المعلمون والعنف المدرسي وموقف القانون السوري

لا ننكر على المعلم تضحيته وعطاؤه وتكريسه القيم الوطنية والقومية وتزويده الأجيال بالتربية والعلم إنتقالا من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة .
ولكن ويوافقني كثير من المعلمين بأن التعامل مع الطفل بأسلوب الثواب والتشجيع وبأساليب العقاب الأخرى التي تخرج عن دائرة العنف بكل اشكاله هوما يجب اتباعه في المدارس ، فضروب التأديب قد ارتقت في عصرنا الحالي عن ان يفهم منها ان الضرب بالعصا أو الصفع بالكف أو بأي أداة اخرى {والذي أكدت عليه وزارة التربية في الكثير من بلاغاتها} أصبح من العهد المنصرم .
إلاّ أننا نحاول عبر هذه الكلمات أن نحدد نقاطاً قانونية نرسم من خلالها ما منعه المشرع الجزائي في مجال مسؤؤلية المعلم الجزائية والتي ترتبط بمهمته وعمله ،خاصةً في المرحلة الإبتدائية .
حيث شدد المشرع السوري على إلزامية التعليم فيها ومجانيته ووضع النصوص العقابية لكل من يحول دون تعليم الأطفال ذكوراً وإناثاً (وحرم تشغيل الأطفال في المنازل وفي ورشات العمل والمعامل قبل إتمام الثانية عشرة من عمرهم) ، بالحبس لمدة شهرين والغرامة ، وضاعف العقاب في حال التكرار .
وتقوم عناصر الضابطة العدلية بمراقبة وضبط المخالفات في المحلات والمعامل الخاصة واماكن التشغيل من قبل مديريات الشؤون الإجتماعية والعمل والمكاتب الخاصة .
وحين يدخل الطفل تلميذاً إلى المدرسة تنتقل مهمة الرقابة إليها ويساءل القائمون على الرقابة عما يصيب التلاميذ من ضرر أو أذى خلال فترة تواجدهم داخل المدرسة .
ونحن هنا
لنطرح أحكام القانون وما أتى به من اجل حماية الطفل في هذا الجانب والمؤيدات الجزائية لأفعال قد ترتكب من قبل المعلم ولعل أبرزها هو ما يتعلق بالعنف أي الضرب والإيذاء والإيلام بكافة أشكاله جسدياً أم نفسياَ.
نبدأ بالمادة 185 أ- من قانون العقوبات العام والتي نصت على " يجيز القانون ....ضروب التأديب التي ينزلها بالأولاد آباؤهم وأساتذتهم على نحو ما يبيحه العرف العام "
وكان القانون لا يعد الفعل الذي يجيزه جريمة........... فجعل ضروب التأديب سبباً من أسباب التبرير إلا أنه علقها بعبارة على نحو ما يبيحه العرف العام وما توصل إليه مجتمعنا من تقدم وفهم للتربية عبر النظريات الحديثة التي لا تجيزالعنف إطلاقاً { ليس المساس بالجسم الإنساني بل تعدته إلى عدم المساس يالوضع النفسي أو ان تتأثر النفس بقول أو فعل }.

لذلك فان اي فعل من شأنه إلحاق الأذى بالضرب أو اي أسلوب عنف على الطفل يشكل جريمة يعاقب عليها القانون حسب مدة العطالة عن العمل وقد يحدث عاهة دائمة إذا عطل جزء من السمع أو البصر أو أي جزء من اعضاء الجسم ويرقى إلى درجة الجناية وفقاً لاحكام المواد 54 وما بعده عقوبات عام .
إن تقدير مسألة العرف العام هي مسألة موضوعية يقدرها قاضي الحكم وهي تنبع من ضمير الشعب وما استقر عليه الرأي العام الوطني ونادرة
وحالة الوعي الإجتماعي في القضايا التي نظر بها القضاء السوري والتي ارتقت إلى درجة الجناية أو الجنحة وهي بعيدة كل البعد عن توافرالقصد أو النية الجرمية في الايذاء إلا أن أي فعل مما ذكر يعتبر جريمة مقصودة ويرد التساؤل عن حوادث التسبب بإيذاء أو سقوط أو إصابات جسدية داخل المدرسة، فنعود إلى ما بدأنا بالحديث عنه حول الرقابة وهل يعتبر مدير المدرسة أو المعلم المناوب مثلاً مسؤولاً جزائياً عن تلك الحوادث التي تقع في باحة المدرسة أو أدراجها أو قاعة الصف الخ .........فإذا كان الخطأ ناتجاً عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة وارتكبه أحد هؤلاء وارتبط برابطة السببية في إحداث النتيجة الضارة أي قام بالفعل الخاطئ بنفسه كمن يدفع طالباً من اعلى الدرج بقصد اصطفافه في الرتل فيقع ويتسبب بإيذائه أو وفاته فهو مسؤول جزائياً وتطاله أحكام المادتين 551-550 عقوبات عام بحسب الحال أو يطلب منه إيصال تيار كهربائي لتزيين المدرسة فيصعقه التيار أو كمن يطلب من الطالب الصعود في السلم أو يرسله خارج المدرسة لإحضار بعض السلع أو الأشياء فتصدمه مركبة .
أما باقي الحوادث التي لاتكون نتيجة خطأ المعلم دائماً تتعلق بالرقابة فإن المسؤولية في هذا الإطار لا تخرج عن كونها مسؤولية تقصيرية مدنية ولا ترقى إلى درجة الجرم الجزائي أساسها الرقابة لكنها جميعها غالباً ما تشكل جريمة تأديبية أو مسلكية ويحال المعلم إلى المحاكم المسلكية المختصة لتفرض العقوبة المسلكية المناسبة .
للطفل في مجتمعنا حقوق يجب صونها على الدوام بمساعدة الأسرة والمدرسة وحماية القضاء ويبقى المعلم هو القدوة والأسوة في خلق جيل واع قادر على بناء المجتمع وتحقيق اهدافه الإجتماعية والوطنية والقومية

منقووول للفائدة .
AlexaLaw