أمن الخليج بعد حرب العراق

أشرف محمد كشك

مجلة السياسة الدولة يناير 2004 - العدد رقم 155

تكتسب منطقة الخليج العربي أهمية بالغة لدي عدد من الأطراف الإقليمية والدولية وذلك بالنظر إلي ما تسهم به دولها الست في إنتاج النفط العالمي والذي يقدر بأكثر من‏14‏ ألف برميل يوميا‏,‏ بل إن الإحصاءات تشير إلي أن حصة الخليج من السوق النفطية العالمية سوف تزداد إلي‏32%‏ عام‏2010,‏ فضلا عن الموقع الاستراتيجي لتلك المنطقة حيث يشكل الخليج العربي نقطة لالتقاء طرق المواصلات بين آسيا وأفريقيا وأوروبا‏.‏

وانطلاقا من تلك الأهمية المتعاظمة لمنطقة الخليج العربي فقد شهدت عدة حروب ونزاعات خلال العقدين الماضيين والتي عكست تباينا في مصالح الأطراف المعنية بأمن تلك المنطقة وهو ما يعني صعوبة إيجاد صيغة موحدة لأمن الخليج‏.‏

فالولايات المتحدة تري أن الصيغة الملائمة لحفظ أمن واستقرار المنطقة تتحدد بالأساس في الوجود العسكري المباشر وهو ما تعكسه الاتفاقات الأمنية الثنائية بين أمريكا ودول الخليج الست‏,‏ وذلك انطلاقا من قناعة الولايات المتحدة بأن المنطقة قد شهدت اختلالا في موازين القوي في أعقاب حرب الإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين‏,‏ ومن ناحية أخري فإن الوجود الأمريكي المباشر أمر حيوي للولايات المتحدة بما يتيحه لها ذلك من التدخل في مناطق عديدة من العالم لمواصلة الحرب علي الإرهاب‏,‏ أما دول مجلس التعاون الخليجي فتري أن أمن الخليج أضحي شأنا دوليا يجب المحافظة عليه بكافة الوسائل بما في ذلك اللجوء إلي القوة وعليه فإن عقد اتفاقيات أمنية مع الولايات المتحدة هو أهم البدائل المطروحة للحفاظ علي أمن الخليج مع عدم إغفال البديل الذاتي والمتمثل في قوات درع الجزيرة‏.‏

أما الرؤية العراقية فتتحدد في أنه بالرغم من انتهاء حقبة ممتدة من حكم حزب البعث العراقي إلا أن الهاجس في الوصول إلي مياه الخليج سيظل قائما لدي أي حكومة عراقية مقبلة بغض النظر عن تركيبتها‏,‏ ومن ثم فإن أي منظومة أمنية جديدة في الخليج يتعين عليها معالجة تلك القضية‏.‏

وإذا كان هناك اتساق بين الرؤي الثلاث السابقة فإن إيران تقف علي النقيض منها حيث تري أن أمن الخليج شأن إقليمي يخص الدول المطلة علي ضفتيه‏,‏ انطلاقا من كونه ممر محلي وليس دوليا‏,‏ بيد أن هذه الرؤية تواجه تحد جديد وخاصة بعد اكتمال الطوق الأمريكي حول إيران سواء من جهة دول مجلس التعاون الخليجي الست والعراق أو أفغانستان‏.‏

وانطلاقا مما سبق طرحت بعد حرب العراق عدة صيغ للأمن في الخليج سواء كانت إنشاء شرق أوسطي أو منتدي أمني علي غرار منتدي الآسيان‏,‏ فضلا عما تردد بشأن إمكانية إحياء حلف بغداد مجددا‏.‏

ومع التسليم بأهمية تلك الصيغ إلا أن هناك عدة تحديات تعوق التوصل إلي صيغة واحدة لأمن الخليج وهي‏:‏

‏1-‏ معارضة قطاعات كبيرة واسعة من الرأي العام الخليجي للوجود الأمريكي في المنطقة وهو ما عكسته حوادث الاعتداء المتكررة ضد القوات الأجنبية في دول مجلس التعاون الخليجي الست‏.‏

‏2-‏ استمرار توتر العلاقات الأمريكية‏-‏ الإيرانية نظرا للتباين بين الجانبين بشأن عدد من القضايا هو ما يعني إبقاء تلك المنطقة في حالة من التوتر وعدم الاستقرار‏.‏

‏3-‏ تباطؤ عودة العلاقات الخليجية‏-‏ العراقية حيث لاتزال هناك هوة شاسعة بين الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين دول الخليج الست والعراق الجديد‏.‏

ويصل هذا التقرير إلي نتيجة مفادها أن أمن الخليج العربي مرتبط بشكل وثيق بمصالح أطراف إقليمية ودولية وهو ما يعني ضرورة إيجاد صيغة تراعي تلك المصالح كافة بشكل متوازن وبالتالي فإن استبعاد أي طرف من الأطراف المشار إليها يعني استمرار منطقة الخليج العربي في حلقة مفرغة من التوتر وعدم الاستقرار‏.

منقووول للفائدة .
AlexaLaw