شبه الجزيرة الكورية ‏-‏ مداخل الانفراج

نزيرة الأفندي

مجلة السياسة الدولية العدد 150 - أكتوبر 2002

هبت رياح الواقعية السياسية والاقتصادية علي شبه الجزيرة الكورية خلال الأشهر المنصرمة من عام‏2002,‏ فحملت معها من التطورات المتلاحقة ما يؤهل المنطقة لدفن ذكريات وتبعات الماضي البعيد والذي تعود جذوره الي بدايات القرن الماضي‏-‏ القرن العشرين‏-,‏ إضافة الي ميراث نصف قرن من الحرب الباردة والتي أعقبت الحرب الكورية الساخنة التي امتدت عبر ثلاث أعوام من‏1950‏ إلي‏1953‏ كما حملت هذه الرياح رغبة جميع الأطراف في منطقة شمال شرق آسيا للخروج من مأزق انتقال حمي المواجهة الأمريكية للإرهاب الي المنطقة في ظل الموقف المتشدد من جانب واشنطن وإزاء بيونج يانج عاصمة كورياغ الشمالية بعد إدراجها في دول‏'‏ محور الشر‏'.‏

وإذا كانت رياح الواقعية قد أحدثت مجموعة من التطورات المفاجئة والمتلاحقة علي صعيد العلاقات بين الكوريتين الشمالية والجنوبية أولا‏,‏ ونظيرتها علي صعيد العلاقات الكورية الشمالية واليابان‏,‏ ثانيا‏,‏ ثم ردود الأفعال علي صعيد الأطراف الأساسية بما في ذلك الصين‏,‏ والمباركة الروسية‏,‏ فإن الموقف الموضوعي المنصف يقتضي ضرورة الإشارة إلي أن بداية رياح الواقعية جاءت مع انتهاج‏'‏ كيم داي جونج‏'‏ رئيس جمهورية كوريا الجنوبية لسياسة الشمس المشرقة تجاه كوريا الشمالية‏.‏ كما يقتضي ذات الموقف الإشارة الي الدبلوماسية الواقعية والبناءة التي انتهجها رئيس الوزراء الياباني‏'‏ جينشيرو كويزومي‏'‏ تجاه كوريا الشمالية أيضا‏,‏ والتي وضعت النقاط علي الحروف فيما يتعلق بالقضايا الشائكة المعلقة بين الجانبين وفي مقدمتها قضية المواطنون اليابانيون الذين تم إختطافهم من جانب كوريا الشمالية‏,‏ وتأتي تحركات رئيس وزراء اليابان ولقاءه التاريخي مع‏'‏ كيم جونج ايل‏'‏ رئيس كوريا الشمالية‏,‏ في إطار تحرك إقليمي ودبلوماسية واقعية تهدف الي التعاون الاقتصادي والسياسي‏.‏

كما أن القراءة الموضوعية تشير الي أن الرئيس‏'‏ كيم ايل‏'‏ قد استشعر هبوب رياح الواقعية علي شبه الجزيرة الكورية‏,‏ وعلي بلاده بالتحديد‏,‏ ليس إنطلاقا من تزايد التوتر في العلاقات بين واشنطن وبيونج يانج في ظل إدراج الأخيرة ضمن دول‏'‏ محور الشر‏'‏ بعد أحداث‏11‏ سبتمبر‏,‏ فقط‏,‏ ولكن امتدادا لتطورات إيجابية شهدتها الساحة الاقتصادية الداخلية والعلاقات الخارجية بين كوريا الشمالية والعديد من الدول الغربية ابتداء من إيطاليا إلي ألمانيا مرورا ببريطانيا‏.‏ بالإضافة الي كل من الفلبين واستراليا‏.‏

وسوف نستعرض ملامح التطورات المتلاحقة التي حملتها رياح الواقعين في شبه الجزيرة الكورية في جزءين أساسيين‏,‏ يتناول الجزء الأول العلاقة بين الكوريتين‏,‏ أما الجزء الثاني فخاص بالعلاقات اليابانية مع كوريا الشمالية‏.‏ وسوف نجد في هذا الصدد أن التطورات الخاصة بطوكيو وبيونج يانج‏,‏ قد اتفقت مع اتجاهات أصحاب الآراء المتفاءلة إزاء التقارب بين الكوريتين‏,‏ ودعمت تأثيرات رياح الواقعية التي هبت علي شبه الجزيرة الكورية‏,‏ بل علي منطقة شمال شرق آسيا بأكملها‏.

منقووول للفائدة .
AlexaLaw