جامعة الدول العربية والمسألة السودانية

سمير حسنى
مدير إدارة افريقيا والتعاون العربى الافريقى
جامعة الدول العربية

مجلة السياسة الدولية أكتوبر 2003 - العدد 154

شهدت الجامعة العربية تصاعداً فى الاهتمام بالمسألة السودانية منذ تولى السيد عمرو موسى منصب أمين عام الجامعة ، حيث تم وضع المسألة السودانية على رأس جدول أعمال الجامعة.وكان توقيع بروتوكول ماشاكوس بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان فى 20 يوليو 2002 قد شكل منعطفاً بارزاً فى مجريات المسألة السودانية.وقد نص بروتوكول ماشاكوس على إجراء استفتاء بعد ست سنوات حول تقرير مصير جنوب السودان.وبقدر ما يطرحه ذلك من تحديات كبيرة على الحكومة السودانية ، بقدر ما يطرح أيضاً تحديات استراتيجية على صعيد الأمن القومى العربى ، ومسئوليات ومطالب عربية ينبغى التعاون بشأنها عربياً ، من أجل تحقيقها ، بما يخلق بيئة مواتية ، جاذبة لخيار وحدة السودان.

وحرصاً على الوحدة السودانية ودعماً لمسيرة السلام والوفاق فى السودان ، ظل موضوع السودان بنداً دائماً على جدول أعمال الجامعة العربية.ومنذ عقد بروتوكول ماشاكوس ، التقى الأمين العام للجامعة العربية مع عدد من كبار المسئولين السودانيين وقيادات المعارضة ، وتناول معهم تطورات الأوضاع الراهنة فى السودان ، والجهود الرامية لايجاد حل سلمى شامل للقضية السودانية.وقد أعرب المسئولون السودانيون وقيادات المعارضة خلال هذه الاجتماعات عن ترحيبهم وتأييدهم لقيام الجامعة العربية بدور نشط إزاء الأزمة السودانية ، كما أكد الأمين العام خلال هذه اللقاءات وفى اتصالاته الأخرى مع ممثلى الدول والمنظمات المعنية بالأزمة السودانية أن أداء الجامعة تجاه المسألة السودانية ينطلق من حرصها على وحدة السودان وسيادته وسلامته الاقليمية.

وقد تضمنت جهود الجامعة العربية تجاه المسألة السودانية جانبين أساسيين ، أولهما سياسى ، يتعلق بمجريات الأزمة وتفاعلاتها وشخوصها ، وثانيهما تنموى ، يتعلق بدفع منظومة العمل العربى المشترك برمتها الى تنفيذ خطة تسهم فى تنمية جنوب السودان والمناطق المتأثرة بالحرب ، بهدف جعل الوحدة خياراً جاذباً للمواطن السودانى ، وخاصة فى الجنوب.

وفيما يتعلق بجهود الجامعة العربية على المستوى السياسى ، فقد قدم الأمين العام للجامعة العربية الى المجلس الوزارى فى سبتمبر الماضى خطة عربية للتعامل مع المسألة السودانية ، وأصدر المجلس الوزارى قراراً ، أكد فيه الحرص على وحدة أراضى السودان وشعبه ، وقرر تشكيل لجنة وزارية لمتابعة عملية السلام فى السودان ، وتكثيف جهودها ، بالتعاون مع السودان ، من أجل تأكيد وحدته ، وتحقيق السلام الشامل فى ربوعه.وتقرر تشكيل لجنة وزارية لمتابعة عملية السلام فى السودان والدور العربى فيها بمختلف جوانبه ، واجراء الاتصالات مع مختلف الأطراف والجهات المعنية.

وتنفيذاً للقرار الوزارى السابق ، عقدت لجنة السودان على المستوى الوزارى اجتماعها الأول فى 11 نوفمبر 2002 على هامش اجتماع مجلس الجامعة ، تدارست فيه عملية السلام فى السودان بشقيها السياسى والتنموى ، وأصدرت قراراً أكد على التضامن مع السودان فى مواجهة كل ما يهدد أمنه وسلامته ، ودعم جهود حكومة السودان لتحقيق السلام الشامل والوفاق الوطنى بين كل أبنائه ، والترحيب بوقف اطلاق النار بين الحكومة والحركة الشعبية ، والتأكيد على الدور العربى فى تنمية جنوب السودان ، ودعوة المنظمات العربية غير الحكومية لتقديم دعمها الفنى والمساعدات الانسانية والتنموية لجنوب السودان.وفى 14 يناير 2003 ، عقدت اللجنة الوزارية الخاصة بالسودان اجتماعها الثانى بالخرطوم ، تم خلاله التأكيد على الارادة السياسية للدول العربية لدعم وحدة أراضى السودان ، والتضامن معه فى كل ما يهدد أمنه واستقراره ، ودعوة الدول الكبرى المعنية ، وخاصة الولايات المتحدة والمنظمات المعنية بالسلام فى السودان ، بأن يتسم سلوكها بالحياد والنزاهة ، للحفاظ على أمن السودان ووحدة أراضيه.

وفيما يتعلق بجهود الجامعة العربية لتنمية جنوب السودان ، فقد قطعت الجامعة شوطاً كبيراً فى هذا المجال ، وأصبح هذا الموضوع بنداً دائماً على منظومة العمل العربى المشترك -صناديق التمويل والاستثمار العربى ، والمنظمات الوزارية المتخصصة ، والاتحادات العربية الفرعية- كما أن هناك تعهدات مشجعة من الدول ، سواء فيما يتعلق بتنفيذ مشروعات تنموية أو استثمارية ، أو لتقديم مساهمات مالية للصندوق العربى من أجل تنمية جنوب السودان.ومن أهم المشروعات التى دخلت حيز التنفيذ ، مشروع دعم شبكة المياه بجنوب السودان بمنحة قدرها عشرة ملايين دولار مقدمة من الصندوق العربى للانماء الاقتصادى والاجتماعى ، ومشروع طريق السلام ، الذى يربط شمال السودان بجنوبه ، ومشروع إعادة تأهيل مدينة جوبا ، أكبر مدن الجنوب.بالاضافة الى مشروع كهرباء جبال النوبة ، وغير ذلك من المشروعات

منقووول للفائدة .
AlexaLaw