أداء الجيش الإسرائيلي في ظل الانتفاضة الفلسطينية

طه خليل

مجلة السياسة الدولية ابريل 2002 - العدد رقم 148

منذ قيام الدولة والجيش الإسرائيلي يلعب فيها دورا متميزا‏,‏ فقضية الأمن والحفاظ علي الدولة من القوي المتربصة بها جعل‏'‏ جيش الدفاع الإسرائيلي‏'‏ محور العمل في دعم الدولة وحمايتها‏,‏ لكن لم ينجح العسكريون في تحقيق الأهداف التي حددها شارون‏,‏ في قمع الانتفاضة‏,‏ خاصة وأن الفلسطينيين دخلوا مرحلة من الكفاح المسلح ضد إسرائيل نقلوا بها معركتهم إلي داخل الخط الأخضر‏ -‏ حدود عام‏1967 -‏ وكانت العمليات الاستشهادية في تل أبيب والقدس الغربية وغيرهما من المدن الإسرائيلية صدي موجع لدي الرأي العام في إسرائيل‏,‏ حيث أكدت للإسرائيليين أن قواتهم العسكرية والأمنية لم تمنع أو تحول دون دخولهم إلي عمق إسرائيل‏,‏ بل وأكدت فشل سياسة شارون في تحقيق الأمن للدولة والمواطن‏.‏ والأكثر من هذا ذلك التحول النوعي للعمليات الفلسطينية ضد القوات الإسرائيلية في المناطق المحتلة‏,‏ حيث دمرت إحدي الدبابات التي تعتبر فخر الصناعة العسكرية‏- ‏ ميركافا‏- ‏ واصطياد بعض القيادات من الضباط والجنود‏.‏

إن السبب الحقيقي في ضعف أداء جيش الدفاع الإسرائيلي علي وأد الانتفاضة الفلسطينية‏,‏ بل وتلقيه ضربات مؤلمة بأكثر من أسلوب هو أنه لم يعتد علي هذا النمط من الحروب‏,‏ حيث أن الحرب التي يخوضها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين تختلف عن سابقاتها من عدة وجوه‏,‏ تتلخص فيما يلي‏:‏

أولا‏:‏ أنها ليست حربا نظامية‏,‏ يتم فيها تحديد مواقع القوات وتشكيلاتها وعناصرها المختلفة‏,‏ ومواطن القوة والضعف فيها‏,‏ ولكنها حرب تعتمد علي الكر والفر‏,‏ والعمليات الصغيرة المحدودة المدي‏,‏ والضربات المفاجئة بواسطة عناصر مجهولة بالنسبة للقوات النظامية‏.‏

ثانيا‏:‏ أن حروب المدن تختلف عن الحروب التقليدية التي تقع بين الجيوش علي الحدود أو في أراضي ومواقع محددة‏,‏ ويتم فيها تجنب دخول المدن إلا لاحتلالها نهائيا‏.‏ وبالنسبة للحرب التي تمارسها القوات الإسرائيلية في المدن الفلسطينية نجدها تستهدف القيام بعمليات مكثفة للقضاء علي القوات الأمنية الفلسطينية‏,‏ ودفعها إلي الانهيار‏,‏ ولكن هذه القوات ليست جيشا نظاميا يمكن قتاله ودحره‏,‏ إنما هي قوات مدنية نظامية‏.‏

ثالثا‏:‏ أن الحرب الدائرة بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين ليست خارج الدولة اليهودية‏,‏ أو بعيدة عن سكانها‏,‏ فبعد أن توسعت في عمليات الاستيطان في الضفة والقطاع أصبح جيش الدفاع أسيرا لجماعات المستوطنين سواء في حماية مستوطناتهم أو تنقلاتهم أو استفزازهم للفلسطينيين‏,‏ وهي مهمة لا يتم تدريب الجيوش علي ممارستها‏,‏ من ناحية‏.‏ ومن ناحية أخري‏,‏ فإن استعداد الفلسطينيين للقيام بعمليات عسكرية ضد القوات الإسرائيلية‏,‏ وعدم خوفهم من الاستشهاد أو الاعتقال قد شكلا عنصرا ضاغطا علي الجنود الإسرائيليين‏,‏ ووضعهم في موقف حرج‏.‏
لقد فشل الجيش الإسرائيلي حتي الآن في وأد الانتفاضة الفلسطينية‏,‏ سواء بعملية‏'‏ حقل الأشواك‏'‏ أوالمائة يوم التي حددها شارون‏,‏ أو‏'‏ نار جهنم‏'‏ أو العمليات الكبري الأخيرة‏,‏ لأن الظروف التي قاتل فيها في حروب سابقة غير هذه الحرب التي يمكن أن ينتصر فيها الضعيف الذي يدافع عن أرضه لأنه لا ملاذ له غيرها يمكن أن يأوي إليه‏.

منقووول للفائدة .
AlexaLaw