عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .


عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .



عالم القانون

العدل أساس الملك - Justice is the basis
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
TvQuran
 الدستور الاسلامي 110
AlexaLaw on facebook
 الدستور الاسلامي 110
 الدستور الاسلامي 110
 الدستور الاسلامي 110
 الدستور الاسلامي 110
 الدستور الاسلامي 110

شاطر | 
 

  الدستور الاسلامي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12654998

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 34

الأوسمه :

 الدستور الاسلامي 1384c10


الأوسمة
 :


 الدستور الاسلامي Empty
مُساهمةموضوع: الدستور الاسلامي    الدستور الاسلامي I_icon_minitime7/10/2011, 17:29

خيارات المساهمة


الدستور الاسلامي

الدكتور عادل عامر


- الفصل السادس عشر :-الدستور الاسلامي
اولا:- أهم النصوص الدستورية في التاريخ الإسلامي
____________________
ملحق: أهم النصوص الدستورية في التاريخ الإسلامي
الوثيقة الأولى: بيعة العقبة
أولا: ظروف بيعة العقبة.
َقالَ ابْنُ إسْحَاقَ [عند حديثه عن أواخر الفترة المكية من البعثة المحمدية]: (َلَمّا أَرَادَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ إظْهَارَ دِينِهِ وَإِعْزَازَ نَبِيّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَإِنْجَازَ مَوْعِدِهِ لَهُ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْمَوْسِمِ الّذِي لَقِيَهُ فِيهِ النّفَرُ مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ ، كَمَا كَانَ صَنَعَ فِي كُلّ مَوْسِمٍ . فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدَ الْعَقَبَةِ لَقِيَ رَهْطًا مِنْ الْخَزْرَجِ أَرَادَ اللّهُ بِهِمْ خَيْرًا. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحَدّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا : لَمّا لَقِيَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَفَرٌ مِنْ الْخَزْرَجِ ، قَالَ أَمِنْ مَوَالِي يَهُودَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ قَالَ أَفَلَا تَجْلِسُونَ أُكَلّمُكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى . فَجَلَسُوا مَعَهُ فَدَعَاهُمْ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامَ وَتَلَا عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ . وَكَانَ مِمّا صَنَعَ اللّهُ لَهُمْ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ أَنّ يَهُودَ كَانُوا مَعَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَعِلْمٍ وَكَانُوا هُمْ أَهْلَ شِرْكٍ وَأَصْحَابَ أَوْثَانٍ وَكَانُوا قَدْ عَزّوهُمْ بِبِلَادِهِمْ فَكَانُوا إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ قَالُوا لَهُمْ إنّ نَبِيّا مَبْعُوثٌ الْآنَ قَدْ أَظَلّ زَمَانُهُ نَتّبِعُهُ فَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ . فَلَمّا كَلّمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أُولَئِكَ النّفَرَ وَدَعَاهُمْ إلَى اللّهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ يَا قَوْمُ تَعْلَمُوا وَاَللّهِ إنّهُ لَلنّبِيّ الّذِي تَوَعّدَكُمْ بِهِ يَهُودُ فَلَا تَسْبِقَنّكُمْ إلَيْهِ . فَأَجَابُوهُ فِيمَا دَعَاهُمْ إلَيْهِ بِأَنْ صَدّقُوهُ وَقَبِلُوا مِنْهُ مَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْإِسْلَامِ وَقَالُوا : إنّا قَدْ تَرَكْنَا قَوْمَنَا ، وَلَا قَوْمَ بَيْنَهُمْ مِنْ الْعَدَاوَةِ وَالشّرّ مَا بَيْنَهُمْ فَرُوِيَ أَنْ يَجْمَعَهُمْ اللّهُ بِك ، فَسَنَقْدَمُ عَلَيْهِمْ فَنَدْعُوهُمْ إلَى أَمْرِك ، وَتَعْرِضُ عَلَيْهِمْ الّذِي أَجَبْنَاك إلَيْهِ مِنْ هَذَا الدّينِ فَإِنْ يَجْمَعْهُمْ اللّهُ عَلَيْهِ فَلَا رَجُلَ أَعَزّ مِنْك حَتّى إذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ وَافَى الْمَوْسِمَ مِنْ الْأَنْصَارِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا ، فَلَقَوْهُ بِالْعَقَبَةِ . ( قَالَ ) وَهِيَ الْعَقَبَةُ الْأُولَى ، فَبَايَعُوا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى بَيْعَةِ النّسَاءِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْهِمْ الْحَرْبُ). سيرة ابن هشام 2/426.
ثانيا: نصوص بيعة العقبة.
عن عبادة بن الصامت قال : « بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الأولى ونحن اثنا عشر رجلا ، أنا أحدهم ، فبايعناه بيعة النساء على ألا نشرك بالله شيئا ، ولا نسرق ، ولا نزني ، ولا نقتل أولادنا ، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيه في معروف ، وذلك قبل أن تفترض الحرب . فإن وفيتم بذلك فلكم الجنة وإن غشيتم شيئا فأمركم إلى الله إن شاء غفر وإن شاء عذب »وعن عقبة بن عمرو الأنصاري قال : وعدنا رسول الله (ص) أصل العقبة يوم الأضحى ونحن سبعون رجلا : قال عقبة : إني من أصغرهم ، فأتانا رسول الله (ص) فقال : (أوجزوا في الخطبة فإني أخاف عليكم كفار قريش ، قال : قلنا : يا رسول الله ! سلنا لربك وسلنا لنفسك وسلنا لأصحابك وأخبرنا ما الثواب على الله وعليك ، فقال : أسألكم لربي أن تؤمنوا به ولا تشركوا به شيئا وأسألكم لنفسي أن تطيعوني أهديكم سبيل الرشاد ، وأسألكم لي ولأصحابي أن تواسونا في ذات أيديكم وأن تمنعونا مما منعتم منه أنفسكم ، فإذا فعلتم ذلك فلكم على الله الجنة وعلي) قال : فمددنا أيدينا فبايعناه. وعن جابر أن الرسول ص قال : « تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل ، والنفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن يقولها لا يبالي في الله لومة لائم ، وعلى أن تنصروني ، وتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ، ولكم الجنة »وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « كان البراء بن معرور أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيعة له ليلة العقبة في السبعين من الأنصار ، فقام البراء بن معرور فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وجاءنا به ، وكان أول من أجاب ، وآخر من دعا فأجبنا الله عز وجل وسمعنا وأطعنا ، يا معشر الأوس والخزرج ، قد أكرمكم الله بدينه ، فإن أخذتم السمع والطاعة والمؤازرة بالشكر فأطيعوا الله ورسوله ، ثم جلس »
ثالثا: تحليل بيعة العقبة
وقد تضمنتا بعض المسائل الدستورية في نصوصهما مثل :
أ - الأساس الذي تقوم عليه الدولة الإسلامية ، والمجتمع الإسلامي ، وهو توحيد الله عز وجل ، وهذا الأساس هو أهم المسائل الدستورية للدولة الإسلامية ، جاء ذلك في نص البيعة الأولى ، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : « بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الأولي على أن لا نشرك بالله شيئا . . .
ب - حقوق الدولة على المواطنين ، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية : « تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل والنفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن تقوموا في الله لا تخافون لومة لائم ، وعلى أن تنصروني فتمنعوني - إذا قدمت عليكم - مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم » (1) .
جـ - حقوق المواطنين على الدولة ممثلة في شخص رئيسها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاء ذلك في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : « . . . بل الدم الدم ، والهدم الهدم ، أنا منكم وأنتم مني ، أحارب من حاربتم ، وأسالم من سالمتم » (2) . ومن المعروف أن حقوق الدولة وحقوق المواطنين من الأمور الدستورية المهمة التي يجب النص عليها في الدستور ، والتي تنص عليها دساتير دول العالم المعاصرة .
د - نتج عن البيعتين إيجاد الجو والمكان الملائمين لنشر دين الله والدعوة إلى توحيده في الأرض ، وهذان الأمران هما الغاية التي قامت لأجلهما الدولة الإسلامية ، ومن المعروف أن تحديد الغاية التي تقوم لأجلها أي دولة من المسائل الدستورية الرئيسة .
هـ - تضمنت البيعة الثانية تعيين النقباء الاثني عشر عن طريق اختيار الأنصار لهم ، وفي هذا تطبيق لمبدأ الشورى في اختيار الأشخاص ، حيث ترك الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك للأنصار ، ومبدأ الشورى من المبادئ الدستورية الرئيسة في النظام الإسلامي .
و - تضمنت البيعة الثانية تنظيم وتحديد أطراف المعاهدة التي على أساسها ستنشأ الدولة ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم نائب عن قومه ، والنقباء نائبون عن قومهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنقباء : « أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ، ككفالة الحوارين لعيسى بن مريم ، وأنا كفيل قومي »
2 -معاهدة الرسول ص لليهود بعد هجرته إلى المدينة المنورة المعروفة بدستور المدينة
أولا: ظروف دستور المدينة
بعد هجرة النبي ص إلى المدينة المنورة كان أول ما قام به هو المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار وبناء المسجد وإنشاء معاهدة دستورية تتضمن قواعد العيش المشترك مع أطراف المجتمع المديني وخاصة اليهود.
ثانيا: نص الوثيقة :
نص الوثيقة: ( بسم الله الرحمن الرحيم
1 - هذا كتاب من محمد النبي ، بين المؤمنين من قريش ويثرب ، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم .
2 - إنهم أمة واحدة من دون الناس .
3 - المهاجرون من قريش على ربعتهم [ربعتهم : حالتهم وشأنهم]، يتعاقلون بينهم [من العقل وهو الدية] وهم يفدون عانيهم [العاني : الأسير] بالمعروف والقسط بين المؤمنين .
4 - وبنو عوف على ربعتهم ، يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدي عانيها بالقسط والمعروف بين المؤمنين .
6 - وبنو الحارث على ربعتهم ، يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدي عانيها بالقسط والمعروف بين المؤمنين .
7 - وبنو جشم على ربعتهم ، يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين .
8 - وبنو النجار على ربعتهم ، يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين .
9 - وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم ، يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين .
10 - وبنو النبيت على ربعتهم ، يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين .
11 - وبنو الأوس على ربعتهم ، يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين .
12 - وإن المؤمنين لا يتركون مفرحا [المفرح: المثقل بالدين] بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل .
13 - وإن لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه .
14 - وإن المؤمنين المتقين على من بغي منهم أو ابتغى دسيعة ظلم[ما ينال عنهم من ظلم]، أو إثم أو عدوان ، أو فساد بين المؤمنين ، وإن أيديهم عليه جميعا ، ولو كان ولد أحدهم .
15 - ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر ولا ينص كافرا على مؤمن .
16 - وإن ذمة الله واحدة ، يجير عليهم أدناهم ، وإن المؤمنين بعضهم موالي بغض ، دون الناس .
17 - وإنه من تبعنا من يهود ، فإن له النصرة والأسوة ، غير مظلومين ولا متناصرين عليهم .
18 - وإن سلم المؤمنين واحدة ، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله ، إلا على سواء وعدل بينهم .
19 - وإن كل غازية غزت معنا ، يعقب بعضها بعضا [أي يتناوبون فإذا خرجت طائفة غازية ثم عادت تكلف أن تعود ثانية حتى تعقبها أخرى غيرها] .
20 - وإن المؤمنين يبيء [من البواء وهو المساواة] بعضهم عن بعض بما نال دماءهم في سبيل الله .
21 - وإن المؤمنين المتقين على أحسن هدي وأقومه .
22 - وإنه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا ، ولا يحول دونه على مؤمن .
23 - وإنه من اعتبط [اعتبطه : أي قتله بلا جناية توجب القتل] مؤمنا قتلا عن بينة ، فإنه قود به ، إلا أن يرضى ولي المقتول ، وإن المؤمنين عليه كافة ، ولا يحل لهم إلا قيام عليه .
24 - وإنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة ، وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثا ، أو يؤويه ، وأن من نصره فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة ولا يؤخذ منه عدل ولا صرف .
25 - وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله عز وجل والى محمد صلى الله عليه وسلم .
26 - وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين .
27 - وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين ، لليهود دينهم ، وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم ، إلا من ظلم وأثم ، فإنه لا يوتغ [يوتغ : يهلك] ، إلا نفسه وأهل بيته .
28 - وإن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف .
29 - وإن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف .
30 - وإن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف .
31 - وإن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف .
32 - وإن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف .
33 - وإن ليهود بني ثغلبة مثل ما ليهود بني عوف ، إلا من ظلم وأثم ، فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته .
34 - وإن جفنة بطن من ثعلبه كأنفسهم .
35 - وإن لبني الشطبية مثل ما ليهود بني عوف .
36 - وإن البر دون الإثم .
37 - وإن موالي ثعلبة كأنفسهم .
38 - وإن بطانة يهود كأنفسهم .
39 - وإنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد صلى الله عليه وسلم .
40 - وإنه لا ينحجز على ثار جرح [الحجز : المنع] .
41 - وإنه من فتك فبنفسه فتك ، وأهل بيته ، إلا من ظلم .
42 - وإن الله على أبر هذا [علي أبر هذا : أي علي الرضا به] .
43 - وإن على اليهود نفقتهم ، وعلى المسلمين نفقتهم .
44 - وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة .
45 - وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم .
46 - وإنه لا يأثم امرؤ بحليفه ، وإن النصر للمظلوم .
4 - وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة .
48 - وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم .
49 - وإنه لاتجار حرمة [أي لا تعطى ذمة ولا عهد] إلا بإذن أهلها.
50 - وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده ، فإن مرده إلى الله عز وجل ، وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
51 - وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره .
52 - وإنه لا تجار قريش [أي لا تعطى عهدا ولا ذمة] ولا من نصرها .
53 - وإن بينهم النصر على من دهم يثرب وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه ، فإنهم يصالحونه ويلبسونه .
54 - وإنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإن لهم على المؤمنين - إلا من حارب في الدين - على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم .
55 - وإن يهود الأوس ، مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة .
56 - وإن البر دون الإثم ، لا يكسب كاسب إلا على نفسه .
57 - وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره .
58 - وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم وأنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة ، إلا من ظلم أو أثم
59 - وإن الله جار لمن بر واتقى ، ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم). مصدر الوثيقة ابن إسحاق في السيرة، وعنه نقله: ابن هشام في السيرة 1/503، وابن سيد الناس في عيون الأثر 1/262 وغيرهما.
ثالثا: أهم ما احتوته الوثيقة من أمور دستورية : احتوت هذه الوثيقة على عدة أحكام دستورية أهمها:
1 - الإعلان عن قيام الدولة الإسلامية ، وأن شعبها يتكون من : مهاجري مكة وأنصار المدينة ، مضافا إليهم كل من أبدى استعدادا للتبعية لهذه الوحدة ، وخضع لقيادة دولتها من الأقليات الأخرى القاطنة المدينة كما في الفقرة (1)، والفقرة (2) .
2 - نصت الوثيقة على مبدأ الانضمام إلى المعاهدة بعد توقيعها ، وهو مبدأ دستوري مهم ، ومازال العمل يجري به إلى يومنا هذا ، ولعلها أول وثيقة في التاريخ تقر هذا المبدأ كما في الفقرة (1) والفقرة (17) .
3 - نصت الوثيقة على مواد في التكافل الاجتماعي بين أفراد الدولة ، كما في الفقرات من (3) إلى (13) .
4 - نصت الوثيقة على إقامة العدل ، وتنظيم القضاء ، ونقله من الأفراد والعشيرة إلى الدولة دون محاباة ، ودون السماح لأحد بالتدخل وتعطيل القانون ، كما في الفقرة (14) .
5 - قررت الوثيقة مبدأ شخصية العقاب كما في الفقرة (46) والفقرة (56) .
6 - أوردت الوثيقة نصوصا في بيان مركز الأقليات الدينية ، كما في الفقرات (71) ، (26) ، (27) ، (43) ، (44) ، (53) .
7 - أوردت الوثيقة نصوصا في بيان الحقوق ، كحق الحياة ، كما في الفقرة (23) ، وحق الملكية ، كما في الفقرة (58) وحق الأمن والمسكن ، والتنقل ، كما في الفقرتين (47) ، (58)
8 - أوردت الوثيقة نصوصا في بيان الحريات والحقوق كحق احترام عقيدة الآخرين ، وعدم الإكراه في الدين ، كما في الفقرة (27) ، وبالتناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كما في الفقرة (45) .
9 - حددت الوثيقة أساس المواطنة في الدولة الناشئة ، وهو الإسلام ، فأحلت الرابطة الدينية بدلا من الرابطة القبلية ، حيث نصت الفقرة(2) ، من الوثيقة على أن المسلمين أمة من دون الناس ، وليس معنى ذلك حصر المواطنة في المسلمين وحدهم ، بل نصت الوثيقة على اعتبار اليهود المقيمين في المدينة من مواطني الدولة ، وأوضحت حقوقه وواجباتهم ، كما في الفقرات من (27) إلى (41) .
10 - عينت الوثيقة أن المرجع عند الاختلاف رئيس الدولة ، كمما في الفقرة (25) ، والفقرة (39) والفقرة (50) بمعنى أن الوثيقة حددت سلطة تفسير النصوص .
11 - قررت الوثيقة مبدأ المساواة كما في الفقرات (16) ، (18) ، (20) ، (53) ، (54) ، فالناس سواء في الحقوق والواجبات .
12 - نصت الوثيقة على عدم جواز إبرام الصلح المنفرد مع أعداء الأمة ، كما في الفقرة رقم (18) .
13 - نصت الوثيقة على مبادئ غير سياسية أو غير دستورية أصلا ، وذلك لإعطائها أهمية ومكانة ، ولإلزام أطراف هذه الوثيقة بالنزول على حكمها ، وذلك لإعطائها سمو ومكانة ليست لأحكام القانون العادي ، ولمنحها شيئا من الثبات ، وذلك لأهميتها حين وضع الوثيقة ، كما في الفقرات (23) ، (24) ، (46) ، (26) ، فهذا أمر متعارف عليه حاليا في الدساتير الحديثة .
14 - أبقت الوثيقة على بعض الأعراف القديمة ، التي كان العرب متعارفين عليها قبل الإسلام كما في الفقرات (3) وما بعدها فنشؤ الدولة الإسلامية لم يؤد إلى الإلغاء لوظائف القبيلة الاجتماعية ، ذلك أنها لم تكن شرا كلها. والحقيقة أن هذه الوثيقة جاءت واضحة في نصوصها على غير مثال سبقها ، وشملت نصوصها أغلب ما احتاجته الدولة الناشئة في تنظيم شؤونها السياسية ، وتتضح دقة صياغة هذه الوثيقة ، من خلال النظر في نصوص المعاهدات الدولية ، والدساتير في العصر الحديث ، وما تثيره نصوصها من خلاف في المعنى والتطبيق.
الوثيقة الثانية: خطبة أبي بكر بعد بيعته
".. ثم تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، أيها الناس، فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني. الصدق أمانة والكذب خيانة. والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع إليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله.
لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء.
أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم...
الوثيقة الثالثة: رسالة عمر بت الخطاب لأبي موسى الأشعري
[هذه الرسالة أدرجناها ضمن الوثائق الدستورية وإن لم تكن لها صبغة تأسيسية، لأهميتها في إفادة تأسس النظام الإسلامي على القانون واحترام القضاء وتنظيمه]
(كتب عمر بن الخطاب الى أبي موسى الأشعري أما بعد فان القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، وآس بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك، حتى لا ييأس الضعيف من عدلك، ولا يطمع الشريف في حيفك. البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا. لا يمنعك قضاء قضيته، راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك: أن تراجع الحق، فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل. الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنة. اعرف الأشباه والأمثال، ثم قس الأمور عند ذلك، فاعمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى. اجعل للمدعي أمدا ينتهي إليه، فإن أحضر بينة أخذ بحقه، وإلا وجهت القضاء عليه، فإن ذلك أجلى للعمى وأبلغ في العذر. المسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا محدودا في حد، أو مجربا في شهادة زور، أو ظنينا في ولاء أو قرابة. إن الله تعالى تولى منكم السرائر، ودرأ عنكم بالبينات. ثم إياك والقلق والضجر والتأذي بالناس والتنكر للخصوم في مواطن الحق، الذي يوجب الله بها الأجر ويحسن بها الذخر، فإنه من يصلح نيته فيما بينه وبين الله تعالى -ولو على نفسه- يكفه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين للناس بما يعلم الله منه ذلك يشنه الله، فما ظنك بثواب الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته، والسلام عليك). المرجع نصب الراية للزيلعي 4/ 81


ثانيا :- نصوص الدستور الاسلامي
:- أحكام عامّة
- المادة 1 - العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة، بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو محاسبتها أو كل ما يتعلق بها، إلا بجعل العقيدة الإسلامية أساساً له. وهي في الوقت نفسه أساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث لا يُسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما إلا إذا كان منبثقاً عن العقيدة الإسلامية.
- المادة 2 - دار الإسلام هي البلاد التي تطبق فيها أحكام الإسلام، ويكون أمانها بأمان الإسلام، ودار الكفر هي التي تطبق أنظمة الكفر، أو يكون أمانها بغير أمان الإسلام.
- المادة 3 - يتبنّى الخليفة أحكاماً شرعية معينة يسنها دستوراً وقوانين، وإذا تبنى حكماً شرعياً في ذلك، صار هذا الحكم وحده هو الحكم الشرعي الواجب العمل به، وأصبح حينئذ قانوناً نافذاً وجبت طاعته على كل فرد من الرعية ظاهراً وباطناً.
- المادة 4 - لا يتبنّى الخليفة أي حكم شرعي معين في العبادات ما عدا الزكاة والجهاد، ولا يتبنّى أي فكر من الأفكار المتعلقة بالعقيدة الإسلامية.
- المادة 5 - جميع الذين يحملون التابعية الإسلامية يتمتعون بالحقوق والواجبات الشرعية.
- المادة 6- لا يجوز للدولة أن يكون لديها أي تمييز بين أفراد الرعية في ناحية الحكم أو القضاء أو رعاية الشؤون أو ما شاكل ذلك، بل يجب أن تنظر للجميع نظرة واحدة بغض النظر عن العنصر أو الدين أو اللون أو غير ذلك.
- المادة 7 - تنفذ الدولة الشرع الإسلامي على جميع الذين يحملون التابعية الإسلامية سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين على الوجه التالي:
- أ - تنفذ على المسلمين جميع أحكام الإسلام دون أي استثناء.
- ب - يُترك غير المسلمين وما يعتقدون وما يعبدون ضمن النظام العام.
- ج - المرتدون عن الإسلام يطبق عليهم حكم المرتد إن كانوا هم المرتدين، أما إذا كانوا أولاد مرتدين وولدوا غير مسلمين فيعاملون معاملة غير المسلمين حسب وضعهم الذي هم عليه من كونهم، مشركين أو أهل كتاب.
- د - يعامل غير المسلمين في أمور المطعومات والملبوسات حسب أديانهم ضمن ما تجيزه الأحكام الشرعية.
- هـ - تفصل أمور الزواج والطلاق بين غير المسلمين حسب أديانهم، وتفصل بينهم وبين المسلمين حسب أحكام الإسلام.
- و - تنفذ الدولة باقي الأحكام الشرعية وسائر أمور الشريعة الإسلامية من معاملات وعقوبات وبينات ونظم حكم واقتصاد وغير ذلك على الجميع ويكون تنفيذها على المسلمين وعلى غير المسلمين على السواء، وتنفذ كذلك على المعاهدين والمستأمنين وكل من هو تحت سلطان الإسلام كما تنفذ على أفراد الرعية إلا السفراء والقناصل والرسل ومن شاكلهم. فإن لهم الحصانة الدبلوماسية.
- المادة 8 - اللغة العربية هي وحدها لغة الإسلام وهي وحدها اللغة التي تستعملها الدولة.
- المادة 9 - الاجتهاد فرض كفاية، ولكل مسلم الحق بالاجتهاد إذا توفرت فيه شروطه.
- المادة 10 - جميع المسلمين يحملون مسؤولية الإسلام، فلا رجال دين في الإسلام، وعلى الدولة أن تمنع كل ما يشعر بوجودهم من المسلمين.
- المادة 11 - حمل الدعوة الإسلامية هو العمل الأصلي للدولة.
- المادة 12 - الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس هي وحدها الأدلة المعتبرة للأحكام الشرعية.
- المادة 13 - الأصل براءة الذمة، ولا يعاقب أحد إلا بحكم محكمة، ولا يجوز تعذيب أحد مطلقاً، وكل من يفعل ذلك يعاقب.
- المادة 14 - الأصل في الأفعال التقيد بالحكم الشرعي فلا يقام بفعل إلا بعد معرفة حكمه، والأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل التحريم.
- المادة 15 - الوسيلة إلى الحرام محرمة إذا غلب على الظن أنها توصل إلى الحرام، فإن كان يُخشى أن توصل فلا تكون حراماً.
- نظــام الحكــم
- المادة 16 - نظام الحكم هو نظام وحدة وليس نظاماً اتحادياً.
- المادة 17 - يكون الحكم مركزياً والإدارة لا مركزية.
- المادة 18 - الحكام أربعة هم: الخليفة، ومعاون التفويض، والوالي، والعامل. ومن عداهم لا يعتبرون حكاماً، وإنما هم موظفون.
- المادة 19 - لا يجوز أن يتولى الحكم أو أي عمل يعتبر من الحكم إلا رجل حرّ، بالغ، عاقل، عدل، قادر من أهل الكفاية، ولا يجوز أن يكون إلا مسلماً.
- المادة 20 - محاسبة الحكام من قبل المسلمين حق من حقوقهم وفرض كفاية عليهم. ولغير المسلمين من أفراد الرعية الحق في إظهار الشكوى من ظلم الحاكم لهم، أو إساءة تطبيق أحكام الإسلام عليهم.
- المادة 21 - للمسلمين الحق في إقامة أحزاب سياسية لمحاسبة الحكام، أو الوصول للحكم عن طريق الأمة على شرط أن يكون أساسها العقيدة الإسلامية، وأن تكون الأحكام التي تتبناها أحكاماً شرعية. ولا يحتاج إنشاء الحزب لأي ترخيص ويمنع أي تكتل يقوم على غير أساس الإسلام.
- المادة 22 - يقوم نظام الحكم على أربع قواعد هي:
- 1 - السيادة للشرع لا للشعب.
- 2 - السلطان للأمة.
- 3 - نصب خليفة واحد فرض على المسلمين.
- 4 - للخليفة وحده حق تبني الأحكام الشرعية فهو الذي يسن الدستور وسائر القوانين.
- المادة 23 - تقوم الدولة على ثمانية أجهزة وهي:
- 1 - الخليفة.
- 2 - معاون التفويض.
- 3 - معاون التنفيذ.
- 4 - أمير الجهاد.
- 5 - الولاة.
- 6 - القضاء.
- 7 - مصالح الدولة.
- 8 - مجلس الأمة.
- الخليـفــة
- المادة 24 - الخليفة هو الذي ينوب عن الأمة في السلطان وفي تنفيذ الشرع.
- المادة 25 - الخلافة عقد مراضاة واختيار، فلا يجبر أحد على قبولها، ولا يجبر أحد على اختيار من يتولاها.
- المادة 26 - لكل مسلم بالغ عاقل رجلاً كان أو امرأة الحق في انتخاب الخليفة وفي بيعته، ولا حق لغير المسلمين في ذلك.
- المادة 27 - إذا تم عقد الخلافة لواحد بمبايعة من يتم انعقاد البيعة بهم تكون حينئذ بيعة الباقين بيعة طاعة لا بيعة انعقاد فيجبر عليها كل من يلمح فيه إمكانية التمرد وشقّ عصا المسلمين.
- المادة 28 - لا يكون أحد خليفة إلا إذا ولاه المسلمون. ولا يملك أحد صلاحيات الخلافة إلا إذا تم عقدها له على الوجه الشرعي كأي عقد من العقود في الإسلام.
- المادة 29 - يشترط في القطر أو البلاد التي تبايع الخليفة بيعة انعقاد أن يكون سلطانها ذاتياً يستند إلى المسلمين وحدهم لا إلى أية دولة كافرة، وأن يكون أمان المسلمين في ذلك القطر داخلياً وخارجياً بأمان الإسلام لا بأمان الكفر. أما بيعة الطاعة فحسب من البلاد الأخرى فلا يشترط فيها ذلك.
- المادة 30 - لا يشترط فيمن يُبايَع للخلافة إلاّ أن يكون مستكملاً شروط الانعقاد ليس غير، وإن لم يكن مستوفياً شروط الأفضلية، لأن العبرة بشروط الانعقاد.
- المادة 31 - يشترط في الخليفة حتى تنعقد له الخلافة سبعة شروط وهي أن يكون رجلاً مسلماً حراً بالغاً، عاقلاً، عدلاً، قادراً من أهل الكفاية.
- المادة 32 - إذا خلا منصب الخلافة بموت الخليفة أو اعتزاله، أو عزله، يجب نصب خليفة مكانه خلال ثلاثة أيام بلياليها من تاريخ خلو منصب الخلافة.
- المادة 33 - طريقة نصب الخليفة هي:
- أ - يُجري الأعضاء المسلمون في مجلس الأمة حصر المرشحين لهذا المنصب وتعلن أسماؤهم ثم يطلب من المسلمين انتخاب واحد منهم.
- ب - تعلن نتيجة الانتخاب ويعرف المسلمون من نال أكثر أصوات المنتخبين.
- ج - يبادر المسلمون بمبايعة من نال أكثر الأصوات خليفة للمسلمين على العمل بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- د - بعد تمام البيعة يعلن من أصبح خليفة للمسلمين للملأ حتى يبلغ خبر نصبه الأمة كافة، مع ذكر اسمه وكونه يحوز الصفات التي تجعله أهلاً لانعقاد الخلافة له.
- المادة 34 - الأمة هي التي تنصب الخليفة ولكنها لا تملك عزله متى تم انعقاد بيعته على الوجه الشرعي.
- المادة 35 - الخليفة هو الدولة، فهو يملك جميع الصلاحيات التي تكون للدولة، فيملك الصلاحيات التالية:
- أ - هو الذي يجعل الأحكام الشرعية حين يتبناها نافذة فتصبح حينئذ قوانين تجب طاعتها، ولا تجوز مخالفتها.
- ب - هو المسؤول عن سياسة الدولة الداخلية والخارجية معاً، وهو الذي يتولى قيادة الجيش، وله حق إعلان الحرب، وعقد الصلح والهدنة وسائر المعاهدات.
- ج - هو الذي له قبول السفراء الأجانب ورفضهم، وتعيين السفراء المسلمين وعزلهم.
- د - هو الذي يعين ويعزل المعاونين والولاة، وهم جميعاً مسؤولون أمامه كما أنهم مسؤولون أمام مجلس الأمة.
- هـ - هو الذي يعين ويعزل قاضي القضاة، ومديري الدوائر، وقواد الجيش، وأمراء ألويته، وهم جميعاً مسؤولون أمامه وليسوا مسؤولين أمام مجلس الأمة.
- و - هو الذي يتبنّى الأحكام الشرعية التي توضع بموجبها ميزانية الدولة، وهو الذي يقرر فصول الميزانية والمبالغ التي تلزم لكل جهة سواء أكان ذلك متعلقاً بالواردات أم بالنفقات.
- المادة 36 - الخليفة مقيد في التبني بالأحكام الشرعية فيحرم عليه أن يتبنى حكماً لم يستنبط استنباطاً صحيحاً من الأدلة الشرعية، وهو مقيد بما تبناه من أحكام، وبما التزمه من طريقة استنباط، فلا يجوز له أن يتبنّى حكماً استنبط حسب طريقة تناقض الطريقة التي تبناها، ولا أن يعطي أمراً يناقض الأحكام التي تبناها.
- المادة 37 - للخليفة مطلق الصلاحية في رعاية شؤون الرعية حسب رأيه واجتهاده. فله أن يتبنّى من المباحات كل ما يحتاج إليه لتسيير شؤون الدولة، ورعاية شؤون الرعية، ولا يجوز له أن يخالف أي حكم شرعي بحجة المصلحة، فلا يمنع الأسرة الواحدة من إنجاب أكثر من ولد واحد بحجة قلة المواد الغذائية مثلاً، ولا يسعّر على الناس بحجة منع الاستغلال مثلاً، ولا يعيّن كافراً أو امرأة والياً بحجة رعاية الشؤون أو المصلحة، ولا غير ذلك مما يخالف أحكام الشرع، فلا يجوز أن يحرّم حلالاً ولا أن يحل حراماً.
- المادة 38 - ليس للخليفة مدة محدودة، فما دام الخليفة محافظاً على الشرع منفذاً لأحكامه، قادراً على القيام بشؤون الدولة، يبقى خليفة ما لم تتغير حاله تغيراً يخرجه عن كونه خليفة، فإذا تغيرت حاله هذا التغيّر وجب عزله في الحال.
- المادة 39 - الأمور التي يتغير بها حال الخليفة فيخرج بها عن الخلافة ثلاثة أمور هي:
- أ - إذا اختل شرط من شروط انعقاد الخلافة كأن ارتد، أو فسق فسقاً ظاهراً، أو جن، أو ما شاكل ذلك. لأن هذه الشروط شروط انعقاد، وشروط استمرار.
- ب - العجز عن القيام بأعباء الخلافة لأي سبب من الأسباب.
- ج - القهر الذي يجعله عاجزاً عن التصرف بمصالح المسلمين برأيه وَفْقَ الشرع. فإذا قهره قاهر إلى حد أصبح فيه عاجزاً عن رعاية مصالح الرعية برأيه وحده حسب أحكام الشرع يعتبر عاجزاً حكماً عن القيام بأعباء الدولة فيخرج بذلك عن كونه خليفة. وهذا يتصور في حالتين:
- الحالة الأولى: أن يتسلط عليه فرد واحد أو عدة أفراد من حاشيته فيستبدون بتنفيذ الأمور. فإن كان مأمول الخلاص من تسلطهم ينذر مدة معينة، ثم إنْ لم يرفع تسلطهم يخلع. وإن لم يكن مأمول الخلاص يخلع في الحال.
- الحالة الثانية: أن يصير مأسوراً في يد عدو قاهر، إمّا بأسره بالفعل أو بوقوعه تحت تسلط عدوه، وفي هذه الحال ينظر فإن كان مأمول الخلاص يمهل حتى يقع اليأس من خلاصه، فإن يئس من خلاصه يخلع، وإن لم يكن مأمول الخلاص يخلع في الحال.
- المادة 40 - محكمة المظالم وحدها هي التي تقرر ما إذا كانت قد تغيرت حال الخليفة تغيراً يخرجه عن الخلافة أم لا، وهي وحدها التي لها صلاحية عزله أو إنذاره.
- معـاون التفويـض
- المادة 41 - يعين الخليفة معاون تفويض له يتحمل مسؤولية الحكم، فيفوض إليه تدبير الأمور برأيه وإمضاءها على اجتهاده.
- المادة 42 - يشترط في معاون التفويض ما يشترط في الخليفة، أي أن يكون رجلاً حراً، مسلماً، بالغاً، عاقلاً، عدلاً، قادراً من أهل الكفاية فيما وكل إليه من أعمال.
- المادة 43 - يشترط في تقليد معاون التفويض أن يشتمل تقليده على أمرين أحدهما عموم النظر، والثاني النيابة. ولذلك يجب أن يقول له الخليفة قلدتك ما هو إليّ نيابة عني، أو ما في هذا المعنى من الألفاظ التي تشتمل على عموم النظر والنيابة. فإن لم يكن التقليد على هذا الوجه لا يكون معاوناً، ولا يملك صلاحيات معاون التفويض إلا إذا كان تقليده على هذا الوجه.
- المادة 44 - على معاون التفويض أن يطالع الخليفة بما أمضاه من تدبير، وأنفذه من ولاية وتقليد، حتى لا يصير في صلاحياته كالخليفة وعليه أن يرفع مطالعته، وأن ينفذ ما يؤمر بتنفيذه.
- المادة 45 - يجب على الخليفة أن يتصفح أعمال معاون التفويض وتدبيره للأمور، ليقر منها الموافق للصواب، ويستدرك الخطأ. لأن تدبير شؤون الأمة موكول للخليفة ومحمول على اجتهاده هو.
- المادة 46 - إذا دبر معاون التفويض أمراً وأقره الخليفة فإن عليه أن ينفذه كما أقره الخليفة ليس بزيادة ولا نقصان. فإن عاد الخليفة وعارض المعاون في رد ما أمضاه ينظر، فإن كان في حكم نفذه على وجهه، أو مال وضعه في حقه، فرأي المعاون هو النافذ، لأنه بالأصل رأي الخليفة وليس للخليفة أن يستدرك ما نفذ من أحكام، وأنفق من أموال. وإن كان ما أمضاه المعاون في غير ذلك مثل تقليد والٍ أو تجهيز جيش جاز للخليفة معارضة المعاون وينفذ رأي الخليفة، ويلغى عمل المعاون، لأن للخليفة الحق في أن يستدرك ذلك من فعل نفسه فله أن يستدركه من فعل معاونه.
- المادة 47 - لا يخصص معاون التفويض بدائرة من الدوائر أو بقسم خاص من الأعمال لأن ولايته عامة وكذلك لا يباشر الأمور الإدارية، ويكون إشرافه عاماً على الجهاز الإداري.
أميـر الجهـاد
المادة 51 - تتألف دائرة أمير الجهاد من أربع دوائر هي: الخارجية، والحربية، والأمن الداخلي، والصناعة، ويشرف عليها ويديرها أمير الجهاد.
المادة 52 - تتولى دائرة الخارجية الشؤون الخارجية التي تتعلق بعلاقة الدولة بالدول الأجنبية مهما كانت هذه الشؤون.
المادة 53 - تتولى دائرة الحربية جميع الشؤون المتعلقة بالقوات المسلحة من جيش وشرطة ومعدات ومهمات وعتاد وما شاكل ذلك. ومن كليات عسكرية، وبعثات عسكرية، وكل ما يلزم من الثقافة الإسلامية، والثقافة العامة للجيش، وكل ما يتعلق بالحرب والإعداد لها.
المادة 54 - دائرة الأمن الداخلي هي الدائرة التي تتولى إدارة كل ما له مساس بالأمن وتتولى حفظ الأمن في البلاد بوساطة القوات المسلحة وتتخذ الشرطة الوسيلة الرئيسية لحفظ الأمن.
المادة 55 - دائرة الصناعة هي الدائرة التي تتولى جميع الشؤون المتعلقة بالصناعة سواء أكانت صناعة ثقيلة كصناعة المحركات والآلات، وصناعة هياكل المركبات، وصناعة المواد والصناعات الإلكترونية. أم كانت صناعة خفيفة، وسواء أكانت المصانع هي من نوع الملكية العامة أم من المصانع التي تدخل في الملكية الفردية ولها علاقة بالصناعة الحربية، والمصانع بأنواعها يجب أن تقام على أساس السياسة الحربية.
- الجيــش
- المادة 56 - الجهاد فرض على المسلمين، والتدريب على الجندية إجباري فكل رجل مسلم يبلغ الخامسة عشرة من عمره فرض عليه أن يتدرب على الجندية استعداداً للجهاد، وأما التجنيد فهو فرض على الكفاية.
- المادة 57 - الجيش قسمان قسم احتياطي، وهم جميع القادرين على حمل السلاح من المسلمين. وقسم دائم في الجندية تخصص لهم رواتب في ميزانية الدولة كالموظفين.
- المادة 58 - القوى المسلحة قوة واحدة هي الجيش، وتختار منها فرق خاصة تنظم تنظيماً خاصاً وتعطى ثقافة معينة هي الشرطة.
- المادة 59 - يعهد إلى الشرطة بحفظ النظام، والإشراف على الأمن الداخلي والقيام بجميع النواحي التنفيذية.
- المادة 60 - تجعل للجيش ألوية ورايات والخليفة هو الذي يعقد اللواء لمن يوليه على الجيش، أما الرايات فيقدمها رؤساء الألوية.
- المادة 61 - الخليفة هو قائد الجيش، وهو الذي يعين رئيس الأركان، وهو الذي يعين لكل لواء أميراً ولكل فرقة قائداً. أما باقي رتب الجيش فيعينهم قواده وأمراء ألويته. وأما تعيين الشخص في الأركان فيكون حسب درجة ثقافته الحربية ويعينه رئيس الأركان.
- المادة 62 - يجعل الجيش كله جيشاً واحداً يوضع في معسكرات خاصة، إلا أنه يجب أن توضع بعض هذه المعسكرات في مختلف الولايات. وبعضها في الأمكنة الاستراتيجية، ويجعل بعضها معسكرات متنقلة تنقلاً دائمياً، تكون قوات ضاربة. وتنظم هذه المعسكرات في مجموعات متعددة يطلق على كل مجموعة منها اسم جيش ويوضع لها رقم فيقال الجيش الأول، الجيش الثالث مثلاً، أو تسمى باسم ولاية من الولايات أو عمالة من العمالات.
- المادة 63 - يجب أن يوفر للجيش التعليم العسكري العالي على أرفع مستوى، وأن يرفع المستوى الفكري لديه بقدر المستطاع، وأن يثقف كل شخص في الجيش ثقافة إسلامية تمكنه من الوعي على الإسلام ولو بشكل إجمالي.
- المادة 64 - يجب أن يكون في كل معسكر عدد كاف من الأركان الذين لديهم المعرفة العسكرية العالية والخبرة في رسم الخطط وتوجيه المعارك. وأن يوفر في الجيش بشكل عام هؤلاء الأركان بأوفر عدد مستطاع.
- المادة 65 - يجب أن تتوفر لدى الجيش الأسلحة والمعدات والتجهيزات واللوازم والمهمات التي تمكنه من القيام بمهمته بوصفه جيشاً إسلامياً.
- القضــاء
- المادة 66 - القضاء هو الإخبار بالحكم على سبيل الإلزام، وهو يفصل الخصومات بين الناس، أو يمنع ما يضر حق الجماعة، أو يرفع النزاع الواقع بين الناس وأي شخص ممن هو في جهاز الحكم، حكاماً أو موظفين، خليفة أو من دونه.
- المادة 67 - يعين الخليفة قاضياً للقضاة من الرجال البالغين الأحرار المسلمين العقلاء العدول من أهل الفقه، وتكون له صلاحية تعيين القضاة وتأديبهم وعزلهم ضمن الأنظمة الإدارية، أما باقي موظفي المحاكم فمربوطون بمدير الدائرة التي تتولى إدارة شؤون المحاكم.
- المادة 68 - القضاة ثلاثة: أحدهم القاضي، وهو الذي يتولى الفصل في الخصومات ما بين الناس في المعاملات والعقوبات. والثاني المحتسب، وهو الذي يتولى الفصل في المخالفات التي تضر حق الجماعة. والثالث قاضي المظالم، وهو الذي يتولى رفع النزاع الواقع بين الناس والدولة.
- المادة 69 - يشترط فيمن يتولى القضاء أن يكون مسلماً، حراً، بالغاً، عاقلاً، عدلاً، فقيهاً، مدركاً لتنزيل الأحكام على الوقائع. ويشترط فيمن يتولى قضاء المظالم زيادة على هذه الشروط أن يكون رجلاً وأن يكون مجتهداً.
- المادة 70 - يجوز أن يُقَلَّدَ القاضي والمحتسب تقليداً عاماً في القضاء بجميع القضايا في جميع البلاد، ويجوز أن يُقَلَّدَ تقليداً خاصاً بالمكان وبأنواع القضاء أما قاضي المظالم فلا يُقَلَّدُ إلا تقليداً عاماً من حيث القضاء، أما من حيث المكان فيجوز أن يُقَلَّدَ في جميع أنحاء البلاد، ويجوز أن يُقَلَّدَ في ناحية من النواحي.
- المادة 71 - لا يجوز أن تتألف المحكمة إلا من قاضٍ واحد له صلاحية الفصل في القضاء، ويجوز أن يكون معه قاضٍ آخر أو أكثر، ولكن ليست لهم صلاحية الحكم وإنما لهم صلاحية الاستشارة وإعطاء الرأي، ورأيهم غير ملزم له.
- المادة 72 - لا يجوز أن يقضي القاضي إلا في مجلس قضاء، ولا تُعتَبر البينة واليمين إلا في مجلس القضاء.
- المادة 73 - يجوز أن تتعدد درجات المحاكم بالنسبة لأنواع القضايا، فيجوز أن يُخَصَّصَ بعض القضاة بأقضية معينة إلى حد معين، وأن يوكل أمر غير هذه القضايا إلى محاكم أخرى.
- المادة 74 - لا توجد محاكم استئناف، ولا محاكم تمييز، فالقضاء من حيث البت في القضية درجة واحدة، فإذا نطق القاضي بالحكم فحكمه نافذ، ولا ينقضه حكم قاضٍ آخر مطلقاً إلاّ إذا حكم بغير الإسلام، أو خالف نصاً قطعياً في الكتاب أو السنة أو إجماع الصحابة، أو تبين أنه حكم حكماً مخالفاً لحقيقة الواقع.
- المادة 75 - المحتسب هو القاضي الذي ينظر في كافة القضايا التي هي حقوق عامة لا يوجد فيها مدع، على أن لا تكون داخلة في الحدود والجنايات.
- المادة 76 - يملك المحتسب الحكم في المخالفة فور العلم بها في أي مكان دون حاجة لمجلس قضاء، ويُجعل تحت يده عدد من الشرطة لتنفيذ أوامره، وينفذ حكمه في الحال.
- المادة 77 - للمحتسب الحق في أن يختار نواباً عنه تتوفر فيهم شروط المحتسب، يوزعهم في الجهات المختلفة، وتكون لهؤلاء النواب صلاحية القيام بوظيفة الحسبة في المنطقة أو المحلة التي عينت لهم في القضايا التي فوضوا فيها.
- المادة 78 - قاضي المظالم هو قاض ينصب لرفع كل مَظْلِمَة تحصل من الدولة على أي شخص يعيش تحت سلطان الدولة، سواء أكان من رعاياها أم من غيرهم، وسواء حصلت هذه المظلمة من الخليفة أو ممن هو دونه من الحكام والموظفين.
- المادة 79- يُعيَّن قاضي المظالم من قِبَل الخليفة، أو من قبل قاضي القضاة، أما محاسبته وتأديبه وعزله فيكون من قبل الخليفة أو من قبل محكمة المظالم أو قاضي القضاة إذا أعطاهما الخليفة صلاحية ذلك. إلاّ أنه لا يصح عزله أثناء قيامه بالنظر في مظلِمة على الخليفة، أو معاون التفويض، أو قاضي القضاة.
- المادة 80 - لا يحصر قاضي المظالم بشخص واحد أو أكثر بل لرئيس الدولة أن يعين عدداً من قضاة المظالم حسب ما يحتاج رفع المظالم مهما بلغ عددهم. ولكن عند مباشرة القضاء لا تكون صلاحية الحكم إلا لقاضٍ واحد ليس غير، ويجوز أن يجلس معه عدد من قضاة المظالم أثناء جلسة القضاء، ولكن تكون لهم صلاحية الاستشارة ليس غير. وهو غير ملزم بالأخذ برأيهم.
- المادة 81 - لمحكمة المظالم حق عزل أي حاكم أو موظف في الدولة، كما لها حق عزل الخليفة.
- المادة 82 - تملك محكمة المظالم صلاحية النظر في أية مظلمة من المظالم سواء أكانت متعلقة بأشخاص من جهاز الدولة، أم متعلقة بمخالفة الخليفة لأحكام الشرع، أم متعلقة بمعنى نص من نصوص التشريع في الدستور والقانون وسائر الأحكام الشرعية ضمن تبني رئيس الدولة، أم متعلقة بفرض ضريبة من الضرائب، أم غير ذلك.
- المادة 83 - لا يشترط في قضاء المظالم مجلس قضاء، ولا دعوة المدعى عليه، ولا وجود مدعٍ، بل لها حق النظر في المظلمة ولو لم يدع بها أحد.
- المادة 84 - لكل إنسان الحق في أن يوكل عنه في الخصومة وفي الدفاع من يشاء سواء أكان مسلماً أم غير مسلم رجلاً كان أو امرأة. ولا فرق في ذلك بين الوكيل والموكِّل. ويجوز للوكيل أن يوكَّل بأجر ويستحق الأجرة على الموكِّل حسب تراضيهما.
- المادة 85 - يجوز للشخص الذي يملك صلاحيات في أي عمل من الأعمال الخاصة كالوصي والولي، أو الأعمال العامة كالخليفة والحاكم والموظف، وكقاضي المظالم والمحتسب، أن يقيم مقامه في صلاحياته وكيلاً عنه في الخصومة والدفاع فقط باعتبار كونه وصياً أو ولياً أو رئيس دولة أو حاكماً أو موظفاً أو قاضي مظالم أو محتسباً. ولا فرق في ذلك بين أن يكون مدعياً أو مدعى عليه.
الـولاة
المادة 86 - تقسم البلاد التي تحكمها الدولة إلى وحدات، وتسمى كل وحدة وِلاية، وتقسم كل ولاية إلى وحدات تسمى كل وحدة منها عِمالة، ويسمى كل من يتولى الوِلاية والياً أو أميراً، ويسمى كل من يتولى العِمالة عاملاً أو حاكماً.
المادة 87 - يُعَيَّنُ الولاة من قبل الخليفة، ويُعَيَّنُ العمال من قبل الخليفة ومن قبل الولاة إذا فوض إليهم ذلك. ويشترط في الولاة والعمال ما يشترط في المعاونين فلا بد أن يكونوا رجالاً أحراراً مسلمين بالغين عقلاء عدولاً، وأن يكونوا من أهل الكفاية فيما وُكِّل إليهم من أعمال، ويُتَخَيَّرُونَ من أهل التقوى والقوة.
المادة 88 - للوالي صلاحية الحكم والإشراف على أعمال الدوائر في ولايته نيابة عن الخليفة، فله جميع الصلاحيات في ولايته عدا المالية والقضاء والجيش، فله الإمارة على أهل ولايته، والنظر في جميع ما يتعلق بها. إلا أن الشرطة توضع تحت إمارته من حيث التنفيذ لا من حيث الإدارة.
المادة 89 - لا يجب على الوالي مطالعة الخليفة بما أمضاه في عمله على مقتضى إمارته إلا على وجه الاختيار، فإذا حدث إنشاء جديد غير معهود وقفه على مطالعة الخليفة، ثم عمل بما أمر به. فإن خاف فساد الأمر بالانتظار قام بالأمر واطلع الخليفة وجوباً على الأمر وعلى سبب عدم مطالعته قبل القيام بعمله.
المادة 90 - يكون في كل ولاية مجلس منتخب من أهلها يرأسه الوالي وتكون لهذا المجلس صلاحية المشاركة في الرأي في الشؤون الإدارية لا في شؤون الحكم ورأيه غير ملزم للوالي.
المادة 91 - ينبغي أن لا تطول مدة ولاية الشخص الواحد على الولاية بل يعفى من ولايته عليها كلما رؤي له تركز في البلد، أو افتتن الناس به.
المادة 92 - لا يُنْقَلُ الوالي من ولاية إلى ولاية، لأن توليته عامة النظر محددة المكان، ولكن يُعْفَى ويولى ثانية.
المادة 93 - يُعْزَلُ الوالي إذا رأى الخليفة عزله، أو إذا أظهر مجلس الأمة عدم الرضى منه بسبب أو بدون سبب، أو إذا أظهر جمهرة أهل ولايته السخط منه. وعزله إنما يجري من قبل الخليفة.
المادة 94 - على الخليفة أن يتحرى أعمال الولاة، وأن يكون شديد المراقبة لهم، وأن يعين من ينوب عنه للكشف عن أحوالهم، والتفتيش عليهم وأن يجمعهم أو قسماً منهم بين الحين والآخر، وأن يصغي إلى شكاوى الرعية منهم.
- الجهاز الاداري
- المادة 95 - إدارة شؤون الدولة ومصالح الناس تتولاها مصالح ودوائر وإدارات، تقوم على النهوض بشؤون الدولة وقضاء مصالح الناس.
- المادة 96 - سياسة إدارة المصالح والدوائر والإدارات تقوم على البساطة في النظام والإسراع في إنجاز الأعمال، والكفاية فيمن يتولون الإدارة.
- المادة 97 - لكل من يحمل التابعية، وتتوفر فيه الكفاية رجلاً كان أو امرأة، مسلماً كان أو غير مسلم أن يُعَيَّنَ مديراً لأية مصلحة من المصالح، أو أية إدارة، وأن يكون موظفاً فيها.
- المادة 98 - يُعَيَّنُ لكل مصلحة مدير عام ولكل دائرة وإدارة مدير يتولى إدارتها، ويكون مسؤولاً عنها مباشرة، ويكون هؤلاء المديرون مسؤولين أمام من يتولى الإدارة العليا لمصالحهم، أو دوائرهم أو إداراتهم من حيث عملهم ومسؤولين أمام الوالي والعامل من حيث التقيد بالأحكام والأنظمة العامة.
- المادة 99 - المديرون في جميع المصالح والدوائر والإدارات لا يُعْزَلُونَ إلا لسبب ضمن الأنظمة الإدارية، ولكن يجوز نَ

الموضوع الأصلي : الدستور الاسلامي الكاتب : AlexaLaw المصدر : منتديات عالم القانون
التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12654998

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 34

الأوسمه :

 الدستور الاسلامي 1384c10


الأوسمة
 :


 الدستور الاسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدستور الاسلامي    الدستور الاسلامي I_icon_minitime7/10/2011, 17:32

خيارات المساهمة


- المادة 99 - المديرون في جميع المصالح والدوائر والإدارات لا يُعْزَلُونَ إلا لسبب ضمن الأنظمة الإدارية، ولكن يجوز نَقْلُهُمْ من عمل إلى آخر، ويجوز توقيفهم عن العمل، ويكون تعيينهم ونقلهم وتوقيفهم وتأديبهم وعزلهم من قبل من يتولى الإدارة العليا لمصالحهم، أو دوائرهم، أو إداراتهم.
- المادة 100 - الموظفون غير المديرين يتم تعيينهم ونقلهم وتوقيفهم وتأديبهم وعزلهم من قبل من يتولى الإدارة العليا لمصالحهم أو دوائرهم أو إداراتهم.
- مجلـس الأمـة
- المادة 101 - الأشخاص الذين يمثلون المسلمين في الرأي ليرجع إليهم الخليفة هم مجلس الأمة، ويجوز لغير المسلمين أن يكونوا في مجلس الأمة من أجل الشكوى من ظلم الحكام، أو من إساءة تطبيق أحكام الإسلام.
- المادة 102 - يُنْتَخَبُ أعضاء مجلس الأمة انتخاباً.
- المادة 103 - لكل من يحمل التابعية إذا كان بالغاً عاقلاً الحق في أن يكون عضواً في مجلس الأمة رجلاً كان أو امرأة مسلماً كان أو غير مسلم، إلا أن عضوية غير المسلم قاصرة على إظهار الشكوى من ظلم الحكام، أو من إساءة تطبيق الإسلام.
- المادة 104 - الشورى والمشورة هي أخذ الرأي مطلقاً، وهي غير ملزمة في التشريع، والتعريف، والأمور الفكرية ككشف الحقائق، وفي الأمور الفنية والعلمية، وتكون مُلْزِمَةً عند استشارة الخليفة في كل ما هو من الأمور العملية، والأعمال التي لا تحتاج إلى بحث وإنعام نظر. المادة 105 - الشورى حق للمسلمين فحسب. ولا حق لغير المسلمين في الشورى، وأما إبداء الرأي فإنه يجوز لجميع أفراد الرعية مسلمين وغير مسلمين.
- المادة 106 - المسائل التي تكون فيها الشورى ملزمةً عند استشارة الخليفة يؤخذ فيها برأي الأكثرية بغض النظر عن كونه صواباً أو خطأ. أما ما عداها مما يدخل تحت الشورى فيتحرى فيها عن الصواب بغض النظر عن الأكثرية أو الأقلية.
- المادة 107 - لمجلس الأمة صلاحيات خمس هي:
- 1 - (أ): استشارة الخليفة له وإشارته على الخليفة في الأعمال والأمور العملية مما لا تحتاج إلى بحث وإنعام نظر مثل شئون الحكم، والتعليم، والصحة، والاقتصاد، والتجارة، والصناعة، والزراعة، وأمثالها، ويكون رأيه فيها ملزماً.
- (ب): أما الأمورُ الفكريةُ التي تحتاجُ إلى بحثٍ وإنعامِ نظرٍ، والأمورُ الفنيةُ والمالية والجيش والسياسة الخارجية، فإن للخليفة أن يرجع للمجلس لاستشارته فيها والوقوف على رأيه، ورأي المجلس فيها غير ملزم.
- 2 - للخليفة أن يحيل للمجلس الأحكام والقوانين التي يريد أن يتبناها، وللمسلمين من أعضائه حق مناقشتها وبيان وجه الصواب والخطأ فيها ورأيهم في ذلك غير ملزم.
- 3 - للمجلس الحق في محاسبة الخليفة على جميع الأعمال التي تحصل بالفعل في الدولة سواء أكانت من الأمور الداخلية أم الخارجية أم المالية أم الجيش أم غيرها، ورأي المجلس ملزم فيما كان رأي الأكثرية فيه ملزماً، وغير ملزم فيما كان رأي الأكثرية فيه غير ملزم.
- وإن اختلف المجلس مع الخليفة على عمل قد تم بالفعل من الناحية الشرعية فَيُرْجَعُ فيه إلى محكمة المظالم للبتّ فيه من حيث الشرعية وعدمها، ورأي المحكمة فيه ملزم.
- 4 - للمجلس الحق في إظهار عدم الرضا من المعاونين والولاة والعمال ويكون رأيه في ذلك ملزماً، وعلى الخليفة عزلهم في الحال.
- 5 - للمسلمين من أعضائه حق حصر المرشحين للخلافة ورأيهم في ذلك ملزم، فلا يُقبل ترشيحُ غير من حَصر المجلسُ الترشيحَ فيهم.

***

- من هو الخليفة

- الخليفة هو الذي ينوب عن الأُمة في الحكم والسلطان، وفي تنفيذ أحكام الشرع. ذلك أن الإسلام قد جعل الحكم والسلطان للأُمة، تُنيب فيه من يقوم به نيابة عنها. وقد أوجب الله عليها تنفيذ أحكام الشرع جميعها. وبما أن الخليفة إنما ينصبه المسلمون، لذلك كان واقعه أنه نائب عن الأُمة في الحكم والسلطان، وفي تنفيذ أحكام الشرع. لذلك فإنه لا يكون خليفة إلا إذا بايعته الأُمة، فبيعتها له بالخـلافة جعلته نائباً عنها، وانعقاد الخـلافة له بهذه البيعة أعطاه السلطان، وأوجب على الأُمة طاعته. ولا يكون مَنْ يلي أمر المسلمين خليفة إلا إذا بايعه أهل الحل والعقد في الأُمة بيعة انعقاد شرعية، بالرضى والاختيار، وكان جامعاً لشروط انعقاد الخـلافة، وأن يبادر بعد انعقاد الخـلافة له بتطبيق أحكام الشرع. أما اللقب الذي يطلق عليه فهو لقب الخليفة، أو الإمام أو أمير المؤمنين. وقد وردت هذه الألقاب في الأحاديث الصحيحة، وإجماع الصحابة كما لُقّب بها الخلفاء الراشدون. وقد روى أبو سعيد الخدري عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا بُويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» رواه مسلم. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه فليطعه» رواه مسلم. وعن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلّون عليهم ويصلّون عليكم» رواه مسلم. وأما لقب أمير المؤمنين فإن أول من أُطلق عليه هذا اللقب هو عمر بن الخطاب. ثم استمر اطلاقه على الخلفاء من بعده زمن الصحابة ومن بعدهم، وليس واجباً أن تلتزم هذه الألقاب الثلاثة، بل يجوز إطلاق غيرها من الألقاب على من يتولى أمر المسلمين، مما يدل على مضمونها، مثل حاكم المؤمنين، أو رئيس المسلمين، أو سلطان المسلمين، أو غيرها مما لا يتناقض مع مضمونها، أما الألقاب التي لها معنى معيّن يخالف أحكام الإسلام المتعلقة بالحكم، كالملك ورئيس الجمهورية، (والإمبراطور) فإنه لا يجوز أن تطلق على من يتولى أمر المسلمين، لتناقض ما تدل عليه مع أحكام الإسلام.
- شروط الخليفة 1- شـروط الانعقـاد وهي:
- أولاً: أن يكون مسلماً. فلا تصح الخـلافة لكافر مطلقاً، ولا تجب طاعته، لأن الله تعالى يقول: { وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}. والحكم هو أقوى سبيل للحاكم على المحكوم، والتعبير بلن المفيدة للتأبيد قرينة للنهي الجازم عن أن يتولى الكافر أي حكم مطلقاً على المسلمين سواء أكان الخـلافة أم دونها. وما دام أنّ الله قد حرَّم أن يكون للكافرين على المؤمنين سبيل فإنه يحرُم على المسلمين أن يجعلوا الكافر حاكماً عليهم. وأيضاً فإن الخليفة هو وليّ الأمر، والله سبحانه وتعالى قد اشترط أن يكون وليّ أمر المسلمين مسلماً. قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } وقال: { وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ } ولم ترد في القرآن كلمة (أولي الأمر) إلا مقرونه بأن يكونوا من المسلمين فدلّ على أن وليّ الأمر يشترط فيه أن يكون مسلماً. ولما كان الخليفة هو ولي الأمر، وهو الذي يُعيّن أولي الأمر من المعاونين والولاة والعمال فإنه يشترط فيه أن يكون مسلماً.
- ثانياً: أن يكون ذكراً. فلا يجوز أن يكون الخليفة أنثى، أي لا بد أن يكون رجلاً، فلا يصح أن يكون امرأة. لما روى البخاري عن أبي بَكْرَة قال: لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الجمل، بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملّكوا عليهم بنت كسرى قال: «لن يفلح قوم ولّوْا أمرهم امرأة». فإخبار الرسول بنفي الفلاح عمن يولون أمرهم امرأة هو نهي عن توليتها، إذ هو من صيغ الطلب، وكون هذا الإخبار جاء إخباراً بالذم لمن يولون أمرهم امرأة بنفي الفلاح عنهم، فإنه يكون قرينة على النهي الجازم. فيكون النهي هنا عن تولية المرأة قد جاء مقروناً بقرينة تدل على طلب الترك طلباً جازماً، فكانت تولية المرأة حراماً. والمراد توليتها الحكم: الخـلافة وما دونها من المناصب التي تعتبر من الحكم، لأن موضوع الحديث ولاية بنت كسرى مُلكاً فهو خاص بموضوع الحكم الذي جرى عليه الحديث. وليس خاصاً بحادثة ولاية بنت كسرى وحدها، كما أنه ليس عاماً في كل شيء، فلا يشمل غير موضوع الحكم، ولا بوجه من الوجوه.
- ثالثاً: أن يكون بالغاً، فلا يجوز أن يكون صبياً، لما روى أبو داود عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رُفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه حتى يبرأ». وله رواية أخرى بلفظ: «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم»، ومن رفع القلم عنه لا يصح أن يتصرف في أمره، وهو غير مكلف شرعاً، فلا يصح أن يكون خليفة، أو ما دون ذلك من الحكم، لأنه لا يملك التصرفات. والدليل أيضاً على عدم جواز كون الخليفة صبياً ما روى البخاري: «عن أبي عقيل زهرة بن معبد عن جده عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وذهبت به أمـه زينب ابنة حميد إلى رسـول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسـول الله بايعه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هو صغير فمسح رأسه ودعا له...». فإذا كانت بيعة الصبي غير معتبرة وأنه ليس عليه أن يبايع غيره خليفة فمن باب أولى أنه لا يجوز أن يكون خليفة.
- رابعاً: أن يكون عاقلاً، فلا يصح أن يكون مجنوناً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رُفع القلم عن ثلاثة»، وقال منها: «المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق». ومن رُفع عنه القلم فهو غير مكلف. ولأن العقل مناط التكليف، وشرط لصحة التصرفات. والخليفة إنما يقوم بتصرفات الحكم، وبتنفيذ التكاليف الشرعية، فلا يصح أن يكون مجنوناً، لأن المجنون لا يصح أن يتصرف في أمر نفسه، ومن باب أولى لا يصح أن يتصرف في أمور الناس.
- خامساً: أن يكون عدلاً، فلا يصح أن يكون فاسقاً. والعدالة شرط لازم لانعقاد الخـلافة ولاستمرارها. لأن الله تعالى اشترط في الشاهد أن يكون عدلاً. قال تعالى: { وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ } فمن هو أعظم من الشاهد وهو الخليفة من باب أولى أنه يلزم أن يكون عدلاً، لأنه إذا شرطت العدالة للشاهد فشرطها للخليفة من باب أولى.
- سادساً: أن يكون حراً، لأن العبد مملوك لسيده فلا يملك التصرف بنفسه. ومن باب أولى أن لا يملك التصرف بغيره فلا يملك الولاية على الناس.
- سابعاً: أن يكون قادراً من أهل الكفاية على القيام بأعباء الخـلافة لأن ذلك من مقتضى البيعة، إذ إن العاجز لا يقدر على القيام بشؤون الرعية بالكتاب والسنة اللذين بويع عليهما.
- 2- شـروط الأفـضـليـة
- هذه هي شروط انعقاد الخـلافة للخليفة، وما عدا هذه الشروط السبعة لا يصلح أيُ شرط لأن يكون شرط انعقاد، وإن كان يمكن أن يكون شرط أفضلية إذا صحت النصوص فيه، أو كان مندرجاً تحت حكم ثبت بنص صحيح. وذلك لأنه يلزم في الشرط حتى يكون شرط انعقاد أن يأتي الدليل على اشتراطه متضمناً طلباً جازماً حتى يكون قرينة على اللزوم. فإذا لم يكن الدليل متضمناً طلباً جازماً كان الشرط شرط أفضلية، لا شرط انعقاد، ولم يرد دليل فيه طلب جازم إلا هذه الشروط السبعة، ولذلك كانت وحدها شروط انعقاد. أما ما عداها مما صح فيه الدليل فهو شرط أفضلية فقط. وعلى ذلك فلا يشترط لانعقاد الخـلافة أن يكون الخليفة مجتهداً، لأنه لم يصح نص في ذلك، ولأن عمل الخليفة الحكم، وهو لا يحتاج إلى اجتهاد، لإمكانه أن يسأل عن الحكم، وأن يقلد مجتهداً، وأن يتبنى أحكاماً بناء على تقليده، فلا ضرورة لأن يكون مجتهداً. ولكن الأفضل أن يكون مجتهداً، فإن لم يكن كذلك انعقدت خلافته. وكذلك لا يشترط لانعقاد الخـلافة أن يكون الخليفة شجاعاً، أو من أصحاب الرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح، لأنه لم يصح حديث في ذلك، ولا يندرج تحت حكم شرعي يجعل ذلك شرط انعقاد، وإن كان الأفضل أن يكون شجاعاً ذا رأي وبصيرة. وكذلك لا يشترط لانعقاد الخـلافة أن يكون الخليفة قرشياً. أما ما روى البخاري عن معاوية أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبّه الله على وجهه ما أقاموا الدين»، وما روى البخاري عن ابن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان». فهذه الأحاديث وغيرها مما صح إسناده للرسول من جعل ولاية الأمر لقريش، فإنها وردت بصيغة الإخبار، ولم يرد ولا حديث واحد بصيغة الأمر، وصيغة الإخبار وإن كانت تفيد الطلب، ولكنه لا يعتبر طلباً جازماً ما لم يقترن بقرينة تدل على التأكيد، ولم يقترن بأية قرينة تدل على التأكيد ولا في رواية صحيحة، فدل على أنه للندب لا للوجوب، فيكون شرط أفضلية، لا شرط انعقاد. وأما قوله في الحديث: «لا يعاديهم أحد إلا كبَّه الله» الحديث. فإنه معنىً آخر في النهي عن معاداتهم، وليس تأكيداً لقوله: «إن هذا الأمر في قريش»، فالحديث ينص على أن الأمر فيهم، وعلى النهي عن معاداتهم. وأيضاً فإن كلمة قريش اسم وليس صفة. ويقال له في اصطلاح علم الأصول لقب. ومفهوم الاسم أي مفهوم اللقب لا يعمل به مطلقاً، لأن الاسم أي اللقب لا مفهوم له، ولذلك فإن النص على قريش لا يعني أن لا يجعل في غير قريش. فقوله عليه السلام: «إن هذا الأمر في قريش»، «لا يزال هذا الأمر في قريش»، لا يعني أن هذا الأمر لا يصح أن يكون في غير قريش، ولا أنَّ كونه لا يزال فيهم أنه لا يصح أن يكون في غيرهم، بل هو فيهم، ويصح أن يكون في غيرهم، فيكون النص عليهم غير مانع من وجود غيرهم في الخـلافة. فيكون على هذا شرط أفضلية، لا شرط انعقاد. وأيضاً فقد أمَّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رَواحة، وزيد بن حارثة، وأسامة بن زيد وجميعهم من غير قريش، فيكون الرسول قد أمَّرَ غير قريش. وكلمة هذا الأمر تعني ولاية الأمر، أي الحكم. وليست هي نصاً في الخـلافة وحدها. فكون الرسول يولّي الحكم غير قريش دليل على أنه غير محصور فيهم، وغير ممنوع عن غيرهم، فتكون الأحاديث قد نصت على بعض من هم أهل للخـلافة، للدلالة على أفضليتهم، لا على حصر الخـلافة بهم، وعدم انعقادها لغيرهم. وكذلك لا يشترط أن يكون الخليفة هاشمياً، أو علوياً. لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولّى الحكم غير بني هاشم، وغير بني علي، وأنه حين خرج إلى تبوك ولّى على المدينة محمد بن مسلمة، وهو ليس هاشمياً ولا علوياً. وكذلك ولّى اليمن معاذ بن جبل، وعمرو بن العاص وهما ليسا هاشميين، ولا علويين. وثبت بالدليل القاطع مبايعة المسلمين بالخـلافة لأبي بكر وعمر وعثمان، ومبايعة عليٍّ رضي الله عنه لكل واحد منهم، مع أنهم لم يكونوا من بني هاشم، وسكوت جميع الصحابة على بيعتهم، ولم يُروَ عن أحد أنه أنكر بيعتهم، لأنهم ليسوا هاشميين، ولا علويين، فكان ذلك إجماعاً من الصحابة، بمن فيهم عليّ وابن عباس، وسائر بني هاشم على جواز أن يكون الخليفة غير هاشميّ ولا علويّ. أما الأحاديث الواردة في فضل سيدنا عليّ رضي الله عنه، وفي فضل آل البيت فإنها تدل على فضلهم، لا على أن شرط انعقاد الخـلافة أن يكون الخليفة منهم. ومن ذلك يتبين أنه لا يوجد أي دليل على وجود أي شرط لانعقاد الخـلافة سوى الشروط السبعة السابقة، وما عداها على فرض صحة جميع النصوص التي وردت فيه، أو اندراجه تحت حكم صحت فيه النصوص فإنه يمكن أن يكون شرط أفضلية، لا شرط انعقاد، والمطلوب شرعاً هو شرط انعقاد الخـلافة للخليفة حتى يكون خليفة. أما ما عدا ذلك فهو يقال للمسلمين حين يعرض عليهم المرشحون للخـلافة ليختاروا الأفضل. ولكن أي شخص اختاروه انعقدت خلافته إذا توفرت فيه شروط الانعقاد وحدها، ولو لم يتوفر فيه غيرها.
- صلاحيات الخليفة
- الخليفة هو الدولة، فهو يملك جميع الصلاحيات التي تكون للدولة، فيملك الصلاحيات التالية:
- (أ) هو الذي يجعل الأحكام الشرعية حين يتبناها نافذة، فتصبح حينئذٍ قوانين تجب طاعتها، ولا تجوز مخالفتها.
- (ب) هو المـسـؤول عن سـياسـة الدولة الداخلية والخارجية معاً، وهو الذي يتولى قيادة الجيش، وله حق إعـلان الحرب، وعقد الصـلح والهدنة، وسائر المعاهدات.
- (ج) هو الذي له قبول السفراء الأجانب ورفضهم، وتعيين السفراء المـسـلمين وعـزلهم.
- (د) هو الذي يعين ويعزل المعاونين والولاة، وهم جميعاً مسؤولون أمامه كما أنهم مسؤولون أمام مجلس الأُمة.
- (هـ) هو الذي يعين ويعزل قاضي القضاة، ومديري الدوائر، وقواد الجيش ورؤساء أركانه وأمراء ألويته، وهم جميعاً مسؤولون أمامه، وليسوا مسؤولين أمام مجلس الأُمة.
- (و) هو الذي يتبنى الأحكام الشرعية، التي توضع بموجبها ميزانية الدولة، وهو الذي يقرر فصول الميزانية، والمبالغ التي تلزم لكل جهـة، سـواء أكان ذلك متعـلقاً بالـواردات، أم بالـنفـقات.
- ودليل هذه الصلاحيات أن واقع الخـلافة من حيث كونها رئاسة عامة لجميع المسـلمين في الدنيا، لإقـامـة أحكام الـديـن، وحمل دعوة الإسلام إلى العالم هو دليل عليها. على أنّ كلمة الدولة لفظ اصطلاحي، ويختلف معناها باختلاف نظرة الأمم، فالغربيون مثلاً يريدون بالدولة مجموع الأرض والسكان والحكام. لأن الدولة عندهم تقوم ضمن حدود يسمونها الوطن، والسيادة عندهم للشعب، والحكم أي السلطان عندهم جماعي، وليس فردياً، ومن هنا كان للدولة هذا المفهوم بأنها مجموع ما يسمى بالوطن، ومن يسمون بالمواطنين، ومن يباشرون الحكم، وهم الحكام. ولهذا تجد عندهم رئيس دولة، أي رئيس الحكام، والشعب، والبلاد، ورئيس حكومة، أي رئيس الوزارة، يعني رئيس الحكام. وأما في الإسلام فإنه لا توجد حدود دائمية، إذ يجب حمل الدعوة إلى العالم، فتنتقل الحدود بانتقال سلطان الإسلام إلى البلاد الأخرى. وكلمة الوطن إنما يراد بها مكان إقامة الشخص الدائمة، أي بيته وبلده، ولا يراد منها أكثر من ذلك مطلقاً. والسيادة إنما هي للشرع لا للأُمة، فالحكام يُسَيَّرون بـإرادة الشرع، والأُمة تُسيَّر بـإرادة الشرع. والحكم أي السلطان فردي، وليس جماعياً. قال عليه السلام: «إذا كانوا ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» رواه البزار من طريق ابن عمر، وقال: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» رواه أبو داود من طريق أبي سعيد الخدري. وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما»، ومن هنا يختلف معنى الدولة في الإسلام عن معناها في غيره من الأنظمة. فالدولة في الإسلام إنما يقصد بها السلطان والحكم، وصلاحياتها هي صلاحية السلطان، وبما أن الذي يتولى السلطان هو الخليفة، لذلك كان الخليفة هو الدولة. على أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين أقام الدولة الإسلامية في المدينة كان هو المتولي للسلطان، فكانت جميع السلطة بيده، وكانت جميع الصلاحيات المتعلقة بالسلطان مملوكة له، وقد كان كذلك طوال أيام حياته، حتى التحق بالرفيق الأعلى. ثم جاء بعده الخلفاء الراشدون، فكان كل خليفة منهم يتولى جميع السلطة، ويملك جميع الصلاحيات المتعلقة بالسلطان. وهذا أيضاً دليل على أن الخليفة هو الدولة. وأيضاً فإن الرسول صلى الله عليه وسلم حين حَذّر من الخروج على الأمير عبَّر عنه بلفظ الخروج من السلطان، روى مسلم عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية». والخـلافة هي إمارة المؤمنين، فالخليفة هو السلطان، وله جميع صلاحيات السلطان، أي هو الدولة، وله جميع صلاحيات الدولة. هذا هو الدليل الإجمالي لهذه الصلاحيات. وأما ما ذكر في هذه الصلاحيات من تعداد لما يملك الخليفة من صلاحيات، فهو تعداد لواقع ما هو موجود في الدولة من صلاحيات، من أجل بيان الأحكام التفصيلية من هذه الصلاحيات. وأما الأدلة التفصيلية للفقرات الست الواردة، فإن الفقرة (أ) دليلها إجماع الصحابة. وذلك أن القانون لفظ اصطلاحي ومعناه: الأمر الذي يصدره السلطان ليسير الناس عليه، وقد عُرّف القانون بأنه (مجموع القواعد التي يُجبر السلطان الناس على اتباعها في علاقاتهم) أي إذا أمر السلطان بأحكام معينة كانت هذه الأحكام قانوناً، يلزم الناس بها، وإن لم يأمر السلطان بها لا تكون قانوناً، فلا يلزم الناس بها. والمسلمون يسيرون على أحكام الشرع، فهم يسيرون على أوامر الله ونواهيه، وليس على أوامر السلطان ونواهيه. فما يسيرون عليه أحكام شرعية، وليست أوامر السلطان. غير أن هذه الأحكام الشرعية اختلف الصحابة فيها، ففهم بعضهم من النصوص الشرعية شيئاً غير ما كان يفهمه البعض الآخر، وكان كلٌّ يسير حسب فهمه، ويكون فهمه حكم الله في حقه، ولكن هناك أحكام شرعية تقتضي رعاية شُؤون الأُمة أن يسير المسلمون جميعاً على رأي واحد فيها، وأن لا يسير كل بحسب اجتهاده، وقد حصل ذلك بالفعل، فقد رأى أبو بكر أن يوزع المال بين المسلمين بالتساوي، لأنه حقهم جميعاً بالتساوي. ورأى عمر أنه لا يصح أن يُعطى مَنْ قَاتَل رسولَ الله كمن قاتل معه، وأن يُعطى الفقير كالغني، ولكن أبا بكر كان هو الخليفة، فأمر بالعمل برأيه، أي تبني توزيع المال بالتساوي، فاتبعه المسلمون في ذلك، وسار عليه القضاة والولاة، وخضع له عمر، وعمل برأي أبي بكر ونفّذه، ولما جاء عمر خليفة تبنى رأياً يخالف رأي أبي بكر، أي أمر برأيه بتوزيع المال بالتفاضل، لا بالتساوي، فَـيُعطى حسب القدم والحاجة، فاتبعه المسلمون، وعمل به الولاة والقضاة، فكان إجماع الصحابة منعقداً على أن للإمام أن يتبنى أحكاماً معينة، ويأمر بالعمل بها، وعلى المسلمين طاعتها، ولو خالفت اجتهادهم، وترك العمل بآرائهم واجتهاداتهم. فكانت هذه الأحكام المتبناة هي القوانين. ومن هنا كان سَنّ القوانين للخليفة وحده، ولا يملك غَيرُه ذلك مطلقاً.
- وأما الفقرة (ب) فإن دليلها عمل الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يُعيّن الولاة والقضاة ويحاسبهم، وهو الذي كان يراقب البيع والشراء، ويمنع الغش، وهو الذي يُوزع المال على الناس، وهو الذي كان يساعد فاقد العمل على إيجاد عمل له، وهو الذي كان يقوم بجميع شؤون الدولة الداخلية، وكذلك هو الذي كان يخاطب الملوك، وهو الذي كان يستقبل الوفود، وهو الذي كان يقوم بجميع شؤون الدولة الخارجية. وأيضاً فإنه صلى الله عليه وسلم كان يتولى قيادة الجيش فعلاً، فكان في الغزوات يتولى بنفسه قيادة المعارك، وفي السرايا كان هو الذي يبعث السرية، ويعين قائدها، حتى إنه حين عين أسامة بن زيد قائداً على سرية ليرسلها إلى بلاد الشام كره ذلك الصحابة، لصغر سِنّ أسامة، ولكن الرسول أجبرهم على قبول قيادته. مما يدل على أن الخليفة هو قائد الجيش فعلاً، وليس قائداً أعلى فحسب. وأيضاً فإن الرسول هو الذي أعلن الحرب على قريش، وهو الذي أعلن الحرب على بني قريظة، وعلى بني النضير، وعلى بني قَـيْـنُقاع، وعلى خَيْبر، وعلى الروم، فكل حرب وقعت هو الذي أعلنها، مما يدل على أن إعلان الحرب إنما هو للخليفة. وأيضاً فإنه صلى الله عليه وسلم هو الذي عقد المعاهدات مع اليهود، وهو الذي عقد المعاهدات مع بني مدلج وحلفائهم من بني ضمرة، وهو الذي عقد المعاهدات مع يوحنة بن رؤبة، صاحب أيلة، وهو الذي عقد معاهدة الحديبية، حتى إن المسلمين كانوا ساخطين من معاهدة الحديبية، ولكنه لم يستجب لقولهم ورفض آراءهم، وأمضى المعاهدة، مما يدل على أن للخليفة لا لغيره عقد المعاهدات، سواء معاهدة الصلح أم غيرها من المعاهدات. وأما الفقرة (ج) فإن دليلها أن الرسول هو الذي تلقى رسولَيْ مسيلمة، وهو الذي تلقى أبا رافع رسولاً من قريش، وهو الذي أرسل الرسل إلى هرقل، وكسرى، والمقوقس، والحارث الغساني ملك الحيرة، والحارث الحميري ملك اليمن، وإلى نجاشي الحبشة، وهو الذي أرسل عثمان بن عفان في الحديبية رسولاً إلى قريش. مما يدل على أن الخليفة هو الذي يقبل السفراء ويرفضهم وهو الذي يعين السفراء. وأما الفقرة (د) فإن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يعين الولاة، فعين معاذاً والياً على اليمن، وهو الذي كان يعزل الولاة، فعزل العلاء بن الحضرمي عن البحرين، لأن أهلها شكوا منه، مما يدل على أن الولاة مسؤولون أمام أهل الولاية كما هم مسؤولون أمام الخليفة، ومسؤولون أمام مجلس الأُمة لأنه يمثل جميع الولايات. هذا بالنسبة للولاة. أما المعاونون فإن الرسول كان له معاونان هما أبو بكر وعمر، ولم يعزلهما، ويول غيرهما طوال حياته. فهو الذي عينهما، ولكنه لم يعزلهما، غير أنه لما كان المعاون إنما أخذ السلطة من الخليفة، وهو بمثابة نائب عنه، فإنه يكون له حق عزله قياساً على الوكيل، لأن للموكل عزل وكيله.
- وأما الفقرة (هـ) فإن دليلها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قلد عليّاً رضي الله عنه قضاء اليمن، وروى أحمد عن عمرو بن العاص قال: «جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خصمان يختصمان فقال لعمرو: اقض بينهما يا عمرو فقال: أنت أولى بذلك مني يا رسول الله، قال: وإن كان، قال: فإذا قضيتُ بينهما فما لي؟ قال: إن أنت قضيت بينهما فأصبت القضاء فلك عشر حسنات. وإن أنت اجتهدت فأخطأت فلك حسنة».وقد كان عمر رضي الله عنه يولّي ويعزل القضاة. فعيّن شريحاً قاضياً للكوفة، وأبا موسى قاضياً للبصرة، وعزل شُرَحْبيل بن حسنة عن ولايته في الشام، وولّى معاوية، فقال له شُرَحْبيل: «أَمِنْ جُبنٍ عزلتني أم خيانة؟ قال: من كل لا، ولكن أردت رجلاً أقوى من رجل». «وولى عليّ رضي الله عنه أبا الأسود، ثم عزله، فقال: لم عزلتني، وما خنت، ولا جنيت؟ فقال: إني رأيتك يعلو كلامك على الخصمين». وقد فعل عمر وعليّ ذلك على مرأى ومسمع من الصحابة، ولم ينكر على أيّ منهما منكر. فهذا كله دليل على أن للخليفة أن يعين القضاة بوجه عام، وكذلك له أن يُنيب عنه مَنْ يُعيّن القضاة، قياساً على الوكالة، إذ له أن ينيب عنه في كل ما هو مِنْ صلاحياته، كما له أن يوكّل عنه في كل ما يجوز له من التصرفات. وأما تعيين مديري الدوائر فإن الرسول صلى الله عليه وسلم عَـيّن كُتّاباً لإدارة مصالح الدولة، وكانوا بمثابة مديري الدوائر. فَعيّن المعيقيب بن أبي فاطمة الدوسي على خاتمه، كما عَـيّن مُعيقيب بن أبي فاطمة على الغنائم أيضاً، وعَـيّن حذيفة بن اليمان يكتب خرص ثمار الحجاز، وعَـيّن الزبير بن العوام يكتب أموال الصدقات، وعَـيّن المغيرة بن شعبة يكتب المداينات والمعاملات، وهكذا. وأما قواد الجيش، وأمراء ألويته فإن الرسول صلى الله عليه وسلم عَـيّن حمزة بن عبد المطلب قائداً على ثلاثين رجلاً، ليعترض قريشاً على شاطئ البحر، وعَـيّن عبيدة بن الحارث على ستين، وأرسلة إلى وادي رابغ، لملاقاة قريش، وعَيّن سعد بن أبي وقاص على عشرين، وأرسله نحو مكة، وهكذا كان يُعيّن قواد الجيوش، مما يدل على أن الخليفة هو الذي يُعيّن القواد وأمراء الألوية. وهؤلاء جميعاً كانوا مسؤولين أمام الرسول، وليسوا مسؤولين أمام أحد، مما يدل على أن القضاة، ومديري الدوائر، وقواد الجيش ورؤساء أركانه، وسائر الموظفين، ليسوا مسؤولين إلا أمام الخليفة، وليسوا مسؤولين أمام مجلس الأُمة. ولا يُسأل أحد أمام مجلس الأُمة سوى المعاونين، والولاة، ومثلهم العمال لأنهم حكام، وما عداهم لا يكون أحد مسؤولاً أمام مجلس الأُمة، بل الكل مسؤولون أمام الخليفة. وأما الفقرة (و) فإن موازنة الدولة بالنسبة لأبواب الواردات وأبواب النفقات محصورة في الأحكام الشرعية، فلا يُجبى دينارٌ واحدٌ إلا بحسب الحكم الشرعي، ولا يُنفَق دينارٌ إلا بحسب الحكم الشرعي، غير أن وضع تفصيلات النفقات، أو ما يسمى بفصول الموازنة، فهو الذي يوكل لرأي الخليفة واجتهاده، وكذلك فصول الواردات، فمثلاً هو الذي يقرر أن يكون خراج الأرض الخراجية كذا، وأن تكون الجزية التي تؤخذ كذا، وهذه وأمثالها هي فصول الواردات، وهو الذي يقول يُنفَق على الطرق كذا، ويُنفَق على المستشفيات كذا، وهذه وأمثالها هي فصول النفقات. فهذا هو الذي يرجع إلى رأي الخليفة، والخليفة هو الذي يقرره حسب رأيه واجتهاده، وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان هو الذي يأخذ الواردات من العمال، وهو الذي كان يتولى إنفاقها، وكان بعض الولاة يأذن لهم بتسلم الأموال، وبـإنفاقها كما حصل حين وَلّى معاذاً اليمن. ثم كان الخلفاء الراشدون ينفرد كلٌّ منهم بوصفه خليفة في أخذ الأموال، وفي إنفاقها، حسب رأيه واجتهاده. ولم ينكر على أحد منهم منكر، ولم يكن أحد غيرُ الخليفة يتصرف في قبض دينار واحد، ولا يصرفه إلا إذا أذن له الخليفة في ذلك، كما حصل في تولية عمر لمعاوية، فإنه جعل له ولاية عامة، يَقبض ويُنفِـق. وهذا كله يدل على أن فصـول موازنة الدولة إنما يضـعها الخـليفة، أو من ينيبه عنه. هذه هي الأدلة التفصيلية على تفصيلات صلاحيات الخليفة. ويجمعها كلها ما روى أحمد والبخاري عن عبد الله بن عمر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «... الإمام راع وهو مسؤول عن رعيته»، أي إن جميع ما يتعلق برعاية شؤون الرعية من كل شيء إنما هو للخليفة، وله أن ينيب عنه مَنْ يشاء، بما يشاء، كيف يشاء، قياساً على الوكالة.
- انعقاد الخلافة
- الخـلافة عقد مراضاة واختيار، لأنها بيعة بالطاعة لمن له حق الطاعة من ولاية الأمر. فلا بد فيها من رضا من يُبَايَع ليتولاها، ورضا الـمُـبايعين له. ولذلك إذا رفض أحد أن يكون خليفة وامتنع من الخـلافة لا يجوز إكراهه عليها، فلا يُجبَر على قبولها، بل يُعدَل عنه إلى غيره. وكذلك لا يجوز أخذ البيعة من الناس بالإجبار والإكراه، لأنه حينئذٍٍ لا يصح اعتبار العقد فيها صحيحاً، لمنافاة الإجبار لها، لأنها عقد مراضاة واختيار، لا يدخله إكراه ولا إجبار كأي عقد من العقود. إلا أنه إذا تم عقد البيعة ممن يعتد ببيعتهم فقد انعقدت البيعة، واصبح المبايَع هو وليّ الأمر، فوجبت طاعته. وتصبح البيعة له بعد ذلك من بقية الناس بيعة على الطاعة، وليست بيعة لعقد الخـلافة. وحينئذٍ يجوز له أن يجبر الناس الباقين على بيعته، لأنها إجبار على طاعته، وطاعته واجبة شرعاً على الناس، وليست هي في هذه الحال عقد بيعة بالخـلافة حتى يقال لا يصح فيه الإجبار. وعلى ذلك فالبيعة ابتداءً عقد لا تصح إلا بالرضا والاختيار. أما بعد انعقاد البيعة للخليفة فتصبح طاعة، أي انقياداً لأمر الخليفة، ويجوز فيها الإجبار تنفيذاً لأمر الله تعالى. ولما كانت الخـلافة عقداً فإنها لا تتم إلا بعاقد، كالقضاء لا يكون المرء قاضياً إلا إذا ولاّه أحد القضاء. والإمارة لا يكون أحد أميراً إلا إذا ولاّه أحد الإمارة. والخـلافة لا يكون أحد خليفة إلا إذا ولاّه أحد الخـلافة. ومن هنا يتبين أنه لا يكون أحد خليفة إلا إذا ولاّه المسلمون، ولا يملك صلاحيات الخـلافة إلا إذا تم عقدها له، ولا يتم هذا العقد إلا من عاقديْن أحدهما طالب الخـلافة والمطلوب لها، والثاني المسلمون الذين رضوا به أن يكون خليفة لهم. ولهذا كان لا بد لانعقاد الخـلافة من بيعة المسلمين.
- 1- حـكم المتسـلط
- وعلى هذا فإنه إذا قام متسلط واستولى على الحكم بالقوة فإنه لا يصبح بذلك خليفة، ولو أعلن نفسه خليفة للمسلمين، لأنه لم تنعقد له خلافة من قبل المسلمين. ولو أخذ البيعة على الناس بالإكراه والإجبار لا يصبح خليفة ولو بُويع، لأن البيعة بالإكراه والإجبار لا تعتبر ولا تنعقد بها الخـلافة، لأنها عقد مراضاة واختيار لا يتم بالإكراه والإجبار، فلا تنعقد إلا بالبيعة عن رضا واختيار. إلا أن هذا المتسلط إذا استطاع أن يقنع الناس بأن مصلحة المسلمين في بيعته، وأن إقامة أحكام الشرع تحتم بيعته، وقنعوا بذلك ورضوا، ثم بايعوه عن رضا واختيار، فإنه يصبح خليفة منذ اللحظة التي بُويع فيها عن رضا واختيار، ولو كان أخذ السلطان ابتداءً بالتسلط والقوة. فالشرط هو حصول البيعة، وأن يكون حصولها عن رضا واختيار، سواء كان مَنْ حصلت له البيعة هو الحاكم والسلطان، أو لم يكن. - مَـنْ تنعقـد بهـم الخــلافـةأما من هم الذين تنعقد الخـلافة ببيعتهم فإن ذلك يُفهم من استعراض ما حصل في بيعة الخلفاء الراشدين، وما أجمع عليه الصحابة. ففي بيعة أبي بكر اكتُفِيَ بأهل الحَلّ والعقد من المسلمين الذين كانوا في المدينة وحدها، ولم يؤخذ رأي المسلمين في مكة، وفي سائر جزيرة العرب، بل لم يُسألوا. وكذلك الحال في بيعة عمر. أما في بيعة عثمان فإن عبد الرحمن بن عوف أخذ رأي المسلمين في المدينة، ولم يقتصر على سؤال أهل الحَلّ والعقد. وفي عهد عليّ اكتُفِيَ ببيعة أكثر أهل المدينة وأهل الكوفة، وأُفرِدَ هو بالبيعة. واعتبرت بيعته حتى عند الذين خالفوه وحاربوه، فإنهم لم يبايعوا غيره، ولم يعترضوا على بيعته، وإنما طالبوا بدم عثمان، فكان حكمهم حكم البغاة الذين نقموا على الخليفة أمراً، فعليه أن يوضحه لهم ويقاتلهم، ولم يقيموا خلافة أخرى. وقد حصل كل ذلك ــ أي بيعة الخليفة من أكثر أهل العاصمة فقط دون باقي الأقاليم ــ على مرأى ومسمع من الصحابة، ولم يكن هنالك مخالف في ذلك، ولا مُنكِر لهذا العمل من حيث اقتصار البيعة على أكثر أهل المدينة. فكان ذلك إجماعاً من الصحابة على أن الخـلافة تنعقد ممن يمثلون رأي المسلمين في الحكم، لأن أهل الحلّ والعقد وأكثر سكان المدينة كانوا هم أكثرية الممثلين لرأي الأُمة في الحكم في جميع رقعة الدولة الإسلامية حينئذٍ. وعلى هذا فإن الخـلافة تنعقد إذا جرت البيعة من الممثلين لأكثر الأُمة الإسلامية، ممن يدخلون تحت طاعة الخليفة، الذي يُراد انتخاب خليفة مكانه، كما جرى الحال في عهد الخلفاء الراشدين. وتكون بيعتهم حينئذٍ بيعة عقد للخلافة. أما مَنْ عداهم فإنه بعد انعقاد الخـلافة للخليفة تصبح بيعته بيعة طاعة، أي بيعة انقياد للخليفة، لا بيعة عقد للخلافة.
- هذا إذا كان هنالك خليفة مات أو عزل، ويُراد إيجاد خليفة مكانه. أما إذا لم يكن هنالك خليفة مطلقاً، وأصبح فرضاً على المسلمين أن يقيموا خليفة لهم، لتنفيذ أحكام الشرع، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، كما هي الحال منذ زوال الخـلافة الإسلامية في اسطنبول سنة 1343 هجرية الموافق سنة 1924 ميلادية، فإن كل قطر من الأقطار الإسلامية الموجودة في العالم الاسلامي أهل لأن يُبايع خليفة، وتنعقد به الخـلافة، فإذا بايع قطر ما، من هذه الأقطار الإسلامية خليفة، وانعقدت الخـلافة له، فإنه يصبح فرضاً على المسلمين في الأقطار الأخرى أن يبايعوه بيعة طاعة، أي بيعة انقياد، بعد أن انعقدت الخـلافة له ببيعة أهل قطره، سواء أكان هذا القطر كبيراً كمصر، أو تركيا، أو أندونيسيا، أم كان صغيراً كالأردن أو تونس أو لبنان.
- على شرط أن تتوفر فيه أربعة أمور:
- أحدها: أن يكون سلطان ذلك القطر سلطاناً ذاتياً، يستند إلى المسلمين وحدهم، لا إلى دولة كافرة، أو نفوذ كافر.
- ثانيها: أن يكون أمان المسلمين في ذلك القطر بأمان الإسلام، لا بأمان الكفر، أي أن تكون حمايته من الداخل والخارج حماية إسلام من قوة المسلمين، باعتبارها قوة إسلامية بحتة.
- ثالثها: أن يبدأ حالاً بمباشرة تطبيق الإسلام كاملاً تطبيقاً انقلابياً شاملاً، وأن يكون متلبساً بحمل الدعوة الإسلامية.
- رابعها: أن يكون الخليفة المُبايَع مستكملاً شروط انعقاد الخـلافة، وإن لم يكن مستوفياً شروط الأفضلية، لأن العبرة بشروط الانعقاد.
- فإذا استوفى ذلك القطر هذه الأمور الأربعة، فقد وجدت الخـلافة بمبايعة ذلك القطر وحده، وانعقدت به وحده، ولو كان لا يمثل أكثر أهل الحلّ والعقد لأكثر الأُمة الإسلامية، لأن إقامة الخـلافة فرض كفاية، والذي يقوم بذلك الفرض على وجهه الصحيح يكون قام بالشيء المفروض. ولأن اشتراط أكثر أهل الحلّ والعقد إنما يكون إذا كانت هنالك خلافة موجودة، يُراد إيجاد خليفة فيها مكان الخليفة المتوفى أو المعزول. أما إذا لم تكن هنالك خلافة مطلقاً، ويُراد إيجاد خلافة، فإن مجرد وجودها على الوجه الشرعي، تنعقد الخـلافة بأي خليفة يستكمل شروط الانعقاد، مهما كان عدد المبايعين الذين بايعوه. لأن المسألة تكون حينئذٍٍ مسألة قيام بفرض، قصَّر المسلمون عن القيام به، مدة تزيد على ثلاثة أيام. فتقصيرهم هذا تَرْك لحقهم في اختيار من يريدون. فمن يقوم بالفرض يكفي لانعقاد الخـلافة به، ومتى قامت الخـلافة في ذلك القطر وانعقدت لخليفة، يصبح فرضاً على المسلمين جميعاً الانضواء تحت لواء الخـلافة ومبايعة الخليفة، وإلا كانوا آثمين عند الله. ويجب على هذا الخليفة أن يدعوهم لبيعته، فإن امتنعوا كان حكمهم حكم البغاة، ووجب على الخليفة محاربتهم، حتى يدخلوا تحت طاعته. وإذا بويع لخليفة آخر في نفس القطر، أو في قطر آخر بعد بيعة الخليفة الأول، وانعقاد الخـلافة له انعقاداً شرعياً مستوفياً الأمور الأربعة السابقة، وجب على المسلمين محاربة الخليفة الثاني، حتى يبايع الخليفة الأول، لما روى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «... ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعهُ فاضربوا عنق الآخر»، ولأن الذي يجمع المسلمين هو خليفة المسلمين براية الإسلام. فإذا وُجد الخليفة وجدت جماعة المسلمين، ويصبح فرضاً الانضمام إليهم، ويحرم الخروج عنهم. روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ رأى مِنْ أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه، فإنه مَنْ فارق الجماعة شِبراً فمات إلاّ مات ميتة جاهلية». وروى مسلم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كره مِنْ أميره شيئاً فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية». ومفهوم هذين الحديثين لزوم الجماعة ولزوم السلطان.
- ولا حق في البيعة لغير المسلمين، لأنها بيعة على الإسلام أي على كتاب الله وسنة رسوله، وهي تقتضي الإيمان بالإسلام، وبالكتاب والسنة. وغير المسلمين لا يجوز أن يكونوا في الحكم، ولا أن ينتخبوا الحاكم، لأنه لا سبيل لهم على المسلمين، ولأنه لا محلّ لهم في البيعة.

الموضوع الأصلي : الدستور الاسلامي الكاتب : AlexaLaw المصدر : منتديات عالم القانون
التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12654998

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 34

الأوسمه :

 الدستور الاسلامي 1384c10


الأوسمة
 :


 الدستور الاسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدستور الاسلامي    الدستور الاسلامي I_icon_minitime7/10/2011, 17:34

خيارات المساهمة


- انعقاد الخلافة
- 3- مَـن هم الذين ينصّبـون الخــلـيـفـة إن الشارع قد جعل السلطان للأُمة، وجعل نصب الخليفة للمسلمين عامة، ولم يجعله لفئة دون فئة، ولا لجماعة دون جماعة، فالبيعة فرض على المسلمين عامة: «... مَنْ مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» رواه مسلم من طريق عبد الله بن عمر، وهذا عام لكل مسلم. ولذلك ليس أهل الحل والعقد هم أصحاب الحق في نصب الخليفة دون باقي المسلمين. وكذلك ليس أصحاب الحق أشخاصاً معينين، وإنما هذا الحق لجميع المسلمين دون استثناء أحد، حتى الفجار والمنافقين، ما داموا مسلمين بالغين، لأن النصوص جاءت عامة، ولم يرد ما يخصصها سوى رفض بيعة الصغير الذي لم يبلغ، فتبقى عامة. إلا أنه ليس شرطاً أن يباشر جميع المسلمين هذا الحق، لأنه حق لهم، وهو وإن كان فرضاً عليهم، لأن البيعة فرض، ولكنه فرض على الكفاية، وليس فرض عين، فإذا أقامه البعض سقط عن الباقين. إلا أنه يجب أن يُمكّن جميع المسلمين مِن مباشرة حقهم في نصب الخليفة، بغض النظر عما إذا استعملوا هذا الحق، أم لم يستعملوه، أي يجب أن يكون في قدرة كل مسلم التَمكُّن من القيام بنصب الخليفة، بتمكينه من ذلك تمكيناً تاماً. فالقضية هي تمكين المسلمين من القيام بما فرضه الله عليهم من نصب الخليفة، قياماً يسقط عنهم هذا الفرض، وليست المسألة قيام جميع المسلمين بهذا الفرض بالفعل. لأن الفرض الذي فرضه الله هو أن يَجري نصبُ الخليفة من المسلمين برضاهم، لا أن يُجريَه جميعُ المسلمين. ويتفرع على هذا أمران: أحدهما أن يتحقق رضا جميع المسلمين بنصبه، والثاني أن لا يتحقق رضا جميع المسلمين بهذا النصب، مع تحقق التمكين لهم في كلا الأمرين. أما بالنسبة للأمر الأول فلا يشترط عدد معين، فيمن يقومون بنصب الخليفة، بل أي عدد بايع الخليفة، وتحقق في هذه البيعة رضا المسلمين بسكوتهم، أو بـإقبالهم على طاعته بناء على بيعته، أو بأي شيء يدل على رضاهم، يكون الخليفة المنصوب خليفة للمسلمين جميعاً، ويكون هو الخليفة شرعاً، ولو قام بنصبه خمسة أشخاص، إذ يتحقق فيهم الجمع في إجراء نصب الخليفة. ويتحقق الرضا بالسكوت والمبادرة للطاعة، أو ما شاكل ذلك، على شرط أن يتم هذا بمنتهى الاختيار والتمكين من إبداء الرأي تمكيناً تاماً. أما إذا لم يتحقق رضا جميع المسلمين، فإنه لا يتم نصب الخليفة إلا إذا قام بنصبه جماعة يتحقق في نصبهم له رضا جمهرة المسلمين، أي أكثريتهم، مهما كان عدد هذه الجماعة. ومن هنا جاء قول بعض الفقهاء: يَجري نصبُ الخليفة ببيعة أهل الحلّ والعقد له. إذ يَعتبرون أهلَ الحلّ والعقد الجماعةَ التي يتحقق رضا المسلمين بما تقومُ به من بيعةِ أيّ رجل حائز على شروط انعقاد الخـلافة. وعلى ذلك فليس بيعة أهلِ الحلّ والعقد هي التي يَجري فيها نصب الخليفة، وليس وجود بيعتهم شرطاً لجعل نصب الخليفة نصباً شرعياً، بل بيعة أهل الحلّ والعقد أَمارة مِنَ الأَمارات الدالة على تحقق رضا المسلمين بهذه البيعة، لأن أهل الحلّ والعقد كانوا يُعتبرون الممثلين للمسلمين. وكل أمارة تدلُّ على تحقق رضا المسلمين ببيعة خليفة، يتمُ بها نَصبُ الخليفة، ويكون نصبُه بها نصباً شرعياً. وعلى ذلك فالحكم الشرعي هو أن يقوم بنصب الخليفة جمعٌ يتحققُ في نصبهم له رضا المسلمين، بأيّ أمارة مِنْ أمارات التحقق، سواء أكان ذلك بكون المبايعين أكثر أهل الحلّ والعقد، أم بكونهم أكثر الممثلين للمسلمين، أم كان بسكوت المسلمين عن بيعتهم له، أم مسارعتهم بالطاعة بناء على هذه البيعة، أم بأي وسيلة من الوسائل، ما دام متوفراً لهم التمكين التام من إبداء رأيهم. وليس من الحكم الشرعي كونُهم أهلَ الحلّ والعقد، ولا كونهم خمسة أو خمسائة أو أكثر أو أقل، أو كونهم أهل العاصمة، أو أهل الأقاليم. بل الحكم الشرعي كون بيعتهم يتحقق فيها الرضا مِنْ قِبَل جمهرة المسلمين، بأية أمارة مِن الأمارات، مع تمكينهم مِنْ إبداء رأيهم تمكيناً تاماً. والمراد بجميع المسلمين، المسلمون الذين يعيشون في البلاد الخاضعة للدولة الإسلامية، أي الذين كانوا رعايا للخليفة السابق، إن كانت الخـلافة قائمة، أو الذين يتم بهم قيام الدولة الإسلامية، وتنعقد الخـلافة بهم، إن كانت الدولة الإسلامية غير قائمة من قَبْلهم، وقاموا هم بـإيجادها، واستئناف الحياة الإسلامية بواسطتها. أما غيرهم من المسلمين فلا تشترط بيعتهم، ولا يشترط رضاهم. لأنهم إما أن يكونوا خارجين على سلطان الإسلام، أو يكونوا يعيشون في دار كفر، ولا يتمكنون من الانضمام إلى دار الإسلام. وكلاهما لا حق له في بيعة الانعقاد، وإنما عليه بيعة الطاعة، لأن الخارجين على سلطان الإسلام حكمهم حكم البغاة. والذين في دار الكفر لا يتحقق بهم قيام سلطان الإسلام، حتى يقيموه بالفعل، أو يدخلوا فيه. وعلى ذلك فالمسلمون الذين لهم حق بيعة الانعقاد، ويشترط تحقق رضاهم حتى يكون نصب الخليفة نصباً شرعياً، هم الذين يقوم بهم سلطان الإسلام بالفعل. ولا يقال: هذا الكلام بحث عقلي، وليس هنالك دليل شرعي عليه. لا يقال ذلك لأنه بحث في مناط الحكم وليس في نفس الحكم، ولهذا لا يؤتى له بدليل شرعي وإنما هو ببيان حقيقته. فأكل الميتة حرام، هو الحكم الشرعي. وتحقيق ما هي الميتة هو مناط الحكم، أي الموضوع الذي يتعلق به الحكم. فقيام المسلمين بنصب الخليفة هو الحكم الشرعي، وأن يكون هذا النصب بالرضا والاختيار هو الحكم الشرعي أيضاً، وهذا هو الذي يؤتى له بالدليل. أما من هم المسلمون الذين يتم بهم النصب، وما هو الأمر الذي يتحقق فيه الرضا والاختيار، فذلك مناط الحكم أي الموضوع الذي جاء الحكم لمعالجته، وانطباق الحكم الشرعي عليه هو الذي يجعل الحكم الشرعي فيه متحققاً. وعليه يبحث هذا الشيء الذي جاء الحكم الشرعي له ببيان حقيقته.
- ولا يقال إن مناط الحكم هو علة الحكم فلا بد له من دليل شرعي، لا يقال ذلك لأن مناط الحكم غير علة الحكم، وهنالك فرق كبير بين العلة والمناط. فالعلة هي الباعث على الحكم أي هي الشيء الدال على مقصود الشارع من الحكم، وهذه لا بد لها من دليل شرعي يدل عليها حتى يفهم أنها هي مقصود الشارع من الحكم، أما مناط الحكم فهو الموضوع الذي نيط به الحكم أي هو المسألة التي ينطبق عليها الحكم وليس دليله ولا علته. ومعنى كونه الشيء الذي نيط به الحكم هو أنه الشيء الذي عُلّق به الحكم أي أنه قد جيء بالحكم له أي لمعالجته لا أنه جيء بالحكم لأجله حتى يقال إنه علة الحكم. فمناط الحكم هو الناحية غير النقلية في الحكم الشرعي. وتحقيقه غير تحقيق العلة فإن تحقيق العلة يرجع إلى فهم النص الذي جاء معللاً وهذا فهم للنقليات وليس هو المناط، بل المناط هو ما سوى النقليات والمراد به الواقع الذي يطبق عليه الحكم الشرعي.
الخاتمة
تصطدم مقاربتنا لمفهوم المجتمع المدني الذي سنصفه مراراً بمنظومة الحاجات، كما وصفه هيغل، وبميدان التاريخ، كما وصفه ماركس، بلغة السياسة التي كانت ولا تزال أقرب إلى المجاز أو "البيان"، ولا سيما حين تتحدث هذه اللغة عن "مجتمع عربي" أو عن "مجتمع عربي اشتراكي موحد"، وعن "شعب عربي" في عدة دول، وعن أمة عربية واحدة "ذات رسالة خالدة"، من دون أن تقيم أي حد مفهومي بين المجتمع والشعب والأمة؛ وتأنف من الحديث عن مجتمعات عربية أو شعوب عربية. ولا نريد أن نقلل من أهمية هذه المشكلة سواء في جانبها النظري، أو في جانبها السياسي، أو في جانبها القانوني، إذ ارتبط مفهوم المجتمع المدني تاريخياً بمفهوم الأمة وبمفهوم الدولة القومية؛ فلا يكفي أن نصف لغة السياسة، أو الخطاب السياسي القومي بالتقليدوية أو الرومانسية فنحل المشكلة التي نجمت في الواقع عن التجزئة القومية الحديثة التي كانت ولا تزال تعبيراً عن اتجاهات الرأسمالية وتناقضاتها، وعن نمو العنصر الإمبريالي طرداً مع توسع الرأسمالية على الصعيد العالمي. فهذا الخطاب خلاصة موضوعية ونتيجة منطقية للأوضاع العربية التي كان العامل الخارجي ولا يزال حاسماً في تشكيلها. ولكم كان ياسين الحافظ محقاً حين عرف التجزئة القومية الحديثة بأنها "محصلة الأوضاع الإمبريالية والتأخر التاريخي" للأمة العربية. فقد كانت لغة السياسة، ولا تزال، محكومة بنوع من التوتر والتنابذ بين الواقع والهدف، واقع الدول القطرية المرسملة والتابعة، والمصطنعة أيضاَ، وهدف الوحدة العربية وبناء الدولة القومية، فضلاً عن كونه استجابة شعورية، أو رد فعل شعورياً على تحديات الخارج وانتهاكاته المذلة. فهل يسوغ استعمال مفهوم المجتمع المدني على الصعيد القطري الذي عينته الأوضاع الإمبريالية والتأخر التاريخي، أم ترانا مضطرين للمجازفة باستعمال مفهوم المجتمع المدني معادلاً واقعياَ لمفهوم الأمة وأساساً لمفهوم الدولة القومية، وهذه وتلك لا تزالان في دائرة الممكن والمحتمل؟ وهل بوسع بومة منيرفا أن تطير إلا في الظلام؟التجزئة القومية "الحديثة" ونقص الاندماج القومي والاجتماعي، في كل دولة على حدة، حقيقتان متلازمتان تشرط كل منهما الأخرى، وتغذيها وتتغذى منها، و إلا لكانت دولة العشيرة ودولة الطائفة ودولة الطغمة، وكلها تنويعات على الدولة الاستبدادية أو الشمولية ذات السحنة المملوكية العثمانية، شيئاً من الماضي. في ظل هذه الأوضاع، وبقدر ما يكون هذا التشخيص قريباً من الواقع، يكتسب مفهوم المجتمع المدني معنى مناهضاً للاستبداد والشمولية، جناحاه النخبة الثقافية والسياسية المستنيرة، الإنسانوية والعقلانية والعلمانية والديموقراطية، من جهة، والكتلة "الأمية" من جهة أخرى. جميع الذين تحدثوا عن "التباس مفهوم المجتمع المدني" وعن الصعوبات المعرفية التي يطرحها على الذهن العربي، لم يتطرقوا إلى هذه المشكلة التي ستظل تلوب ونلوب معها بحثاً عن حل ممكن أو محتمل. وربما كان على القارئ أن يبذل جهداً إضافياً لتسقط الآثار السلبية لعجز الكاتب عن حل هذا الإشكال ذي الأهمية الاستثنائية. وإذا كنا قد اقترحنا مفهوم الدولة الوطنية صيغةَ توسطٍ جدلي بين الدولة القطرية المرسملة والتابعة القائمة بالفعل والدولة القومية الممكنة التي لا نجرؤ على وصفها بعد بأي صفة، فإن هذا الاقتراح أو الافتراض النظري قد يكون نوعاً من محايلات العقل، أو نوعاً مخففاً من "هذيان الهدف" وتطلب الرغبة التي كانت تؤثم فكرة المجتمعات العربية والشعوب العربية، ولا ترى في الدولة القطرية القائمة بالفعل سوى عرض زائل عما قريب. حقاً إن أوضاع الدول العربية القائمة تنتج مفاهيم مثيرة للجدل في مجال دراسة المجتمع المدني والدولة وحكم القانون. ولقد كانت محاولات تعرف الواقع العربي وتلمس ممكناته واتجاهات تطوره محكومة بثوابت أيديولوجية، قومية وإسلامية واشتراكية، سوى استثناءات نادرة لا تزال على هامش الفكر السياسي العربي. ولا يزال الخطاب السياسي مقيداً بهذه الثوابت، ويعيد إنتاجها، ويشيح عن أي محاولة لنقدها، إن لم يرمها بالكفر والخيانة. من زاوية علم الاجتماع الخالص، يمكن الحديث عن مجتمعات في دولة واحدة، كالمجتمعات البدوية والمجتمعات الريفية ومجتمعات المدن .. إلخ، ولكن لا يمكن الحديث عن شعوب في دولة واحدة. فما أن نتحدث عن شعب وشعوب حتى نغادر علم الاجتماع الخالص إلى علم الاجتماع السياسي، وإلى علم السياسة. سنترك المسألة معلقة بانتظار ما سيأتي به البحث في مقاربات علم الاجتماع وعلم الاجتماع السياسي وعلم السياسة وعلم القانون الدستوري وعلم الاقتصاد السياسي واجتماعيات الثقافة وعلم الإناسة ( الأنتروبولوجيا)، فضلاً عن مقاربات الفلسفة أو الفكر النظري لمفهوم المجتمع المدني وتتمته المنطقية، الدولة الوطنية / القومية. وإذا كان الفلاسفة وعلماء الاجتماع السياسي متفقين على ما بات يسمى نظرية العقد الاجتماعي أساساً لنشوء المجتمع المدني والدولة القومية الحديثة، فإن علماء القانون الدستوري يرون في الدستور تجسيداً لفكرة العقد الاجتماعي؛ فإن "نص الدستور هو خلاصة لإثبات حقوق المواطنين ولطرق ممارسة السلطة بوساطتهم أو بوساطة ممثليهم" فالدستور هو القانون الأسمى في تنظيم المجتمع، يحدد أسس الدولة وحدودها. ومبادئ الدستور تتضمن دراسة للظواهر السياسية وللنظام السياسي لأي مجتمع[1]. هذا المدخل القانوني لا يقل أهمية عن المدخل السوسيولوجي أو عن المدخل الاقتصادي أو غيرهما من المداخل الممكنة، ولكننا نميل إلى المدخل الفلسفي انطلاقاً من تقليد قديم يرى أن الفلسفة هي أم العلوم. ولكن من حق البحث علينا أن نشير إلى المداخل الأخرى؛ من دون أن تفوتنا الإشارة إلى الطابع الوضعاني لهذه المداخل، وهو مما يعزز ميلنا إلى المدخل الفلسفي. "فقد أدت النزعة الوضعية الضيقة للحقوقيين إلى دراسة الظواهر السياسية حول الدولة وقواعد القانون وإغفال أو إنكار كل الجوانب الأخرى التي تركت لعلماء الاجتماع والفلاسفة. بيد أن هذا المفهوم سرعان ما اكتشف نقائصه، وخاصة عندما لم تعد الدولة التي يتحدث عنها الحقوقيون تتناسب مع واقعها الفعلي داخل المجتمع. وتجدر الإشارة إلى أن النظريات الدستورية الكبرى قد وضعت قبل أزمة 1929. وإذا كان العيش في وهم النظام الليبرالي ممكناً قبل الحرب العالمية الأولى فقد أصبح مستحيلاً بعد الثلاثينات تجاهل الحقيقة باسم الحديث النظري". فثمة داخل الدولة أحزاب ونقابات وجماعات ضاغطة، وغدت دراسة وسائل الاتصال وسبر الرأي العام ضرورية لفهم الانتخابات والتخطيط السياسي؛ فتحت القانون هناك الواقع. وقد يكون نظام الأحزاب هو السائد داخل "اللعبة لسياسية" الدستورية، ولكن الكلمة الأخيرة هي للبنية الاجتماعية التي تنظم ترابط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي. وصار الأمر أكثر وضوحاً بعد تجارب الدول حديثة الاستقلال التي يدل إخفاقها على الهوة القائمة بين القانون الدستوري والواقع السياسي[2]، بوصفه المحصلة النهائية لفاعلية المجتمع المعني، أو بوصفه تجريداً للبنية الاجتماعية المتعينة في المكان والزمان، في كليتها وشمولها. يتنازع علم السياسة اليوم اتجاهان أساسيان: يرى أحدهما فيه وسيلة لمعرفة الدولة، بما هي جملة كلية أو وحدة عينية من الأرض والشعب والسلطة السياسية أو النظام العام، ويرى فيه الآخر علماً للسلطة ووسيلة لدراسة آليات عملها بوصفها إدارة عامة. فالدولة، بحسب الاتجاه الثاني، لم تعد تحتكر ممارسة السلطة؛ إذ ينتج المجتمع تنظيمات تحتية في إطار الدولة تولد ظواهر سلطة، وتولد من ثم رؤية جديدة لماهية الدولة التي يغدو من الصعب فهمها من دون معرفة تنظيماتها. هذا الاتجاه الثاني الذي أسس له ميشيل فوكو بتوسيع مفهوم السلطة، يرى أن السلطة ليست بنية ولا مؤسسة، وليست ممارسة لقدرة ما منحت للبعض، بل هي "الاسم المستعار لوضع استراتيجي معقد داخل مجتمع معين .. إن السلطة موجودة في كل مكان، وهذا لا يعني أنها تبتلع كل شيء، بل يعني أنها تأتي من كل شيء"[3]. ففي اللحظة التي يفكر فيها في السلطة على طريقة الحقوقيين نصل إلى تفجير حقيقي ينطلق من نقطة مركزية (الدستور أو الحكومة) ليمتد داخل قنوات عدة في جسم المجتمع (الإدارة / الإدارات الخاصة). ولعل رؤية فوكو أقرب إلى مفهوم المجتمع المدني حين نضعها تحت مقولة الديالكتيك، أي جدل الخاص والعام. فالسلطة تنبع حقاً من كل شيء؛ من سلطة الأب إلى سلطة الكاهن إلى سلطة الحاكم، من سلطة القوة إلى سلطة المعرفة إلى سلطة المال وسلطة الملكية الخاصة، ومن سلطة المؤسسات والتنظيمات الاجتماعية على أعضائها إلى سلطة الدولة .. وهكذا إلى بقية السلطات. ولكن جميع هذه السلطات مجتمعة أو مأخوذة كلاً على حدة ليست بعد سلطة سياسية، وجمعها الحسابي لا يؤلف دولة سياسية أو سلطة دولة. وبالمقابل فإن جميع البنى والتنظيمات التي تتوفر على قوة السلطة ليست بعد مجتمعاً مدنياً. لأن النظام الذي تعمل بموجبه أي من هذه السلطات ليس نظاماً عاماً. فالمجتمع المدني والدولة السياسية في أحد أهم معانيهما انتقال من الخاص إلى العام الذي ليس له من وجود فعلي إلا في الخاص، انتقال من الجزئية إلى الكلية التي لا تتعين واقعياً إلا في الأجزاء. المجتمع المدني كالدولة السياسية كلاهما تجريد العمومية؛ وبهذا المعنى نتحدث عن القانون بصفته العامة والمجردة، ونرى فيه ماهية الدولة السياسية. وفي ضوء هذا التصور أيضاً نحاول إعادة تعريف السياسة. إن أحد أسباب إخفاق الدول حديثة الاستقلال يكمن في صعوبة الانتقال من الجزئية إلى الكلية، ومن العرف إلى القانون، أي من الجماعات المغلقة والمتحاجزة إلى المجتمع المدني. ذلكم هو الواقع الذي يقبع تحت القانون الصوري، فضلاً عن التعارضات الاجتماعية وما تولده من استقطابات وتنظيمات. لنقل إن الفارق النوعي بين "المجتمع الأهلي" والمجتمع المدني يكمن هنا، ويمكن أن نلخصه بالفارق النوعي بين العرف والقانون. ثمة مداخل منهجية مختلفة لدراسة المجتمع المدني، أحدثها، بعد البنيوية، الوظيفية (المدخل الوظيفي) والنظمية (المدخل المنظومي) وهو أحدثها وأكثرها شيوعاً في أيامنا. فالنزعة الوظيفية تعلن "أن مختلف العناصر الاجتماعية لنظام ما تقوم بوظيفة ضرورية للإبقاء على النظام. وبعد ترتيبها لعناصر النظام السياسي يقتصر تفسيرها للعلم السياسي على تبيان الوظائف الظاهرية والكامنة التي توفرها تلك العناصر، كالأحزاب واللجان البرلمانية والصحف وغيرها؛ فلا يفسر المجتمع السياسي إلا على قاعدة تنسيق هذه الوظائف"[4]. "أما النزعة النُظُمية أو المنظومية التي ولدت في الولايات المتحدة فتشدد على الدور الخاص للمجتمعات في تشكيل مجموعة منظمة، أو تشكيل نظام، أي مجموعة من الأدوات والعلاقات فيما بين هذه الأدوات. إلا أن غرابة الأبحاث المتعلقة بالوظيفية وخاصة تلك التي قام بها إستون Easton مثلاً فتكمن في الاهتمام برصد كيفية إعادة إنتاج النظام لنفسه وكيفية استمراره وتنظيم ذاته. وذلك باستجابته للمطالب عبر قرارات تطمئنه وترسخه .. ومن المؤكد أن قادة الدولة (الحكومة مثلاً) يحققون بالملموس تلك "العلبة السوداء" للوظيفيين حيث يتلقى الحكام مطالب الشعب ويتخذون القرارات[5]. الوظيفية وا لمنظومية كلتاهما تحيلان على نوع من "يد خفية" تتولى أمر تنظيم المجتمع، كتلك اليد الخفية التي تقوم بتنظيم "اقتصاد السوق" عند آدم سميث وعند الليبراليين الجدد. المنهج الوحيد الذي بوسعه أن يكشف النقاب عن هذه اليد الخفية هو الديالكتيك بوصفه منطق الصيرورة التاريخية، حين تكون مقدماته هي منجزات الوضعية الإيجابية ومعطيات الخبرة العملية. بخلاف سائر الطرائق والمداخل الوضعية الإيجابية، لا يكتفي الديالكتيك بدراسة المجتمع بما هو عليه فقط، بل يتجاوز ذلك إلى ما يمكن أن يصير عليه اتساقاً مع واقع المجتمعات الفعلي وتطورها التاريخي. الوظيفية التي تكتفي بوصف الظواهر الاجتماعية وتعيين الوظيفة أو الوظائف التي يقوم بها كل عنصر من عناصر الظاهرة المعنية في النظام الاجتماعي، لا تستطيع تفسير الظاهرة ولا تستطيع من ثم الإحاطة بكلية المجتمع وعوامل نموه وتطوره. "فغياب البحث السببي هو الذي يجعل التحليل الوظيفي محدوداً، وخاصة في عصرنا الراهن حيث يكثر الاختلال الوظيفي والانقسام الاجتماعي اللذان يتفوقان على براعة النظام. ومن أعظم ثغرات المنهج الوظيفي أيديولوجيته، فعندما يكتفي علم الاجتماع بالحديث عن كيفية سير نظام ما فإنه لا يستطيع مواجهة الانقسامات والتقلبات التي قد تصيب النظام، فهو يبدو كأيديولوجية مساندة لهذا النظام"[6]. ويطبق هذا النقد أيضاً على المنهج النظامي أيضاً الذي يصعب تطبيقه بدقة بسبب لغته المطلقة والعامة. والوظيفية رغم رواجها الكبير في الآونة الأخيرة لم تثمر إلا القليل من الأعمال المشجعة. فهي لم تكشف أموراً جديدة. فاعتبار المطالب مدخلات (inputs) متساوية من قبل التجمعات (ولا يفتقر تعبير التجمعات أيضاً إلى مفارقات) يعني إلغاء كل الصراعات داخل النظام الاجتماعي الذي يتحول إلى مجرد موزع للقرارات أو المخرجات (outputs). ولا يبدو الإعلان بأن النظام السياسي هو أداة بسيطة أو آلة عادية تحول الانفعالات الاجتماعية إلى قرارات وممارسات سياسية ابتداعاً للنظامية، بل إشارة إلى تبسيطها المفرط والباطل على المستوى النظري. وفيما يخص الشحنة الأيديولوجية للنظامية فلا يبدو أننا في حاجة إلى الكثير لفهمها، فهي تعطي الأولوية في بحثها السوسيولوجي لاستمرارية الأنظمة وقدرتها على إدارة ذاتها (أي إلغاء تأثير التناقضات الداخلية)، وليست هذه المقولة بالتأكيد دليل حياد النظامية"[7]. لا يسعنا الركون إلى الحيادية المزعومة للبنيوية وغيرها من المناهج الوضعية الحديثة، بحكم الفارق المعروف بين الأفكار في ذاتها والأفكار حين تندرج في أنساق وخطابات أيديولوجية، فجميع نتائج العلوم الوضعية تندرج في أنساق معرفية وأيديولوجية مختلفة ومتخالفة اختلاف القوى الاجتماعية وتخالف مصالحها، ولا ينبغي استبعاد تأثير هذه المصالح في المناهج ذاتها. المجتمع المدني، مجتمع الإنتاج والطبقات الاجتماعية والحاجات وميدان الأنانية والتنافس، هو الواقع العياني، أما الدولة التي تمثل المصلحة العامة أو المصلحة الجماعية فهي تجريد العمومية التي هي ماهية الأفراد والجماعات والطبقات أو الفئات الاجتماعية، وهي من ثم الاستلاب السياسي لهذه الماهية. وبهذا المعنى يمكن أن تصير الدولة "سماء الشعب"، بحسب تعبير كارل ماركس. وإذا كان لا يمكن رد المجتمع إلى أي عنصر غير اجتماعي، فإن العنصر الاجتماعي الأكثر جذرية والذي ينطوي على سائر العناصر الأخرى بالفعل وبالقوة هو العمل. والفارق النوعي بين عمل الإنسان وعمل الطبيعة أو عمل الحيوان هو كونه اجتماعياً، فمقولة العمل، بصفته الاجتماعية، تقبع في أساس مقولة الإنتاج الاجتماعي، إنتاج الثروة المادية والروحية على السواء، وإنتاج العلاقات والبنى والتنظيمات الاجتماعية والسياسية، ولا سيما الدولة، سماء الشعب. إرجاع الاجتماع البشري إلى العمل، وإرجاع مفهوم المجتمع إلى مفهوم العمل هو المدخل الذي نقترحه لتأسيس مفهوم المجتمع المدني وتتبع مراحل تطوره وتلمس الفروق بين مختلف تعييناته في العالم وفي التاريخ، وتصنيف المجتمعات بحسب نمو العمل، لا بحسب تعاقب أنماط الإنتاج، كما يقترح الكثيرون. وفق هذا المفهوم، يمكن تصنيف المجتمعات إلى مجتمعات زراعية ومجتمعات صناعية ومجتمعات ما بعد صناعية، إذا غضضنا النظر عن "مجتمعات" الرعي والصيد والالتقاط، وقد وضعناها بين حاصرتين لأن كلاً منها أقرب إلى مفهوم الجماعة منه إلى مفهوم المجتمع. ولا يتعارض هذا التصنيف مع التصنيفات التي ترد المجتمع إلى الإنتاج، لكنه يحاول الابتعاد عن ذلك التسلسل المثير للجدل لأنماط الإنتاج، ولا سيما التصنيف الستاليني الشهير. ولما كان العمل يتضمن مادة العمل (عناصر الطبيعة) وأدوات العمل (الآلات والمكائن) وأساليب العمل أو طرائقه ونتائج العمل وأهدافه وغاياته، فإنه يتضمن الفكر بالضرورة، فلا عمل بلا فكر، ولا فكر بلا عمل، وتبدو عبارة الفكر هنا قاصرة عن المعنى الذي يتضمنه العمل والذي أميل إلى التعبير عنه بعبارة الروح التي تبدو لي أكثر اتساقاً مع مفهوم العمل الذي يحمل في أحشائه جميع قوى الإنتاج، ما عرف منها وما سوف يعرف في المستقبل. فالعمل الذي امتاز به الإنسان من الحيوان هو الوساطة التي بها يتموضع الروح الإنساني في العالم وفي التاريخ، حتى يغدو بوسعنا أن نعرف الإنسان بأنه عالم الإنسان (المجتمع والدولة)، ويغدو بوسعنا تعريف المجتمع بأنه الإنسان مموضعاً، كما عرفه ماركس. العمل أبو التاريخ البشري، والطبيعة أمه. ولعل عبقرية ماركس تكمن في إرجاع مفهوم القيمة، ونضيف: وجميع القيم، إلى العمل. افتراض العمل أساساً لنشوء المجتمع ثم المجتمع المدني والدولة السياسية يتضمن بالضرورة مفهوم التعارضات الاجتماعية أو الصراع الطبقي، ولكن على نحو مختلف عن الصيغة التي عممتها "الماركسية السوفييتية"؛ لذلك أميل إلى مفهوم التعارضات الاجتماعية بدلاً من مفهوم الصراع الطبقي، انطلاقاً من واقعة اختلاف الأفراد والجماعات والفئات أو الطبقات الاجتماعية واختلاف مصالحهم ومصالحها اختلافات لا حد لها، وكل اختلاف هو فرق وحد يضع تعارضاً، لذلك نتحدث عن تعارضات اجتماعية مختلفة ومتفاوتة الشدة تحيلنا على مبدأ المجموعات الرياضي الذي يقبع في أساس التنظيم الاجتماعي أو التنظيمات الاجتماعية الحرة التشكلية المفتوحة على المستقبل. فهل ثمة مضمون اجتماعي (طبقي) للدولة، وإلى أي حد يتفق هذا المضمون الطبقي الخاص والجزئي مع عمومية الدولة وكليتها؟ليس للدولة بوصفها تجريد العمومية أي مضمون طبقي خاص أو جزئي، وإلا لكفت عن كونها دولة بالمعنى الحديث للكلمة. بيد أن الطابع الطبقي الذي ينسب للدولة هو طابع سلطتها السياسية فحسب، وما من شك في أن هذه السلطة السياسية تطبع الدولة بطابعها إلى هذا الحد أو ذاك، بحسب ما تكون عليه علاقاتها مع بقية فئات المجتمع المعني. فالبورجوازية الأوربية "وجدت في الدولة الشكل المناسب لسيطرتها السياسية، ولهذا اهتمت كطبقة صاعدة في القرن السادس عشر بالدستور والمؤسسات الرسمية"[8]. ولا سيما أن مفهوم الدولة الحديثة ارتبط منذ نشوئه بمفهوم المجتمع المدني على الصعيد الاجتماعي، وبمفهوم الأمة على الصعيد الثقافي، وبمفهوم الشعب على الصعيد السياسي، وإنه لضرب من العبث نفي علاقة التسبب بين الدولة والأمة، ولكنه من العبث أيضاً وضعهما في علاقة كعلاقة الدجاجة والبيضة، ما دام لا بيضة بلا دجاجة ولا دجاجة بلا بيضة. ولعل ما يعزز الميل إلى إرجاع المجتمع المدني والدولة إلى العمل والإنتاج الاجتماعي هو قابلية العمل والإنتاج للقياس والتحقق الإمبريقي، مما يسمح بوضع معايير علمية للحكم على درجة تطور المجتمع المعني. إن هوية مجتمع ما هو ما ينتجه على الصعيدين المادي والروحي. ولكن كيف يستقيم أن تمثل الدولة تجريداً لعمومية المجتمع المعني في الوقت الذي تمثل فيه سلطتها السياسية مصالح طبقة اجتماعية بعينها، أي كيف يستقيم أن تكون الدولة عامة وكلية وسلطتها السياسية خاصة وجزئية؟ وهل بوسع الخاص والجزئي أن يطبع العام والكلي بطابعه من دون أن يكون فيه عنصر عمومية وكلية، أم إن عمومية الدولة هي التي تطبع السلطة السياسية (الحكومة) بطابعها، فتجعل منها شيئاً عاماً؟ وأين تكمن بالضبط عمومية الدولة؟ سنترك الإجابة عن بعض هذه التساؤلات لكارل ماركس من دون أن نقوله ما لم يقل: يقول ماركس: "إن كل طبقة جديدة تحتل مكان طبقة كانت سائدة قبلها مضطرة، ولو لمجرد تحقيق أهدافها، إلى تمثيل مصلحتها على أنها المصلحة المشتركة لجميع أعضاء المجتمع؛ يعني أنه ينبغي لها، إذا شئنا أن نعبر عن ذلك على صعيد الأفكار، أن تعطي أفكارها شكل العمومية، وأن تمثلها على أنها الأفكار الوحيدة العقلانية، الأفكار الوحيدة الصالحة بصورة شاملة، إن الطبقة الثورية تمثل منذ البداية، لمجرد أنها تعارض طبقة أخرى، ليس على أنها طبقة، بل على أنها ممثلة المجتمع بأسره؛ إنها تتجلى على أنها الكتلة الكاملة للمجتمع في مواجهة الطبقة السائدة، وأنها تستطيع أن تفعل ذلك، بادئ ذي بدء، لأن مصلحتها أوثق ارتباطاً بعد بصورة فعلية بالمصلحة المشتركة لجميع الطبقات غير السائدة الأخرى، وذلك لأن تلك المصلحة لم تسنح لها الفرصة بعد، تحت ضغط الأوضاع القائمة، حتى ذلك الحين، كي تتطور على أنها المصلحة الخاصة لطبقة خاصة؛ وبالتالي فإن انتصارها يعود بالمنفعة أيضاً على أفراد كثيرين من الطبقات الأخرى التي لا تتوصل إلى السيطرة، لكن بقدر ما تجعل هؤلاء الأفراد في مركز يمكنهم من الانتساب إلى الطبقة السائدة"[9]. ليس بوسع أي طبقة أن تهيمن ثقافياً وتسيطر سياسياً من دون أن تتسنم ذروة من ذرى المشروعية التي هي التعبير العملي عن العمومية، وهو ما يجعل جميع الفئات الاجتماعية الأخرى تعترف للطبقة المهيمنة ثقافياً والمسيطرة سياسياً بأنها تمثل المجتمع كله، ولذلك كانت الطبقات الاجتماعية القديمة في حاجة ماسة إلى الدين بوصفه ذروة من ذرى المشروعية العليا. وتحت هذه القشرة المثالية يقبع الاحتياج المتبادل بين الأفراد والجماعات والفئات الاجتماعية. ومنذ بدايات الثورة البورجوازية التي نجمت عن تحول نوعي في بنية العمل البشري صار الاحتياج المتبادل أكثر قوة ووثوقاً، وأكثر شفافية، بقدر ما كانت المجتمعات تتخطى الحدود المحلية، وبقدر ما كانت الجماعات تخرج من عزلتها وتودع انغلاقها على ذاتها إلى غير رجعة. ولذلك وصف هيغل المجتمع المدني بأنه مجتمع الحاجات: حاجة البورجوازية إلى الطبقة العاملة التي لم تكن تقل عن حاجة الطبقة العاملة إليها، وحاجتهما معاً إلى الفئات الوسطى في المدن والأرياف، وحاجة هذه الفئات الوسطى إليهما؛ وأجنة العمومية لا تنمو إلا في تربة الاحتياج المتبادل. يذهب ميشال مياي الذي نحاوره في هذا المدخل إلى أن الدولة هي التي رسمت حدود الأمة شيئاً فشيئاً، وأن انتشار الدولة يسير بموازاة إرساء علاقات النموذج الرأسمالي، ومن ثم فإننا لا نستطيع البحث في الدولة كشيء مختلف عن النظام الرأسمالي وخارج عنه، بل إن الدولة هي النظام الرأسمالي ذاته. وأن تحليل السلطة يجب ألا يسلم بسيادة الدولة وشكل القانون والوحدة الشاملة للسيطرة، فهذه جميعاً ليست سوى أشكال السلطة النهائية، كما يقول فوكو[10]. ولعل هذا الرأي كان محكوماً بفكرة "تحطيم الدولة" الذي يعني " تحطيم كل ما يسمح للدولة بالعمل، وبإعادة إنتاج نفسها، وبالتالي إعادة إنتاج المجتمع البورجوازي". ونعتقد أن هذا الرأي محكوم قبل ذلك باختزال الدولة إلى أداة قهر طبقية، كما وصفها ماركس. أطروحة أنماط الإنتاج تنتسب أطروحة أنماط الإنتاج، أو تنسب نفسها إلى الماركسية، وتفترض "التجرد من ذاتية المجتمعات والباحثين"، ويدعي القائلون بها أنها تشير إلى طبيعة النظام الرأسمالي ومبدئه؛ "فمقابل كل نمط إنتاج هنالك نموذج دولة". إذاً، كل نمط من أنماط الإنتاج يقابله نموذج من نماذج الدولة وشكل من أشكالها. يقول ميشال ميان: "من الواضح أن يكون لنمط واحد للدولة، قائم على نمط إنتاج معين، أشكال مختلفة سنسميها أشكال الدولة. قد تكون الأشكال المتعددة التي تظهر طبيعة الدولة الخاصة متحركة، لكنها لا تدخل أي تعديل على طبيعة أو جوهر هذه الدولة، فيما يستخدم عادة الإيجاز التاريخي لتفسير تعدد الأشكال كنتيجة لتطور الدولة. لذا يميل الكثيرون إلى التبيان بأن الشكل الاستبدادي يسبق الشكل الليبرالي في الدولة المدنية. إلا أننا لن نبالي بهذا الجانب، إذ طالما عانى تصور الأشكال الاشتراكية من هذا التسلسل الأفقي الذي لن نأخذ به بعد اليوم. أما شكل الدولة بالنسبة لنا فسيعني الحركة الخاصة داخل نموذج معين لمختلف مؤسسات الدولة وممارساتها. وذلك دون أن تتلاحق مختلف الأشكال ضمن ترتيب ثابت. فإذا كان صحيحاً مثلاً أن شكل الدولة الإقطاعية (نموذج الدولة السابقة للرأسمالية) قد سبقت شكل الدولة الاستبدادية في أوربة الغربية (نموذج الدولة الرأسمالية) فإنه يصح أيضاً افتقاد هذا التراتب في مجتمعات أخرى، آسيوية مثلاً ... فقد كان لكل من بريطانيا وفرنسا أشكال حكم مختلفة، رغم تمتعهما بشكل مشترك للدولة البرلمانية. ولا يمكننا تفسير هذه الفروقات إلا بعد معرفة التاريخ السياسي الخاص بكلا هذين المجتمعين[11]. بنى مياي فرضيته على مصادرة تقول: "ليست الرأسمالية الممر الضروري لكل المجتمعات، فظهور المجتمعات الرأسمالية ولد معطيات دولية تسود فيها العلاقات الرأسمالية الإمبريالية، وبقيت بعض المجتمعات مؤقتاً خارج هذه الحركة، وقاومت الأخرى التغلغل الرأسمالي، أما المجتمعات الباقية فقد عرفت ظاهرياُ المرحلة الرأسمالية لتصل مباشرة إلى مرحلة ما بعد الرأسمالية[12]. ولا يخفى الطابع الأيديولوجي، الذاتي، لهذه المصادرة التي تتجاهل الطابع العالمي لنمط الإنتاج الرأسمالي، منذ بواكيره الأولى، أعني التراكم الأولي لراس المال الذي لم يكن في يوم من الأيام سوى علاقة اجتماعية وعلاقات بين الأمم والشعوب والدول. فلم تكن الرأسمالية الصناعية لتنشأ، ولم يكن للعمل البشري أن يتحول ذلك التحول النوعي لولا الرأسمالية التجارية (الميركنتيلية) والتجارة بعيدة المدى بالضروريات. فما كان للرأسمالية أن تنشأ وتنمو وتزدهر إلا في بيئة عالمية، وهذا ما آلت إليه بالفعل. وحسبنا أن نقول: إن المجتمع الحديث والدولة الحديثة والفكر الحديث نشأت كلها في كنف الثورة البرجوازية ونمط الإنتاج الرأسمالي العالمي، وإن الفروق والاختلافات بين أشكال الدول وأنظمة الحكم إنما تعود إلى مستوى نمو العمل والإنتاج الاجتماعي في كل مجتمع على حدة، في ظل التطور غير المتكافئ على الصعيد العالمي. لذلك لا يمكن القول: إن كل نمط من أنماط الإنتاج يقابله نموذج من نماذج الدولة وشكل من أشكالها. ونعتقد أن كل ما قيل عن نمط الإنتاج الآسيوي، وعن المدينة الدولة، وعن الإمبراطوريات القديمة صار في حاجة إلى إعادة نظر جذرية في ضوء تقدم العلوم والمعارف والكشوف الآثارية، ولم يعد حجة للباحث بل حجة عليه. هناك روابط ضرورية بين مستوى تطور العمل والإنتاج الاجتماعي من جهة، والعلاقات بين الطبقات أو الفئات أو المراتب الاجتماعية من جهة أخرى. هذه الروابط لا تسمح بافتراض أن نموذج الدولة الاستبدادية مقترن بنمط الإنتاج الآسيوي، ونموذج الدولة / المدينة والنموذج الإمبراطوري مرتبطان بنمط الإنتاج العبودي ونظام الرق، ونموذج الدولة الليبرالية مرتبط بنمط الإنتاج الرأسمالي. يضاف إلى ذلك أن مفهوم الدولة لا يقوم ولا يستقيم بغير مفهومي العمومية والكلية، وبغير مفهوم القانون بصفته العامة والمجردة، ومن ثم فإنه من قبيل المجاز فقط أن نطلق على أنظمة الحكم في المجتمعات ما قبل الرأسمالية صفة الدولة. يعرف مياي نفسه النظام الإقطاعي بأنه "شكل سياسي ناف للدولة، مع أنه طور سابق لها"[13]؛ مما يؤكد أن نمو العمل وتحوله النوعي إلى عمل صناعي قوامه العلم والتقانة هو العامل الرئيس في نشوء المجتمع المدني والدولة السياسية الحديثة، على أشلاء النظام الإقطاعي، نظام التضامن الشخصي، لا الإقليمي، الذي كان يقوم على نوع من لا مركزية إدارية تربط بين مراكز التقرير علاقات التبعية والولاء الشخصي التي تغدو معها الأرض مكافأة ينالها التابع من متبوعه لقاء التزامات معينة تنص عليها وثيقة الإقطاع وقسم الولاء. ومن ثم فإن المجتمع الإقطاعي لم يكن يعرف السياسة بوصفها مجموعة من المسؤوليات والالتزامات ملقاة على عاتق مواطن حر هو عضو في المجتمع وعضو في الدولة السياسية. فالمجال السياسي، ولا سيما مجال السلطة لم يكن مستقلاُ لا عن مجال الملكية ولا عن مجال الدين الذي كان يطبع سائر الممارسات الاجتماعية والسياسية بطابعه. فلم يكن ثمة مجال عام مشترك بين الأفراد والجماعات والفئات أو المراتب الاجتماعية، بل مجالات خاصة متنافرة ومتحاجزة يكتفي كل منها بذاته. فالسيد الإقطاعي هو شخص خاص وشخص عام في الوقت ذاته تتحدد علاقاته بتابعيه وبمتبوعه بالعرف والعادة والتقليد. المجتمع الإقطاعي يقوم على الامتيازات والحقوق الخاصة لا على القانون والحقوق العامة. لذلك يمكن القول إن نشوء الدولة الحديثة اقترن باستقلال الحياة الاجتماعية ونشوء حقل اجتماعي عام يستوعب حرية الفرد ويعترف بحقوقه بعض النظر عن أصله وفصله ونسبه وحسبه وثروته، وبغض النظر عن سائر تحديداته الذاتية الأخرى. لذلك صار القانون العام ضرورياً لتنظيم الحياة الاجتماعية، فالأعراف والعادات والتقاليد الخاصة بهذه الجماعة أو تلك لم تعد تصلح لتنظيم الحياة الاجتماعية لجماعات مختلفة وحدها العمل وراحت تتحدد بصفات غير تلك التي كانت تحدد الجماعات المغلقة، نشير هنا إلى الأهمية الحاسمة للإصلاح الديني في نشوءالمجتمع الحديث والدولة الحديثة. لم تستعمل كلمة دولة في اللغة الفرنسية إلا في مرحلة إرساء أسس الحكم المطلق، أي في القرن السادس عشر"[14]، فيما تعممت ابتداء من القرن السابع عشر. ويعود أصل الكلمة إلى اللاتينية ( status استاتوس)، وتعني الإبقاء، أي الوضع الثابت، ثم تحولت إلى استات، أي وضع شيء أو شخص، ولم تأخذ معنى المؤسسة السياسية الشاملة (بدل الجمهورية التي كانت تستعمل قبل ذلك) إلا ابتداء من القرن السادس عشر. وقد ظهرت في الوثائق الرسمية نحو سنة 1540 م[15]. ومع دخول مصطلح الدولة في الاستعمال "أخذ بعد جديد بالظهور مع تحرر السياسة من العلاقات الدينية والعائلية والشخصية. إن تحديد التفاوت بين المجتمع المدني (أي مجتمع الأعمال والطبقات) والمجتمع السياسي (المصلحة العامة) بقي تحديداُ "تفكير" الدولة كمؤسسة خاصة بالحياة السياسية، و "فوق" الأفراد، بمن فيهم الملك شخصياً الذي يعتبر الخادم الأول للدولة. كذلك أصبح الأفراد أحراراً ومتساوين أمام الشبكة التجارية، أي متحرربن من كل صلة وتضامن سابق، ولا تجمعهم سوى نقطة واحدة: الدولة. وفيما تبدو الدولة متسامية عن التقسيمات الطبقية، فإنها تعبر عن وحدة النظام الاجتماعي، أي المواطنين السياسيين. إن الفصل بين الرجل والمواطن يجد ترجمته العملية في الفصل بين المجتمع المدني والدولة. وليست الدولة متجاوزة لمصير الأفراد فحسب، بل عليها نفي الفروقات المحلية بتقديم نفسها على أنها وطنية، فالدولة الوطنية لا تلائم الوحدات المنغلقة الإقطاعية، بل تتناسب مع مجتمع مبني على الصناعة والتبادل والتجارة. والواقع أن الدولة المرتفعة عن الطبقات والانقسامات هي التجسيد القانوني للأمة، ذلك الكائن الأخلاقي الممثل لأفراد المملكة القدماء"[16]. "ولم تكن حركة الوحدة هذه ممكنة التحقيق لولا بناء أسس آلة إدارية مركزية استثمرتها البرجوازية الصاعدة وخبرت بها الدولة، كما يقول ألييس في كتابه دور الإقليم في تكوين الدولة الوطنية". ويضيف: "وسيتحول جهاز سلطة الدولة إلى دولة حديثة عندما تتخصص بعض هيئاته بوظائف معينة. ورغم أن الدولة المطلقة لا تفصل بين السلطات، فهي تبدأ تدريجياُ بالتمييز بين الوظائف المختلفة، خاصة في المجال الإداري والقضائي والقانوني والتشريعي (مع أن القانون لم يكن يسن بعد، بل يكتسب كعرف)، وهكذا تتخذ قمم الدولة شكل المركز العصبي الذي يحصر مختلف شبكات الإعلام والتقرير والسلطات التي عجز المجتمع الإقطاعي عن السيطرة عليها"[17]. بيد أن مفهوم الدولة بوصفها شيئاً عاماً (جمهورية)، أو تجريداً للعمومية احتاج إلى وقت طويل حتى تبلور في صيغة الدولة الليبرالية ذات الطابع البرجوازي الخالص، ولم يتحقق ذلك إلا بعد استقلال المجتمع السياسي عن المجتمع المدني، أي بعد تمايز مجالات الحياة الاجتماعية واستقلال كل منها استقلالاً نسبياً. تثير فكرة انفصال المجتمع السياسي عن المجتمع المدني، أي انفصال الدولة عن المجتمع المدني، التباساً في الذهن الذي لا يرى أن كل انفصال هو اتصال، أو كل فصل هو وصل. ونعتقد أن استقلال مجالات الحياة الاجتماعية هو النتيجة الواقعية لتقسيم العمل الاجتماعي، فإن تقسيم العمل هو كلمة السر التي تفسر انفصال المجتمع المدني عن الدولة، وفصل السلطات داخل الدولة ذاتها. إن انفصال الدولة عن المجتمع المدني هو استقلال الدولة وانفصالها عن المصالح الطبقية أو الفئوية أو المحلوية، أو حيادها إزاءها، وحيادها إزاء الدين وإزاء المذاهب الفكرية والنظريات السياسية. ولذلك افترضنا أنه ليس للدولة مضمون طبقي أو طابع طبقي سوى ذلك الذي يلابس سلطتها السياسية ويلازمها. ومن ثم، فإن انفصال الدولة عن المجتمع هو الذي يمكنها من أن تكون أداة لتنظيم التعارضات الاجتماعية والصراعات الطبقية وإدارتها. وليس تداول السلطة سوى تعبير عن هذه الوظيفة التي تحكم جميع وظائفها الأخرى وتحددها. " إن فصل لدولة عن المجتمع المدني يعني نزع الصفة الوراثية التي حملتها السلطة السياسية طوال العهود الإقطاعية، حيث أسهم كل من نظام القرابة والتضامن الإقليمي (المحلي) في تحويل السلطة إلى جزء من ميراث بعض الأفراد. ومنذ قيام الدولة الليبرالية صارت السلطة ملكاً للجميع، وصار من حق أي مواطن أن يكون رئيساً للجمهورية إذا توافرت له الشروط اللازمة لشغل هذا المنصب. انفصال الدولة عن المجتمع المدني أو استقلالها عنه ليس انفصالاً ميكانيكياً، ولا استقلالاً مطلقاً، بل هو بالأحرى ما يجعل من الدولة والمجتمع المدني قطبين جدليين في وحدة تناقضية تسمح بتحول كل منهما إلى الآخر، بتوسط الانتخابات التي بوساطتها يحكم الشعب نفسه بنفسه ويشرع لنفسه، ويرى فيها كل مواطن مصلحة عملية، وتوكيداً فعلياً لعضويته في الدولة، إذ يغدو حاكماً ومحكوماً في الوقت ذاته. فمفهوم الانتخابات وفق هذه الرؤية يرادف مفهوم المشاركة السياسية، ومفهوم المواطنة. وهي فوق ذلك الوسيلة التي بها تحصل السلطة السياسية على المشروعية التي تؤهلها للحكم بموافقة الناخبين أو يموافقة الشعب، مصدر المشروعية الوحيد. ولا تستمد الانتخابات قيمتها من كونها مباشرة وسرية ونزيهة تجري بإشراف قضاء مستقل فحسب، بل من مستوى الحريات العامة التي يتمتع بها المواطنون، ومن القوانين التي تنظم الحياة العامة، ولا سيما الحياة السياسية. فالانتخابات نوع من ممارسة جماعية يتنافس فيها الأفراد والأحزاب وجماعات المصالح الخاصة، وجماعات الضغط. وبممارستها مرة تلو مرة تتبلور التعارضات الاجتماعية ويتحول بعضها إلى جدل يرقى بالممارسة الاجتماعية والسياسية، ويرقى بالتشريعات والقوانين .

الموضوع الأصلي : الدستور الاسلامي الكاتب : AlexaLaw المصدر : منتديات عالم القانون
التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
 

الدستور الاسلامي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

.:: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ::.


      هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة     
odessarab الكلمات الدلالية
odessarab رابط الموضوع
AlexaLaw bbcode BBCode
odessarab HTML HTML كود الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم القانون :: منتدى AlexaLaw لعالم القانون :: فروع القانون العام :: القانون العام الداخلي :: القانون الدستوري-
انتقل الى:  
الإسلامي العام | عالم القانون | عالم الكتاب و الثقافة العامه | التجاره و المال و الأعمال | البرامج و تكنولوجيا المعلومات | تطوير المواقع و المدونات | الترفيهي و الإداري العام

Powered by AlexaLaw.com ® Phpbb Version 2
Copyright © 2010
.:: جميع الحقوق محفوظه لمنتدى عالم القانون © ::.

.::جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه و إنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه في حدود الديمقراطيه و حرية الرأي في التعبير ::.