عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .


عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .



عالم القانون

العدل أساس الملك - Justice is the basis
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
TvQuran
القانون العام الاسلامي  110
AlexaLaw on facebook
القانون العام الاسلامي  110
القانون العام الاسلامي  110
القانون العام الاسلامي  110
القانون العام الاسلامي  110
القانون العام الاسلامي  110

شاطر | 
 

 القانون العام الاسلامي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655168

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

القانون العام الاسلامي  1384c10


الأوسمة
 :


القانون العام الاسلامي  Empty
مُساهمةموضوع: القانون العام الاسلامي    القانون العام الاسلامي  I_icon_minitime30/7/2010, 16:53

خيارات المساهمة


المبحث الأو ل: المصطلحات القانونية الأصلية في الثقافة الإسلامية
الأمة الإسلامية أمة قانون ومدنية م نذ تكوا قبل 14 قرنا، وما الشريعة الإسلامية إلا قانون
موضوعه الأساس توجيه الإنسان واتمع، كما معلو م.
فبترول الإسلام كان الإعلان أنه دين ت شريع وتنظيم مدني وصناعة حضارة، لكن بأهداف
أخروية ومقاصد جامعة بين الحياة على الأرض والسعادة الأبدية، لذلك لم يختلف العلماء في
تعريف الإسلام بأن ه: "وضع إلهي سائق لذوي العقول السليمة باختيارهم إلى الصلاح في المعاش
والفلاح في المعا د" 1، فنيل الإنسان لمصالحه الد نيوية وسعادته في الآخرة هو جوهر مقاصد
الإسلام وأهداف ه.
ويتضمن الإسلام مبادئ قانونية سامية ومرنة، وتشريعات كثيرة تغطي كل جوانب الحياة،
سواء في مجال التعاقدات والعلاقات الخاصة، أو في مجال الدستور والقانون العا م..
فما هي المفاهيم الأصلية للقانون في الإسلام؟ وما هو المنهج القانوني في الثقافة الإسلامية؟
* المفاهيم الأصلية للقانون في الثقافة الإسلامية :
يتمركز القانون في الإسلام على ثلاث مرتكزات أصلية، هي الشريعة والفقه والاجتها د.
أولا : الشريعة
هي المصدر الأسمى للقانون الإسلامي، والمقصود ا النصوص الثابتة في القر آن والسنة، والتي
تتضمن التشريع وتنظيم العلاقات، كقوله تعالى في العقو د: (أوفوا بالعقو د) ( وأوفوا بالعهد إن
العهد كان مسئو لا) وقوله ص: ( لا يحل مال امرئ إلا بطيب نف س )، وقوله تعالى في البيو ع:
(وأحل الله البيع وحرم الرب ا) ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض
منك م )، وقوله ص: (إذا اختلف البائع والمشتري فالقول قول البائع أو يترادا ن )، وقوله تعالى في
الحكم والولايا ت: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن
. 1 - انظر الدين لمحمد عبد الله دراز ص: 33
تحكموا بالعد ل )، ( فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل ا لله )، وقوله ص:
(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله [وذكر منه م] إمام عاد ل) وقوله تعالى في الجنايا ت:
(ولكم في القصاص حيا ة )، وقوله ص فيها (ادرؤوا الحدود بالشبها ت )، وقوله تعالى في القتا ل:
(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدي ن) ( فمن اعتدى عليكم
فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليك م )، وقوله ص في ه: (الجهاد واجب وراء كل إمام بر أو فاج ر )،
وقوله تعالى في الشور ى: (وأمرهم شورى بينه م )، وقوله ص فيه ا: ( ما خاب من استشا ر) وقوله
تعالى في الإر ث: ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأ نثي ين )، وقوله ص في ه: (للجدة
السد س )، وقوله تعالى في الزوا ج: (وآتوا النساء صدقا ن )، وقوله ص في ه: ( لا تنكح البكر حتى
تستأم ر).. وقوله تعالى في حكم الضرر في المعامل ة: (ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس
يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرو ن) و قوله ص: ( من احتكر يريد أن يغالى ا [أي
السلع ة] على المسلمين فهو خاطئ وقد برئت منه ذمة ا لله.)..
فمن مجموع الآيات والأحاديث المتضمنة للأحكام تتكون الشريعة، وهي مرجع الفقه
والاجتهاد في الإسلام، وهي المصدر الأسمى للقانون الإسلام ي.
ثانيا : الفقه
وهو الأحكام والقواعد التي استنبطها الفقهاء من الشريعة [أي القرآن والسن ة ]، وذلك بناء
على أصول وقواعد علمية تعرف ب [أصول الفق ه ]، ومن هذه الاستنباطات تكونت المدارس
والمذاهب الفقهية، كالمذهب المالكي والمذهب الحنفي والمذهب الشافعي والمذهب الحنبلي ..
وأحكام الفقه نوعا ن: النوع الأو ل: ما اتفق عليه العلماء، كاتفاقهم على وجوب الصلاة،
ووجوب الوفاء بالعقود، ووجوب إقامة السلطة السياسية، وحرمة السرقة والرشوة وجواز الأخذ
بالأنظمة الأجنبية في ما لا يعارض نصا قطعيا في الشريعة، وغير ذلك، وهذا النوع يسمى إجماعا
وهو حجة قطعية في التشريع، يجب اتباعه بعد انعقاده، مثله في ذلك مثل نصوص القرآن والسن ة.
والنوع الثا ني: ما اختلف فيه العلماء، كاختلافهم في اشتراط الولاية في الزواج، وفي تولية من
لم يستوف شروط الولاية الشرعية، وفي جواز البيع المصحوب بشرط، وفي حكم بيوع الآجال،
وفي الحجر على البالغين إذا كانوا مبذر ين لأموالهم، وفي آلاف المسائل والأحكام التفصيلية.
وهذا النوع يدخل في باب الرأي والاجتهاد، ولا يكون ملزما إلا في ثلاث حالات، الحالة
الأو لى: أن يقتنع الآخذ به [ من العلما ء] بأن له حجة قوية في الشريعة، فيلزمه العمل به، والحالة
الثاني ة: أن يكون الآخذ به [ من غير العلما ء] مقلدا لمن أخذ به من العلماء، الحالة الثالث ة: أن
يختاره الحكام ويلزموه للناس التابعين لهم، فيلزمهم دون غيره م.
ثالثا : الاجتهاد
هو بذل الفقيه الوسع لاستنباط حكم شرعي جديد أو الإجابة على نازلة جديدة لم تقع قبل،
فيجتهد فيها طبقا لقواعد "أصول الفق ه".
والاجتهاد والفقه متقاربان في المعنى متحدان في الشروط والقواعد، والفرق بينهما أن
الاجتهاد " مقدم ة" والفقه " نتيج ة" ، لأن الاجتهاد " بذل الوسع لاستنباط حكم شرع ي "، أما
الفقه فهو "المعرف ة" الحاصلة بعد الاجتها د.
والاجتهاد أنواع، أهمها ثلاث ة: 1 - فهناك اجتهاد المف تي، وميزته أنه اجتهاد يترتب عليه حكم
غير ملزم، وإنما هو اجتهاد للإخبار بحكم الله تعالى في الوقائع، وذلك استنباطا من القرآن والسنة
وأدلة التشريع الأخر ى. 2 - وهناك اجتهاد الحاكم والقاضي، وميزته أنه اجتهاد يترتب عليه
حكم ملزم لمن يقع تحت دائرة نفوذ ه. 3 - وهناك الا جتهاد التطبيقي، ويسمى "الاجتهاد في
تحقيق المنا ط "، ويختص بتتريل الأحكام الشرعية المقررة على الواقع، كالاجتهاد في أنفع السبل
للعيش الكريم، وفي أقوم السبل لتحقيق القوة والمنعة في جميع االات، وفي أحسن الطرق لجلب
المصالح للأم ة..
ويتميز هذا النوع بأنه ليس اجتهادا ابتدائيا من الشريعة، بل هو اجتهاد في تحقيق ما استنبطه
الفقهاء من أحكام، كما قال الشاط بي: "أن يثبت الحكم بمدركه الشرعية، ولكن يبقى النظر في
تعيين محل ه" 2، فيكون الاجتهاد لتحقيق هذه الأحكام المحددة في محالها، ووضع الطرق الصحيحة
لتنفيذه ا.
فوجوب السعي ل تحقيق العيش الكريم، واكتساب أسباب القوة وضرورة جلب أحسن الطرق
لنفع الناس وجلب مصالحهم في أبدام وأديام وأقوام وأموالهم، كالطب والصنائع مقرر
مسبقا في الفقه الإسلامي من طرف اتهدين، لكن الأساليب والطرق لتحقيقها موكولة إلى أهل
68/ 2 - الموافقات 4
الاجتهاد التطبيقي من الخ براء والفنيين وأهل العلم الديني والدنيوي، وإن لم يكونوا مجتهدين في
الشريعة، قال الشاط بي: " لا بد من هذا الاجتهاد في كل زمان، إذ لا يمكن حصول التكليف إلا
. ب ه" 3
المبحث الثاني : خصائص القانون الإسلامي قبل العصر الحديث
تحصل لدينا مما سبق أن المسلمين – عبر تاريخهم - كانوا ينفذون أحكام القانون بالاعتماد
على الشريعة والفقه والاجتها د.
ولا بد هنا من توضيح نقطة جوهرية في هذا الصدد، وهي التفريق بين مفهوم القانون
الإسلامي قبل الاستعمار الأوربي المعاصر للبلاد الإسلامية، ومفهومه بعد ذل ك.
فقبل الاستعمار وطيلة ثلاثة عشر قرنا، كان القانون الإسلامي هو الفقه نفسه، سواء في إطار
أوضاع الشرعية الكاملة، أو الشرعية الناقصة، أي سواء كانت السلطة تنفذ الأحكام الشرعية أو
تعطل بعضها مما لا يتمشى مع مصالحه ا.
لذلك تميزت القواعد المطبقة في الحياة الإسلامية طلية التاريخ الإسلامي بما يل ي:
أ - انف صال القانون عن السلطة السياسية
إذ الفقه موجود بغض النظر عن الحكومة القائمة وعن أشخاص الملوك والسلاطين، فيقوم
الحكام والقضاة والمسؤولون بتنفيذ أحكام وقواعد مقررة قبل وجود السلطة، وباستقلال عنها،
فتكون السلطة أداة تنفيذ لهذه الأحكام لا أداة إنشاء لها، ويقتصر دور السلطة فيها على اعتماد
مذهب فقهي ما أو الاختيار من الآراء الفقهية الموجودة في بعض الأحيا ن.
وقد تقوم السلطة بتعطيل بعض الأحكام التي تخالف أهواءها –خاصة في اال العام - لكن
هذا التعطيل لا يلغي هذه الأحكام، من الوجود، بل تظل ثابتة إلى أن تتهيأ الإرادة السياسية
للعمل  ا.
ب - عموم السريان على كل المسلمين في العالم الإسلامي
كان القانون الإسلامي ساريا على كل المسلمين في العالم الإسلامي، ولم يكن محصورا في
كل دولة دولة، كما هي خاصة القاعدة القانونية في النظام الغربي المعتم د.
.68 / 3 - الموافقات 4
نعم قد تقوم كل دولة إسلامية باختي ار مذهب ما وإلزام مواطنيها به، مثل اختيار الدولة في
المغرب منذ القديم لمذهب مالك، واختيار الأتراك العثمانيين لمذهب أبي حنيفة، واختيار حكام
الحجاز لمذهب أحمد بن حنبل، واختيار بعض سلاطين الشرق الأقصى لمذهب الشافع ي..
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الدولة تختار مذهبا موجودا مسبقا، وثاني ا: أن هذا المذهب يبقى
العمل به ساريا وإن لم تدخل بعض المناطق في نفوذ الدولة، كما وقع تاريخيا في قبائل الصحراء
وجنوب الصحراء، الذين لم يكن لهم حكم مركزي ومع ذلك كانت تعمل بمذهب المالكي ة.
والسبب في ذلك أن المذاهب الفقهية كانت تتبع عل ماء "الجماع ة" أكثر من تبعيتها للسلطة
القائمة، ولطالما حاولت السلطة فرض مذهب ما فلم يطاوعها السكان والعلماء، فاضطرت إلى
الإبقاء على مذهبهم، واكتفي هنا بذكر مثال ين: الأو ل: أن دولة الفاطميين بتونس [ق 4ه ]
فرضت مذهب الشيعة الإمامية على الناس هناك، فقامت ثورات مد نية وأخرى مسلحة، مقاومة
لهذا القرار، وانتهى الأمر برضوخ الدولة لاختيار الناس، وأبقتهم على المذهب المالك ي. والثا ني:
أن دولة الموحدين فرضت "المذهب الظاهر ي" على المغاربة [ق 7 ه ] لكنها لم تنجح في ذلك
رغم قوا، فاضطرت إلى ترك الناس على مذهب مال ك..
ج - قواعد القا نون الإسلامي والقواعد الدينية والأخلاقية
لم تفصل القواعد المطبقة طيلة التاريخ الإسلامي فصلا قاطعا قواعد القانون عن قواعد
الأخلاق، فبالرغم من أن الفقهاء ميزوا بينهما، حيث ميزوا بين "الجانب الديا ني" والجانب
القضائ ي "، فإم جعلوا لكليهما آثارا واقعية، "فقد يصدر الحكم من القاضي فيصبح بذلك عدليا
نافذ المفعول، ليبيح للمحكوم له أن يتصرف بمقتضاه فيما حكم له به، ولكنه من الجهة الديانية
[وهي ما يرجع للديان ة] لا يكون شرعيا، إلا إذا كان مطابقا لواقع الأمر، والمحكوم له مطالب
بأن ينظر لنفسه، فإذا كان الواقع متفقا مع ال قضاء ساغ له أن يستفيد من الحكم وإلا حرم عليه
ذلك، ووجب عليه أن ينصف خصمه من نفسه معترفا بالحقيقة على وجهها، والأصل في ذلك
قول النبي ص: (ِإن  ما َأنا ب  شر  وِإن ُ كم تخت  صمونَ ِإَلي َفلَعلَّ بع  ض ُ كم َأنْ يكُونَ َألْ  حن ِبحجته من
بع ضٍ، َفأَقْ  ضي َله  عَلى ن  حوِ ما َأ  س  مع من ه، َف  من قَضيت َله ِب  ش  يءٍ من  حق َأخيه َفَلا يأْ  خ َ ذنَّ منه
. شيًئ ا، َفإِن  ما َأْق َ طع َله قطْعةً من النا رِ)" 4
ومن أمثلة أخذ الفقه الإسلامي بقواعد الأخلاق والديانة في معرض قواعد القانون، إجراء
مسطرة اليمين على المنكر بقوله ص: (البينة على المدعي واليمين على من أنك ر )، ومنه بناء
الشهادات على مبدإ عدالة الشهود، أي الاستقامة الخلقية بجانب سلامة العقل ودقة الأداء، ومنه
إجراء الطلاق والعتق على نية المطلق أو المعتق، ومنه إبطال الصلح على ا لإنكار بعد تمامه إذا
ظهر أن أحد المصالحين ظالم في الصل ح..
والسبب في ذلك أن الأحكام الفقهية هي أحكام شرعية تلزم الإنسان في الظاهر والباطن،
لأنه محاسب عليها أمام ا لله.
د - الجمع بين الثبات والتطور
فالقانون الإسلامي لا يختلف باختلاف الزمان والمكان، بل هو ثابت في أسسه وقواعده
الأساسية وأحكامه المنصوصة أو امع عليه ا.
وسبب ثباته هو استناده إلى الشريعة التي لا يلحقها تبديل ولا تغيير ( لا تبديل لكلمات ا لله )،
وإنما يقع التطور والتغيير في الاجتهاد للمواءمة بين مقتضى النصوص الشرعية وتطور اتمعات
الإسلامي ة.
ه أساس ال فقه الأبواب الفقهية وعدم الفصل بين العام
والخاص
ينقسم الفقه إلى مباحث وأبواب فقهية، فيتضمن أبوابا خاصة بالعبادات (الصلاة – الزكاة
– الصيام – الح ج.. )، وأبوابا للمعاوضا ت: (البيوع – الشركة – الإجارة – الرهن – الحوالة –
الضما ن.. )، وأبوابا للتبرعات ( الهبة – ا لصدقات – الوقف – العمرى – الوصي ة.. )، وأبوابا
للأسر ة: [الزواج والطلاق والحضانة والرضاع والعدد والحجر على الأيتام، والمواري ث.. ]،
وأبوابا للجنايات [ (أبواب الحدود كحد السرقة والحرابة والزن ا.. )، (أبواب القصاص، كالقتل
والجناية على ما دون النف س..) (أبواب التعازير في الجرائم غير المنصوص ة)..] – وأبوابا للقضاء
والشهادات، وأبوابا لأحكام الحرب [أبواب الجهاد والس ير] ..
. 4 - مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها لعلال الفاسي ص: 12
وتتوزع في هذه الأبواب كل الأحكام الفقهية دون تمييز جوانب القانون العام عن جوانب
القانون الخاص، ولذلك أسباب ثلاث ة:
1 - أن تقسيم القانون إلى عام وخاص هو تقس يم عصري في القانون الغربي، أفرزه التمييز بين
رقعة الحياة العامة ورقعة الحياة الخاصة عند الأوربيين بدءا من عصر "التنوي ر "، ثم تعمم عالميا تبعا
لعموم النموذج الغربي في القانو ن.
2 - أن الفقه الإسلامي القديم يعرف السلطة التي تسهر على تنفيذ القانون بأا مجموعة من
"الأفرا د" الذين لهم ولاية عامة لا تختلف في شروطها وأسسها عن الولاية الخاصة، كما أم
مخاطبون بالأحكام وواقعون تحت دائرة المسؤولية الشرعية " كأفرا د "، فهم بذلك " مكلفو ن" لا
توجد قواعد لتمييزه م.
3 - أن الدولة في الإسلام ليست "سيد ة" ولا تملك تحديدا ذاتيا ولا سلطة مطلقة، ولا تعلو
على أحكام الشرع والقضاء كما سنرى، بل تنشأ ولاية الحكومة بمقتضى عقد من عقود
المعاملات، فتسري عليها أحكام العقد وقواعد ه.
وقد يقا ل: إن عددا كبيرا من المؤلفات الفقهية القديمة قد تخصصت في الأحكام الدستورية
وفي المالية العامة وفي العلاقات ا لدولية وفي القانون الإداري وفي مسطرة القضاء والتوثيق، فكيف
يقا ل: إن الفقه الإسلامي أساسه الأبواب الفقهية فقط، وأنه لا يميز بين العام والخاص؟
والجوا ب: أن هذا توسع بفعل التطور والضرورة الواقعية، أما من الناحية الفلسفية والمبدئية فلا
يوجد هذا التقسيم، ولهذا ا لسبب فإن كتب السياسة الشرعية –مثلا - لا تعالج موضوع الدولة
بشكل معنوي مجرد، وإنما عن أحكام قانونية يكون المسئول فيها أو المستفيد منها إما شخص
الحاكم أو من يقوم مقامه، وإما الأمة أو من يمثلها من أهل الحل والعقد منه ا.
على أن هذا لا يعني الجمود، بل إن الفقهاء والقانونيين المعاصرين قد قاموا بسك مصطلح
"القانون الإسلام ي "، بمعنى جديد مساير للمناهج القانونية الغربية ومؤسس على الشريعة،
وأعادوا صياغة أحكام الفقه متمشية مع المناهج السائدة، وألفوا عدة مدونات في القانون الخاص
والعا م..
المهم أن هذا التقسيم هو مجاراة للمنظو مة الغربية السائدة واقعيا، وليس له منطلقات فلسفية أو
معرفية في أصل الشريعة.
المبحث الثالث : ظهور مصطلح القانون الإسلامي في العصر
الحديث ومعناه وعلاقته بالقواعد المطبقة حاليا
* ظهور مصطلح القانون الإسلامي في العصر الحديث
ظهر مصطلح القانون العام الإسلامي في أ واخر القرن التاسع عشر من طرف جماعة من
المستشرقين والدارسين الغربيين، الذين ألفوا كتبا في النظريات التشريعية والدستورية في الإسلام،
الذي ألف كتاب "دراسة SAWAS PACHA بمنظور قانوني معاصر، منهم ساوا باشا
Etude sur la theorie du droit musulman " على نظرية القانون الإسلام ي
الذي ألف كتاب DUNCAN B MACDONAL 1، ومنهم ماكدونالد سنة 892
DEVELOPEMENT OF " "التطور التيولوجي والقانوني والدستوري الإسلام ي
سنة 1892 ومنهم muslm theology jurisprudence and constitutional
LE DOGME الذي ألف العقيدة والشريعة في الإسلام G OLDZIHER جولدزيهر
Dr V 1، ومنهم فيزجرلد سنة 920 ET LA LOI DE L ISLAM
سنة The muhamadism law الذي ألف القانون المحمدي FITZGERALD
الذي ألف روح التقدم في CHRISTIAN CHERIFILS 1، ومنهم شريفيس 923
. L isprit de modernite dans Lislam الإسلام
وبعد هؤلاء تابع عدد من الباحثين القانو نيين العرب [ خاصة المصريو ن] الذين درسوا في
الغرب [ خاصة في فرنس ا ]، هذه البحوث، وحاولوا أن يؤسسوا لصيغ توفيقية بين النظام القانوني
اللاتيني وبين النظام القانوني الإسلامي [الفق ه].
من هؤلاء أحمد السقا الذي أعد أطروحة الدكتورا في جامعة باريس سنة 1917 بعنوان
La souvrinte dans le droit public الس يادة في القانون العام الإسلامي
،1 وعبد الرزاق السنهوري الذي ألف الدين والدولة في الإسلام سنة 929 ،m usulman
وفيه وضع الأسس النظرية لتعريف القانون الإسلامي المعاصروالتفريق فيه بين العام والخاص،
وأهم مصادره ومبادئه المنهجي ة.
ثم تتابعت المؤلفات في القانون الإسلامي، خاصة بعد سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924
على يد الحلفاء، وطعن بعض الدارسين من أنصار العلمانية في وجود النظام الإسلامي، وألف
عدد لا يحصى من الدراسات والبحوث والأعمال العلمية في جميع فروع القانون الخاص
والقانون العام، وفي النظريات القانونية والدستورية من منطلق إسلام ي. [ انظر بعض المؤلفات
والدراسات في جوانب القانون الدستوري في الإسلام في ملحق هذا امو ع].
* معنى القانون العام الإسلامي
أساس القانون الإسلامي في العصر الحاضر هو التمييز في "الفقه الإسلام ي" بين أبواب
العبادات و أبواب المعاملات، بحيث يقتصر فيه على المعاملات وعلى ما يقترب منها من العبادات
التي تتوقف على تدخل السلطة أو يترتب عليها آثار اجتماعية، كجباية الزكاة وإجبار الناس
على أدائها، ومنع الإفطار العلني في رمضان، وتنظيم الحج وتنصي الأئمة ونظارة الأوقاف، وغير
ذلك مما يدخل في الاختصاصات الدينية والقضائية للسلط ة.
يضاف إلى هذا أبواب من أصول الفقه توضح مصادر القانون وكيفية استنباط القوانين منها
وشروط ذلك، وأبواب من أصول الدين المتصلة بالمشروعية العليا [ حاكمية الله وعلمه وإرادت ه ]،
ومركز السيادة [ مبدأ الإجما ع ]، ومبدأ الاختي ار في العقد السياسي [الإجماع على أن الإمامة
أصلها الاختيار لا النص، وبالتالي فهو نظام تعاقدي وليس ثيوقراطي ا].

الموضوع الأصلي : القانون العام الاسلامي الكاتب : AlexaLaw المصدر : منتديات عالم القانون
التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655168

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

القانون العام الاسلامي  1384c10


الأوسمة
 :


القانون العام الاسلامي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: القانون العام الاسلامي    القانون العام الاسلامي  I_icon_minitime30/7/2010, 16:54

خيارات المساهمة


وبذلك يضم القانون الإسلامي ما يل ي:
1 - أبواب من أصول الدي ن.
2 - أبواب من أصول الفقه
3 - أبواب المعاملات في الفقه الإسلام ي.
4 - مسائل العبادات التي تتو قف على تدخل السلطة أو ينجم عنها آثار قانوني ة.
من خلال هذه الأبواب يمكن تأسيس القانون الإسلامي، على وجه يكون مسايرا للمنهجية
القانونية السائدة ومحافظا على خصوصية الشريعة الإسلامي ة.
قال الأستاذ السنهوري مبين ا: "إذا نحن اقتصرنا -نحن المشتغلين بالقانون - على عل م الفقه
وجدنا أن الفقهاء أدركوا ضرورة هذا التمييز، فوضعوا أبوابا للعبادات وأبوابا للمعاملات،
. وبذلك فرقوا بين المسائل الدينية وبين القانون بمعناه الحديث 5
5 - في ما قاله السنهوري هنا نظر، فالتقسيم إلى عبادات ومعاملات في الفقه الإس لامي ليس فصلا بين الديني والدنيوي، بل هو تقسيم إجرائي
بين ما يغلب فيه " التعبد " والتسليم، وبين ما يغلب فيه الاجتهاد في تحصيل المنافع، فسموا الأول عبادات وسموا الثاني معاملات، ولذلك توجد
لذلك يجب أن نقتصر من الفقه في أبحاثنا على أبواب المعاملات، فهذه الدائرة القانونية، وإذا
أردنا أن تبقى الشريعة على معناها الواسع المصطلح عليه من قديم من أا تشمل العبادات
والمعاملات فلنخلق اصطلاحا آخر يدل على ما أردناه، ونسمي أبواب الفقه الخاصة بالمعاملات
"القانون الإسلام ي"، ولكن علينا أن ندخل ضمن هذا القانون مع هذا الجانب من الفقه علم
أصول الفقه، الذي يبين لنا مصادر القانون وكيفية استنباط الأحكام من تلك المصادر، كما
ندخل أيضا في القانون الإسلامي جزءا من علم الكلام، وهو المتعلق بمباحث الإمامة، لأن هذا
أساس القانون العا م".
وقا ل: "لنقسم القانون الإسلامي تقسيما حديثا إلى قانون خاص وقانون عام، فالقانون الخاص
ي شمل القواعد التي تضبط علاقات الأفراد بعضهم بالبعض الآخر، فأبواب المعاملات والأحوال
الشخصية تدخل في القانون الخاص، والقانون العام يشمل القواعد التي تسري على السلطات
العامة ، وعلاقة هذه السلطات بالأفراد، وإذا أردنا أن نحدد في كل قسم فروعه، سهل علينا أن
نجد في القانون الإسلامي الخاص قانونا مدنيا وقانون مرافعات وأساسا لقانون التجاري، وأن نجد
في القانون العام الإسلامي قانونا دستوريا، وقانون إداريا وقانونا جنائيا وأصولا نبني عليها قانونا
دوليا عاما وقانونا دوليا خاص ا.
ولا نريد ذا التقسيم أن تندمج الشريعة في الق انون الحديث وأن تفقد استقلالها ، وإنما يراد
. ذا تسهيل المقارن ة" 6
* علاقة القانون الإسلامي بالقواعد القانونية المطبقة حاليا
ما ذكرناه في النقطة السابقة هو المنهج المبدئي والنظري لتأسيس قانون إسلامي صالح للتطبيق
في اتمع المعاص ر.
في المعاملات عدد من المسائل التعبدية المحضة، كالحدود والمواريث وبعض المس ائل في الأنكحة كالعدة والرضاع، وفي المقابل توجد عدة مسائل
في العبادات لا بد فيها من تدخل الدولة كما قلنا، كتعيين الأئمة ومراقبة الأهلة وصلاة العيدين والجمعة وجباية الزكاة وزجر الممتنعين من أداء
العبادت وغير ذل ك..
6 - بحث " الدين والدولة في الإسلا م" لعبد الر زاق السنهوري مجلة المحاماة الشرعية بمصر، عام 1929 ، نقلا من كتاب المؤلف فقه الخلافة ص:
60 الهامش. – 59
لكن المنهجية القانونية ا لمطبقة فعلا في أغلب الدول الإسلامية هي تابعة ومقلدة للمنهجية
الأوربية، فكيف نوفق بين المنهجية الفقهية الإسلامية لتأسيس القانون وبين القواعد المطبقة في
الحياة الواقعية؟
والجواب على هذا الإشكال أن القواعد المطبقة ينظر إليها من زاويت ين: زاوية تقريرية وزاوية
تق ويمي ة:
أما الزاوية التقريرية فإن تنصيص الدستور [في المغرب مث لا] على الإسلام دينا رسميا للدولة
وعلى منصب إمارة المؤمنين الذي يشغله الملك، يقتضي وصف قواعد القانون الوضعي بأا
"إسلامي ة" ، لأن الدستور حاكم على كل فروع القانو ن.
أما الزاوية التقويمية، فإنه ينبغي –في أدنى الأحوال - أن تكون القواعد المطبقة غير منافية
لأحكام الشريعة، بغض النظر عن الأهداف الخاصة لكل فرع من فروع القانو ن.
ولتحقيق هذا الهدف، فإنه يتعين تفعيل دور الفقهاء في مراقبة دستورية القوانين، حتى يحصل
الانسجام بين مبدإ إسلامية الدولة وتفريع القوانين وسنها على الأسس الحالي ة.
كما يتعين وضع برامج "للتكوين المستم ر" للمشتغلين بالتشريع والإدارة والمالية قصد إلمامهم
بالحدود الأساسية والمعرفة الضرورية للفقه والشريعة في مجال تخصصهم، وهذا ما تنبه إليه أول
مشروعي دستور وضعا بالمغرب في العصر الحديث، وهما مشروع عل ي زنيبر السلوي
1 ]، ففي الأول نص 1 ]، ومشروع عبد الكريم مراد [ 1324 ه 906 1324 ه 906 ]
على "انتخاب لجنة من عيان الأمة لتحرير مدونة تسجل ا حقوق الحكومة والأمة وفق المذهب
المالك ي "، والثاني نص في المادة الأو لى: على أن ممثلي القبائل والبلدات يجب أن تتوفر فيهم
ش روط منه ا: "أن يكون قرأ متن خليل ويفهم معنا ه" أي أن يطالع أحكام الفقه الإسلامي على
. مذهب المالكية المعتمد لدى المغاربة 7
المبحث الرابع : بين الإسلام والقانون الغربي
* الأسس المشتركة بين الإسلام والقانون الغربي
7 - سيأتي ذكر نصي مشروعي الدستور في آخر هذا المقرر.
يشترك الإسلام والمدارس الهيومانية [الإنساني ة] للق انون الغربي في تقديس مبدإ الحق وعمل
. الدولة على حمايته، وفي مبدإ المساواة والحرية والاعتراف بالإنسانية المشتركة للبشر 8
في حين تنعكس الفلسفات المادية والمنكرة للأديان على صعيد القانون بإنكار مبدإ الحق أو
اعتباره ممنوحا ومحددا من قبل الطبقة أو الدولة، فكل ال فلاسفة والقانونيين الماديين يتفقون على
إنكار الح ق.
فالفرنسي ديجي –صاحب مذهب التضامن الاجتماعي - أنكر فكرة الشخصية القانونية
وفكرة الحق 9، لأا " ميتافيزيقي ة "، وماركس اعتبر حقوق الإنسان "ليست سوى حقوق عضو
من الطبقة الوسطى .. أي حقوق الرجل الأناني منفصلا عن غير ه من الناس واتم ع "، وقال
بنتا م: "حقوق الإنسان هراء والحقوق الطبيعية للإنسان أكثر هرا ء".
أما المذاهب الإنسانية [الهيوماني ة] والمثالية والدينية فإا تشترك في أن النظام القانوني هو
المصلحة الإنسانية تم إقرار كح ق.
إن المساواة والأخوة والحرية والحقوق تنويعات للمبدإ الإنساني الذي نزلت به الأديان أولا،
وتبنته القوانين الوضعية بعدها، وهي التي تعتبر أفكارا غير ذات معنى في المنظومات المادية
.1 والعلمانية الشاملة 0
إن القانون بطبيعته يتجه لحماية الأضعف، أما الأقوياء فلا يحتاجون لقانون، ولذلك كان
القانون هو وسيلة الضع يف في مواجهة القوي، وهنا فإن الإسلام والقانون يتجهان في مبدإ
واح د.
إذ يقرر الإسلام المساواة أمام القانون مبدأ مقدسا، قال النبي ص: (لو أن فاطمة بنت محمد
سرقت لقطع محمد يده ا) وقال عم ر: (ساو بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك حتى لا
1، وينص على حماية الضعيف والمظلوم ييأس الضعيف من عدلك ولا يطمع الشريف في حيف ك) 1
8 - لا بد من التفريق هنا بين هذه المبادئ كعناوين مشتركة في الدين والفلسفات الهيومانية، وبين مضامينها ا لفلسفية المختلفة بين كل منها،
بحيث إن تضمينات هذه المصطلحات ومفاهيمها في المنظومات الهيومانية هي تضمينات مادية وحسية، في حين ينكر الدين اختزالها في المعنى
المادي، ويعطيها معنى إنسانيا متجاوزا، وهذا يسري على مفهوم الحرية والمساواة وغيرهما ..
9 - أبدل ديجي مص طلح الحق بفكرة "المركز القانو ني" وبالرغم من أن المصطلحين متقاربان واقعيا، إلا أما يعبران عن فلسفتين مختلفتين جد ا.
10 - من المنظومات المادية الماركسية والداروينية الاجتماعية والنتشوي ة.
11 - من رسالة القضاء لعمر بن الخطاب، رواها الدارقطني في السنن.
بشكل لا يقبل الجدل، قال النبي ص: (إنما تنصرون وترزقون بضعفائك م )، وقال أبو بك ر:
(ضعيفكم عندي قوي حتى آخذ له حقه، وقويكم عندي ضعيف حتى آخذ منه الح ق )، والمتأمل
في موقف الرسول ص من " حلف الفضو ل" يجد الدليل على قب ول الإسلام بالقانون الذي يحمي
المظلوم ويرد الحقوق إلى أصحاا، فقد عقد جماعة من زعماء العرب في الجاهلية [ قبل نزول
الوحي على الرسول ص ]، عهدا "تحالفوا .. فتعاقدوا وتعاهدوا بالله ليكو نن يدا واحدة مع
المظلوم على الظالم حتى يؤدي إليه حقه .. وتعاهدت فيه قريش على نصرة المظلو م "، قال رسول
الله صلى الله عليه وسل م: "لو دعيت إلى هذا الحلف في الإسلام لأجب ت" إن الرسول ص هنا نوه
ذا القانون المثالي الذي سنه زعماء كفار في الجاهلية وتعاهدوا على تنفيذه، وذلك لما تضمنه
من المعاني النبيلة المتفقة مع غرض الإسلا م.
ومن هذا الباب قوله ص: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلا ق )، ومعنى هذا أن الإسلام مكمل
وموافق للقيم الإنسانية الراقية مهما كان مصدرها، لأن الأخلاق الإنسانية تعبر عن الحقيقة
الدينية المغروسة في الفطرة الإنساني ة.
ومنه أيضا أن النبي ص عندما كان بمكة، واضطهد كفار قريش صحابته أو صاهم بالهجرة إلى
الحبشة، وقال له م: (اهبطوا إلى الحبشة فإن فيها ملكا لا يظَلم عنده أح د )، فكان إذنا لهم بالترول
إلى أحكام هذا اتمع وقوانينه، وذلك بسبب عدل سلطته السياسي ة.
فالإسلام والقانون يتفقان في إقرار الحق وحماية الضعيف ورد الأمانات، وبناء قواعد القا نون
على مقاصد الأخلا ق.
لذلك كان كل تعليق للقانون تعليقا ومعارضة للمبادئ الدينية، كما كان كل نظام يرفض
الدين ينتهي به الأمر إلى إبطال القانون، فمثلا في الاتحاد السوفياتي السابق الذي كان يتخذ
الإلحاد دينا رسميا للدولة، لم يكن القانون بأسعد حالا، فبين سنتي 1937 و 1974 صدر
370 قانونا فقط، في حين أصدرت سلطاته المختلفة 70 ألف إجراء استثنائي أي تعليق
للقانو ن.
* أوجه الفرق بين الشريعة والقانون
وكما يتفق الإسلام مع القانون في هذه المبادئ، فإنه يفترق عليه في عدة أمور أصولها ثلاثة:
1 - أن القانون من صنع البشر ووضعهم، أما الشريعة فهي من عند الله تعالى، وكل منهما
يعكس صفات واضعه، فالقانون يعكس صفات البشر من نقص وقصور وضعف ونسبية، ومن
ثم كان عرضة للتغيير والتبديل، أو ما يسمى ب "التطو ر "، وذلك كلما تطورت الجماعة إلى
درجة لم يتوقعها واضعو القانون السابق، أو وجدت حالات لم تكن من تظرة، فالقانون ناقص
دوما، ولا يمكن أن يوصف بالكمال المطل ق.
أما الشريعة فإا ناطقة بالحكمة الإلهية الراعية لمصالح العباد وحقوقهم في كل زمان ومكان،
ولا توجد حالة لا تستوعبها الشريعة بسموها ومرونتها وقواعدها العامة ، فهي كما يقول ابن
القي م: " حكمة كلها ورحمة كلها ومصالح كله ا".
2 - أن القانون عبارة عن قواعد مؤقتة تضعها الجماعة لتنظيم شئوا، فالقانون متأخر عن
الجماعة، وقواعده مؤقتة باحتياجاا، بحيث إن الجماعة تغيره حسب تطورها وتجدد حاجا ا.
أما الشريعة فهي سابقة على الجماعة، والواضع لقواعدها هو الله تعالى على س بيل الدوام
لجميع اتمعات، لذلك كانت الشريعة قواعد دائمة لا تقبل التغيير ولا التبديل، وكانت
أحكامها الأصلية قليلة مرنة تسع الزمان والمكان، وسامية، بحيث لا يمكن أن تعلوها الجماعة
مهما كانت الحا ل.
وهذا ما يصدقه الواقع العملي، فخلال أربعة عشر قرنا من مجيء ا لإسلام، تغيرت الأوضاع
والأفكار والآراء والوقائع التي صاحبت نزول الشريعة، وتطورت اتمعات، وحدثت العلوم
والاختراعات والتقنيات التي لم تكن على بال الأجيال السابقة، وتغيرت قواعد القوانين الوضعية
ونصوصها مرات كثيرة لتتلاءم مع الحالات الجديدة والظروف الحادثة، بح يث انقطعت الصلة بين
القواعد القانونية المطبقة اليوم وبين ما كان في عصر نزول الشريع ة.
أما الشريعة -فبالرغم من أن قواعدها ثابتة - فإا ظلت أسمى وأرفع من تطور الجماعات،
وأقدر على تنظيم اتمعات المتطورة وسد حاجاا المتجددة، وأقرب إلى الطبائع وأحفظ للأمن
وا لاستقرا ر.
خذ مثلا قوله تعا لى: (وأمرهم شورى بينه م) وقوله ص ( لا ضرر ولا ضرا ر) ، يقرر هذا
النصان قاعدة الشورى في الحكم وقاعدة نفي الضرر والظلم، وقد بلغا من السمو والمرونة ما لا
مزية عليه، بحيث تبقى صلاحيتهما أبدية عامة، ولا يمكن أن يوجد وضع أو تطور يقتضي عدم
صلاحيتهما، وقس على هذين المبدأين سائر قواعد الشريع ة.
3 - أن هدف القانون هو تنظيم الجماعة فقط، ولا علاقة له بتوجيهها، فالجماعة هي التي
تنشئ القانون لا العكس، وبتغول الدولة الحديثة واتساع هيمنتها على اتمع بعد الحرب العالمية
الأولى، بدأت الدولة تستخدم القانون وتضعه لتوجيه شعبها أو شعوب أخرى لتنفيذ أغراضها،
وكان الأسبق إلى ذلك روسيا الشيوعية وتركيا الكمالية وألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، ثم
اقتبست الدول الأخرى هذه الطريقة ، فأصبح القانون أداة طيعة في يد الدولة المطلق ة.
أما الشريعة فليست من صنع الجماع ة، وقابليتها للتطويع والتوظيف من طرف الدول ضعيف
للغاية، وذلك لأا تتضمن بجانب القانون التوجيه والتربيةَ التي لم تحددها الجماعات أو الدول بل
الله تعا لى.
وبعد تحديد العلاقة بين الإسلام والقانون الوضعي، لنقارن بين الإسلام والديانات السماوية
من جانب علاقته ما بالتنظيم الاجتماع ي.
المبحث الخامس : بين الإسلام والأديان السماوية في العلاقة مع
التنظيم الاجتماعي
* المشترك بين الإسلام والمسيحية واليهودية
يشترك الإسلام والمسيحية واليهودية في كوا جميعا إسلاما بالمفهوم العام أي ديانات توحيد
تدعو إلى التسليم لله.
لكن ا لمسيحية واليهودية يمثل كلا منهما شطرا من الحقيقة الإسلامية، فتمثل اليهودية التروع
إلى الدنيا والاهتمام بالعالم، وتمثل المسيحية الاهتمام بالإنسان من الداخل وبالسمو الروحي،
وأما الإسلام الذي نزل على محمد ص فيجمع بين هذين الاتجاه ين.
فمملكة الرب عند اليهود يفترض أا تتحقق في الأرض وليس في السماء، والماشيح المنتقم
الذي يمجده اليهود ويعتقدون أنه سيحقق العدالة ليس نبيا يموت مثل عيسى، وإنما هو بطل
قومي سيقيم دولة شعب الله المختا ر.
لذلك يرى مفكرون وفلاسفة يهود أن اليهودية لا تقبل فكرة الخلود، فموسى بن ميمون
يقو ل: "إن الخلود فكرة غير ذات موضوع، لأا تنقض نفسها بنفسه ا"، وذهب سبينوزا إلى أن
العهد القديم [التورا ة] لا يذكر شيئا عن الخلود، ولاحظ أرنست رينان أن اليهود لم يستطيعوا
تقبل فكرة الخلود، لأا لا تنسجم مع فكرم عن العالم الذي لا يرون فيه إلا الجانب الدنيو ي.
لذلك نما الفكر التشريعي الواقعي وتطور عند اليهود، ومثلت التوراة والتلمود تراثا مهما من
.1 القوانين والتشريعات 2
أما المسيحية فهي المقابل لهذه الحال، إذ مقابل توجه اليهودية للعالم توجهت المسيحية للروح،
والواقعية البارزة في العهد القديم [التورا ة] ووجهت بمثالية صوفية في العهد الجديد [الإنجي ل ]، قال
تولتسو ي: " لا يستطيع الإنسان أن يعنى بروحه وبمتاع الدنيا في الوقت نفسه، فإذا كان الإنسان
يطمح في المتاع فعليه أن يتنازل عن روحه، وإذا كان يطمح إلى خلاص روحه فعليه أن يتخلى
عن متاع الدني ا".
1، لأن الدين حسب لذلك تنبذ المسيحية أي فكرة تتوجه إلى تنظيم العالم، وتعتبرها خطيئة 3
هذه النظرة هو إجابة عن سؤا ل: كيف يحيا الإنسان داخله ويواجه ذاته؟ وليس إجابة عن
سؤا ل: كيف تعيش مع الآخرين داخل العالم؟ وهذا واضح في نصوص الإنجي ل: "أعط ما لقيصر
لقيصر وما لله لله "، وقال المسيح لمن سأله أن يقسم الميراث بينه وبين أخي ه: " يا إنسان، من أقامني
عليكم قاضيا أو مقسم ا".
فالإنجيل يركز على خطاب الإنسان "الفر د" بخطاب أخلاقي مفعم بالسمو والمثالية، ففي " من
كان له ثوبان فليعط واحدا لمن لا ثوب ل ه" "أحب أعداءك وبارك لاعني ك" " لا تقاوم الش ر".
إن المسيحية رسالة أخلا قية وسمو روحاني وصوفي، ورهبانية تقابل وتقاوم الترعة الدنيوية التي
أفرط فيها اليهود قبل المسي ح.
أما الإسلام فهو الطريق المعتدل بين هاتين الترعتين، جمع بين السمو الروحي وتنظيم العالم
وبين التروع الصوفي والواقعية، وبين قلب المؤمن ومصلحة الجماعة، وبين المبادئ السامية
والمنفعة، وبين الأخلاق والسياسة، وبين التوق إلى الآخرة وحب العمل، وبين العقاب والعفو،
وبين الجهاد والتسام ح.
12 - انظر الموسوعة اليهودية لعبد الوهاب المسيري
13 - يرى المسيحيون خلال فترة القانون الكنسي أن خطيئة آدم هي التي عاقت العقل البشري عن إدراك القواعد القانونية بنفسه، وقد
. ازدهرت هذه النظرية عند توماس الإكويني . انظر المدخل للعلوم القانونية لسليمان مرقس ص: 285
انظر مثلا إلى تأكيد التوراة على القصاص والعقاب، : (النفس بالنفس والعين بالعين والأنف
بالأنف والسن بالسن والأذن بالأذن والجروح قصا ص )، وتأكيد المسيحية على الوداعة والعفو
" من لطمك في خدك الأيمن فأدر له الخد الأيس ر "، ثم لاحظ كيف جمع الإسلام بين هاتين
الترعتين بقول ه: (والذين إذا أصام البغي هم ينتصرون، وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح
فأجره على الله، إنه لا يحب الظالمين،  وَل  منِ انت  صر ب  عد ُ ظْل  مه َفُأوَلئك ما  علَي ِ هم من سِبي ل، ِإن  ما
السِبيلُ  عَلى الَّ  ذين ي ْ ظلمونَ الناس ويبغونَ في اْلأَ  رضِ ِبغيرِ الْ  حق ُأوَلئك َل  هم  ع َ ذاب َألي م،  وَل  من
.1 صبر وغََفر ِإنَّ َذلك َل  من  عزمِ اْلأُمو رِ) 4
هكذا يتنظم البناء التشريعي في الإسلام ويتأسس نظامه الاجتماعي على الجمع بين الثنائيات
التي اعتبرت في أديان سابقة وأفكار وفلسفات كثيرة متقابلات متناقضة لا يمكن الجمع بينه.
* الفرق بين الإسلام والمسيحية
يتعين التدقيق في الفرق بين الإسلام والمسيحية حذرا من الخلط بين مفهوم الدين والحياة
والعلاقة بينهما فيهما، إن كل الأفكار والفلسفات الاجتماعية التي تشكلت في أوربا منذ عصر
النهضة تتصل اتصالا عضويا بالمسيحية والكنيسة ورجال الدين، وما وقع بسببها من وقائع، وما
صدر من مواقف وأحداث أثرت على وجهة الفكر الأوربي لاحقا، كما أن عددا واسعا من
النظريات القانونية الحديثة تأسست على مبدإ "العلماني ة" للحد من نفوذ الكنيسة وسلطة رجال
الدين، وطي صفحات طويلة من اضطهادهم الدامي للأفكار الحرة ورواد النهضة الأوربي ة.
وفي كل ذلك يختلف الإسلام عن المسيحية، ويختلف المسجد عن الكنيسة، ويختلف الفقه اء
عن رجال الدين ويختلف التاريخ الأوروبي عن التاريخ الإسلامي، وتطور الأفكار والنظم في
.1 أوربا عن ما وقع في تاريخ الفلسفة الإسلامية 5
وهذا ما يتطلب إقامة الفروق بين الإسلام والمسيحية بما يضمن عدم الخلط بينهم ا.
يمكن إجمال الاختلاف بين الإسلام والمسيحية في أرب عة فروق جوهرية يمكن أن تتفرع عنها
كل الاختلافات الأخر ى:
أ - الفرق في صحة النص الديني
. 14 - سورة الشورى الآية 41
15 - انظر لخصوصيات الفلسفة الإسلامية وتطورها كتا ب: تاريخ الفلسفة الإسلامية لمصطفى عبد الرازق.
إذ بقي القرآن محفوظا وتعرض الإنجيل للتحريف، فقد دون معظم العهد الجديد في أواخر
القرن الثاني الميلادي، وأصبح الدين الجديد مفتوحا للإضافات البشرية، خاصة مع إعلان
قسطنطين الاع تراف بالمسيحية وإعلاا دينا رسميا للإمبراطورية البيزنطية، حيث تم تحويل الجماعة
الروحية للمسيحيين إلى جماعة منظمة وأعطيت الكنيسة نفوذا سياسيا واقتصاديا تعاظم مع
الزمن، ومنذ القرن الرابع للميلاد أعلن امع الكنسي مذهب الكنيسة بما اتخذت لها من طقوس
دينية جم عت بين المسيحية الأصلية والوثنية الرومانية، وتم تقديس مريم ورجال الكنيسة، وفي سنة
325 م اتفق مجمع نوقية على أن يكون الصليب رمزا للمسيحية، وأصبح للأساقفة وظيفة روحية
مباشرة على الناس، وصار لهم سلطة مطلقة في أمور الدين ، وأدخل نظام القرابين المقدسة
والتعميد، وصار الأساقفة ينظمون "اامع الكنسي ة" ليقرروا فيها العقائد والتعاليم وكل ما
ينوبون فيه عن الإل ه.
إن كل هذا التطور الذي حول المسيحية إلى مؤسسة كنسية وجعل للمطارنة والقساوسة
سلطة النيابة عن الله، وتطويع النص الديني للأوضاع الجديد هو من وجهة نظر الإسلام تحريف
.1 لحقيقة الدين، طالما ندد به القرآن 6
كما نجد أن عددا من علماء أوربا وفلاسفتها يعتبرون أن ما ترسب على المسيحية عبر التاريخ
من ممارسات الكنيسة ورجالها خارج عن جوهر تعاليم المسيح، فنتشه يقو ل: "إن آخر مسيحي
مات على الصلي ب "، وجارديني يقول في كتابه " جوهر المسيح ي ة": " لا يوجد نظام للقيم
الأخلاقية أو موقف ديني أو برنامج حياة يمكن فصله عن حياة المسي ح".
أما الإسلام فقد سلم نصه الديني من التحريف، ولم تستطع الظروف وتطاول الزمن أن يمسه
بأي نوع من أنواع التبديل أو التدخل، ولم توجد للفقهاء مؤسسات وأنظمة تمنحهم حق
الحديث ب اسم الإله أو تقرير العقائد نيابة عنه، وبقي لدى عامة المسلمين –إلى اليوم - التمييز
الواضح في عقيدم بين الدين والبشر مهما علا شأم في المعرفة الفقهية والديني ة.
ب - الموقف من العلم والحياة
المسيحية كما قلنا دين مجرد، ينطلق من خطاب الوجدان والروح، وخطابه هو لأعماق النفس
الإنسانية وأساسه أساس أخلاقي أولا، أما الكنيسة بمؤسساا ومجامعها المقدسة فقد اعتمدت
. 16 - من ذلك قوله تعالى : ( اتخذوا أحبارهم ورهبام أربابا من دون ا لله) سورة التوبة الآية 31
النظريات العلمية السائدة في عصرها [العصور الوسط ى] في مجادلاا الدينية ضد الوثنيين، في ما
سمي بعلم اللاهوت، لكنها أخرجت الآراء والنظريات العلمية من البحث العلمي إلى نطاق
العقائد الدينية، بحيث فرضت على رعاياها الإيمان ا واعتقادها وكفرت من يخالفها أو يجادل
فيها، وهذا ما حصل عندما فرضت الكنيسة اعتقاد ثبات الأرض وأا مركز الكون، إذ كفرت
كل من عارض ذلك وأقامت لذلك محاكم التفتيش كما هو معرو ف.
وهكذا تراكمت في تاريخ الكنيسة فصول اضطهاد العلم والعلماء، وماضي أوربا حافل
بالأحداث الدالة على قسوة رجال الكنيسة على أهل العلم والفكر والفلسف ة.
لهذا السبب شق العلم التجريبي والفلسفة والقانون في أوربا طريقها تام باستقلال وعداء شامل
للكنيسة والدين المسيحي، وجعل المفكرون والفلاسفة الأوربيون "للعق ل" وحده السلطان المطلق
في البحث عن الحقيقة والسعادة والتنظيم الاجتماعي، وكان لهم صراع مرير مع الكنيسة، انتهى
بعصر الثورة العلمية، التي كانت أيضا ثورة على الدين ورجاله ومؤسساته وكهنوته وقيمه، بل
إن العلم الحديث امتلأ بعدد واسع من النظريات الم يتافيزيقية اللادينية لينهي تماما صلته بالدين
ورموزه.

الموضوع الأصلي : القانون العام الاسلامي الكاتب : AlexaLaw المصدر : منتديات عالم القانون
التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655168

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

القانون العام الاسلامي  1384c10


الأوسمة
 :


القانون العام الاسلامي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: القانون العام الاسلامي    القانون العام الاسلامي  I_icon_minitime30/7/2010, 16:55

خيارات المساهمة


أما صلة الإسلام بالعلم والطبيعة فعلى النقيض من ما وقع في المسيحية، لا على مستوى النص
الديني المترل [القرآن والحدي ث ]، ولا على مستوى التجربة التاريخي ة. فالقرآن جعل خطابه الأول
للبشرية هو القراءة باسم ا لله: (اقرأ باسم رب ك) أي العلم والإيمان، وللكون والطبيعة والنفس
البشرية والحياة والتاريخ مساحة واسعة ومجال رحب في القرآن الكريم، دعوة للتأمل وأمرا بالنظر
1، قال تعا لى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه والتفكر والتعليل والتدبر 7
الح ق )، إن البحث العلمي الصحيح والإيمان الصحيح وجهان لعملة واحدة، ولذلك جاء في
القرآ ن: (إنما يخشى الله من عباده العلما ء).
أما التجربة التاريخية فالعلماء في تاريخ الإسلام لم يكونوا ملحدين، ولم يكن لهم صراع مع
الإسلام ولا اضطروا للتخلي عنه من أجل البحث العلمي عن الحقيقة وال سعادة والتنظيم
الاجتماعي، بل كان الطب والفلك والقانون والرياضيات والفلسفة والجغرافيا وغيرها من العلوم
17 - انظر لهذا الموضوع كتاب " مدخل إلى موقف القرآن الكريم من العل م" لعماد الدين خليل.
تدرس في المساجد والمدارس، بجانب علوم الحديث والتفسير والعقيدة،كما يوجد علماء كثيرون
جمعوا بين المعرفة الدينية والمعرفة الفلسفية والحكمي ة.
لذلك –وبالرغم من قوة الحركة العلمية والفلسفية في تاريخ الإسلام - لم تنبت للأفكار المادية
أو المعادية للدين أو الإنسان أية نابتة، ولم تقم للفلسفات العدمية أو التشاؤمية أو الوضعية أية
قائمة في تاريخ المسلم ين.
كما لم تعرف أية دعوة من طرف الفقهاء أو الأصوليين أو علماء الكلام لتقديس النظريات
العلمية أو الدعوة لاضطهاد العلماء والمفكرين أو إدانة البحث العلم ي.
ج - الموقف من الاستبداد والإقطاع
تطابق التاريخ المسيحي مع تاريخ الإقطاع والملكيات المستبدة، منذ إعلان المسيحية دينا رسميا
للإمبراطورية البيزنطي ة.
فالنبلاء والملوك مثلوا في القرون الوسطى بأوربا وجه الاستبداد السياسي، والإقطاع مثل وجه
الظلم الاجتماعي والاقتصادي، في حين قامت الكنيسة بالتغطية الدينية على أضخم وأطول
استبداد وتسلط في التاريخ الأور بي.
إن تحالف الكنيسة مع الإقطاع والنبلاء غير من الطبيعة الرحيمة للمسيحية في ذاكرة ا لأوربيين
ووجدام، وصار للقساوسة امتيازات مالية وسياسية مركزية في النظام السياسي يبيعون صكوك
الغفرات ويباركون الحروب ويقيمون محاكم التفتيش للهراطقة، ويتقبلون الخطايا من الشعوب
المخطئ ة.
فلا عجب أن يكون التحرر من نير الإقطاع والكنيسة والنبلاء واحدا في عصر الثو رات
الأوربية، والتي كان شعار بعضه ا: "اشنقوا آخر إمبراطور بأمعاء آخر قسي س".
إن العلمانية في أوربا مفسرة بأمري ن: بخلو المسيحية من النظام الاجتماعي كما سبق، وبتسلط
الكنيسة الطويل الأمد واضطهادها للناس كما هو معروف، مما جعل كل نظريات القانون تتخذ
من العلمانية الوضعية أساسها المعرفي ومنطلقها الفلسفي والمنهجي في بناء نظريا ا.
أما الإسلام فتاريخه تاريخ تحرر وانعتاق من عبودية الإنسان للإنسان، وسيأتي معنا تفصيل هذا
الأمر في موضعه إن شاء ا لله.
د - الخلاف بين صلاحيات إمام المسلمين وصلاحيات البابا الدينية
يعد الإمام أو الخليفة أو أمير المؤمنين رمز المسلمين وإمامهم دينيا ودنيويا، ويعد البابا رمز
المسيحيين الديني والروحي، وقد منحت الشريعة لأمير المؤمنين صلاحيات دينية، لكنها ليست
ذات طابع روحي وإنما ذات طابع تنظيمي وقضائي، كما سنرى، ويختلف أمير المؤمنين [الإما م]
عن البابا في أمور كثيرة أهمها ست ة:
1 - أن البابا يملك حق الغفران والإمام لا يملكه، لأن الذي يغفر الخطايا هو الله وحد ه.
1، والإمام لا يملك حق الإبعاد 2 - أن البابا يملك سلطة الإبعاد من الكنيسة [الحرما ن] 8
والحرمان، الذي يبعد الإنسان أو يحرمه هو عمل ه.
3 - أن البابا يتلقى الاعتراف ات بالخطايا، والإمام لا يتلقى الاعترافات ولا يتدخل في
السرائر، إذ اعترافات الإنسان في الدنيا هي بينه وبين نفسه فقط، بالندم على ما فات والعزم
على الإقلاع عن المعاصي ورد الحقوق إلى أصحا ا.
4 - أن البابا يمنح بركات الرب، والإمام لا يمنح البركا ت.
5 - أن يتصف البابا بص فة العصمة والقداسة، والإمام لا يتصف بالعصمة ولا القداسة، قال
صلى الله عليه وسلم (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابو ن).
6 - أن البابا يملك حق التشريع، وله أيضا حق تقرير العقائد وتعديلها، وقد أنشئت لذلك
اامع المسكونية المقدسة، في حين لا تخول صفة الإمامة للإمام حق التشريع، بل له حق
الاجتهاد إن كان مجتهدا، أوتكليف الفقهاء بالاجتهاد إذا لم يكن مجتهد ا.
* المبحث السادس : مبادئ التنظيم الاجتماعي في الإسلام
أول ما ينبغي التقديم به هنا أن الإسلام دين سماوي نزل خاتما للوحي الإلهي، وأنه جاء إلى
البشرية بجميع أممها في جميع أزماا، قال تعا لى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي
ورضيت لكم الإسلام دين ا )، وأن هدفه الأول هو عبادة الله وإفراده بالوحدانية وصدق التوجه له
في أمور الدين والدنيا، قال تعا لى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدو ن )، ( قل إن صلاتي
ونسكي ومحياي و مماتي لله)..
18 - من المقرر المعروف أن تاريخ أوربا الفكري والفلسفي والعلمي لا ينسى ما صنعته سلطة الإبعاد في حق المفكرين والعلماء والفلاسف ة.
1892 ) صاحب كتاب - ومن الفلاسفة المشاهير الذين نالهم قرار الحرمان بسبب أفكارهم الفيلسوف الفرنسي إرنست رنان ( 1823
"مستقبل العل م" و "ابن رشد ومبادئ ه" كان يرى أن المسيح إنسان راق لا إله، فقام عليه رجال الدين وحرموه من الكنيسة ولعنوا من يقرأ كتبه.
وارتباطا ذا المبدإ تتفرع فلسفة الحياة والقانون في الإسلام، وينبني النظام الاجتماعي في
الإسلام على أسس كثيرة أهمها عشر ة:
1 - أن الناس متساوون ولا يعلو عليهم سوى الخالق وحده، فلا مكان للطبقية ولا التفوق
العرقي ولا للتفاضل الإثني، قال ص (كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي
ولا لأبيض على أسود إلا بالتقو ى).
كما لا يسوغ لأحد أن يلبس ثوب الربوبية على الآخرين أو أن ينوب عن الله أو يتحدث
باسمه أو يقرر العقائد والتعاليم وكالة عنه، قال تعا لى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قري ب) وذم
اليهود والنصارى بقول ه: (اتخذوا أحبارهم ورهبام أربابا من دون ا لله)..
2 - أن الإنسان كريم في أصل خلقه ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقو يم )، وأن كرامته مقررة
في الأزل، محددة في الكتاب والسنة كمبدإ عام للتشريع (ولقد كرمنا بني آد م).
3 - أن الإنسان حر لا قيد عليه ولا حجر، إلا أن ي تقيد بمكارم الأخلاق، واحترام القانون،
وكل الأوضاع المسترقة للإنسان المقيدة لحريته في الجاهلية قد أبطلتها الشريعة [كاسترقاق
المدي ن] أو وضعتها الشريعة في طور الانقراض [ كالر ق] ، حتى قال العلماء "الشريعة متشوفة إلى
الحري ة "وقالو ا: " لا يدخل حر تحت الرق في الإسلا م ".
4 - أن الحق أساس الوجود ( ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالح ق )، وهو أيضا
أساس الحكم المفروض شرعا ( فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهو ى )، ومن هذا المبدإ تفرعت
الحقوق الشرعية التي تضمن المصالح الشخصية للعباد بما يمنعهم من الاختلاف أو الفساد
أوالتقا ت ل..
5 - أن العدل صنو الحق ورديفه في المعنى، وصف الله به نفسه وفرض على العباد التخلق به
والتصرف عليه، وقد بلغ من شأو العدل في الشريعة أن أمرت به ليس فقط في العلاقات
والمعاملات الخارجية، بل أمرت به حتى في ضمير الإنسان مع نفسه ووالديه وقرابته قال تعا لى:
( يا َأي  ها الَّ  ذين آَمنوا ُ كونوا َق  وامين ِبالْقسط  ش  ه  داءَ للَّه  وَلو  عَلى َأنُفسِ ُ كم َأوِ اْل  والدينِ  واْلأَْقرِب ين).
6 - أن مدار الأمر على المسؤولية الشخصية، (كل امرئ بما كسب ره ين )، ومدار المسؤولية
على كسب الإنسان وعمله ( فمن يعمل م ثقال ذرة خيرا ير ه)، ولا مكان في الإسلام للخطيئة
الأصلية أو محاسبة أحد بعمل آخر ( لا تزر وازرة وزر أخر ى )، لذلك تقرر الشريعة مبدأ
المسؤولية حسب موقع كل مكلف، قال ص: ( كلكم راع وكلكم مسؤو ل).
7 - أن الفضيلة تشكل هدفا مركزيا في النظام الإسلامي، إذ بالرغم من أن الت شريع الإسلامي
يعتمد القواعد العقلية فإن هدفه حراسة الفضيلة قال ص: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلا ق )، فلا
يوجد أي جانب فيه يشذ عن رسالة الأخلاق ومقاصد الفضيلة سواء في جانب المعرفة أو
الاجتماع الإنساني أو السياسة المدني ة.
8 - أن الإسلام جمع بشكل متفرد بين عدة ث نائيات صعب الجمع بينها في النظريات الفلسفي ة.
فالإسلام يجمع بين الدين والقانون وبين التربية والقوة وبين المثل العليا والمصالح وبين اتمع
الروحي والدولة وبين التطوع والإجبا ر.
إن هيكل فلسفة الإسلام –كما يقول بيغوفيتش - هي مطالبته أن يعيش الإنسان في آن واحد
الحياة الظاهرة والباطنة والحياة الأخلاقية والاجتماعية والحياة الروحية والمادية، يطالب الإسلام
الإنسان بأن يقبل طوعا وبوعي ذين الوجهين للحياة مصيرا له مقررا ومعنى لحياته في هذه
الدنيا، فالإسلام دين وفلسفة وأخلاق ونظام وأسلوب وبيئة، وبإيجاز " طريقة كاملة للح يا ة "، قال
تعا لى: ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله
إليك، ولا تبغ الفساد في الأر ض) (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، وبذلك
أمرت وأنا أول المسلم ين) (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرز ق) (كلوا
واشربوا ولا تسرفو ا). (وأخرج البخاري عن أنس بن مالك قا ل: جاء ثلا ثة رجال إلى بيوت
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما ُأخبروا كأم
تقا ّلوها [أي لاحظوا أا قليل ة] فقالو ا: أين نحن من النبي صلى الله عليه و سلم ؟ قد غفر الله له ما
تقدم من ذنبه وما تأخ ر، قال أحده م: أما أنا فإني أصلي الليل أبد ا، وقال آخ ر: أنا أصوم الدهر
ولا أفط ر، وقال آخ ر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبد ا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقا ل: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم ل ه، لكني أصوم وأفط ر،
وأصلي وأرق د، وأتزوج النسا ء، فمن رغب عن سنتي فليس م ني).
9 - أن الدين أساس التنظيم الاجتماعي في الإسلام، والعلم والخبرة أسلوبه.
يطالب الإسلام من المسلم بوجوب تنظيم الحياة، ليس فقط بالصلاة والدعاء ولكن أيضا
1، وأن يت عايش في حياته المسجد والمصنع، والعبادة والعلم ومصالح الدنيا وأعمال بالعلم والعمل 9
الآخرة في وقت واحد، وأن ينضاف إلى هدف تربية الناس النهوض بحيام، مع وجوب عدم
التضحية بأحد هذين الثنائيت ين.
لذلك فإن المهندس والعالم وإمام المسجد والمربي ورجل القانون ومسؤول السلطة ينخرطون
جم يعا في [ وظائف شرعي ة ]، ويقومون فيها بمعنى [العباد ة ]، شرط أن تكون وجهتهم إرضاء الله
تعالى بتحقيق الصالح العالم الذي لأجله انتصبوا في تلك الوظائ ف.
هذا المعنى الشمولي يؤدي إلى اكتفاء النظام الإسلامي وعدم وجود ثغرة نظرية أو فلسفية أو
فقهية تحوجه إلى أن تنظم ح ياة المسلمين بفلسفة أخرى، قال تعا لى: ( ما فرطنا في الكتاب من
شي ء) (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دين ا).
إن الانفصام بين القول والعمل وبين الدين والواقع وبين المعتقد والحياة يؤدي إلى إحدى
النتائج التالي ة: إما إلى مجتمع مزدوج، يم جد أهله الله في المسجد وينسونه في اتمع، وإما إلى
مجتمع تعيس تتصارع في نفوس أفراده الميول والترعات، لا يستطيعون قطع صلتهم بالقرآن ولا
إصلاح أحوالهم بمبادئه، وإما إلى مجتمع من الرهبان الذين يعتزلون الحياة لأا غير إسلامي ة.
هذا من ناحية المبادئ والأسس، أما من ناحية الأسلوب، فبالرغم من رفض الإسلام لمبدإ
العلمانية، أي تجريد حياة المسلمين عن المرجعية الإسلامية 20 ، فإن أسلوب الإسلام في التنظيم
مفتوح دوما على العلم والخبرة البشرية، وهذا ما يدل عليه الحديث الشري ف: (أنتم أعلم بشئون
دنياك م )، ( الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق  ا )، والمتأمل في إنشاء عمر للدواوين
والأنظمة الإدارية التي اقتبسها من الفرس بقصد تنظيم أحوال الإدارة في عهده، يلاحظ مدى
تمييز الإسلام بين العقائد والمبادئ الفلسفية وبين أساليب التنظيم التي يمكن الإفادة منه ا. لذلك
يتأكد في هذا الجانب ثلاثة م باد ئ:
19 - قال النبي ص ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العم ل.
20 - العلمانية بالنسبة للمسلمين تعني تجريد الح ياة عن الأحكام الشرعية والمرجعية الإسلامية، أما عند البشرية عموما، فإن مبدأ العلمانية يعني
فصل الحياة عن القيم والأخلاق، أو نزع القداسة عن العالم ونفي المحرمات من كل نشاط بشري، بحيث يأخذ مرجعيته من ذاتيته المادية من
دون أية مرجعية متجاوزة . ورغم الخصوصية فإن مآل التعريفين واحد، انظر العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة لعبد الوهاب المسيري
.219 /1
أ -أن الإسلام بتأييده لهذا العالم الدنيوي فإنه بذلك يعلن تأييده لأفضل صورة لتنظيم الحياة،
وإن كل ما يساعد أن يكون هذا العالم أفضل فلا يجوز رفضه ابتداء بدعوى أنه شيء غير
إسلام ي.
ب - أن انفتاح الإسلام على الطبيعة يعني انفتاحه على العلم أيضا، ولذلك فالحل ول الإسلامية
ينبغي أن يتوفر فيها أمران، أولهم ا: أن تكون فعالة إلى أقصى الحدود، وثانيهم ا: أن تكون إنسانية
إلى أبعد الحدود أيض ا.
ج - يعتبر الإسلام النظام الوحيد الذي ولف وجمع بين الدين والعلم وبين الأخلاق والسياسة
وبين الفرد والجماعة وبين الروحانيات والماديات، وهي أمور ينقسم العالم بشأا روحيا في
العصر الحاضر، إذ يبشر بدين بلا رهبانية وعلم بلا إلحاد، فلا بد من الحفاظ على هذه الوسطية
الإسلامية التي ا وبانتهاجها يعود للعالم الإسلامي دوره أمة وسطا بين هذا العالم المنقسم، قال
تعا لى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكو نوا شهداء على النا س).
10 - أن التشريع لا ينفصل عن الإنسان في الإسلام
إذ لا يمكن فصل النظام عن الناس الذين يطبقونه، فلا وجود للنظام الإسلامي بدون الناس
الذين يقيمونه عن اقتناع وإيمان والتزام، وهذه هي فلسفة الإسلام في حماية اتمع الإسلامي
وتنفيذ النظام الإ سلامي، بخلاف مجمل النظريات الغربي ة.
حيث تنطلق النظرية الغربية دائما من فرضية أنه يمكن تنظيم شؤون اتمع عن طريق القوانين،
وأنه بالإمكان بناء مجتمع بتخيل ترتيب معين للأوضاع والوظائف والطبقات والقوانين، لذلك
2] [ ب دءا من المدينة المثالية لأفلاطون ومرورا بتوماس يعج الفكر الغربي بالمدن المثالية [اليوتوبيات 1
مور، وتوماس كامبانيلا، وفرنسوا فوريير، وسان سيمون، وروبرت أوين، وانتهاء بكارل
مارك س].
لقد ظلت الروح الأوربية طوال تاريخها تبحث عن نظام أو مخطط يستطاع بناء مجتمع مثالي
في إطاره، يكون مجتمعا يصير مثاليا ومكتملا بم جرد تغيير العلاقات بين الناس، أو بين مجموعة
من الناس، لذلك وقع لديها إغفال خطير للإنسان وضرورة ذيبه وتربيته لبناء مجتمع سلي م.
وأصل معناه ا: مكان لا وجود له أو مكان لا يمكن إيجاد ه. انظر مبحث " المدينة الفاضلة توماس utopie 21 - اليوتوبيا من أصل يوناني
. مور " ، في كتاب تاريخ الأفكار السياسية ص : 135
أما القرآن فإنه يشتمل على مبدإ مشترك بين الأديان السماوية، وهي أن اتمع إنما يمكن
تنظيمه عن طريق الإنسان، وأنه لا الإسلام ولا أي دين ولا فكر، يستطيع أن يؤسس مجتمعا
جيدا من الناس المختلين تربويا أو أخلاقيا، وهذا السر في قلة القوانين النسبية في القرآن مقابل
عنايته الخاصة بالتربية والعقيدة والأخلا ق.
فالإسلام يخاطب باطن الإنسان وروحه ويؤكد على ذلك، ولكنه أيضا يواجه العالم الخارجي،
ولو لم يبدإ الإسلام بباطن الإنسان لما كان دينا إطلاقا، ولم توقف على خطاب الروح والنفس
الإنسانية لكان نسخة من المسيحية، لذلك فإنه يواجه الإنسان الحقيقي والعالم الخارجي والطبيعة
فيصبح إعلاما عن الإنسان الكامل والحياة الشاملة، فلذلك اقترن في الإسلام الدين والق انون
والتربية والقوة والأخلاق والسياسة.

منقوووول .

الموضوع الأصلي : القانون العام الاسلامي الكاتب : AlexaLaw المصدر : منتديات عالم القانون
التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
 

القانون العام الاسلامي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

+
صفحة 1 من اصل 1

.:: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ::.


      هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة     
odessarab الكلمات الدلالية
odessarab رابط الموضوع
AlexaLaw bbcode BBCode
odessarab HTML HTML كود الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم القانون :: منتدى AlexaLaw لعالم القانون :: القانون و الشريعة الإسلامية-
انتقل الى:  
الإسلامي العام | عالم القانون | عالم الكتاب و الثقافة العامه | التجاره و المال و الأعمال | البرامج و تكنولوجيا المعلومات | تطوير المواقع و المدونات | الترفيهي و الإداري العام

Powered by AlexaLaw.com ® Phpbb Version 2
Copyright © 2010
.:: جميع الحقوق محفوظه لمنتدى عالم القانون © ::.

.::جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه و إنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه في حدود الديمقراطيه و حرية الرأي في التعبير ::.