وثيقة جنيف‏ -‏ تسوية حقيقية أم مناورة سياسية

بشير عبد الفتاح

مجلة السياسة الدولة يناير 2004 - العدد رقم 155

بعد تجميد وتوقف المفاوضات الرسمية بين الإسرائيلييين والفلسطينيين خرج علينا أشخاص غير رسميين من الجانب الإسرائيلي وشبه رسميين من الجانب الفلسطيني بوثيقة جديدة للتسوية النهائية بين الطرفين عرفت بوثيقة سويسرا‏.‏ ودار الجدل بشأن هذه الوثيقة التي اعتبرها البعض خطوة إيجابية نحو وضع نهاية للصراع الطويل بين الإسرائيليين والفلسطينيين في حين رآها كثيرون مجرد مسرحية هزلية لا يمكن أن تفضي إلي إنهاء هذا الصراع علي نحو يرضي أطرافه‏.‏

استند أنصار الاتجاه الأول ومعظمهم من اليسار الإسرائيلي والسلطة الوطنية الفلسطينية وخبراء ومراقبين دوليين إلي ان المفاوضات قد تجمدت بين الإسرائيليين والفلسطينيين ولم يعد هناك سبيل للخروج من هذا المأزق الخطير والمنعطف الصعب إلا بتحريك هذا الماء الآسين وتلك البحيرة الراكدة‏.‏ كذلك حظي اتفاق جنيف بقبول أوروبي ودولي لا بأس به وتعرض للقضايا الشائكة والحساسة التي تعرف بقضايا الوضع النهائي كاللاجئين والمياه والقدس والسيادة والحدود والمستوطنات واعترض الإسرائيليون من خلاله بحق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة تكون معظم القدس الشرقية عاصمة لها كما اعترفوا أيضا بحق اللاجئين في العودة وتعهدوا بتفكيك بعض المستوطنات‏.‏ لكن المعارضين لهذه الوثيقة يرون أنها تفتقد للطابع الرسمي حيث لم يشارك من الجانب الإسرائيلي في صياغتها والتوقيع عليها أي مسؤول رسمي وبالتالي فهي ليست ملزمة لأي طرف كما لم تحظ بالتأييد أو الدعم الشعبيين ناهيك عن أنها تجبر الفلسطينيين علي تقديم تنازلات عديدة أبرزها في مسألتي اللاجئين والقدس ثم في السيادة والمستوطنات والحدود أيضا‏.‏ وهي بذلك تكرس السيطرة الإسرائيلية وتطمس الحقوق الفلسطينية المشروعة‏.‏

الولايات المتحدة من جانبها لم تعتمد الوثيقة رسميا أو تجاهر بتأييدها لهان وهذا بلا شك يضعف من حيثية هذه الوثيقة‏.‏ ذلك أن واشنطن تحرص علي علاقاتها بشارون الذي يعارض بشدة هذه الوثيقة ولا يعترف بها‏.‏ ومن ثم تصبح وثيقة جنيف مجرد تصور سياسي من جانب أطراف غير رسمية إسرائيلية وغير فاعلة فلسطينية لتسوية مختلة ومجحفة للصراع الفلسطيني والإسرائيلي إلي جانب كونها مناورة سياسية من جانب اليسار الإسرائيلي لسحب البساط من تحت أقدام اليمين المتطرف الذي يسيطر علي السلطة في إسرائيل‏.‏

منقووول للفائدة .
AlexaLaw