الضغوط الداخلية الأمريكية وانعكاساتها علي العراق

شيماء أحمد منير

مجلة السياسة الدولة يناير 2004 - العدد رقم 155

أثارت المواجهات الدامية التي خاضتها قوات الاحتلال الأمريكي في العراق طوال الأشهر الماضية موجة عارمة من الإنتقادات شكلت قوة ضاغطة علي الإدارة الأمريكية دفعتها إلي إعادة تقويم بعض مواقفها تجاه العراق خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر‏2004.‏ يحاول هذا التقرير إلقاء الضوء علي محورين يتناول الأول الموقف الداخلي للولايات المتحدة تجاه غزو العراق والذي انقسم إلي معارضين ومؤيدين حيث استند كلمنهما علي مجموعة من الحجج والبراهين وانتصر في النهاية الفريق المؤيد للحرب وذلك بعد نجاح الإدارة الأمريكية في خلق ارتباط لا شعوري بين أحداث‏11‏ سبتمبر والعراق في أذهان أفراد الشعب الأمريكي وقد دفع ذلك الكونجرس إلي منح‏'‏ بوش‏'‏ السلطة التي سعي اليها لشن حرب إذا دعت الضرورة لنزع سلاح العراق بالقوة‏.‏

أما المحور الثاني فقد انقسم إلي ثلاثة نقاط رئيسية تناولت الأولي الإنفاق الأمريكي عند تحقيق مجموعة من الأهداف تأتي في مقدمتها الفشل في اقتلاع هذا الإرهاب وجعل العراق أكبر ديمقراطية بالإضافة إلي الدور الذي لعبه وزير الدفاع‏'‏ دونالد رامسفيلد‏'‏ في إفشال المشروع الأمريكي في العراق حينما تعجل بوقف العمليات الحربية من أجل تحقيق نصر سريع‏.‏

أما النقطة الثانية فقد تناولت الضغوط الداخلية التي تم الاستدلال بها من خلال استطلاعات الرأي العام التي أجريت علي نطاق الولايات المتحدة والتي بينت تدني مستوي شعبية بوش والتي انخفضت من‏71%‏ علي أثر سقوط بغداد إلي‏51%‏ وفقا لاستطلاع للرأي نشر في‏2003/2/11.‏ وقد ساند الرأي العام في حملته ضد الإدارة الأمريكية الصحافة وذلك من خلال المقالات والتقارير اللاذعة التي بينت الموقف الأمريكي المتأزم في العراق بالإضافة لما سبق فإن الحزبين الديمقراطي والجمهوري أبديا قلقهما تجاه التطورات الراهنة في العراق‏.‏ وقد ساهم في تزايد الضغوط الداخلية الوضع الاقتصادي الأمريكي الذي تأثر نتيجة تزايد النزيف المالي الموجه صوب إعادة إعمار العراق‏.‏

ثم تناولت النقطة الثالثة تغيير الموقف الأمريكي إزاء الوضع في العراق والذي اتضح من خلال عدة سياسات اتبعتها الإدارة الأمريكية تمشيا مع التطورات في العراق واستجابة للضغوط الداخلية وتأتي في مقدمتها تحويل مسئولية الحلف العراقي من وزارة الدفاع إلي مستشارة الأمن القومي‏'‏ كونداليزا رايس‏'‏ والتحول من أمركة الوضع العراقي إلي تدويله بالإضافة إلي إعلان الإدارة الأمريكية عن نيتها في نقل السلطة والسيادة للعراقيين بحلول منتصف العام القادم‏.‏

وأخيرا يمكن القول أن الولايات المتحدة تسعي إلي أن لا تخسر جولة السلام بعد أن كسبت الحرب‏.‏ وقد حاول هذا التقرير في النهاية إلقاء الضوء علي مستقبل الإدارة الأمريكية في ضوء الضغوط الداخلية والمأزق العراقي وتأثير التطور الذي حدث في الحلف العراقي إثر اعتقال الرئيس المخلوع صدام حسين‏.‏ فوفقا للشواهد والدلائل الراهنة فإن الإدارة الأمريكية ستسعي إلي إعادة كسب الرأي العام العالمي والأمريكي من خلال تذكير العالم بخطورة الإرهاب علي السلم والأمن الدوليين وأن غزو العراق يعد خطوة هامة من أجل تحريره من الاستعباد والتخلف‏.‏ وعلي الرغم من الضغوط التي تزداد علي الإدارة الأمريكية نظرا لخطورة الوضع في العراق فإن إعتقال الرئيس صدام حسين ساهم في تلطيف المناخ السياسي بالنسبة للإدارة الأمريكية وقد اتضح ذلك من خلال استطلاع للرأي العام الأمريكي كشف عن ارتفاع شعبية الرئيس بوش لتصل إلي‏58%‏ إلا أن ذلك سيكون تأييدا مؤقتا نظرا لاستمرار المقاومة التي أثبتت أنه لا يوجد علاقة بين صدام حسين والمقاومة التي مازالت مستمرة ضد قوات الاحتلال الأمريكي ومن ثم سرعان ما ترتفع الأصوات الرافضة للوجود الأمريكي في العراق مع تزايد عدد القتلي من الجنود الأمريكيين وتنتهي نشوة اعتقال صدام حسين

منقووول للفائدة .
AlexaLaw