المجتمع الدولي وتحديات وقاية الثروة الجينية في المملكة النباتية



شبكة النبأ: عينات من البذور والنباتات – مئات الآلاف من الأنواع المختلفة – تُنقل وتُخزّن كي لا يتم فقدانها بسبب تغيّر المناخ، أو استنزاف مواطنها الطبيعية، أو غير ذلك من الكوارث الطبيعية أو التي من صنع الإنسان.

المحافظة على الاكتشافات المستقبلية ومحاصيل اليوم هي التي تحفز هذا الجهد. أتقنت العلوم كيفية تعديل النظام الوراثي للنباتات واستخراج الخصائص المرغوبة في إحدى النباتات وإدخالها في نبتة أخرى. يُشكِّل هذا النوع من الهندسة الوراثية نسخة مسَّرعة للتلقيح الهجيني الذي مارسه المزارعون لقرون طويلة. أما قدرات اليوم فتساعد في نشر التوعية بأن أية نبتة في مكان ما من العالم تحتفظ بسر بيولوجي سوف يساعد البشرية في يوم من الأيام، مثل علاجات الأمراض، الغذاء المعزز، أو غيرها من المركّبات المفيدة.

استناداً إلى خطة الأمم المتحدة للمحافظة على الموارد الوراثية للنباتات، فإن "الموارد الوراثية للنباتات الغذائية والزراعية توفّر الأساس البيولوجي للأمن الغذائي في العالم وتدعم معيشة كل إنسان على وجه الأرض". تسجل هذه الوثيقة التي نشرت عام 1996 اهتمام المجتمع الدولي بالتنوع النباتي ومسؤوليته تجاهها.بحسب موقع أمريكا غوف.

الجهود الدولية

تدعم هيئة مالية دولية للأبحاث الزراعية 11 بنكا للجينات، لوقاية ما يزيد عن 650 ألف عينة وراثية من المحاصيل، والعلف، والجنبات، والأشجار وحفظها كملكية عامة. يكرس مركز الأبحاث الزراعية الدولي العالمي (cgiar) جهوده "للمحافظة على هذه المجموعات للمدى الطويل ولجعل المعلومات المتعلقة ببلازما الخلايا الجرثومية (مجموعة من الموارد الوراثية لكائن عضوي) والمعلومات المترافقة معها متوفرة كسلع عامة عالمية."

استناداً إلى موقع الإنترنت لمركز الأبحاث الزراعية الدولي العالمي، يحافظ المركز على هذه المستودعات الضخمة للبذور والنباتات لتستفيد منها البشرية جمعاء. ويضيف القول: "ساعدت مساهمات البذور في وضع أسس النهوض الاقتصادي من خلال الإطلاق السريع للنمو الزراعي في دول خارجة من النزاعات عنيفة كأفغانستان، وأنغولا، وموزمبيق، والصومال". وتستطيع المناطق التي تضربها الكوارث الطبيعية استعادة البذور الثمينة من بنوك الجينات لإعادة إحياء الحياة النباتية المتكيّفة على وجه الخصوص مع مناخها وظروفها الخاصة.

جهود الولايات المتحدة

تحتفظ مؤسسة النظام القومي الأميركي لبلازما الخلايا الجرثومية النباتية (npgs) بشبكة من بنوك الجينات من أجل المحافظة على خصائص يمكن استعمالها لمكافحة الحشرات الناشئة، والجراثيم والطفيليات المُمرضة، والأمراض، وغيرها من الآفات التي تهدد الإمدادات العالمية للغذاء والألياف.

تشمل مجموعات النظام القومي الأميركي لبلازما الخلايا الجرثومية النباتية حوالي 511 ألف عينة من البذور، والأنسجة والنباتات الكاملة المحفوظة في أكثر من 20 بنك جينات في الولايات المتحدة تشرف عليها مصلحة الأبحاث الزراعية (ars) التابعة لوزارة الزراعة الأميركية. يتلقى أيضاً عدد كبير من بنوك الجينات الدعم من الجامعات ومراكز الاختبارات الزراعية في مختلف الولايات الأميركية.

ساعدت الخصائص المفيدة التي تم التعرّف عليها في العينات على تلقيح المحاصيل الأميركية ضد الجراثيم والطفيليات الممرضة الخطرة. فعلى سبيل المثال، قاومت نبتة قمح جُمعت في تركيا عام 1948 بفعالية نوعاً من الفطرية أصبح يهدد المحاصيل في الولايات المتحدة بعد مضي 15 سنة. واستناداً إلى الوثائق التي نشرتها وكالة الأبحاث الزراعية، تمّ دمج الجينات الوراثية لهذا النوع من القمح في كل نوع من القمح الذي يزرع في منطقة شمال غرب المحيط الهادئ من الولايات المتحدة.

في العام 1986، انتشر نوع من حشرة المن الروسية التي تصيب القمح إلى الولايات المتحدة، مما هدد كامل محصول البلاد التجاري من القمح. بدأ علماء وكالة الأبحاث الزراعية بإجراء فحص عاجل لمخازن الحبوب التي يديرها النظام القومي الأميركي لبلازما الخلايا الجرثومية النباتية (npgs) ووجدت مئات من الجينات الممكن ان تقاوم هذه الآفة. وضعوا مشروعاً مستعجلاً لتطوير سلالة مقاومة لتجنب حصول أزمة محاصيل.

بذور في حالة تجميد شديد

يصل متوسط درجات الحرارة في القطب الشمالي، الذي يبعد مسافة ألف كيلو متر شمال بر النروج، إلى مستوى منخفض جداً بحيث لا تدعو الحاجة إلى استعمال الكهرباء للمحافظة على درجات حرارة التجميد. وهناك يحتفظ مستودع سفالبارد العالمي للبذور، المحفور في طرف جبل، والمحاط بأرض دائمة التجمد والصخور السميكة، بمئات الآلاف من عينات البذور المجمعة من كافة أنحاء العالم في عزلة متجمدة إلى ان يحصل عارض سيئ أو كارثة مما يتطلب استعمالها لإعادة تزويد البذور التي تعيش أصلاً في مناخات أكثر دفئا.

يعتبر مستودع سفالبارد، الذي أنشأته مملكة النروج بتعاون دولي ويحافظ عليه الصندوق العالمي لتنوع المحاصيل، بمثابة بوليصة التأمين النهائية للعالم في مجال حماية التنوع النباتي. تقوم بنوك الجينات من كافة أنحاء العالم بإيداع عينات مزدوجة من مخزوناتها في مستودع سفالبارد للمحافظة عليها. يضمن مستودع سفالبارد حصول بنوك الجينات في أمكنة أخرى على نسخ احتياطية في حال حصول أخطاء مؤسساتية غير متوقعة، مثل فقدان العينات الإدارة المهمِلة، أو استنفاد التمويل.

منذ أن تم افتتاح مستودع سفالبارد عام 2008، أرسل النظام القومي الأميركي لبلازما الخلايا الجرثومية النباتية (npgs) أكثر من 20 ألف عينة نباتية للمحافظة عليها، وتنوي الولايات المتحدة إرسال عينات من كامل مجموعتها بصورة تدريجية عبر السنوات العديدة القادمة.

الصندوق العالمي لتنوع المحاصيل هو شراكة بين القطاعين العام والخاص لجمع الأموال من أجل دعم الاحتفاظ بمجموعات من المحاصيل النباتية الأساسية. التزاماً بالاتفاقيات الدولية للتنوع النباتي، يعمل الصندوق على تقدم نظام عالمي مستدام وكفؤ للمحافظة الطويلة الأمد للموارد الوراثية للنباتات.

ان تنوع الحياة النباتية على الأرض كبير لدرجة انه يجعل محاولات الإنسان لتحديد كمياتها أمراً صعباً. تتراوح تقديرات عدد أنواع النباتات المعروفة بين 300 و400 ألف تقريباً، ولكن في أعماق الغابات النائية، أو في أعالي قمم الجبال، من المحتمل وجود آلاف أخرى غير معروفة من هذه الأنواع وتنتظر أن يلاحظ وجودها للمرة الأولى عالِم يدرك فرادتها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/آذار/2010 - 13/ربيع الثاني/1431

منقووول للفائدة .
AlexaLaw