الانتحار والشروع فيه في المجتمع الليبي

الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى
اللجنة الشعبية العامة للامن العام




الانتحار والشروع فيه فى المجتمع الليبى
دراسة أحصائية مقارنة ( 1998 إلي2004 )









الادارة العامة للعلاقات والتعاون
مكتب البحوث والترجمة
ناصر 2005


الشك وسيلة لليقين
الانتحار والشروع فيه فى المجتمع الليبى
دراسة أحصائية مقارنة ( 1998 الى 2004 )



تمهيد
تهدف هذه الورقة الى بيان عدد جرائم الانتحار والشروع فيه فى المجتمع الليبى من خلال حديث ألأرقام الذى يعطى فكرة مركزة* واضحة وواقعية عن حجم المشكلة فى مكان محدد وفترة زمنية معلومة. وتحاول هذه الورقة ألاجابة على عدة تساؤلات محتملة حول أتجاه جرائم ألانتحار والشروع فيه خلال ألاعوام من 1998 الى 2004 مع تحليل تقارير أحصاءات جرائم ألانتحار والشروع فيه التى تنشر سنويا ومقارنتها باحصاءات جرائم ألانتحار على المستوى ألاقليمى فى بعض البلدان العربية ويمكن صياغة ألاسئلة المحتملة على النحو التالى:
• ما هو عدد جرائم الانتحار والشروع فيه فى المجتمع اليبى ؟.
• هل كل الجرائم التى يقال عنها أنتحار هى فعلا كذلك؟.
• هل بالامكان أضافة الجديد للجهود البحثية ألاجتماعية والجنائية التى بذلت حتى ألان حول التعرف على أسباب الانتحار؟.
• لماذا هذا الجهد ؟. وما الفائدة منه طالما لا أحد يستطيع أن يحول بين المرء ونفسه أذا أراد أن يقتلها ؟.
• من قال أن ألانسان يريد أن يقتل نفسه لمجرد أنه يحب القتل؟. ومن قال أنه هو فعلا من قتل نفسه؟.
خطة البحث
مقدمة تعرض للمشكلة وتعرف بمفهوم ألانتحار.
فصل : يبين حجم المشكلة بالأرقام فى بعض المجتمعات العربية وموقع
المجتمع الليبي بينها.
فصل : يبين حجم المشكلة فى الشعبيات وفق ***** والعمر مقارنة بعدد السكان.
فصل : يقارن بين جريمتي ألانتحار والقتل العمد فى المجتمع الليبى.
فصل : يتناول معالم المعالجة. ( الشك وسيلة لليقين وألانسان لا يقبل أمرا على
أنه حقيقة إلا إذا قامت الدلائل البينة على صحته ).


مقدمة لابد منها
يبين مكرم اسكندر مؤلف كتاب ادباء منتحرون أن مشكلة الانتحار صاحبت التجمعات البشرية وأرّقت ولاتزال توّرق العديد من علماء ألاجتماع والكتاب والمفكرين وخبراء العلوم الجنائية وهى مشكلة تدل على عمق الماساة الانسانية وترمز الى أزمة الحياة وتعقيداتها وترتبط أرتباطا وثيقا بازدياد الخبرة وتعرض الانسان للمشكلات ألاجتماعية والنفسية.
ويرى دوركايم أن ألسلوك ألانتحارى مرتبط بالشعور بالياس. كلما زاد شعور الانسان بالياس* كلما تضاعفت لديه الرغبة فى الانتحار وكلما تضاءل الامل كلما أزدادت غربة الانسان. أشهرا أدباء القرن العشرين ( ارنست هيمنجواى وفرجينيا وولف ) ماتا منتحران.
( أدباء منتحرون* مكرم شاكر أسكندر* 1992 . ص5 ـ .

فى ترتيـب القاموس وتاج العروس " ألانتحار يعنى قتل النفس " أنتحر فلان أى قتل نفسه .. ويرى نيتشه أن الموت نوعان: موت طبيعى وهو هذه الظاهرة التى لا مفر للانسان منها وموت آخر أرادى وهو الانتحار وفى القرأن الكريم { أينما تكونو يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة } { النساء* ألاية 78 } . { قل أن الموت الذى تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} { الجمعة*الاية 7 }. وزهير بن أبى سلمى قبل ألاسلام نبه الى حتمية الموت وأستحالة الفرار منه بقوله:
من هاب أسباب المنايا ينلنه ..... ولو رام أسباب السماء بسلم.
عالم ألاجتماع الفرنسى دوركايم عرف ألانتحار بانه كل فعل سلبى ينفذه الضحية فى نفسه وهو يعلم بأن هذا الفعل مفضى به الى الموت. (المجلة العربية للدراسات الامنية والتدريب* العدد رقم 30* السنة 2000 ).
وتدل معظم الدراسات والمسوح الاجتماعية التى أجريت على السلوك التدميرى الذى يلحقه ألانسان بذاته على أن هذا السلوك مرتبط بعوامل أهمها:
1) الكفاءة الشخصية ( القدرة على أتخاذ القرارات ) وهى مرتبطة بمرحلة البلوغ.
2) الشعور بالتهديد وفقدان الامل وهو ياتى نتيجة الكفاءة والتجربة ويسمى أيضا الشعور باليأس والفشل.
3) نبذ الاخرين وكراهيتهم وهى تأتى نتيجة مواقف سلبية وترسبات أجتماعية.

) التحولات الاجتماعية والاقتصادية التى تصيب الحياة الاجتماعية لها أثار سلبية تختلف بأختلاف ***** وبأختلاف الفئات العمرية وباختلاف المهن الحرفية والوظيفية وباختلاف المستويات الثقافية والاقتصادية وغيرها من المتغيرات ( أدباء منتحرون ). وتشير المعلومات المنشورة فى شبكة المعلومات العالمية أن ألامراض النفسية تحتل صدارة ألاسباب المودية الى الموت انتحارا حيث تحوز على نسبة ( 50 ـ 70% ) من حالات الانتحار المسجـلة فى العالم وتضيـف تقارير منظمة الصحـة العالميــة أن من بين( 3 ـ 5 %) من مجمل سكان العالم يعانون من ألكآبة التى تاتيهم على شكل نوبات تتكرر بين الحين وألاخر وأن أكثر من 10% من سكان العالم يصابون بنوبة كآبة مرة واحدة على ألاقل فى العمر حيث تتناسب نسبة الانتحار طرديا مع ألاصابة بنوبات الكآبة. وبالرجوع الى تعريف دوركايم للانتحار الذى يحدده بانه " كل فعل سلبى يأتيه الانسان لنفسه وهو يعرف بانه مفضى به الى الموت" نجد أن ألانتحار ينقسم الى نوعان:
1) أنتحار مباشر ينفذ بوسائل مثل الشنق وألارتماء من أعلى سطح وأطلاق النار والطعن بسكين وأحتساء السم والحرق والغرق وتناول العقاقير الطبية ..الخ.
2) أنتحار غير مباشر (لا يدخل ضمن أحصاءات الانتحار) مثل تعاطى المخذرات والادمان عليها حتى الموت* السرعة القاتلة عند قيادة السيارت والحوادث المفضية الى ذلك* ألارتماء أمام سيارة أثناء القيادة* الغرق فى البحر* ممارسة ***** دون ضوابط أخلاقية ينتج عنه الموت ولو بعد حين* الملاكمة والمصارعة الحرة ومصارعة الثيران والمسابقات بالسيارات والدراجات النارية الى آخر الاسباب التى تصاحبها التفاعلات الجسمانية العنيفة. ولا ننسى أيضا أنواع أخرى من ألانتحار غير المباشر حين يخضع ألانسان نفسه للتجارب الطبية تخلصا من آلامه وحين يقدم على الموت أنتحارا دفاعا عن قضية أو من أجل الدعاية لها .. وغيرها من الافعال التى ياتيها الانسان وهو يعلم بانها مفضية به الى الموت حسب تعريف دوركايم للانتحار.
للانتحار دوافع مختلفة منها النفسى ومنها الاجتماعى* منها ما هو متعلق بالفشل فى مواكبة الحياة العامة مثل الفشل فى العمل والدراسة والانشطة التجارية والعلاقات العاطفية ومنها الانتحار لاسباب صحية حيث يلجأ المريض الى التخلص من آلامه نتيجة يأسه من الشفا من مرض معين وأسباب أخرى عديدة معظمها يتم دفنه مع المنتحر. (المجلة العربية للدراسات الامنية والتدريب* العدد رقم 30* السنة 2000 ).
معدل جرائم الانتحار والشروع فيه خلال فترات زمنية محددة هو معيار للدلالة على مدى أنتشار جرائم الانتحار فى مجتمع ما والارقام المتوفرة عن جرائم ألانتحار والشروع فيه تبرز لنا الملاحظات الاتية:

) تشير ألاحصاءات التى تعلنها وزارة الصحة فى اليابان أن عدد ألاشخاص الذى أنتحروا خلال سنة 2004 تجاوز ( 32000 ) الف شخص ويعتبر الموت انتحارا غير محرم فى اليابان لانه ينظر اليه كوسيلة للهروب من الفشل ومعاقبة للنفس وتتجاوز مؤشرات الانتحار فى موسكو مثيلاتها لندن ونيويورك باربعة مرات وفى باريس وبون بمرتين وتوضح أحصاءات جرائم ألانتحار فى روسيا أن هذه الجريمة قد تضاعفت مؤشراتها عدة مرات خلال التسعينيات مما يشير الى أرتباطها بالتحولات ألاقتصادية المفاجئة التى شهدتها روسيا خلال السنوات الماضية.
2) يعدد الدكتور عبدالمجيد الخليدى رئيس رابطة ألاطباء النفسانيين العرب أسباب ألانتحار ويذكر منها (ألاكتئاب* الفشل الذى يفضى الى أعتقاد لدى الشخص المنتحر بأن الموت هو أقصر الطرق للتخلص من الحياة* اليأس الناتج عن أمراض مزمنة* اليأس الناتج عن الشعور بالظلم ألاجتماعى بالاضافة الى الزواج الفاشل والحب الفاشل والعيب ألاجتماعى) ويضف الخليدى أن النساء يفضلن ألانتحار بتجرع السم فى حين يفضل الذكور ألانتحار بواسطة ألاعيرة النارية وألادوات الحادة والحرق. وتضيف التقارير التى تحلل هذه الظاهرة فى اليمن أن من أبرز أسباب الانتحار: البطالة والفراغ والمشاكل العاطفية والحرمان الاجتماعى وفقدان العواطف الاسرية.
3) ظاهرة الانتحار والشروع فيه فى تنامي مستمر فى المجتمع الليبى كما سوف نتبين فى الصفحات القادمة ونعتقد بأنها بدأت تمثل بداية لمشكلة او ظاهرة أجتماعية سلبية يمكن الخوف منها ومن نتائجها وأثارها السلبية بالرغم من أنها من المشكلات الاجتماعية الطبيعية المصاحبة للتجمعات البشرية ولكن معرفة حجمها وتحليل مؤشراتها الدالة على أرتفاعها وانخفاضها وتحديد ما هو طبيعى منها وما هو مرضى ومقارنة متغيراتها مع مجتمعات أخري متشابهة فى العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والعقائدية من اولويات العمل الامنى.
4) بلغ عدد ألاشخاص المنتحرين خلال السنوات من 1998 الى 2004 ( 840 ) شخص* 78% منهم ذكور و22% منهم أناث وبلغت نسبة من تقل أعمارهم عن 40 سنة 75% من أجمالى عدد المنتحرين.
5) بلغ عدد من تم ضبطهم متلبسين بجريمة الشروع فى ألانتحار ( 711 ) شخص يمثلون نسبة 85% من أجمالى المنتحرين وبلغت نسبة ألاناث منهم 59% بينما بلغت نسبة الذكور 41% وهى على عكس جرائم الانتحار التى يمثل الذكور فيها الرقم ألاكبر.
6) بلغت نسبة مجهولى العمر من الاشخاص المنتحرين 15% بينما أرتفعت النسبة لدى من تم ضبطهم متلبسين بجريمة الشروع فى ألانتحار الى 37 %.