ما هو التلمود ؟

واجه اليهود ظاهرة شبيهة بما حدث للرومان وللفقهاء المسلمين وتتمثل هذه الظاهرة فى محاولة التوفيق بين النصوص القديمة التى صدرت في مجتمع معين وما جد فى هذا المجتمع بعد ذلك من تطورات اجتماعية واقتصادية فبعد ميلاد المسيح وتفرق اليهود فى شتى بقاع الارض حيث يعيشون فى ثقافات مختلفة تختلف عن المجتمع الذى وجد فى فلسطين دون ان يجمع بينهم وحدة سياسية حاول احبار اليهود العمل على الحفاظ على وحدة اليهود الدينية والفكرية حتى لاتضيع هذه الوحدة كما ضاعت الوحدة السياسية بعد زوال دولتهم فلجأوا الى تفسير النصوص القانونية والدينية بما يجعلها تتفق مع اوضاعهم الجديدة ونتج عن هذه الجهود ظهور عدة شروح عرفت باسم التلمود .
فى بداية القرن الثالث قام احد الربانيين(1) بتجميع نصوص التوراة وما حدث لها من من تفسيرات فقهية وقضائية وقواعد تنظيمية فى كتاب عرف باسم الميشنا ( وهذا اللفظ يعنى لغويا المثنى او المكرر على راى البعض او السنة على راى البعض الاخر ) .
ثم اصبح هذا الكتاب محل شرح وتعليق من جانب احبار اليهود الربانيين فى مدارسهم المختلفة سواء فى بابل او فى فلسطين.
وقد عرفت هذه الشروح باسم الجيمارة وهى لم تقتصر على الشروح القانونية بل شملت ايضا بعض الاساطير عن التاريخ الطبيعى والطب والتاريخ السياسى ......... وقد اكتسبت الجيمارة مع مرور الزمن اهمية تفوق اهمية النصوص ذاتها وقد اطلق على التلمود على الميشنا والجيمارة معا وقد كتب التلمود باللغة الارامية .
وبالنظر لاختلاف الشروح التى قامت بها مدرسة اورشليم ومدرسة بابل فانه اصبح يوجد نصان للتلمود احدهما يسمى تلمود اورشليم الذى تمت كتابته فى اخر القرن الرابع والاخر تلمود بابل الذى تمت كتابته فى القرن الخامس الميلادى على ان الخلاف بين النصين لا ينصب على الميشنا لانها نص واحد لدى المدرستين ولكن الخلاف بينهما ينحصر فى الجيمارة اى شروح الميشنا وبالنظر الى ان جيمارة بابل كانت ادق واوفى فانها هى التى سادت .
وهكذا اصبح لدينا شروح وتفسيرات عن عقيدة اليهود وشريعتهم وهى التلمود ولما كانت النصوص التى اعتمدت عليها هذه الشروح نصوصا مقدسة فان شروحها تمت على ايدى احبار اليهود اكتسبت نفس القدسية التى تتمتع بها النصوص ذاتها .

للأمانة العلمية : الموضوع منقول من أحد الأبحاث العلمية من أحد المواقع ولم يذكر فيه اسم الباحث ، لكن ذكر انه تحت اشراف د/ صوفي أبو طالب