عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .


عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .



عالم القانون

العدل أساس الملك - Justice is the basis
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
TvQuran
 السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة 110
AlexaLaw on facebook
 السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة 110
 السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة 110
 السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة 110
 السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة 110
 السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة 110

شاطر | 
 

  السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655043

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

 السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة 1384c10


الأوسمة
 :


 السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة Empty
مُساهمةموضوع: السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة    السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة I_icon_minitime3/10/2011, 22:57

خيارات المساهمة


السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة

لا يصبح أحد خليفة إلا إذا ولاه المسلمون قال تعالى: ﴿والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون﴾ [الشورى: 38]. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع» [مسلم]. وقال: «فوا ببيعة الأول فالأول» [رواه مسلم]. وقال: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» [رواه مسلم]. وإجماع الصحابة منعقد على أنه لا يتولى أحد الخلافة إلا إذا ولاه المسلمون ذلك. وقد وصل كل من الخلفاء الراشدين الأربعة إلى الخلافة بالبيع. واستخلاف أبي بكر لعمر كان بتفويض من الصحابة لأبي بكر رضوان الله عليهم، ثم بايعه المسلمون. وقال الإمام علي كرم الله وجهه: (ولعمر لئن كانت الإمام لا تنعقد حتى يحضرها عامة الناس فما إلى ذلك سبيل، ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها، ثم ليس للشاهد أن يرجع ولا للغائب أن يختار) نهج البلاغة: ج2/ص86. وقال سلام الله عليه: ( إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك رضى، فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى) نهج البلاغة ج3/ص7. وجاء في كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) ج5/ص417: (واتفق الأئمة على أن الإمام تنعقد ببيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يتيسر اجتماعهم من غير شرط عدد محدد، ويشترط في المبايعين للإمام صفة الشهود من عدالة وغيرها. وكذلك تنعقد الإمامة باستخلاف الإمام شخصاً عينه في حياته ليكون خليفة على المسلمين بعده). [ملاحظة: الاستخلاف من أبي بكر لعمر كان بناء على تفويض من الصحابة الذين هم أهل الحل والعقد. واستخلاف عمر للستة كان أيضاً بناء على تفويض من الصحابة. وبذلك ينحصر الأمر ببيعة أهل الحل والعقد]. الخليفة لا يكون مطلق التصرف بل يبايع على الكتاب والسنة قال تعالى: ﴿إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا، وأولئك هم المفلحون﴾ [النور: 51]. وقال: ﴿وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا﴾ [النساء: 61]. وقال: ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما﴾ [النساء: 65]. وعن معاذ (بن جبل) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن قال: «كيف تصنع إن عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بما في كتاب الله. قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد وإني لا آلو. قال فضرب رسول الله صدري ثم قال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله» [أحمد وأبو داود والترمذي]. وحين دعا عبد الرحمن بن عوف علياً وعثمان للبيعة قال لكل منهما نيابة عن المسلمين: (أتبايعني على كتاب الله وسنة رسوله وما فعل الشيخان) يعني أبا بكر وعمر. طاعة أولي الأمر قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلا﴾ [النساء: 59]. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أطاعني فقد أطاع الله ومن يعصني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني» [رواه مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم وهو يخطب حجة الوداع: «إن أمر عليكم عبد مجدع أسود يقودكم بكتاب الله فاسمعوا وأطيعوا» [رواه مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: «عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك» [رواه مسلم]. لا طاعة في المعصية قال صلى الله عليه وسلم: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» [رواه مسلم]. وقال: «لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف» [رواه مسلم]. وقال أبو بكر رضي الله عنه حين بويع بالخلافة: (أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم). محاسبة أولي الأمر قال تعالى: ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون﴾ [آل عمران: 104]. وقال: ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر﴾ [التوبة: 71]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [رواه مسلم]. وقال: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم لتدعنه فلا يستجاب لكم» [أحمد والترمذي]. وقال: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» [أحمد وابن ماجه]. وقال: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله» [رواه الحاكم]. هذا الأمر والنهي للحكام هو محاسبة لهم. وهو فرض من فروض الكفاية. وهو بالقلب وباللسان وباليد، شرط أن لا تشتمل المحاسبة باليد على استعمال سلاح. وقد حاسب سعد بن معاذ وسعد بن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ونزل عند رأيهما. وحاسبه الحباب بن المنذر يوم بدر ونزل عند رأيه. وحاسبه عمر بن الخطاب وجمع من الصحابة يوم الحديبية ولم ينزل عند رأيهم [سيرة ابن هشام]. وحاسبت امرأة عمر بن الخطاب في مسألة المهور فقال: (أصابت امرأة وأخطأ عمر) [أنظر تفسير الآية 20 من سورة النساء في القرطبي وابن كثير]. وقال الإمام علي رضي الله عنه: ( فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك مني) نهج البلاغة ج2/ص201. وقال عمر رضي الله عنه: (لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فينا إن لم نسمعها) يعني كلمة الحق في المحاسبة. هؤلاء هم خير الناس وسادتهم وكان المسلمون يحاسبونهم، فكيف بغيرهم؟.الثورة بالسلاح على الحاكم الذي يظهر الكفر البواح عن عبادة بن الصامت قال: «دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله. قال: إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان» [رواه مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع. قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما صلوا» [رواه مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم. قال: قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة» [رواه مسلم] وعبارة ( ما أقاموا فيكم الصلاة) هي كناية عن تطبيق أحكام الإسلام، وهي من باب تسمية الشيء بأبرز ما فيه. حين تكون الدار دار إسلام ويبدأ الحاكم في تحويلها إلى دار كفر وذلك بإظهار الكفر البواح الذي لا شبه فيه يجب على المسلمين أن يثوروا عليه بالسلاح لمنعه من ذلك بالقوة، ولكن هذه الثورة بحاجة إلى تنظيم وأمير يطلب النصرة ويعد القوة من أجل إنجاح هذه الثورة وليس من أجل الثورة فقط. وهذه الثورة هي لخلع الحاكم أو إرجاعه إلى الشرع وأطره على الحق أطراً. قال صلى الله عليه وسلم: «كلا والله ولتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً أو تقصرنه على الحق قصراً» [أبو داود والترمذي وابن ماجه]. فعندما ألغى أتاتورك الخلافة، وأدخل العلمنة كان يجب على المسلمين منعه بالسلاح. أما حين تكون الدار دار كفر أصلية، أو عادت إلى الكفر واستقرت عليه، فهذه تحتاج إلى جهد كبير من العمل الفكري والدعوة بالحجة لتهيئتها للتحول إلى دار إسلام. فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم بدأ دعوته في مكة وكان يرى الكفر البواح ولم ينابذهم بالسيف. وقد أقر صلى الله عليه وسلم المسلمين على العيش في دار الكفر (في مكة والحبشة) مع وجود دار الإسلام. وكان المسلمون يرون الكفر البواح في دار الكفر ولم يثوروا بالسلاح على حاكمها. إذ الأمر في مثل هذه الحال يحتاج إلى الإعداد الفكري ثم طلب النصرة لأخذ السلطة.
تعريف بالسياسة
السياسة هي رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً، وتكون من قبل الدولة والأمة، فالدولة هي التي تباشر هذه الرعاية عملياً، والأمة هي التي تحاسب بها الدولة. هذا هو تعريف السياسة، وهو وصف لواقع السياسة من حيث هي، وهو معناها اللغوي في مادة ساس يسوس سياسة بمعنى رعى شؤونه، قال في المحيط "وسست الرعية سياسة أمرتها ونهيتها" وهذا هو رعاية شؤونها بالأوامر والنواهي، وأيضا فإن الأحاديث الواردة في عمل الحاكم، والواردة في محاسبة الحكام، والواردة في الاهتمام بمصالح المسلمين يستنبط من مجموعها هذا التعريف، فقد روى مسلم عن أبي حازم قال : قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وأنه لا نبي بعدي ، وستكون خلفاء فتكثر ، قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم» رواه مسلم ، وقوله صلى الله عليه وسلم : «ما من عبد يسترعيه الله رعية لم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة» رواه مسلم، وقوله عليه السلام : «ما من والٍ يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة» رواه البخاري ، وقوله صلى الله عليه وسلم : «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف فقد برئ ومن أنكر فقد سلم إلا من رضي وتابع» رواه مسلم والترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم : «من أصبح وهمه غير الله فليس من الله، ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم» رواه الحاكم، وعن جرير بن عبد الله قال: «بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم» متفق عليه، فهذه الأحاديث كلها سواء ما يتعلق بالحاكم في تولية الحكم، أو ما يتعلق بالأمة التي تحاسب الحاكم، أو ما يتعلق بالمسلمين بعضهم مع بعض من الاهتمام بمصالحهم والنصح لهم، كلها يستنبط منها تعريف السياسة بأنها رعاية شؤون الأمة فيكون تعريف السياسة المتقدم تعريفاً شرعيا مستنبطاً من الأدلة الشرعية. ومنذ أن هدمت الخلافة وطبقت أنظمة الكفر السياسية في البلاد الإسلامية، انتهى الإسلام من كونه سياسياً، وحل محله الفكر السياسي الغربي المنبثق عن عقيدة المبدأ الرأسمالي، عقيدة فصل الدين عن الحياة. ومما يجب أن تدركه الأمة الإسلامية، أن رعاية شؤونها بالإسلام لا تكون إلاّ بدولة الخلافة، وأن فصل الإسلام السياسي عن الحياة وعن الدين، هو وأد للإسلام وأنظمته وأحكامه، وسحق للأمة وقيمها وحضارتها ورسالتها. والدول الرأسمالية تتبنى عقيدة فصل الدين عن الحياة وعن السياسية، وتعمل على نشرها وتطبيق أحكامها على الأمة الإسلامية، وتعمل على تضليل الأمة وتصور لها بأن السياسة والدين لا يجتمعان، وأن السياسة إنما تعني الواقعية والرضى بالأمر الواقع مع استحالة تغييره، حتى تبقى الأمة رازحة تحت نير دول الكفر، دول الظلم والطغيان، وحتى لا تترسم الأمة بحال سبيلاً للنهضة. بالإضافة إلى تنفير المسلمين من الحركات الإسلامية السياسية، ومن الاشتغال بالسياسة. لأن دول الكفر تعلم أنه لا يمكن ضرب أفكارها وأحكامها السياسية إلاّ بعمل سياسي، والاشتغال بالسياسة على أساس الإسلام. ويصل تنفير الأمة الإسلامية من السياسة والسياسيين إلى حد تصوير السياسة أنها تتناقض مع سمو الإسلام وروحانيته. ولذلك كان لا بد من أن تدرك الأمة السر وراء محاربة الدول الكافرة، والحكام العملاء للحركات الإسلامية وهي تعمل لإنهاض المسلمين بإقامة دولة الخلافة وتضرب أفكار الكفر، وتعيد مجد الإسلام. وعليه لا بد من أن تعي الأمة الإسلامية معنى السياسة لغة وشرعاً، وأن الإسلام السياسي لا يوجد إلاّ بدولة الخلافة، والتي بدونها يغيض الإسلام من كونه سياسياً، ولا يعتبر حياً إلاّ بهذه الدولة، باعتبارها كياناً سياسياً تنفيذياً لتطبيق أحكام الإسلام وتنفيذها، وهي الطريقة الشرعية التي تنفذ بها أحكام الإسلام وأنظمته في الحياة العامة، وأن الله قد أوجب على الأمة تطبيق هذه الأحكام، وحرم الاحتكام لأنظمة الكفر، لمخالفتها للإسلام ولأنها من وضع البشر. ولذلك كان لا بد من أن تثقف الأمة الثقافة الإسلامية، ودوام سقيها بالأفكار والأحكام السياسية، وبيان انبثاق هذه الأفكار وهذه الأحكام عن العقيدة الإسلامية باعتبارها فكرة سياسية، والتركيز على ذلك من الناحية الروحية التي فيها، باعتبار أنها أوامر ونواه من الله لا بأي وصف آخر. وهذا الوصف هو الذي يكفل تمكن أفكار وأحكام الإسلام في النفوس، ويكشف للأمة معنى السياسة والفكر السياسي، ويجعلها تدرك المسؤولية الملقاة على عاتقها لإيجاد أفكار الإسلام وأحكامه في حياتها العملية، وأهمية الرسالة العالمية التي أوجب الله حملها للناس كافة، خاصة وهي ترى مدى ما وصل إليه حالها في هذا العصر لغياب دولة الإسلام وأفكار وأحكام الإسلام من حياتها، ومدى ما وصل إليه العالم من شرٍ وشقاء واستعباد للناس. وهذا التثقيف السياسي، سواء أكان تثقيفاً بأفكار الإسلام وأحكامه، أم كان تتبعاً للأحداث السياسية فإنه يوجد الوعي السياسي، ويجعل الأمة تضطلع بمهمتها الأساسية، ووظيفتها الأصلية ألا وهي حمل الدعوة الإسلامية إلى الشعوب والأمم الأخرى.
الاشتغال بالسياسة فرض على المسلمين
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم يا رسول الله؟ قال: لا ما صلوا» وقال: «أفضل الجهاد كلمة حق تقال عند ذي سلطان جائر، أو أمير جائر» وقال: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله» وعن عبادة بن الصامت قال: «دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلاّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان» . وقال تعالى: ﴿ألم . غلبت الروم . في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون . في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون﴾ . فهذه الأحاديث والآية الكريمة دليل على أن الاشتغال بالسياسة فرض. وذلك أن السياسية في اللغة هي (رعاية الشؤون) . والاهتمام بالمسلمين إنما هو الاهتمام بشؤونهم، والاهتمام بشؤونهم يعني رعايتها، ومعرفة ما يسوس به الحاكم الناس. والإنكار على الحاكم هو اشتغال بالسياسة، واهتمام بأمر المسلمين، وأمر الإمام الجائز ونهيه هو اهتمام بأمر المسلمين ورعاية شؤونهم، ومنازعة وليّ الأمر إنما هو اهتمام بأمر المسلمين ورعاية شؤونهم. فالأحاديث كلها تدل على الطلب الجازم، أي على أن الله طلب من المسلمين طلباً جازماً بأن يهتموا بالمسلمين، أي أن يشتغلوا بالسياسة. ومن هنا كان الاشتغال بالسياسة فرضاً على المسلمين. والاشتغال بالسياسة، أي الاهتمام بأمر المسلمين إنما هو دفع الأذى عنهم من الحاكم، ودفع الأذى عنهم من العدو. لذلك لم تقتصر الأحاديث على دفع الأذى عنهم من الحاكم، بل شملت الاثنين. والحديث المروي عن جرير بن عبد الله أنه قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أبايعك على الإسلام، فشرط عليّ النصح لكل مسلم» جاء فيه لفظ النصح عاماً فيدخل فيه النصح له بدفع أذى الحاكم عنه، والنصح له بدفع أذى العدو عنه. وهذا يعني الاشتغال بالسياسة الداخلية في معرفة ما عليه الحكام من سياسة الرعية من أجل محاسبتهم على أعمالهم، ويعني أيضاً الاشتغال بالسياسة الخارجية في معرفة ما تبيته الدول الكافرة من مكائد للمسلمين لكشفها لهم، والعمل على اتقائها، ودفع أذاها. فيكون الفرض ليس الاشتغال بالسياسة الداخلية فحسب، بل هو أيضاً الاشتغال بالسياسة الخارجية، إذ الفرض هو الاشتغال بالسياسة مطلقاً، سواء أكانت سياسة داخلية أم خارجية. على أن آية ﴿ألم . غلبت الروم . في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون﴾ تدل دلالة واضحة على مدى اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام بالسياسة الخارجية، وتتبعهم للأخبار العالمية. وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب فقال: بلغنا أن المشركين كانوا يجادلون المسلمين وهم بمكة قبل أن يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فيقولون: الروم يشهدون أنهم أهل كتاب، وقد غلبهم المجوس، وأنتم تزعمون أنكم ستغلبوننا بالكتاب الذي أنزل على نبيكم فيكف غلب المجوس الروم؟ وهم أهل كتاب، فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم: فأنزل الله ﴿ألم . غلبت الروم﴾ وهذا يدل على أن المسلمين في مكة حتى قبل إقامة الدولة الإسلامية كانوا يجادلون الكفار في أخبار الدول، وأنباء العلاقات الدولية. ويروى أن أبا بكر راهن المشركين على أن الروم سيغلبون، وأخبر الرسول بذلك فأقره الرسول على هذا، وطلب منه أن يمدد الأجل، وهو شريكه في الرهان. مما يدل على أن العلم بحال دول العصر، وما بينها من علاقات أمر قد فعله المسلمون، وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم . وإذا أضيف إلى ذلك أن الأمة تحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، ولا يتيسر لها حمل الدعوة إلى العالم إلاّ إذا كانت عارفة لسياسية حكومات الدول الأخرى، وهذا معناه أن معرفة سياسة العالم بشكل عام، وسياسة كل دولة تريد حمل الدعوة إلى شعبها، أو رد كيدها عنا، فرض كفاية على المسلمين، لأن حمل الدعوة فرض، ودفع كيد الأعداء عن الأمة فرض، وهذا لا يمكن الوصول إليه إلاّ بمعرفة سياسة العالم، وسياسة الدول التي نعنى بعلاقاتها لدعوة شعبها، أو رد كيدها. والقاعدة الشرعية تقول: (ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب) لذلك كان الاشتغال بالسياسة الدولية فرض كفاية على المسلمين. ولما كانت الأمة الإسلامية مكلفة شرعاً بحمل الدعوة الإسلامية إلى الناس كافة كان فرضاً على المسلمين أن يتصلوا بالعالم اتصالاً واعياً لأحواله، مدركاً لمشاكله، عالماً بدوافع دوله وشعوبه، متتبعاً الأعمال السياسية التي تجري في العالم، ملاحظاً الخطط السياسية للدول في أساليب تنفيذها، وفي كيفية علاقة بعضها ببعض، وفي المناورات السياسية التي تقوم بها هذه الدول.
طروحات ونقضها
وصف الشريعة الإسلامية بالمرونة والتطور يقول الله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } يبين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن الإسلام هو الدين الذي رضيه الله لعباده ، وهو الشريعة الكاملة والمنهج الصحيح الذي يعالج مشكلات البشر وما عدا ذلك من فهم فإنه يناقض الكمال الذي نصت عليه الآية ويتعارض مع رضا الله بالإسلام كدين والذي وضحته الآية الكريمة وضوحاً تاماً.
التطرّف
تتردد على ألسنة الحكام والمفكرين ووسائل الاعلام هذه الأيام ، ألفاظ التطرف والمتطرفين والاعتدال والمعتدلين وذلك عند الحديث عن الحركات الإسلامية وعن العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية أو عند الحديث عن أفكار الإسلام وخاصة السياسية منها ، بل لقد أصبح الغرب الكافر يرصد واقع المسلمين بشكل دؤوب ويعد الدراسات والأبحاث أُطروحات في موضوع إقامة الدولة الإسلامية مخالفة للطريقة الشرعية هناك أطروحات يقف وراءها جماعات إسلامية، أو مفكرون مسلمون، تتعلق بهذا الموضوع . وبغض النظر عن القائل فلا بد من الاهتمام بالقول . ولا بد من استعراض سريع لها وإماطة اللثام عنها حتى لا يبقى المسلم في حَيْرة، يضيع في متاهات هذه الطروحات، أو يحمل شبهات تتعلق بحمل الدعوة . ونعرض فيما يلي أهمها :
الوطنية
الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على من اصطفى وبعد ، لم تكن الوطنية تمثل يوما للمسلمين هاجسا أو تصورا أو حتى شعورا يحرك الواحد منهم تجاه الأشياء والحوادث والأشخاص تحريكا متميزا .بل إن العرب أنفسهم وقبل ظهور الإسلام لم يكن للوطنية مفهوم عندهم ولم تكن تتجاذبهم من العنصريات إلا الرابطة العرقية أو القبلية وما ينتج عنها من التفاخر والتناصر فيما بينهم ،
وصف الشريعة الإسلامية بالمرونة والتطور
يقول الله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } يبين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن الإسلام هو الدين الذي رضيه الله لعباده ، وهو الشريعة الكاملة والمنهج الصحيح الذي يعالج مشكلات البشر وما عدا ذلك من فهم فإنه يناقض الكمال الذي نصت عليه الآية ويتعارض مع رضا الله بالإسلام كدين والذي وضحته الآية الكريمة وضوحاً تاماً. فالشريعة الإسلامية أحاطت بجميع أفعال الإنسان إحاطة تامة شاملة ، فلم يقع للإنسان شيء في الماضي ولا يعترض الإنسان شيء في الحاضر ولا يحدث للإنسان شيء في المستقبل إلا ولكل شيء من ذلك حكم في الشريعة الإسلامية ، قال تعالى { ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء } ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " تركتكم على محجّة بيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك ".والشريعة الإسلامية عندما تعالج مشاكل الإنسان في جميع الأزمنة والأمكنة بأحكامها مهما تجددت وتنوعت تلك المشاكل فهي إنما تعالج مشاكل الإنسان بوصفه إنساناً ليس غير ، ذلك أن الإسلام هو دين الله الذي أنزله لكل البشر وهو المنهج القادر على حل مشكلات كل البشر ، مهما اختلفت ألوانهم وبيئاتهم وأجناسهم وأماكن عيشهم وأزمنتهم. ذلك أن الإنسان هو الإنسان في كل مكان وزمان ، في غرائزه وحاجاته ، فكذلك أحكام معالجاته لا تتغير ، أما ما يتجدد من مطالب الإنسان المتعددة فقد جاءت الشريعة بأحكام هذا المتجدد من المطالب ، لذا كان ذلك سبباً في نمو الفقه وازدهاره . فالإجارة عندما ترد في قوله تعالى{ فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } فإن هذه الآية يستنبط منها حكم شرعي وهو أن المطلقة تستحق أجرة الرضاع ، ويستنبط منها أن الإجارة عقد على المنفعة بعوض وهي تنطبق على إجارة العامل أو الفلاح أو الموظف كما تنطبق على إجارة السيارة والطائرة وهكذا. والآية عندما تقول { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} فإن ما يستنبط من هذه الآية هو وجوب الإعداد لإرهاب أعداء الله ، وكما كان الإعداد في الماضي بالرماح والسهام والسيوف فإنه يجب أن يكون الآن بمصانع الأسلحة والطائرات والدبابات وأدوات الحرب الحديثة وهكذا. فهذا الاتساع بالنصوص لاستنباط أحكام متعددة لمشاكل متعددة ، هو الذي جعل الشريعة الإسلامية وافية بمعالجة مشاكل الحياة في كل زمان ومكان وفي كل أمة وجيل وقد قيل قديماً وهو قول حق أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان. وسعة الشريعة الإسلامية لكل مشكلات الإنسان الماضية أو الحاضرة أو المتجددة لا تعني أن الشريعة الإسلامية مرنة بحيث أنها تنطبق على كل شيء ولو ناقضها ، فإن المرونة مفهوم خطير ألصق بالإسلام ليجعل منه لباساً مهلهلاً يقبل أي فكر أو مفهوم أو رأي ولو ناقضه وخالفه. ذلك أنه بعد أن نهض الغرب بفصلهم الدين عن حياتهم وعزلهم للسلطة الكنسية عن واقع الحياة فإنهم التفتوا للإسلام والمسلمين وبدؤوا يعرضون على المسلمين حلولاً لمشاكل الحياة المتجددة عندهم ، ويطلبون من المسلمين أن يقدموا حلولاً من الإسلام لها ، فما كان من المسلمين وهم في أشد حالات ضعفهم إلا أن يقبلوا حلول الغرب على أنها من الإسلام فقالوا بتحرر المرأة وقالوا بالاشتراكية والديمقراطية وحرية الرأي والحرية الشخصية وجعلوا كل ذلك من الإسلام مدعين أن الشريعة الإسلامية ليست جامدة بل هي مرنة تقبل كل شيء ، ونسوا أو تناسوا أن الإسلام قام على عقيدة راسخة وأنه جعل هذه العقيدة مقياس كل الأفكار وجعل الحلال والحرام مقياس كل الأعمال فالله تعالى يقول { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به".وكون العقيدة مقياساً لكل شيء يعني أن تكون المعالجات مأخوذة من نصوص الشرع وليس من الهوى والعقل فكل ما لم يأت به الإسلام من معالجات لمشاكل الإنسان فهو من غير الإسلام ولا يجوز أخذه ، قال صلى الله عليه وسلم: " كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد " ، فمثلاً نجد أن المسلم مقيد بأحكام الشرع ولا يملك أن يعصي الله تعالى بحجة الحرية الشخصية ، وهو إن فعل ذلك نال العقوبة على معصيته إن كان في الدنيا بمعاقبة الحاكم له ، أو كان في الآخرة بعقاب الله عز وجل ، فلا يحل لمسلم أن يزني بحجة الحرية الشخصية ولا يحل له أن يهزأ بالقرآن بحجة حرية الرأي ولا يحل له أن يرتد عن دينه بحجة حرية العقيدة ، ذلك أن مجرد الدخول في الإسلام يعني الانقياد لله تعالى في كل شيء {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}.وكذلك المرأة مثلاً فإنه لا يحل لها أن تكشف عن عورتها بحجة تحرر المرأة ، وهي إن فعلت ذلك استحقت التعزير من الحاكم والعقوبة من الله تعالى ، وهكذا فكل تصرفات المسلم وآراءه وأقواله مقيدة بحكم الشرع ، بل وغير المسلم ، فالكافر الذمي تطبق عليه أحكام الإسلام مثل المسلم سواء بسواء فلا يحل له أن يرتكب المعصية بين المسلمين بحجة أنه غير مسلم ، فالرسول صلى الله عليه وسلم عامل أهل الذمة حسب أحكام الإسلام وفي حديث جابر بن عبد الله قال : " رجم النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من اليهود وامرأة " لذلك فإن القول بمرونة الشريعة لتقبل كل شيء هو قول خطير ومن أسوأ عواقبه أن يضيع ديننا فنقبل ما ليس منه على أنه منه وفي ذلك خسران الدنيا والآخرة . أما القول بتطور الشريعة فهو لا يقل خطراً عن القول بمرونتها ، إذ أن التطور يعني الانتقال من حال إلى حال ويعني التبدل مع الزمن ، والقول بتطور أحكام الإسلام يعني أن أحكام الإسلام تتبدل وتتغير مع الزمن فهي تتطور ، لذلك لا عجب أن يكون حكم الله في المسألة أنها حرام وبالتطور تجدها حلالاً ولا عجب أن يكون حكم الله في المسألة أنها حلال وبالتطور مع الزمن يصبح حكمها حراماً وهكذا ، لذلك وجد في المسلمين من جارى الغرب في أفكاره فقال بأن أحكام الإسلام تتغير بتغير الأزمان ، فوجدنا في المسلمين من يقول بجواز تعدد بلاد المسلمين ومن يقول بجواز الاستعانة بالكفار والتنازل لهم عن أرض المسلمين ومن يقول بجواز الربا وغير ذلك مما ألبس على المسلمين دينهم ، في حين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم فاقتلوه " وغير ذلك من الأدلة التي تحرم تجزئة بلاد المسلمين وتأمر بوحدة المسلمين تحت راية خليفة واحد ، كما وجد من يقول بأن قطع يد السارق وحشية فيستعاض عنها بالسجن ، كما وجدت في القوانين الوضعية المعالجات التي تبيح الزنى وتقصر عقوبته على الأزواج ، وغيرها وغيرها من المفاهيم والآراء والأفكار والمعالجات التي قلبت الحلال حراماً والحرام حلالاً وكل ذلك بحجة التطور والتجديد. إن أحكام الله تعالى لا تتغير ولا تتبدل فحكم الله في السارق هو قطع يده سواء أسرق السارق في سنة عشرة للهجرة أم سرق في سنة ألفين للهجرة ، والزنا هو الزنا سواء أوقع في عهد أمير المؤمنين أم وقع في عهدنا هذا ، لا يغير من واقع حد السرقة أن تغيرت أشكالها وصورها ونظرة النّاس للحد من عدمها ، كما لا يغير من واقع حرمة الزنا رواجه لدى الغرب أو إباحته في بلاد المسلمين أو غير ذلك. لذا يجب علينا كمسلمين أن نفقه أحكام ديننا وأن نحافظ عليها من التغيير والتبديل ولا يكون ذلك إلا بتطبيقها التطبيق الصحيح في الكيان الذي بشر به رسول صلى الله عليه وسلم وهو كيان الخلافة. إن السعة في الشريعة الإسلامية لا تعني أنها مرنة لتنطبق على كل شيء ولو خالفها كما أنّها لا تعني التطور لتتغير أحكامها وتتبدل مع الزمن ولكنها تعني أنها الشريعة الكاملة الشاملة الحاوية لمعالجات كل المشاكل التي تطرأ للإنسان وذلك وفق طريقة ثابتة لا تتغير وهي أن تكون هذه المعالجات من الوحي أي قام الدليل الشرعي عليها سواء أكان هذا الدليل هو القرآن الكريم أو السنة المطهرة أو إجماع الصحابة الكرام أو القياس. ولا يمكن أن تستنبط المعالجات من الأدلة الشرعية إلا بوجود الراعي الذي يطبق أحكام الإسلام تطبيقا صحيحاً ، ويوجد المجتهدين في الأمّة الذين يكون دورهم هو فهم النصوص الشرعية واستنباط الأحكام الشرعية منها لما يستجد من مشكلات. وهذا ما كان عليه المسلمون عندما كانت لهم دولة قائمة على الإسلام في قوانينها وسياستها ورعايتها للناس مسلمين كانوا أم غير مسلمين.
التطرّف
﴿يُرِيدُونَ أن يُطْفِئُواْ نُورَ اللهِ بِأفْواهِهِمْ وَيَأبَى الله إِلاّ أن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾تتردد على ألسنة الحكام والمفكرين ووسائل الاعلام هذه الأيام ، ألفاظ التطرف والمتطرفين والاعتدال والمعتدلين وذلك عند الحديث عن الحركات الإسلامية وعن العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية أو عند الحديث عن أفكار الإسلام وخاصة السياسية منها ، بل لقد أصبح الغرب الكافر يرصد واقع المسلمين بشكل دؤوب ويعد الدراسات والأبحاث لمواجهة ما يسمى بالتطرف ، وما يفعل ذلك إلا لغرض خبيث ، هو محاربة الإسلام وحملة دعوته للحيلولة دون عودته إلى واقع الحياة . وإن الناظر في منطقة العالم الإسلامي اليوم يراها تعيش واقعا غير عادي من السوء ، ويرى اهلها يعيشون في سجن كبير ، تحت تسلط الطواغيت وجلاوزتهم وارهابهم للناس وتحت وطأة محاربةٍ شرسة للاسلام كنظام للحياة والدولة والمجتمع ، ومحاربة لحملته الذين يعملون لايصاله إلى موقع الحكم والتطبيق ، مما اثر على ارادة الناس ، وعلى مقدرتهم على الحركة ، وعلى التعبير عن آرائهم وافكارهم . كما يرى الكفارَ ودول الكفر بقضهم وقضيضهم قد اعلنوا العداء الصريح للاسلام كنظام للحياة واخذوا يحاربونه ويحاربون حملته والعاملين لاعادته إلى الحياة والدولة والمجتمع محاربة شرسة بل وسخروا عملاءهم من حكام البلاد الاسلامية ، وعلى رأسهم حكام البلاد العربية ومن استاجروه من أبناء المسلمين من العلمانيين والمأخوذين بالحضارة الغربية ومن غيرهم للقيام بمهاجمة الإسلام كنظام للحياة ، وتشويه احكامه ، والافتراء عليه ، ووصمه بصفات شنيعة . وقد اشتدت محاربتهم الفظيعة والشرسة للاسلام كنظام للحياة ولحملته بعد سقوط النظام الشيوعي وتفكك الاتحاد السوفياتي ، بعد ان برز الإسلام على الساحة كعامل سياسي يتطلع اليه المسلمون ليتخلصوا به من واقعهم السيء ، ومن تحكم أفكار الكفر وقوانينه وأنظمته ودوله الكافرة بهم ، وقد شنوا على الإسلام كنظام للحياة ، وعلى حملته ، حملة شعواء في وسائل الاعلام العالمية وشوهوا صورته ، ووصموه بانه دين ارهاب وقتل ووصموا حملته بانهم قتلة وإرهابيون ومتطرفون ليثيروا عداء الشعوب له ولحملته وليبرروا استقتالهم واستقتال عملائهم من حكام البلاد الإسلامية على ضربه وضرب حملته بهذا الشكل الفظيع والشرس . ولم تقتصر محاربتهم الإسلام كنظام للحياة ، بل تعدى الأمر إلى محاربة مجرد اسم الإسلام ، ومجرد اسم المسلمين كما هو حاصل في البوسنة والهرسك ، لان الإسلام اصبح شبحا مرعبا للكفر ولدول الكفر ، فانه يذكرهم بدولة الخلافة التي قضت على الدولتين العظيمتين فارس والروم ، والتي استمرت الدولة الأولى في العالم قرابة عشرة قرون ، والتي فتحت القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية ، وجعلتها عاصمة لها ، والتي غزت أوروبا وحكمت أجزاء كبيرة منها قرابة خمسة قرون. وهذا العداء الفظيع ، والمحاربة الشرسة من الكفر ودول الكفر والكفار ، ومن عملائهم حكام البلاد الاسلامية ، للاسلام وحملته ، وللمسلمين في شتى بقاع الارض يجعل المسلم يعتصر ألما وهو يقرأ او يسمع أو يشاهد ما يوقعه هؤلاء الكفار وعملاؤهم المجرمون للمسلمين من اذى وتقتيل وتشريد واستباحة اعراض ، وتعد على الحرمات ومن ضربات فظيعة لا ترحم و من نهب ثروات ، ومن فرض هيمنة ومن تحكم بالبلاد والعباد ، وما كل ذلك الا لكون المسلمين لا راعي لهم ، وقد اصبحوا كالغنم الهائمة على وجوهها بعد ان فقدت راعيها تتخطفها الوحوش الكاسرة من كل جانب. إلا أن الامة الاسلامية وبحمد الله تعالى صارت لا ترى خلاصا لها من محنتها الا باستئناف الحياة الاسلامية ، واقامة الخلافة ، وعودة الإسلام إلى الحكم والدولة ، وقد اقبل جمهرة المسلمين من أبنائها على العمل بالاسلام والتمسك باحكامه ، وقامت تكتلات واحزاب في الأمة تعمل على التخلص من انظمة الكفر ، ومن أفكار الكفر الوافدة الينا مع الغزو الصليبي الغربي الكافر ، وعلى خلع الدساتير والقوانين الوضعية ، والقضاء على الافكار الكافرة من ديمقراطية ، وقومية ووطنية وحرية شخصية وغيرها ، واحلال الإسلام السياسي وأنظمته واحكامه وافكاره محل هذه الاحكام والأفكار . ولكن بعد ان صار تحقيق كل ذلك يلوح في الأفق ، هال هذا الأمر الكفار ودول الكفر كما هال حكام المسلمين والمفتونين بالثقافة الغربية والحاملين لها ، فراحوا يتلمسون السبل لوقف هذا الزحف ، فكان ما أعدوه من وسائل أن لجأوا إلى الناحية الفكرية لتشويه أحكام الإسلام وتنفير المسلمين من دعاة الإسلام ، لصرفهم عن العمل لقلع أفكار الكفر وأنظمته ، وخلع الطواغيت الظلمة الذين يجثمون على صدور الناس وأضلاعهم ، وبالتالي صرف المسلمين عن مسيرتهم نحو إقامة الخلافة وإعادة الحكم بما انزل الله . فكانت ألفاظ التطرف والمتطرفين والإرهاب والإرهابيين، والاعتدال والمعتدلين ، التي شهروها في وجوه المسلمين العاملين بالإسلام وللإسلام ، وقد صرفوا هذه الألفاظ عن دلالتها والمعاني التي وضعت لها عن خبث وسوء نية ، فجعلوا من ينكر على حكام المسلمين الطواغيت ظلمهم وحكمهم بأحكام الكفر ، ويعمل لإقامة الخلافة والحكم بما انزل الله متطرفا ، وجعلوا من يسايسهم ويرضى عنهم ، ومن يعمل للإصلاحات الجزئية مع بقاء نظام الكفر معتدلا . هكذا دبروا ، وهكذا نفذوا ، جاعلين من أنفسهم ودولهم المثل الأعلى والمصدر الذي تصدر عنه الآراء والأفكار ، مع أن الله سبحانه يوجب على المسلمين أن يصدروا عن الإسلام وأحكامه وان يتمسكوا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم لا غير ، فان يأتي هؤلاء الحكام ليضعوا أنفسهم بدل ربهم ، ودولهم بدل دينهم فهو الضلال ، وهو ادعاء الربوبية من دون الله . ثم أن يأتي أعوانهم من المثقفين بالثقافة الغربية ، ومن بعض المشايخ ليكونوا أبواقا لهذه الضلالات فهو الإجرام الذي ما بعده إجرام . إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يوجب على المسلمين الإنكار على الحكام الظالمين ، ويوجب عليهم ان يغيروا عليهم ليردوهم عن ظلمهم ، فقد روى ابو امامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله : " أعظم الجهاد كلمة حق تقال في وجه سلطان جائر " ، وفي رواية لعبد الله بن مسعود " لتأخذن على يد الظالم ، ولتأطرنه على الحق اطرا " وتمام الرواية عن حذيفة " او ليوشكن الله ان يبعث عليكم عقابا منه فتدعونه فلا يستجاب لكم " . اما هؤلاء الطواغيت فقد رموا كل من يعمل من دعاة الإسلام لخلعهم والانكار عليهم بالتطرف اي انهم رموا الإسلام نفسه بالتطرف ما دام اسلاما سياسيا يراد منه ان يحل محلهم ، ويقصيهم عن كراسيهم . ثم تمادوا في صلفهم وعمالتهم ، فنادوا بان كل من يحرم موالاة الكفار ودولهم من الامريكيين والانجليز والفرنسيين والروس ، والاستعانة بهم ، هو متطرف ومنغلق ومتزمت ، وان من يقبل الاستعانة بهم وموالاتهم هو معتدل وعقلاني وايجابي . مع أن الإسلام يحرم على المسلمين موالاة الكفار يهودا كانوا او نصارى ، ويحظر عليهم اتخاذهم اولياء وانصارا ، قال سبحانه وتعالى : ﴿لا يتخذ المؤمنين الكافرين اولياء من دون المؤمنين ، ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء﴾ ، وقال تعالى : ﴿لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا اباءهم او ابناءهم او اخوانهم او عشيرتهم﴾ . كما طلعوا علينا بان الصلح مع اسرائيل ، والاعتراف بها ، وباحتلالها وملكيتها لارض اسلامية اعتدال وتعقل ، وان من يحرم الصلح معها وينادي بالقضاء عليها من جذورها ، هو متطرف غير واقعي ، في حين ان الإسلام يوجب على المسلمين ان يردوا كل كافر يهاجم بلادهم ، ويوجب عليهم استرجاع كل شبر من ارض الإسلام ظهر عليه الكفار واغتصبوه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " من ملّك كافرا شبرا من أرض المسلمين ملكه الله قطعة من جهنم " ، وهذا كله معلوم من الدين بالضرورة ، ‎لا ينكره إلا كافر أو جاهل . كما نعتوا الحركات الإسلامية السياسية بالتطرف ، ونعتوا الحركات الإسلامية غير السياسية والحركات الوطنية والقومية بالاعتدال ، لان هؤلاء لا خطر منهم على دولهم ، سيما وأنهم في طريق التلاشي ، وان الخطر كل الخطر من أولئك . وهكذا صرفوا هاتين الكلمتين - التطرف والاعتدال - عن دلالتيهما وتلاعبوا بهما كعادتهم في التلاعب بالدين واللغة ، وبمصير هذه الأمة كلها . أما عن التطرف والاعتدال فإن التطرف ليس له دلالة شرعية ، لان هذه اللفظة لم ترد في النصوص الشرعية ، ولم يستعملها فقهاء الإسلام ، ولذا فانه ليس لها سوى الدلالة اللغوية فحسب ، والتطرف في اللغة هو مجاوزة حدّ الاعتدال ويقال تطرفت الناقة إذا رعت أطراف المرعى ولم تختلط بالنوق ، ورجل متطرف أي لا يثبت على أمر ، وإذا أردنا أن نستعمل اللفظة في الشرع قلنا : إن التطرف هو مجاوزة الحدود التي وضعها الشرع ، أي مخالفة أحكام الإسلام . أما الاعتدال فهو وسط بين حالتين في كم او كيف ، وكل ما تناسب فقد اعتدل ، فإذا مال الشيء فأقمته تقول عدلته فاعتدل ، ولا يفرق أهل اللغة بين الاعتدال والاستقامة والاستواء فهم يقولون : استقام الشيء إذا استوى واعتدل ، وشرعا الاعتدال هو الالتزام بالاحكام الشرعية والاستقامة عليها والاتيان بها على الوجه الذي شرعه الله تعالى . هذا هو التطرف ، وهذا هو الاعتدال ، فالذي يزيد في عدد ركعات الفرائض ، او يطوف طواف العمرة عشر اشواط ، او يحرم قتل نساء واطفال الكفار الذين يشاركون في حربنا او يحرم اكل العنب لان منه تصنع الخمر ، او يوجب على نفسه لبس الخشن من اللباس تقربا إلى الله ، او يحرم العمل السياسي ويقصر الإسلام على العقائد والعبادات والاخلاق وبعض المعاملات او يمتنع عن الزواج لانه يلهي عن العبادة وقيام الليل ، كل هؤلاء يعتبرون متطرفين ومتنطعين لانهم جاوزوا حدود الاحكام الشرعية . والذي يلتزم أحكام الله تعالى ويبتعد عن نواهيه ويجاهد الكفار ولا يشرع الأحكام من دون الله تعالى ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويعمل من أجل استئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة ، فيقول الحق أينما كان ولمن كان دون خشية أو خنوع ويحمل الدعوة في الأمة بالعمل السياسي فيكشف خطط الكفار ومؤامراتهم على هذه الأمة ويفضح عملاءهم ويتصدى لهم فإن من يفعل كل ذلك لا يكون متطرفا أو متزمتا وإنما هو معتدل وملتزم بأحكام الله تعالى والمسلمون جميعا ملزمون بالتقيد باحكام الإسلام ، والاتيان بها كاملة وفق ما شرعه الله لعباده دون زيادة فيها او نقصان ، والوقوف عند حدود الله فيها وعدم تجاوزها حتى لو ناقضت مصالحهم واهواءهم وعاداتهم ، ورغبات حكامهم ، وقوانينهم ودساتيرهم ، فدين الله أحق أن يتبع وحدود الله يجب أن تصان وأحكام الإسلام يجب أن يدعى لها ، وان يتكتل المسلمون عليها وان يعملوا لإعادتها إلى الحياة بإقامة الحكم الإسلامي . وكل من يقوم بذلك فهو ملتزم ومتمسك ومعتدل ، أما من يخالف هذا فهو المتطرف والمخالف والآثم ، قال تعالى : ﴿تلك حدود الله فلا تعتدوها ، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون﴾.ولا يعتبر من التطرف تمسك الشخص أو الجماعة برأي أو حكم في أي شأن من شؤون الحياة ، وفي كيفية حمل الدعوة الإسلامية ما دام الحكم أو الرأي أو الفكر مأخوذا باجتهاد صحيح . ذلك أن الإسلام قد حدد أحكاما شرعية وأمر المسلمين بالتزامها ونهاهم عن مخالفتها قال تعالى : ﴿تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ، ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين﴾ وقال تعالى ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما﴾ وفي الحديث " إن الله حد حدودا فلا تعتدوها وفرض فرائض فلا تضيعوها وحرم حرمات فلا تنتهكوها " . والحدود التي أمر الله بالتزامها ونهى عن التعدي عليها ومجاوزتها هي أحكام شرعية بينتها الشريعة الإسلامية قال تعالى ﴿ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين﴾ وقال جل وعلا ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا﴾.وهذه الأحكام إما أن تُفهم من الدليل الشرعي ذي الدلالة القطعية وذلك كحرمة الزنا في قوله تعالى ﴿ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا﴾ وكقوله تعالى ﴿وأحل الله البيع وحرم الربا﴾ ، وإما أن تؤخذ الأحكام الشرعية استنباطا من الدليل الشرعي ذي الدلالة الظنية مثل قوله تعالى ﴿والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء﴾ فإن لفظ القروء يحتمل أن المراد به الحيض أو الطهر ، وكذلك قوله تعالى ﴿أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح﴾ فإنه يحتمل أن المراد به الزوج أو الولي . وبصورة أخرى فإن الأحكام الشرعية وهي خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد جاءت في القرآن والحديث ، وكان فيها الكثير مما يحتمل عدة معان حسب اللغة العربية وحسب الشرع ، لذلك كان طبيعيا وحتميا أن يختلف الناس في فهمها ، وأن يصل هذا الاختلاف في الفهم إلى حد التباين والتغاير في المعنى المراد لذلك قد يكون هناك في المسألة الواحدة آراء مختلفة ومتباينة . فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم حين قال في غزوة الأحزاب : " لا تصلوا العصر إلا في بني قريظة " فهم البعض أنه قصد الاستعجال وصلوا في الطريق ، وفهم البعض الآخر أنه قصد المعنى فلم يصلوا العصر وأخروها حتى وصلوا بني قريظة فصلوها هناك ، ولما بلغ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ذلك أقر الفريقين كلا على فهمه ، وهكذا الكثير من الآيات والأحاديث . فاختلاف الآراء في المسألة الواحدة يحتم على المسلم الأخذ برأي واحد منها لأنها كلها أحكام شرعية ، إلا أن أخذ الحكم الشرعي من الدليل الظني الدلالة لا يجوز أن يكون إلا باجتهاد صحيح وحسب طريقة الإسلام لا غير ، والاجتهاد حتى يكون صحيحا لا بد أن تتوفر فيه ثلاثة أمور ، أحدها بذل الوسع على وجه يحس بالعجز عن المزيد فيه وثانيها أن يكون هذا البذل في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية وثالثها أن يكون طلب الظن هذا من النصوص الشرعية . وعليه فإن من لم يبذل الوسع لا يكون مجتهدا ومن بذل الوسع في طلب الظن بغير الأحكام الشرعية من المعارف والآراء وغير ذلك لا يكون مجتهدا وكذلك من طلب الظن من الأحكام الشرعية من غير النصوص الشرعية لا يكون مجتهدا ولا يعتبر ما توصل إليه من حكم رأيا شرعيا . فمن قال بجواز التعددية السياسية مستندا إلى فكرة حرية الرأي في النظام الديمقراطي لا يعتبر رأيه رأيا شرعيا ولا يعتد به بأي وجه من الوجوه بل هو رأي لا يمت للإسلام بصلة ، لأنه لا دليل عليه والإسلام يحرم أن يسود مجتمعه كل ما لم ينبثق عن العقيدة الإسلامية من أفكار وأحكام وآراء قال تعالى ﴿أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون﴾وقال صلى الله عليه وآله وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد " . ومن قال بأن الإسلام دين عبادات وأخلاق ولا دخل له بالسياسة أو الدولة مستندا إلى مقولة دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر فإن رأيه هذا مردود عليه لأنه ليس من الإسلام في شيء بل هو كفر بقوله تعالى ﴿وأن احكم بينهم بما أنزل الله﴾ وإنكار لما ثبت بالتواتر من أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان حاكما ورئيسا لدولة يحكم الناس فيها بأحكام الإسلام التي عالجت جميع نواحي الحياة . وهكذا كل ما يعمل أعداء الإسلام على دسه بين المسلمين من أفكار ومناهج ليست من الإسلام كالديمقراطية والقومية والوطنية وجواز بقاء المسلمين دون خلافة ، وإضفاء الشرعية على الأنظمة الحاكمة وغير ذلك ، ومحاولة الإتيان لها بأدلة شرعية زورا وبهتانا وتحميل النصوص بما لا تحتمل فإنها ليست من الإسلام ، ولا يجوز الالتفات إليها بل على

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655043

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

 السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة 1384c10


الأوسمة
 :


 السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة Empty
مُساهمةموضوع: رد: السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة    السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة I_icon_minitime3/10/2011, 23:00

خيارات المساهمة


وهكذا كل ما يعمل أعداء الإسلام على دسه بين المسلمين من أفكار ومناهج ليست من الإسلام كالديمقراطية والقومية والوطنية وجواز بقاء المسلمين دون خلافة ، وإضفاء الشرعية على الأنظمة الحاكمة وغير ذلك ، ومحاولة الإتيان لها بأدلة شرعية زورا وبهتانا وتحميل النصوص بما لا تحتمل فإنها ليست من الإسلام ، ولا يجوز الالتفات إليها بل على المسلمين لفظها ومحاربتها . فالعبرة إذن في أخذ الأحكام الشرعية صحة استنباطها من الأدلة التفصيلية بطريقة الإسلام ، ويكون حينئذ الالتزام بهذه الأحكام اعتدالا واستقامة ، ويكون عدم الالتزام بها تطرفا وتجاوزا لحدود الدين . وعليه فإن من الخطأ الفادح أن يجعل التطرف سهما يطلق على كل رأي أو سلوك لمجرد وجود تخوف معين من نتائج هذا الرأي أو آثار ذلك السلوك أو لمجرد مخالفة أي منهما لهوى أو مصلحة ، بل لا بد من أن يكون هناك مقياس يقاس به كل رأي وكل سلوك فتعرف شرعيته في الإسلام من عدم شرعيته ويتقرر حينئذ رفضه أو قبوله ، تبنيه أو محاربته . والإسلام هو الحجة فإذا فُهم حق الفهم وتحقق عند المسلمين الوعي على أفكاره وأحكامه فإنهم عندئذ يكونون بمنأى عن الوقوع في التطرف ومغالطات التطرف . فعلى المسلمين جميعا أن ينتبهوا لكل المضلين المحرفين المغرضين ، وان لا يخدعوا بأقوالهم ولا بما يلقونه إليهم ، بل يلقونه في وجوههم ، ويتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، فهما الحكم والفيصل ، لا يزيغ عنهما إلا هالك .

منقووول للفائدة .
AlexaLaw

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
 

السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

+
صفحة 1 من اصل 1

.:: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ::.


      هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة     
odessarab الكلمات الدلالية
السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة حصرياا , السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة بانفراد , السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة منتديات عالم القانون , السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة حمل , السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة download , السلطان للأمة الإسلامية، فالمسلمون كلهم يتحملون مسؤولية حفظ الدولة تحميل حصري
odessarab رابط الموضوع
AlexaLaw bbcode BBCode
odessarab HTML HTML كود الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم القانون :: منتدى AlexaLaw لعالم القانون :: فروع القانون العام :: القانون العام الداخلي-
انتقل الى:  
الإسلامي العام | عالم القانون | عالم الكتاب و الثقافة العامه | التجاره و المال و الأعمال | البرامج و تكنولوجيا المعلومات | تطوير المواقع و المدونات | الترفيهي و الإداري العام

Powered by AlexaLaw.com ® Phpbb Version 2
Copyright © 2010
.:: جميع الحقوق محفوظه لمنتدى عالم القانون © ::.

.::جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه و إنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه في حدود الديمقراطيه و حرية الرأي في التعبير ::.