نمط الإدارة الدولية لقضايا البيئة مع التركيز علي قضية تغير المناخ

أحمد دسوقي محمد إسماعيل

مجلة السياسة الدولية يوليو 2001 العدد رقم 145

بخلاف المقدمة والخاتمة تشتمل هذه الدراسة علي ثلاثة أجزاد تبحث تباعا‏'‏ تجليات مفهوم العولمة علي الإدارة الدولية لقضايا البيئة‏'-‏ موقف الأطراف الدولية المختلفة مع التركيز علي الجمعية العامة للأمم المتحدة والمانحون والبنك الدولي‏-‏ نمط الإدارة الدولية لقضية التغيرات المناخية‏.‏

في المقدمة أكدت الدراسة علي تفاقم المشكلة البيئية العالم إلي الحد الذي أصبحت معه الأنشطة الإنمائية تمثل خطرا علي حياة الإنسان وبيئته الطبيعية في ظل غياب فلسفة بيئية واضحة تحفظ التوازن بين اعتبارات استغلال الموارد وضرورات الحفاظ علي قوانين استمراريتها‏.‏
وأشار الباحث في المقدمة إلي امتداد آثار المشكلات البيئية وانعكاساتها السلبية إلي دول الجوار القريبة والبعيدة‏,‏ حيث لا تعتبر تلك المشكلات بالحدود الجغرافية أو السياسية المصطنعة‏.‏ ومن هذه المشكلات ما يهدد المشاعات العالمية‏,‏ ومنها‏:‏ التصحر‏,‏ الملوثات العضوية الثابتة‏,‏ ومصير الدائرة القطبية الجنوبية والصحة البيئية لأعالي وقيعان البحار‏,‏ واستنفاد الأوزون‏,‏ وتهديد التنوع الاحيائي‏.‏ وتعد مشكلة تغيير المناخ من أخطر المشكلات البيئية العالمية التي تحتاج إلي وقفة أكثر من جادة من الفاعلين الدوليين‏-‏ علي اختلافهم‏-‏ للحد من تفاقمها‏.‏

وتنطلق الدراسة من فرضية مفادها أن‏'‏ الشأن البيئي العالمي لم ينل حتي الوقت الراهن الاهتمام الكافي لوضعة علي قمة اهتمامات الأجندة الدولية إلا من جانب المؤسسات التي لا تملك سلطة الالزام وصنع القرار‏,‏ في حين ماتزال القوي القادرة علي تفعيل الاهتمام بهذه القضايا متجاهلة للمخاطر التي تحدق بالبشرية‏.‏

وقد خصص الباحث الجزء الأول من الدراسة للتمييز بين معني العولمة بالمعني الحقيقي الذي تعيشة وتدركه الدول وقياداتها ومفكريها وبين مفهوم العالمية‏.‏

وقد أنتهي الباحث في هذا الجزء من الدراسة إلي ضرورة التمييز بين مصطلحي‏'‏ العولمة‏'‏ و‏'‏العالمية‏',‏ فالدلائل السلبية الكامنة داخل مصطلح‏'‏ العولمة‏'‏ تتناقض وتختلف عن المذهب الصاعد الداعي لعالمية التعامل مع القضايا الدولية ومنها قضية البيئة‏,‏ انطلاقا من فكرة المجتمع الواحد والمصير الواحد والجوار في عالم واحد‏.‏ فمن الواضح أن الدول الصناعية الكبري وعلي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع مفهوم العولمة وتتجاهل مفهوم العالمية تناقضة مع مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية التي لا تراعي فيها بالضرورة مصالح الانسانية العالمية‏.‏ وفي ذات الوقت فإنه لا يمكن التعويل علي الدول النامية في اتخاذ مبادرات بيئية دولية‏,‏ وإنما يجب أن تتقدم الدول الصناعية الكبري‏-‏ انطلاقا مع مبدأ المسئولية المشتركة والشراكة في مجتمع واحد ومصير واحد لاتخاذ المبادرات الكفيلة لتحقيق إدارة دولية فاعلة للحد من المشكلات البيئية الدولية التي تهدد بشكل متزايد البشرية‏.‏
وقد تعرض الجزء الثاني من الدراسة بشكل متعمق لأهم الفاعلين الدوليين من وجهة نظر الباحث في إدارة قضايا البيئة‏.‏ وقد أوضح الباحث أن الفعالين الدوليين من ذوي الشأن بإدارة قضايا البيئة يتعددون ويتنوعون علي مستوي العالم بين أصحاب الاختصاص الأصيل‏-‏ مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة‏-‏ بحكم ما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة‏,‏ وبين أصحاب الاختصاص الفرعي‏-‏ مثل البنك الدولي والدول المانحة‏-‏ بفعل الضغوطات المتزايدة للمبادرة بلعب دور فعال في هذا السياق‏.‏ وقد ركز هذا الجزء من الدراسة علي هؤلاء الفاعلون الثلاثة‏.‏

وقد انتهي الباحث في هذا الصدد إلي توضيح مظاهر التميز ضد بعض المناطق من جانب البنك الدولي في تمويله للمشروعات البيئية ومن هذه المناطق أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا‏.‏ وعلي عكس هاتين المنطقتين تحظي منطقة شرق آسيا والمحيط الهادي‏-‏ وهي تشمل‏22‏ دولة فقط‏-‏ بـ‏35.5%‏ من حجم الاقراض الاجمالي في مجال البيئة لعقد كامل‏-‏ هو عقد التسعينات المنتهي‏-.‏ وبصفة عامة نلاحظ تذبذب التمويل الموجهة إلي المكونات البيئية للمشروعات وأن كان المتوسط العام لم يزد للإقراض البيئي عن‏2.72%‏ في تلك الفترة‏.‏

وما ينطبق علي البنك الدولي ينطبق أيضا علي حالة الدول المانحة الجمعية العامة والأمم المتحدة حيث يحتاجان إلي محاولات جادة لاعادة تطوير ما يمكن أن يلعبانه من أدوار جادة لتفعيل الإدارة الدولية للبيئة‏.‏

وقد تعرض الجزء الثالث من الدراسة لنمط الإدارة الدولية لقضية التغيرات المناخية التي تمثل الحالة التطبيقية التي يقارن فيها الباحث وبصددها ما انتهي اليه من نتائج عامة حول نمط الإدارة الدولية لقضايا البيئة بصفة عامة‏.‏ وقد خلص الباحث إلي نمط الإدارة الدولية لقضية التغيرات المناخية يعيش حالة من الصراع الرامي للحفاظ علي المكتسبات والمصالح الاستراتيجية دون أن تتراجع في مواجهة القوي المنافسة‏,‏ وتتعدد في هذا الصدد مؤشرات الصراع التي عددها الباحث‏.‏

وفي خاتمة الدراسة انتهي الباحث إلي عدد من المقترحات لتفعيل الإدارة الدولية للشأن البيئي‏,‏ ومن هذه المقترحات‏:‏

‏1-‏ تحويل برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلي هيئة بدلا من سكرتارية‏.‏

‏2-‏ تحويل المرفق العالمي للبيئة إلي آلية دائمة وشاملة لتمويل الاستثمارات البيئية التنسيق مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة‏.‏

‏3-‏ تدقيق وشمويلة عمليات الرصد العالمي لتنظيم الايكولوجية المختلفة‏.‏

‏4-‏ التعاون الأقليمي‏,‏ والتعاون الاقليمي‏-‏ الاقليمي‏.‏

‏5-‏ الدور البارز الذي يمكن أن تلعبه الدول علي المستويات الوطنية يمكن أن نواة لتعاون دولي أشمل وأعمق في مجال البيئة‏.‏

منقوووول للفائدة .
AlexaLaw