إعادة هيكلة سوق النفط العالمي: مساعي المنتجين ورد فعل المستهلكين

مجدي صبحي

مجلة السياسة الدولية العدد رقم 143 - يناير 2001


مثل عام 2000 عاما فارقا في سوق النفط العالمية، ليس فقط نتيجة لارتفاع متوسط أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها منذ ما يزيد على خمسة عشر عاما، بل أيضا نتيجة للتغيرات الهيكلية التي شهدها هذا السوق. وربما كان أهم ملمح من ملامح هذه التغيرات هو عودة منظمة الأوبك لأن يكون لها صوت مسموع في الأسواق وأضحت في الواقع هي المسيطرة إلى حد كبير على مقاليد الأمور في هذا السوق، وهو ما يمثل تغيرا جوهريا منذ تحول سوق النفط العالمي إلى سوق مشترين لا سوق بائعين منذ النصف الأول من الثمانينيات.


وتحاول هذه الورقة أن تحدد العوامل التي يمكن اعتبارها الأكثر مسؤولية عن هذا التغيرات الهيكلية بتتبع التطورات في سوق النفط على مدار الفترة من عام 1997 وحتى عام 2000.
فمن المؤكد أن واحدا من العوامل الأساسية التي حفزت الأوبك على اتخاذ خطوات جادة وتنظيم صفوفها، بل وصفوف معظم المنتجين الرئيسيين في العالم، الانهيار الكبير في الأسعار منذ عام 1997 والذي بلغ ذروته في نهاية عام 1998 وبداية عام 1999. يضاف إلى ذلك بعض التغيرات السياسية التي شهدتها بعض بلدان منظمة الأوبك مع انتخاب الرئيس هوجو شافيز لمنصب الرئاسة في فنزويلا في نهاية عام 1998 وتسلمه مقاليد السلطة فعليا في بداية عام 1999، حيث اختطت فنزويلا سياسة نفطية جديدة، بحيث يمكن اعتبارها اللاعب الرئيسي في إعادة هيكلة السوق النفطي. إذ سعت فنزويلا بمساعدة من المملكة السعودية أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم إلى تنظيم صفوف الأوبك ثم التنسيق مع البلدان خارجها، لا سيما المكسيك. وقد شكلت البلدان الثلاثة المذكورة ما يمكن تسميته بترويكا المنتجين في سوق النفط العالمي. وكانت اتفاقات خفض الإنتاج التي شهدها كل من عامي 1998 و1999 تحت اسم اتفاقات الرياض وأمستردام ولاهاي نتيجة لتنسيق المواقف بين هذه الترويكا قبل عرضها على باقي المنتجين، سواء داخل الأوبك أو خارجها. وأعقب ذلك في عام 2000 محاولة تعديل طريقة تسعير النفط الخام من خلال تبني ما بات يعرف بالنطاق السعري -price range- بديلا عما كان يدعى مسبقا بسعر نفط الإشارة -reference price-.


وكان عام 2000 هو عام الألغاز في مجال الأسعار، حيث ارتفعت بشكل متوالي في وقت كان العرض يزداد فيه بكميات كبيرة، ثم انخفاضها بنحو 30% فجأة خلال شهر ديسمبر في وقت كان المعروض فيه يتقلص، وهي الألغاز التي تحاول تقديم تفسير لها هذه الورقة. رغم ذلك فإن الورقة ترى أن الهدف الرئيسي للبلدان المستهلكة هو ليس فقط العمل على خفض الأسعار، بل ربما الأكثر أهمية من وجهة نظر هذه البلدان هو الحيلولة دون إعادة هيكلة سوق النفط العالمي عبر التنسيق بين المنتجين الرئيسيين للنفط

منقوووول للفائدة .
AlexaLaw