عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .


عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .



عالم القانون

العدل أساس الملك - Justice is the basis
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
TvQuran
التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 110
AlexaLaw on facebook
التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 110
التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 110
التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 110
التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 110
التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 110

شاطر | 
 

 التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655034

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1384c10


الأوسمة
 :


التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Empty
مُساهمةموضوع: التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية   التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية I_icon_minitime27/8/2011, 14:26

خيارات المساهمة


التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

الدورة الثالثة (1989)
1التعليق العام رقم 1
تقديم الدول الأطراف تقاريرها

1- إن واجب تقديم التقارير الوارد في الجزء الرابع من العهد يستهدف أساسا مساعدة كل دولة طرف على الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد، وبالإضافة إلى ذلك، توفير أساس يستطيع المجلس بالاستناد إليه، وبمساعدة اللجنة، أن يؤدي مسؤولياته عن رصد وفاء الدول الأطراف بالتزاماتها وعن تسهيل إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام العهد. وترى اللجنة أن من الخطأ افتراض أن تقديم التقارير هو أساسا مسألة إجرائية فقط تستهدف حصرا وفاء كل دولة طرف بالتزامها الرسمي بتقديم التقارير إلى هيئة الرصد الدولية المناسبة. فعلى العكس من ذلك، ووفقا لنص وروح العهد، إن عملية إعداد وتقديم التقارير من جانب الدول يمكن، وفي الواقع ينبغي، أن تكون سبيلا لتحقيق جملة متنوعة من الأهداف.
2- الهدف الأول، الذي يتسم بأهمية خاصة بالنسبة إلى التقرير الأولي الواجب تقديمه في غضون سنتين من بدء نفاذ العهد بالنسبة إلى الدولة الطرف المعنية، قوامه تأمين الاضطلاع باستعراض شامل للتشريع الوطني والقواعد والإجراءات الادارية والممارسات الوطنية سعيا إلى تأمين الامتثال الكامل للعهد بقدر الإمكان. ويمكن الاضطلاع باستعراض كهذا، على سبيل المثال، بالتعاون مع كل من الوزارات الوطنية المعنية أو غيرها من السلطات المسؤولة عن تقرير السياسات وتنفيذها في مختلف الميادين التي يشملها العهد.
3- والهدف الثاني يتمثل في تأمين قيام الدولة الطرف برصد الحالة الفعلية فيما يتصل بكل حق من الحقوق على أساس منتظم وبذا تكون مدركة لمدى تمتع كافة الأفراد الموجودين في إقليمها أو المشمولين بولايتها بمختلف الحقوق أو عدم تمتعهم بها. ويتضح من الخبرة التي اكتسبتها اللجنة حتى الآن أنه لا يمكن بلوغ هذا الهدف بإعداد إحصاءات أو تقديرات وطنية كلية فقط، بل يقتضي الأمر أيضا أن يولى اهتمام خاص للأقاليم أو المناطق التي لم تحظ بنفس القدر من التمتع ولأي مجموعات أو مجموعات فرعية محددة يبدو أنها معرضة للمخاطر أو محرومة بوجه خاص. وعلى هذا، فان الخطوة الأولى الأساسية صوب تعزيز إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تكمن في تشخيص ومعرفة الحالة السائدة. واللجنة تدرك أن عملية الرصد وجمع المعلومات هذه عملية ربما تستغرق كثيرا من الوقت وتكون باهظة الثمن وأنها قد تستلزم توفير مساعدة وتعاون دوليين، كما تنص على ذلك الفقرة 1 من المادة 2، والمادتان 22 و23، من العهد، لتمكين بعض الدول الأطراف من الوفاء بالالتزامات ذات الصلة. وإذا كان الأمر كذلك، وإذا استنتجت الدولة الطرف أنها لا تملك القدرة على الاضطـلاع بعملية الرصـد التي هي جزء لا يتجزأ من أي عمليـة تستهدف النهـوض بأهداف مقبولة تتوخاها السياسة العامة ولا غنى عنها في التنفيذ الفعال للعهد، فإنها تستطيع أن تدون هذه الحقيقة في تقريرها إلى اللجنة وأن تبين طبيعة ومبلغ أي مساعدة دولية قد تحتاج إليها.
4- وبينما يقصد من عملية الرصد الاستعراض المفصل للحالة السائدة، فان القيمة الرئيسية لهذا الاستعراض تكمن في توفير الأساس لصياغة سياسات تبين بوضوح وتوجه نحو أهداف دقيقة، بما في ذلك وضع أولويات تعكس أحكام العهد. ولذلك، فان الهدف الثالث من عملية تقديم التقارير قوامه تمكين الحكومة من إثبات أن عملية تقرير السياسة المبدئية هذه قد تمت فعلا. وفيما ينص العهد الدولي صراحة على التزام كهذا فقط فـي المـادة 14 فـي الحالات التي لم يؤمن فيها للجميع حتى الآن "التعليم الابتدائي الإلزامي المجاني"، فإن هناك التزاما مماثلا "بوضع واعتماد خطة عمل مفصلة للتنفيذ التدريجي" لكل حق من الحقوق الواردة في العهد يتضمنه بوضوح التزام الدول الوارد في الفقرة 1 من المادة 2، "بأن تتخذ ما يلزم من خطوات... سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسبة...".
5- والهدف الرابع من عملية تقديم التقارير هو تسهيل الفحص العام للسياسات الحكومية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتشجيع على اشتراك مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع في صوغ السياسات ذات الصلة بالموضوع وتنفيذها واستعراضها. وقد رحبت اللجنة، في معرض بحثها للتقارير التي قدمت حتى الآن، بحقيقة أن عددا من الدول الأطراف ذات النظم السياسية والاقتصادية المختلفة قد شجعت هذه المجموعات غير الحكومية على تقديم مساهماتها في إعداد تقاريرها بموجب العهد. وأمنت دول أخرى نشر تقاريرها على نطاق واسع بغية تمكين عامة الناس من إبداء التعليقات بشأنها. وبهذه الطرق، فإن إعداد التقرير والنظر فيه على المستوى الوطني يمكن أن يكتسبا أهمية تعادل على الأقل أهمية الحوار البناء الجاري على الصعيد الدولي بين اللجنة وممثلي الدولة المقدمة للتقرير.
6- والهدف الخامس يتمثل في توفير أساس يمكن الدولة الطرف نفسها، فضلا عن اللجنة، من التقييم الفعال لمدى التقدم المحرز صوب الوفاء بالالتزامات الواردة في العهد. ولهذا الغرض، قد يكون مفيدا للدول تحديد معالم قياسية معينة أو أهداف يمكن بواسطتها تقييم أدائها في مجال معين. وعلى هذا النحو من المتفق عليه عموما، على سبيل المثال، أن من الأهمية بمكان وضع أهداف معينة فيما يتعلق بتخفيض وفيات الأطفال، ومدى تلقيح الأطفال، والكمية المأخوذة من السعرات الحرارية لكل شخص، وعدد الأشخاص لكل جهة توفر الرعاية الصحية، وما إلى ذلك. وفي العديد من هذه المجالات، تكون المعالم القياسية العالمية محدودة الفائدة، في حين أن المعالم القياسية الوطنية أو غيرها من المعايير الأكثر تحديدا يمكن أن توفر دلالة بالغة القيمة على التقدم.
7- وترغب اللجنة في أن تلاحظ، في هذا الصدد، أن العهد يولي أهمية خاصة لمفهوم "الإعمال التدريجي" للحقوق ذات الصلة، ولذلك السبب، تحث اللجنة الدول الأطراف على أن تدرج في تقاريرها الدورية معلومات تبين التقدم المحرز عبر الزمن في مجال الإعمال الفعلي للحقوق ذات الصلة. وبالمثل، يبدو واضحا أن البيانات بنوعها وكمها لازمة لتقييم الحالة تقييما ملائما.
8- والهدف السادس يتمثل في تمكين الدولة الطرف ذاتها من أن تفهم بشكل أفضل المشاكل وجوانب القصور التي تواجه في الجهود المبذولة من أجل الإعمال التدريجي لكامل مجموعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولهذا السبب، من الضروري أن تقدم الدول الأطراف تقارير مفصلة عن "العوامل والمصاعب" التي تحول دون ذلك. وهذه العملية المتمثلة في تحديد المصاعب ذات الصلة والتسليم بوجودها توفر إذا الإطار الذي يمكن أن تقرر ضمنه سياسات أنسب.
9- والهدف السابع يتمثل في تمكين اللجنة، والدول الأطراف ككل، من تيسير تبادل المعلومات فيما بين الدول وخلق فهم أفضل للمشاكل المشتركة التي تواجهها الدول وتقدير أكمل لنوع الإجراءات الممكن اتخاذها لتشجيع الإعمال الفعال لكل حق من الحقوق المتضمنة في العهد. وهذا الجانب من العملية يمكن اللجنة أيضا من تعيين أنسب الوسائل التي يمكن بفضلها للمجتمع الدولي أن يساعد الدول، وفقا للمادتين 22 و23 من العهد. ولإبراز الأهمية التي توليها اللجنة لهذا الهدف، ستناقش اللجنة في دورتها الرابعة تعليقا عاما منفصلا على هاتين المادتين.

ـــــــــــــــــــ
Spoiler:


اللجنة المعنية بالحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة الرابعة (1990)
التعليق العام رقم 2
التدابير الدولية للمساعدة التقنية (المادة 22 من العهد)

1- تنشئ المادة 22 من العهد آلية يمكن للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بواسطتها أن يوجه انتباه هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة إلى أية مسائل تنشأ عن التقارير المقدمة بموجب العهد "ويمكن أن تساعد تلك الأجهزة، كلا في مجال اختصاصه، على تكوين رأي حول ملاءمة اتخاذ تدابير دولية من شأنها أن تساعد على فعالية التنفيذ التدريجي لهذا العهد". وفي حين أن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق المجلس بموجب المادة 22، فمن الواضح أن من الملائم للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن تقوم بدور نشط في تقديم المشورة والمساعدة إلى المجلس في هذا الصدد.
2- ويمكن تقديم توصيات، وفقا للمادة 22، إلى أي من "هيئات الأمم المتحدة وهيئاتهـا الفرعيـة والوكالات المتخصصة المعنية بتوفير المساعدة التقنيـة". وتـرى اللجنة أنه ينبغي تفسير ذلك الحكم بحيث يتضمن فعليا جميع أجهزة الأمم المتحدة والوكالات المشاركة في أي وجه من وجوه التعاون الإنمائي الدولي. ولذا، فقد يكون من الملائم أن توجه التوصيات الموضوعة بموجب المادة 22، من بين من توجه إليهم، إلى الأمين العام والأجهزة الفرعية للمجلس مثل لجنة حقوق الإنسان ولجنة التنمية الاجتماعية ولجنة مركز المرأة، وهيئات أخرى مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسيف ولجنة التخطيط الإنمائي، ووكالات مثل البنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي، وأي وكالات متخصصة أخرى مثل منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ومنظمة الصحة العالمية.
3- ويمكن أن يترتب على المادة 22 إما توصيات لها طابع السياسة العامة أو توصيات أدق تركيزا تتعلق بحالة معينة. وفي السياق الأول، قد يبدو أن الدور الرئيسي للجنة هو التشجيع على إيلاء اهتمام أكبر للجهود المبذولة لتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار أنشطة التعاون الإنمائي الدولية التي تضطلع بها الأمم المتحدة ووكالاتها أو تقدم إليها المساعدة. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن لجنة حقوق الإنسان دعتها في قرارها 1989/13 المؤرخ في 2 آذار/مارس 1989 "إلى النظر في الوسائل التي يمكن بها لسائر وكالات الأمم المتحدة العاملة في ميدان التنمية أن تدمج في أنشطتها على أفضل وجه التدابير التي تستهدف تعزيز الاحترام الكامل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
4- وتلاحظ اللجنة، كأمر عملي أولي، أنه مما يساعد مساعيها الخاصة، ومما يجعل الوكالات ذات الصلة أفضل إطلاعا أيضا، أن تولي تلك الوكالات اهتماما أكبر لعمل اللجنة. وفي حين تسلم اللجنة بأنه يمكن إظهار هذا الاهتمام بطرق شتى، فإنها تلاحظ أن حضور ممثلي هيئات الأمم المتحدة المناسبة في دوراتها الأربع الأولى كان ضعيفا جدا، باستثناء منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ومنظمة الصحة العالمية، وهو استثناء جدير بالذكر. وبالمثل، فقد تلقت اللجنة مواد ومعلومات مكتوبة وثيقة الصلة بالموضوع من عدد قليل جدا فقط من الوكالات. وترى اللجنة أن فهما أعمق لأهمية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في سياق أنشطة التعاون الإنمائي الدولي سيتيسر إلى حد كبير من خلال زيادة التفاعل بين اللجنة والوكالات المناسبة. وعلى أقل القليل، فإن يوم المناقشة العامة لقضية محددة، وهو ما تضطلع به اللجنة في كل دورة من دوراتها، يوفر سياقا مثاليا يمكن الاضطلاع فيه بتبادل للآراء يمكن أن يكون مثمرا.
5- وبالنسبة إلى القضايا الأعم الخاصة بتعزيز الاحترام لحقوق الإنسان في سياق الأنشطة الإنمائية، لم تشهد اللجنة حتى الآن سوى دليل محدود على قيام هيئات الأمم المتحدة بجهود محددة. وتلاحظ اللجنة بارتياح في هذا الصدد المبادرة التي اشترك في اتخاذها كل من مركز حقوق الإنسان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالكتابة إلى الممثلين المقيمين للأمم المتحدة وغيرهم من المسؤولين الميدانيين لدعوتهم إلى تقديم "اقتراحاتهم ومشورتهم، وعلى وجه الخصوص بشأن الأشكال الممكنة للتعاون في المشاريع الجارية [التي تم تعيينها] بوصفها ذات بعد من أبعاد حقوق الإنسان أو في المشاريع الجديدة التي تعد استجابة لطلب من حكومة معينة". وقد أبلغت اللجنة أيضا بالجهود الطويلة الأمد التي تضطلع بها منظمة العمل الدولية للربط بين المعايير في مجال حقوق الإنسان وغيرها من المعايير الدولية في مجال العمل التي وضعتها هي نفسها وبين أنشطة التعاون التقني التي تقوم بها.
6- وهناك، بالنسبة إلى تلك الأنشطة، مبدآن عامان لهما أهمية. الأول أن مجموعتي حقوق الإنسان لا تتجزآن ومترابطتان. وهذا يعني أنه ينبغي للجهود المبذولة لتعزيز إحدى مجموعتي الحقوق أن تأخذ في اعتبارها بالكامل المجموعة الأخرى أيضا. وينبغي لوكالات الأمم المتحدة المشاركة في تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن تبذل أقصى ما بوسعها لكي تكفل اتساق أنشطتها تماما مع التمتع بالحقوق المدنية والسياسية. وهذا يعني، من الناحية السلبية، أنه ينبغي للوكالات الدولية أن تتجنب، على نحو دقيق، المشاركة في مشاريع تنطوي، مثلا، على استخدام السخرة بما يتنافى مع المعايير الدولية، أو على تعزيز أو توطيد التمييز ضد الأفراد أو الجماعات بما يتناقض مع أحكام العهد، أو تنطوي على عمليات إخلاء أو تشريد واسعة النطاق للأشخاص دون توفير كل أشكال الحماية والتعويض المناسبة. ويعني، من الناحية الإيجابية، أنه ينبغي للوكالات، حيثما أمكن، أن تعمل على دعم المشاريع والنهج التي تساهم ليس فقط في التنمية الاقتصادية أو الأهداف الأخرى ذات التعريف الواسع، وإنما أيضا في التمتع المعزز بجميع حقوق الإنسان.
7- والمبدأ الثاني الذي له صلة عامة بالموضوع أن أنشطة التعاون الإنمائي لا تساهم تلقائيا في تعزيز الاحترام للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فالكثير من الأنشطة المضطلع بها باسم "التنمية" قد تبين فيما بعد أنها أنشطة لم يحسن التفكير فيها، بل إنها أنشطة معوقة من حيث حقوق الإنسان. وينبغي، من أجل تقليل حدوث مشاكل كهذه، أن يولى النظر، على نحو خاص ومتأن، في كل نطاق القضايا المعالجة في العهد، كلما أمكن ذلك وكان مناسبا.
8- ورغم أهمية السعي إلى إدماج الشواغل المتعلقة بحقوق الإنسان في الأنشطة الإنمائية، فمن الصحيح أن المقترحات الخاصة بهذا الإدماج يمكن بسهولة تامة أن تبقى على مستوى العموميات. وهكذا، وسعيا إلى تشجيع إضفاء الطابع العملي على المبدأ الوارد في المادة 22 من العهد، ترغب اللجنة في توجيه الانتباه إلى التدابير المحددة التالية التي تستحق أن تنظر فيها الهيئات الوثيقة الصلة بالموضوع:
(أ) ينبغي، من ناحية المبدأ، لأجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المناسبة أن تسلم على وجه الخصوص بالعلاقة الجوهرية التي ينبغي إنشاؤها بين الأنشطة الإنمائية والجهود الرامية إلى تعزيز الاحترام لحقوق الإنسان بصفة عامة، وللحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بصفة خاصة. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد قصور كل من استراتيجيات عقود الأمم المتحدة الإنمائية الثلاث الأولى عن إدراك تلك العلاقة، وتحث على ضرورة أن تصحح الاستراتيجية الرابعة، التي ستعتمد عام 1990، هذا الإغفال؛
(ب) ينبغي لوكالات الأمم المتحدة أن تولي الاعتبار للاقتراح الذي قدمه الأمين العام في تقرير في عام 1979 (1) بأن يطلب إعداد "بيان عن تأثير حقوق الإنسان" بالنسبة إلى جميع أنشطة التعاون الإنمائي الرئيسية.
(ج) ينبغي أن يشمل التدريب أو التوجيه المقدمين إلى موظفي المشاريع وغيرهم من الموظفين الذين تستخدمهم وكالات الأمم المتحدة عنصرا يعالج معايير حقوق الإنسان ومبادئها؛
(د) ينبغي بذل كل جهد ممكن، في كل مرحلة من مراحل أي مشروع إنمائي، لكفالة مراعاة الحقوق الواردة في العهد على النحو الواجب. وينطبق ذلك، مثلا، في التقييم الأولي للحاجات ذات الأولوية لبلد معين، وفي تحديد ملامح مشروع معين، وفي تصميم المشروع، وفي تنفيذ المشروع، وفي تقييمه النهائي.
9- ومن الأمور التي شغلت اهتمام اللجنة بوجه خاص أثناء بحث تقارير الدول الأطراف، الأثر المعاكس لعبء الدين ولتدابير التكيف ذات الصلة بالموضوع على التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في بلدان كثيرة. وتسلم اللجنة بأنه كثيرا ما سيكون من غير الممكن تجنب برامج التكيف، وبأن هذه البرامج ستنطوي مرارا على عنصر تقشف رئيسي. بيد أنه، في ظل ظروف كهذه تصبح المساعي الرامية إلى حماية أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أكثر إلحاحا وليس العكس. وهكذا، ينبغي للدول الأطراف في العهد، علاوة على وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة، أن تبذل جهدا خاصا لكفالة أن تكون تلك الحماية، إلى أقصى حد ممكن، مدمجة في البرامج والسياسات المصممة لتعزيز التكيف. ومثل هذا النهج، الذي يشار إليه في بعض الأحيان باسم "التكيف ذي الوجه الإنساني" أو باعتباره يعزز "البعد الإنساني للتنمية"، يتطلب أن يصبح هدف حماية حقوق الفقراء والمعرضين للمخاطر هدفا أساسيا للتكيف الاقتصادي. وبالمثل، ينبغي للتدابير الدولية الخاصة بعلاج أزمة الديون أن تأخذ في اعتبارها تماما الحاجة إلى حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عن طريق جملة أمور منها التعاون الدولي. ومن الممكن، في كثير من الحالات، أن يشير ذلك إلى الحاجة إلى مبادرات رئيسية لتخفيف عبء الدين.
10- وأخيرا، ترغب اللجنة في توجيه الانتباه إلى الفرصة الهامة المتاحة للدول الأطراف، وفقا للمادة 22 من العهد، لكي تحدد في تقاريرها ما قد يكون لديها من حاجات خاصة إلى المساعدة التقنية أو التعاون الإنمائي.

ـــــــــــــــــــ
Spoiler:

اللجنة المعنية بالحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة الخامسة (1990)
التعليق العام رقم 3
طبيعة التزامات الدول الأطراف (الفقرة 1 من المادة 2 من العهد)

1- تتصف المادة 2 بأهمية خاصة لتفهم العهد تفهما تاما، ويجب اعتبار أن لها علاقة دينامية بسائر أحكامه. وهي تصف طبيعة الالتزامات القانونية العامة التي تتعهد بها الدول الأطراف في العهد. وتشمل هذه الالتزامات على حد سواء ما يمكن أن يسمى (تبعا لعمل لجنة القانون الدولي) التزامات بسلوك، والتزامات بتحقيق نتيجة. وبينما تم أحيانا التشديد بقوة على الاختلاف الموجود بين الصيغة المستخدمة في هذه المادة والصيغة المستخدمة في المادة 2 النظيرة لها من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، من غير المسلم به دوما أنه توجد أيضا أوجه شبه هامة. وعلى وجه الخصوص، بينما ينص العهد على الإعمال التدريجي للحقوق ويقر بوجود قيود ناشئة عن محدودية الموارد المتاحة، فهو يفرض أيضا التزامات شتى لها أثر فوري. ومن هذه الالتزامات، هناك التزامان يتصفان بأهمية خاصة لتفهم الطبيعة المحددة لالتزامات الدول الأطراف. أحدهما، ويتناوله تعليق عام منفصل وستنظر فيه اللجنة في دورتها السادسة، هو تعهد الدول الأطراف "بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق" ذات الصلة "لا يشوبها أي تمييز...".
2- أما التعهد الآخر، فهو تعهد الدول الأطراف، في المادة 2(1)، "بأن تتخذ... خطوات"، وهو تعهد ليس، في حد ذاته، مقيدا أو محدودا باعتبارات أخرى. ويمكن أيضا تقدير المعنى التام لهذه العبارة بملاحظة بعض صياغاتها المختلفة باللغـات الأخرى. ففي النص الإنكليزي، تتعهد الدول الأطـراف "بـأن تتخـذ ... خطوات" ("totake steps") ، وفي النص الفرنسي، تتعهد "بأن تعمل على" ("s'engagent à agir")، وفي النص الاسباني، تتعهد "بـأن تعتمد تدابيـر" ("a adoptar medidas"). وعليـه، ففي حين أن الإعمال التام للحقوق ذات الصلة يمكن تحقيقه تدريجيا، فلا بد من اتخاذ خطوات باتجاه هذا الهدف في غضون مدة قصيرة معقولة من الزمن بعد بدء نفاذ العهد بالنسبة إلى الدول المعنية. وينبغي أن تكون هذه الخطوات متعمدة ومحددة وهادفة بأكبر درجة ممكنة من الوضوح إلى الوفاء بالالتزامات المعترف بها في العهد.
3- أما الوسائل التي ينبغي استخدامها للوفاء بالالتزام باتخاذ خطوات، فهي مبينة في المادة 2(1)، بوصفها "جميع السبل المناسبة، وخصوصا سبيل اعتماد تدابير تشريعية". وتقر اللجنة بأن التشريع مستصوب للغاية في كثير من الحالات، وقد لا يستغنى عنه في بعض الحالات. فقد يكون من الصعب، مثلا، مكافحة التمييز بفعالية في غياب أساس تشريعي سليم لما يلزم اتخاذه من تدابير. وفي ميادين مثل الصحة، وحماية الأطفال والأمهات، والتعليم، وكذلك فيما يتعلق بالمسائل التي تتناولها المواد من 6 إلى 9، يمكن أن يكون التشريع أيضا عنصرا لا غنى عنه لأغراض كثيرة.
4- وتلاحظ اللجنة أن الدول الأطراف قد دأبت عموما على أن تقدم بدقة تفاصيل على الأقل عن بعض ما اتخذته من تدابير تشريعية في هذا الشأن. غير أن اللجنة تود أن تشدد على أن اعتماد تدابير تشريعية، على نحو ما يتوخاه العهد بالتحديد، لا يستنفد على الإطلاق التزامات الدول الأطراف. بل أن عبارة "جميع السبل المناسبة" يجب إعطاؤها معناها الكامل والطبيعي. وفي حين أنه ينبغي لكل دولة طرف أن تقرر بنفسها ما هي أنسب السبل، في ظل الظروف السائدة، فيما يتعلق بكل حق من الحقوق، فإن "مناسبة" السبل التي يتم اختيارها لن تكون دوما أمرا بديهيا. وعليه من المستصوب أن تبين تقارير الدول الأطراف ليس فقط ما اتخذ من تدابير، وإنما أيضا الأساس الذي تعتبر بناء عليه أنها "أنسب" التدابير في ظل الظروف السائدة. بيد أن الحكم النهائي في ما إذا كانت جميع التدابير المناسبة قد اتخذت هو حكم يؤول إلى اللجنة.
5- ومن بين التدابير التي قد تعتبر مناسبة، إضافة إلى التشريع، توفير سبل التظلم القضائي فيما يتعلق بالحقوق التي يمكن، وفقا للنظام القانوني الوطني، اعتبارها حقوقا يمكن الاحتجاج بها أمام المحاكم. فتلاحظ اللجنة، مثلا، أن التمتع بالحقوق المعترف بها، دونما تمييز، يشجع، في كثير من الأحيان على النحو المناسب، إلى حد ما، من خلال توفير سبل التظلم القضائي أو غيرها من سبل الانتصاف الفعالـة. وفي الواقع، إن الدول الأطراف التي هي أيضا أطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسيـة ملتزمة بالفعل (بمقتضى المواد 2 (الفقرتان 1 و3) و3 و26) من العهد المذكور "بأن تكفل توفر سبيل فعال للتظلم" لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته (بما في ذلك حقه في المساواة وعدم التمييز ضده( المعترف بها في العهد المذكور (المادة 2(3)(أ)). وإضافة إلى ذلك، هناك عدد من الأحكام الأخرى في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما فيها المواد 3، و7(أ)'1'، و8، و10(3) و13(2)(أ)، و(3)، و(4)، و15(3)، يبدو أنها قابلة للتطبيق الفوري من جانب الأجهزة القضائية وغيرها من الأجهزة في كثير من النظم القانونية الوطنية. وأية حجة قائلة بأن الأحكام المبينة هي، بطبيعتها، غير ذاتية التنفيذ، تبدو حجة واهية.
6- وفي الحالات التي اعتمدت فيها، في شكل تشريعي، سياسات محددة تستهدف بصورة مباشرة إعمال الحقوق المعترف بها في العهد، ترغب اللجنة في أن تحاط علما، في جملة أمور، بما إذا كانت هذه القوانين تنشئ لصالح الأفراد أو الجماعات الذين يرون أن حقوقهم لا يجري إعمالها إعمالا تاما حق إقامة الدعوى. وفي الحالات التي منح فيها اعتراف دستوري لحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية محددة، أو التي تم فيها دمج أحكام العهد دمجا مباشرا في القانون الوطني، ترغب اللجنة في تلقي معلومات عن مدى إمكان اعتبار هذه الحقوق حقوقا يمكن الفصل فيها بالقضاء (أي يمكن الاحتجاج بها أمام المحاكم). كما ترغب اللجنة في تلقي معلومات محددة عن أية حالات اعترى فيها الأحكام الدستورية القائمة المتصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضعف أو تغيير كبير.
7- والتدابير الأخرى التي يمكن أيضا اعتبارها "مناسبة" لأغراض المادة 2(1) تشمل التدابير الإدارية والمالية والتعليمية والاجتماعية، ولكنها لا تقتصر عليها.
8- وتلاحظ اللجنة أن تعهد الدول الأطراف "بأن تتخذ ... ما يلزم من خطوات ... سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسبة، وخصوصا سبيل اعتماد تدابير تشريعية"، لا يتطلب ولا يستبعد استخدام أي شكل معين من أشكال الحكم أو النظم الاقتصادية كوسيلة لتنفيذ الخطوات موضوع البحث، وذلك بشرط واحد هو أن يكون ديمقراطيا وأن يتم بذلك احترام حقوق الإنسان كافة. وعليه، فإن العهد محايد من حيث النظم السياسية والاقتصادية، ولا يمكن وصف مبادئه وصفا دقيقا بأنها تقوم حصرا على ضرورة أو استصواب إقامة نظام اشتراكي أو رأسمالي، أو اقتصاد مختلط أو مخطط مركزيا أو حر، أو على أي نهج معين آخر. وفي هذا الشأن، تؤكد اللجنة مجددا أن الحقوق المعترف بها في العهد قابلة للإعمال في سياق مجموعة متنوعة واسعة من النظم الاقتصادية والسياسية، بشرط واحد، هو أن يعترف النظام موضوع البحث بترابط مجموعتي حقوق الإنسان وبعدم قابليتهما للتجزئة، على نحو ما تؤكده، في جملة أمور، ديباجة العهد، وأن يعكس النظام ذلك. كما تلاحظ اللجنة ما لحقوق الإنسان الأخرى، ولا سيما الحق في التنمية، من صلة بالموضوع في هذا الشأن.
9- إن الالتزام الرئيسي بتحقيق نتيجة، الذي تنص عليه المادة 2(1)، هو اتخاذ خطوات "لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها" في العهد. وعبارة "التمتع التدريجي" تستخدم في كثير من الأحيان لوصف القصد من هذا التعبير. ويشكل مفهوم التمتع التدريجي اعترافا بأن التمتع الفعلي بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لن يتسنى تحقيقه بوجه عام في فترة قصيرة من الزمن. وبهذا المعنى، يختلف الالتزام اختلافا هاما عن الالتزام الوارد في المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تجسد التزاما فوريا باحترام وضمان جميع الحقوق ذات الصلة. غير أن كون العهد ينص على التمتع مع مرور الوقت، أو بتعبير آخر تدريجيا ينبغي ألا يساء تفسيره بشكل يفرغ الالتزام من كل مضمون ذي دلالة. فهو، من جهة، أداة ضرورية من أدوات المرونة، تعكس صورة حقائق العالم الحقيقي وما قد يواجهه أي بلد من صعوبات في ضمان التمتع الكامل بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ومن جهة أخرى، يجب قراءة العبارة في ضوء الهدف الكلي للعهد، وفي الواقع، سبب وجوده، وهو وضع التزامات واضحة على عاتق الدول الأطراف فيما يتعلق بالتمتع الكامل بالحقوق موضوع البحث. ومن ثم، يفرض العهد التزاما بالتحرك بأكبر قدر ممكن من السرعة والفعالية نحو هذا الهدف. وعلاوة على ذلك، فإن أية تدابير تراجعية متعمدة في هذا الشأن سوف تتطلب دراسة متأنية للغاية وسوف يلزم تبريرها تبريرا تاما بالإشارة إلى كامل الحقوق التي ينص عليها العهد وفي سياق الاستخدام الكامل لأقصى ما هو متاح من موارد.
10- واستنادا إلى الخبرة الواسعة التي اكتسبتها اللجنة، وكذلك الهيئة التي سبقتها، خلال فترة دراسة تقارير الدول الأطراف، وهي فترة تزيد على العقد ترى اللجنة أنه يقع على عاتق كل دولة من الدول الأطراف حد أدنى من الالتزام الأساسي بضمان الوفاء، على أقل تقدير، بالمستويات الأساسية الدنيا لكل حق من الحقوق. ومن ثم، وعلى سبيل المثال، فإن الدولة الطرف التي يحرم فيها أي عدد هام من الأفراد من المواد الغذائية الأساسية، أو من الرعاية الصحية الأولية الأساسية، أو من المأوى والمسكن الأساسيين، أو من أشكال التعليم الأساسية، تعتبر، لأول وهلة، متخلفة عن الوفاء بالتزاماتها بمقتضى العهد. فإذا قرئ العهد على نحو لا يحدد هذا الالتزام الأساسي الأدنى، يكون قد جرد إلى حد كبير من سبب وجوده. كذلك يجب ملاحظة أن أي تقدير لما إذا كانت دولة من الدول قد وفت بالتزامها الأساسي الأدنى يجب أن تراعى فيه أيضا قيود الموارد القائمة في البلد المعني. فالمادة 2(1) تلزم كل دولة من الدول الأطراف بأن تتخذ ما يلزم من خطوات "بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة". وكيما تتمكن دولة ما من الدول الأطراف من عزو تخلفها عن الوفاء على الأقل بالتزاماتها الأساسية الدنيا إلى قلة الموارد المتاحة، يجب عليها أن تثبت أنها قد بذلت كل جهد من أجل استخدام كل الموارد التي هي تحت تصرفها في سبيل الوفاء، على سبيل الأولوية، بهذه الالتزامات الدنيا.
11- غير أن اللجنة ترغب في التأكيد على أنه حتى عندما يثبت أن الموارد المتاحة غير كافية، تظل الدولة الطرف ملزمة بالسعي لضمان التمتع، على أوسع نطاق ممكن، بالحقوق ذات الصلة في ظل الظروف السائدة. وعلاوة على ذلك، إن الالتزامات برصد مدى التمتع، أو بالأخص، عدم التمتع، بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وباستنباط استراتيجيات وبرامج لتعزيزها، لا تزول بأي شكل من الأشكال نتيجة لقيود الموارد. وقد سبق أن تناولت اللجنة هذه القضايا في تعليقها العام 1 (1989).
12- وبالمثـل، تشدد اللجنة على أنه، حتى في أوقات وجود قيود شديدة على الموارد، سواء بسبب عملية التكيف أو بسبب الانتكاس الاقتصادي أو غير ذلك من العوامل، يمكن، بل يجب، حماية أفراد المجتمع المعرضين للمخاطر باعتماد برامج هادفة منخفضة الكلفة. ودعما لهذا النهج، تحيط اللجنة علما بالتحليل الذي أعدته اليونيسيـف بعنوان Adjustment With a Human Face: Protecting the Vulnerable and Promoting Growth (التكيف ذو الوجه الإنساني: حماية المعرضين للمخاطر وتعزيز النمو)(1)، والتحليل الذي أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقريره Human Development Report 1990 (تقرير التنمية البشرية لعام 1990)(2)، والتحليل الذي أعده البنك الدولي في World Development Report 1990 (تقريـر التنمية العالمية لعام 1990)(3).
13- وثمة عنصر أخير للمادة 2(1) لا بد من توجيه النظر إليه وهو أن تعهد جميع الدول الأطراف هو "بأن تتخذ، بمفردها وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني... خطوات...". وتلاحظ اللجنة أن واضعي العهد أرادوا من عبارة "بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحـة" أن تشير في آن واحد إلى الموارد القائمة داخل الدولة وإلى الموارد المتاحة من المجتمع الدولي من خلال التعاون والمساعدة الدوليين. وعلاوة على ذلك، إن الأحكام المحددة الواردة في المواد 11 و15 و22 و23 تؤكد كذلك الدور الجوهري لهذا التعاون في تيسير الإعمال الكامل للحقوق ذات الصلة. وفيما يتعلق بالمادة 22، فإن اللجنة قد وجهت النظر بالفعل، في التعليق العام 2 (1990)، إلى بعض الفرص والمسؤوليات القائمة فيما يتعلق بالتعاون الدولي. كما أن المادة 23 تنص بالتحديد على "توفير مساعدة تقنية"، وكذلك على أنشطة أخرى، بوصفهـا مـن بين الوسائل التي تتيح اتخاذ "التدابير الدولية الرامية إلى كفالة إعمال الحقوق المعترف بها...".
14- وترغب اللجنة في التأكيد على أن التعاون الدولي من أجل التنمية، وبالتالي، من أجل إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، هو، وفقا للمادتين 55 و56 من ميثاق الأمم المتحدة، ولمبادئ القانون الدولي الثابتة، ولأحكام العهد ذاته، التزام يقع على عاتق الدول كافة. وهو يقع، بوجـه خـاص، على عاتق الدول التي تستطيع مساعدة غيرها من الدول في هذا الشأن. وتلاحظ اللجنة، على وجه الخصوص، أهمية إعلان الحق في التنمية الذي اعتمدته الجمعية العامة في قرارها 41/128 المؤرخ في 4 كانون الأول/ديسمبر 1986 وضرورة أن تراعي الدول الأطراف المراعاة التامة جميع المبادئ المعترف بها في الإعلان المذكور. وتؤكد اللجنة أنه، في غياب برنامج نشط للمساعدة والتعاون الدوليين من جانب جميع الدول التي تستطيع الاضطلاع بمثل هذا البرنامج، سيظل الإعمال التام للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كثير من البلدان طموحا لم يتحقق. وفي هذا الشأن، تشير اللجنة أيضا إلى ما ورد في تعليقها العام 2 (1990).

ـــــــــــــــــــ
Spoiler:

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655034

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1384c10


الأوسمة
 :


التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية   التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية I_icon_minitime27/8/2011, 14:27

خيارات المساهمة


اللجنة المعنية بالحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة السادسة (1991)
التعليق العام رقم 4
الحق في السكن الملائم (المادة 11(1) من العهد)

1- بموجب المادة 11(1) من العهد، "تقر الدول الأطراف بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية". فإن حق الإنسان في السكن الملائم، الناتج هكذا عن الحق في مستوى معيشي كاف، يتسم بأهمية أساسية بالنسبة إلى التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
2- وقد استطاعت اللجنة أن تجمع قدرا كبيرا من المعلومات المتصلة بهذا الحق. فمنذ عام 1979، نظرت اللجنة، والهيئات السابقة لها، في 75 تقريرا تعالج الحق في السكن الملائم. كما خصصت اللجنة يوما من المناقشة العامـة لهذه المسألة في كل من دورتيها الثالثة (انظـر E/1989/22، الفقـرة 312) والرابعـة (E/1990/23، الفقرات 281 285). يضاف إلى ذلك أن اللجنة قد أحاطت علما بعناية بالمعلومات التي تمخضت عنها السنة الدولية لإيواء المشردين (1987)، بما في ذلك الاستراتيجية العالمية للمأوى حتى عام 2000 التي اعتمدتها الجمعية العامة في قرارها 42/191 المؤرخ في 11 كانون الأول/ديسمبر 1987,سعح.(1). كما استعرضت اللجنة التقارير ذات الصلة وغيرها من وثائق لجنة حقوق الإنسان واللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات(2).
3- وبالرغم من أن هناك مجموعة متنوعة واسعة من الصكوك الدولية التي تعالج مختلف أبعاد الحق في السكن الملائم(3)، فإن المادة 11(1) من العهد تمثل الحكم الأشمل ولربما الأهم من الأحكام ذات الصلة.
4- وعلى الرغم من قيام المجتمع الدولي على نحو متكرر بإعادة تأكيد أهمية الاحترام التام للحق في السكن الملائم، فإنه لا تزال هناك فجوة واسعة على نحو مقلق بين المعايير المحددة في المادة 11(1) من العهد والحالة السائدة في الكثير من أنحاء العالم. وفي حين أن المشاكل كثيرا ما تكون حادة بصفة خاصة في بعض البلدان النامية التي تواجه تقييدات كبيرة للموارد وغير ذلك من القيود، فإن اللجنة تلاحظ أن مشاكل ذات شأن متمثلة في انعدام المأوى وعدم كفاية السكن توجد أيضا في بعض المجتمعات الأكثر تقدما من الناحية الاقتصادية. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن هناك على نطاق العالم أكثر من 100 مليون شخص يفتقرون إلى المأوى وأكثر من مليار شخص يعيشون في مساكن غير ملائمة(4). وليس هناك ما يدل على أن هذا العدد آخذ في التناقص. ويبدو واضحا أنه ما من دولة من الدول الأطراف إلا وتعاني مشاكل هامة من نوع أو آخر فيما يتعلق بالحق في السكن.
5- وفي بعض الحالات، تضمنت تقارير الدول الأطراف، التي نظرت فيها اللجنة، اعترافا بالصعوبات المواجهة في ضمان الحق في المسكن الملائم واشتملت على وصف لهذه الصعوبات. إلا أن المعلومات المقدمة لم تكن في الغالب كافية لتمكين اللجنة من الحصول على صورة كافية للحالة السائدة في الدولة المعنية. ولذلك، فإن هذا التعليق العام يرمي إلى تحديد بعض المسائل الرئيسية التي تعتبرها اللجنة مهمة فيما يتعلق بهذا الحق.
6- إن الحق في المسكن الملائم ينطبق على جميع الناس. وفي حين أن الإشارة إلى "له ولأسرته" تعبر عن افتراضات فيما يتعلق بأدوار الجنسين وأنماط النشاط الاقتصادي التي كانت مقبولة عموما في عام 1966 عندما تم اعتماد العهد، فإنه لا يمكن قراءة هذه العبارة اليوم باعتبارها تعني فرض أي قيود على انطباق الحق على أفراد أو على أسر معيشية تعيلها نساء أو على جماعات أخرى من هذا القبيل. وهكذا، فإن فكرة "الأسرة" يجب فهمها بالمعنى الواسع. ويضاف إلى ذلك أن من حق الأفراد، وكذلك الأسر، الحصول على مسكن ملائم بغض النظر عن السن أو الوضع الاقتصادي أو الانتساب إلى جماعة أو غيرها أو المركز الاجتماعي وعوامل أخرى من هذا القبيل. وبصفة خاصة، يجب ألا يخضع التمتع بهذا الحق، وفقا للمادة 2(2) من العهد، لأي شكل من أشكال التمييز.
7- وفي رأي اللجنة أن الحق في السكن ينبغي ألا يفسر تفسيرا ضيقا أو تقييديا يجعله مساويا، على سبيل المثال للمأوى الموفر للمرء بمجرد وجود سقف فوق رأسه، أو يعتبر المأوى على وجه الحصر سلعة. بل ينبغي النظر إلى هذا الحق باعتباره حق المرء في أن يعيش في مكان ما في أمن وسلام وكرامة. وهذا مناسب لسببين على الأقل. ففي المقام الأول، يعتبر الحق في السكن مرتبطا ارتباطا تاما بسائر حقوق الإنسان وبالمبادئ الأساسية التي يقوم عليها العهد. وهكذا، فإن "الكرامة المتأصلة في شخص الإنسان" التي يقال إن الحقوق المبينة في العهد مستمدة منها تقتضي أن يفسر مصطلح "السكن" تفسيرا يأخذ في الحسبان مجموعة متنوعة من الاعتبارات الأخرى، وبدرجة أهم جدا، أن يكفل الحق في السكن لجميع الناس بصرف النظر عن الدخل، أو إمكانية حيازة موارد اقتصادية. ثانيا، يجب أن تقرأ الإشارة الواردة في المادة 11(1) باعتبارها إشارة لا إلى السكن فحسب وإنما إلى السكن الملائم. وكما أعلنت لجنة المستوطنات البشرية وكذلك الاستراتيجية العالمية للمأوى حتى عام 2000: "المأوى الملائم يعني... التمتع بالدرجة الملائمة من الخصوصية، والمساحة الكافية، والأمان الكافي، والإنارة والتهوية الكافيتين، والهيكل الأساسي الملائم، والموقع الملائم بالنسبة إلى أمكنة العمل والمرافق الأساسية وكل ذلك بتكاليف معقولة".
8- وهكذا، فإن مفهوم الكفاية يتسم بمغزى خاص فيما يتعلق بالحق في السكن إذ إنه يساعد على ابراز عدد من العوامل، التي يجب أخذها في الاعتبار عند تحديد ما إذا كان يمكن النظر إلى أشكال معينة من أشكال المأوى باعتبارها تشكل "سكنا ملائما" لأغراض العهد. وفي حين أن الكفاية تحددها جزئيا عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية ومناخية وإيكولوجية وغير ذلك من العوامل، فإن اللجنة تعتقد أن من الممكن مع ذلك تحديد بعض جوانب هذا الحق التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار لهذه الغاية في أي سياق معين. وهذه الجوانب تشمل ما يلي:
(أ) الضمان القانوني لشغل المسكن: إن شغل المسكن يتخذ أشكالا مختلفة منها الإيجار (العام والخاص)، والإسكان التعاوني، وشغل المسكن من قبل مالكه، والإسكان في حالات الطوارئ، والاستيطان غير الرسمي، بما في ذلك الاستيلاء على الأراضي أو العقارات. وبصرف النظر عن نوع شغل المسكن، ينبغي أن يتمتع كل شخص بدرجة من الأمن في شغل المسكن تكفل له الحماية القانونية من الإخلاء بالإكراه، ومن المضايقة، وغير ذلك من التهديدات. ولذلك، ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير فورية ترمي إلى توفير الضمان القانوني لشغل المسكن بالنسبة إلى الأشخاص والأسر الذين يفتقرون حاليا إلى هذه الحماية، وذلك من خلال تشاور حقيقي مع الأشخاص والجماعات المتأثرة؛
(ب) توفير الخدمات والمواد والمرافق والهياكل الأساسية: إن المسكن الملائم يجب أن تتوفر له بعض المرافق الأساسية اللازمة للصحة والأمن والراحة والتغذية. وينبغي أن تتاح لجميع المستفيدين من الحق في السكن الملائم إمكانية الحصول بشكل مستمر على الموارد الطبيعية والعامة ومياه الشرب النظيفة، والطاقة لأغراض الطهي والتدفئة والإضاءة، ومرافق الإصحاح والغسل، ووسائل تخزين الأغذية، والتخلص من النفايات، وتصريف المياه، وخدمات الطوارئ؛
(ج) القدرة على تحمل الكلفة: إن التكاليف المالية الشخصية أو الأسرية المرتبطة بالسكن ينبغي أن تكون ذات مستوى يكفل عدم تهديد إحراز وتلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى أو الانتقاص منها. وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ خطوات لضمان أن تكون النسبة المئوية للتكاليف المتصلة بالسكن متناسبة، بصورة عامة، مع مستويات الدخل. وينبغي للدول الأطراف تقديم إعانات سكن لأولئك الذين لا يستطيعون الحصول على مساكن يمكنهم تحمل كلفتها، فضلا عن تحديد أشكال ومستويات تمويل الإسكان التي تعبر بصورة كافية عن الاحتياجات للسكن. ووفقا لمبدأ مراعاة القدرة على تحمل التكاليف، ينبغي حماية مستأجري المساكن من مستويات الإيجار أو زيادات الإيجار المرتفعة على نحو غير معقول، وذلك من خلال اعتماد وسائل مناسبة. وفي المجتمعات التي تشكل فيها المواد الطبيعية المصادر الرئيسية لمواد البناء اللازمة لتشييد المساكن، ينبغي للدول الأطراف اتخاذ خطوات لضمان توفر مثل هذه المواد؛
(د) الصلاحية للسكن: إن المسكن الملائم يجب أن يكون صالحا للسكن من حيث توفير المساحة الكافية لساكنيه وحمايتهم من البرد والرطوبة والحر والمطر والريح أو غير ذلك من العوامل التي تهدد الصحة، ومن المخاطر البنيوية وناقلات الأمراض. كما يجب ضمان السلامة الجسدية لشاغلي المساكن. وتحث اللجنة الدول الأطراف على أن تطبق بصورة شاملة "المبادئ الصحية للسكن"(5) التي أعدتها منظمة الصحة العالمية والتي تعتبر أن السكن يشكل العامل البيئي المرتبط على نحو أكثر تواترا بالحالات المسببة للأمراض في تحليلات الوبائيات؛ أي أن السكن وظروف المعيشة غير الملائمة والمعيبة تكون بصورة دائمة مرتبطة بارتفاع معدلات الوفيات والإصابة بالأمراض؛
(هـ‍) إتاحة إمكانية الحصول على السكن: إن إمكانية الحصول على سكن ملائم يجب أن تكون متاحة لأولئك الذين يحق لهم الاستفادة منها. ويجب أن تتاح للجماعات المحرومة إمكانية الاستفادة بصورة كاملة ومستمرة من موارد السكن الملائم. وهكذا يجب ضمان إيلاء درجة معينة من الأولوية في مجال الإسكان للجماعات المحرومة مثل الأشخاص المسنين والأطفال والمعوقين جسديا والمصابين بأمراض لا شفاء منها والمصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب والأشخاص الذين يعانون من مشاكل طبية مستمرة والمرضى عقليا وضحايا الكوارث الطبيعية والأشخاص الذين يعيشون في مناطق معرضة للكوارث وغيرهم من الجماعات. وينبغي لقوانين وسياسات الإسكان أن تأخذ في الاعتبار الكامل الاحتياجات السكنية الخاصة لهذه الجماعات. وفي العديد من الدول الأطراف، ينبغي أن يكون من الأهداف الرئيسية للسياسة العامة زيادة إمكانية الحصول على الأراضي لصالح قطاعات المجتمع الفقيرة أو التي لا تمتلك أية أراض. وينبغي تحديد التزامات حكومية واضحة ترمي إلى تأكيد حق جميع الناس في الحصول على مكان آمن يعيشون فيه بسلام وكرامة، بما في ذلك الحصول على الأرض كحق من الحقوق؛
(و) الموقع: إن السكن الملائم يجب أن يكون في موقع يتيح إمكانية الاستفادة من خيارات العمل وخدمات الرعاية الصحية والمدارس ومراكز رعاية الأطفال وغير ذلك من المرافق الاجتماعية. وهذا ينطبق على السواء في المدن الكبيرة وفي المناطق الريفية حيث يمكن للتكاليف، من حيث الوقت والمال، التي تترتب على التنقل بين المسكن وموقع العمل أن تفرض ضغوطا مفرطة على ميزانيات الأسر الفقيرة. وبالمثل، فان المساكن ينبغي أن لا تبنى في مواقع ملوثة أو في مواقع قريبة جدا من مصادر التلوث التي تهدد حق السكان في الصحة؛
(ز) السكن الملائم من الناحية الثقافية: إن الطريقة التي يتم بها بناء المساكن ومواد البناء المستخدمة والسياسات الداعمة لها يجب أن تتيح إمكانية التعبير على نحو مناسب عن الهوية الثقافية والتنوع في السكن. وينبغي للأنشطة الموجهة نحو التطوير أو التحديث في قطاع الإسكان أن تكفل عدم التضحية بالأبعاد الثقافية للإسكان، وتوفير المعدات التكنولوجية الحديثة أيضا، في جملة أمور، عند الاقتضاء.
9- وكما لوحظ أعلاه، فإن الحق في السكن الملائم لا يمكن أن ينظر إليه بمعزل عن سائر حقوق الإنسان المبينة في العهدين الدوليـين الخاصين بحقوق الإنسان وغيرهما من الصكوك الدولية المنطبقة. وقد سبقت الإشارة في هذا الخصوص إلى مفهـوم كرامة الإنسان ومبدأ عدم التمييز. ويضاف إلى ذلك أن التمتع الكامل بسائر الحقوق مثل الحق في حرية التعبير والحق في حرية تكوين الجمعيات (مثل رابطات المستأجرين وغير ذلك من الجماعات المحلية)، وحق الشخص في أن يختار بحرية إقامته والحق في المشاركة في اتخاذ القرارات العامة هو أمر لا غنى عنه إذا ما أريد إعمال الحق في السكن الملائم والمحافظة عليه لصالح جميع الفئات في المجتمع. وبالمثل، فان حق الفرد في ألا يخضع لأي تدخل تعسفي أو غير مشروع في خصوصياته أو خصوصيات أسرته أو منزله أو مراسلاته يشكل بعدا بالغ الأهمية في تعريف الحق في السكن الملائم.
10- وبصرف النظر عن حالة التنمية لأي من البلدان، فإن هناك خطوات معينة يجب اتخاذها على الفور. وكما هو مسلم به في الاستراتيجية العالمية للمأوى وفي غيرها من التحليلات الدولية، فان العديد من التدابير اللازمة لتعزيز الحق في السكن لا تتطلب سوى امتناع الحكومات عن انتهاج ممارسات معينة والتزامها بتيسير قيام الجماعات المتأثرة بمساعدة نفسها بنفسها. وبقدر ما تعتبر أي خطوات كهذه متجاوزة الموارد القصوى المتاحة لدولة من الدول الأطراف، يكون من المناسب تقديم طلب في أقرب وقت ممكن للحصول على التعاون الدولي وفقا للمواد 11(1) و22 و23 من العهد، وإبلاغ اللجنة بذلك.
11- وينبغي للدول الأطراف أن تولي الأولوية الواجبة لتلك الجماعات من المجتمع التي تعيش في أحوال غير مؤاتية بأن توليها الاعتبار بوجه خاص. وينبغي، في هذه الحالة، ألا توضع السياسات والتشريعات بحيث تفيد تلك الجماعات من المجتمع المحظوظة بالفعل على حساب الجماعات الأخرى. وتدرك اللجنة أن هناك عوامل خارجية يمكن أن تؤثر على الحق في التحسين المستمر لأحوال المعيشة، وأن الأحوال المعيشية الإجمالية في العديد من الدول الأطـراف قـد تردت خلال الثمانينـات. ومع ذلك، وكما لاحظت اللجنة في تعليقها العام رقم 2 (1990) (E/1990/23، المرفق الثالث)، تظل الالتزامات المبينة في العهد واجبة التطبيق ولربما تتسم بقدر أكبر من الأهمية خلال أوقات الانكماش الاقتصادي، وذلك بالرغم من المشاكل الناجمة عن عوامل خارجية. ولذلك، يبدو للجنة أن حدوث ترد عام في الأحوال المعيشية والسكنية، يمكن عزوه مباشرة إلى سياسات الدول الأطراف وقراراتها التشريعية، وفي غياب أية تدابير تعويضية تصحب ذلك، إنما يتعارض مع الالتزامات المحددة في العهد.
12- وفي حين أن أنسب وسيلة لتحقيق الإعمال الكامل للحق في السكن الملائم لا بد أن تتفاوت تفاوتا كبيرا بين دولة وأخرى من الدول الأطراف، فإن العهد يتطلب على نحو واضح أن تتخذ كل دولة من الدول الأطراف ما يلزم من الخطوات لهذه الغاية. وهذا يتطلب على نحو ثابت تقريبا اعتماد استراتيجية إسكان وطنية تعرف، حسبما هو مذكور في الفقرة 32 من الاستراتيجية العالمية للمأوى، "الأهداف اللازمة لتهيئة ظروف الإيواء، وتحدد الموارد المتاحة للوفاء بهذه الأهداف، وطريقة استخدام هذه الموارد بصورة مجدية إلى أقصى حد بالقياس إلى التكاليف، وتحدد المسؤوليات والإطار الزمني لتنفيذ التدابير اللازمة". ولأسباب تتعلق بانطباق الاستراتيجية وفعاليتها، وكذلك من أجل ضمان احترام سائر حقوق الإنسان، ينبغي لهذه الاستراتيجية أن تعكس استشارة ومشاركة جميع المعنيين بالأمر، بمن فيهم الأشخاص الذين لا مأوى لهم والذين يفتقرون إلى السكن الملائم بالإضافة إلى ممثليهم. وعلاوة على ذلك، ينبغي اتخاذ الخطوات التي تضمن التنسيق بين الوزارات والسلطات الإقليمية والمحلية بغية التوفيق بين السياسات ذات الصلة (في الاقتصاد والزراعة والبيئة والطاقة الخ.) والالتزامات المنصوص عليها في المادة 11 من العهد.
13- إن الرصد الفعال للحالة فيما يتعلق بالإسكان يمثل التزاما آخر ذا أثر فوري. ولكي تقوم دولة من الدول الأطراف بالوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 11(1)، لا بد لها من أن تثبت، في جملة أمور، أنها اتخذت كل الخطوات اللازمة، إما بمفردها أو على أساس التعاون الدولي، للتحقق من المدى الكامل لانعدام المأوى وعدم ملاءمة السكن في نطاق ولايتها. وفي هذا الخصوص، فإن المبادئ التوجيهية العامة، المنقحة بشأن شكل ومضمون التقارير، التي اعتمدتها اللجنة (E/C.12/1991/1) تشدد على الحاجة إلى "تقديم معلومات مفصلة عن تلك الجماعات داخل المجتمع التي تعتبر ضعيفة ومحرومة فيما يتعلق بالإسكان". وهذه الجماعات تشمل بصفة خاصة الأشخاص والأسر الذين لا مأوى لهم، وأولئك الذين يعيشون في مساكن غير ملائمة دون أن تتيسر لهم إمكانية الاستفادة من المرافق الأساسية، وأولئك الذين يعيشون في مستوطنات "غير مشروعة"، وأولئك الذين يخضعون لإخلاء المساكن بالإكراه، والجماعات المنخفضة الدخل.
14- إن التدابير الرامية إلى وفاء دولة من الدول الأطراف بالتزاماتها فيما يتعلق بالحق في السكن الملائم يمكن أن تعكس أي خليط من التدابير التي تعتبر مناسبة والتي تتخذ في القطاعين العام والخاص. وفي حين أن التمويل العام للإسكان في بعض الدول يمكن أن ينفق على أجدى نحو على البناء المباشر للمساكن الجديدة، ففي معظم الحالات، دلت التجربة على عدم قدرة الحكومات على التغطية الكاملة لحالات العجز في مجال الإسكان من خلال المساكن المبنية بأموال عامة. ولذلك، ينبغي تشجيع قيام الدول بتعزيز "الاستراتيجيات التمكينية" على أن يقترن ذلك بتعهد كامل بالوفاء بالالتزامات المتعلقة بالحق في السكن الملائم. ويتمثل هذا الالتزام أساسا في إثبات كون التدابير المتخذة كافية في مجملها لإعمال هذا الحق لصالح كل فرد في أقصر مدة ممكنة وفقا للموارد القصوى المتاحة.
15- إن العديد من التدابير التي سيلزم اتخاذها سيتطلب إجراء تخصيصات للموارد واتخاذ مبادرات من النوع العام في مجال السياسة العامة. إلا أنه ينبغي عدم التقليل من دور التدابير التشريعية والإدارية الرسمية في هذا السياق. وقد وجهت الاستراتيجية العالمية للمأوى (الفقرتان 6676) الانتباه إلى أنواع التدابير التي يمكن اتخاذها في هذا الخصوص وإلى أهميتها.
16- والحق في السكن الملائم محمي من الناحية الدستورية في بعض الدول. واللجنة في هذه الحالات تهتم اهتماما خاصا بالاطلاع على الأهمية القانونية والعملية لاتباع هذا النهج. ولذلك، ينبغي تقديم تفاصيل عن الحالات المحددة والسبل الأخرى التي ثبتت فيها فائدة هذه الحماية.
17- وتعتبر اللجنة أن العديد من العناصر المكونة للحق في السكن الملائم تتفق على الأقل مع الحكم المتعلق بتوفير سبل الانتصاف المحلية. وتبعا للنظام القانوني، يمكن لهذه المجالات أن تشتمل ولكنها لا تقتصـر علـى: (أ) الطعون القانونية التي ترمي إلى منع العمليات المخطط لها فيما يتصل بإخلاء المساكن أو هدمها، وذلك من خلال أوامر زاجرة تصدر عن المحاكم؛ (ب) الإجراءات القانونية الرامية إلى دفع التعويضات بعد إخلاء المساكن بصورة غير مشروعة؛ (ج) الشكاوى ضد الإجراءات غير المشروعة التي يقوم بها أو يدعمها أصحاب المساكن (العامة أو الخاصة) فيما يتعلق بمستويات الإيجار وصيانة المساكـن والتمييـز العنصـري أو غيـره مـن أشكال التمييز؛ (د) المزاعم المتعلقة بأي شكل من أشكال التمييز في تخصيص وتوفير المساكن؛ و(ه‍) الشكاوى ضد أصحاب المساكـن فيما يتعلق بأحوال السكن غير الصحية أو غير الملائمة. وقد يكون من المناسب أيضا في بعض النظم القانونية بحث إمكانية تيسير إقامة الدعاوى الجماعية في الحالات التي تنطوي على ارتفاع كبير في مستويات انعدام المأوى.
18- وفي هذا الخصوص، تعتبر اللجنة أن حالات إخلاء المساكن بالإكراه تتعارض للوهلة الأولى مع مقتضيات العهد ولا يمكن أن تكون مبررة إلا في بعض الظروف الاستثنائية جدا ووفقا لمبادئ القانون الدولي ذات الصلة.
19- وأخيرا، فإن المادة 11(1) تختتم بالتزام الدول الأطراف بالاعتراف "بالأهمية الأساسية للتعاون الدولي القائم على الارتضاء الحر". ومن الناحية التقليدية فإن نسبة تقل عن 5 في المائة من جميع المساعدات الدولية قد وجهت نحو الإسكان أو المستوطنات البشرية وكثيرا ما تكون الطريقة التي يتم بها تقديم هذا التمويل قاصرة عن تقديم أية مساهمة ذات شأن في معالجة الاحتياجات السكنية للجماعات المحرومة. وينبغي للدول الأطراف، المتلقية والمقدمة للمساعدة على السواء، أن تكفـل تخصيص نسبة كبيرة من التمويل لأغراض تهيئة الظروف المفضية إلى توفير السكن الملائم لعدد أكبر من الأشخاص. وينبغي للمؤسسات المالية الدولية التي تشجع تدابير التكيف الهيكلي ضمان ألا تؤدي هذه التدابير إلى الانتقاص من التمتع بالحق في السكن الملائم. وينبغي للدول الأطراف، عند التفكير في طلب التعاون المالي الدولي، أن تسعى إلى تحديد المجالات الوثيقة الصلة بالحق في السكن الملائم والتي يكون فيها للتمويل الخارجي الأثر الأكبر. وينبغي لهذه الطلبات أن تأخذ في كامل الاعتبار احتياجات وآراء الجماعات المتأثرة.

ـــــــــــــــــــ
Spoiler:

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655034

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1384c10


الأوسمة
 :


التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية   التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية I_icon_minitime27/8/2011, 14:28

خيارات المساهمة


اللجنة المعنية بالحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة الحادية عشرة (1994)
التعليق العام رقم 5
المعوقون

1- كثيرا ما أكد المجتمع الدولي الأهمية الرئيسية للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فيما يتعلق بحقوق الإنسان للمعوقين(1). وهكذا انتهى الاستعراض الذي أجراه الأمين العام في عام 1992 لتنفيذ برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين وعقد الأمم المتحدة للمعوقين إلى أن "العجز يرتبط ارتباطا وثيقا بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية" وأن "أحوال المعيشة في أجزاء كبيرة من العالم سيئة إلى درجة أن توفير الاحتياجات الأساسية للجميع من أغذية وماء ومأوى ووقاية صحية وتعليم يجب أن تشكل حجر الزاوية للبرامج الوطنية"(2). وحتى في البلدان التي فيها مستوى المعيشة مرتفع نسبيا، كثيرا ما يحرم المعوقون من فرصة التمتع بكامل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المعترف بها في العهد.
2- وكان هناك طلب صريح موجه إلى لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإلى الفريق العامل الذي سبقها، من كل من الجمعية العامة(3). ولجنة حقوق الإنسان(4). لرصد امتثال الدول الأطراف في العهد لالتزامها بضمان تمتع المعوقين تمتعا كاملا بالحقوق ذات الصلة. ولكن تجربة اللجنة حتى اليوم تبين أن الدول الأطراف لم توجه إلا اهتماما قليلا جدا لهذه المسألة في تقاريرها. ويتفق هذا فيما يبدو مع استنتاج الأمين العام بأن "معظم الحكومات لا تزال تفتقر إلى التدابير المتسقة الحاسمة التي من شأنها أن تحسن بشكل فعال حالة" المعوقين(5). ولهذا، من المناسب استعراض وتأكيد بعض طرق نشوء قضايا متعلقة بالمعوقين في صلتها بالالتزامات الواردة في العهد.
3- ليس هناك حتى الآن تعريف مقبول دوليا لكلمة "عجز" ولكن، يكفي للأغراض الحالية الاعتماد على الأسلوب الذي اتبع في القواعد الموحدة لعام 1993 والتي جاء فيها:
"يلخص مصطلح "العجز" عددا كبيرا من أوجه التقصير الوظيفي المختلفة التي تحدث لدى أية مجموعة من السكـان ... . وقد يعاق الناس باعتلال بدني أو ذهني أو حسي، أو بسبب أحوال طبية ما أو مرض عـقلي ما. وهذه الاعتلالات أو الأحوال أو الأمراض يمكن أن تكون، بطبيعتها، دائمة أو مؤقتـة"(6).
4- ووفقا للأسلوب الذي اتبع في القواعد الموحدة، يستخدم هذا التعليق العام كلمة "المعوقين" بدلا من عبارة "ذوي العاهات" السابقة. فقد قيل إن هذه العبارة الأخيرة يمكن أن تفسر خطأ بأنها تعني أن قدرة الفرد على العمل كإنسان هي التي أعيقت.
5- ولا يشير العهد صراحة إلى المعوقين. ومع ذلك، فإن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يعترف بأن جميع الناس ولدوا أحرارا ومتساوين في الكرامة وفي الحقوق، ولما كانت أحكام العهد تنطبق بالكامل على جميع أفراد المجتمع، فمن الواضح أن المعوقين لهم بوضوح الحق في كامل مجموعة الحقوق المعترف بها في العهد. وبالإضافة إلى ذلك، وبقدر ما تكون المعاملة الخاصة ضرورية، يكون على الدول الأطراف أن تتخذ التدابير المناسبة، في أقصى حدود مواردها المتاحة، لتمكين هؤلاء الأشخاص من محاولة التغلب على أي عوامل سلبية ترجع إلى عجزهم وتعوق تمتعهم بالحقوق المنصوص عليها في العهد. كما أن الشرط الوارد في المادة 2(2) من العهد، والذي "يجعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز" يستند إلى أسباب معينة مذكورة "أو غير ذلك من الأسباب"، ينطبق بوضوح على التمييز بسبب العجز.
6- ولعل غياب حكم صريح متعلق بالعجز في العهد يرجع إلى عدم الوعي بأهمية تناول هذه المسألة بطريقة صريحة، لا ضمنية فقط، أثناء صياغة العهد قبل أكثر من ربع قرن مضى. ولكن صكوكا دولية أحدث عهدا لحقوق الإنسان تناولت هذه المسألة على وجه التحديد. وهي تشتمل على اتفاقية حقوق الطفل (المادة 23)، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (المادة 18(4))، والبروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 13). وعلى ذلك، فقد أصبح من المقبول على نطاق واسع جدا في الوقت الحاضر ضرورة حماية حقوق الإنسان للمعوقين وتعزيزها بالقوانين والسياسات والبرامج العامة إلى جانب قوانين وسياسات وبرامج توضع لهذا الغرض خصيصا.
7- ووفقا لهذا الأسلوب، أكد المجتمع الدولي، في الصكوك التالية، التزامه بضمان مجموعة حقوق الإنسان بالكامل للمعوقين:
(أ) برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين الذي ينص على إطار للسياسة العامة يهدف إلى "اتخاذ التدابير الفعالة للوقاية من العجز، وإعادة التأهيل، وتحقيق هدفي "المشاركة الكاملة [من جانب المعوقين] في الحياة الاجتماعية والتنمية، وتحقيق "المساواة"(7)؛
(ب) المبادئ التوجيهية لإنشاء وتطوير لجان التنسيق الوطنية أو الهيئات المماثلة المعنية بالعجز، التي اعتمدت في عام 1990(Cool؛
(ج) مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية، التي اعتمدت في عام 1991(9)؛
(د) القواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للمعوقين (المشار إليها فيما بعد باسم "القواعد الموحدة")، المعتمدة في عام 1993 والتي تهدف إلى أن يكون لجميع الأشخاص المعوقين "امكانية ممارسة ما يمارسه غيرهم من حقوق والتزامات"(10). وللقواعد الموحدة أهمية رئيسية، وهي تعتبر مرجعا إرشاديا قيما بوجه خاص في التعرف، على نحو أدق، على التزامات الدول الأطراف في هذا المجال بموجب العهد.


1- الالتزامات العامة على الدول الأطراف
8- قدرت الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 500 مليون معوق في العالم اليوم. ويعيش 80 في المائة من هؤلاء في المناطق الريفية في البلدان النامية. والمقدر أن 70 في المائة من المجموع لا يستطيعون الحصول على الخدمات التي يحتاجون إليها أو يحصلون على قدر محدود منها فقط. ولهذا، فإن تحدي تحسين حالة المعوقين له اتصال مباشر بكل دولة طرف في العهد. وستختلف الأساليب التي ستختار لتعزيز الإعمال الكامل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهذه الجماعة بالضرورة اختلافا كبيرا بين بلد وآخر، ولكن ليس هناك بلد واحد لا يحتاج إلى بذل جهد رئيسي في السياسات والبرامج لهذا الغرض(11).
9- ولا شك في أن الالتزام الواقع على عاتق الدول الأطراف في العهد بالعمل على تعزيز الإعمال التدريجي للحقوق ذات الصلة إلى أقصى ما تسمح به الموارد المتاحة لها يتطلب بوضوح من الحكومات أن تفعل أكثر بكثير من مجرد الامتناع عن اتخاذ تدابير قد يكون لها أثر سلبي على المعوقين. فالالتزام في حالة هذه الجماعة الضعيفة والمحرومة هو اتخاذ إجراء إيجابي لتقليل نواحي النقص الهيكلية ولمنح معاملة تفضيلية مناسبة للمعوقين من أجل بلوغ هدفي المشاركة الكاملة والمساواة داخل المجتمع لجميع المعوقين. ويعني ذلك في كل الحالات تقريبا ضرورة تخصيص موارد إضافية لهذا الغرض واتخاذ مجموعة واسعة من التدابير التي توضع على وجه الخصوص لتحقيق هذا الغرض.
10- وقد جاء في تقرير للأمين العام أن التطورات التي حدثت في العقد الأخير في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على السواء لم تكن مواتية بوجه خاص من منظور المعوقين:
"... فالتدهور الاقتصادي والاجتماعي الجاري، وما يصحبه من انخفاض في معدلات النمو، وارتفاع في معدلات البطالة، وتقليل الإنفاق العام، وبرامج التكييف الهيكلي، والتحول إلى القطاع الخاص، كلها قد أثرت تأثيرا سلبيا في البرامج والخدمات ... وإذا ما استمرت الاتجاهات السلبية الحالية، يزداد خطر إقصاء [المعوقين] إلى هامش المجتمع حيث يعتمدون على الدعم المخصص لهم في أحوال متفرقة"(12).
وقد سبق للجنة أن لاحظت (التعليق العام رقم 3 (الدورة الخامسة، 1990)، الفقرة 12) أن واجب الدول الأطراف في حماية أفراد مجتمعاتها المعرضين للمخاطر تتزايد أهميته، بدلا من أن تتناقص، في أوقات وجود قيود شديدة على الموارد.
11- ونظرا لتزايد اتجاه الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى اتباع سياسات مبنية على أساس السوق، يكون من المناسب في هذا السياق تأكيد بعض جوانب التزامات الدول الأطراف. ومن هذه الجوانب ضرورة ضمان إخضاع المجال الخاص أيضا، لا المجال العام فقط، للتنظيم، ضمن الحدود المناسبة، بما يضمن المعاملة العادلة للمعوقين. ففي سياق تتعرض فيه ترتيبات تقديم الخدمات العامة للخصخصة أكثر فأكثر ويتزايد فيه الاعتماد على السوق الحرة، يكون من الضروري إخضاع أصحاب العمل من القطاع الخاص، وموردي السلع والخدمات من القطاع الخاص، وغيرهم من الكيانات غير الحكومية، لمعايير عدم التمييز ولمعايير المساواة فيما يتعلق بالمعوقين. وإذا لم تكن هذه الحماية تمتد إلى ما يجاوز المجال الحكومي، فإن قدرة المعوقين على المشاركة في المسار العام لأنشطة المجتمع المحلي وتحقيق قدراتهم بالكامل كأعضاء نشطين في المجتمع ستواجه عوائق قاسية كثيرا ما تكون تعسفية. ولا يعني هذا أن التدابير التشريعية ستكون دائما أفعل الوسائل للسعي إلى إزالة التمييز ضمن المجال الخاص. وهكذا، مثلا، تشدد القواعد الموحدة تشديدا خاصا على ضرورة أن تتخذ الدول "الإجراءات اللازمة لتوعية المجتمع بشأن الأشخاص المعوقين وحقوقهم واحتياجاتهم وإمكاناتهم ومساهماتهم"(13).
12- وفي غياب التدخل الحكومي، ستكون هناك دائما حالات يؤدي فيها سير السوق الحرة إلى نتائج غير مرضية للمعوقين، إما كأفراد أو كجماعة، وفي هذه الظروف، يكون على الحكومات أن تتدخل وتتخذ التدابير المناسبة لتخفيف النتائج الناشئة عن قوى السوق أو لاستكمالها أو التعويض عنها أو التغلب عليها. وبالمثل، إذا كان من المناسب للحكومات أن تعتمد على الجماعات الطوعية الخاصة لمساعدة المعوقين بطرق مختلفة، فإن هذه الترتيبات لا يمكن أبدا أن تعفي الحكومات من واجب ضمان الامتثال التام لالتزاماتها بموجب العهد. وقد جاء في برنامج العمل العالمي بشأن المعوقين "أن المسؤولية النهائية لتصحيح الأوضاع التي تؤدي إلى الاعتلال ولمعالجة نتائج الإعاقة تقع على عاتق الحكومات"(13).

2- وسائل التنفيذ
13- الأساليب التي ستستخدمها الدول الأطراف في السعي إلى تنفيذ التزاماتها نحو المعوقين بموجب العهد هي أساسا نفس الأساليب المتاحة بالنسبة إلى التزامات أخرى (انظر التعليق العام رقم 1 (الدورة الثالثة، 1989)). وهي تشمل ضرورة التعرف بالرصد المنتظم على طبيعة المشاكل الموجودة داخل الدولة وعلى نطاقها؛ وضرورة اتباع سياسات وبرامج مصممة على النحو المناسب للاستجابة للاحتياجات التي أمكن التعرف عليها؛ وضرورة سن التشريعات حينما يكون ذلك لازما واستبعاد أي تشريع تمييزي قد يكون قائما؛ وضرورة تخصيص اعتمادات مناسبة في الميزانية أو السعي عند الضرورة إلى الحصول على التعاون والمساعدة الدوليين. وفي هذا المجال الأخير، ربما يكون التعاون الدولي وفقا للمادتين 22 و23 من العهد عنصرا مهما بوجه خاص في تمكين بعض البلدان النامية من أداء التزاماتها بموجب العهد.
14- ويضاف إلى هذا أن المجتمع الدولي كان دائما يعترف بأن وضع السياسات وتنفيذ البرامج في هذا المجال يجب أن يجريا على أساس التشاور الوثيق مع جماعات تمثيلية للأشخاص أصحاب الشأن، وإشراكهم في العمل. ولهذا السبب، توصي القواعد الموحدة بعمل كل ما يمكن لتسهيل تشكيل لجان تنسيق وطنية، أو هيئات مماثلة، تكون نقطة مركزية لشؤون المعوقين على المستوى الوطني. والحكومات إذ تفعل ذلك يكون عليها أن تراعي المبادئ التوجيهية لإقامة وتطوير لجان تنسيق وطنية أو هيئات مماثلة تعنى بالمعوقين، التي صدرت عام 1990(15).

3- الالتزام بإزالة التمييز بسبب العجز
15- هناك تاريخ طويل من التمييز ضد المعوقين إما بحكم القانون أو بحكم الواقع، وهو تمييز يتخذ أشكالا مختلفة. فهو يتراوح من التمييز الشنيع، مثل إنكار الفرص التعليمية، إلى أشكال التمييز "الأكثر دقة" مثل الفصل والعزل بفعل حواجز طبيعية واجتماعية مفروضة. وفي تطبيق العهد، يمكن تعريف "التمييز بسبب العجز" على أنه يشمل أي تمييز أو إقصاء أو قصر أو تفضيل أو إنكار للمرافق المعقولة استنادا إلى صفة العجز مما يؤدي إلى إبطال أو تعطيل الاعتراف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو التمتع بها أو ممارستها. وكثيرا ما تعرض المعوقون للمنع من ممارسة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على قدم المساواة مع غير المعوقين، وذلك بسبب الإهمال أو التجاهل أو التحامل أو الافتراضات الخاطئة، وبسبب الإقصاء أو التمييز أو العزل. وقد كانت آثار التمييز بسبب العجز قاسية بوجه خاص في مجالات التعليم والتوظيف والإسكان والنقل والحياة الثقافية ودخول الأماكن والمرافق العامة.
16- ورغم إحراز بعض التقدم في التشريع في العقد الماضي(16)، لا يزال الوضع القانوني للمعوقين وضعا قلقا. ومن أجل معالجة آثار التمييز السابق والحاضر، ومنع التمييز في المستقبل، يبدو أنه لا غنى في جميع الدول الأطراف عمليا عن سن تشريع شامل ضد التمييز بسبب العجز. وينبغي ألا يقتصر هذا التشريع على تزويد المعوقين بوسائل الانتصاف القضائية على النحو الممكن والمناسب، بل أن ينص أيضا على برامج سياسية اجتماعية تمكن المعوقين من أن يحيوا حياة متكاملة يتمتعون فيها بتقرير شؤونهم واستقلالهم.
17- وينبغـي أن تستنـد تدابير مكافحة التمييز على مبدأ التساوي في الحقوق بين المعوقين وغير المعوقين، وهو يعني، كما جاء في برنامج العمل العالمي بشأن المعوقين، "أن احتياجات كل فرد وأي فرد تتسم بذات القدر من الأهمية، وأن هذه الاحتياجات يجب أن تكون الأساس لتخطيط المجتمعات، وأن كل الموارد يجب أن تستخدم بطريقة تضمن لكل فرد فرصة متكافئة للاشتراك في حياة المجتمع. كما يجب أن تكفل السياسات المتعلقة بالعجز إمكانية وصول [المعوقين] إلى جميع خدمات المجتمع المحلي"(17).
18- ونظرا لضرورة اتخاذ تدابير مناسبة لإزالة التمييز القائم وإيجاد فرص متساوية للمعوقين، يجب عدم النظر إلى هذه الإجراءات على أنها تمييزية بالمعنى الذي جاء في المادة 2(2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ما دامت تستند إلى مبدأ المساواة ولا تستخدم إلا بالقدر الضروري لبلوغ هذا الهدف.

4- أحكام محددة من العهد
ألف المادة 3 : المساواة في الحقوق بين الذكور والإناث
19- في بعض الأحيان يعامل المعوقون على أنهم كائنات بشرية لا *** لها. والنتيجة هي أن النساء المعوقات يعانين من تمييز مزدوج ولكنه كثيرا ما يكون موضع إهمال(18). ورغم النداءات المتكررة من جانب المجتمع الدولي للتشديد بوجه خاص على أوضاع هؤلاء النساء، لم تبذل إلا جهود قليلة في أثناء العقد. وقد ورد الحديث مرارا عن إهمال النساء المعوقات في تقرير الأمين العام عن تنفيذ برنامج العمل العالمي(19). ولهذا، فإن اللجنة تحث الدول الأطراف على مواجهة أوضاع النساء المعوقات، وإيلاء أولوية عالية في المستقبل لتنفيذ برامج تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

باء: المواد 6 إلى 8 الحقوق المتصلة بالعمل
20- كان مجال العمل واحدا من المجالات التي يظهر فيها التمييز بسبب العجز بصورة بارزة ومستمرة. وفي معظم البلدان، يبلغ معدل البطالة بين المعوقين مستوى أعلى مرتين إلى ثلاث مرات منه بين غير المعوقين. وعندما يستخدم المعوقون، يوضعون غالبا في وظائف قليلة الأجر وقليلة الضمان الاجتماعي والقانوني، وفي كثير من الحالات، يعزلون عن التيار الرئيسي لسوق العمل. فينبغي أن تدعم الدول بنشاط إدماج المعوقين في سوق العمل العادية. 21- ولا يكـون "حق كل شخص في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية" (المادة 6 (1)) مكفولا إذا كانت الفرصة الحقيقية الوحيدة المتاحة للمعوقين هي العمل فيما يسمى بالمرافق "المحمية" في ظروف أدنى من المعايير. ومن شأن الترتيبات التي يخصص بموجبها فعلا الأشخاص المصابون بفئة معينة من الإعاقة لمهن معينة أو لإنتاج سلع معينة أن تنتهك هذا الحق. وبالمثل، وفي ضوء المبدأ 13(3) من مبادئ "حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية"(20)، يكون مخالفا للعهد أيضا "العلاج الطبي" في مؤسسات الذي يعادل العمل الجبري. وفي هذا الشأن، يمكن أن تكون لحظر العمل الجبري الوارد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية صلة بالموضوع أيضا.
22- ووفقا للقواعد الموحدة، ينبغي أن يتمتع المعوقون، سواء في المناطق الريفية أو في المناطق الحضرية، بالمساواة في فرص العمل المنتج والمربح في سوق العمل(21). وحتى يتحقق ذلك، يكون من المهم بوجه خاص إزالة الحواجز المصطنعة أمام الاندماج بصفة عامة وأمام التوظف بصفة خاصة. وكما لاحظت منظمة العمل الدولية، أن الحواجز المادية التي أقامها المجتمع في مجالات مثل النقل والإسكان وموقع العمل هي التي تستخدم كثيرا فيما بعد كحجة لعدم تشغيل المعوقين(22). فمثلا، ما دام تصميم مواقع العمل وبناؤها يجعلان الدخول إليها بكراسي ذات عجلات أمرا غير ممكن، سيستطيع أصحاب العمل أن "يبرروا" عدم استخدام أشخاص يستعملون هذه الكراسي. وينبغي أن تضع الحكومات أيضا سياسات تشجع وتنظم ترتيبات العمل المرنة والبديلة التي تراعي بطريقة معقولة احتياجات العمال المعوقين.
23- 23 وبالمثل، عندما لا تكفل الحكومات إمكان دخول المعوقين إلى وسائل النقل، فإن ذلك يقلل بدرجة كبيرة من فرص هؤلاء الأشخاص في العثور على أعمال مناسبة، تحقق التكامل أو في الاستفادة من التعليم والتدريب المهني، أو في الانتقال إلى مختلف أنواع المرافق. والواقع أن توفير إمكانية دخول وسائل النقل المناسبة وعند الضرورة، المصممة بشكل خاص، هو أمر حاسم في تمتع المعوقين عمليا بجميع الحقوق المعترف بها في العهد.
24- وينبغي أن تعكس "برامج التوجيه والتدريب التقنيين والمهنيين" المطلوبة بموجب المادة 6(2) من العهد احتياجات جميع المعوقين، وأن تجري في محيط مندمج في المجتمع، وأن تخطط وتنفذ بمشاركة كاملة من ممثلي المعوقين.
25- وينطبق "الحق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية" (المادة 7) على جميع العمال المعوقين، سواء كانوا يعملون في مرافق محمية أو في سوق العمل الحرة. ولا يجوز التمييز ضد العمال المعوقين في الأجور أو في غيرها من الشروط إذا كان عملهم يساوي عمل العمال غير المعوقين. وتقع على عاتق الدول الأطراف مسؤولية ضمان عدم استخدام العجز كحجة لتقليل المعايير فيما يتعلق بحماية العمل أو لدفع أجور أقل من الأجور الدنيا.
26- كذلك تنطبق الحقوق النقابية (المادة Cool على العمال المعوقين بصرف النظر عما إذا كانوا يعملون في مرافق عمل خاصة أو في سوق العمل الحرة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المادة 8 عند النظر إليها في ضوء الحقوق الأخرى، مثل الحق في الحرية النقابية، تؤكد أهمية حق المعوقين في تكوين منظمات خاصة بهم. وإذا أريد لهذه المنظمات أن تكون فعالة في "تعزيز مصالح [هؤلاء الأشخاص] الاقتصادية والاجتماعيـة وحمايتهـا" (المـادة 8(1)(أ))، يجب أن تستشيرها الهيئات الحكومية وغيرها بصفة منتظمة فيما يتعلق بجميع المسائل التي تخصها؛ وقد يكون من الضروري أيضا تقديم دعم مالي وغيره من أشكال الدعم إليها حتى تستطيع البقاء.
27- وقد وضعت منظمة العمل الدولية صكوكا قيمة وشاملة عن حقوق المعوقين المتصلة بالعمل، بما في ذلك على وجه الخصوص الاتفاقية رقم 159 (1983) بشأن التأهيل المهني والعمالة للمعوقين(23). وتشجع اللجنة الدول الأطراف في العهد على النظر في التصديق على هذه الاتفاقية.

جيم: المادة 9 الضمان الاجتماعي
28- لنظم الضمان الاجتماعي والمحافظة على الدخل أهمية خاصة بالنسبة إلى المعوقين. وكما جاء في القواعد الموحدة، "ينبغي للدول أن تكفل توفير الدعم الكافي لدخل المعوقين الذين فقدوا دخلهم أو انخفض دخلهم مؤقتا أو حرمـوا من فرص العمل بسبب العجز أو العوامل المتصلة بالعجز"(24). وينبـغي أن يفي هذا الدعم بالاحتياجات الخاصة إلى المساعدة وبسائر النفقات التي ترجع في كثير من الحالات إلى العجز. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أيضا أن يشمل الدعم المقدم، بقدر الإمكان، الأشخاص الذين يتولون رعاية المعوقين (والأغلبية العظمى من هؤلاء الأشخاص مكونة من النساء). فهؤلاء الأشخاص، بمن فيهم أعضاء أسر المعوقين، يكونون في كثير من الحالات في حاجة ماسة إلى دعم مالي بسبب دور المساعدة الذي يؤدونه(25).
29- ووضع المعوقين في مؤسسات خاصة، ما لم يكن ذلك ضروريا لأسباب أخرى، لا يمكن أن يعتبر بديلا كافيا لحقوق هؤلاء الأشخاص في الضمان الاجتماعي وفي دعم دخولهم.

دال: المادة 10 حماية الأسرة والأمهات والأطفال
30- جاء في العهد ضرورة منح "الحماية والمساعدة" للأسرة، ويعني ذلك في حالة المعوقين عمل كل ما يمكن لتمكين هؤلاء الأشخاص من العيش مع أسرهم، عندما يرغبون في ذلك. وتفترض المادة 10 أيضا، بشرط أن تراعى المبادئ العامة للقانون الدولي الخاص بحقوق الإنسان، حق المعوقين في الزواج وتكوين أسرة. وكثيرا ما تكون هذه الحقوق مهملة أو منكورة، وخصوصا في حالة المصابين بعاهات عقلية(26). وفي هذا السياق وغيره، ينبغي تفسير كلمة "الأسرة" تفسيرا واسعا وبما يتفق مع العرف المحلي المناسب. وينبغي للدول الأطراف أن تضمن ألا تعيق القوانين والسياسات والممارسات الاجتماعية إعمال هذه الحقوق. وينبغي أن تتاح للمعوقين فرصة الحصول على خدمات الإرشاد اللازمة لإعمال حقوقهم وواجباتهم داخل الأسرة(27).
31- والنساء المعوقات لهن أيضا الحق في الحماية والدعم بسبب الأمومة والحمل. وكما جاء في القواعد الموحدة، "ينبغي ألا يحرم المعوقون من فرصة خوض التجربة الجنسية وإقامة علاقات جنسية وخوض تجربة تكوين الأسرة"(28). والاحتياجات والرغبات المشار إليها ينبغي أن تكون موضع الاعتراف وأن تؤخذ في الاعتبار في كلا سياقي الترويح والإنجاب. والمعتاد هو إنكار هذه الحقوق على الرجال والنساء المعوقين على السواء في العالم بأكمله(29). ويعتبر تعقيم النساء المعوقات أو إجهاضهن دون الموافقة السابقة والواعية من جانبهن خرقا خطيرا للمادة 10(2).
32- ويتعرض الأطفال المعوقون للاستغلال والعسف والإهمال بوجه خاص، ويحق لهم الحصول على حماية خاصة وفقا للمادة 10(3) من العهد (تدعمها الأحكام المماثلة في اتفاقية حقوق الطفل.).

هاء: المادة 11 الحق في مستوى معيشي كاف
33- بالإضافة إلى ضرورة ضمان حق المعوقين في الحصول على غذاء كاف ومسكن ملائم وغير ذلك من الاحتياجات المادية الأساسية، يكون من الضروري أيضا "توفير خدمات الدعم للمعوقين، ومنها الإمداد بالمعينات، لكي يتسنى لهم رفع مستوى استقلالهم في حياتهم اليومية وممارسة حقوقهم(30). كما أن الحق في الحصول على الملابس الملائمة له أهمية خاصة بالنسبة إلى المعوقين الذين يحتاجون إلى ملابس خاصة، حتى يستطيعوا القيام بدورهم بالكامل وبطريقة فعالة في المجتمع. وحيثما أمكن، ينبغي أيضا تقديم المساعدة الشخصية المناسبة في هذا السياق. ويجب تقديم هذه المساعدة بطريقة وبروح تحترمان حقوق الإنسان للشخص المعني (للأشخاص المعنيين) احتراما كاملا. وبالمثل، وكما لاحظت اللجنة من قبل في الفقرة 8 من التعليق العام رقم 4 (الدورة السادسة، 1991)، يتضمن الحق في المسكن الملائم حق المعوقين في إمكانية الحصول على السكن.

واو: المادة 12 الحق في الصحة البدنية والعقلية
34- تقضي القواعد الموحدة بأنه "ينبغي للدول أن تكفل حصول المعوقين، ولا سيما الرضع والأطفال، على رعاية طبية من نفس المستوى الذي يحصل عليه، ضمن النظام نفسه، سائر أفراد المجتمع"(31). كما أن الحق في الصحة البدنية والعقلية يفترض الحق في الحصول على الخدمـات الطبيـة والاجتماعية والاستفـادة منها بما في ذلك الأطراف الصناعية بما يمكن المعوقين من أن يصبحوا مستقلين، ويمنع وقوع عجز آخر، ويساعد على اندماجهم في المجتمع(32)). وبالمثل، يجب تزويد هؤلاء الأشخاص بخدمات التأهيل التي تسمح لهم "ببلوغ مستوى أمثل في استقلالهم وأدائهم، والحفاظ عليه"(33). وينبغي تقديم هذه الخدمات بطريقة تكفل للأشخاص المعنيين المحافظة على الاحترام الكامل لحقوقهم وكرامتهم.

زاي: المادتان 13 و14 الحق في التعليم
35- تعترف البرامج المدرسية في كثير من البلدان اليوم بأن المعوقين يمكن أن يحصلوا على التعليم على خير وجه ضمن نظام التعليم العام(34). وعلى ذلك، تقضي القواعد الموحدة بأنه "ينبغي للدول أن تعترف بمبدأ المساواة في فرص التعليم في المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية، وذلك ضمن أطر مدمجة، للمعوقين من الأطفال والشباب والكبار"(35). ولتطبيق هذا النهج، ينبغي للدول أن تكفل تدريب المعلمين على تعليم الأطفال المعوقين في مدارس عادية وتوفير المعدات والدعم اللازمين لتوصيل المعوقين إلى نفس مستوى تعليم أقرانهم من غير المعوقين. ففي حالة الأطفال الصم، مثلا، ينبغي الاعتراف بلغة الإشارات كلغة مستقلة، ينبغي أن يستطيع هؤلاء الأطفال الوصول إليها كما ينبغي مع الاعتراف بما لها من أهمية في بيئتهم الاجتماعية الشاملة.

حاء: المادة 15 الحق فـي المشاركة في الحياة الثقافية والتمتع بفوائـد التقدم العلمي
36- تقضي القواعد الموحدة بأنه "ينبغي للدول أن تكفل للمعوقين فرص استغلال قدراتهم الإبداعية والفنية والفكرية، لا لفائدتهم وحدهم، وإنما أيضا لإثراء مجتمعهم المحلي، سواء كانوا في المناطق الحضرية أو في المناطق الريفية ... وينبغي للدول أن تعمل على تيسير دخول المعوقين إلى الأماكن الخاصة بالعروض والخدمات الثقافية وعلى توفير هذه الأماكن ...(36). وينطبق الشيء نفسه على الأماكن الخاصة بالترويح والرياضة والسياحة.
37- ويتطلب حق المعوقين في المشاركة الكاملة في الحياة الثقافية والترويحية إزالة حواجز الاتصال بأكبر قدر ممكن. ويمكن أن تشمل التدابير المفيدة في هذا الصدد "استخدام الكتب الناطقة، والأوراق المكتوبة بلغة بسيطة وبشكل وألوان واضحة بالنسبة إلى المتخلفين عقليا، وتكييف التلفزيون والمسرح للصم"(37).
38- ومن أجل تسهيل مشاركة المعوقين على قدم المساواة في الحياة الثقافية، ينبغي للحكومات إعلام الجمهور العام وتثقيفه بشأن العجز. وينبغي، بوجه خاص، اتخاذ تدابير لإزالة التحيز أو العقائد الخرافية ضد المعوقين، مثل تلك التي ترى في الصرع شكلا من أشكال الإصابة بأرواح شريرة أو التي ترى في الطفل المعوق شكلا من أشكال العقاب الذي نزل بالأسرة. وبالمثل، يجب تثقيف الجمهور العام لقبول فكرة تمتع المعوقين، بمقدار تمتع أي شخص آخر، بحق استخدام المطاعم والفنادق ومراكز الترويح والأماكن الثقافية.
ـــــــــــــــــــ
Spoiler:

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655034

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1384c10


الأوسمة
 :


التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية   التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية I_icon_minitime27/8/2011, 14:29

خيارات المساهمة


اللجنة المعنية بالحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية
(الدورة الثالثة عشرة، 1995)
التعليق العام رقم 6
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكبار السن

1- مقدمة
1- تزداد ظاهرة الشيخوخة بين سكان العالم بشكل مطرد وبمعدل مذهل تماما. فقد زاد مجموع الذين يبلغون من العمر 60 سنة فأكثر من 200 مليون في عام 1950 إلى 400 مليون في عام 1982، ومن المقدر أن يصل إلى 600 مليون في عام 2001 وإلى 1.2 بليون في عام 2025، وفي ذلك الوقت، سيكون أكثر من 70 في المائة منهم يعيشون في ما يسمى اليوم بالبلدان النامية. وزاد، وما فتئ يزيد بصورة مثيرة للغاية كذلك، عدد الذين يبلغون من العمر 80 سنة فأكثر، إذ ارتفع من 13 مليون في عام 1950 إلى أكثر من 50 مليون اليوم، ومن المقدر أن يزيد إلى 137 مليون في عام 2025. وهذه الفئة هي أسرع فئات السكان زيادة في العالم، ومن المقدر أن تزداد بمعامل يبلغ 10 بين عام 1950 وعام 2025 مقابل معامل يبلغ 6 بالنسبة إلى الفئة البالغة من العمر 60 سنة فأكثر، ومعامل يبلغ أكثر من ثلاثة بقليل بالنسبة إلى مجموع السكان(1).
2- وهذه الأرقام هي أمثلة توضيحية لثورة هادئة، ولكنها ثورة ذات نتائج بعيدة المدى يتعذر التنبؤ بها. وهي ثورة تمس الآن الهياكل الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات على الصعيد العالمي وعلى الصعيد القطري، بل ستزداد تأثيرا على هذه الهياكل في المستقبل.
3- وتواجه معظم الدول الأطراف في العهد، والبلدان الصناعية بصفة خاصة، مهمة مواءمة سياساتها الاجتماعية والاقتصادية مع شيخوخة سكانها، لا سيما فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي. أما في البلدان النامية، فإن غياب وقصور نظام الضمان الاجتماعي يتفاقمان بسبب هجرة الشباب التي تؤدي إلى إضعاف الدور التقليدي للأسرة، التي تشكل الدعم الرئيسي لكبار السن.
2- السياسات موضع الإقرار على الصعيد الدولي فيما يتعلق بكبار السن
4- اعتمدت الجمعية العالمية للشيخوخة في عام 1982 خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة. وصادقت الجمعية العامة على هذه الوثيقة الهامة التي تعتبر مرشدا مفيدا جدا للعمل لأنها تبين بالتفصيل التدابير التي ينبغي للدول الأعضاء اتخاذها من أجل المحافظة على حقوق كبار السن في إطار الحقوق التي أعلنها العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان. وهي تتضمن 62 توصية يتصل كثير منها اتصالا مباشرا بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية(2).
5- وفي عام 1991، اعتمدت الجمعية العامة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن التي تعتبر بسبب طبيعتها البرنامجية، وثيقة هامة أيضا في هذا السياق(3). وهي مقسمة إلى خمسة أقسام ترتبط ارتباطا وثيقا بالحقوق المعترف بها في العهد. إن "الاستقلالية" تشمل حق كبار السن في الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والمأوى والملبس والرعاية الصحية. وتضاف إلى هذه الحقوق الأساسية إمكانية ممارسة العمل بأجر والحصول على التعليم والتدريب. و "المشاركة" تعني وجوب أن يشارك كبار السن بنشاط في صوغ وتنفيذ السياسات التي تؤثر مباشرة في رفاههم، وأن يقدموا إلى الأجيال الشابة معارفهم ومهاراتهم، وأن يكونوا قادرين على تشكيل الحركات أو الرابطات الخاصة بهم. ويدعو القسم المعنون "الرعاية" إلى وجوب أن توفر لكبار السن فرص الاستفادة من الرعاية الأسرية والرعاية الصحية، وأن يمكنوا من التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية عند إقامتهم في مأوى أو مرفق للرعاية أو للعلاج. أما فيما يتعلق بمبدأ "تحقيق الذات"، فينبغي بموجبه تمكين كبار السن من التماس فرص التنمية الكاملة لإمكاناتهم من خلال إتاحة إمكانية استفادتهم من موارد المجتمع التعليمية والثقافية والروحية والترويحية. وأخيرا، ينص القسم المعنون "الكرامة" على أنه ينبغي تمكين كبار السن من العيش في كنف الكرامة والأمن، ودون خضوع لأي استغلال أو سوء معاملة، جسدية أو عقلية، وينبغي أن يعاملوا معاملة منصفة، بصرف النظر عن عمرهم أو جنسهم أو خلفيتهم العرقية أو الإثنية، أو كونهم معوقين، وبصرف النظر عن مركزهم المالي أو أي وضع آخر، وأن يكونوا موضع تقدير بصرف النظر عن مدى مساهمتهم الاقتصادية.
6- وفي عام 1992، اعتمدت الجمعية العامة ثمانية أهداف عالمية في مجال الشيخوخة لسنة 2001، ودليلا مقتضبا لوضع الأهداف الوطنية في مجال الشيخوخة. وبالنسبة إلى عدد من الجوانب الهامة، تفيد هذه الأهداف العالمية في تعزيز التزامات الدول الأطراف في العهد(4).
7- وفي عام 1992 أيضا، وبمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لاعتماد مؤتمر الشيخوخة لخطة عمل فيينا الدولية، اعتمدت الجمعية العامة الاعلان بشأن الشيخوخة الذي حثت فيه على دعم المبادرات الوطنية المتعلقة بالشيخوخة بحيث يقدم الدعم الكافي إلى المسنات لقاء مساهماتهن في المجتمع غير المعترف بها إلى حد كبير. ويشجع كبار السن من الرجال على تطوير قدراتهم الاجتماعية والثقافية والعاطفية التي ربما يكونون قد منعوا من تطويرها في سنوات كسبهم للعيش، ويقدم الدعم إلى الأسر من أجل توفير الرعاية، ويشجع جميع أفراد الأسرة على التعاون في توفير الرعاية، ويوسع التعاون الدولي في إطار الاستراتيجيات الموضوعة لبلوغ الأهداف العالمية في مجال الشيخوخة لسنة 2001. كما تقرر في الاعلان الاحتفال بعام 1999 بوصفه السنة الدولية لكبار السن، اعترافا ببلوغ البشرية "سن النضج" الديموغرافي(5).
8- وأولت وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، في مجالات اختصاصها، ولا سيما منظمة العمل الدولية، اهتمامها أيضا لمشكلة الشيخوخة.
3- حقوق كبار السن فيما يتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية
9- تختلف المصطلحات المستخدمة لوصف كبار السن اختلافا كبيرا، حتى في الوثائق الدولية. فهي تشمل: "كبار السن"، و"المسنين"، "والأكبر سنا"، و"فئة العمر الثالثة"، و"الشيخوخة"، كما أطلق مصطلح "فئة العمر الرابعة" للدلالة على الأشخاص الذين يزيد عمرهم على 80 عاما. ووقع اختيار اللجنة على مصطلح "كبار السن" (older persons) (بالفرنسية، personnes âgées، وبالأسبانية، personas mayores)، وهو التعبير الذي استخدم في قراري الجمعية العامة 47/5 و48/98. ووفقا للممارسة المتبعة في الادارات الاحصائية للأمم المتحدة، تشمل هذه المصطلحات الأشخاص البالغين من العمر60 سنة فأكثر، (تعتبر إدارة الاحصاءات التابعة للاتحاد الأوروبي أن "كبار السن" هم الذين بلغوا من العمر 65 سنة أو أكثر، حيث إن سن ال 65 هي السن الأكثر شيوعا للتقاعد، ولا يزال الاتجاه العام ينحو نحو تأخير سن التقاعد).
10- ولا يتضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أية إشارة صريحة إلى حقوق كبار السن، وإن كانت المادة 9 التي تتناول "حق كل شخص في الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمينات الاجتماعية"، تعترف ضمنا بحق الحصول على ضمانات الشيخوخة. ومع ذلك، وحيث إن أحكام العهد تطبق تطبيقا كاملا على جميع أفراد المجتمع، يصبح من الواضح أنه يحق لكبار السن التمتع بالطائفة الكاملة للحقوق المعترف بها في العهد. وقد وجد هذا النهج التعبير الكامل عنه أيضا في خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة. وفضلا عن ذلك، ونظرا لأن احترام حقوق كبار السن يتطلب اتخاذ تدابير خاصة، فإن العهد يطالب الدول الأطراف بأن تفعل ذلك بأقصى قدر من مواردها المتاحة.
11- وثمة مسألة هامة أخرى هي معرفة ما إذا كان التمييز على أساس السن محظورا بموجب العهد. فلا العهد ولا الاعلان العالمي لحقوق الإنسان يشيران بصراحة إلى السن كأحد الاعتبارات التي يحظر التمييز على أساسها. وبدلا من النظر إلى هذا الإغفال على أنه استبعاد مقصود، ربما يكون أفضـل تفسير له هو أن مشكلة الشيخوخة الديموغرافية، عندما اعتمد هذان الصكان، لم تكن واضحة أو ملحة كما هي الآن.
12- ومع ذلك، فإن المسألة تبقى غير محسومة، إذ يمكن تفسير منع التمييز بسبب "أي وضع آخر" على أنه ينطبق على السن. وتلاحظ اللجنة أنه رغم أنه ليس من الممكن حتى الآن استنتاج أن التمييز على أساس السن محظور تماما بموجب العهد، فإن مجموعة المسائل التي يمكن قبول التمييز بصددها محدودة جدا. وفضلا عن ذلك، ينبغي التشديد على أن عدم قبول التمييز ضد كبار السن مؤكد في كثير من الوثائق الدولية المتعلقة بالسياسة العامة وفي تشريعات الأغلبية الكبيرة من الدول. وفي المجالات القليلة التي ما زال يسمح بالتمييز فيها مثلما هو الحال فيما يتعلق بسن التقاعد الإلزامية أو بسن الحصول على التعليم العالي، هناك اتجاه واضح نحو إلغاء هذه الحواجز. ومن رأي اللجنة أنه ينبغي للدول الأطراف أن تسعى للتعجيل بتنفيذ هذا الاتجاه إلى أكبر حد ممكن.
13- ومن ثم، فمن رأي لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أنه ينبغي للدول الأطراف في العهد أن تولي اهتماما خاصا لتعزيز وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكبار السن. ومما يزيد من أهمية دور اللجنة ذاته في هذا الصدد واقع أنه، على خلاف حالة فئات السكان الأخرى مثل النساء والأطفال، لا توجد بعد اتفاقية دولية شاملة تتعلق بحقوق كبار السن، كما لا توجد ترتيبات اشرافية ملزمة تتعلق بشتى مجموعات مبادئ الأمم المتحدة في هذا المجال.
14- وكانت اللجنة، ومن قبلها سلفها فريق الخبراء الحكوميين العامل للدورة، قد نظرت، في نهاية دورتها الثالثة عشرة، في 144 تقريرا أوليا، و70 تقريرا دوريا ثانيا، و20 تقريرا عالميا أوليا ودوريا بشأن المواد 1 إلى 15. وأتاح النظر في هذه التقارير إمكانية تحديد كثير من المشاكل التي يمكن مواجهتها لدى تنفيذ العهد في عدد كبير من الدول الأطراف التي تمثل جميع مناطق العالم والتي لها نظم سياسية واجتماعية - اقتصادية وثقافية مختلفة. ولم تقدم التقارير التي بحثت حتى الآن أية معلومات، بصورة منهجية، عن حالة كبار السن فيما يتعلق بالامتثال للعهد، فيما عدا بعض المعلومات، التي قدمت بدرجات متفاوتة من الاكتمال، عن تنفيذ المادة 9 المتعلقة بالحق في الضمان الاجتماعي.
15- وفي عام 1993، كرست اللجنة يوما للمناقشة العامة لهذه المسألة بغية تخطيط نشاطها في هذا المجال في المستقبل، وفضلا عن ذلك، بدأت في الدورات الأخيرة تعلق أهمية أكبر بكثير على المعلومات المتعلقة بحقوق كبار السن، وأوضح استبيانها بعض المعلومات القيمة جدا في بعض الحالات. ومع ذلك، فإن اللجنة تلاحظ أن الأغلبية الكبيرة من تقارير الدول الأطراف ما زالت تشير مجرد إشارة ضئيلة إلى هذه المسألة الهامة. ولذا، فإنها ترغب في الإشارة إلى أنها سوف تصر في المستقبل على وجوب تناول وضع كبار السن فيما يتعلق بكل حق من الحقوق المعترف بها في العهد تناولا كافيا في جميع التقارير. ويحدد الجزء الباقي من هذا التعليق العام المسائل المحددة ذات الصلة في هذا الصدد.
4- الالتزامات العامة للدول الأطراف
16- يتميز كبار السن كمجموعة بالتباين والتنوع، شأنهم في ذلك شأن باقي السكان، ويعتمد وضعهم على الحالة الاقتصادية والاجتماعية للبلد، وعلى العوامل الديموغرافية والبيئية الثقافية والمتعلقة بالعمل. كما يعتمد، على الصعيد الفردي، على الحالة الأسرية وعلى مستوى التعليم والبيئة الحضرية أو الريفية، وعلى شغل العاملين والمتقاعدين.
17- وإلى جانب كبار السن الذين يتمتعون بصحة جيدة والذين تعتبر حالتهم المالية مقبولة، هناك كثيرون لا تتوافر لهم الموارد الكافية، حتى في البلدان المتقدمة، ويبرزون بجلاء بين أكثر الجماعات ضعفا وتهميشا وافتقارا إلى الحماية. ويتعرض كبار السن بصفة خاصة للمخاطر في أوقات الانتكاس وإعادة هيكلة الاقتصاد. وكما أكدت اللجنة من قبل (التعليق العام رقم 3 (1990)، الفقرة 12)، يقع على عاتق الدول الأطراف، حتى في أوقات وجود قيود شديدة على الموارد، واجب حماية الضعفاء من أفراد المجتمع.
18- أما الطرائق التي تستخدمها الدول الأطراف للوفاء بالالتزامات التي قطعتها على نفسها بموجب العهد فيما يتعلق بكبار السن، فستكون، بصفة أساسية، هي نفس الطرائق المستخدمة للوفاء بالالتزامات الأخرى (انظر التعليق العام رقم 1 (1989)). وهي تشمل ضرورة تحديد طبيعة ونطاق المشاكل داخل أي دولة من خلال عملية الرصد المنتظم، وضرورة اعتماد سياسات وبرامج موضوعة بشكل سليم للوفاء بالاحتياجات، وضرورة سن التشريع عند الاقتضاء وإلغاء أي تشريع تمييزي، وضرورة كفالة الدعم ذي الصلة من الميزانية أو، كما هو مناسب، التماس التعاون الدولي. وفي هذا الشأن الأخير، يمكن للتعاون الدولي وفقا للمادتين 22 و23 من العهد أن يكون سبيلا هاما، إلى حد كبير، لتمكين بعض البلدان النامية من الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد.
19- وفي هذا السياق، يمكن توجيه الانتباه إلى الهدف العالمي رقم 1 الذي اعتمدته الجمعية العامة في عام 1992 والذي يدعو إلى انشاء هياكل دعم أساسية وطنية لتعزيز السياسات والبرامج المتعلقة بالشيخوخة في الخطط والبرامج الانمائية الوطنية والدولية. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن أحد مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن، الذي تشجع الحكومات على إدراجه في برامجها الوطنية، هو وجوب تمكين كبار السن من تشكيل الحركات أو الرابطات الخاصة بهم.
5- أحكام محددة من العهد المادة 3: المساواة في الحقوق بين الذكور والإناث
20- وفقا للمادة 3 من العهد، التي تتعهد الدول الأطراف بموجبها ب"ضمان مساواة الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، ترى اللجنة أنه ينبغي للدول الأطراف أن تولي اهتماما خاصا للمسنات اللاتي غالبا ما يصبحن في أحوال خطيرة بسبب إنفاقهن كل حياتهن أو جزءا منها في رعاية أسرهن بدون ممارسة نشاط مأجور يخولهن الحق في الحصول على معاش الشيخوخة واللاتي لا يحق لهن أيضا الحصول على معاش كأرامل.
21- ومن أجل معالجة هذه الحالات، والامتثال بشكل كامل للمادة 9 من العهد والفقرة 2(ح) من الاعلان بشأن الشيخوخة، ينبغي للدول الأطراف أن تنشئ إعانات شيخوخة على أساس عدم الاشتراك، أو صنوف مساعدات أخرى لجميع الأشخاص، بغض النظر عن جنسهم، الذين يجدون أنفسهم بلا موارد عند بلوغهم السن المحددة في التشريع الوطني. وبالنظر إلى زيادة العمر المتوقع للنساء وواقع أنهن في أغلب الأحيان هن اللاتي لا يحصلن على معاشات تقاعدية لعدم اشتراكهن في نظام للتقاعد، ستكون النساء هن المستفيدات الرئيسيات من ذلك.
المواد 6 إلى 8: الحقوق المتعلقة بالعمل
22- تقتضي المادة 6 من العهد من الدول الأطراف اتخاذ الخطوات المناسبة لضمان حق كل شخص في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية. وفي هذا الصدد، إذ تأخذ اللجنة في اعتبارها أن العمال كبار السن الذين لم يبلغوا سن التقاعد بعد، كثيرا ما يواجهون مشاكل في الحصول على الأعمال والاحتفاظ بها، وتركز على ضرورة اتخاذ تدابير لمنع التمييز على أساس السن في العمل وشغل الوظائف(6).
23- ويتسم الحق "في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية" (المادة 7 من العهد) بأهمية خاصة من أجل ضمان تمتع العمال كبار السن بشروط عمل آمنة حتى بلوغهم سن التقاعد. ومن المستصوب، بصفة خاصة، استخدام العمال كبار السن في ظروف تتيح أفضل استفادة من خبراتهم ودرايتهم التقنية (7).
24- وينبغي، في السنوات التي تسبق التقاعد، تنفيذ برامج الإعداد للتقاعد، بمشاركة ممثلي منظمات أصحاب العمل والعمال وغيرها من الهيئات المعنية، من أجل إعداد العمال كبار السن لمواجهة وضعهم الجديد. وينبغي لهذه البرامج، بصفة خاصة، أن تزود هؤلاء العمال بالمعلومات عن حقوقهم والتزاماتهم كمتقاعدين، وعن الفرص والشروط اللازمة لمواصلة القيام بنشاط وظيفي أو للاضطلاع بعمل تطوعي، وعن وسائل مكافحة الآثار الضارة للشيخوخة، وعن التسهيلات المتعلقة بتعليم الكبار والأنشطة الثقافية، واستخدام أوقات الفراغ(Cool.
25- أما الحقوق التي تحميها المادة 8 من العهد، وهي الحقوق النقابية، بما في ذلك بعد بلوغ سن التقاعد، فينبغي أن تطبق على العمال كبار السن.
المادة 9: الحق في الضمان الاجتماعي
26- تنص المادة 9 من العهد، بصفة عامة، على وجوب أن تقر الدول الأطراف "بحق كل شخص في الضمان الاجتماعي" بدون تحديد نوع أو مستوى الحماية التي يتعين ضمانها. ومع ذلك، فإن تعبير "الضمان الاجتماعي" يشمل ضمنيا جميع المخاطر المترتبة عن فقد وسائل الاعاشة لأسباب خارجة عن ارادة الشخص.
27- ووفقا للمادة 9 من العهد وللأحكام المتعلقة بتنفيذ اتفاقيات منظمة العمل الدولية بشأن الضمان الاجتماعي - الاتفاقية رقم 102 بشأن الضمان الاجتماعي (المعايير الدنيا) (1952)، والاتفاقية رقم 128 بشأن إعانات العجز والشيخوخة والورثة (1967) - ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ التدابير الملائمة لوضع نظم عامة للتأمين الإلزامي على كبار السن، بدءا من سن معينة، يحددها القانون الوطني.
28- وتمشيا مع التوصيات الواردة في اتفاقيتي منظمة العمل الدولية المذكورتين أعلاه، والتوصية رقم 162، تدعو اللجنة الدول الأطراف إلى تحديد سن التقاعد بحيث تكون مرنة، تبعا للوظائف المؤداه ولقدرة الأشخاص المسنين على العمل، مع إيلاء الاعتبار الواجب للعوامل الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية.
29- ومن أجل أن تصبح أحكام المادة 9 من العهد نافذة المفعول حقا، ينبغي للدول الأطراف أن تضمن تقديم إعانات الورثة والأيتام عند وفاة الشخص المعيل الذي كان مشمولا بالضمان الاجتماعي أو الذي كان يتلقى معاشا تقاعديا.
30- وبالاضافة إلى ذلك، وكما لوحظ آنفا في الفقرتين 20 و21، وبغية تنفيذ أحكام المادة 9 من العهد تنفيذا كاملا، ينبغي للدول الأطراف، في حدود الموارد المتاحة لها، أن تقدم إعانات شيخوخة على أساس عدم الاشتراك، ومساعدات أخرى لجميع كبار السن الذين لا يكونون، عند بلوغهم السن المنصوص عليها في القانون الوطني، قد أكملوا فترة الاشتراك المؤهلة ولا يحق لهم الحصول على معاش شيخوخة، أو على غيره من إعانات أو مساعدات الضمان الاجتماعي ولا يكون لديهم أي مصدر آخر للدخل.
المادة 10: حماية الأسرة
31- ينبغي للدول الأطراف أن تبذل على أساس الفقرة 1من المادة 10 من العهد والتوصيتين 25 و29 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة، كل الجهود اللازمة لدعم وحماية وتعزيز الأسرة ولمساعدتها، وفقا لنظام القيم الثقافية في كل مجتمع، على تلبية احتياجات أفرادها المسنين الذين تعولهم. وتشجع التوصية 29 الحكومات والمنظمات غير الحكومية على إنشاء إدارات اجتماعية لدعم الأسرة بأكملها عندما تؤوي مسنين في مسكنها، وعلى تنفيذ تدابير توجه بصفة خاصة لصالح الأسر ذات الدخل المنخفض التي ترغب في رعاية المسنين منها في المسكن. وينبغي تقديم هذه المساعدة أيضا إلى الأشخاص الذين يعيشون وحدهم، أو إلى الأزواج المسنين الذين يرغبون في البقاء في المنزل.
المادة 11: الحق في مستوى معيشي كاف
32- من مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن، ينص المبدأ رقم 1 الذي يتصدر القسم المتعلق باستقلالية كبار السن على أنه: "ينبغي أن تتاح لكبار السن إمكانية الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والمأوى والملبس والرعاية الصحية، بأن يوفر لهم مصدر للدخل ودعم أسري ومجتمعي ووسائل للعون الذاتي". وتعلق اللجنة أهمية كبيرة على هذا المبدأ الذي يطلب توفير الحقوق الواردة في المادة 11 من العهد لكبار السن.
33- وتؤكد التوصيات 19 إلى 24 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة على أن المسكن للمسنين ينبغي النظر إليه على أنه أكثر من مجرد مأوى إذ له، بالإضافة إلى المدلول المادي، مدلول نفسي واجتماعي ينبغي أخذه بالحسبان. ومن ثم، ينبغي للسياسات الوطنية أن تساعد المسنين على مواصلة الحياة في مساكنهم أطول مدة ممكنة، من خلال إصلاح المساكن وتطويرها وتحسينها وتكييفها مع قدرة هؤلاء الأشخاص على الحصول عليها واستخدامها (التوصية 19). وتركز التوصية 20 على أنه ينبغي لخطة وقوانين إعادة البناء والتطوير الحضريين إيلاء اهتمام خاص لمشاكل المسنين وتقديم المساعدة إليهم لضمان دمجهم في المجتمع، في حين توجه التوصية 22 الانتباه إلى ضرورة أن تؤخذ في الاعتبار الطاقة الوظيفية لكبار السن بغية توفير بيئة معيشية أفضل لهم، وتسهيل حركتهم واتصالاتهم من خلال توفير وسائل نقل كافية لهم.
المادة 12: الحق في الصحة البدنية والعقلية
34- ينبعي للدول الأطراف بغية إعمال حق كبار السن في التمتع بمستوى مرض من الصحة البدنية والعقلية، وفقا للفقرة 1 من المادة 12 من العهد، أن تأخذ في الاعتبار مضمون التوصيات 1 إلى 17 من خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة، التي تركز بشكل كامل على تقديم مبادئ توجيهية بشأن السياسة الصحية للمحافظة على صحة المسنين، وتستند إلى نظرة شاملة تتراوح بين الوقاية وإعادة التأهيل ورعاية المرضى في نهاية العمر.
35- ومن الواضح أن تزايد عدد الأمراض المزمنة والمتنكسة، وارتفاع تكاليف العلاج في المستشفيات التي تتطلبها هذه الأمراض، لا يمكن معالجتهما بالوسائل العلاجية فقط. وفي هذا الشأن، ينبغي للدول الأطراف أن تأخذ في الاعتبار أن المحافظة على الصحة في العمر المتقدم تتطلب استثمارات طوال فترة الحياة، وبصفة أساسية، من خلال اعتماد أساليب حياة صحية (من ناحية الغذاء والتدريبات البدنية وعدم التدخين أو تناول المشروبات الكحولية، الخ.). وتلعب الوقاية من خلال عمليات الفحص المنتظمة التي تناسب احتياجات المسنين دورا حاسما، مثلما تفعل عملية إعادة التأهيل من خلال المحافظة على القدرات الوظيفية للمسنين مما يؤدي إلى انخفاض تكاليف الاستثمارات في مجال الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية.
المواد 13 إلى 15: الحق في التعليم والثقافة
36- تعترف الفقرة 1 من المادة 13 من العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم. وفي حالة المسنين، ينبغي تناول هذا الحق من وجهتي نظر مختلفتين ومتكاملتين: (أ) حق المسنين في الاستفادة من البرامج التعليمية، و(ب) تقديم الدراية التقنية للمسنين وخبراتهم إلى الأجيال الشابة.
37- وفيما يتعلق بالأولى، ينبغي للدول الأطراف أن تأخذ في الاعتبار: (أ) التوصيات الواردة في المبدأ 16 من مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن، التي مؤداها وجوب أن تتاح لكبار السن إمكانية الاستفادة من البرامج التعليمية المناسبة لهم، والحصول على التدريب، ومن ثم، ينبغي، على أساس إعدادهم وقدراتهم ومدى ما لديهم من حوافز، أن تتاح لهم فرص الوصول إلى مختلف مستويات التعليم من خلال اعتماد التدابير المناسبة فيما يتعلق بتعليم القراءة والكتابة، والتعليم مدى الحياة والوصول إلى التعليم الجامعي، الخ.، و(ب) التوصية 47 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة التي تدعو، وفقا لمفهوم التعليم مدى الحياة الذي أصدرته اليونسكو، إلى وضع برامج للمسنين غير رسمية ومعتمدة على المجتمع المحلي وموجهة نحو الترويح، بغية تنمية شعورهم بالاعتماد على الذات وشعور المجتمع المحلي بالمسؤولية. وينبغي أن تحظى برامج كهذه بتأييد الحكومات الوطنية والمنظمات الدولية.
38- وفيما يتعلق بالاستفادة من الدراية التقنية والخبرة المتوافرة لكبار السن، على النحو المشار إليه في الجزء من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة المتعلق بالتعليم (الفقرات 74-76)، يوجه الانتباه إلى الدور الهام الذي لا يزال المسنون وكبار السن يلعبونه في معظم المجتمعات باعتبارهم ناقلين للمعلومات والمعارف والتقاليد والقيم الروحية. وإلى وجوب عدم فقد هذا العرف. ومن ثم، تعلق اللجنة أهمية خاصة على الرسالة الواردة في التوصية 44 من الخطة التي تشير إلى تنمية "البرامج التعليمية التي تصور كبار السن بصفة المعلمين وناقلي المعرفة والثقافة والقيم الروحية".
39- وتقر الدول الأطراف في الفقرة 1(أ) و(ب) من المادة 15 من العهد بحق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية وأن يتمتع بفوائد التقدم العلمي وبتطبيقاته. وفي هذا الخصوص، تحث اللجنة الدول الأطراف على أن تأخذ في الاعتبار التوصيات الواردة في مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن، وبوجه خاص، المبدأ 7: "ينبغي أن يظل كبار السن مندمجين في المجتمع، وأن يشاركوا بنشاط في صوغ وتنفيذ السياسات التي تؤثر مباشرة في رفاههم، وأن يقدموا إلى الأجيال الشابة معارفهم ومهاراتهم"، والمبدأ 16: "ينبغي أن تتاح لكبار السن إمكانية الاستفادة من موارد المجتمع التعليمية والثقافية والروحية والترويحية".
40- وبالمثل، فإن التوصية 48 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة، تشجع الحكومات والمنظمات الدولية على دعم البرامج الرامية إلى تسهيل وصول المسنين إلى المؤسسات الثقافية (كالمتاحف والمسارح ودور الموسيقى ودور السينما وهلم جرا.).
41- وتركز التوصية 50 على ضرورة أن تبذل الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمسنون أنفسهم الجهود للتغلب على تصوير المسنين في قوالب على أنهم مصابون دائما بعاهات بدنية ونفسانية، وأنهم عاجزون عن التصرف على نحو مستقل، وأن لا دور ولا مركز لهم في المجتمع. وهذه الجهود، التي ينبغي لوسائل الإعلام والمؤسسات التربوية أن تشارك فيها أيضا، ضرورية لتحقيق مجتمع يدافع عن الاندماج الكامل للمسنين فيه.
42- وفيما يتعلق بالحق في التمتع بفوائد التقدم العلمي وبتطبيقاته، ينبغي للدول الأطراف أن تأخذ في الحسبان التوصيات 60 و61 و62 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة، وأن تبذل جهودها لتعزيز البحوث المتعلقة بالجوانب البيولوجية والعقلية والاجتماعية للشيخوخة وبوسائل المحافظة على القدرات الوظيفية للمسنين ومنع أو إرجاء بدء الأمراض المزمنة وصنوف العجز. وفي هذا الخصوص، يوصى بوجوب قيام الدول والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية بإنشاء مؤسسات متخصصة في تدريس علم الشيخوخة وطب الشيخوخة والطب النفسي للشيخوخة في البلدان التي لا توجد فيها مؤسسات من هذا القبيل.

ـــــــــــــــــــ
Spoiler:

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655034

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1384c10


الأوسمة
 :


التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية   التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية I_icon_minitime27/8/2011, 14:30

خيارات المساهمة


اللجنة المعنية بالحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية
(الدورة السادسة عشرة، 1997)
التعليق العام رقم 7
الحق في السكن الملائم (المادة 11-1 من العهد) حالات إخلاء المساكن بالإكراه

1- لاحظت اللجنة، في تعليقها العام رقم 4 (1991)، أنه ينبغي أن يتمتع كل شخص بدرجة من الأمن في شغل المسكن تكفل له الحماية القانونية من إخلائه بالإكراه ومن المضايقة وغير ذلك من التهديدات. وخلصت إلى أن حالات إخلاء المساكن بالإكراه تتعارض للوهلة الأولى مع مقتضيات العهد. واللجنة، إذ نظرت في عدد لا بأس به من التقارير المتعلقة بحالات إخلاء المساكن بالإكراه في السنوات الأخيرة، بما في ذلك حالات رأت فيها أنه يجري الإخلال بالتزام الدول الأطراف، قد باتت الآن في موقف يتيح لها أن تسعى إلى تقديم مزيد من الايضاح بشأن الآثار المترتبة على هذه الممارسات من حيث الالتزامات الواردة في العهد.
2- لقد اعترف المجتمع الدولي منذ زمن بعيد بأن مسألة إخلاء المساكن بالإكراه مسألة خطيرة. ففي عام 1976، لاحظ مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية أنه ينبغي توجيه اهتمام خاص إلى "عدم القيام بعمليات إزالة كبرى إلا إذا كان صون المستوطنات واستصلاحها أمرا غير ممكن، وبشرط توفير أماكن سكن أخرى لأهله(1). وفي عام 1988، في الاستراتيجية العالمية للمأوى حتى عام 2000، التي اعتمدتها الجمعية العامة في قرارها 34/181، تم الإقرار "بالالتزام الأساسي [للحكومات] المتمثل في حماية وتحسين المساكن والأحياء ... بدلا من تدميرها أو إلحاق الضرر بها"(2). وورد في جدول أعمال القرن 21 أنه "ينبغي حماية الناس بموجب القانون من الإخلاء الظالم من منازلهم أو أراضيهم"(3). وفي جدول أعمال الموئل، عاهدت الحكومات أنفسها على "حماية جميع الناس من عمليات الإخلاء القسري المخالفة للقانون وتوفير الحماية القانونية منها وتداركها، مع أخذ حقوق الإنسان في الاعتبار؛ [و] في حالة تعذر تفادي عمليات الإخلاء، ضمان توفير حلول بديلة ملائمة بحسب الاقتضاء"(4). ما بينت لجنة حقوق الإنسان أن "ممارسة الإخلاء القسري تشكل انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان"(5). غير أنه، على الرغم من أهمية هذه البيانات، فهي لا تتصدى لإحدى أكثر المسائل حسما، ألا وهي مسألة تحديد الظروف التي تكون فيها حالات إخلاء المساكن بالإكراه مباحة وتحديد أنواع الحماية المطلوبة لضمان مراعاة الأحكام ذات الصلة من العهد.
3- إن استخدام عبارة "حالات إخلاء المساكن بالإكراه" هو، في بعض الحالات، أمر ينطوي على إشكالات. فهذه العبارة تسعى إلى التعبير عن مفهوم التعسف واللاقانونية. غير أن كثيرا من المراقبين يعتبرون الإشارة إلى "حالات إخلاء المساكن بالإكراه" حشوا، بينما انتقد مراقبون آخرون عبارة "حالات الإخلاء غير القانوني للمساكن" لأنها تفترض أن القانون ذا الصلة يوفر حماية وافية للحق في الإسكان ويتفق مع أحكام العهد، والحالة، بالتأكيد، ليست كذلك دوما. كما ارتئي أن عبارة "حالات الإخلاء غير المنصفة" هي أكثر ذاتية، حيث إنها لا تشير إلى أي إطار قانوني على الاطلاق. وقد اختار المجتمع الدولي، وخاصة في سياق لجنة حقوق الإنسان، الإشارة إلى "حالات إخلاء المساكن بالإكراه" وذلك، بالدرجة الأولى، لأن جميع البدائل المقترحة بها عيوب كثيرة من هذا النوع. إن عبارة "حالات إخلاء المساكن بالإكراه" المستخدمة في هذا التعليق العام تعرف بأنها نقل الأفراد والأسر و/أو المجتمعات المحلية، بشكل دائم أو مؤقت وضد مشيئتهم، من البيوت و/أو الأراضي التي يشغلونها، دون إتاحة سبل مناسبة من الحماية القانونية أو غيرها مـن أنـواع الحمايـة أو إتاحة إمكانية الحصول عليها. غير أن حظر حالات إخلاء المساكن بالإكراه لا يسري على حالات الإخلاء التي تطبق بالإكراه وفقا لأحكام القانون والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان.
4- إن ممارسة عمليات إخلاء المساكن بالإكراه هي ممارسة واسعة الانتشار وتمس الأشخاص في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على السواء. ونظرا للترابط والتشابك القائمين بين حقوق الإنسان كافة، فكثيرا ما تكون عمليات إخلاء المساكن بالإكراه مخلة بحقوق الإنسان الأخرى. وعليه، فإن ممارسة عمليات إخلاء المساكن بالإكراه، لئن كانت تخل إخلالا ظاهرا بالحقوق المدرجة في العهد، فهي قد تسفر أيضا عن انتهاكات للحقوق المدنية والسياسية، مثل الحق في الحياة وحق الفرد في الأمن على شخصه والحق في عدم التدخل بالخصوصيات والأسرة والبيت والحق في التمتع السلمي بالممتلكات.
5- وعلى الرغم من أن ممارسة عمليات إخلاء المساكن بالإكراه قد يبدو أنها تحدث بصفة رئيسية في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، فهي تحدث أيضا في حالات نقل السكان بالإكراه والتهجير الداخلي وتغيير مواطن السكان بالإكراه في سياق المنازعات المسلحة، والهجرات الجماعية وتنقلات اللاجئين. ففي هذه الحالات جميعها، قد يتم الإخلال بالحق في السكن الملائم وفي عدم التعرض لإخلاء المساكن بالإكراه، وذلك من خلال مجموعة واسعة من الأفعال أو الامتناع عنها التي تعزى إلى الدول الأطراف. بل وحتى في الحالات التي قد يكون من الضروري فيها فرض حدود على هذا الحق، يطلب الالتزام التام بأحكام المادة 4 من العهد، بحيث لا تكون أية حدود مفروضة إلا الحدود "المقررة في القانون، وإلا بمقدار توافق ذلك مع طبيعة هذه الحقوق [أي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية]، وشريطة أن يكون هدفها الوحيد تعزيز الرفاه في مجتمع ديمقراطي".
6- إن كثيرا من حالات إخلاء المساكن بالإكراه تكون مرتبطة بالعنف، مثل حالات الإخلاء الناجمة عن المنازعات المسلحة الدولية والصراع الداخلي والعنف المجتمعي أو الإثني.
7- وثمة حالات أخرى من الإخلاء بالإكراه تحدث باسم التنمية. وقد تتم عمليات الإخلاء بصدد منازعة على الحقوق في الأرض، أو المشاريع الإنمائية ومشاريع إقامة الهياكل الأساسية، مثل بناء السدود أو غيرها من مشاريع توليد الطاقة الكبيرة النطاق، مع تدابير حيازة الأراضي المتصلة بتحسين المناطق الحضرية أو ترميم المساكن أو برامج تجميل المدن أو تهيئة الأراضي للزراعة أو إطلاق العنان للمضاربة في الأراضي أو إقامة مباريات رياضية كبرى مثل الألعاب الأولمبية.
8- ومن حيث الجوهر، فإن التزامات الدول الأطراف في العهد فيما يتعلق بحالات إخلاء المساكن بالإكراه تستند إلى أحكام المادة 11-1، مقترنة بأحكام أخرى ذات صلة. وعلى وجه الخصوص، فإن المادة 2-1 تلزم الدول باستخدام "جميع السبل المناسبة" في سبيل تعزيز الحق في سكن ملائم. غير أنه، نظرا لطبيعة ممارسة عمليات إخلاء المساكن بالإكراه، فإن الإشارة في المادة 2-1 إلى التمتع التدريجي بالحقوق بناء على الموارد المتاحة، هي إشارة لا تكون ذات صلة بالموضوع إلا في حالات نادرة. ولا بد للدولة نفسها من أن تمتنع عن القيام بعمليات إخلاء المساكن بالإكراه وأن تكفل تطبيق أحكام القانون على موظفيها أو على أطراف ثالثة تمارس هذه العمليات (على النحو المشروح في الفقرة 3 أعلاه). وعلاوة على ذلك، فإن هذا النهج تعززه المادة 17-1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تكمل الحق في عدم الإخلاء بالإكراه دون حماية وافية. فهذه المادة تعترف بجملة أمور، منها حق الإنسان في الحماية من التعرض "على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل" في بيته. ويلاحظ أن التزام الدولة في ضمان احترام هذا الحق ليس مشروطا باعتبارات متصلة بمواردها المتاحة.
9- إن المادة 2-1 من العهد تقتضي من الدول الأطراف استخدام "جميع السبل المناسبة"، بما فيها اعتماد تدابير تشريعية، لتعزيز جميع الحقوق التي يحميها العهد. ومع أن اللجنة قد بينت في تعليقها العام 3(1990) أن هذه التدابير قد لا تكون لازمة في ما يتعلق بجميع الحقوق، فمن الواضح أن سن تشريعات تحظر عمليات إخلاء المساكن بالإكراه هو أساس جوهري يجب أن يقوم عليه أي نظام حمايــة فعـــال. وينبغي أن يشمل هذا التشريع تدابير (أ) توفر لشاغلي المساكن والأراضي أكبـر قدر ممكن من الضمان لشغلها، و(ب) تتفق مع أحكام العهد، و(ج) يكون الغرض منها المراقبة الدقيقة للظروف التي قد تجري في ظلها عمليات الإخلاء. كما يجب أن ينطبق التشريع على جميع الموظفين الخاضعين لسلطة الدولة والمساءلين أمامها. وعلاوة على ذلك، فنظرا للاتجاه السائد بشكل متزايد في بعض الدول نحو التقليل كثيرا من مسؤوليات الحكومات في قطاع الإسكان، يجب على الدول الأطراف أن تكفل جعل التدابير التشريعية وغيرها من التدابير وافية للحيلولة دون عمليات الإخلاء بالإكراه، وللمعاقبة، عند الاقتضاء على هذه العمليات التي يقوم بها أفراد بصفتهم الشخصية أو تقوم بها هيئات دون تقديم ضمانات مناسبة. لذلك ينبغي للدول الأطراف استعراض التشريعات والسياسات ذات الصلة كيما تضمن توافقها مع الالتزامات الناشئة عن الحق في السكن الملائم، كما ينبغي لها إلغاء أو تعديل أية تشريعات أو سياسات تكون متعارضة مع متطلبات العهد.
10- إن النساء والأطفال والشباب والمسنين والشعوب الأصلية والأقليات الإثنية وغيرها، وسائر الضعفاء من أفراد وجماعات، يعانون جميعا بشكل غير متكافئ من ممارسة الإخلاء بالإكراه. والنساء في الفئات كافة ضعيفات بوجه خاص نظرا لمدى التمييز القانوني وغيره من أشكال التمييز التي كثيرا ما تمارس ضدهن فيما يتعلق بحقوق الملكية (بما فيها ملكية البيوت) أو حقوق حيازة الممتلكات أو المأوى، ونظرا لتعرضهن بوجه خاص لأفعال العنف والإساءة الجنسية عندما يصبحن بلا مأوى. إن أحكام عدم التمييز التي تتضمنها المادتان 2-2 و3 من العهد تفرض على الحكومات التزاما إضافيا بأن تكفل، في حال حدوث عمليات إخلاء، اتخاذ تدابير مناسبة لضمان عدم انطواء ذلك على أي شكل من أشكال التمييز.
11- وبينما قد يكون هناك ما يبرر بعض حالات الإخلاء، كما هو الأمر في حالة الاستمرار في عدم دفع الايجار أو إلحاق ضرر بالممتلكات المستأجرة دون سبب وجيه، يتحتم على السلطات المعنية أن تكفل أن يجري الإخلاء على النحو الذي يجيزه القانون الذي يكون متفقا مع أحكام العهد، وأن تكون جميع سبل الانتصاف والتعويضات القانونية متاحة للمتضررين.
12- إن عمليات الإخلاء بالإكراه وتدمير المنازل، بوصفها تدابير عقابية، تتعارض أيضا مع قواعد العهد. وكذلك، تحيط اللجنة علما بالالتزامات الواردة في اتفاقيتي جنيف لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين بهما لعام 1977 فيما يتعلق بحظر تهجير السكان المدنيين وتدمير الممتلكات الخاصة، من حيث صلة هذه الالتزامات بممارسة الإخلاء بالإكراه.
13- وتكفل الدول الأطراف، قبل القيام بأية عمليات إخلاء، وخاصة ما يتعلق منها بجماعات كبيرة، أن يتم استكشاف جميع البدائل المجدية بالتشاور مع المتضررين، بغية الحيلولة دون ضرورة استخدام القوة، أو على الأقل، بغية التقليل من هذه الضرورة إلى أدنى حد. وينبغي توفير سبل الانتصاف أو الإجراءات القانونية للمتأثرين بأوامر الإخلاء. وعلى الدول الأطراف أيضا أن تكفل للأفراد المعنيين كافة الحق في التعويض الكافي عن أية ممتلكات تتأثر من جراء ذلك، شخصية كانت أم عقارية. ومن الجدير بالإشارة في هذا الصدد إلى المادة 2-3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تقتضي من الدول الأطراف أن تكفل توفير "سبيل فعال للتظلم" للأشخاص الذين انتهكت حقوقهم وبأن تكفل قيام "السلطات المختصة بإنفاذ الأحكام الصادرة لصالح المتظلمين".
14- وفي الحالات التي يعتبر فيها أن للإخلاء ما يبرره، فينبغي أن يجري هذا الإخلاء مع الامتثال الدقيق للأحكام ذات الصلة من القانون الدولي لحقوق الإنسان ووفقا للمبادئ العامة المراعية للمعقولية والتناسب. ومن المناسب بوجه خاص في هذا الشأن الإشارة إلى التعليق العام 16 للجنة المعنية بحقوق الإنسان المتعلق بالمادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي لا تجيز التدخل في بيت أي شخص إلا "في الحالات التي ينص عليها القانون". ولاحظت اللجنة أن القانون ينبغي أن يكون "موافقا لأحكام العهد ومراميه وأهدافه وأن يكون، في جميع الحالات، معقولا بالنسبة للظروف المعينة التي يحدث فيها". كما بينت اللجنة أنه "يجب أن يحدد التشريع ذو الصلة بالتفصيل الظروف المحددة التي يجوز السماح فيها بهذا التدخل".
15- إن الحماية الإجرائية المناسبة وقواعد الإجراءات القانونية هي جوانب جوهرية من حقوق الإنسان كافة، إلا أنها مناسبة بوجه خاص فيما يتعلق بمسألة مثل عمليات الإخلاء بالإكراه، وهي مسألة يتم فيها التذرع مباشرة بعدد كبير من الحقوق المعترف بها في كلا العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان. وترى اللجنة أن سبل الحماية الإجرائية التي ينبغي تطبيقها فيما يتعلق بعمليات الإخلاء بالإكراه تشمل: (أ) إتاحة فرصة للتشاور الحقيقي مع المتضررين؛ (ب) إشعار المتضررين كافة بشكل واف ومناسب قبل الموعد المقرر للإخلاء؛ (ج) الإحاطة علما بعمليات الإخلاء المقترحة، وعند الاقتضاء، بالغرض البديل المقرر استخدام الأرض أو المسكن من أجله، على أن تتاح هذه المعلومات لجميع المتضررين في الوقت المناسب؛ (د) حضور موظفين حكوميين أو ممثلين عنهم أثناء الإخلاء، وخاصة عندما يتعلق الأمر بجماعات من الناـس؛ (ه) التعيين الصحيح لهوية جميع الأشخاص الذين يتولون القيام بعملية الإخلاء؛ (و) عدم القيام بالإخلاء عند سوء الأحوال الجوية بشكل خاص أو أثناء الليل، ما لم يوافق المتضررون على غير ذلك؛ (ز) توفيـر سبل الانتصاف القانونية؛ (ح) توفير المعونة القانونية، عند الإمكان، لمن يكونون بحاجة إليها من أجل التظلم لدى المحاكم.
16- وينبغي ألا تسفر عمليات الإخلاء عن تشريد الأفراد أو تعرضهم لانتهاك حقوق أخرى من حقوق الإنسان. وفي حال عجز المتضررين عن تلبية احتياجاتهم بأنفسهم، على الدولة الطرف أن تتخذ كل التدابير المناسبة، بأقصى ما هو متاح لها من موارد، لضمان توفير مسكن بديل ملائم لهم، أو إعادة توطينهم أو إتاحة أراض منتجة لهم، حسب الحالة.
17- وتعي اللجنة أن ثمة مشاريع إنمائية شتى تمولها وكالات دولية في أراضي الدول الأطراف قد أسفرت عن عمليات إخلاء بالإكراه. وتشير اللجنة في هذا الشأن، إلى التعليق العام 2 (1990) الذي ينص، في جملة أمور، على أنه "ينبغي للوكالات الدولية أن تتجنب، على نحو دقيق، المشاركة في مشاريع تنطوي، على سبيل المثال ... على تعزيز أو توطيد التمييز ضد الأفراد أو الجماعات بما يتناقض مع أحكام العهد، أو تنطوي على عمليات إجلاء أو تشريد واسعة النطاق للأشخاص دون توفير كل أشكال الحماية والتعويض المناسبة لهم. وينبغي بذل كل جهد ممكن في كل مرحلة من أي مشروع إنمائي لكفالة المراعاة الواجبة للحقوق الواردة في العهد"(6).
18- إن بعض المؤسسات، مثل البنك الدولي ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، قد اعتمدت مبادئ توجيهية بشأن التهجير و/أو إعادة التوطين بغية الحد من نطاق عمليات الإخلاء بالإكراه والتقليل من المعاناة البشرية المتصلة بها. وكثيرا ما تكون هذه الممارسات مرافقة للمشاريع الإنمائية الكبيرة، مثل بناء السدود وغيرها من المشاريع الكبرى لتوليد الطاقة. إن المراعاة التامة لهذه المبادئ التوجيهية، التي تجسد الالتزامات الواردة في العهد، هي أمر ضروري، سواء من جانب الوكالات أنفسها أو من جانب الدول الأطراف في العهد. وتشير اللجنة في هذا الشأن إلى البيان الوارد في إعلان وبرنامج عمل فيينا بأن "في حين أن التنمية تيسر التمتع بجميع حقوق الإنسان، فإن انعدام التنمية لا يجوز اتخاذه ذريعة لتبرير الانتقاص من حقوق الإنسان المعترف بها دوليا" (الجزء الأول، الفقرة 10).
19- وفقا للمبادئ التوجيهية التي اعتمدتها اللجنة، فيما يتعلق بالإبلاغ، يرجى من الدول الأطراف تقديم شتى المعلومات المتعلقة مباشرة بممارسة عمليات الإخلاء بالإكراه، ومنها معلومات عما يلي: (أ) "عدد الأشخاص الذين تم إخلاؤهم في غضون السنوات الخمس الأخيرة وعدد الأشخاص الذين لا يحظون حاليا بحماية قانونية من الإخلاء التعسفي أو أي نوع من الإخلاء"، (ب) "التشريع المتعلق بحقوق المستأجرين في ضمان شغل المسكن وفي الحماية من الإخلاء"، (ج) "التشريع الذي يحظر أي شكل من أشكال الإخلاء"(7).
20- كما يرجى تقديم معلومات بشأن "ما يتخذ من تدابير أثناء جملة حالات، منها برامج تحسين المناطق الحضرية ومشاريع إعادة التنمية والنهوض بالمواقع والإعداد للمناسبات الدولية (الألعاب الأوليمبية وغيرها من المباريات الرياضية والمعارض والمؤتمرات، وما إلى ذلك) وحملات تجميل المدن، وما إليها، التي تكفل الحماية من الإخلاء أو تكفل إعادة الإسكان بالرضا المتبادل، من كل من يعيشون في المواقع المتأثرة أو بالقرب منها(Cool. بيد أنه لم تقم سوى بضع دول أطراف بإدراج المعلومات المطلوبة في تقاريرها إلى اللجنة. لذلك ترغب اللجنة في التشديد على الأهمية التي تعلقها على تلقي هذه المعلومات.
21- وبينت بعض الدول الأطراف أن هذا النوع من المعلومات غير متاح. وتشير اللجنة إلى أن رصد الحق في السكن الملائم رصدا فعالا، سواء من جانب الحكومة المعنية أو من جانب اللجنة، يتعذر في حال عدم جمع البيانات المناسبة. وهي ترجو من جميع الدول الأطراف أن تحرص على جمع البيانات اللازمة وإدراجها فيما تقدمه من تقارير بموجب أحكام العهد.
ـــــــــــــــــــ
Spoiler:

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655034

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1384c10


الأوسمة
 :


التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية   التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية I_icon_minitime27/8/2011, 14:31

خيارات المساهمة


اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة السابعة عشرة (1997)

التعليق العام رقم 8
العلاقة بين العقوبات الاقتصادية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

1- تُفرض العقوبات الاقتصادية بتواتر متزايد دوليا وإقليميا ومن جانب واحد. والغرض من هذا التعليق العام هو التأكيد على أنه مهما كانت الظروف، فإنه يتعين عند فرض هذه العقوبات أن تؤخذ في الحسبان بصورة تامة أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولا تتشكك اللجنة بأية طريقة في ضرورة فرض العقوبات في الحالات المناسبة وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أو غيره من أحكام القانون الدولي المنطبقة على الحالة. ولكن أحكام الميثاق ذات الصلة بحقوق الإنسان (المواد 1 و55 و56) ينبغي أن تعتبر واجبة التطبيق بشكل تام في مثل هذه الحالات.
2- وخلال التسعينيات، فرض مجلس الأمن عقوبات من أنواع مختلفة ولمدد مختلفة فيما يتعلق بجنوب أفريقيا، والعراق/الكويت، وأجزاء من يوغوسلافيا السابقة، والصومال، والجماهيرية العربية الليبية، وليبيريا، وهايتي، وأنغولا، ورواندا، والسودان. وقد استرعي انتباه اللجنة إلى أثر هذه العقوبات على التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في عدد من الحالات التي تمس دولاً أطرافاً في العهد ظل قسم منها يقدم تقاريره بانتظام، وبذلك كان يعطي اللجنة الفرصة لبحث الحالة بعناية.
3- وبينما يختلف أثر العقوبات من حالة لأخرى، فإن اللجنة تعي أن لها في جميع الأحوال تقريباً أثراً محسوساً على الحقوق التي يعترف بها العهد. فهي، على سبيل المثال، كثيراً ما تسبب اضطراباً في توزيع الأغذية، والأدوية والإمدادات الصحية، وتهدد نوعية الطعام وتوافر مياه الشرب النظيفة، وتتدخل بصورة قاسية في تشغيل الأنظمة الصحية والتعليمية الأساسية وتقوض الحق في العمل. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عواقبها غير المقصودة قد تشمل تعزيز سلطة الفئات المستبّدة، وظهور سوق سوداء بصورة تكاد تكون حتمية، وتوليد أرباح مفاجئة ضخمة للجماعات المتميزة التي تتصرف فيها، وتعزيز رقابة الفئات الحاكمة على السكان بشكل عام، وتقييد فرص التماس اللجوء أو التعبير عن المعارضة السياسية. وإذا كانت هذه الظواهر في جوهرها ذات طابع سياسي، فإن لها كذلك تأثيراً إضافياً كبيراً على التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
4- وعند النظر في العقوبات، من الضروري التمييز بين الغرض الأساسي من ممارسة الضغط السياسي والاقتصادي على النخبة الحاكمة في البلد لإقناعهم بالامتثال للقانون الدولي، وما يرافق ذلك من تسبّب في معاناة الفئات الأضعف داخل البلد المستهدف. ولهذا السبب فإن أنظمة الجزاءات التي وضعها مجلـس الأمـــن الآن تحتوي على استثناءات إنسانية تهدف إلى إتاحة تدفق السلع والخدمات الأساسية الموجهة لأغراض إنسانية. ومن المفترض بصفة عامة أن هذه الاستثناءات تضمن الاحترام الأساسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلد المستهدف.
5- غير أن عدداً من الدراسات التي أجرتها الأمم المتحدة حديثاً وغيرها من الدراسات الأخرى التي حللت أثر العقوبات، انتهت إلى أن هذه الاستثناءات ليس لها ذلك التأثير. وعلاوة على ذلك فإن الاستثناءات محدودة جداً في نطاقها. فهي لا تعالج - على سبيل المثال - مسألة الحصول على التعليم الابتدائي، ولا تتيح إصلاح البنى الأساسية الضرورية لتوفير المياه النظيفة، والرعاية الصحية الكافية، إلخ. وقد أشار الأمين العام في عام 1995 إلى ضرورة تقييم التأثير المحتمل للجزاءات قبل فرضها، وإلى توسيع تقديم المعونة الإنسانية إلى الفئات الأضعف1. وفي العام التالي جاء في دراسة رئيسية أعدتها للجمعية العامة الآنسة غراسا ماشيل حول أثر النزاع المسلح على الأطفال، أن "الاستثناءات الإنسانية تميل إلى الغموض وتفسر بشكل اعتباطي وغير متجانس [...]. كما أن حالات التأخير والفوضى، ورفض طلبات استيراد السلع الإنسانية الضرورية تسبب نقص الموارد [...] ولا بد أن تكون [تأثيراتها] أشدّ وطأة على الفقراء2." وفي الآونة الأخيرة، خلص تقرير صادر في تشرين الأول/أكتوبر 1997 إلى أن الإجراءات الاستعراضية التي وضعت في ظل لجان الجزاءات المختلفة التي أنشأها مجلس الأمن "ما زالت بطيئة، ولا تزال وكالات المعونة تواجه مصاعب في الحصول على موافقة على الإمدادات المستثناة [...]. وتهمل اللجان مشاكل أكبر تتعلق بالانتهاكات التجارية والحكومية وتتخذ شكل التعامل في السوق السوداء والتجارة غير المشروعة، والفساد3."
6- وهكذا فإن من الواضح، استناداً إلى مجموعة مثيرة من الدراسات القطرية والعامة، أنه لا يجري الاهتمام بقدر كـاف بتأثير العقوبات على الفئات الضعيفة. ومع ذلك فإن هذه الدراسات لم تتناول، لأسباب متنوعة، العواقب السيئة على وجه التحديد بالنسبة للتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في حد ذاتها. ومن الواضح في واقع الأمر أن تلك العواقب لم تؤخذ في الحسبان على الإطلاق، أو لم تُعطَ الاهتمام الجاد الذي تستحقه في معظم الحالات، إن لم يكن فيها جميعاً، ولهذا يلزم إعطاء بعدٍ يتعلق بحقوق الإنسان للمداولات التي تدور حول هذه القضية.
7- وتعتبر اللجنة أن أحكام العهد التي تنعكس كلها من الناحية العملية في سلسلة من المعاهدات الأخرى لحقوق الإنسان، وكذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا يمكن اعتبارها أحكاماً غير معمول بها، أو غير قابلة للتطبيق على أي حال، لمجرد أن قراراً قد اتخذ بأن اعتبارات السلام والأمن العالميين تستدعي فرض جزاءات. وكما يصر المجتمع الدولي على أن أي دولة مستهدفة يتعين عليها أن تحترم الحقوق المدنية والسياسية لمواطنيها، فإنه ينبغي على تلك الدولة وعلى المجتمع الدولي نفسه عمل كل ما يمكن عمله لحماية جوهر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الأقل للسكان المتضررين في تلك الدولة (انظر التعليق العام رقم 3 (1990)، الفقرة 10).
8- وإذا كان هذا الالتزام الذي قطعته كل دولة على نفسها مستمداً من الالتزام الوارد في ميثاق الأمم المتحدة بتعزيز احترام كل حقوق الإنسان، فإنه تجدر الإشارة أيضا إلى أن كل عضو من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن قد وقع العهد، رغم أن عضوين (الصين والولايات المتحدة الأمريكية) لم يصادقا عليه بعد. ومعظم الأعضاء غير الدائمين هم من الأطراف في وقت من الأوقات. فقد تعهدت كل دولة طرف، طبقاً للفقرة 1 من المادة 2 من العهد بأن "تتخذ، بمفردها وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني، وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها في هذا العهد، سالكة في ذلك جميع السبل المناسبة ..." وعندما تكون الدولة المتضررة دولةً طرفاً أيضاً، يصبح الواجب مضاعفاً على الدول الأخرى بأن تحترم الالتزامات ذات الصلة وتأخذها في الحسبان. وبقدر ما يتعلق الأمر بالجزاءات المفروضة على دول ليست أطرافا في العهد فإن المبادئ نفسها تطبق على أية حال، مع مراعاة حالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للفئات الضعيفة، كجزء من القانون الدولي العام، كما يدل على ذلك - مثلاً - التصديق شبه العالمي على اتفاقية حقوق الطفل، وحالة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
9- ورغم أنه ليس للجنة دور فيما يتعلق بقرارات فرض العقوبات أو عدم فرضها، فإن عليها مسؤولية رصد امتثال جميع الدول الأطراف للعهد. وعندما تتخذ تدابير تثبط قدرة دولة طرف على الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد، فإن شروط العقوبات وطريقة تطبيقها تصبح قضايا مناسبة لاهتمام اللجنة.
10- وتعتقد اللجنة أن مجموعتين من الالتزامات تنبعان من هذه الاعتبارات. تتعلق المجموعة الأولى منها بالدولة المتضررة. ذلك أن فرض العقوبات لا يلغي الالتزامات ذات الصلة لتلك الدولة الطرف أو ينقصها بأي حال من الأحوال. وكما في حالات مماثلة أخرى، تكتسب تلك الالتزامات أهمية عملية أكبر في أوقات الشدة على وجه الخصوص. وهكذا فإن اللجنة مطالبة بأن تبحث بعناية مدى ما اتخذته الدولة المعنية من خطوات "بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة" لتوفير أكبر حماية ممكنة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكل فرد يعيش ضمن ولايتها. وبينما تقلل العقوبات حتماً قدرة الدولة المتضررة على تمويل بعض التدابير الضرورية أو دعمها، تظل الدولة ملتزمة بضمان عدم وجود تمييز فيما يتعلق بالتمتع بهذه الحقوق، وباتخاذ كل التدابير الممكنة، بما في ذلك التفاوض مع دول أخرى ومع المجتمع الدولي لتخفيض الأثر السلبي على حقوق الفئات الضعيفة داخل المجتمع.
11- وتتعلق المجموعة الثانية من الالتزامات بالطرف أو الأطراف المسؤولة عن فرض العقوبات والإبقاء عليها وتنفيذها، سواء أكان المجتمع الدولي، أم منظمة دولية أو إقليمية، أم دولة أو مجموعة من الدول. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أن هناك ثلاثة استنتاجات تنجم منطقياً عن الاعتراف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
12- فأولا، ينبغي أن تؤخذ هذه الحقوق في الحسبان بشكل كامل عند تصميم نظام مناسب للجزاءات. وبدون الموافقة على أية تدابير معينة في هذا الصدد، تأخذ اللجنة علماً بمقترحات كتلك الداعية إلى إنشاء آلية تابعة للأمم المتحدة لرصد ومتابعة أثر العقوبات؛ وتطوير مجموعة أكثر شفافية من المبادئ والإجراءات المتفق عليها، تقوم على أساس احترام حقوق الإنسان؛ وتحديد طائفة أوسع من السلع والخدمات المعفاة؛ وتخويل وكالات تقنية متفق عليها للبت في الإعفاءات الضرورية؛ وإنشاء مجموعة من لجان الجزاءات التي تتاح لها موارد أفضل؛ واستهداف أدق لمواطن الضعف لدى أولئك الذين يرغب المجتمع الدولي في تغيير سلوكهم؛ وإدخال قدر أكبر من المرونة العامة.
13- وثانياً، ينبغي الاضطلاع برصد فعال، وهو مطلوب دائماً بموجب بنود العهد، طيلة فترة تطبيق العقوبات. وعندما يأخذ طرف خارجي على عاتقه مسؤولية حتى ولو جزئية عن الحالة داخل بلد ما (سواء بموجب الفصل السابع من الميثاق أو غيره)، لا بد أن يتحمل هذا الطرف مسؤولية أن يفعل كل ما في وسعه لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للسكان المتضررين.
14- وثالثاً، يلتزم الكيان الخارجي بأن "يتخذ خطوات، بمفرده وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني" (الفقرة 1 من المادة 2 من العهد) من أجل الاستجابة لأية معاناة غير متناسبة تتعرض لها الفئات الضعيفة داخل البلد المستهدف.
15- وتحسباً للاعتراض على أن العقوبات لا بد أن تؤدي، في حد ذاتها تقريباً، إلى انتهاكات خطيرة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إذا أريد لها أن تحقق أهدافها، تلاحظ اللجنة ما خلصت إليه دراسة رئيسية للأمم المتحدة أُجريت حديثاً من أنه "يمكن اتخاذ قرارات لتخفيف معاناة الأطفال أو لتقليل العواقب الضارة إلى حد أدنى دون الإضرار بالأهداف السياسية للعقوبات" 4. وهذا ينطبق بشكل متساوٍ على حالة الفئات الضعيفة الأخرى.
16- والهدف الوحيد للجنة من اعتماد هذا التعليق العام هو استرعاء الانتباه إلى أن سكان بلد معين لا يفقدون حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بسبب أي قناعة بأن قادتهم قد انتهكوا أعرافاً تتصل بالسلام والأمن الدوليين. إن الهدف ليس تقديم الدعم أو التشجيع لمثل أولئك القادة، ولا تقويض أو إضعاف المصالح المشروعة للمجتمع الدولي في فرض الاحترام لأحكام ميثاق الأمم المتحدة والمبادئ العامة للقانون الدولي. بل هو الإصرار على أن الخروج على القانون من جانب ينبغي ألاّ يقابله خروج على القانون من نوع آخر لا يهتم بالحقوق الأساسية التي تكمن وراء أي عمل جماعي من هذا القبيل، وتضفي عليه الشرعية.
_______________________
Spoiler:


اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة التاسعة عشرة (1998)

التعليق العام رقم 9
الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التطبيق المحلي للعهد

ألف - واجب إعمال العهد في النظام القانوني المحلي
1- تناولت اللجنة، في تعليقها العام رقم 3 (1990) بشأن طبيعة التزامات الدول الأطراف (الفقرة 1 من المادة 2 من العهد)1، والمسائل المتعلقة بطبيعة ونطاق التزامات الدول الأطراف. ويسعى هذا التعليق العام إلى بلورة بعض جوانب البيان السابق. ويتمثل الالتزام الرئيسي للدول الأطراف فيما يخص العهد في إعمال الحقوق المعترف بها فيه. وبدعوة الحكومات إلى القيام بذلك سالكة "جميع السبل المناسبة"، يعتمد العهد نهجاً عاماً ومرناً يمكّن من مراعاة خصائص النظامين القانوني والإداري لكل دولة فضلاً عن اعتبارات أخرى ذات صلة.
2- غير أن هذه المرونة تقترن بالتزام كل دولة طرف باستخدام كافة الوسائل المتوفرة لديها لإعمال الحقوق المعترف بها في العهد. وفي هذا الصدد يجب أن تراعى الشروط الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان. وعليه يتعين الاعتراف بقواعد العهد بالطرق المناسبة في النظام القانوني المحلي، ويجب أن يتاح لكل مظلوم أو مجموعة مظلومين سبل الانتصاف أو التظلم المناسبة وكذلك وضع وسائل ملائمة لضمان مساءلة الحكومة.
3- ويجب أن ينظر في المسائل المتصلة بتطبيق العهد على الصعيد المحلي في ضوء مبدأين من مبادئ القانون الدولي. والمبدأ الأول الذي تعكسه المادة 27 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات2 هو أنه "لا يجوز لأي طرف أن يحتج بأحكام قانونه الداخلي لتبرير عدم تنفيذه معاهدة ما". وبعبارة أخرى، ينبغي للدول أن تعدِّل النظام القانوني المحلي حسب الاقتضاء للوفاء بالتزاماتها التعاهدية. أما المبدأ الثاني فتعكسه المادة 8 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن "لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون". ولا يتضمن العهد أي نظير صريح للفقرة 3(ب) من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يلزم الدول الأطراف بجملة أمور منها "أن تنمي إمكانيات التظلم القضائي". غير أنه سيتعين على الدولة الطرف التي تسعى إلى تبرير عدم توفير أي سبل قانونية محلية للتظلم من انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن تثبت أن سبل الانتصاف هذه لا تشكل "سبلاً مناسبة" بالمعنى الوارد في الفقرة 1 من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو أنها غير ضرورية نظراً للسبل الأخرى المستخدمة. وسيكون من الصعب إثبات ذلك، وترى اللجنة أن "السبل" الأخرى المستخدمة يمكن أن تصبح غير فعالة في كثير من الحالات إذا لم تعزز أو تكمّل بسبل انتصاف قضائية.

باء - مكانة العهد في النظام القانوني المحلي
4- ينبغي، عموما، أن تطبق معايير حقوق الإنسان الدولية الملزمة قانوناً على نحو مباشر وفوري في النظام القانوني المحلي لكل دولة طرف بحيث يتمكن الأفراد من طلب إعمال حقوقهم أمام المحاكم والهيئات القضائية الوطنية. والقاعدة التي تنص على استنفاذ سبل الانتصاف المحلية قاعدة تعزز أولوية سبل الانتصاف الوطنية في هذا الشأن. ويعتبر وجود الإجراءات الدولية لمتابعة المطالبات الفردية وزيادة تطويرها أمرا لـه أهميته، لكن هذه الإجراءات ليست في نهاية الأمر سوى إجراءات تكمّل سبل الانتصاف الوطنية الفعالة.
5- ولا ينص العهد على سبل محددة لتنفيذه في النظام القانوني الوطني. ولا يوجد أي حكم يُلزم بإدماجه التام أو ينص على إعطائه نوعاً من المكانة المحددة في القانون الوطني. وعلى الرغم من أن التحديد الدقيق لطريقة إعمال الحقوق التي ينص عليها العهد في القانون الوطني يمثل مسألة تبتّ فيها كل دولة طرف، فإن الوسائل المستخدمة في ذلك يجب أن تكون ملائمة، بحيث تسفر عن نتائج تتماشى مع وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها كاملة. وتخضع السبل التي يقع عليها الاختيار أيضا لاستعراض في إطار نظر اللجنة في مدى وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب العهد.
6- ويتبين من تحليل لممارسة الدول فيما يخص العهد أنها استخدمت مجموعة متنوعة من النهج. ولم تتخذ بعض الدول أي إجراء محدد على الإطلاق. وقامت بعض الدول التي اتخذت تدابير بتحويل العهد إلى قانون محلي بتكملة أو تعديل التشريع القائم من غير الاحتجاج بالأحكام المحددة للعهد. وقامت دول أخرى باعتماده أو إدماجه في القانون المحلي للاحتفاظ بأحكامه كما هي وإضفاء صلاحية رسمية عليها في النظام القانوني الوطني. وتم ذلك في معظم الأحيان من خلال أحكام دستورية أعطت لأحكام معاهدات حقوق الإنسان الدولية الأولوية على أية قوانين محلية لا تتمشى معها. ويعتمد نهج الدول إزاء العهد اعتماداً كبيراً على النهج المعتمد في النظام القانوني المحلي إزاء المعاهدات بصورة عامة.
7- ولكن، أيا كانت المنهجية المفضلة، هناك عدة مبادئ مترتبة على واجب إعمال العهد ويجب بالتالي احترامها. أولا، يجب أن تكون وسائل التنفيذ المختارة كافية لضمان الوفاء بالالتزامات بموجب العهد. وينبغي أن تراعى ضرورة ضمان أهليتها لنظر المحاكم فيها (انظر الفقرة 10 أدناه) لدى تحديد أفضل طريقة لإعمال الحقوق التي ينص عليها العهد في القانون الداخلي. ثانيا، ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار الوسائل التي ثبت أنها أكثر فعالية في ضمان حماية حقوق الإنسان الأخرى في البلد المعني. وحيثما تكون الوسائل المستخدمة لإعمال العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مختلفة اختلافا كبيرا عن الوسائل المستخدمة فيما يتعلق بمعاهدات حقوق الإنسان الأخرى، ينبغي أن يكون لذلك مبرر قوي ويُؤخذ في الاعتبار كون الصيغ المستخدمة في العهد مشابهة إلى حد بعيد للصيغ المستخدمة في المعاهدات التي تتناول الحقوق المدنية والسياسية.
8- ثالثا، لا يقتضي العهد الدول رسمياً إلى إدماج أحكامه في القانون الداخلي لكن هذا النهج مستصوب. فالإدماج المباشر يتفادى المشاكل التي قد تنشأ في ترجمة الالتزامات بموجب العهد إلى قانون وطني ويوفر أساساً لاحتجاج الأفراد مباشرة بالحقوق المنصوص عليها فيه أمام المحاكم الوطنية. ولهذه الأسباب تشجع اللجنة بقوة اعتماد العهد أو إدماجه في القانون الوطني رسميا.

جيم - دور سبل الانتصاف القانونية
سبل انتصاف قانونية أم قضائية؟
9- ينبغي ألاّ يفسر الحق في الانتصاف الفعال دائماً على أنه يقتصر على سبل الانتصاف القضائية. فكثيراً ما تكون سبل الانتصاف الإدارية كافية بحد ذاتها، ومن المشروع أن يتوقع من يعيش داخل نطاق الولاية القضائية لدولة طرف، استناداً إلى مبدأ حسن النية، أن تأخذ كافة السلطات الإدارية في الاعتبار مقتضيات العهد لدى اتخاذ قراراتها. وينبغي أن يكون كل سبيل من سبل الانتصاف الإدارية هذه متيسراً ومعقول التكلفة ومتوفراً في الوقت المناسب وفعالاً. كما أنه كثيراً ما يكون التمتع بالحق المطلق في الطعن قضائيا في الإجراءات الإدارية من هذا النوع أمراً مناسبا في هذا المضمار. وبالمثل، هناك بعض الالتزامات من قبيل تلك المتعلقة بعدم التمييز3، (ولكنها، لا تقتصر بأي حال من الأحوال عليها) حيث النص على شكل من أشكال سبل الانتصاف القضائية فيما يخصها ضروري فيما يبدو للامتثال لمقتضيات العهد. وبعبارة أخرى، يعتبر الانتصاف أمام القضاء ضرورياً كلما استحال إعمال حق من الحقوق المشمولة بالعهد إعمالاً كاملاً دون أن تقوم السلطة القضائية بدور ما في ذلك.

الأهلية لنظر المحاكم
10- يعتبر من البديهي عادة أن السبل القضائية للتظلم من الانتهاكات ضرورية فيما يخص الحقوق المدنية والسياسية. ويفترض عكس ذلك في معظم الأحيان، للأسف، فيما يخص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهذا التناقض
لا تُبرّره طبيعة الحقوق ولا أحكام العهد ذات الصلة. وقد سبق للجنة أن أوضحت أنها تعتبر الكثير من أحكام العهد واجبة التنفيذ فورا. وهكذا فقد ساقت في التعليق العام رقم 3 (1990) مثالاً هو المادة 3، والفقرة (أ)‘1‘ من المادة 7، والمادة 8، والفقرة 3 من المادة 10، والفقرة 2(أ) من المادة 13، والفقرة 3 من المادة 13، والفقرة 4 من المادة 13، والفقرة 3 من المادة 15. ومن الأهمية بمكان هنا التمييز بين الأهلية لنظر المحاكم (أي المسائل التي من المناسب أن تبت فيها المحاكم) والقواعد النافذة تلقائياً (التي يمكن أن تنفذها المحاكم دون الدخول في المزيد من التفاصيل). ولئن كان من اللازم مراعاة النهج العام لكل نظام قانوني، فإنه لا يوجد في العهد أي حق لا يمكن اعتباره، في الأغلبية العظمى للنظم، حقاً ينطوي على الأقل على بعض الأبعاد الهامة التي يمكن أن تنظر فيها المحاكم. ويقترح أحيانا ترك أمر البت في المسائل المتعلقة بتوزيع الموارد للسلطات السياسية بدلا من تركه للمحاكم. وينبغي احترام اختصاصات كل فرع من الفروع المختلفة للحكومة، إلا أن من المناسب الاعتراف بأن المحاكم، عادة، تشارك بالفعل في مجموعة كبيرة من المسائل التي تترتب عليها آثار هامة فيما يخص الموارد، واعتماد تصنيف صارم للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يضعها، بحكم تعريفها، خارج دائرة اختصاص المحاكم سيكون بالتالي تعسفياً ومتعارضاً مع مبدأ عدم قابلية مجموعتي حقوق الإنسان للتجزئة وترابطهما. ومن شأن ذلك أن يحد بصورة كبيرة كذلك من قدرة المحاكم على حماية حقوق أضعف الفئات وأكثرها حرمانا في المجتمع أيضاً.

النفاذ التلقائي
11- لا ينفي العهد إمكانية اعتبار الحقوق الواردة فيه حقوقاً نافذة تلقائياً في النظم التي تنص على هذا الخيار. والواقع أن المحاولات التي تم القيام بها خلال صياغة العهد لتضمينه حكما محددا ينص على اعتباره "غير نافذ تلقائيا" قد رفضت بشدة. وفي معظم الدول ستبت المحاكم، لا السلطة التنفيذية أو التشريعية، في مسألة ما إذا كان حكم من أحكام المعاهدات نافذاً تلقائياً. ولكي تنفذ هذه المهمة بفعالية، يجب إطلاع المحاكم والهيئات القضائية المعنية على طابع وآثار العهد وعلى الدور الهام الذي تؤديه سبل الانتصاف القضائية في تنفيذه. وهكذا ينبغي للحكومات، عند مشاركتها مثلا في إجراءات المحاكم، أن تشجع تفسير القانون المحلي تفسيراً يُمكّنها من الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد. وبالمثل، ينبغي أن يأخذ التدريب القضائي في الاعتبار الكامل أهلية العهد لنظر المحاكم. ومما يكتسي أهمية خاصة تجنب كل افتراض مسبق بأنه ينبغي اعتبار هذه القواعد غير نافذة تلقائيا. والواقع أن الكثير منها مبين بعبارات هي على الأقل في مثل وضوح ودقة العبارات الواردة في معاهدات حقوق الإنسان الأخرى التي تعتبر المحاكم أحكامها بانتظام نافذة تلقائياً.

دال - معاملة العهد في المحاكم المحلية
12- يطلب من الدول، في المبادئ التوجيهية التي وضعتها اللجنة بخصوص تقارير الدول، أن تقدم معلومات عما "إذا كان من الممكن الاحتجاج بأحكام العهد أمام المحاكم أو غيرها من الجهات القضائية أو السلطات الإدارية وقيامها بإنفاذها مباشرة"4. وقد قدمت بعض الدول هذه المعلومات ولكن من اللازم إيلاء هذا الجانب مزيدا من الأهمية في التقارير المقبلة. وتطلب اللجنة، بصفة خاصة، أن تقدم الدول الأطراف تفاصيل أية أحكام سابقة هامة صادرة عن المحاكم المحلية تكون قد استعانت بأحكام العهد.
13- ويتضح من المعلومات المتوفرة أن ممارسات الدول متفاوتة. وتلاحظ اللجنة أن بعض المحاكم طبقت أحكام العهد إما مباشرة وإما بوصفها معايير تفسيرية. وهناك محاكم أخرى مستعدة للاعتراف مبدئياً بفائدة العهد فيما يخص تفسير القانون المحلي لكن أثر العهد محدود جداً، من ناحية التطبيق، في تحليل القضايا أو نتائجها. وقد رفضت محاكم أخرى أن تعترف للعهد بأي سريان قانوني في القضايا التي حاول فيها أفراد الاستناد إليه. وما زال هناك مجال واسع لزيادة اعتماد المحاكم على العهد في معظم البلدان.
14- وينبغي للمحاكم، في حدود ممارسة وظائف المراجعة القضائية المنوطة بها على النحو الواجب، أن تأخذ في الاعتبار الحقوق المنصوص عليها في العهد حيثما يكون ذلك ضروريا لضمان تماشي تصرّف الدولة مع التزاماتها بموجب العهد. ويتناقض إغفال المحاكم لهذه المسؤولية مع مبدأ سيادة القانون الذي يجب أن يفهم منه دائما أنه يشمل احترام الالتزامات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان.
15- ومن المسلّم به عموما أنه يجب تفسير القانون المحلي، قدر المستطاع، بطريقة تتماشى مع الالتزامات القانونية الدولية للدولة. وهكذا، عندما يواجه أي صاحب قرار محلي أمر الاختيار بين تفسير للقانون المحلي يجعل الدولة تخالف العهد وتفسير يمكّن الدولة من الامتثال للعهد، ينص القانون الدولي على اختيار التفسير الأخير. وينبغي أن تفسر الضمانات المتعلقة بالمساواة وعدم التمييز، إلى أقصى حد ممكن، بطرق تيسر توفير حماية تامة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
_______________________
Spoiler:

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655034

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1384c10


الأوسمة
 :


التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية   التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية I_icon_minitime27/8/2011, 14:32

خيارات المساهمة


اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة التاسعة عشرة (1998)

التعليق العام رقم 10
دور مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

1- تلزم الفقرة 1 من المادة 2 من العهد كل دولة طرف بأن "تتخذ ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق [المعترف بها في العهد] سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسبة". وتلاحظ اللجنة أن أحد هذه السبل، التي يمكن اتخاذ خطوات هامة من خلالها، هو عمل المؤسسات الوطنية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. وفي السنوات الأخيرة تكاثرت هذه المؤسسات ولقي هذا الاتجاه تشجيعا قويا من الجمعية العامة ولجنة حقوق الإنسان. ووضعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان برنامجاً رئيسياً لمساعدة الدول وتشجيعها فيما يخص المؤسسات الوطنية.
2- وتجمع هذه المؤسسات بين لجانٍ وطنية لحقوق الإنسان ومكاتب أمناء مظالم و"دعاة" المصلحة العامة أو غيرها من حقوق الإنسان ومدافعين عن الشعب (defensores del pueblo). وفي حالات كثيرة، أنشئت هذه المؤسسات على يد الحكومة، وهي تتمتع بدرجة كبيرة من الاستقلال عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتأخذ في الاعتبار التام معايير حقوق الإنسان الدولية التي تنطبق على البلد المعني، وقد كلفت بأنشطة متنوعة ترمي إلى النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها. وأنشئت هذه المؤسسات في دول ذات ثقافات قانونية متباينة جداً، وبغض النظر عن وضعها الاقتصادي.
3- وتلاحظ اللجنة أن للمؤسسات الوطنية دوراً قد يكون بالغ الأهمية في تعزيز كافة حقوق الإنسان وضمان عدم قابليتها للتجزئة وترابطها. ومما يؤسف لـه أن هذه المؤسسات لم يُسنَد إليها في معظم الأحيان هذا الدور أو أنه قد تم تجاهله أو إيلاؤه أولوية دنيا. ولذا فإنه من الضروري إيلاء الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية العناية التامّة في جميع الأنشطة ذات الصلة التي تضطلع بها هذه المؤسسات. وتبين القائمة التالية أنواع الأنشطة التي يمكن أن تضطلع بها المؤسسات الوطنية فيما يخص هذه الحقوق، والتي سبق أن اضطلعت بها في بعض الحالات:
(أ) ترويج البرامج التعليمية والإعلامية الرامية إلى زيادة الوعي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتفهمها، بين السكان عموماً وفي أوساط مجموعات خاصة مثل الموظفين الحكوميين وأعضاء السلطة القضائية والقطاع الخاص والحركة النقابية؛
(ب) إنعام النظر في القوانين والإجراءات الإدارية الموجودة، فضلاً عن مشاريع القوانين وغير ذلك من المقترحات لضمان تماشيها مع مقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛
(ج) إسداء المشورة التقنية أو الاضطلاع بدراسات استقصائية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك بناء على طلب السلطات العامة أو الوكالات المختصة الأخرى؛
(د) تحديد معايير على الصعيد الوطني يمكن استخدامها لقياس مدى الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في العهد؛
(ه‍) إجراء بحوث وتحقيقات للتأكد من إعمال بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إما داخل الدولة ككل أو في أقاليم منها أو فيما يخص المجموعات الضعيفة بصورة خاصة؛
(و) رصد إعمال حقوق محددة معترف بها في العهد، وتقديم تقارير عن ذلك إلى السلطات العامة والمجتمع المدني؛
(ز) النظر في الشكاوى المتعلقة بمخالفات مزعومة لمعايير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السارية داخل البلد.
4- وتدعو اللجنة الدول الأطراف إلى العمل على أن تشمل الولايات الممنوحة لكافة مؤسسات حقوق الإنسان اهتماما مناسبا بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتطلب إلى الدول الأطراف أن تضمّن التقارير التي تقدمها إلى اللجنة تفاصيل بشأن كل من ولايات هذه المؤسسات وأنشطتها الرئيسية ذات الصلة.
_______________________
Spoiler:

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655034

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1384c10


الأوسمة
 :


التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية   التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية I_icon_minitime27/8/2011, 14:34

خيارات المساهمة


اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة العشرون (1999)

التعليق العام رقم 11
خطط العمل من أجل التعليم الابتدائي (المادة 14)

1- تقتضي المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن تتعهد كل دولة أصبحت طرفاً في العهد ولم تكن قد تمكنت، حتى ذلك الحين، من كفالة إلزامية التعليم الابتدائي ومجانيته، بالقيام في غضون سنتين بوضع واعتماد خطة عمل مفصلة للتنفيذ الفعلي والتدريجي لمبدأ إلزامية التعليم الابتدائي ومجانيته للجميع خلال عدد معقول من السنين يحدد في الخطة.
2- وإن الحق في التعليم، المعترف به في المادتين 13 و14 من العهد، وكذلك في عدة معاهدات دولية أخرى مثل اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، يتسم بأهمية حيوية. وقد جرى تصنيفه بعدة طرق مختلفة باعتباره حقاً اقتصادياً وحقاً اجتماعياً وحقاً ثقافياً. وفضلاً عن انطباق جميع هذه الصفات عليه، فإنه يمثل أيضاً حقاً مدنياً وحقاً سياسياً، لأنه أساسي للإعمال التام والفعال لهذين الحقين كذلك. وبالتالي فإن الحق في التعليم يعبر عن عدم تجزئة حقوق الإنسان كما يعبر عن ترابط هذه الحقوق جميعها.
3- ويقع على عاتق كل دولة طرف، وفقاً لالتزامها الواضح والقاطع بموجب المادة 14، واجب تقديم خطة عمل إلى اللجنة، توضع على الأسس المحددة في الفقرة 8 أدناه. ولا بد من احترام هذا الالتزام احتراماً تاماً بالنظر إلى أن التقديرات تشير إلى أنه يوجد في البلدان النامية حالياً 130 مليون طفل ممن بلغوا سن الالتحاق بالمدارس دون أن يتاح لهم التعليم الابتدائي، وثلثاهم من البنات1 وتدرك اللجنة إدراكاً تاماً أن عدة عوامل مختلفة قد جعلت من الصعب على دول أطراف تنفيذ التزامها المتعلق بتقديم خطة عمل. وعلى سبيل المثال، فإن برامج التكيف الهيكلي التي بدأت في السبعينات وأزمات الديون التي أعقبتها في الثمانينات والأزمات المالية في أواخر التسعينات، بالإضافة إلى عوامل أخرى، قد زادت بقدر كبير من حدة إنكار الحق في التعليم الابتدائي. بيد أن هذه الصعوبات لا يمكن أن تعفي الدول الأطراف من التزامها المتعلق باعتماد خطة عمل وتقديمها إلى اللجنة على النحو المذكور في المادة 14 من العهد.
4- فلخطط العمل التي تعدها الدول الأطراف في العهد وفقاً للمادة 14 أهمية خاصة، لا سيما لأن عمل اللجنة قد أظهر أن انعدام فرص التعليم للأطفال كثيراً ما يزيد من تعرضهم لشتى أشكال انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى. وعلى سبيل المثال، فإن الأطفال، الذين يعيشون حياة غير صحية في فقر مدقع، يكونون معرضين للسخرة وغيرها من أشكال الاستغلال. وفضلاً عن ذلك، هناك علاقة مباشرة مثلاً بين مستويات الالتحاق بالمدارس الابتدائية بالنسبة للبنات وانخفاض حالات زواج الأطفال.
5- وتنطوي المادة 14 على عدد من العناصر التي تستحق أن يتم تناولها بقدر معين من التفصيل على ضوء الخبرة التي اكتسبتها اللجنة في فحص تقارير الدول الأطراف.
6- الإلزامية. يهدف عنصر الإلزام إلى إبراز أنه لا يحق للآباء ولا للأوصياء ولا للدولة النظر إلى القرار المتعلق بإتاحة التعليم الابتدائي للطفل كما لو كان قراراً اختيارياً. وهذا المتطلب يشدد أيضاً على حظر التمييز على أساس نوع ***** فيما يتعلق بإتاحة التعليم، وذلك وفقاً للمادتين 2 و3 من العهد. ولكن ينبغي التأكيد على أن التعليم المتاح يجب أن يكون كافياً من حيث النوعية ووثيق الصلة باحتياجات الطفل، كما يجب أن يعزز إعمال حقوق الطفل الأخرى.
7- المجانية. إن طبيعة هذا المتطلب لا يشوبها لبس. فصيغة هذا الحق صريحة بحيث تكفل إتاحة التعليم الابتدائي مجاناً للطفل أو الآباء أو الأوصياء. ذلك أن فرض رسوم من جانب الحكومة أو السلطات المحلية أو المدرسة، بالإضافة إلى التكاليف المباشرة الأخرى، يشكل عاملاً مثبطاً وحائلاً دون التمتع بالحق في التعليم، وقد يعرقل إعماله. وكثيراً ما يكون لـه أثر انتكاسي للغاية أيضاً. وإزالة هذه العقبة أمر يجب أن تعالجه خطة العمل المطلوبة. ويضاف إلى ذلك أن التكاليف غير المباشرة، مثل الضرائب الإلزامية المفروضة على الآباء (التي يتم تصويرها أحياناً كما لو كانت طوعية ولكنها ليست طوعية في الواقع)، أو الإلزام بارتداء زي مدرسي موحد تكاليفه باهظة نسبياً، لها نفس الأثر المثبط. وهناك تكاليف غير مباشرة أخرى يمكن أن تكون مقبولة رهناً بفحص اللجنة لكل حالة على حدة. وفضلاً عن ذلك، فإن إلزامية التعليم الابتدائي لا تتعارض بأي شكل من الأشكال مع الحق المعترف به في الفقرة 3 من المادة 13 من العهد الذي يكفل للآباء والأوصياء "اختيار مدارس لأولادهم غير المدارس الحكومية".
8- اعتماد خطة تفصيلية. يُطلب من الدولة الطرف اعتماد خطة عمل في غضون سنتين. ويجب أن يُفَسَّر هذا بأنه يعني اعتماد خطة في غضون سنتين من بدء نفاذ العهد بالنسبة للدولة المعنية أو في غضون سنتين من حدوث تغيير لاحق في الظروف التي أدت إلى عدم احترام الالتزام ذي الصلة. فهذا الالتزام مستمر، علماً بأن الدول الأطراف التي ينطبق عليها الحكم نتيجة للوضع السائد ليست في حلٍّ من الالتزام نتيجة لعدم اتخاذها هذا الإجراء في الماضي في غضون فترة السنتين المحددة. ويجب أن تشمل الخطة جميع الإجراءات اللازمة لتأمين كل جزء من الأجزاء المكوِّنة المطلوبة للحق، ويجب صياغتها بتفاصيل كافية لضمان إعمال الحق بصورة شاملة. ومشاركة جميع قطاعات المجتمع المدني في صياغة الخطة أمر حيوي، كما أن توفير بعض الوسائل لاستعراض التقدم المحرز دورياً وضمان إمكانية المساءلة أمر ضروري إذ بدون هذه العناصر ستضعف أهمية المادة.
9- الالتزامات. لا يمكن للدولة الطرف أن تتهرب من الالتزام القاطع باعتماد خطة عمل بحجة عدم توفر الموارد اللازمة لذلك. فإذا أمكن تفادي الالتزام بهذه الطريقة، فلن يكون هناك مبرر للشرط الصريح الوارد في المادة 14 والذي ينطبق بالتحديد تقريباً على الحالات المتميزة بعدم توفر موارد مالية كافية. وعلى هذا الأساس، وللسبب نفسه، فإن الإشارة إلى "المساعدة والتعاون الدوليين" في الفقرة 1 من المادة 2 وإلى "التدابير الدولية" في المادة 23 من العهد تنطبق على هذه الحالة بالتحديد. فمن الواضح أنه من واجب المجتمع الدولي أن يقدم المساعدة في حالة افتقار دولة طرف افتقاراً واضحاً إلى الموارد المالية و/أو الخبرات المطلوبة من أجل "وضع واعتماد" خطة عمل تفصيلية.
10- الإعمال التدريجي. يجب توجيه خطة العمل نحو تأمين الإعمال التدريجي للحق في إلزامية التعليم الابتدائي ومجانيته بموجب المادة 14. ولكن المادة 14 - خلافاً للحكم الوارد في الفقرة 1 من المادة 2 - تحدد أن الموعد المستهدف يجـب أن يكون "خلال عدد معقول من السنين"، وأن الإطار الزمني يجب أن "يحدد في الخطة". وبعبارة أخرى، يجب أن تحدّد الخطة سلسلة مواعيد مستهدفة للتنفيذ بالنسبة لكل مرحلة من مراحل التنفيذ التدريجي للخطة. وهذا يبرز أهمية الالتزام المنشود وعدم مرونته نسبياً. وهناك حاجة أيضاً إلى التشديد في هذا الصدد على أن الالتزامات الأخرى للدولة الطرف، مثل عدم التمييز، يجب أن تنفذ تنفيذاً تاماً وفورياً.
11- وتطلب اللجنة إلى كل دولة طرف ينطبق عليها حكم المادة 14 أن تضمن الامتثال الكامل لشروطها وتقديم خطة العمل الموضوعة إلى اللجنة كجزء مكمل للتقارير المطلوبة بموجب العهد. وفي حالات مناسبة، تشجع اللجنة الدول الأطراف أيضاً على التماس المساعدة من الوكالات الدولية ذات الصلة، بما فيها منظمة العمل الدولية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونسكو واليونيسيف وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وذلك فيما يتعلق بإعداد خطط العمل بموجب المادة 14 وتنفيذها لاحقاً. وتدعو اللجنة أيضاً الوكالات الدولية ذات الصلة إلى مساعدة الدول الأطراف إلى أقصى حد ممكن على تنفيذ التزاماتها تنفيذاً سريعاً.
_______________________
Spoiler:


اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة العشرون (1999)

التعليق العام رقم 12
الحق في الغذاء الكافي (المادة 11)

مقدمة ومنطلقات أساسية
1- إن حق الإنسان في الغذاء الكافي معترف به في العديد من الصكوك بموجب القانون الدولي. والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يعنى بصورة أشمل من أي صك آخر بهذا الحق. فطبقاً للمادة 11-1 من هذا العهد، تقر الدول الأطراف "بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف لـه ولأسرته يوفر ما يفي بحاجتهم من الغـذاء، والكساء، والمأوى وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية"، بينما تعترف، طبقاً للمادة 11-2، بأن تدابير أكثر استعجالاً وإلحاحاً قد تلزم لتأمين "الحق الأساسي في التحرر من الجوع وسوء التغذية". وحق الإنسان في الغذاء الكافي يتسم بأهمية حاسمة بالنسبة للتمتع بجميع الحقوق. فهو ينطبق على كل فرد ومن ثم فإن الإشارة في المادة 11-1 إلى "لنفسه ولأسرته" لا تعني أي تقييد لانطباق هذا الحق على الأفراد أو على ربات الأسر.
2- وقد قامت اللجنة بتجميع معلومات ذات أهمية تتصل بالحق في الغذاء الكافي من خلال دراستها لتقارير الدول الأطراف خلال السنوات منذ عام 1979 ولاحظت اللجنة أنه برغم ما يتوفر من مبادئ توجيهية لتقديم التقارير المتصلة بالحق في الغذاء الكافي، لم تقم سوى قلة من الدول بتوفير معلومات وافية وعلى درجة من الدقة تمكِّن اللجنة من الوقوف على الحالة السائدة في البلدان المعنية فيما يخص هذا الحق وتحديد العراقيل التي تعترض إعماله. ويهدف هذا التعليق العام إلى تحديد بعض القضايا الرئيسية التي تراها اللجنة ذات أهمية فيما يتصل بالحق في الغذاء الكافي. وكان الباعث على إعداده طلب الدول الأعضاء أثناء مؤتمر القمة العالمي للأغذية المعقود عام 1996 الداعي إلى تحديد أفضل للحقوق المتصلة بالغذاء والواردة في المادة 11 من العهد وطلب خاص إلى اللجنة بإيلاء بالغ الاهتمام لخطة العمل الصادرة عن مؤتمر القمة في معرض رصد تنفيذ التدابير المحددة التي تنص عليها المادة 11 من العهد.
3- واستجابة لهذين الطلبين، استعرضت اللجنة التقارير والوثائق ذات الصلة الصادرة عن لجنة حقوق الإنسان واللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات والمتعلقة بالحق في الغذاء الكافي بوصفه حقاً من حقوق الإنسان، وكرست يوماً لإجراء مناقشة عامة لهذه القضية في دورتها السابعة عشرة المعقودة في عام 1997 آخذة بعين الاعتبار مشروع المدونة الدولية لقواعد السلوك بشأن حق الإنسان في الغذاء الكافي الذي أعدته المنظمات غير الحكومية الدولية، وشاركت في اجتماعين تشاوريين للخبراء بشأن الحق في الغذاء الكافي بوصفه حقاً من حقوق الإنسان نظمتهما مفوضية الأمم المتحدة. السامية لحقوق الإنسان في جنيف في شهر كانون الأول/ديسمبر 1997، وفي روما في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1998 واشتركت في استضافة هذين الاجتماعين منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وقد أحاطت اللجنة علماً بالتقريرين النهائيين الصادرين عنهما. وفي نيسان/أبريل 1999 اشتركت اللجنة في ندوة بعنوان "جوهر النهج الذي تمليه حقوق الإنسان وأساليبه السياسية في تناول السياسات العامة والبرامج المتعلقة بالأغذية وسوء التغذية"، نظمته اللجنة الفرعية المعنية بالتغذية المنبثقة عن لجنة التنسيق الإدارية التابعة للأمم المتحدة في دورتها السادسة والعشرين المعقودة في جنيف واستضافتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
4- وتؤكد اللجنة أن الحق في الغذاء الكافي يرتبط ارتباطاً لا انفصام فيه بالكرامة المتأصلة في الإنسان، وهو حق لا غنى عنه للتمتّع بحقوق الإنسان الأخرى المكرسة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان. ولا يمكن أيضاً فصل هذا الحق عن العدالة الاجتماعية، وهو يستلزم انتهاج السياسات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية الملائمة على الصعيدين الوطني والدولي الموجهة نحو القضاء على الفقر وإعمال كافة حقوق الإنسان للجميع.
5- وبالرغم من أن المجتمع الدولي قد أعاد التأكيد مراراً على أهمية الاحترام الكامل للحق في الغذاء الكافي، لا تزال هناك فجوة مثيرة للانزعاج تفصل بين المستويات المحددة في المادة 11 من العهد والحالة السائدة في العديد من أنحاء العالم. فهناك ما يزيد على 840 مليون شخص في أنحاء العالم، معظمهم في البلدان النامية، يعانون من الجوع المزمن، وهناك ملايين الأشخاص يعانون من المجاعة نتيجة للكوارث الطبيعية ولتزايد الصراعات الأهلية والحروب في بعض المناطق واستخدام الغذاء كسلاح سياسي. وتلاحظ اللجنة أنه برغم ما تتسم به مشاكل المجاعة وسوء التغذية في البلدان النامية من حدة بالغة في الكثير من الأحيان، فإن مشاكل سوء التغذية ونقص التغذية وغير ذلك من المشاكل ذات الصلة بالحق في الغذاء الكافي والحق في التحرر من الجوع تواجه في بعض أكثر البلدان تقدماً من الناحية الاقتصادية. وجذور مشكلة الجوع وسوء التغذية لا تكمن أساساً في الافتقار إلى الأغذية بل إنها تكمن في حرمان قطاعات كبيرة من السكان في العالم من سبيل الحصول على الغذاء وذلك لأسباب منها الفقر.

المضمون المعياري للمادة 11، الفقرتان 1 و2
6- يتم إعمال الحق في الغذاء الكافي عندما يتاح مادياً واقتصادياً لكل رجل وامرأة وطفل بمفرده أو مع غيره من الأشخاص، في كافة الأوقات، سبيل الحصول على الغذاء الكافي أو وسائل شرائه. ولذلك لا ينبغي تفسير الحق في الغذاء الكافي تفسيراً ضيقاً يقصره على تأمين الحد الأدنى من الحريرات والبروتينات وغير ذلك من العناصر المغذية المحددة. إذ سيلزم إعمال الحق في الغذاء الكافي بصورة تدريجية. بيد أن الدول ملزمة أساساً باتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من أثر الجوع على النحو المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 11 حتى في أوقات الكوارث الطبيعية.

كفاية واستدامة توفر الغذاء وسبيل الحصول عليه
7- لمفهوم الكفاية أهمية خاصة فيما يتصل بالحق في الغذاء لأنه يستخدم لإبراز عدد من العوامل التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار في تحديد ما إذا كانت أنواع معينة من الأغذية أو النظم الغذائية المتاحة يمكن أن تعتبر في ظروف معينة أنسب الأنواع لأغراض المادة 11 من العهد. ومفهوم الاستدامة مرتبط ارتباطاً لا انفصام فيه بمفهوم الغذاء الكافي أو الأمن الغذائي، فهو ينطوي على إمكانية الحصول على الغذاء حاضراً ولأجيال المستقبل على حد سواء. والمعنى الدقيق لكلمة "كفاية" يتحدد إلى مدى بعيد بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمناخية والإيكولوجية وغيرها من الأوضاع السائدة، في حين أن "الاستدامة" تنطوي على مفهوم توفر الغذاء وإمكان الحصول عليه في الأجل الطويل.
8- وترى اللجنة أن المضمون الأساسي للحق في الغذاء الكافي يعني ما يلي:
توفر الغذاء بكمية ونوعية تكفيان لتلبية الاحتياجات التغذوية للأفراد، وخلو الغذاء من المواد الضارة وكونه مقبولاً في سياق ثقافي معين؛
وإمكانية الحصول على الغذاء بطرق تتسم بالاستدامة ولا تعطل التمتع بحقوق الإنسان الأخرى.
9- والاحتياجات التغذوية تعني أن النظام الغذائي ككل يتضمن خليطاً من المغذيات اللازمة للنمو الجسمي والنفسي، ولنماء وتطور النشاط البدني. وتكون هذه المغذيات متمشية مع الاحتياجات الفيزيولوجية البشرية في جميع مراحل الحياة ووفقاً لنوع ***** والمهنة. ولذلك قد تدعو الحاجة لاتخاذ تدابير لإدامة وتطويع وتعزيز التنوع التغذوي والاستهلاك الملائم ونماذج الرضاعة بما في ذلك الرضاعة الطبيعية مع تأمين كون التغييرات فيما يتوفر ويتاح الحصول عليه من الأغذية كحد أدنى لا يؤثر تأثيراً سلبياً على التركيبة التغذوية والمتناول من الغذاء.
10- الخلو من المواد الضارة يحدد اشتراطات للسلامة الغذائية وجملة من التدابير الوقائية التي تتخذ بوسائل عامة وخاصة لمنع تلوث المواد الغذائية بشوائب و/أو بسبب انعدام الشروط البيئية الصحية أو المناولة غير السليمة في مختلف المراحل التي يمر بها إنتاج الأغذية، ويجب الحرص على تحديد وتجنب وتدمير التكسينات التي تحدث في الطبيعة.
11- مقبولية الغذاء من الوجهة الثقافية أو وجهة نظر المستهلك تعني الحاجة إلى أن تؤخذ بعين الاعتبار، قدر المستطاع، قيم مستشفة غير العناصر المغذية. وترتبط هذه القيم بالغذاء واهتمامات المستهلك المستنير فيما يتعلق بطبيعة الإمدادات الغذائية المتاحة.
12- توافر الأغذية يشير إلى الإمكانيات التي تيسر إما تغذية الفرد لنفسه مباشرة بالاعتماد على الأرض المنتجة أو الموارد الطبيعية الأخرى أو على نظم التوزيع والتجهيز والتسويق العاملة بشكل سليم والتي يمكن أن تنقل الغذاء من موقع الإنتاج إلى الموقع الذي توجد فيه الحاجة إلى الغذاء بحسب الطلب.
13- إمكانية الحصول على الغذاء تشمل الإمكانية الاقتصادية والمادية على حد سواء:
فالإمكانية الاقتصادية تعني أن التكاليف المالية الشخصية أو الأسرية التي ترتبط بالحصول على الأغذية من أجل تأمين نظام غذائي كاف يلزم أن تكون بالمستوى الذي لا يهدد الوفاء بالاحتياجات الأساسية الأخرى. والإمكانية الاقتصادية لتأمين الغذاء تنطبق على أي نمط من أنماط الحصول على الأغذية أو أهلية الحصول عليها وبها يقاس مدى ما يتحقق من التمتع بالحق في الغذاء الكافي. والمجموعات الضعيفة اجتماعياً مثل الأشخاص الذين لا يملكون أراضٍ أو غيرهم من قطاعات السكان التي تعاني من الفقر الشديد قد تحتاج إلى عناية توفرها برامج خاصة.
والإمكانية المادية للحصول على الغذاء تعني أن الغذاء الكافي يجب أن يكون متاحاً لكل فرد، بما في ذلك الأفراد ضعاف الجسم مثل الرضع والأطفال الصغار والمسنين والمعاقين بدنياً والمصابين بأمراض لا شفاء منها والأشخاص الذين يعانون مشاكل صحية مزمنة بمن فيهم المرضى عقلياً. وقد يحتاج ضحايا الكوارث الطبيعية وغيرهم من الأشخاص الذين يعيشون في مناطق معرضة للكوارث وغيرهم من المجموعات المحرومة بشكل خاص لعناية خاصة وبعض الاهتمام ذي الأولوية فيما يتعلق بالحصول على الغذاء. وهناك ضعف خاص يعانيه الكثير من مجموعات السكان الأصليين الذين تكتنف الأخطار سبيل وصولهم إلى أراضي أجدادهم.

الالتزامات والانتهاكات
14- إن طبيعـة الالتزامـات القانونية التي تتعهد بها الدول مبينة في المادة 2 من العهد وقد تناولها التعليق العام 3 للجنة (1990). والالتزام الرئيسي يتمثل في اتخاذ خطوات تسمح، تدريجياً، بالإعمال الكامل للحق في الغذاء الكافي. وهذا الأمر يفرض التزاما بالتقدم بأسرع ما يمكن نحو بلوغ هذا الهدف. وكل دولة ملزمة بأن تضمن لكل فرد يخضع لولايتها القضائية الحصول على الحد الأدنى من الغذاء الأساسي يكون كافيا ومغذيا بصورة مناسبة ومأمونة، وأن تضمن تحرر الفرد من الجوع.
15- والحق في الغذاء الكافي، مثل أي حق آخر من حقوق الإنسان، يفرض على الدول الأطراف ثلاثة أنواع أو مستويات من الالتزامات هي: الالتزامات بالاحترام، والحماية، وبالإعمال. والالتزام بالإعمال بدوره يشمل الالتزام بالتسهيل والالتزام بالتوفير 1. والالتزام باحترام السبيل المتوفر للحصول على الغذاء الكافي يستلزم من الدول الأطراف ألا تتخذ أي تدابير تسفر عن الحؤول دونه. والالتزام بالحماية يستلزم أن تتخذ الدولة تدابير لضمان عدم قيام أفراد أو شركات بحرمان الأفراد من الحصول على الغذاء الكافي. والالتزام بالوفاء يعني أنه يجب أن تشارك الدولة بفعالية في الأنشطة المقصود منها أن تعزز وصول الناس إلى موارد ووسائل ضمان مقومات عيشهم، بما في ذلك الأمن الغذائي، واستخدام تلك الموارد والوسائل. وأخيراً، وكلما عجز فرد أو جماعة، لأسباب خارجة عن نطاق إرادتهما، عن التمتع بالحق في الغذاء الكافي بالوسائل المتاحة للفرد أو الجماعة، يقع على عاتق الدول التزام بأن تفي بذلك الحق مباشرة. ويسري هذا الالتزام أيضا على الأشخاص ضحايا الكوارث الطبيعية أو غيرها من الكوارث.
16- ولبعض التدابير، على هذه المستويات المختلفة من التزامات الدول الأطراف، طبيعة عاجلة، بينما تكتسي تدابير أخرى الصبغة الأطول أجلا للتوصل تدريجيا إلى الإعمال الكامل للحق في الغذاء.
17- وتحدث انتهاكات للعهد عندما تقصر الدولة عن الوفاء، على أقل تقدير، بالحد الأساسي الأدنى المطلوب ليكون الفرد متحررا من الجوع. ولدى تحديد أي فعل أو إغفال لفعل يعدّ انتهاكا للحق في الغذاء، من الأهمية بمكان التمييز بين عجز الدولة الطرف عن الوفاء بالتزاماتها وعدم استعدادها لذلك. وإذا ادعت دولة طرف أن القيود المفروضة على الموارد تجعل من المستحيل عليها أن توفر الغذاء للعاجزين عن توفيره بأنفسهم، يجب أن تثبت الدولة أنها بذلت قصارى الجهد من أجل استخدام كل الموارد الموجودة تحت تصرفها في سبيل الوفاء، على سبيل الأولية، بهذه الالتزامات الدنيا. وهذا أمر مترتب على المادة 2-1 من العهد التي تلزم الدولة باتخاذ ما يلزم من خطوات "بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة"، حسبما سبق للجنة أن أشارت إليه في تعليقها العام 3، الفقرة 10. وبالتالي، فإن الدولة التي تدعي بأنها عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها لأسباب خارجة عن إرادتها تتحمل عبء إثبات ذلك وإثبات أنها التمست، بلا جدوى، الحصول على الدعم الدولي لضمان توافر الغذاء الكافي وإمكانية الحصول عليه.
18- وبالإضافة إلى ذلك، يعد انتهاكا للعهد أي تمييز في الحصول على الغذاء، وفي وسائل واستحقاقات الحصول عليه، على أساس العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو السن، أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب، يكون غرضه أو أثره إلغاء أو إعاقة تكافؤ التمتع بالحقوق الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو ممارستها.
19- وتحدث انتهاكات الحق في الغذاء من خلال العمل المباشر الذي تقوم به الدول أو كيانات أخرى لا تخضع الخضوع الكافي للوائح الدولة. وتشمل هذه الانتهاكات ما يلي: إلغاء أو تعليق العمل رسميا بالتشريع اللازم لاستمرار التمتع بالحق في الغذاء؛ وحرمان أفراد أو جماعات من الحصول على الغذاء، سواء كان التمييز مستندا إلى التشريع أو تمييزاً استباقياً؛ ومنع الحصول على المساعدة الغذائية الإنسانية في المنازعات الداخلية أو في حالات الطوارئ الأخرى؛ واعتماد تشريعات أو سياسات تتعارض بشكل واضح مع الالتزامات القانونية القائمة سابقاً والمتصلة بالحق في الغذاء؛ والتقصير في تنظيم أنشطة الأفراد أو الجماعات على النحو الذي يمنعهم من انتهاك حق الغير في الغذاء، أو تقصير الدولة في مراعاة التزاماتها القانونية الدولية فيما يتعلق بالحق في الغذاء عندما تبرم اتفاقات مع دول أو منظمات دولية أخرى.
20- وفي حين أن الأطراف في العهد هي الدول دون سواها وهي بالتالي المسؤولة في النهاية عن الامتثال للعهد، فإن كل أفراد المجتمع – الأفراد والأسر والمجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وكذلك قطاع الأعمال التجارية الخاص – يتحملون مسؤوليات في مجال إعمال الحق في الغذاء الكافي. وينبغي أن تهيىء الدولة بيئة تسهل تنفيذ هذه المسؤوليات. وينبغي أن يواصل قطاع الأعمال التجارية الخاص – الوطني والدولي – أنشطته في إطار مدونة لقواعد السلوك تؤدي إلى احترام الحق في الغذاء الكافي ويتفق عليها بالاشتراك بين الحكومة والمجتمع المدني.

التنفيذ على الصعيد الوطني
21- إن أنسب الوسائل والأساليب لإعمال الحق في الغذاء الكافي تتفاوت حتما تفاوتاً كبيراً من دولة إلى أخرى ويكون لكل دولة طرف هامش استنتسابي في اختيار مناهجها الخاصة، غير أن العهد يشترط بوضوح أن تتخذ كل دولة طرف ما يلزم من خطوات لتضمن لكل فرد التحرر من الجوع وأن يتمكن الفرد في أقرب وقت ممكن من التمتع بالغذاء الكافي. ويستلزم هذا الأمر اعتماد استراتيجية وطنية لضمان الأمن الغذائي والتغذوي للجميع، استنادا إلى مبادئ حقوق الإنسان التي تحدد الأهداف، وتصميم سياسات وما يقابلها من مقاييس. وينبغي أيضا أن تحدد الاستراتيجية الموارد المتاحة لبلوغ الأهداف وأنجع وسائل استخدامها من حيث التكلفة.
22- وينبغي أن تستند الاستراتيجية إلى تحديد منهجي لتدابير السياسة العامة والأنشطة ذات الصلة بالحالة والسياق، على النحو المستمد من المضمون المعياري للحق في الغذاء والمبين فيما يتصل بمستويات وطبيعة التزامات الدول الأطراف في الفقرة 15 من هذا التعليق العام. وسيسهل هذا الأمر التنسيق بين الوزارات والسلطات الإقليمية والمحلية ويضمن امتثال القرارات السياسية والإدارية للالتزامات المبينة في المادة 11 من العهد.
23- ويستلزم تصميم وتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية المعنية بالحق في الغذاء الامتثال الكامل لمبادئ المساءلة، والشفافية، والمشاركة الجماهيرية، واللامركزية، والأهلية التشريعية واستقلال السلطة القضائية. وحسن التدبير لازم لإعمال كل حقوق الإنسان، بما فيها القضاء على الفقر وضمان معيشة مرضية للجميع.
24- وينبغي تصميم آليات مؤسسية مناسبة لضمان اتباع عملية ذات صبغة تمثيلية في صياغة استراتيجية، تستند إلى كل ما يتاح من خبرة وطنية متصلة بالغذاء والتغذية. وينبغي أن تبين الاستراتيجية المسؤوليات والإطار الزمني لتنفيذ التدابير اللازمة.
25- وينبغي أن تتناول الاستراتيجية قضايا وتدابير حاسمة إزاء كل جوانب نظام الأغذية، بما في ذلك إنتاج الغذاء المأمون وتجهيزه وتوزيعه وتسويقه واستهلاكه، وكذلك تدابير موازية في مجالات الصحة والتعليم والتشغيل والضمان الاجتماعي. وينبغي الحرص على ضمان إدارة واستغلال الموارد الطبيعية وغيرها من موارد الغذاء، على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية وعلى مستوى الأسرة المعيشية، بشكل يتصف بأقصى قدر من الاستدامة.
26- وينبغي أن تولي الاستراتيجية عناية خاصة لضرورة منع التمييز في مجال الحصول على الغذاء أو الموارد الغذائية. وينبغي أن يشمل هذا ما يلي: ضمانات الوصول الكامل والمتكافئ إلى الموارد الاقتصادية، ولا سيما لصالح النساء، بما في ذلك الحق في الإرث وملكية الأرض وغير ذلك من الممتلكات، والائتمان، والموارد الطبيعية والتكنولوجيا المناسبة؛ وتدابير احترام وحماية العمالة الذاتية والعمل الذي يتيح أجرا يضمن للأجير وأسرته عيشا كريما (على النحو المنصوص عليه في المادة 7(أ) ‘2’ من العهد)؛ ومسك سجلات عن الحقوق المتصلة بالأرض (بما في ذلك الغابات).
27- وينبغي للدول الأطراف، كجزء من التزاماتها بحماية قاعدة الموارد الغذائية للسكان، أن تتخذ الخطوات المناسبة لضمان تمشي أنشطة قطاع الأنشطة التجارية الخاص والمجتمع المدني مع الحق في الغذاء.
28- وحتى في الحالات التي تواجه فيها الدولة قيودا شديدة على الموارد، سواء بسبب عملية تكيف اقتصادي، أو انتكاس اقتصادي، أو ظروف مناخية أو غير ذلك من العوامل، ينبغي اتخاذ تدابير لضمان إعمال الحق في الغذاء الكافي خاصّة لصالح الضعفاء من المجموعات السكانية والأفراد.

المعايير والتشريع الإطاري
29- يتعين على الدول، عند تنفيذ الاستراتيجيات المحددة للبلد المشار إليها أعلاه، أن تضع معايير للمراقبة اللاحقة على المستويين الوطني والدولي يمكن التحقق منها. وفي هذا الصدد، يتعين على الدول أن تنظر في اعتماد قانون إطاري كأداة أساسية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بالحق في الغذاء. وينبغي أن يتضمن القانون الإطاري أحكاماً تتعلق بغرضه؛ والأهداف أو المقاصد المنشودة والإطار الزمني الواجب تحديده لبلوغها ووصف الطرق المستخدمة لبلوغ هذا الهدف، ولا سيما التعاون المستصوب مع المجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الدولية؛ والمؤسسية عن هذه العملية؛ والآليات الوطنية لرصدها، وكذلك الإجراءات الممكنة لطلب الاستعانة. ويتعين على الدول الأطراف، عند وضع المعايير والتشريع الإطاري، أن تُشرك بصورة نشيطة منظمات المجتمع المدني.
30- ويتعين على برامج ووكالات الأمم المتحدة المعنية أن تقدم المساعدة، عند الطلب، في صياغة التشريع الإطاري وتنقيح التشريع القطاعي. فلدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، مثلاً، دراية كبيرة ومعلومات متراكمة تتعلق بالتشريعات في مجالي الأغذية والزراعة. كما تتوفر لدى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) دراية مماثلة بشأن التشريعات المتعلقة بالحق في الغذاء الكافي للرضع والأطفال الصغار من خلال حماية الأم والطفل، بما في ذلك تشريعات تسمح بالرضاعة الطبيعية وتتعلق بتنظيم تسويق بدائل لبن الأم.

عمليات الرصد
31- ينبغي للدول الأطراف أن تضع وتطوِّر آليات لرصد التقدم المحرز نحو إعمال الحق في غذاء كافٍ للجميع، وتحديد العوامل والصعوبات التي تؤثر في مستوى تنفيذ التزاماتها، وتيسير اعتماد تشريعات تصحيحية وتدابير إدارية، بما في ذلك تدابير لتنفيذ التزاماتها بموجب المادتين 2-1 و23 من العهد.

سبل الانتصاف والمساءلة
32- ينبغي أن يكون بإمكان من يقع من الأشخاص أو المجموعات ضحية لانتهاك الحق في غذاء كافٍ الوصول إلى سبل انتصاف قضائية فعالة أو غيرها من سبل الانتصاف الملائمة على المستويين الوطني والدولي معاً. ويحق لجميع ضحايا مثل هذه الانتهاكات الحصول على تعويض مناسب قد يتخذ شكل إعادة الحالة إلى ما كانت عليه، أو التعويض أو الترضية أو تقديم ضمانات بعدم التكرار. ويتعين على أمناء المظالم ولجان حقوق الإنسان على المستوى الوطني أن يعالجوا انتهاكات الحق في الغذاء.
33- ومن شأن إدراج صكوك دولية تعترف بالحق في الغذاء في النظام القانوني المحلي، أو الاعتراف بتطبيقها، أن يعزز بصورة ملحوظة نطاق وفعالية تدابير الانتصاف وينبغي تشجيعه في جميع الحالات. وعندئذ يمكن إسناد صلاحيات إلى المحاكم للفصل في انتهاكات المضمون الأساسي للحق في الغذاء بالرجوع مباشرة إلى الالتزامات المنصوص عليها في العهد.
34- وإن القضاة وغيرهم من ممارسي المهنة القضائية مدعوون إلى إيلاء انتهاكات الحق في الغذاء المزيد من الاهتمام عند ممارستهم لمهامهم.
35- ويتعين على الدول الأطراف أن تحترم وتحمي عمل مناصري حقوق الإنسان وغيرهم من أفراد في المجتمع المدني الذين يقدمون المساعدة إلى المجموعات الضعيفة لتحقيق تمتعها بالحق في الغذاء الكافي.

الالتزامات الدولية
الدول الأطراف
36- يتعين على الدول الأطراف، طبقاً لروح المادة 56 من ميثاق الأمم المتحدة، والنصوص المحددة الواردة في المادتين 11، 2(أ) و23 من العهد وإعلان روما الصادر عن مؤتمر القمة العالمي للأغذية، أن تعترف بالدور الهام للتعاون الدولي وأن تفي بالتزاماتها المتمثلة في اتخاذ إجراءات مشتركة ومنفصلة لبلوغ هدف التحقيق الكامل للتمتع بالحق في غذاء كاف. ويتعين على الدول الأطراف، عند الامتثال لالتزاماتها، أن تتخذ الخطوات اللازمة لاحترام التمتع بالحق في الغذاء في بلدان أخرى، ولحماية ذلك الحق، ولتيسير الحصول على الغذاء ولتوفير المساعدة اللازمة عند الطلب. ويتعين على الدول الأطراف أن تكفل إيلاء الاعتبار الواجب للحق في غذاء كافٍ في الاتفاقات الدولية حيثما تكون لـه صلة بالموضوع، وأن تنظر في صياغة مزيد من الصكوك القانونية الدولية لتحقيق هذا الغرض.
37- ويتعين على الدول الأطراف أن تمتنع في جمع الأوقات عن فرض حظر على الغذاء أو اتخاذ تدابير مشابهة تعرّض للخطر ظروف إنتاج الغذاء والحصول عليه في بلدان أخرى. فينبغي ألا يستخدم الغذاء مطلقاً كأداة لممارسة ضغوط سياسية واقتصادية. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بموقفها المشار إليه في التعليق العام رقم 8 بشأن العلاقة بين الجزاءات الاقتصادية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

الدول والمنظمات الدولية
38- ينص ميثاق الأمم المتحدة على أنه تقع على عاتق الدول مسؤولية مشتركة ومنفردة عن التعاون في تقديم الإغاثة في حالات الكوارث والمساعدة الإنسانية في حالات الطوارئ، بما في ذلك مساعدة اللاجئين والمشردين بصورة دائمة. ويتعين على كل دولة أن تسهم في هذه المهمة وفقاً لقدراتها. ويؤدي برنامج الأغذية العالمي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبصورة متزايدة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) دوراً هاماً في هذا الصدد وينبغي تعزيزه. وينبغي إيلاء الأولوية في المساعدة الغذائية إلى أضعف فئات السكان.
39- وينبغي أن تقدم المساعدة الغذائية، كلما كان ذلك ممكناً، بطرق لا تؤثر سلباً على المنتجين المحليين والأسواق المحلية، وينبغي تنظيمها بطرق تيسر عودة المستفيدين منها إلى الاعتماد على الذات في توفير الغذاء. وينبغي أن تستند مثل هذه المساعدة إلى احتياجات المستفيدين المستهدفين، ويجب أن تكون المنتجات التي تشملها التجارة الدولية في الأغذية أو برامج المساعدة منتجات سليمة ومقبولة في السياق الثقافي للسكان المستفيدين.

الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى
40- وإن لدور وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك الدور الذي تؤديه في إطار المساعدة الإنمائية التي توفرها الأمم المتحدة على الصعيد القطري، في تعزيز التمتع بالحق في الغذاء أهمية خاصة. وينبغي المحافظة على الجهود المنسقة المبذولة لتحقيق التمتع بالحق في الغذاء بغية تعزيز الانسجام والتفاعل فيما بين جميع الفاعلين المعنيين، بمن فيهم مختلف عناصر المجتمع المدني. ويتعين على المنظمات المعنية بالغذاء، وهي منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وبرنامج الأغذية العالمي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، أن تقوم بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، والبنك الدولي والبنوك الإنمائية الإقليمية، بالتعاون بصورة أكثر فعالية، وذلك بالاعتماد على خبراتها في مجال إعمال الحق في الغذاء على المستوى الوطني مع المراعاة الواجبة لولاية كل منها.
41- ويتعين على المؤسسات المالية الدولية، لا سيما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أن تولي حماية الحق في الغذاء اهتماماً متزايداً في سياساتها المتعلقة بالقروض واتفاقاتها المتعلقة بالائتمان وفي التدابير الدولية التي تتخذها لمواجهة أزمة الديون. وينبغي توخي الحذر، تمشياً مع الفقرة 9 من التعليق العام رقم 2 للجنة، في أي برنامج للتكيف الهيكلي لضمان حماية الحق في الغذاء.
_______________________
Spoiler:

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655034

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1384c10


الأوسمة
 :


التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية   التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية I_icon_minitime27/8/2011, 14:35

خيارات المساهمة


اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة الحادية والعشرون (1999)

التعليق العام رقم 13
الحق في التعليم (المادة 13)

1- إن الحق في التعليم هو في حد ذاته حق من حقوق الإنسان، وهو في نفس الوقت وسيلة لا غنى عنها لإعمال حقوق الإنسان الأخرى. والتعليم، بوصفه حقاً تمكينياً، هو الأداة الرئيسية التي يمكن بها للكبار والأطفال المهمَّشين اقتصادياً واجتماعياً أن ينهضوا بأنفسهم من الفقر وأن يحصلوا على وسيلة المشاركة مشاركة كاملة في مجتمعاتهم. وللتعليم دور حيوي في تمكين المرأة، وحماية الأطفال من العمل الاستغلالي الذي ينطوي على مخاطر، وكذلك من الاستغلال الجنسي، وفي تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية، وحماية البيئة، والحد من نمو السكان. ويُعترف بالتعليم بشكل متزايد بوصفه واحداً من أفضل الاستثمارات المالية التي يمكن للدول أن تستثمرها. ولكن أهمية التعليم ليست أهمية عملية وحسب، فالعقل المثقف والمستنير والنشط القادر على أن ينطلق بحرية وإلى أبعد الحدود هو عقل ينعم بمسرّات الوجود ونعمه.
2- والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يخصص مادتين للحق في التعليم هما المادة 13 والمادة 14. والمادة 13، التي هي أطول ما نص عليه العهد من أحكام، هي المادة الأبعد مدى والأكثر شمولاً بشأن الحق في التعليم في قانون حقوق الإنسان الدولي. ولقد اعتمدت اللجنة بالفعل التعليق العام رقم 11 على المادة 14(خطط العمل للتعليم الابتدائي)؛ والتعليم العام رقم 11 وهذا التعليق العام يكمّل أحدهما الآخر، ويجب النظر فيهما في آن واحد معاً. واللجنة تدرك أن التمتع بالحق في التعليم يظل، بالنسبة للملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم، هدفاً بعيد المنال. وبالإضافة إلى ذلك، أصبح هذا الهدف، في حالات عديدة، بعيداً بشكل متزايد. واللجنة تدرك أيضاً الحواجز الهيكلية الهائلة وغيرها من الحواجز التي تعرقل التنفيذ الكامل للمادة 13 في العديد من الدول الأطراف.
3- وبغية مساعدة الدول الأطراف على تنفيذ العهد والاضطلاع بالتزاماتها فيما يتصل بتقديم التقارير، يركز هذا التعليق العام على المضمون التقنيني للمادة 13 (الجزء الأول، الفقرات 4-42)، وبعض الالتزامات الناتجة عن ذلك (الجزء الثاني، الفقرات 43-57)، وبعض الانتهاكات المذكورة على سبيل الإرشاد (الجزء الثاني، الفقرتان 58 و59). ويقدم الجزء الثالث ملاحظات موجزة حول التزامات الجهات الفاعلة غير الدول الأطراف. ويستند التعليق العام إلى تجربة اللجنة في دراسة تقارير الدول الأطراف على مدى عدة أعوام.

1- المضمون المعياري للمادة 13
المادة 13(1): أهداف التعليم وأغراضه

4- توافق الدول الأطراف على أن أي تعليم، سواء كان عاماً أو خاصاً رسمياً أو غير رسمي، يجب أن يكون موجهاً نحو تحقيق الأهداف والأغراض المحددة في المادة 13(1). وتلاحظ اللجنة أن هذه الأهداف التعليمية تعكس الأغراض والمبادئ الأساسية للأمم المتحدة المكرسة في المادتين 1 و2 من الميثاق. وهي توجد أيضاً في أغلبها في المادة 26(2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولو أن المادة 13(1) تضيف إلى الإعلان ثلاثة جوانب هي: يجب أن يكون التعليم موجهاً نحو "الإحساس بكرامة" الشخصية الإنسانية، ويجب "تمكين كل شخص من الإسهام بدور نافع في مجتمع حر"، ويجب أن يشجع التفاهم بين جميع الفئات "الإثنية" وكذلك الأمم والمجموعات العرقية والدينية. ولعلّ "وجوب توجيه التعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية" هو أهم الأهداف الأساسية من بين الأهداف التعليمية المشتركة بين المادة 26(2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 13(1) من العهد.
5- وتلاحظ اللجنة أنه منذ اعتماد الجمعية العامة للعهد في عام 1966 حدّدت صكوك دولية أخرى، بمزيد من التفصيل، الأهداف التي يجب أن يكون التعليم موجهاً نحو تحقيقها. ووفقاً لذلك ترى اللجنة أن الدول الأطراف مطالبة بالسهر على أن يكون التعليم متفقاً مع الأهداف والأغراض المحددة في المادة 13(1)، كما هي مفسرة في ضوء الإعلان العالمي حول التربية للجميع (جومتيين، تايلند، 1990) (المادة 1)، واتفاقية حقوق الطفل (المادة 29(1))، وإعلان وبرنامج عمل فيينا (الجزء الأول، الفقرة 33 والجزء الثاني، الفقرة 80)، وخطة عمل عقد الأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان (الفقرة 2). وفي حين أن جميع هذه النصوص تتفق على نحو وثيق مع المادة 13(1) من العهد، فإنها تتضمن أيضاً عناصر غير منصوص عليها بشكل صريح في المادة 13(1)، مثل الإشارات المحددة إلى المساواة بين الجنسين واحترام البيئة. وهذه العناصر الجديدة ضمنية في التفسير المعاصر للمادة 13(1) وهي تعكسه. وتحصل اللجنة على تأييد لوجهة النظر هذه من التأييد الواسع النطاق الذي حظيت به النصوص الآنفة الذكر من جميع أنحاء العالم.1

المادة 13(2): الحق في الحصول على تعليم - بعض الملاحظات العامة

6- في حين أن التطبيق الدقيق والملائم للأحكام سيتوقف على الظروف السائدة في كل دولة طرف، يُظهر التعليم في جميع أشكاله وعلى جميع المستويات السمات المترابطة والأساسية التالية:2
(أ) التوافر - يجب أن تتوافر مؤسسات وبرامج تعليمية بأعداد كافية في نطاق اختصاص الدولة الطرف. وما تحتاج إليه هذه المؤسسات وهذه البرامج للعمل يتوقف على عوامل عدّة من بينها السياق الإنمائي الذي تعمل فيه؛ ويحتمل على سبيل المثال أن تحتاج جميع المؤسسات والبرامج إلى مبان أو إلى شكل آخر من أشكال الوقاية من العوامل الطبيعية، والمرافق الصحية للجنسين، والمياه الصالحة للشراب، والمدرسين المدربين الذين يتقاضون مرتبات تنافسية محلياً، ومواد التدريس وما إلى ذلك؛ في حين أن البعض منها سيحتاج أيضاً إلى مرافق مثل مرافق المكتبات والحواسيب وتكنولوجيا المعلومات؛
(ب) إمكانية الالتحاق - يجب أن يكون الالتحاق بالمؤسسات والبرامج التعليمية ميسراً للجميع، دون أي تمييز، في نطاق اختصاص الدولة الطرف. ولإمكانية الالتحاق ثلاثة أبعاد متداخلة هي:
عدم التمييز - يجب أن يكون التعليم في متناول الجميع، ولا سيما أضعف الفئات، في القانون وفي الواقع، دون أي تمييز لأي سبب من الأسباب المحظورة (انظر الفقرات 31-37 بشأن عدم التمييز)؛
إمكانية الالتحاق مادياً - يجب أن يكون التعليم في المتناول مادياً وبطريقة مأمونة، وذلك إما عن طريق الحضور للدراسة في موقع جغرافي ملائم بشكل معقول (مثلاً في مدرسة تقع بالقرب من المسكن) أو من خلال استخدام التكنولوجيا العصرية (مثل الوصول إلى برنامج "للتعليم عن بعد")؛
إمكانية الالتحاق من الناحية الاقتصادية - يجب أن يكون التعليم في متناول الجميع. وهذا البعد يخضع لصيغة المادة 13(2) التي تميز بين التعليم الابتدائي والثانوي والعالي: ففي حين أنه يجب أن يوفر التعليم الابتدائي "مجاناً للجميع"، فإن الدول الأطراف مطالبة بالأخذ تدريجياً بمجانية التعليم الثانوي والعالي؛
(ج) إمكانية القبول - يجب أن يكون شكل التعليم وجوهره مقبولين، بما في ذلك المناهج الدراسية وأساليب التدريس، (مثلاً، أن يكون وثيق الصلة بالاحتياجات وملائماً من الناحية الثقافية ومن ناحية الجودة) للطلاب، وللوالدين حسب الاقتضاء؛ وهذا يخضع للأهداف التعليمية المطلوبة في المادة 13(1) وما قد توافق عليه الدولة من معايير تعليمية دنيا (انظر المادة 13(3) و(4))؛
(د) قابلية التكيف - يجب أن يكون التعليم مرناً كيما يتسنى لـه التكيف مع احتياجات المجتمعات والمجموعات المتغيرة وأن يستجيب لاحتياجات الطلاب في محيطهم الاجتماعي والثقافي المتنوع.
7- وعند التفكير في التطبيق الملائم لهذه "الخصائص المميزة المترابطة والأساسية" يجب التفكير من باب أولى في مصالح الطالب.

المادة 13(2)(أ): الحق في التعليم الابتدائي

8- ينطوي التعليم الابتدائي على عناصر التوافر وإمكانية الالتحاق وإمكانية القبول وقابلية التكيف، التي هي مشتركة بين جميع أشكال التعليم وعلى جميع المستويات.3
9- وتحصل اللجنة على توجيه فيما يتعلق بالتفسير المناسب لعبارة "التعليم الابتدائي" من الإعلان العالمي حول التربية للجميع الذي ينص على ما يلي: "إن المدرسة الابتدائية هي النظام التربوي الرئيسي الذي يوفّر التربية الأساسية للأطفال خارج نطاق الأسرة. ولذلك ينبغي تعميم التعليم الابتدائي وضمان تلبية حاجات التعلم الأساسية لكل الأطفال ومراعاة ثقافة المجتمع المحلي واحتياجاته والإمكانات التي يوفرها" (المادة 5). و"حاجات التعليم الأساسية" معرّفة في المادة 1 من الإعلان العالمي4 وفي حين أن التعليم الابتدائي ليس مرادفاً للتعليم الأساسي، فإن هناك تطابقاً وثيقاً بين الإثنين. وبهذا الخصوص، تؤيد اللجنة الموقف الذي اتخذته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف): "يُعد التعليم الابتدائي أهم عنصر من العناصر المكونة للتعليم الأساسي".5
10- وكما جاء في المادة 13(2)(أ)، فإن للتعليم الابتدائي خاصيتين مميزتين هما أنه "إلزامي" و"متاح مجاناً للجميع". وللاطلاع على ملاحظات اللجنة بخصوص التعبيرين، انظر الفقرتين 6 و7 من التعليق العام رقم 11 على المادة 14 من العهد.

المادة 13(2)(ب): الحق في التعليم الثانوي

11- يشمل التعليم الثانوي عناصر توافر المدارس، وإمكانية الالتحاق بها، وإمكانية قبولها، وقابلية تكيفها، وهي عناصر مشتركة بين جميع أشكال التعليم وعلى جميع المستويات.6
12- وفي حين أن مضمون التعليم الثانوي يختلف من دولة طرف إلى أخرى ويختلف من وقت إلى وقت، فإنه يشمل إكمال التعليم الأساسي وتوطيد أسس التعلم مدى الحياة ونمو الإنسان. وهو يهيّئ الطلاب للفرص المهنية ولفرص التعليم العالي.7 والمادة 13(2)(ب) تنطبق على التعليم الثانوي "بمختلف أنواعه"، وهي بذلك تسلم بأن التعليم الثانوي يتطلب مناهج دراسية مرنة ونظم توفير متنوعة للاستجابة لاحتياجات الطلاب في مختلف الأوساط الاجتماعية والثقافية. وتشجع اللجنة البرامج التعليمية "البديلة" الموازية لأنظمة التعليم الثانوي العادي.
13- وحسب ما جاء في المادة 13(2)(ب)، يجب "تعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه، وجعله متاحاً للجميع بكافة الوسائل المناسبة ولا سيما بالأخذ تدريجياً بمجانية التعليم". ولفظة "تعميم" تعني، أولاً، أن التعليم الثانوي لا يتوقف على طاقة طالب ما أو قدرته الظاهرة و، ثانياً، أن التعليم الثانوي يُعممّ في جميع أنحاء الدولة بحيث يكون متاحاً للجميع على قدم المساواة. وفيما يتعلق بتفسير اللجنة لعبارة "جعله متاحاً"، انظر الفقرة 6 أعلاه. وعبارة "كافة الوسائل المناسبة" تعزز النقطة التي مؤداها أنه على الدول الأطراف أن تعتمد مناهج متنوعة ومبتكرة لتوفير التعليم الثانوي في مختلف السياقات الاجتماعية والثقافية.
14- وتعني عبارة "الأخذ تدريجياً بمجانية التعليم" أنه في حين لا بد للدول من إعطاء الأولوية لتوفير تعليم ابتدائي مجاني، يقع على عاتق الدول أيضاً واجب اتخاذ تدابير ملموسة من أجل تحقيق مجانية التعليم الثانوي والعالي. وفيما يتصل بالملاحظات العامة للجنة على معنى لفظة "مجاني"، انظر الفقرة 7 من التعليق العام رقـم 11 على المادة 14.
التعليم التقني والمهني
15- يشكل التعليم التقني والمهني جزءاً من الحق في التعليم وكذلك من الحق في العمل (المادة 6(2)). وتشير المادة 13(2) (ب) إلى التعليم التقني والمهني على أنه جزء من التعليم الثانوي، بما يعكس الأهمية الخاصة للتعليم التقني والمهني على هذا المستوى من التعليم. غير أن المادة 6(2) لا تشير إلى التعليم التقني والمهني فيما يتصل بمستوى محدد من التعليم؛ بل هي ترى أن لهذا التعليم دوراً أوسع نطاقاً، بما يساعد على "تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية مطّردة وعمالة كاملة ومنتجة". وكما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص على شرط أن "يكون التعليم الفني والمهني متاحاً للعموم" (المادة 26(1)). وعليه ترى اللجنة أن التعليم التقني والمهني يشكل جزءاً لا يتجزأ من التعليم على جميع المستويات.8
16- وتلقين التكنولوجيا والتأهيل لعالم العمل يجب ألا يقتصرا على برامج محددة من برامج التعليم التقني والمهني بل يجب أن يُفهما على أنهما عنصران من العناصر المكونة للتعليم العام. وحسب ما جاء في اتفاقية اليونسكو بشأن التعليم التقني والمهني (1989) يتألف التعليم التقني والمهني من "كافة أشكال ومستويات عملية التعليم التي تشمل، بالإضافة إلى المعرفة العامة، دراسة التكنولوجيات وما يتصل بذلك من علوم، واكتساب المهارات العملية، والدراية، والمواقف والفهم فيما يتعلق بالمهن في مختلف قطاعات الحياة الاقتصادية والاجتماعية" (المادة 1(أ)). وينعكس هذا الرأي أيضاً في بعض اتفاقيات منظمة العمل الدولية.9 والحق في التعليم التقني والمهني، إذا فهمناه بهذه الطريقة، يشمل الجوانب التالية:
(أ) إنه يمكّن الطلاب من اكتساب المعارف والمهارات التي تسهم في نموهم الشخصي، واعتمادهم على أنفسهم وإمكانية توظيف أنفسهم، ويعزز إنتاجية أسرهم ومجموعاتهم، بما في ذلك التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة الطرف؛
(ب) إنه يراعي الخلفية التعليمية والثقافية والاجتماعية للسكان المعنيين؛ والمهارات والمعارف والمستويات والمؤهلات اللازمة في مختلف قطاعات الاقتصاد؛ والصحة والسلامة والرفاه في المجال المهني؛
(ج) إنه يوفر إعادة التدريب للكبار الذين أصبحت معارفهم ومهاراتهم قديمة بسبب التغيرات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والتغيرات في مجال العمل، وغير ذلك من التغيرات؛
(د) إنه يتألف من برامج تعطي الطلبة، وخاصة الطلبة من البلدان النامية، فرصة الحصول على التعليم التقني والمهني في دول أخرى، من أجل نقل وتكييف التكنولوجيا على النحو المناسب؛
(ه‍ـ) إنه يتألف، في سياق أحكام العهد المتعلقة بعدم التمييز وتحقيق المساواة، من برامج تشجع التعليم التقني والمهني للنساء والفتيات والشبان الذين يتركون الدراسة، والشبان العاطلين عن العمل، وأطفال العمال المهاجرين، واللاجئين، والمعوقين، وغير ذلك من المجموعات الضعيفة.

المادة 13(2)(ج): الحق في التعليم العالي

17- ينطوي التعليم العالي على عناصر توافر الجامعات وإمكانية الالتحاق وإمكانية القبول وقابلية التكيف، التي هي عناصر مشتركة بين جميع أشكال التعليم على جميع المستويات.10
18- وفي حين أن المادة 13(2)(ج) قد صيغت بشكل يتفق مع ما جاء في المادة 13(2)(ب)، فإن هناك اختلافات بين أحكام الفقرتين. فالمادة 13(2)(ج) لا تتضمن إشارة لا إلى التعليم "بمختلف أنواعه" ولا إلى للتعليم التقني والمهني تحديداً. وفي رأي اللجنة أن وجهي الإغفال هذين يعكسان فقط اختلافاً في التأكيد بين المادة 13(2)(ب) و(ج). وإذا ما أريد للتعليم العالي أن يستجيب لاحتياجات الطلاب في مختلف الأوساط الاجتماعية والثقافية، فلا بد أن يشتمل على مناهج دراسية مرنة ونظم مختلفة لتوفير التعليم، مثل التعليم عن بعد؛ غير أنه في الممارسة العملية يجب أن يتوافـر كل مـن التعليـم الثانوي والتعليم العالي "بأنواع مختلفة". أما فيما يتعلق بانعدام الإشارة في المادة 13(2)(ج) إلى التعليم التقني والمهني، وبالنظر إلى المادة 6(2) من العهد والمادة 26(1) من الإعلان العالمي، يشكل التعليم التقني والمهني جزءاً لا يتجزأ من التعليم على جميع المستويات، بما في ذلك التعليم العالي.11
19- والاختلاف الثالث والأهم بين المادة 13(2)(ب) و(ج) هو أنه في حين يجب أن يكون التعليم الثانوي "متاحاً للعموم وفي متناول الجميع" يجب أن يكون التعليم العالي "متاحاً للجميع على قدم المساواة، تبعاً للكفاءة". وحسب المادة 13(2)(ج)، لا يجب أن يكون التعليم العالي "متاحاً للجميع" وإنما فقط متاحاً "تبعاً للكفاءة". و"كفاءة" الأفراد يجب تقديرها بالرجوع إلى كل ما لديهم من خبرة وتجربة فيما يتصل بذلك.
20- ومن حيث تشابه صيغة المادة 13(2)(ب) و(ج) (مثل "الأخذ تدريجياً بمجانية التعليم")، انظر التعليقات السابقة على المادة 13(2)(ب).

المادة 13(2)(د): الحق في التربية الأساسية

21- تشمل التربية الأساسية عناصر التوافر وإمكانية الالتحاق وإمكانية القبول وقابلية التكيف التي هي عناصر مشتركة بين جميع أشكال التعليم على جميع المستويات.12
22- وعلى العموم، فإن التربية الأساسية تتفق مع التعليم الأساسي المشار إليه في الإعلان العالمي حول التربية للجميع.13 وبموجب المادة 13(2)(د)، فإن للأشخاص "الذين لم يتلقوا أو لم يستكملوا التعليم الابتدائي" الحق في التربية الأساسية، أو التعليم الأساسي كما هو محدد في الإعلان العالمي حول التربية للجميع.
23- وبما أن لكل الناس الحق في تلبية "حاجات تعلّمهم الأساسية" على نحو ما يُفهم من الإعلان العالمي، فإن الحق في التعليم الأساسي لا يقتصر على الأشخاص الذين "لم يتلقوا أو لم يستكملوا التعليم الابتدائي". والحق في التعليم الأساسي يمتد ليشمل جميع الأشخاص الذين لم يلبّوا بعد "حاجات تعلّمهم الأساسية".
24- ولا بد من تأكيد أن التمتع بالحق في التعليم الأساسي لا يقيده لا العمر ولا نوع الجنس؛ بل هو يمتد ليشمل الأطفال، والشبان، والكبار، بما في ذلك الأشخاص الأكبر سناً. فالتعليم الأساسي هو بالتالي عنصر يشكل جزءاً لا يتجـزأ من تعليم الكبـار والتعليم مدى الحياة. ولما كان التعليم الأساسي حقاً لجميع الناس في مختلف فئات الأعمار، فإنه لا بد من وضع مناهج دراسية وأنظمة لتوفير التعليم تكون مناسبة للطلاب من جميع الأعمار.

المادة 13(2)(هـ)) الشبكة المدرسية: نظام منح واف بالغرض: الأوضاع المادية للعاملين في مجال التدريس

25- يعني اشتراط "العمل بنشاط على إنماء شبكة مدرسية على جميع المستويات" أن الدولة الطرف ملتزمة بأن تكون لديها استراتيجية تنمية عامة لشبكتها المدرسية. ويجب أن تشمل الاستراتيجية المدارس على كل المستويات، لكن العهد يطلب من الدول الأطراف إعطاء الأولوية للتعليم الابتدائي (انظر الفقرة 51)، وتوحي عبارة "العمل بنشاط" بأن الاستراتيجية العامة ينبغي أن تجتذب قدراً من الأولوية الحكومية، ويجب على أي حال أن تنفذ بقوة.
26- وينبغي أن يُفهم اشتراط "إنشاء نظام منح واف بالغرض" في إطار أحكام العهد المتعلقة بالمساواة وعدم التمييز، ويجب لنظام المنح أن يحسن نوعية التعليم المتاح للأفراد من المجموعات المحرومة.
27- ورغم أن العهد ينص على "مواصلة تحسين الأوضاع المادية للعاملين في التدريس" فإن أوضاع العمل العامة للمدرسين قد تدهورت عملياً، ووصلت إلى مستويات منخفضة غير مقبولة في السنوات الأخيرة في كثير من الدول الأطراف. وإلى جانب أن هذا لا يتسق مع المادة 13(2)(ه‍ـ)، فإنه يمثل عقبة كبرى أمام الإعمال الكامل لحق الطلبة في التعليم. وتلاحظ اللجنة كذلك العلاقة بين المواد 13(2)(هـ) و2(2) و3 ومن 6-8 في العهد، بما في ذلك حق المدرسين في التنظيم والمفاوضة الجماعية، وتلفت اللجنة انتباه الدول الأطراف إلى التوصية المشتركة بين اليونسكو ومنظمة العمل الدولية بشأن حالة المدرسين (1966) وتوصية اليونسكو بشأن حالة العاملين في التدريس في مجال التعليم العالي (1997)، وتحث الدول الأطراف على إرسال تقارير عن التدابير التي تتخذها لضمان تمتع كل العاملين في قطاع التدريس بظروف وأوضاع تتناسب مع دورهم.

المادة 13(3) و(4): الحق في حرية التعليم

28- تتألف المادة 13(3) من عنصرين، الأول هو أن تتعهد الدول الأطراف باحترام حرية الآباء والأوصياء في تأمين تربية أولادهم دينياً وخلقياً وفقاً لقناعاتهم الخاصة.14 وترى اللجنة أن هذا العنصر في المادة 13(3) يسمح للمدارس العامة بتعليم مواضيع مثل التاريخ العام للدين والأخلاق إذا قدم بطريقة موضوعية وغير متحيزة. وباحترام حرية الرأي والضمير والتعبير. وتلاحظ أن التعليم العام الذي يحوي تعليماً لدين أو معتقد معين لا يتسق مع المادة 13(3) ما لم ينص على إعفاءات أو بدائل غير تمييزية يمكن أن تلائم رغبات الآباء والأوصياء.
29- والعنصر الثاني في المادة 13(3) هو حرية الآباء والأوصياء في اختيار مدارس أخرى غير المدارس العامة لأطفالهم، بشرط أن تلتزم هذه المدارس "بمعايير التعليم الدنيا التي قد تفرضها أو تقرها الدولة". وينبغي فهم هذا مع الحكم التكميلي، المادة 13(4) التي تؤكد "حرية الأفراد والهيئات في إنشاء وإدارة مؤسسات تعليمية" شريطة أن تتوافق هذه المؤسسات مع الأهداف التعليمية المبينة في المادة 13(1) ومع بعض المعايير الدنيا. وقد تتعلق هذه المعايير الدنيا بقضايا مثل القبول والمناهج الدراسية والاعتراف بالشهادات. ويجب أن تكون هذه المعايير بدورها متسقة مع الأهداف التعليمية المبينة في المادة 13(1).
30- وبمقتضى المادة 13(4)، فإن للجميع - بمن فيهم غير المواطنين - حرية إنشاء وإدارة المؤسسات التعليمية. وتمتد هذه الحرية كذلك إلى "الهيئات"، أي الشخصيات أو الكيانات الاعتبارية. وتشمل الحق في إنشاء وإدارة كل أنواع المؤسسات التعليمية. بما فيها دور الحضانة والجامعات ومؤسسات تعليم الكبار. ونظراً لمبادئ عدم التمييز وتحقيق تكافؤ الفرص والمشاركة الفعالة في مجتمع للجميع، فإن الدولة تلتزم بألا تؤدي الحرية المبينة في المادة 13(4) إلى تفاوتات شديدة في فرص التعليم بالنسبة لبعض فئات المجتمع.

المادة 13: مواضيع محددة ذات انطباق عام

عدم التمييز وتحقيق المساواة في المعاملة
31- لا يخضع حظر التمييز الذي كرسته المادة 2(2) من العهد لا لتنفيذ تدريجي ولا لتوافر الموارد، بل ينطبق كلية وفوراً على كل جوانب التعليم، ويشمل كل أسس التمييز المحظورة دولياً. وتفسر اللجنة المادتين 2(2) و3 على ضوء اتفاقية اليونسكو لمكافحة التمييز في التعليم، والأحكام ذات الصلة في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن الشعوب الأصلية والقبلية، 1989 (الاتفاقية رقم 159). وتود اللجنة أن تلفت الانتباه إلى القضايا التالية بصفة خاصة.
32- إن اعتماد تدابير خاصة مؤقتة من أجل الوصول إلى تحقيق مساواة فعلية بين الرجل والمرأة وللمجموعات المحرومة لا يشكل انتهاكاً للحق في عدم التمييز في مجال التعليم، كما أن هذه التدابير لا تؤدي إلى الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة للمجموعات المختلفة، بشرط ألا تستمر بعد بلوغ الأهداف التي اتخذت من أجلها.
33- وفي بعض الظروف، قد لا يعتبر أن الشبكات أو المؤسسات التعليمية المنفصلة للمجموعات المحددة بالفئات الواردة في المادة 2(2) تشكل انتهاكاً للعهد، وفي هذا الصدد تؤكد اللجنة المادة 2 من اتفاقية اليونسكو الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم (1960).15
34- وتحيط اللجنة علماً بالمادة 2 من اتفاقية حقوق الطفل والمادة (3)(هـ) من اتفاقية اليونسكو لمكافحة التمييز في مجال التعليم، وتؤكد أن مبدأ عدم التمييز يمتد إلى جميع الأشخاص في سن المدرسة المقيمين في أراضي دولة طرف، بما في ذلك غير الوطنيين، وبصرف النظر عن وضعهم القانوني.
35- ويمكن أن تشكل التفاوتات الحادة في سياسات الإنفاق، التي تؤدي إلى اختلاف نوعية التعليم بين الأشخاص المقيمين في مواقع جغرافية مختلفة، تمييزاً ينطبق عليه هذا العهد.
36- وتؤكد اللجنة الفقرة 35 من تعليقها العام رقم 5 التي تتناول قضية المعوقين في سياق حق التعليم والفقرات من 36 إلى 42 من تعليقها العام رقم 6 التي تتناول قضية المسنين في علاقتها بالمواد من 13-15 من العهد.
37- ويجب على الدول الأطراف أن تراقب التعليم عن كثب - بما في ذلك كل السياسات والمؤسسات والبرامج وأنماط الإنفاق والممارسات الأخرى ذات الصلة - حتى تحدد أي تمييز واقعي، وتتخذ التدابير لتصحيحه. وينبغي تقسيم البيانات التعليمية وفق الأسس المحظورة للتمييز.
الحرية الأكاديمية واستقلال المؤسسات16
38- على ضوء بحث تقارير كثير من الدول الأطراف توصلت اللجنة إلى أن الحق في التعليم لا يمكن التمتع به إلا إذا صحبته الحرية الأكاديمية للعاملين وللطلاب. وبالتالي، ورغم أن المسألة لم تذكر صراحة في المادة 13 فإن من المناسب والضروري أن تدلي اللجنة ببعض الملاحظات عن الحرية الأكاديمية؛ وتولي الملاحظات التالية اهتماماً خاصاً لمؤسسات التعليم العالي لأن خبرة اللجنة تبين أن العاملين والطلاب في التعليم العالي هم الذين يتعرضون بوجه خاص للضغوط السياسية وغيرها من الضغوط التي تقوض الحرية الأكاديمية. إلا أن اللجنة تود أن تركز على أن الحرية الأكاديمية من حق العاملين والطلاب في القطاع التعليمي بأسره، وأن كثيراً من الملاحظات التالية ذات انطباق عام.
39- وأفراد المجتمع الأكاديمي، سواء بصورة فردية أو جماعية، أحرار في متابعة وتطوير ونقل المعارف والأفكار عن طريق الأبحاث أو التعليم أو الدراسة أو المناقشة أو التوثيق أو الإنتاج أو الإبداع أو الكتابة. وتشمل الحرية الأكاديمية حرية الأفراد في أن يعبروا بحرية عن آرائهم في المؤسسة أو النظام الذي يعملون فيه، وفي أداء وظائفهم دون تمييز أو خوف من قمع من جانب الدولة أو أي قطاع آخر، وفي المشاركة في الهيئات الأكاديمية المهنية أو التمثيلية، وفي التمتع بكل حقوق الإنسان المعترف بها دولياً والمطبقة على الأفراد الآخرين في نفس الاختصاص. ويحمل التمتع بالحريات النقابية معه التزامات مثل واجب احترام الحرية الأكاديمية للآخرين، وضمان المناقشة السليمة للآراء المعارضة، ومعاملة الجميع دون تمييز على أيٍ من الأسس المحظورة.
40- ويتطلب التمتع بالحرية الأكاديمية استقلال مؤسسات التعليم العالي. والاستقلال هو درجة من الحكم الذاتي لازمة لكي تتخذ مؤسسات التعليم العالي القرارات بفعالية بالنسبة للعمل الأكاديمي ومعاييره وإدارته وما يرتبط بذلك من أنشطة. غير أن الحكم الذاتي ينبغي أن يكون متسقاً مع نظم القابلية للحساب، وخاصة بالنسبة للأموال التي توفرها الدولة. ونظراً للاستثمارات العامة الكبيرة في مجال التعليم العالي فلا بد من التوصل إلى توازن سليم بين استقلالية المؤسسات وقابليتها للحساب. ورغم أنه ليس هناك نموذج واحد فإن الترتيبات المؤسسية ينبغي أن تكون أمينة وعادلة ومنصفة، وتتسم بأكبر قدر ممكن من الشفافية والمشاركة.
الانضباط في المدارس17
41- ترى اللجنة أن العقاب البدني لا يتسق مع المبدأ التوجيهي الأساسي لقانون حقوق الإنسان الدولي المكرس في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكلا العهدين: كرامة الفرد.18 وقد لا تتسق جوانب أخرى من الانضباط المدرسي كذلك مع الكرامة الإنسانية، مثل الإذلال العلني. كما ينبغي ألا ينتهك أي شكل من أشكال الانضباط الحقوق الأخرى الواردة في العهد، مثل الحق في الغذاء. وتلتزم الدولة الطرف باتخاذ تدابير لضمان عدم حدوث انضباط لا يتسق مع العهد في أي مؤسسة تعليمية عامة أو خاصة في ولايتها. وترحب اللجنة بالمبادرات التي اتخذتها بعض الدول الأطراف التي تشجع المدارس بنشاط على تطبيق نهج "إيجابية" وغير عنيفة للانضباط المدرسي.
القيود على المادة 13
42- تود اللجنة أن تؤكد أن الشرط المقيد في العهد، المادة 4، يرمي بالدرجة الأولى إلى حماية حقوق الأفراد لا إلى السماح للدولة بفرض قيود. وبالتالي فإن الدولة الطرف التي تغلق جامعة أو مؤسسة تعليمية أخرى لاعتبارات مثل الأمن القومي أو المحافظة على النظام عليهـا عبء تبرير مثل هذا التدبير الخطر لأي من العناصر المبينة في المادة 4.

2- التزامات الدول الأطراف وانتهاكاتها

الالتزامات القانونية العامة
43- في حين أن العهد ينص على الإعمال التدريجي ويعترف بقيود الموارد المتاحة، فإنه يفرض كذلك على الدول الأطراف التزامات مختلفة ذات سريان مباشر،19 فالدول الأطراف تتحمل التزامات عاجلة في الحق في التعليم مثل "ضمان" جعل ممارسة هذا الحق بريئة من أي تمييز (المادة 2(2)) والالتزام بأن "تتخذ ... خطوات" (المادة 2(1)) نحو التنفيذ الكامل للمادة 13.20 وهذه الخطوات يجب أن تكون "متبصرة وملموسة وموجهة" نحو التنفيذ الكامل لحق التعليم.
44- وينبغي ألا يفسر إعمال الحق في التعليم مع مرور الوقت، أي "بالتدريج"، على أنه يفرغ التزامات الدول الأطراف من أي مضمون جاد، فالإعمال التدريجي يعني أن على الدول الأطراف التزاماً محدداً ومستمراً "بالتحرك بسرعة وفعالية بقدر الإمكان" نحو التنفيذ الكامل للمادة 13.21
45- وهناك افتراض قوي بعدم السماح بأي تدابير تراجعية بالنسبة للحق في التعليم، فضلاً عن الحقوق الأخرى التي يحددها العهد، فإذا اتخذت أي تدابير تراجعية عمدية تحملت الدولة الطرف عبء إثبات أنها أدخلت بعد دراسة دقيقة للغاية لكل البدائل، وأنها مبررة تماماً بالرجوع إلى مجموع الحقوق المنصوص عليها في العهد، وفي سياق الاستخدام الكامل لأقصى الموارد المتاحة للدولة الطرف.22
46- والحق في التعليم، ككل حقوق الإنسان، يفرض ثلاثة أنواع أو مستويات من الالتزامات على الدول الأطراف: التزامات الاحترام والحماية والأداء. وبدوره يجسد الالتزام بالأداء التزاماً بالتسهيل والتزاماً بالتوفير.
47- ويتطلب الالتزام بالاحترام من الدول الأطراف أن تتحاشى التدابير التي تعرقل أو تمنع التمتع بالحق في التعليم. ويتطلب الالتزام بالحماية من الدول الأطراف أن تتخذ تدابير لمنع الغير من التدخل في التمتع بالحق في التعليم. ويتطلب الالتزام بالأداء (بالتسهيل) من الدول أن تتخذ تدابير إيجابية تمكِّن الأفراد والجماعات وتساعدها على التمتع بالحق في التعليم. وأخيراً تلتزم الدول الأطراف بأن تؤدي (توفر) الحق في التعليم. وكقاعدة عامة تلتزم الدول الأطراف بأن تؤدي (توفر) حقاً محدداً في العهد حين يكون فرد أو مجموعة عاجزاً لأسباب تخرج عن إرادته عن تنفيذ الحق بنفسه بالوسائل المتاحة له. غير أن مدى هذا الالتزام خاضع لنص العهد.
48- وفي هذا الصدد هناك سمتان من سمات المادة 13 تتطلبان التأكيد، فأولاً من الواضح أن المادة 13 تعتبر أن الدول هي التي تتحمل المسؤولية الرئيسية عن التقديم المباشر للتعليم في معظم الظروف؛ وعلى سبيل المثال تقر الدول الأطراف بضرورة "إنشاء شبكة مدرسية على جميع المستويات" (المادة 13(2)(ه‍ـ))، وثانياً بالنظر إلى اختلاف صياغة المادة 13(2) في الحديث عن التعليم الابتدائي والثانوي والعالي والتربية الأساسية فإن مقاييس التزام الدولة الطرف بأداء (توفير) التعليم ليس واحداً في كل مستويات التعليم. وبالتالي وعلى ضوء نص العهد تلتزم الدول الأطراف التزاماً قوياً بأداء (توفير) الحق في التعليم، لكن مدى هذا الالتزام ليس موحداً بين كل مستويات التعليم. وتلاحظ اللجنة أن هذا التفسير للالتزام بالأداء (التوفير) في المادة 13 يتوافق مع القوانين والممارسات في كثير من الدول الأطراف.
التزامات قانونية محددة
49- تلتزم الدول الأطراف بضمان توجيه المناهج الدراسية على كل مستويات النظام التعليمي نحو الأهداف المحددة في المادة 13(1).23 كما أنها ملزمة بإنشاء وصيانة نظام شفاف وفعال يراقب ما إذا كان التعليم أو لم يكن في الواقع موجهاً نحو الأهداف التعليمية المبينة في المادة 13(1).
50- وبالنسبة للمادة 13(2)، فإن الدول ملزمة باحترام وتنفيذ كل من "السمات الأساسية" للحق في التعليم (إتاحته، وسهولة الحصول عليه، وتقبله، وقابليته للتكيف). وعلى سبيل الإيضاح، لا بد للدولة أن تحترم مبدأ إتاحة التعليم بعدم إغلاق المدارس الخاصة، وأن تحترم مبدأ سهولة الحصول على التعليم بضمان ألا يقوم الغير، بمن فيهم الآباء وأصحاب العمل، بمنع البنات من الذهاب إلى المدارس، وتنفذ (تسهل) تقبل التعليم باتخاذ تدابير إيجابية لضمان ملاءمة التعليم ثقافياً للأقليات والشعوب الأصلية، وجودته بالنسبة للجميع، وتنفذ (توفر) قابلية التعليم للتكيف بتصميم مناهج دراسية تعكس الاحتياجات المعاصرة للطلاب في عالم متغير، وتنفذ (توفر) إتاحة التعليم بالتطوير النشط للشبكة المدرسية، بما في ذلك بناء المدارس، وتقديم البرامج، وتوفير المواد التعليمية، وتدريب المدرسين، ودفع رواتب تنافسية لهم.
51- وكما سبقت الإشارة، فإن التزامات الدول الأطراف بالنسبة للتعليم الابتدائي والثانوي والعالي والتربية الأساسية ليست متطابقة. وعلى ضوء صياغة المادة 13(2) تلتزم الدول الأطراف بإعطاء الأولوية لإدخال التعليم الابتدائي الإلزامي المجاني.24 وتعزز من هذا التفسير للمادة 13(2) الأولوية المعطاة للتعليم الابتدائي في المادة 14. فالالتزام بتقديم التعليم الابتدائي للجميع واجب مباشر على كل الدول الأطراف.
52- وبالنسبة للمادة 13(2) من (ب) إلى (د)، تلتزم الدولة الطرف التزاماً مباشراً "باتخاذ خطوات" (المادة 2(1)) نحو توفير التعليم الثانوي والعالي والتربية الأساسية لكل من يدخلون في ولايتها. وكحد أدنى تلتزم الدولة الطرف باعتماد وتنفيذ استراتيجية تعليم وطنية تتضمن توفير التعليم الثانوي والعالي والتربية الأساسية وفقاً للعهد. وينبغي أن تتضمن هذه الاستراتيجية آليات يمكن بها مراقبة التقدم عن كثب مثل مؤشرات ومقاييس الحق في التعليم.
53- وتلتزم الدول الأطراف بمقتضى المادة 13(2)(هـ) بضمان وجود نظام منح تعليمية لمساعدة المجموعات المتضررة.25 ويعزز الالتزام "بالعمل بنشاط على إنشاء شبكة مدرسية على جميع المستويات" الالتزام الرئيسي بأن تكفل الدول الأطراف التنفيذ المباشر للحق في التعليم في معظم الظروف.26
54- وتلتزم الدول الأطراف بوضع "معايير تعليمية دنيا" يطلب من كل المؤسسات التعليمية المقامة وفقاً للمادة 13(3) و(4) التوافق معها. كما أن عليها أن تحافظ على نظام شفاف وفعال لمراقبة هذه المعايير. وليست الدولة الطرف ملزمة بتمويل المؤسسات المقامة وفقاً للمادة 13(3) و(4)، غير أنه إذا اختارت دولة ما تقديم إسهام مالي للمؤسسات التعليمية الخاصة فينبغي أن تفعل ذلك دون تمييز قائم على أي أساس من الأسس المحظورة.
55- وتلتزم الدول الأطراف بضمان ألا تكون الجماعات المحلية أو الأسر معتمدة على عمل الأطفال، وتؤكد اللجنة بوجه خاص أهمية التعليم في القضاء على عمل الأطفال، والالتزامات المبينة في المادة 7(2) من اتفاقية حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال (الاتفاقية 182)، 1999.27 وبالإضافة إلى ذلك تلتزم الدول الأطراف، على ضوء المادة 2(2) بإزالة مسألة ***** وغيرها من أشكال القولبة التي تعوق نفاذ الفتيات والنساء والمجموعات المتضررة الأخرى إلى التعليم.
56- وقد لفتت اللجنة، في تعليقها العام رقم 3، الانتباه إلى التزام كل الدول الأطراف باتخاذ خطوات "بمفردها وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني" من أجل التنفيذ الكامل للحقوق المعترف بها في العهد مثل الحق في التعليم.28 وتعزز المادتان 2(1) و23 من العهد والمادة 56 من ميثاق الأمم المتحدة والمادة 10 من الإعلان العالمي للتعليم للجميع والجزء الأول، الفقرة 34 من إعلان وبرنامج عمل فيينا، تعزز جميعاً التزام الدول الأطراف بالنسبة لتقديم المساعدة والتعاون الدوليين من أجل التنفيذ الكامل للحق في التعليم. وفيما يتعلق بالمفاوضة والتصديق على هذه الصكوك ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ خطوات لضمان ألا تؤثر هذه الصكوك تأثيراً سلبياً على الحق في التعليم. وبالمثل تلتزم الدول الأطراف بضمان أن تراعي أعمالها كأعضاء في المنظمات الدولية، بما فيها المؤسسات المالية الدولية، الحق في التعليم المراعاة الواجبة.
57- وقد أكدت اللجنة في تعليقها العام رقم 3 أن على الدول الأطراف "التزاماً أساسياً أدنى بضمان الوفاء، على الأقل، بالمستويات الأساسية الدنيا" بالحقوق المبينة في العهد، بما فيها "أكثر أشكال التعليم أساسية". وفي سياق المادة 13 يشمل هذا الالتزام الأساسي التزاماً: بضمان حق الوصول إلى المؤسسات والبرامج التعليمية العامة على أساس غير تمييزي، وضمان توافق التعليم مع الأهداف الموضحة في المادة 13(1)، وتوفير التعليم الابتدائي للجميع وفقاً للمادة 13(2)(أ)، واعتماد وتنفيذ استراتيجية تنمية تشمل تقديم التعليم الثانوي والعالي والتربية الأساسية؛ وتكفل حرية اختيار التعليم دون تدخل من الدولة أو من الغير، شريطة التوافق مع "معايير تعليمية دنيا" (المادة 13(3) و(4)).
الانتهاكات
58- حين يطبق المحتوى المعياري للمادة 13 (الجزء الأول) على الالتزامات المحددة للدول الأطراف (الجزء الثاني)، تنشأ عملية دينامية تسهل تحديد انتهاكات الحق في التعليم. ويمكن أن تحدث الانتهاكات للمادة 13 عن طريق العمل المباشر من جانب الدول الأطراف (الارتكاب) أو عن طريق عدم اتخاذ الخطوات التي يفرضها العهد (الإغفال).
59- وعلى سبيل الإيضاح، تشمل الانتهاكات للمادة 13: سنّ أو عدم إلغاء تشريع يميز ضد الأفراد أو المجموعات في مجال التعليم على أي أساس من الأسس المحظورة، وعدم اتخاذ تدابير لتصحيح التمييز التعليمي الفعلي، واستخدام مناهج دراسية لا تتسق مع الأهداف التعليمية المبينة في المادة 13(1)؛ وعدم إقامة نظام شفاف وفعال لمراقبة التوافق مع المادة 13(1)، وعدم توفير تعليم ابتدائي إلزامي ومجاني للجميع كمسألة لها الأولوية، وعدم اتخاذ تدابير "متبصرة وملموسة وموجهة" نحو التنفيذ التدريجي للتعليم الثانوي والعالي والتربية الأساسية وفقاً للمادة 13(2)(ب) و(ج)، منع المؤسسات التعليمية الخاصة، وعدم ضمان قيام مؤسسات تعليمية خاصة تتفق مع "المعايير التعليمية الدنيا" وفقاً للمادة 13(3) و(4)، وإنكار الحرية الأكاديمية للعاملين والطلاب، إغلاق المؤسسات التعليمية في أوقات التوتر السياسي خلافاً للمادة 4.

3- التزامات الفاعلين الآخرين غير الدول الأطراف

60- على ضوء المادة 22 من العهد، فإن لدور وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك الدور الذي تؤديه على المستوى القطري في إطار المساعدة الإنمائية التي تقدمها الأمم المتحدة، أهمية خاصة في تنفيذ المادة 13. وينبغي القيام بجهود منسقة من أجل إعمال الحق في التعليم لتحسين التلاحم والتفاعل بين كل العاملين المعنيين، ومن بينهم مختلف مكونات المجتمع المدني واليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسيف ومنظمة العمل الدولية والبنك الدولي، ومصارف التنمية الإقليمية وصندوق النقد الدولي وغيرها من الهيئات ذات الصلة في منظومة الأمم المتحدة أن تعزز تعاونها من أجل إعمال الحق في التعليم على المستوى الوطني، مع مراعاة ولاياتها المحددة، واستناداً إلى خبرة كل منها. وبوجه خاص، ينبغي للمؤسسات المالية الدولية، ولا سيما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أن تولي اهتماماً خاصاً لحماية الحق في التعليم في سياساتها الإقراضية واتفاقات الائتمان وبرامج وتدابير التكييف الهيكلي المتخذة استجابة لأزمة الدين.29 وستنظر اللجنة عند بحث تقارير الدول الأطراف في آثار المساعدة التي يقدمها كل الفاعلين الآخرين غير الدول الأطراف على قدرة الدول على الوفاء بالتزاماتها بمقتضى المادة 13. ومن شأن اعتماد وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وبرامجها وهيئاتها لنهج يستند إلى إعمال حقوق الإنسان أن ييسّر كثيراً الحق في التعليم.
_______________________
Spoiler:

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655034

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1384c10


الأوسمة
 :


التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية   التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية I_icon_minitime27/8/2011, 14:38

خيارات المساهمة


اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة الثانية والعشرون (2000)

التعليق العام رقم 14
الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه (المادة 12)

1- الصحة حق أساسي من حقوق الإنسان لا غنى عنه من أجل التمتع بحقوق الإنسان الأخرى. ويحق لكل إنسان أن يتمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه ويفضي إلى العيش بكرامة. ويمكن السعي إلى إعمال الحق في الصحة عن طريق نهج عديدة ومتكاملة مثل وضع سياسات صحية، أو تنفيذ برامج الصحة التي تضعها منظمة الصحة العالمية، أو اعتماد صكوك قانونية محددة. وعلاوة على ذلك، يشمل الحق في الصحة بعض المكونات التي يمكن تطبيقها قانونياً.1
2- وحق الإنسان في الصحة مسلم به في العديد من الصكوك الدولية. فالفقرة 1 من المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تؤكد أن: "لكل شخص الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة له ولأسرته، ويشمل المأكل والملبس والمسكن والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية". وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أشمل مادة تتعلق بالحق في الصحة في القانون الدولي لحقوق الإنسان. ووفقاً للمادة 12(1) من العهد، تقر الدول الأطراف "بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه"، في حين تسرد المادة 12(2)، على سبيل التمثيل، عدداً من "التدابير التي يتعين على الدول الأطراف ... اتخاذها لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق". وبالإضافة إلى ذلك، فالحق في الصحة معترف به، في المادة 5(ه‍ـ)(4) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965، وفي المادتين 11-1(و) و12 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، وفي المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، وذلك في جملة مصادر أخرى. كما يعترف بالحق في الصحة في عدد من صكوك حقوق الإنسان الإقليمية، مثل الميثاق الاجتماعي الأوروبي لعام 1961 بصيغته المنقحة (المادة 11)، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981 (المادة 16)، والبروتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1988 (المادة 10). وبالمثل، أعلن عن الحق في الصحة من جانب لجنة حقوق الإنسان،2 وكذلك في إعلان وبرنامج عمل فيينا لعام 1993، وفي صكوك دولية أخرى.3
3- ويرتبط الحق في الصحة ارتباطاً وثيقاً بإعمال حقوق الإنسان الأخرى ويعتمد على ذلك، مثلما يرد في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها الحق في المأكل، والمسكن، والعمل، والتعليم، والكرامة الإنسانية، والحياة، وعدم التمييز، والمساواة، وحظر التعذيب، والخصوصية، والوصول إلى المعلومات، وحرية تكوين الجمعيات، والتجمع، والتنقل. فهذه الحقوق والحريات وغيرها تتصدى لمكونات لا تتجزأ من الحق في الصحة.
4- وعند صياغة المادة 12 من العهد، لم تعتمد اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة تعريف الصحة الوارد في ديباجة دستور منظمة الصحة العالمية، الذي ينظر إلى مفهوم الصحة على أنه "حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرد انعدام المرض أو العجز". غير أن الإشارة الواردة في المادة 12(1) من العهد إلى "أعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه" لا تقتصر على الحق في الرعاية الصحية. وعلى العكس من ذلك، فإن تاريخ صياغة المادة 12(2) وألفاظها الدقيقة يقران بأن الحق في الصحة يشمل طائفة عريضة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تهيئ الظروف التي تسمح للناس بأن يعيشوا حياة صحية، كما تشمل المقومات الأساسية للصحة مثل الغذاء والتغذية، والمسكن، والحصول على مياه الشرب المأمونة والإصحاح الوافي، والعمل في ظروف آمنة وصحية، وبيئة صحية.
5- وتدرك اللجنة أن التمتع الكامل بالحق في الصحة لا يزال هدفاً بعيد المنال لملايين الناس في جميع أنحاء العالم. وعلاوة على ذلك، وفي حالات عديدة، يزداد هذا الهدف ابتعاداً، خاصة لأولئك الذين يعيشون في حالة من الفقر. وتقر اللجنة بالعوائق الهيكلية الهائلة وغيرها من العوائق الناجمة عن عوامل دولية وعوامل أخرى لا قبل للدول بالسيطرة عليها وتحول دون الإعمال التام للمادة 12 في العديد من الدول الأطراف.
6- وبغية المساهمة في تنفيذ الدول الأطراف للعهد والوفاء بالتزاماتها المتعلقة بتقديم التقارير، يركز هذا التعليق العام على المضمون المعياري للمادة 12 (الجزء الأول)، والتزامات الدول الأطراف (الجزء الثاني)، والانتهاكات (الجزء الثالث)، والتنفيذ على الصعيد الوطني (الجزء الرابع)، بينما يتناول الجزء الخامس التزامات الجهات الفاعلة بخلاف الدول الأطراف. وقد أعد هذا التعليق العام في ضوء الخبرة التي اكتسبتها اللجنة من دراستها لتقارير الدول الأطراف على مدى سنوات عديدة.

1- المضمون المعياري للمادة 12

7- تنص الفقرة 1 من المادة 12 على تعريف للحق في الصحة، بينما ترد في الفقرة 2 من المادة 12 أمثلة توضيحية غير شاملة لالتزامات الدول الأطراف.
8- ولا ينبغي فهم الحق في الصحة على أنه الحق في التمتع بصحة جيدة فقط. فالحق في الصحة يشمل حريات وحقوقاً على حد سواء، أما الحريات فتتضمن حق الإنسان في التحكم في صحته وجسده، بما في ذلك حريته الجنسية والإنجابية، والحق في أن يكون في مأمن من التدخل، مثل الحق في أن يكون في مأمن من التعذيب، ومن معالجته طبياً أو إجراء تجارب طبية عليه بدون رضاه. وأما الحقوق فتشمل الحق في الاستفادة من نظام للحماية الصحية يتيح التكافؤ في الفرص أمام الناس للتمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه.
9- ويراعي مفهوم "أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه" الوارد في المادة 12(1) كلاً من الشروط الأساسية البيولوجية والاجتماعية الاقتصادية للفرد والموارد المتاحة للدولة. وثمة عدد من الجوانب التي لا يمكن التصدي لها في إطار العلاقة بين الدول والأفراد فحسب؛ وعلى وجه الخصوص، فالدولة لا تستطيع أن تكفل الصحة الجيدة، كما لا تستطيع الدول أن توفر الوقاية من كل سبب يمكن أن يؤدي إلى اعتلال صحة الإنسان. وهكذا فإن العوامل الوراثية، وقابلية الفرد للتعرض لاعتلال صحته، وانتهاجه لأساليب حياة غير صحية أو خطرة، قد يكون لها دور هام فيما يتعلق بصحة الفرد. وبالتالي، يجب أن يُفهم الحق في الصحة على أنه الحق في التمتع بمجموعة متنوعة من المرافق والسلع، والخدمات، والظروف الضرورية لبلوغ أعلى مستوى ممكن من الصحة.
10- ومنذ اعتماد العهدين الدوليين في عام 1966، تغيرت حالة الصحة في العالم تغيراً جذرياً، وتعرض مفهوم الصحة لتغيرات جوهرية واتسع نطاقه فأدخل في الاعتبار مزيد من مقومات الصحة، مثل توزيع الموارد والفوارق بين الجنسين. كما أن التعريف الأوسع نطاقاً للصحة أصبح يراعي شواغل تتعلق بالحياة الاجتماعية مثل العنف والنزاع المسلح.4 وعلاوة على ذلك، ازداد انتشار أمراض لم تكن معروفة سابقاً مثل فيروس نقص المناعة البشرية ومتلازمة نقص المناعة المكتسب، وغيرهما من الأمراض مثل السرطان، فضلاً عن النمو السريع في عدد سكان العالم، الأمر الذي أوجد عوائق جديدة أمام إعمال الحق في الصحة وهي عوائق ينبغي مراعاتهـا عنـد تفسير المادة 12.
11- وتفسر اللجنة الحق في الصحة، وفقاً للتعريف الوارد في المادة 12(1)، على أنه حق شامل لا يقتصر على تقديم الرعاية الصحية المناسبة وفي حينها فحسب، بل يشمل أيضاً المقومات الأساسية للصحة مثل الحصول على مياه الشرب المأمونة والإصحاح المناسب، والإمداد الكافي بالغذاء الآمن والتغذية والمسكن، وظروف صحية للعمل والبيئة، والحصول على التوعية والمعلومات فيما يتصل بالصحة، بما في ذلك ما يتصل منها بالصحة الجنسية والإنجابية. ويتمثل جانب هام آخر في مشاركة السكان في كامل عملية اتخاذ القرارات المرتبطة بالصحة على الصعد المجتمعية والوطنية والدولية.
12- ويشمل الحق في الصحة، بجميع أشكاله وعلى جميع المستويات، العناصر المترابطة والأساسية التالية التي يتوقف تطبيقها الدقيق على الظروف السائدة في دولة طرف محددة:
(أ) التوافر: يجب أن توفر الدولة الطرف القدر الكافي من المرافق العاملة المعنية بالصحة العامة والرعاية الصحية وكذلك من السلع والخدمات والبرامج. ويختلف الطابع المحدد للمرافق والسلع والخدمات وفقاً لعوامل عديدة، من بينها المستوى الإنمائي للدولة الطرف وإن كانت تتضمن المقومات الأساسية للصحة مثل مياه الشرب المأمونة ومرافق الإصحاح الكافية، والمستشفيات، والعيادات، وغيرها من المباني المرتبطة بالصحة، والموظفين الطبيين والمهنيين المدربين الذين يحصلون على مرتبات تنافسية محلياً، والعقاقير الأساسية وفقاً لتعريفها في برنامج العمل المعني بالعقاقير الأساسية الذي وضعته منظمة الصحة العالمية.5
(ب) إمكانية الوصول: ينبغي أن يتمتع الجميع، بدون تمييز، بإمكانية الاستفادة من المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة،6 داخل نطاق الولاية القضائية للدولة الطرف. وتتسم إمكانية الوصول بأربعة أبعاد متداخلة هي:
عدم التمييز: يجب أن يتمتع الجميع بإمكانية الاستفادة من المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة، ولا سيما أكثر الفئات ضعفاً أو تهميشاً بين السكان بحكم القانون وبحكم الواقع، دون أي تمييز على أساس أي سبب عن الأسباب المحظورة.7
إمكانية الوصول المادي: ينبغي أن تكون المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة في المتناول المادي والآمن لجميع فئات السكان، خاصة الفئات الضعيفة أو المهمشة، مثل الأقليات الإثنية والشعوب الأصلية، والنساء، والأطفال، والمراهقين، وكبار السن، والمعوقين والأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. كما أن إمكانية الوصول تعني ضمنياً أن تكون الخدمات الطبية والمقومات الأساسية للصحة، مثل مياه الشرب المأمونة ومرافق الإصحاح الكافية، في المتناول المادي والآمن للسكان بما في ذلك سكان المناطق الريفية. كذلك تشمل إمكانية الوصول تمكين المعوقين من الوصول إلى المباني.
الإمكانية الاقتصادية للحصول عليها (القدرة على تحمل نفقاتها): يجب أن يتمكن الجميع من تحمل نفقات المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة. وينبغي سداد قيمة خدمات الرعاية الصحية، والخدمات المرتبطة بالمقومات الأساسية للصحة، بناء على مبدأ الإنصاف، الذي يكفل القدرة للجميع، بما فيهم الفئات المحرومة اجتماعياً، على دفع تكلفة هذه الخدمات سواء أكانت مقدمة من القطاع الخاص أو من القطاع العام. ويقتضي الإنصاف عدم تحميل الأسر الفقيرة عبء مصروفات صحية لا يتناسب معها مقارنة بالأسر الأغنى منها.
إمكانية الوصول إلى المعلومات: تشمل هذه الإمكانية الحق في التماس المعلومات والأفكار8 المتعلقة بالمسائل الصحية والحصول عليها ونقلها. غير أنه لا ينبغي لإمكانية الوصول إلى المعلومات أن تؤثر على الحق في معاملة البيانات الصحية الشخصية بسرية.
(ج) المقبولية: إن جميع المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة ينبغي أن تراعي الأخلاق الطبية وأن تكون مناسبة ثقافياً، أي أن تحترم ثقافة الأفراد، والأقليات، والشعوب، والمجتمعات، وأن تراعي متطلبات الجنسين ودورة الحياة، فضلاً عن تصميمها بشكل يحترم السرية ويرفع مستوى الحالة الصحية للأشخاص المعنيين.
(د) الجودة: بالإضافة إلى ضرورة أن تكون المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة مقبولة ثقافياً، ينبغي أن تكون مناسبة علمياً وطبياً وذات نوعية جيدة. ويتطلب ذلك، في جملة أمور، موظفين طبيين ماهرين، وعقاقير ومعدات للمستشفيات معتمدة علمياً ولم تنته مدة صلاحيتها، ومياه شرب مأمونة، وإصحاحاً مناسباً.
13- وتقدم القائمة غير الشاملة للأمثلة الواردة في المادة 12(2) توجيهاً لتحديد الإجراءات التي يتعين على الدول اتخاذها. وتقدم أمثلة عامة محددة عن التدابير الناجمة عن التعريف الواسع النطاق للحق في الصحة الوارد في المادة 12(1)، مبيِّنة بذلك مضمون ذلك الحق كما يتمثل في الفقرات التالية.

المادة 12-2(أ) الحق في الصحة فيما يتعلق بالأم والطفل والصحة الإنجابية

14- يمكن أن يفهم "العمل على خفض معدل وفيات المواليد ومعدل وفيات الرضع وتأمين نمو الطفل نمواً صحياً" (المادة 12-2(أ))،10 على أنه يتطلب تدابير من أجل تحسين صحة الطفل والأم، والخدمات الصحية الجنسية والإنجابية، بما في ذلك إمكانية الوصول إلى خدمات تنظيم الأسرة، والرعاية قبل الولادة وبعدها،11 وخدمات التوليد في حالات الطوارئ، والوصول إلى المعلومات، فضلاً عن الموارد اللازمة من أجل العمل استنادا إلى تلك المعلومات.12

المادة 12-2(ب) الحق في التمتع ببيئة صحية في الطبيعة ومكان العمل

15- يشمل "تحسين جميع جوانب الصحة البيئية والصناعية" (المادة 12-2(ب))، في جملة أمور، التدابير الوقائية فيما يتعلق بالحوادث والأمراض المهنية؛ وضرورة كفالة إمدادات كافية من مياه الشرب المأمونة والإصحاح الأساسي؛ ووقاية السكان والحد من تعرضهم للمواد الضارة مثل الأشعة والمواد الكيميائية الضارة أو غير ذلك من الظروف البيئية المؤذية التي تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على صحة الإنسان.13 وعلاوة على ذلك، فإن الصحة الصناعية تعني تقليل أسباب المخاطر الصحية الملازمة لبيئة العمل إلى الحد الأدنى، بقدر الإمكان عملياً.14

المادة 12-2(ج) الحق في الوقاية من الأمراض وعلاجها ومكافحتها

16- تتطلب "الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها" (المادة 12-2(ج)) وضع برامج وقائية وتثقيفية فيما يتعلق بالشواغل الصحية المرتبطة بالسلوك مثل الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، ولا سيما فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، والشواغل التي تؤثر سلبيا على الصحة الجنسية والإنجابية، وتعزيز المقومات الاجتماعية للصحة الجيدة مثل السلامة البيئية، والتعليم، والتنمية الاقتصادية، والمساواة بين الجنسين. ويشمل الحق في العلاج إنشاء نظام للرعاية الطبية العاجلة في حالات الحوادث، والأوبئة، والمخاطر الصحية المماثلة، وتقديم الإغاثة في حالات الكوارث والمساعدة الإنسانية في حالات الطوارئ. وتشير مكافحة الأمراض إلى الجهود التي تبذلها الدول بصورة فردية أو مشتركة من أجل جملة أمور، من بينها إتاحة التكنولوجيات ذات الصلة باستخدام وتحسين نظم مراقبة الأوبئة وجمع البيانات على أساس مفصَّل، وتنفيذ أو تعزيز برامج التحصين وغيرها من استراتيجيات مكافحة الأمراض المعدية.

المادة 12-2(د) - الحق في الاستفادة من المرافق الصحية والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة15

17- تشمل "تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض" (المادة 12-2(د)) الجسدي والعقلي على حد سواء، توفير إمكانية الوصول على قدم المساواة وفي الوقت المناسب إلى الخدمات الصحية الأساسية الوقائية والعلاجية والتأهيلية، والتثقيف الصحي؛ وبرامج الفحص المنتظم؛ والعلاج الملائم للأمراض السائدة، والإصابات، وحالات العوق، ويفضل أن يكون ذلك عل الصعيد المجتمعي؛ وتوفير العقاقير الأساسية؛ والعلاج والرعاية المناسبة للصحة العقلية. ويتمثل أحد الجوانب الهامة الأخرى في تحسين وتعزيز مشاركة السكان في تقديم الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية، مثل تنظيم قطاع الصحة، ونظام التأمين، وخاصة المشاركة في القرارات السياسية المرتبطة بالحق في الصحة والمتخذة على كل من الصعيدين المجتمعي والوطني.

المادة 12 - مواضيع محددة ذات انطباق عام

عدم التمييز والمساواة في المعاملة
18- يحظر العهد، بموجب المادة 2-2 والمادة 3، أي تمييز في الحصول على الرعاية الصحية والمقومات الأساسية للصحة، وفي الوصول إلى وسائل وحقوق الحصول عليها، بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو العجز البدني أو العقلي، أو الحالة الصحية (بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، أو الميول الجنسية، أو المركز المدني أو السياسي أو الاجتماعي أو مركز آخر يرمي إلى انتقاص أو إبطال الحق في الصحة أو ممارسته على قدم المساواة، أو قد يترتب عليه ذلك الأثر. وتؤكد اللجنة إمكانية اتخاذ العديد من التدابير، مثل معظم الاستراتيجيات والبرامج الرامية إلى القضاء على التمييز المرتبط بالصحة، بقدر ضئيل من الآثار المترتبة على الموارد عن طريق اعتماد أو تعديل أو إلغاء التشريعات، أو نشر المعلومات. وتذكر اللجنة بالفقرة 12 من التعليق العام رقم 3، التي تؤكد أنه حتى في الأوقات التي تشح فيها الموارد، يجب حماية أفراد المجتمع المعرضين للمخاطر باعتماد برامج هادفة منخفضة التكلفة.
19- وفيما يتعلق بالحق في الصحة، يجب التركيز على تكافؤ فرص الحصول على الرعاية الصحية والخدمات الصحية. وتلتزم الدول التزاماً خاصاً بتوفير ما يلزم من التأمين الصحي ومرافق الرعاية الصحية للأفراد الذين يفتقرون إلى الموارد الكافية، وبمنع أي تمييز يستند إلى الأسباب المحظورة دولياً في توفير الرعاية الصحية والخدمات الصحية، خاصة فيما يتعلق بالالتزامات الرئيسية في إطار الحق في الصحة.16 فالتوزيع غير المتكافئ للموارد الصحية يمكن أن يؤدي إلى تمييز قد لا يكون سافراًً. وعلى سبيل المثال، لا ينبغي للاستثمارات أن تقدم دعماً غير متكافئ للخدمات الصحية العلاجية الباهظة الثمن التي غالباً ما لا يستطيع الوصول إليها إلا شريحة صغيرة وثرية من السكان، بدلاً من دعم الرعاية الصحية الأولية والوقائية التي يستفيد منها الشريحة السكانية الأكبر بكثير.
المنظور الجنساني
20- توصي اللجنة بأن تدمج الدول منظوراً جنسانياً في سياساتها وخططها وبرامجها وبحوثها المرتبطة بالصحة بغية العمل على تحسين صحة الرجال والنساء على السواء. ويعترف النهج القائم على أساس ***** بأن للعوامل البيولوجية والاجتماعية - الثقافية دوراً هاماً في التأثير على صحة الرجال والنساء. ومن الضروري تفصيل البيانات الصحية والاجتماعية - الاقتصادية حسب نوع ***** لتحديد أوجه التفاوت في الصحة والعمل على معالجتها.
المرأة والحق في الصحة
21- يتطلب القضاء على التمييز ضد المرأة، وضع وتنفيذ استراتيجية وطنية شاملة لتعزيز حق المرأة في الصحة طوال فترة حياتها. وينبغي أن تشمل هذه الاستراتيجية تدخلات ترمي إلى وقاية المرأة ومعالجتها من الأمراض التي تصيبها، فضلاً عن سياسات من أجل إتاحة إمكانية الحصول على طائفة كاملة من خدمات الرعاية الصحية الراقية التي تتحمل المرأة تكاليفها، بما فيها الخدمات الصحية الجنسية والإنجابية. وينبغي أن يكون ضمن الأهداف الرئيسية تقليل المخاطر الصحية التي تواجهها المرأة، ولا سيما تخفيض معدلات وفيات الأمومة وحماية المرأة من العنف المنزلي. ويتطلب إعمال حق المرأة في الصحة إزالة جميع الحواجز التي تعترض سبيلها للوصول إلى الخدمات والتعليم والمعلومات في مجال الصحة، بما في ذلك في مجال الصحة الجنسية والإنجابية. ومن الضروري أيضاً اتخاذ إجراءات وقائية، وتشجيعية، وعلاجية من أجل حماية المرأة من آثار الممارسات والقواعد الثقافية المتوارثة الضارة التي تحرمها من حقوقها الإنجابية.
الأطفال والمراهقون
22- تبيّن المادة 12-2(أ) الحاجة إلى اتخاذ تدابير من أجل تخفيض معدل وفيات الرضع وتعزيز نمو الرضع والأطفال نمواً صحياً. وتعترف صكوك حقوق الإنسان الدولية اللاحقة بحق الأطفال والمراهقين في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وبالوصول إلى مرافق علاج الأمراض.17 كما أن اتفاقية حقوق الطفل توجه الدول نحو العمل على ضمان حصول الطفل وأسرته على الخدمات الصحية الأساسية، بما فيها الرعاية المناسبة للأمهات قبل الولادة وبعدها. وتربط الاتفاقية بين هذه الأهداف وكفالة الحصول على معلومات ملائمة للأطفال بشأن السلوك الوقائي والمعزز للصحة، وتقديم الدعم إلى الأسر والمجتمعات من أجل تنفيذ هذه الممارسات. ويتطلب تنفيذ مبدأ عدم التمييز أن تتمتع الفتيات، وكذلك الأولاد، بالمساواة في الوصول إلى التغذية المناسبة، والبيئة الآمنة، والخدمات الصحية البدنية والعقلية. وثمة حاجة لاعتماد تدابير فعالة ومناسبة من أجل إلغاء الممارسات المتوارثة الضارة التي تؤثر على صحة الأطفال، ولا سيما الفتيات، بما في ذلك الزواج المبكر، وتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى، وتفضيل الأطفال الذكور في التغذية والرعاية،18 كما ينبغي منح الأطفال المعوقين فرصة التمتع بحياة كاملة وكريمة، وبالاندماج في مجتمعاتهم.
23- وعلى الدول الأطراف أن توفر بيئة آمنة وداعمة للمراهقين تكفل لهم فرصة المشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على صحتهم، وتعلمهم المهارات الحياتية، واكتساب المعلومات الملائمة، والحصول على المشورة، والتحدث عن الخيارات التي يتخذونها بشأن سلوكهم الصحي. ويتوقف إعمال حق المراهقين في الصحة على تطوير رعاية صحية ملائمة للشباب تحترم السرية والخصوصية، وتشمل الخدمات الصحية الجنسية والإنجابية الملائمة.
24- وفي جميع السياسات والبرامج الرامية إلى ضمان حق الأطفال والمراهقين في الصحة، يتعين إيلاء الاعتبار الأساسي لمصالحهم المباشرة.
كبار السن
25- وفيما يتعلق بإعمال حق كبار السن في الصحة، تعيد اللجنة التأكيد، وفقاً للفقرتين 34 و35 من التعليق العام رقم 6 (1995)، على أهمية اتباع نهج متكامل، يجمع بين عناصر العلاج الصحي الوقائي، والعلاجي، والتأهيلي. وينبغي أن تقوم هذه التدابير على أساس فحوصات طبية دورية للجنسين؛ وتدابير تأهيل جسدي ونفسي ترمي إلى المحافظة على القدرات الوظيفية لكبار السن واستقلاليتهم؛ والاهتمام بالأشخاص المصابين بأمراض مزمنة وميؤوس من علاجها ورعايتهم لتخفيف آلامهم ولتجنيبهم المهانة عند الوفاة.
المعوقون
26- تؤكد اللجنة من جديد الفقرة 34 من تعليقها العام رقم 5 التي تتناول مسألة المعوقين في سياق الحق في الصحة البدنية والعقلية. وعلاوة على ذلك، تؤكد اللجنة ضرورة العمل على جعل قطاع الصحة العام يمتثل لمبدأ عدم التمييز فيما يتعلق بالمعوقين، بل وأن يمتثل له أيضاً مقدمو الخدمات والمرافق الصحية من القطاع الخاص.
الشعوب الأصلية
27- على ضوء القانون الدولي الناشئ والممارسة الدولية الناشئة، والتدابير التي اتخذتها الدول مؤخراً فيما يتعلق بالشعوب الأصلية،19 ترى اللجنة أنه من المفيد تحديد العناصر التي تساعد في تعريف حق الشعوب الأصلية في الصحة بغية تمكين الدول التي يوجد فيها سكان أصليون من تنفيذ الأحكام الواردة في المادة 13 من العهد على نحو أفضل. وترى اللجنة أنه يحق للشعوب الأصلية التمتع بتدابير محددة من أجل تحسين إمكانية وصولها إلى الخدمات والرعاية الصحية. وينبغي أن تكون هذه الخدمات الصحية مناسبة ثقافياً، وأن تأخذ في الاعتبار الرعاية الوقائية التقليدية، والممارسات العلاجية والأدوية. وعلى الدول أن توفر الموارد اللازمة للشعوب الأصلية من أجل تصميم وتقديم ومراقبة هذه الخدمات لكي تتمكن من التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية يمكن بلوغه. وينبغي أيضاً حماية النباتات والحيوانات والمعادن الطبية الأساسية اللازمة لتمتع الشعوب الأصلية بالصحة تمتعاً تاماً. وتشير اللجنة إلى أن صحة الفرد كثيراً ما ترتبط في مجتمعات السكان الأصليين بصحة المجتمع ككل وتتسم ببعد جماعي. وترى اللجنة، في هذا الصدد، أن الأنشطة المرتبطة بالتنمية والتي تؤدي إلى تشريد الشعوب الأصلية ضد رغبتها من أقاليمها وبيئتها التقليدية، وتحرمها من مصادرها التغذوية، وتقطع علاقتها التكافلية بأراضيها، تؤثر تأثيراً ضاراً على صحتها.
القيود
28- تستخدم الدول أحياناً قضايا الصحة العامة كمبررات لتقييد ممارسة حقوق أساسية أخرى. وتود اللجنة التأكيد على أن البند المتعلق بالقيود في العهد، والوارد في المادة 4، قد وُضع أساساً لحماية حقوق الأفراد وليس للسماح للدول بفرض قيود. وبالتالي، إذا قامت دولة طرف، على سبيل المثال، بتقييد حركة الأشخاص المصابين بأمراض معدية مثل فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، أو بمنع الأطباء من معالجة الأشخاص الذين يُعتقد أنهم من معارضي الحكومة، أو لم توفر التطعيم اللازم ضد الأمراض المعدية الرئيسية في المجتمع، لدواع مثل الأمن القومي أو المحافظة على النظام العام، فإنه يتعين عليها أن تبرر اتخاذها لهذه التدابير الخطيرة فيما يتعلق بكل عنصر من العناصر المحددة في المادة 4. وينبغي أن تتسق هذه القيود مع القانون، بما في ذلك مع معايير حقوق الإنسان الدولية، وأن تتفق وطبيعة الحقوق المحمية بموجب العهد، وأن تكون في صالح الأهداف الشرعية المتوخاة، وضرورية ضرورة تامة من أجل النهوض بالرفاه العام في مجتمع ديمقراطي.
29- وتمشياً مع المادة 5، يجب أن تكون هذه القيود تناسبية، أي يجب اعتماد أقل البدائل تقييداً عندما تتاح عدة أنواع من القيود. وحتى عندما يُسمح بهذه القيود أساساً لأسباب تتعلق بحماية الصحة العامة، ينبغي أن تكون مدتها محدودة، مع توفر إمكانية إعادة النظر فيها.

2- التزامات الدول الأطراف

التزامات قانونية عامة
30- لئن كان العهد ينص على الإعمال التدريجي للحقوق ويسلم بالضغوط الناشئة عن محدودية الموارد المتاحة، فهو يفرض أيضا على الدول الأطراف التزامات شتى لها أثر فوري. فعلى الدول الأطراف التزامات مباشرة فيما يتعلق بالحق في الصحة، مثل ضمان ممارسة الحق دون تمييز من أي نوع (المادة 2-2) والالتزام باتخاذ خطوات (المادة 2-1) نحو الإعمال الكامل للمادة 12. ويجب أن تكون هذه الخطوات مدروسة وملموسة وهادفة إلى الإعمال الكامل للحق في الصحة.20
31- وينبغي ألا يفسر الإعمال التدريجي للحق في الصحة على مدى فترة زمنية على أنه يُفرغ التزامات الدول الأطراف من أي مضمون ذي أهمية، بل إن الإعمال التدريجي يعني أن على الدول الأطراف التزاماً محددا ومستمرا بالتحرك بأقصى قدر من السرعة والفعالية نحو الإعمال الكامل للمادة 12.21
32- ومثلما هي الحال بالنسبة لجميع الحقوق الأخرى في العهد، هناك افتراض قوي بأنه من غير المسموح به اتخاذ تدابير تراجعية فيما يتعلق بالحق في الصحة. وإذا اتخذت أي تدابير تراجعية عمداً، يقع على كاهل الدولة الطرف عبء إثبات أن هذه التدابير استحدثت بعد النظر بعناية قصوى في جميع البدائل، وأن هناك ما يبررها حقا بالرجوع إلى جميع الحقوق المنصوص عليها في العهد في سياق الاستخدام الكامل لأقصى الموارد المتاحة22 للدولة الطرف.
33- وبفرض الحق في الصحة، مثله في ذلك مثل جميع حقوق الإنسان، ثلاثة أنواع أو مستويات من الالتزامات على الدول الأطراف: الالتزامات، الاحترام والحماية والأداء. ويشتمل الالتزام بالأداء، بدوره، على التزامات بالتسهيل والتوفير والتعزيز.23 ويتطلب الالتزام بالاحترام من الدول أن تمتنع عن التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في التمتع بالحق في الصحة. ويقتضي الالتزام بالحماية أن تتخذ الدول تدابير من شأنها أن تمنع أطرافا ثالثة من إعاقة ضمانات المادة 12. وأخيراً، يتطلب الالتزام بالأداء أن تعتمد الدول تدابير قانونية وإدارية وتدابير تتعلق بالميزانية وتدابير قضائية وتشجيعية ملائمة من أجل الإعمال الكامل للحق في الصحة.
التزامات قانونية محددة
34- إن الدول ملزمة بشكل خاص باحترام الحق في الصحة عن طريق جملة أمور منها عدم منع أو تقييد إتاحة فرص متكافئة لجميع الأشخاص بمن فيهم السجناء والمحتجزون أو الأقليات وطالبو اللجوء والمهاجرون غير الشرعيين، للحصول على الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية والمسكنة؛ والامتناع عن إنفاذ ممارسات تمييزية كسياسة عامة للدولة؛ والامتناع عن فرض ممارسات تمييزية فيما يتعلق بأوضاع صحة المرأة واحتياجاتها. وعلاوة على ذلك، يشتمل الالتزام بالاحترام على التزام الدولة بالامتناع عن حظر أو عرقلة الرعاية الوقائية، والممارسات العلاجية والأدوية التقليدية، والامتناع عن تسويق الأدوية غير المأمونة، وعن تطبيق معالجات طبية قسرية، إلا إذا كان ذلك على أساس استثنائي لعلاج مرض عقلي أو للوقاية من أمراض معدية أو لمكافحتها. وينبغي أن تخضع هذه الحالات الاستثنائية لشروط محددة وتقييدية، تراعي أفضل الممارسات والمعايير الدولية المطبقة، بما فيها مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية.24 وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للدول أن تمتنع عن تقييد الوصول إلى وسائل منع الحمل وغيرها من وسائل الحفاظ على الصحة الجنسية والإنجابية، وعن ممارسة الرقابة على المعلومات المتعلقة بالصحة، بما فيها التربية والمعلومات الجنسية، أو احتجازها أو تعمد إساءة تفسيرها، وكذلك عن الحيلولة دون مشاركة الناس في المسائل المتصلة بالصحة. كما ينبغي للدول أن تمتنع عن التلويث غير القانوني للهواء والمياه والتربة، مثلما تفعل النفايات الصناعية الناتجة عن المرافق المملوكة للدولة، وعن استخدام أو تجريب أسلحة نووية أو بيولوجية أو كيميائية إذا كانت هذه التجارب سينتج عنها تسرب لمواد ضارة بصحة الإنسان، وعن تقييد الحصول على الخدمات الصحية كتدبير عقابي مثلا، أثناء النـزاعات المسلحة بما في ذلك من انتهاك للقانون الإنساني الدولي.
35- وتشمل الالتزامات بالحماية جملة أمور منها واجبات الدول في اعتماد تشريع أو اتخاذ تدابير أخرى تكفل المساواة في فرص الحصول على الرعاية الصحية والخدمات المتصلة بالصحة والتي توفرها أطراف ثالثة؛ وضمان ألا تشكل خصخصة قطاع الصحة تهديداً التوافر المرافق والسلع والخدمات الصحية وإمكانية الوصول إليها ومقبوليتها ونوعيتها؛ ومراقبة تسويق المعدات الطبية والأدوية من قبل أطراف ثالثة؛ وضمان استيفاء الممارسين الطبيين وغيرهم من المهنيين الصحيين لمعايير ملائمة من التعليم والمهارة وقواعد السلوك الأخلاقية. والدول ملزمة أيضا بضمان ألا تؤدي الممارسات الاجتماعية أو التقليدية الضارة إلى عرقلة الوصول إلى الرعاية أثناء الحمل أو بعد الولادة وإلى وسائل تنظيم الأسرة؛ ومنع أطراف ثالثة من إجبار المرأة على الخضوع لممارسات تقليدية، مثل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، واتخاذ تدابير لحماية كل فئات المجتمع الضعيفة أو المهمشة، لا سيما النساء والأطفال والمراهقون وكبار السن، من مظاهر العنف الجنساني. كما ينبغي للدول أن تضمن ألا تحد أطراف ثالثة من إمكانية حصول الناس على المعلومات والخدمات المتصلة بالصحة.
36- ويتطلب الالتزام بالأداء من الدول الأطراف جملة أمور من بينها الإقرار الوافي بالحق في الصحة في نظمها السياسية والقانونية الوطنية، ومن الأفضل أن يكون ذلك عن طريق التنفيذ التشريعي، وكذلك اعتماد سياسة صحية وطنية مصحوبة بخطة تفصيلية لإعمال الحق في الصحة. ويجب على الدول كفالة تقديم الرعاية الصحية، بما فيها برامج للتحصين ضد الأمراض المعدية الخطيرة، وكفالة المساواة في التمتع بالمقومات الأساسية للصحة، مثل الأغذية السليمة من الناحية التغذوية والمياه الصالحة للشرب، والإصحاح الأساسي والسكن الملائم والظروف المعيشية المناسبة. وينبغي للهياكل الصحية الحكومية أن توفر خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، بما فيها خدمات الأمومة الآمنة، خصوصا في المناطق الريفية. ويتعين على الدول أن تؤمن التدريب الملائم للأطباء وغيرهم من الموظفين الطبيين، وتوفير عدد كاف من المستشفيات والمستوصفات وغير ذلك من المرافق ذات الصلة بالصحة، وتشجيع ودعم إنشاء مؤسسات تقدم المشورة وخدمات الصحة العقلية، مع إيلاء الاعتبار اللازم للتوزيع العادل في كافة أنحاء البلد. وهناك التزامات أخرى تشتمل على توفير نظام تأمين صحي عام أو خاص أو مختلط يستطيع الجميع تحمل نفقاته، وعلى تشجيع البحث الطبي والتربية الصحية، فضلا عن الحملات الإعلامية، خاصة فيما يتعلق بالإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، والصحة الجنسية والإنجابية، والممارسات التقليدية، والعنف المنزلي، والإفراط في شرب الكحول وتدخين السجائر، وتعاطي المخدرات وغيرها من المواد الضارة. والدول مطالبة أيضا باعتماد تدابير لمكافحة المخاطر الصحية البيئية والمهنية، وأي تهديد آخر توضحه البيانات الخاصة بالأوبئة. وتحقيقا لهذا الغرض ينبغي لها أن تضع وتنفذ سياسات وطنية تهدف إلى تقليل تلوث الهواء والمياه والتربة، بما في ذلك تلويثها بالمعادن الثقيلة مثل رصاص البنزين، والقضاء على هذا التلوث. وعلاوة على ذلك، فإن الدول الأطراف مطالبة بصياغة وتنفيذ سياسة وطنية متماسكة واستعراضها على نحو دوري للتقليل إلى أدنى حد من مخاطـر الحوادث والأمراض المهنية، فضلا عن توفير سياسة وطنية متماسكة بشأن السلامة والخدمات الصحية المهنية.25
37- ويتطلب الالتزام بالأداء (التسهيل) من الدول، ضمن جملة أمور، أن تتخذ تدابير إيجابية تمكن الأفراد والمجتمعات من التمتع بالحق في الصحة وتساعدهم على ذلك. كذلك، فإن الدول الأطراف ملزمة بأداء (توفير) حق محدد وارد في العهد عندما يعجز الأفراد أو الجماعات، لأسباب خارجة عن مقدرتهم، عن التمتع بهذا الحق بالوسائل المتاحة لهم. والالتزام بتحقيق (تعزيز) الحق في الصحة يتطلب من الدول اتخاذ اجراءات أن تهيئ أسباب الصحة لسكانها وتحافظ عليها وأن تعالجها. وتشمل هذه الالتزامات: ‘1‘ تعزيز الاعتراف بالعوامل التي تساعد على تحقيق نتائج صحية إيجابية، مثل البحث وتوفير المعلومات؛ ‘2‘ ضمان ملاءمة الخدمات الصحية من الناحية الثقافية، وتدريب موظفي الرعاية الصحية على نحو يسمح بالاعتراف بالاحتياجات المحددة للجماعات الضعيفة والمهمشة والاستجابة لهذه الاحتياجات؛ ‘3‘ ضمان قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بنشر المعلومات الملائمة المتعلقة بأساليب الحياة والتغذية الصحية، وبالممارسات التقليدية الضارة ومدى توافر الخدمات؛ ‘4‘ مساعدة الناس في أن يختاروا، عن علم، ما يناسب صحتهم.
الالتزامات الدولية
38- استرعت اللجنة، في تعليقها العام رقم 3، الانتباه إلى التزام جميع الدول الأطراف باتخاذ خطوات، سواء بمفردها أو من خلال المساعدة والتعاون الدوليين، خصوصا في المجالين الاقتصادي والتقني، صوب الإعمال الكامل للحقوق المعترف بها في العهد، مثل الحق في الصحة. وبروح المادة 56 من ميثاق الأمم المتحدة، والأحكام المحددة في العهد (المواد 12-2(1) و22 و23) وإعلان ألما - آتا المتعلق بالرعاية الصحية الأولية، ينبغي للدول الأطراف الاعتراف بالدور الأساسي للتعاون الدولي والامتثال لتعهدها باتخاذ إجراءات مشتركة ومنفصلة لتحقيق الإعمال التام للحق في الصحة. وفي هذا الصدد، ينبغي للدول الأطراف أن ترجع إلى إعلان ألما - آتا الذي يعلن أن التفاوت الصارخ في الأوضاع الصحية للناس، خصوصا بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية، فضلا عن بل وفي داخل البلدان ذاتها، أمر لا يمكن قبوله من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهو، بالتالي، محل اهتمام مشترك لجميع البلدان.26
39- ويتعين على الدول الأطراف، لكي تمتثل لالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بالمادة 12، أن تحترم التمتع بالحق في الصحة في بلدان أخرى، وأن تمنع أطرافا ثالثة من انتهاك هذا الحق في بلدان أخرى، إذا كانت تستطيع التأثير على أطراف ثالثة من خلال وسائل قانونية أو سياسية، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الساري. وحسب توافر الموارد، ينبغي للدول أن تسهل الوصول إلى المرافق والسلع والخدمات الصحية الأساسية في بلدان أخرى، أينما كان ذلك ممكنا وأن توفر المساعدة الضرورية عند الاقتضاء.27 وينبغي للدول الأطراف أن تضمن إيلاء الحق في الصحة الاهتمام الواجب في الاتفاقات الدولية، وتحقيقا لهذه الغاية، ينبغي لها أن تنظر في وضع المزيد من الصكوك القانونية. وفيما يتصل بإبرام اتفاقات دولية أخرى، ينبغي للدول الأطراف اتخاذ الخطوات التي تكفل ألا تؤثر هذه الصكوك تأثيرا سلبيا على الحق في الصحة. وبالمثل، فإن الدول الأطراف ملزمة بضمان أن ما تتخذه من إجراءات كأعضاء في منظمات دولية تضع في الاعتبار المراعاة الواجبة للحق في الصحة. وبناء على ذلك، ينبغي للدول الأطراف الأعضاء في مؤسسات مالية دولية، وعلى وجه الخصوص في صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والمصارف الإنمائية الإقليمية، أن تولي مزيدا من الاهتمام لحماية الحق في الصحة وذلك بالتأثير على سياسات الإقراض، واتفاقات الائتمان وفي التدابير الدولية لهذه المؤسسات.
40- وتتحمل الدول الأطراف مسؤولية مشتركة وفردية، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقرارات ذات الصلة التي تتخذها الجمعية العامة للأمم المتحدة وجمعية الصحة العالمية، للتعاون في تقديم الإغاثة في حالات الكوارث والمعونة الإنسانية في أوقات الطوارئ، بما في ذلك تقديم المساعدة إلى اللاجئين والمشردين داخليا. وينبغي لكل دولة أن تسهم في هذه المهمة بأقصى قدراتها. وينبغي إعطاء الأولوية لأكثر الفئات ضعفا أو تهميشا من السكان لدى تقديم المساعدة الطبية الدولية، وتوزيع الموارد وإدارتها، مثل المياه الآمنة الصالحة للشرب، والأغذية واللوازم الطبية، والمعونات المالية. وعلاوة على ذلك، نظراً لأن بعض الأمراض تنتقل بسهولة إلى ما وراء حدود الدول، فإن المجتمع الدولي مسؤول بشكل جماعي عن معالجة هذه المشكلة. والدول الأطراف المتقدمة اقتصاديا تتحمل مسؤولية خاصة ولديها مصلحة خاصة في مساعدة الدول النامية الأشد فقراً في هذا الصدد.
41- وينبغي للدول الأطراف أن تمتنع في جميع الأوقات عن فرض حظر أو تدابير شبيهة تقيّد إمداد دولة أخرى بالأدوية والمعدات الطبية الكافية. ولا ينبغي أبداً استخدام القيود على مثل هذه السلع كوسيلة للضغط السياسي والاقتصادي. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بموقفها، الوارد في التعليق العام 8، بشأن العلاقة بين العقوبات الاقتصادية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
42- ولئن كانت الدول وحدها هي الأطراف في العهد، وبالتالي فهي المسؤولة في نهاية المطاف عن الامتثال له، فإن جميع أعضاء المجتمع - الأفراد، بمن فيهم الموظفون الصحيون، والمجتمعات المحلية، والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، فضلا عن قطاع الأعمال التجارية الخاصة - يتحملون مسؤوليات فيما يتعلق بإعمال الحق في الصحة. ومن ثم ينبغي للدول الأطراف أن تهيئ مناخا ييسر الوفاء بهذه المسؤوليات.
الالتزامات الأساسية
43- في التعليق العام رقم 3، تؤكد اللجنة أن على الدول الأطراف التزاما أساسيا بالعمل، على أقل تقدير، على ضمان المستويات الأساسية الدنيا لكل حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد، بما فيها الرعاية الصحية الأولية الأساسية. وإذا قرئ إعلان ألما - آتا مقترنا بصكوك أحدث عهدا، مثل برنامج عمل المؤتمر الدولي المعني بالسكان والتنمية،28 يتبين أن هذا الإعلان يتضمن توجيها إجباريا بشأن الالتزامات الأساسية الناشئة عن المادة 12. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن هذه الالتزامات الأساسية تشتمل على الأقل على الالتزامات التالية:
(أ) تأمين حق الاستفادة من المرافق الصحية والحصول على السلع والخدمات الصحية على أساس غير تمييزي، خصوصا للفئات الضعيفة والمهمشة؛
(ب) كفالة الحصول على الحد الأدنى الأساسي من الأغذية الذي يضمن الكفاية والسلامة من حيث التغذية، بغية تأمين التحرر من الجوع لكل الناس؛
(ج) كفالة الحصول على المأوى الأساسي، والسكن وخدمات الإصحاح، وإمدادات كافية من المياه النظيفة الصالحة للشرب؛
(د) توفير العقاقير الأساسية، على نحو ما تم تحديده من وقت إلى آخر في إطار برنامج عمل منظمة الصحة العالمية المتعلق بالعقاقير الأساسية؛
(ه‍ـ) تأمين التوزيع العادل لجميع المرافق والسلع والخدمات الصحية؛
(و) اعتماد وتنفيذ استراتيجية وخطة عمل وطنيتين للصحة العامة، إذا ظهرت أدلة على وجود أوبئة، بحيث تتصديان للشواغل الصحية لجميع السكان، وينبغي تصميم الاستراتيجية وخطة العمل، واستعراضهما بشكل دوري، في سياق من المشاركة والشفافية، ويجب أن تشتملا على وسائل، مثل مؤشرات ومعالم الحق في الصحة، يمكن عن طريقها رصد التقدم رصدا دقيقا؛ وهذه العملية التي تصمم في سياقها الاستراتيجية وخطة العمل، فضلا عن محتواهما، ينبغي أن تولي اهتماما خاصا لجميع الفئات الضعيفة أو المهمشة.
44- كما تؤكد اللجنة ما يلي كالتزامات ذات أولوية مماثلة:
(أ) كفالة الرعاية الصحية الإنجابية، والرعاية الصحية للأمومة (في أثناء الحمل وبعد الولادة) وللطفولة؛
(ب) توفير التحصين ضد الأمراض المعدية الرئيسية التي تحدث في المجتمع؛
(ج) اتخاذ تدابير للوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة ومعالجتها ومكافحتها؛
(د) توفير التعليم وإتاحة الحصول على المعلومات المتعلقة بالمشاكل الصحية الرئيسية في المجتمع، بما في ذلك طرق الوقاية والمكافحة؛
(ه‍ـ) توفير التدريب الملائم للموظفين الصحيين، بما في ذلك التثقيف في مجال الصحة وحقوق الإنسان.
45- وقطعا للشك باليقين، ترغب اللجنة في التشديد على أن هناك التزاما خاصا على الدول الأطراف والجهات الفاعلة الأخرى التي يسمح لها وضعها بتقديم المساعدة بأن تقدم من "المساعدة والتعاون الدوليين، لا سيما في المجال الاقتصادي والتَقَني،29 ما يمكن البلدان النامية من الوفاء بالتزاماتها الأساسية والتزاماتها الأخرى المشار إليها في الفقرتين 43 و44 أعلاه.

3- الانتهاكات

46- عندما يطبق المحتوى المعياري للمادة 12 (الجزء الأول) على التزامات الدول الأطراف (الجزء الثاني)، تبدأ تشغيل عملية دينامية تسهل تحديد انتهاكات الحق في الصحة. وتقدم الفقرات التالية أمثلة على انتهاكات المادة 12.
47- عند تحديد الفعل أو التقصير الذي يتساوى مع انتهاك للحق في الصحة، لا بد من التمييز بين عدم قدرة الدول الأطراف على الوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 12 وعدم رغبتها في الوفاء بتلك الالتزامات. ويتضح ذلك من المادة 12-1، التي تشير إلى أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، ويتضح أيضا من المادة 2-1 من العهد، التي تلزم كل دولة طرف باتخاذ الخطوات اللازمة في حدود أقصى ما تسمح به مواردها المتاحة. إن الدولة التي تتقاعس عن استخدام أقصى مواردها المتاحة لإعمال الحق في الصحة تنتهك بذلك التزاماتها بموجب المادة 12. وإذا حالت قلة الموارد دون أن تفي الدولة بكامل التزاماتها بموجب العهد، فإنه يقع على كاهلها عبء إثبات أنها بذلت مع ذلك كل الجهود الممكنة لاستخدام كل الموارد المتاحة تحت تصرفها من أجل الوفاء، على سبيل الأولوية، بالالتزامات الموضحة أعلاه. غير أنه ينبغي التشديد على أنه لا يمكن لأي دولة طرف، أيا كانت الظروف، أن تبرر عدم وفائها بالالتزامات الأساسية المنصوص عليها في الفقرة 43 أعلاه، وهي التزامات غير قابلة للانتقاص منها.
48- ويمكن أن تحدث انتهاكات للحق في الصحة من خلال إجراء مباشر تقوم به الدول أو جهات أخرى غير منظمة تنظيما كافيا من جانب الدولة. كما أن اعتماد أي تدابير تراجعية تخالف الالتزامات الأساسية بموجب الحق في الصحة، والموضحة في الفقرة 43 أعلاه، يشكل انتهاكا للحق في الصحة. وتشمل الانتهاكات بالفعل الإلغاء أو التعليق الرسمي لتشريع ضروري لمواصلة التمتع بالحق في الصحة أو اعتماد تشريع أو سياسات تخالف بوضوح التزامات قانونية محلية أو دولية قائمة من قبل وتتصل بالحق في الصحة.
49- ويمكن أيضا أن تحدث انتهاكات للحق في الصحة من خلال تقصير الدول في اتخاذ التدابير اللازمة الناشئة عن الالتزامات القانونية أو عدم اتخاذها. وتشمل الانتهاكات بالفعل عدم اتخاذ الخطوات اللازمة صوب الإعمال الكامل لحق الجميع في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه، وعدم وجود سياسة وطنية بشأن السلامة والصحة المهنيتين فضلا عن الخدمات الصحية المهنية، وعدم إنفاذ القوانين ذات الصلة.
انتهاكات الالتزام بالاحترام
50- انتهاكات الالتزام بالاحترام هي إجراءات الدولة أو سياساتها أو قوانينها التي تخالف المعايير الواردة في المادة 12 من العهد والتي ينتج عنها في أغلب الظن ضرر بدني، وأمراض ووفيات كان من الممكن تجنبها. وتشمل الأمثلة الحرمان من الوصول إلى المرافق والسلع والخدمات الصحية لأفراد أو فئات معينة نتيجة لتمييز بحكم القانون أو بحكم الواقع: الاحتجاز المتعمد أو سوء عرض المعلومات ذات الأهمية الحيوية لحماية الصحة أو العلاج؛ تعليق التشريع أو اعتماد قوانين أو سيا

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655034

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1384c10


الأوسمة
 :


التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية   التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية I_icon_minitime27/8/2011, 14:39

خيارات المساهمة


انتهاكات الالتزام بالاحترام
50- انتهاكات الالتزام بالاحترام هي إجراءات الدولة أو سياساتها أو قوانينها التي تخالف المعايير الواردة في المادة 12 من العهد والتي ينتج عنها في أغلب الظن ضرر بدني، وأمراض ووفيات كان من الممكن تجنبها. وتشمل الأمثلة الحرمان من الوصول إلى المرافق والسلع والخدمات الصحية لأفراد أو فئات معينة نتيجة لتمييز بحكم القانون أو بحكم الواقع: الاحتجاز المتعمد أو سوء عرض المعلومات ذات الأهمية الحيوية لحماية الصحة أو العلاج؛ تعليق التشريع أو اعتماد قوانين أو سياسات تعوق التمتع بأي مكون من مكونات الحق في الصحة؛ وعدم أخذ الدولة في اعتبارها التزاماتها القانونية فيما يتعلق بالحق في الصحة عند الدخول في اتفاقات ثنائية أو متعددة الأطراف مع دول أخرى، ومنظمات دولية وكيانات أخرى، مثل الشركات المتعددة الجنسيات.
انتهاكات الالتزام بالحماية
51- تنشأ انتهاكات الالتزام بالحماية من عدم اتخاذ الدولة كل التدابير اللازمة لحماية الأشخاص الخاضعين لولايتها من انتهاك حقهم في الصحة من جانب أطراف ثالثة. وتتضمن هذه الفئة أمثلة من التقصير مثل عدم تنظيم أنشطة الأفراد أو المجموعات أو الشركات لمنعها من انتهاك حق الآخرين في الصحة؛ وعدم حماية المستهلكين والعاملين من ممارسات ضارة بالصحة، من جانب أصحاب العمل ومنتجي الأدوية أو الأغذية مثلا، وعدم العمل على منع إنتاج وتسويق واستهلاك التبغ، والمخدرات وغيرها من المواد الضارة؛ وعدم حماية النساء من العنف أو ملاحقة مرتكبي العنف؛ وعدم محاربة الممارسة المتواصلة للتقاليد الطبية أو الثقافية المتوارثة الضارة؛ وعدم سن أو إنفاذ قوانين لمنع تلوث المياه، والهواء والتربة من جراء الصناعات الاستخراجية والتحويلية.
انتهاكات الالتزام بالأداء
52- تحدث انتهاكات الالتزام بالأداء من جراء عدم اتخاذ الدول الأطراف التدابير اللازمة لكفالة إعمال الحق في الصحة. وتشمل الأمثلة على ذلك عدم اعتماد أو تنفيذ سياسة وطنية للصحة مصممة لكفالة حق الجميع في الصحة؛ قلة المصروفات أو سوء توزيع الموارد على نحو ينتج عنه عدم تمتع أفراد أو فئات، لا سيما الفئات الضعيفة أو المهمشة بالحق في الصحة؛ وعدم رصد إعمال الحق في الصحة على المستوى الوطني، عن طريق تحديد مؤشرات ومعالم الحق في الصحة مثلا؛ وعدم اتخاذ تدابير للحد من عدم الإنصاف في توزيع المرافق والسلع والخدمات الصحية؛ وعدم اعتماد نهج يراعي منظور الجنسين إزاء الصحة؛ وعدم تخفيض معدلات وفيات الرضع والأمومة.

4- التنفيذ على المستوى الوطني

التشريع الإطاري
53- تختلف أنسب التدابير لتنفيذ الحق في الصحة اختلافا واسعاً من دولة إلى أخرى. ولكل دولة هامش استنسابي في تقدير أنسب التدابير لظروفها المحددة. غير أن العهد، يفرض بوضوح على كل دولة واجب اتخاذ أي تدابير لازمة لضمان تمكين الجميع من الوصول إلى المرافق والسلع والخدمات الصحية لكي يتمتعوا، في أقرب وقت ممكن، بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه. وهذا يتطلب اعتماد استراتيجية وطنية لكفالة تمتع الجميع بالحق في الصحة، استنادا إلى مبادئ حقوق الإنسان التي تحدد أهداف هذه الاستراتيجية، وصياغة سياسات وما يقابلها من مؤشرات ومعالم خاصة بالحق في الصحة. كما ينبغي أيضا للاستراتيجية الوطنية للصحة أن تحدد الموارد المتاحة لبلوغ الأهداف المقررة، فضلا عن أجدى وسيلة اقتصادية لاستخدام هذه الموارد.
54- وينبغي لصياغة وتنفيذ الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية للصحة أن يحترما، ضمن جملة أمور، مبدأي عدم التمييز والمشاركة الشعبية. ويجب، بشكل خاص، أن يكون حق الأفراد والجماعات في المشاركة في عمليات صنع القرارات التي قد تؤثر على تنميتهم مكونا لا غنى عنه لأي سياسة أو برامج أو استراتيجية يتم وضعها للوفاء بالالتزامات الحكومية بموجب المادة 12. ويجب العمل على تعزيز الصحة بمشاركة فعالة من المجتمع في تقرير الأولويات واتخاذ القرارات والتخطيط والتنفيذ وتقييم الاستراتيجيات الرامية إلى تحسين الصحة. ولا يمكن كفالة تقديم الخدمات الصحية بصورة فعالة إلا إذا سمحت الدول بالمشاركة الشعبية.
55- وينبغي أيضا للاستراتيجية وخطة العمل الوطنيتين في مجال الصحة أن تستندا إلى مبادئ المساءلة والشفافية واستقلال السلطة القضائية، ذلك أن الحكم السليم أساسي للإعمال الفعال لجميع حقوق الإنسان، بما في ذلك إعمال الحق في الصحة. ومن أجل تهيئة مناخ مؤات لإعمال هذا الحق، ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ خطوات ملائمة لضمان وعي قطاع الأعمال التجارية الخاص والمجتمع المدني ومراعاتهما لأهمية الحق في الصحة في تأدية أنشطتهما.
56- وينبغي للدول الأطراف أن تنظر في اعتماد قانون إطاري لوضع استراتيجيتها الوطنية المتعلقة بالحق في الصحة موضع التطبيق. وينبغي لهذا القانون الإطاري أن ينشئ آليات لرصد تنفيذ استراتيجيات وخطط عمل الصحة الوطنية. كما ينبغي أن يتضمن أحكاما بشأن الأهداف المراد تحقيقها والإطار الزمني لتحقيقها؛ والوسائل التي تمكن من بلوغ معالم الحق في الصحة؛ والتعاون المعتزم مع المجتمع المدني، الذي يشمل الخبراء في مجال الصحة، والقطاع الخاص والمنظمات الدولية؛ والمسؤولية المؤسسية عن تنفيذ الاستراتيجية وخطة العمل الوطنيتين للصحة؛ وإجراءات التماس العون المحتملة. وعند رصد التقدم صوب إعمال الحق في الصحة، ينبغي للدول الأطراف أن تحدد العوامل والصعوبات التي تؤثر على تنفيذها لالتزاماتها.
المعايير والمؤشرات المتعلقة بالحق في الصحة
57- ينبغي للاستراتيجيات الوطنية للصحة أن تحدد مؤشرات ومعايير مناسبة بشأن الحق في الصحة.وينبغي تصمم المؤشرات على نحو يجعلها ترصد التزامات الدول الأطراف، بموجب المادة 12، على المستويين الوطني والدولي. ويمكن للدول أن تسترشد، فيما يتعلق بالمؤشرات الملائمة للحق في الصحة، والتي ينبغي أن تتناول شتى جوانب الحق في الصحة، بالعمل الجاري في منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة في هذا الشأن. وتتطلب مؤشرات الحق في الصحة بيانا تفصيليا للأسباب المحظورة للتمييز.
58- وبعد تحديد المؤشرات الملائمة للحق في الصحة، تُدعى الدول الأطراف إلى وضع معايير وطنية ملائمة تتصل بكل مؤشر من المؤشرات. وأثناء عملية إعداد التقارير الدورية ستدخل اللجنة في عملية تدقيق مع الدولة الطرف. ويشمل التدقيق النظر على نحو مشترك بين الدولة الطرف واللجنة في المؤشرات وفي المعالم الوطنية التي ستحدد الأهداف المراد تحقيقها أثناء الفترة التي سيتناولها التقرير المقبل. وفي الخمس سنوات التالية، تستعين الدولة الطرف بهذه المعايير الوطنية في رصد تنفيذها للمادة 12. وبعد ذلك، في عملية إعداد التقرير اللاحقة، تنظر الدولة الطرف واللجنة فيما إذا كانت هذه المعايير قد تحققت أم لا، وفي أسباب أي صعوبات تكون قد واجهتها.
وسائل الانتصاف والمساءلة
59- ينبغي أن تتوفر لضحايا انتهاك الحق في الصحة سواء أكانوا أفرادا أم جماعات، إمكانية الوصول إلى وسائل الانتصاف القضائية الفعالة أو أي وسائل انتصاف أخرى على كل من المستويين الوطني والدولي.30 وينبغي أن يكون من حق جميع الضحايا الذين تعرضوا لمثل هذه الانتهاكات أن يحصلوا على تعويض مناسب، يمكن أن يأخذ شكل العودة إلى وضع سابق، أو التعويض، أو الترضية أو ضمانات بعدم التكرار. وينبغي أن يتصدى أمناء مظالم ولجان لحقوق الإنسان، أو جمعيات حماية المستهلكين أو جمعيات لحقوق المرضى أو مؤسسات مماثلة على المستوى الوطني لما يقع من انتهاكات للحق في الصحة.
60- ومن شأن إدماج الصكوك الدولية التي تعترف بالحق في الصحة في القانون المحلي أن يؤدي إلى توسيع نطاق وفعالية تدابير الانتصاف ومن ثم ينبغي تشجيعها في جميع الحالات.31 فهذا الدمج يمكن المحاكم من الفصل في انتهاكات الحق في الصحة إلى حد كبير، أو على الأقل إلى زيادة الالتزامات الأساسية المترتبة عليه، بالاحتكام المباشر إلى العهد.
61- وينبغي للدولة الطرف أن تشجع القضاة وممارسي المهن القانونية على إيلاء مزيد من الاهتمام لانتهاكات الحق في الصحة لدى ممارستهم لمهام وظائفهم.
62- وينبغي للدول الأطراف أن تحترم نشاط المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من أعضاء المجتمع المدني في سبيل مساعدة الفئات الضعيفة أو المهمشة على إعمال حقها في الصحة وأن تحمي هذا النشاط وتيسره وتعززه.

5- التزامات الجهات الفاعلة غير الدول الأطراف

63- إن لدور وكالات وبرامج الأمم المتحدة، وخاصة الوظيفة الرئيسية المسندة إلى منظمة الصحة العالمية في إعمال الحق في الصحة على المستويات الدولية والإقليمية والقطرية، أهمية خاصة، مثل دور اليونيسيف فيما يتصل بحق الطفل في الصحة. وينبغي للدول الأطراف، عند صياغتها وتنفيذها لاستراتيجيتها الوطنية الخاصة بالحق في الصحة، أن تستفيد من المساعدة والتعاون التقنيين اللذين تقدمهما منظمة الصحة العالمية. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للدول الأطراف، عند إعدادها لتقاريرها، أن تستغل المعلومات الغزيرة والخدمات الاستشارية لمنظمة الصحة العالمية فيما يتعلق بجمع البيانات، وتفصيلها وفي وضع مؤشرات ومعالم الحق في الصحة.
64- وعلاوة على ذلك، ينبغي مواصلة بذل جهود متضافرة في سبيل إعمال الحق في الصحة بغية تعزيز التفاعل بين جميع الجهات الفاعلة المعنية، بما فيها مختلف عناصر المجتمع المدني. وبموجب المادتين 22 و23 من العهد، ينبغي لكل من منظمة الصحة العالمية، ومنظمة العمل الدولية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، واليونيسيف، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، والبنك الدولي، والمصارف الإنمائية الإقليمية، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، والهيئات ذات الصلة الأخرى داخل منظومة الأمم المتحدة، أن يتعاون على نحو فعال مع الدول الأطراف، بالاعتماد على خبرته، في مجال تنفيذ الحق في الصحة على المستوى الوطني، مع إيلاء الاعتبار الواجب للولاية الفردية لكل من هذه المنظمات. وبوجه خاص، ينبغي للمؤسسات المالية الدولية، لا سيما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أن تولي اهتماما كبيرا لحماية الحق في الصحة في سياساتها الإقراضية، واتفاقاتها الائتمانية، وبرامجها المتعلقة بالتكيف الهيكلي. وعند النظر في تقارير الدول الأطراف وقدرتها على الوفاء بالالتزامات بموجب المادة 12، ستنظر اللجنة في أثر المساعدة المقدمة من جميع العناصر الفاعلة. ومن شأن قيام الوكالات المتخصصة والبرامج والهيئات التابعة للأمم المتحدة باعتماد نهج قائم على حقوق الإنسان أن ييسّر إلى حد بعيد إعمال الحق في الصحة. وستقوم اللجنة أيضا أثناء النظر في تقارير الدول الأطراف بدراسة دور الجمعيات المهنية الصحية وغيرها من المنظمات غير الحكومية فيما يتعلق بالتزامات الدول بموجب المادة 12.
65- ويتسم دور كل من منظمة الصحة العالمية، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، ولجنة الصليب الأحمر الدولية/ الهلال الأحمر واليونيسيف، فضلا عن المنظمات غير الحكومية والجمعيات الطبية الوطنية، بأهمية خاصة فيما يتعلق بالإغاثة في حالات الكوارث والمساعدة الإنسانية في أوقات الطوارئ، بما في ذلك تقديم المساعدة إلى اللاجئين والمشردين داخليا. وينبغي إعطاء الأولوية في تقديم المساعدة الطبية الدولية، وتوزيع الموارد وإدارتها، مثل المياه النظيفة الصالحة للشرب، والأغذية والإمدادات الطبية والمعونات المالية إلى أضعف المجموعات السكانية وأشدها تعرضا للتهميش.
_______________________
Spoiler:

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655034

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1384c10


الأوسمة
 :


التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية   التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية I_icon_minitime27/8/2011, 14:41

خيارات المساهمة


اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة العشرون (1999)

التعليق العام رقم 11
خطط العمل من أجل التعليم الابتدائي (المادة 14)

1- إن الماء مورد طبيعي محدود، وسلعة عامة أساسية للحياة والصحة. وحق الإنسان في الماء هو حق لا يمكن الاستغناء عنه للعيش عيشة كريمة. وهو شرط مسبق لإعمال حقوق الإنسان الأخرى. وقد واجهت اللجنة باستمرار مشكلة الحرمان على نطاق واسع من الحق في الماء في البلدان النامية وكذلك في البلدان المتقدمة النمو. ولا يستطيع أكثر من بليون شخص الحصول على الإمدادات الأساسية للمياه، بينما لا تتوفر لعدة بلايين من الأشخاص مرافق صحية مناسبة، وذلك هو السبب الأول لتلوث المياه والإصابة بأمراض منقولة بالمياه.1 ويؤدي استمرار تلوث المياه واستنفادها وتوزيعها بصورة غير عادلة إلى تفاقم الفقر السائد. ويتعين على الدول الأطراف اعتماد تدابير فعالة لإعمال الحق في الماء، دون تمييز، على النحو المشار إليه في هذا التعليق العام.

الأسس القانونية للحق في الماء

2- إن حق الإنسان في الماء يمنح كل فرد الحق في الحصول على كمية من الماء تكون كافية ومأمونة ومقبولة ويمكن الحصول عليها مادياً كما تكون ميسورة التكلفة لاستخدامها في الأغراض الشخصية والمنزلية. فتوفير كمية كافية من الماء المأمون هو أمر ضروري لمنع الوفاة بسبب فقدان جسم الإنسان للسوائل، والحد من مخاطر الإصابة بأمراض منقولة بالمياه كما أنه ضروري للاستهلاك والطهي والمتطلبات الصحية الشخصية والمنزلية.
3- وتحدد الفقرة 1 من المادة 11 من العهد عدداً من الحقوق الناشئة عن إعمال الحق في مستوى معيشي كافٍ، والتي لا يمكن الاستغناء عنها لإعمال ذلك الحق، بما في ذلك "... ما يفي بحاجتهم من الغذاء، والكساء، والمأوى". ويشير استخدام عبارة "بما في ذلك" إلى أن قائمة الحقوق هذه لا يراد منها أن تكون حصرية. وبالطبع فإن الحق في الماء يقع ضمن فئة الضمانات الأساسية لتأمين مستوى معيشي كافٍ، نظراً إلى أنه واحد من أهم الشروط الأساسية للبقاء. وفضلاً عن ذلك، اعترفت اللجنة سابقاً بأن الحصول على الماء حق من حقوق الإنسان يرد في الفقرة 1 من المادة 11 من العهد (انظر التعليق العام رقم 6 (1995)).2 كما أن الحق في الماء هو حق لا يمكن فصله عن الحق في أعلى مستوى من الصحة الجسمية يمكن بلوغه (الفقرة 1 من المادة 12).3 والحق في مأوى مناسب وغذاء كافٍ (الفقرة 1 من المادة 11).4 كما ينبغي النظر إلى هذا الحق بالاقتران مع حقوق أخرى مجسّدة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وأهمها الحق في الحياة والكرامة الإنسانية.
4- وقد اعترفت مجموعة واسعة من الوثائق الدولية، بما فيها المعاهدات والإعلانات وغيرها من المعايير،5 بالحق في الماء. فمثلاً، تنص الفقرة 2 من المادة 14 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أن تكفل الدول الأطراف للمرأة الحق في "التمتع بظروف معيشية ملائمة، ولا سيما فيما يتعلق ب‍ [...] الإمداد بالماء". وتطالب الفقرة 2 من المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل الدول الأطراف بمكافحة الأمراض وسوء التغذية "عن طريق توفير الأغذية المغذية الكافية ومياه الشرب النقية".
5- وقد عالجت اللجنة باستمرار مسألة الحق في الماء خلال نظرها في تقارير الدول الأطراف، وفقاً لمبادئها التوجيهية العامة المنقحة المتعلقة بشكل ومضمون التقارير التي يتعين على الدول الأطراف تقديمها بموجب المادتين 16 و17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتعليقاتها العامة.
6- إن الماء ضروري لتحقيق طائفة من الأغراض المختلفة، لإعمال العديد من الحقوق المنصوص عليها في العهد، إلى جانب استخداماته للأغراض الشخصية والمنزلية. فالماء ضروري مثلاً لإنتاج الغذاء (الحق في غذاء كافٍ) وضمان الصحة البيئية (الحق في الصحة). والماء ضروري لتأمين سبل العيش (الحق في كسب الرزق من خلال العمل) والتمتع ببعض الممارسات الثقافية (الحق في المشاركة في الحياة الثقافية). ومع ذلك، ينبغي، عند توزيع الماء، إعطاء الأولوية للحق في الماء للاستخدامات الشخصية والمنزلية. كما ينبغي إيلاء الأولوية لموارد المياه اللازمة لمنع وقوع المجاعات والأمراض، وكذلك الماء اللازم للوفاء بالالتزامات الأساسية بشأن كل حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد.6

الماء والحقوق المنصوص عليها في العهد

7- تشير اللجنة إلى أهمية ضمان الوصول إلى موارد المياه على نحو مستدام لأغراض الزراعة بغية إعمال الحق في الغذاء الكافي (انظر التعليق العام رقم 12(1999)7 وينبغي إيلاء اعتبار لضمان وصول المزارعين المحرومين والمهمشين، بمن فيهم المزارعات، وصولاً منصفاً إلى موارد المياه ونظم إدارتها، بما في ذلك التكنولوجيا المستدامة لجمع مياه الأمطار وللري. ومراعاة للواجب المنصوص عليه في الفقرة (2) من المادة 1 من العهد، التي تنص على أنه لا يجوز حرمان شعب "من وسيلة عيشه"، ينبغي للدول الأطراف أن تضمن أن يكون هناك سبيل للوصول إلى المياه بشكل كاف لأغراض الزراعة الكفافية ولضمان سبل رزق الشعوب الأصلية.8
8- وتشمل الصحة البيئية، كجانب من جوانب الحق في الصحة المنصوص عليها في الفقرة 2(ب) من المادة 12 من العهد، اتخاذ خطوات على أساس غير تمييزي لدرء المخاطر الصحية الناجمة عن كون المياه غير مأمونة وسامة.9 فمثلاً، يتعين على الدول الأطراف أن تكفل حماية الموارد المائية الطبيعية من التلوث بسبب المواد الضارة والجراثيم الممرضة. وبالمثل، يتعين على الدول أن تراقب وتكافح الحالات التي تشكل فيها النظم الإيكولوجية المائية موئلاً لناقلات الأمراض أينما شكلت خطراً على بيئات معيشة الإنسان.10
9- وبغية مساعدة الدول الأطراف في تنفيذ العهد والامتثال بالكامل لالتزاماتها بتقديم التقارير، يركز التعليق العام هذا، في الجزء ثانياً، على المضمون المعياري للحق في الماء المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 11 والمادة 12، وعلى التزامات الدول الأطراف (الجزء ثالثاً) وعلى الانتهاكات (الجزء رابعاً) وعلى التنفيذ على المستوى الوطني (الجزء خامساً)، بينما يتم في الجزء سادساً معالجة التزامات الجهات الأخرى غير الدول الأعضاء.

ثانياً - المضمون المعياري للحق في الماء

10- يشمل الحق في الماء حريات وحقوقاً في آن معاً. وتتضمن الحريات الحق في مواصلة الاستفادة من الإمدادات الموجودة للمياه اللازمة لإعمال الحق في الماء، والحق في عدم التعرض للتدخل، مثل الحق في عدم التعرض لوقف تسعفي لإمدادات المياه أو تلوثها، وبالمقابل، تتضمن الحقوق الحق في نظام للإمدادات بالمياه وإدارتها يتيح التكافؤ في الفرص أمام الناس للتمتع بالحق في الماء.
11- وينبغي أن تكون عناصر الحق في الماء كافية لصون كرامة الإنسان وحياته وصحته، وفقاً لأحكام الفقرة 1 من المادة 11والمادة 12. وينبغي عدم تفسير كفاية الماء تفسيراً ضيقاً يقتصر على الناحيتين الكمية والتكنولوجية، بل ينبغي معالجة الماء كسلعة اجتماعية وثقافية لا كسلعة اقتصادية بالدرجة الأولى. كما ينبغي أن تكون طريقة إعمال الحق في الماء مستدامة، تضمن إمكانية إعمال ذلك الحق للأجيال الحالية والمقبلة.11
12- ولئن كانت كفاية الماء اللازم لضمان التمتع بالحق في الماء تتفاوت وفقاً لظروف مختلفة، فإن العوامل الوارد ذكرها أدناه تنطبق على جميع الظروف:
(أ) التوافر. ينبغي أن يكون إمداد الماء لكل شخص كافياً ومستمراً للاستخدامات الشخصية والمنزلية.12 وتتضمن هذه الاستخدامات بصورة عادية الشرب، والإصحاح الشخصي، وغسيل الملابس، وإعداد الغذاء، والصحة الشخصية وصحة الأسرة.13 وينبغي أن تتمشى كمية الماء المتوفر لكل شخص مع المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية.14 وقد يحتاج بعض الأفراد والمجموعات أيضاً إلى كميات إضافية من الماء بسبب الظروف الصحية والمناخية وظروف العمل؛
(ب) النوعية. ينبغي أن يكون الماء اللازم لكل من الاستخدامات الشخصية أو المنزلية مأموناً، وبالتالي ينبغي أن يكون خالياً من الكائنات الدقيقة، والمواد الكيميائية والمخاطر الإشعاعية التي تشكل تهديداً لصحة الشخص.15 وفضلاً عن ذلك، ينبغي أن يكون الماء ذا لون ورائحة وطعم مقبول لكل استخدام من الاستخدامات الشخصية أو المنزلية.
(ج) إمكانية الوصول. ينبغي أن يكون الماء ومرافقه وخدماته متوفرةً للجميع دون تمييز، داخل نطاق الولاية القضائية للدولة الطرف. ولإمكانية الوصول أربعة أبعاد متداخلة:
`1` إمكانية الوصول المادي: ينبغي أن يكون الماء ومرافقه وخدماته المناسبة في المتناول المادي والمأمون لجميع فئات السكان. ويجب أن يكون بالإمكان الوصول إلى الماء الكافي والمأمون والمقبول ضمن كل أسرة معيشية ومؤسسة تربوية ومحل عمل أو في منطقة مجاورة لها.16 ويجب أن تكون جميع مرافق وخدمات الماء ذات نوعية كافية ومناسبة ثقافياً وأن تراعي حاجات الجنسين ودورة الحياة ومتطلبات الخصوصية. وينبغي ألا يتعرض أمن الفرد للخطر أثناء الوصول إلى مرافق وخدمات الماء؛
`2` إمكانية الوصول اقتصادياً: يجب أن يكون بإمكان الجميع تحمل نفقات الماء ومرافقه وخدماته، وتحمل التكاليف المباشرة وغير المباشرة والرسوم المرتبطة بتأمين الماء. وينبغي ألا تعرض هذه التكاليف والرسوم إعمال الحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد للخطر؛
`3` عدم التمييز: يجب أن يتمتع الجميع بإمكانية الوصول إلى الماء ومرافقه وخدماته، بمن فيهم أكثر الفئات ضعفاً أو تهميشاً بين السكان بحكم القانون وبحكم الواقع، دون أي تمييز قائم على أي من الأسباب المحظورة؛
`4` إمكانية الحصول على المعلومات: وتشمل الحق في التماس المعلومات المتعلقة بقضايا الماء والحصول عليها ونقلها.17>

مواضيع محددة ذات انطباق عام

عدم التمييز والمساواة
13- إن التزام الدول الأطراف بضمان التمتع بالحق في الماء دون تمييز (الفقرة 2 من المادة 2) وعلى قدم المساواة بين الرجل والمرأة (المادة 3) يتخلل جميع الالتزامات المنصوص عليها في العهد. وهكذا فإن العهد يحظر أي تمييز يقوم على العرق أو اللون أو ***** أو السن أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو العجز البدني أو العقلي أو الحالة الصحية (بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز) أو الميول الجنسية أو المركز المدني أو السياسي أو الاجتماعي أو مركز آخر يرمي أو يؤدي إلى إبطال أو إعاقة التمتع على قدم المساواة بالحق في الماء أو ممارسة هذا الحق. وتذكر اللجنة بالفقرة 12 من التعليق العام رقم 3 (1990) الذي يشير إلى أنه حتى في الأوقات التي تشتد فيها القيود على الموارد، يجب حماية الأفراد الضعفاء في المجتمع باعتماد برامج هادفة منخفضة التكلفة نسبياً.
14- وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير للقضاء على التمييز القائم بحكم الأمر الواقع على أسس محظورة والذي يتم في إطاره حرمان الأفراد والمجموعات من السبل أو الحقوق اللازمة لإعمال الحق في الماء. وينبغي للدول الأطراف أن تكفل أن يؤدي تخصيص الموارد المائية والاستثمارات في المياه إلى تيسير وصول جميع أفراد المجتمع إلى الماء. فتخصيص الموارد بصورة غير مناسبة يمكن أن يؤدي إلى التمييز الذي قد لا يكون سافراً. فمثلاً، ينبغي ألا تفضل الجهات المستثمرة الاستثمار، بصورة غير متناسبة، في خدمات ومرافق الإمداد بالمياه الباهظة الثمن والتي لا يكون بإمكان إلا جزء صغير محظوظ من السكان الوصول إليها في الغالب، بدلاً من الاستثمار في خدمات ومرافق تفيد جزءاً أكبر بكثير من السكان.
15- ويقع على عاتق الدول الأطراف، فيما يتعلق بالحق في الماء، التزام خاص بتوفير ما هو ضروري من ماء ومرافق خاصة به للأشخاص الذين لا يملكون الوسائل الكافية، ومنع أي تمييز يقوم على أسس محظورة دولياً في توفير الماء والخدمات المتصلة به.
16- وفي حين أن الحق في الماء ينطبق على الجميع، يتعين على الدول الأطراف أن تولي اهتماماً خاصاً لفئات الأفراد والمجموعات التي تواجه بصورة تقليدية صعوبات في ممارسة هذا الحق، بمن فيها النساء والأطفال ومجموعات الأقليات والسكان الأصليون واللاجئون أو ملتمسو اللجوء والمشردون داخلياً والعمال المهاجرون والسجناء والمحتجزون. ويتعين على الدول الأطراف أن تتخذ على وجه الخصوص الخطوات لضمان ما يلي:
(أ) عدم استبعاد المرأة من عمليات صنع القرار المتعلقة بموارد الماء أو الحقوق المتعلقة به. وينبغي تخفيف العبء غير المتناسب الذي تتحمله المرأة عند جمع الماء؛
(ب) عدم حرمان الأطفال من التمتع بما لهم من حقوق الإنسان بسبب عدم توفر الماء الكافي في المؤسسات التعليمية والأسر المعيشية أو من خلال تحملهم لعبء جلب الماء. وينبغي على وجه الاستعجال معالجة مسألة توفير الماء المناسب للمؤسسات التعليمية التي تعاني حالياً من انعدام الماء الصالح للشرب؛
(ج) أن تتوفر للمناطق الريفية والمناطق الحضرية المحرومة مرافق مياه تتم صيانتها بصورة صحيحة. وينبغي حماية الوصول إلى الموارد المائية التقليدية في المناطق الريفية من التعدي والتلوث غير المشروعين. وينبغي أن يكون بإمكان المناطق الحضرية المحرومة، بما فيها المستوطنات البشرية غير الرسمية، والمشردين، الوصول إلى مرافق مائية يتم صيانتها بصورة مناسبة. وينبغي ألا تحرم أي أسرة معيشية من الحق في الماء لأسباب تتعلق بوضع سكنها أو أرضها؛
(د) حماية وصول الشعوب الأصلية إلى الموارد المائية في أراضي أجدادها من التعدي والتلوث غير المشروعين. وينبغي أن تقدم الدول الموارد إلى الشعوب الأصلية لتصميم مرافق وصولها إلى الماء وتنفيذها، والتحكم فيها؛
(ه‍ـ) أن يكون بإمكان مجتمعات البدو ومجتمعات الرحّل الحصول على الماء الكافي في المواقع التقليدية والمخصصة لهذا الغرض؛
(و) أن يكون بإمكان اللاجئين وملتمسي اللجوء والأشخاص المشردين داخلياً والعائدين الحصول على الماء الكافي، سواء أكانوا يقيمون في المخيمات أم في المناطق الحضرية والريفية. وينبغي منح اللاجئين وملتمسي اللجوء الحق في الماء بنفس الشروط التي تمنح للمواطنين؛
(ز) أن يتم توفير الماء الكافي والمأمون للسجناء والمحتجزين للوفاء بمتطلباتهم الفردية اليومية، مع مراعاة متطلبات القانون الإنساني الدولي ومعايير الأمم المتحدة الدنيا المعيارية لمعاملة السجناء؛18
(ح) أن يتم تزويد المجموعات التي تواجه صعوبات فيما يتعلق بالوصول مادياً إلى الماء، مثل كبار السن، والأشخاص المعوقين، وضحايا الكوارث الطبيعية، والأشخاص الذين يعيشون في مناطق معرضة للكوارث، والأشخاص الذين يعيشون في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، أو الذين يعيشون في جزر صغيرة، بالماء المأمون والكافي.

ثالثاً - التزامات الدول الأطراف

الالتزامات القانونية العامة
17- بينما ينص العهد على الإعمال التدريجي للحقوق ويسلم بالقيود الناجمة عن محدودية الموارد المتاحة، فإنه يفرض على الدول الأطراف أيضاً التزامات مختلفة ذات أثر فوري. فتقع على عاتق الدول الأطراف التزامات فورية تتعلق بالحق في الماء، مثل ضمان ممارسة ذلك الحق دون تمييز أياً كان نوعه (الفقرة 2 من المادة 2) والالتزام باتخاذ خطوات (الفقرة 1 من المادة 2) من أجل الإعمال الكامل للفقرة 1 من المادة 11والمادة 12. ويجب أن تكون مثل هذه الخطوات متعمدة وملموسة وتستهدف الإعمال الكامل للحق في الماء.
18- ويقع على عاتق الدول الأطراف، بموجب العهد، واجب ثابت ومستمر للانتقال بأسرع وأنجع نحو ممكن صوب الإعمال الكامل للحق في الماء. ويجب أن يكون إعمال هذا الحق ممكناً وعملياً لأن جميع الدول الأطراف تمارس السيطرة على طائفة واسعة من الموارد، بما فيها الماء والتكنولوجيا والموارد المالية والمساعدة الدولية، وكذلك جميع الحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد.
19- وهنـاك تسليم قـوي بأنه من غير المسموح به اتخاذ تدابير تراجعية فيما يتعلق بإعمال الحق في الماء بموجب العهد.19 وإذا ما اتخذت أية تدابير تراجعية قصداً، فيقع على عاتق الدولة الطرف عبء إثبات أنه تم الأخذ بمثل هذه التدابير بعد النظر بأكبر قدر من الحيطة في جميع البدائل وأن بالإمكان تبريرها على النحو الواجب من خلال الإشارة إلى مجموع الحقوق المنصوص عليها في العهد في سياق الاستخدام الكامل لأقصى الموارد المتاحة للدولة الطرف.
الالتزامات القانونية المحددة
20- ينطوي إعمال الحق في الماء، شأنه شأن أي حق من حقوق الإنسان، على ثلاثة أنواع من الالتزامات الملقاة على عاتق الدول الأطراف: التزامات بالاحترام، والتزامات بالحماية، والتزامات بالإنفاذ.
(أ) الالتزامات بالاحترام
21- يقضي الالتزام بالاحترام أن تمتنع الدول الأطراف عن التدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في التمتع بالحق في الماء. ويتضمن هذا الالتزام، فيما يتضمن، الامتناع عن المشاركة في أي ممارسة أو نشاط يحرم من الوصول على قدم المساواة إلى الماء الكافي أو يحد من ذلك؛ والتدخل التعسفي في الترتيبات العرفية أو التقليدية لتخصيص المياه؛ والقيام بصورة غير مشروعة بإنقاص أو تلويث الماء، وذلك مثلاً من خلال النفايات من مرافق تملكها الدولة أو من خلال استخدام الأسلحة أو تجريبها؛ وتقييد الوصول إلى الخدمات والهياكل الأساسية المتصلة بالماء أو إتلافها كتدبير عقابي، وذلك، مثلاً، أثناء النـزاعات المسلحة انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.
22- وتشير اللجنة إلى أن الحق في الماء يشمل، في أوقات النـزاعات المسلحة وحالات الطوارئ والكوارث الطبيعية، الالتزامات التي تعهدت بها الدول الأطراف بموجب القانون الإنساني الدولي.20 ويتضمن ذلك حماية الأشياء التي لا يمكن الاستغناء عنها لبقاء السكان المدنيين، بما في ذلك منشآت مياه الشرب والإمدادات وأعمال الري، وحماية البيئة الطبيعية من الأضرار المنتشرة والطويلة الأجل والشديدة الضرر، وضمان حصول المدنيين والمعتقلين والسجناء على الماء الكافي.21
(ب) الالتزامات بالحماية
23- يتطلب الالتزام بالحماية من الدول الأطراف أن تمنع أطرافاً ثالثة من التدخل بأي شكل من الأشكال في التمتع بالحق في الماء. وتشمل الأطراف الثالثة الأفراد والمجموعات والشركات وغيرها من الكيانات وكذلك الوكلاء الذين يتصرفون تحت سلطة هؤلاء. ويتضمن الالتزام أموراً منها اعتماد التشريعات اللازمة والفعالة وغيرها من التدابير للقيام، مثلاً، بمنع أطراف ثالثة من حرمان السكان من الوصول بصورة متساوية إلى الماء الصالح للشرب، ومن تلويث الموارد المائية واستخراج الماء منها بصورة غير عادلة، بما في ذلك الموارد الطبيعية والآبار وغيرها من نظم توزيع المياه.
24- ويجب على الدول، في حالة قيام أطراف ثالثة بتشغيل خدمات الإمداد بالمياه أو السيطرة عليها (مثل شبكات نقل المياه بواسطة الأنابيب، وصهاريج المياه، والوصول إلى الأنهار والآبار) أن تمنع هذه الأطراف من أن تحول دون الوصول مادياً وعلى قدم المساواة وبصورة يمكن تحمل نفقاتها إلى كميات كافية من الماء المأمون والمقبول. ولمنع حدوث مثل هذه التجاوزات، ينبغي إنشاء شبكة تنظيمية فعالة تتمشى مع أحكام العهد ومع هذا التعليق العام، وتتضمن مراقبة مستقلة، ومشاركة حقيقية للجمهور، وفرض عقوبات في حال عدم الامتثال.
(ج) الالتزامات بالإنفاذ
25- يمكن تقسيم الالتزام بالإنفاذ إلى التزام بالتيسير والتزام بالتعزيز والتزام بالتوفير. ويتطلب الالتزام بالتيسير من الدولة أن تتخذ تدابير إيجابية لمساعدة الأفراد والمجتمعات للتمتع بهذا الحق. ويُلزم الالتزام بالتعزيز الدولة الطرف باتخاذ خطوات لضمان وجود تثقيف مناسب يتعلق بالاستخدام الصحي للماء وحماية الموارد المائية وطرائق للتقليل إلى أقصى حد من تبذير المياه. كما أن الدول الأطراف ملزمة بإنفاذ الحق في الماء (توفيره) عندما يكون الأفراد أو المجموعات غير قادرين لأسباب خارجة عن إرادتهم، على إعمال هذا الحق بأنفسهم بواسطة الوسائل المتاحة أمامهم.
26- ويتطلب الالتزام بالإنفاذ من الدول الأطراف أن تعتمد التدابير اللازمة الموجهة نحو الإعمال الكامل للحق في الماء. ويتضمن الالتزام أموراً منها إيلاء اعتراف كاف بهذا الحق في النظم الوطنية السياسية والقانونية، ومن الأفضل أن يتم ذلك من خلال تنفيذ التشريعات؛ واعتماد استراتيجية وخطة عمل وطنيتين للماء لإعمال هذا الحق؛ وضمان أن يكون بإمكان كل شخص تحمل تكاليف الماء؛ وتيسير الوصول بصورة أفضل وأكثر استدامة إلى الماء، لا سيما في المناطق الريفية والمناطق الحضرية المحرومة.
27- ولضمان أن يكون بالإمكان تحمل تكاليف الماء، يجب أن تعتمد الدول الأطراف التدابير اللازمة التي قد تتضمن أموراً منها: (أ) استخدام طائفة من التقنيات والتكنولوجيات المناسبة المنخفضة التكلفة؛ (ب) تطبيق سياسات مناسبة للتسعير مثل توفير الماء مجاناً أو بتكاليف منخفضة؛ (ج) تقديم إعانات للدخل. وينبغي أن يستند أي مبلغ يدفع مقابل الحصول على خدمات المياه إلى مبدأ المساواة وأن يكفل قدرة الجميع، بما في ذلك المجموعات المحرومة اجتماعياً، على تحمل تكاليف هذه الخدمات، سواء قدمتها جهات خاصة أم عامة . وتتطلب المساواة أن لا تعاني الأسر المعيشية الأفقر، بصورة غير متناسبة، من عبء تكاليف الماء بالمقارنة مع الأسر المعيشية الأغنى.
28- ويتعين على الدول الأطراف أن تعتمد استراتيجيات وبرامج شاملة ومتكاملة لتأمين توفير الماء الكافي والمأمون للأجيال الحاضرة والمقبلة.22 وقد تتضمن مثل هذه الاستراتيجيات والبرامج ما يلي: (أ) الحد من استنزاف الموارد المائية من خلال الاستخراج الذي لا يقوم على الاستدامة، وتحويل المجاري المائية وبناء السدود؛ (ب) الحد من تلوث المستجمعات المائية والنظم الإيكولوجية المائية بواسطة مواد مثل المواد الإشعاعية والمواد الكيميائية الضارة وفضلات الإنسان؛ (ج) مراقبة احتياطات المياه؛ (د) ضمان ألا تتداخل عمليات التطوير المقترحة مع الحصول على الماء الكافي؛ (هـ) تقييم آثار الإجراءات التي قد تؤثر على توافر الماء والنظم الإيكولوجية الطبيعية لمستجمعات المياه، مثل تغيير المناخ، والتصحـر، وازدياد ملوحة التربـة، وإزالة الأشجار، وفقدان التنوع البيئي؛23 (و) زيادة الاستخدام الناجع للمياه من جانب المستفيدين النهائيين؛ (ز) الحد من تبديد المياه عند توزيعها؛ (ح) آليات الاستجابة لحالات الطوارئ؛ (ط) وإنشاء مؤسسات متخصصة واتخاذ ترتيبات مؤسسية مناسبة لتنفيذ الاستراتيجيات والبرامج.
29- وإن تأمين وصول كل فرد إلى المرافق الصحية المناسبة ليس أمراً أساسياً لصون كرامة الإنسان وحياته الخاصة فحسب بل وأنه يعد أيضاً إحدى الآليات الرئيسية لحماية نوعية إمدادات المياه الصالحة للشرب ومواردها.24 ووفقاً للحق في الصحة وفي السكن الملائم (انظر التعليق العام رقم 4(1991) والتعليق العام رقم 14(2000))، يقع على عاتق الدول الأطراف التزام بتوسيع نطاق خدمات المرافق الصحية الآمنة، بصورة تدريجية، لا سيما في المناطق الريفية والمناطق الحضرية المحرومة، مع مراعاة احتياجات المرأة والطفل.
الالتزامات الدولية
30- تطلب الفقرة 1 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 11 والمادة 23 من العهد من الدول الأطراف أن تقر بالدور الأساسي للتعاون والمساعدة الدوليين وباتخاذ إجراء مشترك ومنفصل لبلوغ الإعمال الكامل للحق في الماء.
31- ويتعين على الدول الأطراف، بغية الامتثال لالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بالحق في الماء، أن تحترم التمتع بهذا الحق في بلدان أخرى. ويتطلب التعاون الدولي من الدول الأطراف أن تمتنع عن اتخاذ إجراءات تتعارض بصورة مباشرة أو غير مباشرة مع التمتع بالحق في الماء في بلدان أخرى. وينبغي ألا تؤدي أية أنشطة تتخذ ضمن الولاية القانونية للدولة الطرف إلى حرمان دولة أخرى من القدرة على إعمال الحق في الماء للأشخاص الخاضعين لولايتها.25
32- ويتعين على الدول الأطراف أن تمتنع في جميع الأوقات عن فرض أشكال الحظر أو اتخاذ تدابير مماثلة لمنع الإمداد بالمياه، وكذلك بالسلع أو الخدمات الضرورية لضمان الحق في الماء.26 وينبغي ألا يستخدم الماء مطلقاً كوسيلة لممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بموقفها، الذي أشارت إليه في تعليقها العام رقم 8(1997)، بشأن العلاقة بين العقوبات الاقتصادية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
33- ويتعين على الدول الأطراف أن تتخذ تدابير لمنع مواطنيها وشركاتها من انتهاك الحق في الماء للأفراد والمجتمعات في بلدان أخرى. وحيثما يكون بإمكان الدول الأطراف اتخاذ خطوات للتأثير على أطراف أخرى لاحترام هذا الحق من خلال الوسائل القانونية أو السياسية، فإنه ينبغي اتخاذ مثل هذه الخطوات وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الواجب التطبيق.
34- ويتعين على الدول أن تقوم، في حدود الموارد المتاحة، بتيسير إعمال الحق في الماء في بلدان أخرى، وذلك مثلاً من خلال توفير الموارد المائية، والمساعدة المالية والتقنية، وأن تقدم المساعدة اللازمة عند الطلب. وينبغي عند تقديم الإغاثة في حالات الكوارث والمساعدة في حالات الطوارئ، بما في ذلك المساعدة المقدمة إلى اللاجئين والأشخاص المشردين، إيلاء الأولوية إلى الحقوق المنصوص عليها في العهد، بما في ذلك الإمداد بمعدلات كافية من المياه. وينبغي تقديم المساعدة الدولية بصورة تتمشى مع أحكام العهد وغيره من المعايير الأخرى لحقوق الإنسان، وبشكل قابل للاستدامة ومناسب ثقافياً. وتقع على عاتق البلدان الأعضاء المتقدمة من الناحية الاقتصادية مسؤولية خاصة ومصلحة في مساعدة الدول النامية الأفقر في هذا الصدد.
35- ويتعين على الدول الأطراف أن تكفل إيلاء الاهتمام اللازم للحق في الماء في الاتفاقات الدولية وأن تنظر، لتحقيق ذلك، في وضع مزيد من الصكوك القانونية. وفيما يتعلق بإبرام وتنفيذ اتفاقات أخرى دولية وإقليمية، يتعين على الدول الأطراف أن تتخذ الخطوات لضمان ألا تؤثر هذه الصكوك بصورة سلبية على الحق في الماء. وينبغي ألا تؤدي الاتفاقات المتعلقة بتحرير التجارة إلى الانتقاص من قدرة البلد على ضمان الإعمال الكامل للحق في الحياة أو منعه من القيام بذلك.
36- ويتعين على الدول الأطراف أن تكفل أن تراعي في الإجراءات التي تتخذها، بوصفها أعضاء في المنظمات الدولية، الحق في الماء المراعاة الواجبة. ووفقاً لذلك، يتعين على الدول الأطراف الأعضاء في المؤسسات المالية الدولية، ولا سيما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنوك الإنمائية الإقليمية، أن تتخذ خطوات لضمان مراعاة الحق في الماء في سياساتها الخاصة بتقديم القروض، وفي ما تبرمه من اتفاقات لتقديم الائتمانات وما تتخذه من تدابير دولية الأخرى.
الالتزامات الأساسية
37- أكدت اللجنة في التعليق العام رقم 3(1990) أنه يقع على عاتق الدول الأطراف التزام أساسي بضمان الوفاء، على أقل تقدير، بالمستويات الأساسية الدنيا لكل حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد. وترى اللجنة أنه يمكن أن يحدد، على الأقل، عدد من الالتزامات الأساسية المتعلقة بالحق في الماء، وذات الأثر الفوري:
(أ) ضمان الحصول على الحد الأدنى الأساسي من المياه الكافية والمأمونة للاستخدامات الشخصية والمنزلية لمنع الإصابة بالأمراض؛
(ب) ضمان الحق في الوصول إلى المياه ومرافق المياه على أساس غير تمييزي، وخاصة للمجموعات المحرومة أو المهمشة؛
(ج) ضمان الوصول المادي إلى مرافق أو خدمات المياه التي توفر المياه بصورة كافية ومأمونة ومنتظمة؛ والتي لها عدد كافٍ من منافذ المياه لتجنب الانتظار لفترات تعجيزية؛ والتي تكون على بعد معقول من الأسر المعيشية؛
(د) ضمان عدم تهديد الأمن الشخصي في حالة وصول المرء شخصياً إلى مصدر المياه؛
(ه‍ـ) ضمان التوزيع العادل لجميع مرافق وخدمات المياه المتاحة؛
(و) اعتماد وتنفيذ استراتيجية وخطة عمل وطنيتين للمياه تشمل جميع السكان؛ وينبغي أ، يقوم وضع الاستراتيجية وخطة العمل واستعراضها بصورة دورية على عملية المشاركة والشفافية؛ وينبغي أن تتضمن الاستراتيجية وخطة العمل طرائق مثل الحق في مؤشرات ومعالم المياه، التي يمكن بواسطتها رصد التقدم عن كثب؛ ويولى، في العملية التي يتم من خلالها وضع الاستراتيجية وخطة العمل، وكذلك في مضمونهما، اهتمام خاص لجميع المجموعات المحرومة أو المهمشة؛
(ز) رصد مدى إعمال أو عدم إعمال الحق في المياه؛
(ح) اعتماد برامج للمياه ذات أهداف محددة وتكاليف منخفضة نسبياً لحماية المجموعات الضعيفة والمهمشة؛
(ط) اتخاذ تدابير لمنع ومعالجة ومراقبة الأمراض المتصلة بالمياه، ولا سيما ضمان الوصول إلى المرافق الصحية المناسبة؛
38- ولتجنب أي شك، تود اللجنة أن تؤكد على أنه يعود إلى الدول الأطراف بصفة خاصة، وإلى الجهات الفاعلة الأخرى التي هي في وضع يمكنّها من تقديم المساعدة، أن تقدم المساعدة وتبدي التعاون على الصعيد الدولي، وبخاصة في المجال الاقتصادي والتقني، من أجل تمكين البلدان النامية من الوفاء بالتزاماتها الأساسية المشار إليها في الفقرة 37 أعلاه.

رابعاً - الانتهاكات

39- عندما يطبق المضمون المعياري للحق في الماء (انظر الجزء ثانياً) على التزامات الدول الأطراف (الجزء ثالثاً)، تبدأ عملية تيسر تحديد انتهاكات الحق في الماء. وتقدم الفقرات التالية إيضاحات انتهاكات الحق في الماء.
40- ولكي تبرهن الدول الأطراف على وفائها بالتزاماتها العامة والمحددة، يتعين عليها أن تثبت أنها اتخذت الخطوات اللازمة والممكنة لإعمال الحق في الماء. ووفقاً للقانون الدولي، فإن عدم التصرف بحسن نية لاتخاذ مثل هذه الخطوات يعتبر بمثابة انتهاك لهذا الحق. وينبغي التأكيد على أنه لا يمكن للدولة الطرف أن تبرر عدم امتثالها للالتزامات الأساسية المنصوص عليها في الفقرة 37 أعلاه، وهي التزامات لا يمكن الخروج عنها.
41- ولتحديد الأفعال أو الإغفالات التي تعتبر بمثابة انتهاك للحق في الماء، من المهم التمييز بين عدم قدرة الدولة الطرف على الامتثال لالتزاماتها المتعلقة بالحق في الماء، وعدم استعدادها للقيام بذلك. ويتبين ذلك من الفقرة 1 من المادة 11 والمادة 12 من العهد اللتين تتحدثان عن الحق في مستوى معيشي كافٍ والحق في الصحة، وكذلك الفقرة 1 من المادة 2 من العهد التي تلزم كل دولة طرف بأن تتخذ الخطوات اللازمة وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة. فالدولة التي لا ترغب في استخدام أقصى مواردها المتاحة لإعمال الحق في الماء تنتهك التزاماتها بموجب العهد. وإذا أدت القيود المفروضة على الموارد إلى استحالة امتثال الدولة الطرف امتثالاً كاملاً لالتزاماتها بموجب العهد، فإنه يقع عليها عبء إثبات أنها بذلت كل جهد، رغم ذلك، لاستخدام جميع الموارد المتاحة أمامها لكي تفي، على سبيل الأولوية، بالالتزامات المشار إليها أعلاه.
42- ويمكن أن تحدث انتهاكات للحق في الماء من خلال الأفعال، والإجراءات المباشرة للدول الأطراف أو غيرها من الكيانات التي لا تتحكم بها الدول بالكامل. وتتضمن الانتهاكات، مثلاً، اعتماد تدابير تراجعية لا تتمشى مع الالتزامات الأساسية (المشار إليها في الفقرة 37)، أو الإلغاء أو التعليق المؤقت الرسمي للتشريعات اللازمة لمواصلة التمتع بالحق في الماء، أو اعتماد تشريعات أو سياسات لا تتمشى بصورة واضحة مع الالتزامات القانونية المحلية أو الدولية الموجودة سابقاً والمتعلقة بالحق في الماء.
43- وتتضمن الانتهاكات من خلال الإغفال عدم اتخاذ الخطوات المناسبة للإعمال الكامل لحق كل شخص في الماء، وعدم وضع سياسة وطنية تتعلق بالمياه، وعدم تنفيذ القوانين ذات الصلة.
44- ولئن كان يتعذر القيام مسبقاً بوضع قائمة شاملة للانتهاكات، فإنه يمكن سرد عدد من الأمثلة النموذجية المتصلة بمستويات الالتزامات والمنبثقة عن عمل اللجنة:
(أ) تنجم انتهاكات الالتزام بالاحترام عن تدخل الدولة الطرف بالحق في الماء. ويتضمن ذلك أموراً منها: `1` القيام بصورة تعسفية أو بصورة لا يمكن تبريرها بإيقاف عمل خدمات أو مرافق المياه أو منع استخدامها؛ `2` رفع أسعار المياه بصورة تمييزية أو إلى درجة يتعذر معها تحملها؛ و`3` تلوث أو اضمحلال الموارد المائية بشكل يؤثر على صحة الإنسان؛
(ب) تنجم انتهاكات الالتزام بالحماية عن عدم قيام الدولة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية الأشخاص الخاضعين لولايتها من قيام أطراف ثالثة بالانتقاص من حقهم في الماء.27 ويتضمن ذلك أموراً منهـا: `1` عدم إصدار قوانين لمنع تلوث المياه واستخراجها بصورة غير عادلة أو عدم تطبيق مثل هذه القوانين؛
`2` عدم القيام بصورة فعالة بتنظيم ومراقبة موردي خدمات المياه؛ `4` عدم حماية نظم توزيع المياه (مثل شبكات نقل المياه بالأنابيب والآبار) من التدخل والتلف والتدمير؛
(ج) تحدث انتهاكات الالتزام بالإنفاذ نتيجة لعدم اتخاذ الدول الأطراف جميع الخطوات اللازمة لضمان إعمال الحق في الماء. وتتضمن الأمثلة على ذلك ما يلي: `1` عدم اعتماد أو تنفيذ سياسة وطنية للمياه مصممة لضمان حق كل فرد في الماء؛ `2` عدم إنفاق كميات كافية أو سوء تخصيص الموارد العامة، مما يؤدي إلى عدم تمتع الأفراد أو المجموعات، لا سيما المجموعات، المحرومة أو المهمشة، بالحق في الماء؛ `3` عدم رصد إعمال الحق في الماء على المستوى الوطني، وذلك، مثلاً، من خلال تحديد مؤشرات ومعالم الحق في الماء؛ `4` عدم اتخاذ التدابير للحد من التوزيع غير العادل لمرافق وخدمات المياه؛ `5` عدم اعتماد آليات للإغاثة في حالات الطوارئ؛ `6` عدم ضمان تمتع كل فرد بالحد الأدنى الضروري من هذا الحق؛ `7` عدم مراعاة التزاماتها القانونية الدولية فيما يتعلق بالحق في الماء عند الدخول في اتفاقات مع دول أخرى أو مع منظمات دولية.

خامساً - التنفيذ على المستوى الوطني

45- يتعين على الدول الأطراف، بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من العهد، أن "تتخذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك اعتماد التدابير التشريعية على وجه الخصوص"، لتنفيذ التزاماتها بموجب العهد. ولكل دولة طرف هامش سلطة تقديرية عند تقييم التدابير التي تستجيب على نحو أنسب لظروفها المحددة. ومع ذلك، فإن العهد يفرض بوضوح واجباً على كل دولة طرف باتخاذ ما قد يلزم من خطوات لضمان تمتع كل فرد بالحق في الماء، بأقرب وقت ممكن. وينبغي ألا يتعارض أي تدبير وطني يستهدف إلى إعمال الحق في الماء مع التمتع بحقوق الإنسان الأخرى.
التشريعات والاستراتيجيات والسياسات
46- ينبغي إعادة النظر في ما هو موجود من تشريعات واستراتيجيات وسياسات لضمان تمشيها مع الالتزامات الناشئة عن الحق في الماء. وينبغي إلغاؤها أو تعديلها أو تغييرها إذا كانت لا تتمشى مع متطلبات العهد.
47- وإن واجب اتخاذ الخطوات يفرض بوضوح على الدول الأطراف التزاماً باعتماد استراتيجية أو خطة عمل وطنيتين لإعمال الحق في الماء. وينبغي للاستراتيجية أن: (أ) تستند إلى قانون ومبادئ حقوق الإنسان؛ (ب) تغطي جميع جوانب الحق في الماء وما يقابله من التزامات الدول الأطراف؛ (ج) تحدد أهدافاً واضحة؛ (د) تحدد الأهداف أو المقاصد الواجب بلوغها والأطر الزمنية لذلك؛ (ه‍ـ) تضع سياسات مناسبة وما يقابلها من معالم ومؤشرات. كما ينبغي للاستراتيجية أن تنشئ مسؤولية مؤسسية للعملية؛ وأن تحدد الموارد المتاحة لبلوغ الأغراض والأهداف والمقاصد؛ وأن تخصص الموارد بصورة تتناسب مع المسؤولية المؤسسية؛ وأن تقيم آليات للمساءلة لضمان تنفيذ الاستراتيجية. ويتعين على الدول الأطراف، عند صياغة وتنفيذ استراتيجياتها الوطنية المتعلقة بالحق في الماء، أن تستفيد من المساعدة والتعاون التقنيين التي تقدمها الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة (انظر الجزء سادساً أدناه).
48- وينبغي، عند صياغة وتنفيذ استراتيجيات وخطط العمل الوطنية للمياه، احترام مبدأي عدم التمييز ومشاركة السكان. ويجب أن يكون حق الأفراد والمجموعات في المشاركة في عمليات صنع القرار التي تؤثر على ممارستهم للحق في الماء، جزءاً لا يتجزأ من أية سياسة أو برنامج أو استراتيجية تتعلق بالمياه. وينبغي أن تتاح للأفراد والمجموعات إمكانية الوصول بالكامل وعلى قدم المساواة إلى المعلومات المتعلقة بالمياه وخدمات المياه والبيئة التي تملكها السلطات العامة أو أطراف ثالثة.
49- كما ينبغي أن تستند الاستراتيجية وخطة العمل الوطنيتان المتعلقتان بالمياه إلى مبادئ المساءلة والشفافية واستقلال السلطة القضائية، لأن الحكم الرشيد أمر أساسي لتنفيذ جميع حقوق الإنسان تنفيذاً فعلياً، بما في ذلك إعمال الحق في الماء. وبغية إيجاد مناخ موات لإعمال هذا الحق، يتعين على الدول الأطراف أن تتخذ الخطوات المناسبة لضمان أن يكون قطاع الأعمال التجارية الخاص والمجتمع المدني على وعي بالحق في الماء عند اضطلاعهما بأنشطتهما، وأن يراعيا أهميته.
50- وقد ترى الدول الأطراف أن من المفيد اعتماد تشريع إطاري لوضع استراتيجيتها المتعلقة بإعمال الحق في الماء. وينبغي أن تتضمن هذه الاستراتيجية (أ) أهدافاً أو مقاصد يراد بلوغها وأطراً زمنية لتحقيق ذلك؛ (ب) الوسائل التي يمكن بواسطتها تحقيق هذه الأهداف والمقاصد؛ (ج) التعاون المراد إقامته مع المجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الدولية؛ (د) المسؤولية المؤسسية للعملية؛ (ه‍ـ) الآليات الوطنية لرصدها؛ (و) إجراءات الانتصاف والطعن.
51- وينبغي اتخاذ خطوات لضمان وجود تنسيق كاف بين الوزارات الوطنية والسلطات الإقليمية والمحلية للتوفيق بين السياسات المتصلة بالمياه. وعندما يتم تفويض مهمة تنفيذ الحق في الماء إلى سلطات إقليمية أو محلية، تظل الدولة الطرف مسؤولة عن الامتثال لالتزاماتها بموجب العهد، وبالتالي يتعين عليها أن تكفل توفير الموارد الكافية لهذه السلطات للمحافظة على خدمات ومرافق المياه اللازمة وتوسيع نطاقها. ويتعين على الدول الأطراف أن تكفل أيضاً عدم قيام مثل هذه السلطات بحرمان السكان من هذه الخدمات على أساس تمييزي.
52- والدول الأطراف ملزمة بالقيام برصد فعال لإعمال الحق في الماء. ويتعين عليها عند رصد التقدم المحرز صوب إعمال الحق في الماء، أن تحدد العوامل والصعوبات التي تؤثر على تنفيذ التزاماتها.
المؤشرات والمعايير
53- ينبغي تحديد مؤشرات الحق في الماء في الاستراتيجيات أو خطط العمل الوطنية المتعلقة بالمياه للمساعدة في عملية الرصد. وينبغي تصميم المؤشرات لرصد التزامات الدولة الطرف، على المستويين الوطني والدولي بموجب الفقرة 1 من المادة 11 والمادة 12. وينبغي أن تعالِج المؤشرات العناصر المختلفة للماء الوافي (مثل كفايته وسلامته وقبوله وإمكانية دفع ثمنه وإمكانية الوصول إليه مادياً)، وأن تفصَّل هذه المؤشرات بحسب أسس التمييز المحظورة، وأن تشمل جميع الأشخاص الذين يعيشون ضمن الولاية الإقليمية للدولة الطرف أو يخضعون لسيطرتها. وبإمكان الدول الأطراف أن تستمد إرشادات بشأن المؤشرات المناسبة من العمل الجاري لمنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ومركز الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل)، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
54- وبعد أن تحدِّد الدول الأطراف المؤشرات المناسبة للحق في الماء، فإنها مدعوة إلى أن تحدِّد المعايير الوطنية المناسبة المتعلقة بكل مؤشر.28 وخلال الإجراء الدوري لتقديم التقارير، ستبدأ اللجنة بعملية "مسح غير رسمي" مع الدولة الطرف. وتنطوي عملية المسح غير الرسمي على قيام الدولة الطرف واللجنة بالنظر بصورة مشتركة في المؤشرات والمعايير الوطنية التي تقدِّم فيما بعد الأهداف الواجب بلوغها خلال فترة الإبلاغ المقبلة. وفي السنوات الخمس المقبلة، ستقوم الدولة الطرف باستخدام هذه المعايير الوطنية للمساعدة في رصد تنفيذها للحق في الماء. وبعد ذلك، ستنظر الدولة الطرف واللجنة في عملية إبلاغ لاحقة، فيما إذا كان قد تم تحقيق المعايير أم لا، وفي أسباب ما واجهته الدولة من صعوبات (انظر الفقرة 58 من التعليق العام رقم 14(2000)). وفضلاً عن ذلك، يتعين على الدول الأطراف، عند تحديد المعايير وإعداد تقاريرها، أن تستخدم المعلومات الموسّعة والخدمات الاستشارية للوكالات المتخصصة فيما يتعلق بجمع وتصنيف البيانات.
سبل الانتصاف والمساءلة
55- ينبغي أن تتوفر لأي شخص يُحرم من حقه في الماء أو لأية مجموعة تُحرم من حقها في الماء إمكانية الوصول إلى سبل انتصاف قضائية فعّالة أو غيرها من السبل المناسبة على المستويين الوطني والدولي (الفقرة 4 من التعليق العام رقـم 9(1998)، والمبدأ 10 من إعلان ريو دي جانيرو بشأن البيئة والتنمية).29 وتلاحظ اللجنة أن عدداً من الدول قد رسّخت الحق في الماء في دساتيرها وأن هذا الحق كان موضع نزاع أمام المحاكم الوطنية. وينبغي أن يُمنح جميع ضحايا انتهاكات الحق في الماء الحق في سُبل انتصاف مناسبة تتضمن الردّ أو التعويض أو الترضية أو منح ضمانات بعدم التكرار. وينبغي السماح لأمناء المظالم الوطنيين، ولجان حقوق الإنسان، والمؤسسات المشابهة، معالجة انتهاكات الحق في الماء.
56- وقبل أن تتخذ الدولة الطرف أو أي طرف ثالث آخر أي إجراءات تتعارض مع حق الفرد في الماء، ينبغي أن تكفل السلطات المعنية أن يتم القيام بمثل هذه الإجراءات بصورة يسمح بها القانون، وبشكل يتمشى مع العهد، ويتضمن ما يلي: (أ) فرصة للتشاور بصورة حقيقية مع الأشخاص المتأثرين؛ (ب) الكشف في الوقت المناسب وبصورة كاملة عن المعلومات المتعلقة بالتدابير المقترحة؛ (ج) إرسال إخطار في وقت معقول عن الإجراءات المقترحة؛ (د) توفير إمكانية اللجوء بصورة قانونية إلى المحاكم وسبل الانتصاف القانونية للأشخاص المتأثرين؛ و(ه‍ـ) (تقديم المساعدة القانونية للحصول على سبل انتصاف بموجب القانون (انظر أيضاً التعليق العام رقم 4(1991) والتعليق العام رقم 7(1997)). وحيثما يستند اتخاذ مثل هذه الإجراءات إلى تخلف الشخص عن دفع تكاليف الماء، فإنه ينبغي مراعاة قدرته على دفع هذه التكاليف. وينبغي عدم حرمان الفرد، أياً كانت الظروف، من الحد الأدنى الضروري من الماء.
57- ومن شأن إدماج الصكوك الدولية التي تعترف بالحق في الماء في النظام القانوني المحلي أن يعزِّز إلى حد كبير نطاق وفعالية تدابير الانتصاف وينبغي التشجيع على هذا الدمج، لأنه في جميع الحالات يمكِّن المحاكم من الفصل في انتهاكات الحق في الماء، أو على الأقل في الالتزامات الأساسية المترتبة عليه، بالاحتكام المباشر إلى العهد.
58- وينبغي للدولة الطرف أن تشجِّع القضاة وممارسي المهن القانونية على إيلاء مزيد من الاهتمام لانتهاكات الحق في الماء عند ممارستهم لمهامهم.
59- وينبغي للدول الأطراف أن تحترم عمل المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من أفراد المجتمع المدني في سبيل مساعدة الفئات الضعيفة أو المهمّشة على إعمال حقها في الماء، وأن تحمي هذا العمل وتيسِّره وتعزِّزه.

سادساً - التزامات الجهات الفاعلة الأخرى غير الدول

60- يتعين على وكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية المعنية بالماء، مثل منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وكذلك المنظمات الدولية المعنية بالتجارة مثل منظمة التجارة العالمية، أن تتعاون بصورة فعالة مع الدول الأطراف، وأن تستفيد الواحدة من خبرات الأخرى فيما يتعلق بإعمال الحق في الماء على المستوى الوطني. ويتعين على المؤسسات المالية الدولية، لا سيما صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، مراعاة الحق في الماء في سياساتها المتعلقة بالإقراض، واتفاقاتها الائتمانية وبرامجها الخاصة بالتكيُّف الهيكلي وغيرها من المشاريع الإنمائية (انظر التعليق العام رقم 2(1990))، لكي يتم تعزيز التمتع بالحق في الماء. وستدرس اللجنة، عند النظر في تقارير الدول الأطراف وقدرتها على الامتثال لالتزاماتها المتعلقة بإعمال الحق في الماء، آثار المساعدة التي تقدمها جميع الجهات الفاعلة الأخرى. ومن شأن قيام المنظمات الدولية بإدماج قانون ومبادئ حقوق الإنسان في البرامج والسياسات أن ييسر بصورة كبيرة من إنفاذ الحق في الماء. ويتسم دور الاتحاد الدولي لرابطات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، وكذلك

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655034

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1384c10


الأوسمة
 :


التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية   التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية I_icon_minitime27/8/2011, 14:42

خيارات المساهمة


سادساً - التزامات الجهات الفاعلة الأخرى غير الدول

60- يتعين على وكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية المعنية بالماء، مثل منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وكذلك المنظمات الدولية المعنية بالتجارة مثل منظمة التجارة العالمية، أن تتعاون بصورة فعالة مع الدول الأطراف، وأن تستفيد الواحدة من خبرات الأخرى فيما يتعلق بإعمال الحق في الماء على المستوى الوطني. ويتعين على المؤسسات المالية الدولية، لا سيما صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، مراعاة الحق في الماء في سياساتها المتعلقة بالإقراض، واتفاقاتها الائتمانية وبرامجها الخاصة بالتكيُّف الهيكلي وغيرها من المشاريع الإنمائية (انظر التعليق العام رقم 2(1990))، لكي يتم تعزيز التمتع بالحق في الماء. وستدرس اللجنة، عند النظر في تقارير الدول الأطراف وقدرتها على الامتثال لالتزاماتها المتعلقة بإعمال الحق في الماء، آثار المساعدة التي تقدمها جميع الجهات الفاعلة الأخرى. ومن شأن قيام المنظمات الدولية بإدماج قانون ومبادئ حقوق الإنسان في البرامج والسياسات أن ييسر بصورة كبيرة من إنفاذ الحق في الماء. ويتسم دور الاتحاد الدولي لرابطات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، وكذلك المنظمات غير الحكومية وغيرها من الرابطات بأهمية خاصة فيما يتعلق بالإعانة في حالات الكوارث والمساعدة الإنسانية في أوقات الطوارئ. وينبغي إيلاء الأولوية إلى أكثر مجموعات السكان حرماناً أو تهميشاً عند تقديم المساعدة وتوزيع وإدارة الماء ومرافقه.
_______________________
Spoiler:

منقووول للفائدة .
AlexaLaw

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
 

التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

+
صفحة 1 من اصل 1

.:: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ::.


      هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة     
odessarab الكلمات الدلالية
التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حصرياا , التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بانفراد , التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية منتديات عالم القانون , التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حمل , التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية download , التعليقات العامة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تحميل حصري
odessarab رابط الموضوع
AlexaLaw bbcode BBCode
odessarab HTML HTML كود الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم القانون :: منتدى AlexaLaw لعالم القانون :: فروع القانون العام :: القانون العام الخارجي (القانون الدولي العام)-
انتقل الى:  
الإسلامي العام | عالم القانون | عالم الكتاب و الثقافة العامه | التجاره و المال و الأعمال | البرامج و تكنولوجيا المعلومات | تطوير المواقع و المدونات | الترفيهي و الإداري العام

Powered by AlexaLaw.com ® Phpbb Version 2
Copyright © 2010
.:: جميع الحقوق محفوظه لمنتدى عالم القانون © ::.

.::جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه و إنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه في حدود الديمقراطيه و حرية الرأي في التعبير ::.