المدارس والمساجد وإنقاذ الأمة

موضوعنا اليوم هو :

المدارس والمساجد وإنقاذ الأمة

متى نراكم أيها الخطباء والدعاة ويا أئمة المساجد في بلاد المسلمين وقد انطلقتم من عقال ما أنتم فيه إلى رحاب ما تريده أمتكم منكم. وإلى رحاب ما يحبه الله ورسوله فيكم، فلا ترضون لأنفسكم أمام الله ورسوله بأي مما يصفكم الفاسقون به، في قصصهم ومجالسهم ومسلسلاتهم وأفلامهم ؟ . ومتى تنهضون فتقطعون دابر كل ما يقال عنكم وما ينسب إلى بعضكم من جهل وسذاجة وتخلف وشهوات ؟.
أمتكم بحاجة لكل فرد منكم، لقد أنفقت أمتكم على تعليمكم وتثقيفكم وتأهيلكم ثروات وثروات لأعوام طوال وسنوات. وأمتكم لا تقبل منكم اليوم بأقل من الكمال في العلم والكمال في القول والكمال في العمل والكمال في السلوك.
فأمتكم لا تقبل منكم إلا النهوض لنجدتها من تخلفها ونكباتها والفوضى العارمة التي تسود في مدنها وميادينها ومحافلها ومؤسساتها.
متى تتكامل جهودكم مع جهود المخلصين من علماء أمتكم.
ومتى تتكامل جهودكم مع جهود مدراء المدارس في مجتمعاتكم المحلية فتتم المؤاخاة بين المسجد والمدرسة في الحي وفي القرية ؟
متى يصبح المسجد منطلق النهضة العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية ضمن إطار علمي وثقافي معاصر وإطار شرعي وسطي تتكاتف فيه جهود المسجد وجهود المدرسة في عملية تنموية محلية ذاتية شاملة ؟.
إن تعليم وتثقيف وتربية الشعب كل الشعب بكل فئاته وقطاعاته بكل ما يلزمه من العقيدة السليمة والعلوم والمعارف الإنتاجية والمهارات والخبرات الحياتية اليومية، أمر لا بديل عنه للنهوض بالأمة كل الأمة بكل أقطارها ومدنها وقراها وبواديها، في كل مجتمعات الناس المحلية المنتشرة في طول بلاد الإسلام وعرضها.
لا بد من أن تصبح الأمة كل الأمة أمة متعلمة ومثقفة ومتحضرة ومزودة بكل ما تحتاج لحياتها اليومية العادية وحياتها الاجتماعية والاقتصادية المتطورة.
إن الجمع بين إمكانات مسجد الحي وإمكانات مدرسة الحي، لتحقيق هذه الأهداف هو قوة لا يمكن الإحاطة بمدى ما ستحدثه من نجاح وتطوير وتنمية واسعة في المجتمع المحلي في مدن وقرى بلاد المسلمين.
ومن هذا المنظور فإن المؤاخاة بين المسجد والمدرسة ضرورة ملحة في عالمنا العربي وعالمنا الإسلامي.
إن الجمع بين الخطباء والدعاة والأئمة ومدراء المدارس والمدرسين والعاملين في المجال التربوي، الجمع بينهم في مجلس إعمار محلي يتخذ من المسجد مقراً لاجتماعاته وأنشطته، أمر بالغ الأهمية وعظيم الفائدة للمجتمع المحلي، وعامل رئيسي ومُلِـح لرأب الصدع بين المسجد والمدرسة. الصدع الذي أحدثته الدول الاستعمارية في فترة مظلمة من تاريخ أمتنا.
لقد دمرت دول الاستعمار المجرمة ما دمرت في بلاد المسلمين باستخدام منظومة من الاستراتيجيات والخطط التي أحكمت وضعها بهدف السيطرة على مقدرات بلاد المسلمين وثرواتهم وطاقات أمتهم.
لماذا لا تبدؤون أيها الرواد والنشطاء المحليون من الأئمة والخطباء والدعاة ومدراء المدارس والعاملون والنشطاء التربويون، لماذا لا تبدؤون بمبادرات ذاتية مجتمعية محلية، في إطار التكامل بين أنشطة المساجد وأنشطة المدارس في أحيائكم وقراكم ومدنكم؟
لماذا لا تخرجون عن الأطر التقليدية، فتنطلقون بمبادرات ذاتية محلية بعدم انتظار التعليمات والأنظمة التي يضعها لكم العاملون في المؤسسات الرسمية المركزية؟
لماذا لا تصبح أي محاولة ناجحة تبدعونها من خلال مبادراتكم الذاتية نموذجاً وطنياً يحتذى به في كل المجتمعات المحلية الأخرى المحيطة بكم أو على مستوى الدولة ؟
ولكن أين هم هؤلاء الفرسان الذين لا نسمع إلا زمجرتهم وصخبهم فوق المنابر، مستغلين سذاجة وبساطة المصلين في المساجد. أو أين هم أولئك الفرسان الذين يقصون قصص بطولاتهم وأفكارهم الدونكيشوتية على تلاميذهم في غرف التدريس في مدارسهم؟
الزمجرات والقصص التي تنطلق فتتوه في الهواء والفراغ، فتتحول إلى مجرد صدى لا يسمعه حتى ذلك الفارس المزمجر فوق المنبر أو ذلك الدونكيشوت الذي يقص القصص على التلاميذ.
وتنتهي أيام هؤلاء الفرسان في المساجد وهؤلاء الفرسان في المدارس في كل يوم بما انتهت به أيامهم منذ سنين. والناس على حالهم في المجتمعات المحلية مضللون وغارقون طوال تلك السنين في تخلفهم وبؤسهم وكوارثهم ونكباتهم، فلا تحسن ولا تقدم ولا تطور يطرأ في بلاد المسلمين، فيما عدا استمرار عالم من التخلف (الفقر، والجهل، المرض)، ليحيط بكل شيء من حولهم.
لا بد من التغيير أيها السادة. فالله سبحانه يقول : " إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ"
هيا أيها الخطباء والدعاة والأئمة، وهيا أيها المدرسون والمدراء والعاملون التربيون، هيا إلى العمل.
إجعلوا مساجدكم ومدارسكم خلايا عمل وتنمية وتطوير لا تنام ولا يغمض لها جفن، فالأمة لم يعد بوسعها تحمل المزيد من الآلام.
هل من سامع ؟ هل من سامع بين هذه الجموع والجيوش من الخطباء والدعاة والأئمة والمدرسين والمدراء والعاملين التربويين؟
هل من أمل لهذه الكتل البشرية من الأمة الإسلامية في القرى والمدن والبوادي في التخلص من هذا السفر اللامتناهي المليء بالضياع والفساد والتخلف؟
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي