انتخبات الرئاسة الإيرانية 2001

د. حسن أبو طالب


مجلة السياسة الدولية يوليو 2001 العدد رقم 145

في الثامن من يونيه الماضي جرت الانتخابات الرئاسية الإيرانية السابعة‏,‏ حيث حصد فيها الرئيس خاتمي نسبة‏77.8%‏ من جملة الأصوات الصحيحة المقدرة بـ‏83%‏ من جملة من يحق لهم الانتخاب وقوامهم‏42‏ مليون نسمة‏.‏ في حين حصل أقرب منافسي خاتمي وهو احمد توكلي علي نسبة‏15.6%‏ فقط‏,‏ يليه المرشح الثالث الأميرال علي شمخاني الذي يشغل منصب وزير الدفاع في حكومة خاتمي الاولي حيث حصل علي ما نسبته‏2.62%‏ من جملة الأصوات الصحيحة‏.‏

ومثل هذا الفوز الكبير للرئيس خاتمي يعتبر في أحد جوانبه تفويضا شعبيا للاستمرار في برنامجه الإصلاحي‏,‏ الذي تعثر في كثير من جوانبه إبان الولاية الأولي التي بدأت رسميا في أغسطس‏1997‏ وتنتهي في أغسطس‏2001,‏ حيث تبدأ ولايته الثانية لمدة أربعة سنوات اخري‏.‏ والمؤكد أن من بين الأسباب التي قادت الي هذه النتيجة طبيعة شخصية الرئيس خاتمي نفسه‏,‏ والتي تتسم بالتواضع والصدق والاتزان والقدرة علي الإقناع وإيصال رسالته الي مستمعيه في كلمات محددة وواضحة‏.‏ كما ان غلبة عنصر الشباب المتحمس علي جموع الناخبين كان له دور آخر في هذه النتيجة‏,‏ حيث أرادت الأجيال الصاعدة توجيه رسالة ذات شقين الي كل المؤسسات والتيارات السياسية الإيرانية وبوجه أخص المحافظة منها‏,‏ شقها الاول تأييد منهج الإصلاحات وأفكارها الكبري‏,‏ وشقها الثاني أن الجيل الجديد بات يفهم لعبة التيار المحافظ ودوره في التربص بالرئيس خاتمي وتعطيل سياساته الإصلاحية‏,‏ فيما يعني توجيه احتجاج قوي للمحافظين لعدم قدرتهم التكيف مع مطالب الأجيال الشابة الصاعدة‏.‏

وقد حفلت الانتخابات الرئاسية بالعديد من الظواهر‏,‏ ومن أهمها تواري الاستقطاب السافر بين دعاة التغيير والإصلاح وأصحاب النفوذ المحافظين أنصار بقاء النظام علي حاله‏.,‏ وشيوع خطاب الإصلاح علي السنة المرشحين التسعة الآخرين المنافسين لخاتمي‏,‏ وغياب المنافس البديل‏,‏ وعدم وقوف مؤسسات التيار المحافظ وراء مرشح بذاته‏,‏ الامر الذي ساهم في تحول الانتخابات الرئاسية الي نوع من الاستفتاء علي عملية الإصلاح وفقا للطرح الخاتمي‏,‏ وعني إعترافا مسبقا بالهزيمة من قبل المؤسسات المحافظة‏.‏

ومثل هذه الظواهر ليست سوي محصلة للمواجهة والصراع الذي شهدته الساحة الايرانية طوال السنوات الاربع الماضية‏,‏ وما نتج عنها من توازن سياسي‏/‏ شعبي‏/‏ مؤسسي علي نحو فريد‏.‏ لكن هذا الفوز الكبير للرئيس خاتمي لا يعني اطلاق يده في تطبيق اصلاحاته‏,‏ ذلك انه وفقا لآليات عمل النظام فمثل هذا النصر لا يفضي بالضرورة كما في الديمقراطيات الغربية الي تطبيق فوري ودون عقبات‏,‏ إذ في وسع المرشد الأعلي ومجلس صيانة الدستور ومجلس تشخيص مصلحة النظام نقض القوانين والسياسات الصادرة عن اي رئيس او برلمان منتخب‏.‏ ومن هنا فإن كل ما يمكن ترجيح حدوثه من اصلاحات يرتبط بمدي التأييد الذي قد يقدمه المرشد الأعلي لقانون او برنامج سياسي أو ثقافي معين‏,‏ علي ان يضع كل ثقله السياسي والمعنوي ورائه بما في ذلك التوجيه للمؤسسات المختلفة بالتعاون الكامل لإنفاذ هذه السياسة او تطبيق متكامل لهذا القانون‏.

منقووول للفائدة .
AlexaLaw