‏ ولتكن المدن العراقية هي ستالينجراد الحرب العالمية الثانية وغابات ومستنقعات فيتنام‏..‏ وعمليات فدائية انتحارية كما حدث في الصومال وبيروت‏.‏ وليكن الحصن الحصين في بغداد العاصمة وقلب النظام لتتورط أمريكا وتخسر الآلاف من الجنود والمليارات من الدولارات وتدوم الحرب سنوات‏.‏ إلا أن القيادة العراقية لم تكن تملك حتي مقومات ذلك الشكل المتخلف من الحرب‏..‏ لا المقومات المادية ولا المقومات المعنوية بل اكتفت بإطلاق الشعارات ورفع اللافتات وعقد المؤتمرات واللقاءات والخطب الحماسية‏..‏ ولم تحاول حتي الإعداد بما هو متاح من إمكانيات لمثل ذلك‏..‏ وكانت تلك هي‏'‏ حرب الماضي‏'‏ التي استعدت لها القيادة العراقية‏.‏

في الوقت الذي اعتمدت فيه قوات التحالف علي عنصر المباغتة والصدمة والمرونة وذلك باستخدام قوة غامرة متمثلة في ضربات صاروخية وجوية كثيفة وأسلحة وذخائر ذكية تصوب علي أهداف انتقائية مع المزج بين عناصر القوات المختلفة‏-‏ القوات الخاصة وقوات المارينز والقوات البرية والقوات البحرية والقوات الجوية وقوات حرس الحدود‏-‏ وإدارة عمليات قتال عميق علي امتداد واتساع مسرح العمليات في وقت متزامن وبشكل تتبعي‏.‏ بالإضافة الي استخدام ما يسمي بـ‏'‏ الحرب الألكترونية‏'‏ علي نطاق واسع لشل مراكز القيادة والسيطرة‏.‏ وهو ما أطلقت عليه القيادة المركزية الأمريكية خطة‏'‏ الصدمة والرعب‏',‏ والتي تمثل ملامح نظام حربي جديد وضع نهاية لكل العقائد الاستراتيجية الحربية التي كانت سائدة‏..‏ وبداية لفكر عسكري جديد‏..‏ وأسلحة وأدوات وأساليب جديدة لحرب القرن الـ‏21.‏

منقووول للفائدة .
AlexaLaw