نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
ما الذي يوزن في الميزان ؟‍‍ ما هي الأعمال التي تثقلالميزان يوم القيامة ؟

‍‍أيها الأحبة في اللـه :
لقد اختلف أهل العلم في الجواب علىهذا السؤال على ثلاثة أقوال ، فأعرني قلبك وسمعك جيداً فإن الموضوع منهجي دقيقيحتاج إلى حسن متابعة .
أولاً : القول الأول .
إن الذي يوزن فيالميزان هو الأعمال ذاتها - أي أعمال العبد من صلاة وصيام وزكاة وحج وعمرة وبروصدقة وغير ذلك من الطيبات الصالحات .
ولكن رفض البعض وقالوا : هذه الأعمال أعراض لا أجسام ،والأعراض لا توزن ولا توضع في الميزان ، فكيف توزن الصلاة وهي ليست حجم ؟! وكيفتوزن الزكاة وهي كذلك ؟! فكيف تقولون بأن الأعمال هي التي توزن يوم القيامة؟!
والجواب : أن اللـه جل وعلا يومالقيامة يحول الأعراض إلى أجسام توضع في الميزان يخف الميزان ويثقل بحسب الحسناتوالسيئات .
والأدلة على ذلك منالسنة الصحيحة كثيرة فتدبر معي ، أزف إليك سيل من الأدلة الصحيحة من السنة .
روى البخاري ومسلم من حديث أبيهريرة رضي اللـه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( كلمتان خفيفتان على اللسان ،ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن هما : سبحان اللـه وبحمده سبحان اللـهالعظيم )) ([1]) .
انتبه يا مسلم الرسول يقول كلمتانعرض وليس جسماً بهما يثقل الميزان .
بل في الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذيوالنسائي وابن حبان وصححه شيخنا الألباني في مشكاة المصابيح من حديث أبي الدرداءرضي اللـه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( ما من شيء أثقل في ميزان المؤمنيوم القيامة من حسن الخلق))([2])
فحسن الخلق أثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة ، بلوأخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن القرآن الكريم يأتي يوم القيامة ليقفأمام العبد بين يدي اللـه جلا على هيئه غمامة ، أي على هيئه ظلة على رأس العبد يومالقيامة ليشفع له أمام اللـه ، بل ويحاج القرآن عن العبد بين يدي الحق تبارك وتعالى .
اسمع ماذا قال المصطفى صلى اللهعليه وسلم والحديث رواه مسلم من حديث أبي أمامه الباهلي يقول الصادق المصدوق صلىالله عليه وسلم :
(( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ،اقرؤوا الزهراوين : البقرة وآل عمران ، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتانأو غايتان أو كأنهما فرقان من طيرصواف ، تحجان عن صاحبهما اقرؤوا سورة البقرة فإنأخذها بركه وتركها حسره ولا تستطيعها البطله ( السحرة ) )) ([3]) .
وفي صحيح مسلم يقول المصطفى صلىالله عليه وسلم : (( يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون بهفي الدنيا ، تقدمه سورة البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان سوداوان بينهما شرق أوكأنهما فرقان من طيرصواف تحاجان عن صاحبهما )) ([4]) ، أي بين يدي اللـه جل وعلا .
كل هذه أدلة من السنة الصحيحة علىأن الأعراض تتحول يوم القيامة إلى أجسام وما استطعنا أن نعي كل هذه الحقائق إلالأننا أردنا أن نحكم قوانين الآخرة الغيبية بقوانين الدنيا الحسية فعجزنا .
أيها المسلم لا تعطل ولا تكيف ولاتمثل ولا تشبه ، فلا يستطيع أحداً منا الآن أن يعاند أو يكابر أو يمتنع عن الاعترافبعالم يعيش بيننا ، آلا وهو عالم النحل ، بل ولا يستطيع أحد منا أن ينكر أن النمليتكلم بدليل أن اللـه لما فك رموز لغة النمل لسليمان عليه السلام ، فهم سليمان لغةالنمل وتجاوب مع النمل ، فقد سجل اللـه في قرآنه العظيم :
{ حَتَّى إذا أَتَوْا عَلَى وَادِالنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَايَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ(18)فَتَبَسَّمَضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَالَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُوَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ } [ النمل : 18 - 19 ] .
إذاً لا يستطيع أحدا منا أن ينكروجود عالم النمل ، بل لا يستطيع أحد منا أن ينكر أن النمل يتحدث ويتكلم ، ومع ذلكما رأينا واحداً قد جاء بمكبرات صوت دقيقة جداً وقربها إلى مجموعة نمل ليسمع كلامهامع أنه يعلم أن النمل يتكلم ، لماذا ؟!!
لأنه ما أعطى لعقله العنان في أن يدرك كيفية لغة النمللأن اللـه ما فك له رموز هذه اللغة ، والنمل خلق من خلق اللـه .
فكيف لعقلك أن يدرك الذات الإلهية؟!
لا تكيف ولا تمثل ولا تعطل ولا تشبه، فعالم الآخرة ليس كعالم الدنيا ، الظلم عين الظلم أن نحكم عالم الآخرة الغيبيوقوانينه بعالم الدنيا وقوانينه وهو عالم حسي ، فاللـه سبحانه بقدرته يحول الأعراضإلى أجسام توضع في الميزان ، يثقل الميزان ويخف بحسب الحسنات والسيئات بل أخبرناالصادق صلى الله عليه وسلم أيضاً : أن العمل يأتي لصاحبه في القبر على هيئة رجل ،نعم والحديث رواه أحمد في مسنده وأبو داود والنسائي والحاكم والترمذي وابن حبانوغيرهم وصححالحديث ابن القيم وأطال النفس في الرد على من أعل الحديث وصحح الحديثالألباني من حديث البرء بن عا** رضي اللـه عنه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلمذكر العبد المؤمن إذا وضع في قبره فقال : (( ويأتيه ملكان فيجلسان ويقولان له : من ربك؟ ، فيقول : ربي اللـه ، ما دينك؟ فيقول : الإسلام ، فيقولان : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟فيقول: محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقولان : ما علمك؟ فيقول : قرأت كتاب اللـهوأمنت به وصدقت ، فينادي منادي من السماء فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة ،وافتحوا له باب من الجنة يأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له قبره مد البصر ، ويأتيهرجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول صاحب القبر له : من أنت؟ فوجهك الوجهالذي يجيء بالخير ، فيقول: أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد وأنا عملكالصالح )).
وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم عن الكافر : (( ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول : هه .. هه .. لا أدري ، من نبيك؟ فيقول : هه.. هه .. لا أدرى ، ما دينك؟ فيقول : هه .. هه .. لا أدرى ، فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي فافرشوا له فراشاً من الناروألبسوه لباساً من النار ، وافتحوا له باب من النار يأتيه من روحها وسمومها ثم يضيقعليه قبره فتختلف أضلاعه ، ويأتيه رجل أسود الوجه قبيح المنظر نتن الريح فيقول : منأنت؟ فوجهك الذي يأتي بشر ، فيقول : أبشر بالذي يسؤك أنا عملك الخبيث )) ([5]) .
أرأيت يا مسـلم كيــف يكون العمل فيهيئة جسم إنسان وكيف يتكلـم ؟
إياك !! إياك !! أن يشوش عليك كلام العلمانين ممن يريدونأن يجعلوا من سلطان العقل والمادة قانوناً يحكمونه في صريح القرآن وصحيح السنة ،فإننا نشهد الآن نبته سوء ينكر أصحابها عذاب القبر ، إن غداً لناظره قريب ، هذاكلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى ، بل ولقد أخبر الصادق أن الموت نفسه يأتي يومالقيامة كهيئة كبش أملح .
والحديث في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري أن النبيصلى الله عليه وسلم قال: (( يأتي يوم القيامة بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد : يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون فيقول لهم : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه ، ثم ينادي مناد : يا أهل النار فيشرئبون وينظرون فيقول لهم : هلتعرفون هذا ؟ فيقولون نعم ، وكلهم قد رآه ، فيذبح بين الجنة والنار ، ثم يقول : ياأهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت ثم قرأ : { وأنذرهم يومالحسرة إذا قضى الأمر ، وهم في غفلة وهم لا يؤمنون } [ مريم : 39 ] وأشار بيده إلىالدنيا )) ([6]) .
إذاً ثُبت بالأدلة الصحيحة التيذكرت الآن أن الأعراض تتحول إلى أجسام توضع في الميزان يوم القيامة ويثقل الميزانويخف بحسب الحسنات والسيئات ، هذه أدله أصحاب القول الأول الذين قالوا بأن الأعمالالتي توزن في الميزان يوم القيامة .
ثانياً : القول الثاني .
قالوا بل إن الذي يوزن في الميزانهو العامل وليس الأعمال .
واستدل أصحاب هذا الفريق بأدلة صحيحة كذلك منها ما رواهالبخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يومالقيامة لا يزن عند اللـه جناح بعوضه ، وقال : اقرؤوا { فلا نقيم له يوم القيامةوزنا } )) ([7]) .
رجل سمين عظيم منتفخ منتفش يأتي يومالقيامة فيوضع في الميزان فلا يزن عند اللـه جناح بعوضة ، إذ أن الموازين إذا وضعتفيها العباد لا تخف ولا تثقل بحسب ضخامة الأبدان وكثرة الشحم والدهن إنما تخف وتثقلبحسب الحسنات والسيئات ، ألم أقل لك عين الظلم أن نحكم قوانين الدنيا في قوانينالآخرة وفي عالم الآخرة ، وفي المقابل يأتي بساقين ضعيفتين لرجل نحيف ضعيف فإنوضعتا في الميزان في كفة ، وجبل أحد في كافة أخرى لرجحت كافة هذا الرجل ، من هو ؟!!
إنه عبد اللـه بن مسعود رضي اللـهعنه ، إنه رجل ضعيف البنية قوي الإيمان رجل خفيف الجسم ثقيل الأعمال ، يقول المصطفىصلى الله عليه وسلم والحديث تفرد به الإمام أحمد في مسنده بسند جيد قوي كما قالالحافظ بن كثير وغيره ، يقول على بن أبي طالب رضي اللـه عنه : " صعد ابن مسعود رضياللـه عنه يوماً على شجرة آراك يجنى سواك فجعلت الريح تكفأه فضحك القوم ، فقالالمصطفى صلى الله عليه وسلم : (( مما تضحكون )) قالوا : نضحك من دقة ساقيه يا رسول اللـه فقال المصطفىصلى الله عليه وسلم : (( والذي نفس بيده لهما أثقل في الميزان من جبل أحد )) ([8]) .
هذه أدله أصحاب القول الثاني ممنقالوا بأن الذي يوزن في الميزان هو العبد .
ثالثاً : الرأي الثالث .
قالوا بل إن الذي يوزن في ميزانالعبد يوم القيامة هو الصحف .
واستدلوا على ذلك أيضا بحديث صحيح رواه أحمد في مسندهوالحاكم في المستدرك وصححه على شرط الشيخين وأقره الذهبي ورواه ابن حبان وأبو داودوغيرهم وصحح الحديث شيخنا الألباني من حديث عبد اللـه بن عمر رضي اللـه عنهما أنالنبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( إن اللـه تعالى سيخلص رجلاً من أمتي يوم القيامة علىرؤوس الخلائق فينشر عليها تسعه وتسعون سجلاً كل سجل مثل مد البصر ثم يقول : أتنكرمن هذا شيئا ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يارب فيقول : ألك عذر ؟ فيقول : لايارب فيقول اللـه جل وعلا : بلى إن لك عندنا حسنه ، لا ظلم اليوم فتخرج له بطاقةفيها : أشهد أن لا إله إلا اللـه وأشهد أن محمد رسول اللـه ، فيقول : احضر وزنك ،فيقول : يارب ما تفعل هذه البطاقة مع هذه السجلات ، فيقول : إنك لا تظلم ، فوضعتالسجلات في كفة والبطاقة في كفة ، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسماللـه شيء)) ([9]) .
وهذا ما استدل به أصحاب الرأيالثالث .
وبعدما تجولناسوياً حول الآراء الثلاث الماضية .
ترى ما هو القول الراجح من هذه الأقوال وما هي الأعمالالتي تثقل الميزان ؟
إن الحمد لله نحمدهونستعينه ونستغفره ونعوذ باللـه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده اللـه فلامضل له ، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا اللـه وأشهد أن محمداً رسول اللـه
أما بعد .. أيها الأحبة الكرام :
القول الراجح واللـه أعلى وأعلم أنالأعمال والعامل والصحف كل ذلك يوضع في الميزان يوزن العامل بأعماله وبصحفه وهذا مارجحه صاحب القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد وهذا ما أميل إليه .
لذا أرى أنه من الواجب علي أنأذكر نفسي وأحبابي ببعض الأعمال التي تثقل الميزان يوم القيامة .
: ما هي الأعمال التي تثقل الميزان يوم القيامة؟‍‍‍‍‍‍

من أعظم الأعمالالتي تثقل الميزان يوم القيامة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم حسن الخلق ففيالحديث الذي خرجته في أول اللقاء من حديث أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلمقال :
(( ما من شيء أثقل في ميزان المؤمنيوم القيامة من حسن الخلق وإن اللـه يبغض الفاحش البذيء )) ([10]) .
نعم حسن الخلق وآه من الحديث عن حسنالخلق ، واللـه ما أحوج الأمه بحكامها وعلمائها وشيوخها ودعاتها ورجالها ونسائهاوشبابها وأطفالها إلى حسن الخلق ، فإن حسن الخلق لمنهج نظري منير ، فإنا نرى بوناًشاسعاً رهيباً بينه وبين سوء الخلق كمنهج واقعي عملي .
أين أخلاق الإسلام ؟!! أين أخلاقمحمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام ؟!! فما أيسر التنظير .
إن أرفف المكتبات في بيوتنا وفيمدارسنا وفي جامعتنا تئن بأطنان المجلدات التي سطر فيها المنهج النظري المشرقالمنير ، ولكن لو نقبت في واقع الأمة ونظرت نظره سريعة إلى أحوال الناس ، لرأيتبوناً شاسعاً بين هذا المنهج النظري المنير وبين الواقع المؤلم المر المرير .
يا أمة الإسلام يا أمة سيد ولدعدنان !!
أين الصدق ؟! أينالإخلاص ؟! أين الرفق ؟! أين الحلم ؟! أين العفو ؟! أين البر ؟! أين الحياء ؟! أينالرجولة ؟! أين الشهامة ؟! أين الكرامة ؟!
بل أين أين أين ............ ؟؟!!
أين أخلاق محمد بن عبد اللـه صلىالله عليه وسلم.
واللـه واللـه إنيلأتهم نفسي وما أبرىء نفس إن النفس لأمارةبالسوء
وغير تقي يأمـرالنــاس بالتقـى طبيب يداوي الناس والطبيبعليل

فأسأل اللـه أنيستر علي وعليكم وأن يردني وأن يردكم وأن يرد الأمة جمعاء إلى الخلق الجميل رداًجميلاً إنه ولي ذلك والقادر عليه .
يا شباب الأمة ما أحوجنا إلى محاسن الخلق ما أحوجنا إلىمكارم الأخلاق ، إنني أقول دوماً وأبداً ، لقد نجح المصطفى صلى الله عليه وسلم فيأن يقيم للإسلام دولة من فتات متناثرة وسط صحراء تموج بالكفر موجاً ، فإذا دولةالإسلام بناء شامخ لا يطاوله بناء ، نجح المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذلك يوم أنطبع عشرات الآلاف من النسخ من المنهج التربوي الإسلامي العظيم ، ولكنه لم يطبعهابالحبر على صحائف الأوراق ، وإنما طبعها على صحائف القلوب بمداد من النور ، فحولأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المنهج الأخلاقي الإسلامي إلى واقع عملي يتألقسمواً وروعةً وجلالاً في دنيا البشر أذهل البشرية - لكني أقول إن أعظم حجر يقف الآنفي سبيل الإسلام في الشرق والغرب هو أخلاق المسلمين إلا من رحم اللـه ، فإن الرجلفي الشرق والغرب ينظر إلى المسلمين هناك فيرى المسلم يزني ويشرب الخمر ويبيعالخنزير ولا يحافظ على الصلوات ، فينظر الرجل إلى المسلم الذي يغني بالإسلام فلايرى أنه يفوقه خلقاً ، فالحجر العاثر والعقبة الكئود في طريق الزحف الإسلامي فيالشرق والغرب هو أخلاقنا إلا من رحم اللـه .
نسأل اللـه أن يجعلنا جميعا ممن رحم، ولذلك يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:
(( ما من شيء أثقل في ميزان المؤمنيوم القيامة من حسن الخلق )) وأرجو أن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيميزان المؤمن ، إذا أن الإيمان أصل سابق ، أرجو أن ننتبه لهذه اللطيفة ، إذ أنالإيمان أصل سابق بل لقد أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم كما في الحديثالذي رواه أحمد والترمذي بسند صحيح قال صلى الله عليه وسلم حينما سئل عن أكملالمؤمنين إيمانا قال : (( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا )) ([11]) .
لقد أخبر الصادق المصدوق صلى اللهعليه وسلم كما في الحديث الذي رواه أبو داود وابن حبان وغيرهما من حديث عائشة بسندصحيح قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:
(( إن العبـد الـمـؤمــن ليـــدرك بحســن خلقـه درجةالصائم القائـــم )) ([12]) .
وهؤلاء أصحاب الأخلاق العليا منأقرب الناس إلى رسول اللـه يوم القيامة قال المصطفى صلى الله عليه وسلم نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامةأحسنكم أخلاقا)) ([13]) .
ومن أعظم الأعمال التي تثقل الميزانيوم القيامة أيضاً (( الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحاناللـه والحمد لله تملأن ما بين السماء والأرض)) ([14]) .
هل أُخي واختي في اللـه تعجز عنهذا الطهور؟! هل تعجز أن تحمد اللـه وتسبحه بقلبك قبل لسانك ؟!
واسمع ماذا يقـول المصطفى صلى اللهعليه وسلم ؟! يقول : (( لأن أقول سبحان اللـه والحمد لله ولا إله إلا اللـهواللـه أكبر أحب على ممن طلعت عليه الشمس )) ([15]) .
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (( من قال سبحان اللـه وبحمده في يوم مائة مرة حطت عنهخطاياه وإن كانت مثل **د البحر)) ([16]) .
لكن أحبتي في اللـه أهمس في كل أذنتسمعني أن يردد اللسان ويصدق الجنان ، وأن تترجم الجوارح والأركان .

([1]) رواه البخاريرقم (6406) في الدعوات ، باب فضل التسبيح ، ومسلم رقم (2694) في الذكر والدعاء ،باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء .

([2]) رواه الترمذي رقم(2003،2004) في البر والصلة ،باب ما جاء في حسن الخلق ،وأبو داود رقم (4799) في الأدب ، باب حسن الخلق ، وهو فيصحيح الجامع رقم (5721) .

([3]) رواه مسلم رقم (804) في صلاة المسافرين ، بابفضل قرأة القرآن وسورة البقرة .
الغياية : كل شيء أظلالإنسان وغيره من فوق ، وهي كالسحابة .
الفرق : الجماعةالمنفردة من الغنم والطير وغير ذلك .
صواف : جمع صافة ، وهيالتي تصف أجنحتها عند الطيران .

([4]) رواه مسلم رقم (805) في صلاة المسافرين ، بابفضل قراءة القرآن وسورة البقرة، والترمذي رقم (2886) في ثواب القرآن ، باب ما جاءفي سورة آل عمران .

([5]) رواه البخاري رقم (1374) في الجنائز ، باب ماجاء في عذاب القبر ، ومسلم رقم (2870) في الجنة ، باب عرض مقعد الميت منالجنة
والنار ، وأبو داود رقم (3231) في الجنائز ، والنسائي (4/97، 98) في الجنائز .

([6]) رواه البخاري رقم ( 6548) في الرقاق ، باب صفةالجنة والنار ، ومسلم رقم (2850) في الجنة ، باب النار يدخلها الجبارون .

([7]) رواه البخاريرقم ( 4729) في تفسير سورة الكهف ، باب { أولئك الذين كفروا بربهم} ، ومسلم رقم (2785) في صفة القيامة .

([8]) رواه أحمد في المسند رقم (920) وقال الشيخ أحمدشاكر : إسناده صحيح .

([9]) رواه الترمذي رقم (2641) في الإيمان ، باب ماجاء في من يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله ، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة رقم (135) .

([10]) سبق تخريجه .

([11]) أخرجه أبوداود رقم ( 4682) والترمذي رقم ( 1162) وقال : حسن صحيح وهو في صحيح الجامع رقم (1230) .

([12]) رواه أبوداود رقم ( 4798) في الأدب وأحمد في المسند رقم ( 24236، 24476).

([13]) رواه الترمذيرقم (2019) في البر والصلة ، باب ما جاء في معالي الأخلاق ، وللحديث شواهد يثق بها، وخرجه الشيخ الألباني في الصحيحة (791) ، وهو في صحيح الجامع (2201)

([14]) رواه مسلمرقم (223) في الطهارة باب فضل الوضوء ، والترمذي رقم (3512) في الدعوات والنسائي (5/5،6) في الزكاة وهو في صحيح الجامع (3957) .

([15]) رواه مسلمرقم (2695) في الزكاة والدعاء ، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء ، والترمذي رقم (3591) في الدعوات .

([16]) رواه الترمذي رقم (3462) في الدعوات ، وقال: حسن صحيح وهو جزء من حديث طويل رواه مسلم رقم (2691