دلالات أزمة الهوية في تركيا

د‏.‏ السيد عوض عثمان

مجلة السياسة الدولية العدد 150 - أكتوبر 2002

تعيش تركيا منذ فترة أزمة سياسية واقتصادية طاحنة‏,‏ حيث تفاقمت الأزمة السياسية التي تواجهها البلاد‏,‏ في أعقاب تدهور صحة رئيس الوزراء أجاويد‏,‏ وما تلي ذلك من انقسام وتمرد نواب حزب اليسار الديمقراطي‏'‏ الشريك الأكبر في الائتلاف‏'‏ وانسحاب عدد من الوزراء البارزين في الحكومة وبعض نوابهم‏,‏ مما أدي لفقدان الحكومة أغلبيتها‏.‏ وقد أقر البرلمان التركي إجراء انتخابات عامة مبكرة في‏3‏ نوفمبر المقبل‏.‏ وعلي الصعيد الاقتصادي‏,‏ مازالت تركيا تعاني من الأزمة المالية التي هزت البلاد في فبراير‏2001,‏ وأدت الي انهيار سعر صرف العملة الوطنية‏'‏ الليرة‏',‏ وذلك علي الرغم من الاصلاحات التي قامت بها الحكومة استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي‏,‏ والتي تضمنت تحديث وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتخصيصه‏,‏ واصلاح القطاع الزراعي‏,‏ وتقليص حجم العمالة في القطاع العام‏,‏ وغير ذلك من الإجراءات‏,‏ إلا أن الأزمة السياسية التي تعانيها البلاد ألقت بظلالها علي الأوضاع الاقتصادية وتفاعلت معها لتخلق أزمة مركبة‏,‏ سواء فيما يتعلق بالأوضاع الداخلية‏,‏ أو ما يخص التطلعات التركية للانضمام الي الاتحاد الأوروبي‏.‏

وقد أقر البرلمان التركي سلسلة من الاصلاحات الديمقراطية والسياسية بما يتفق ومعايير كوبنهاجن للانضمام للاتحاد الأوروبي‏,‏ خاصة فيما يتعلق بتغيير قوانين الانتخاب والأحزاب‏,‏ والقوانين المتعلقة بحرية الرأي والتعبير‏,‏ وخاصة بالنسبة للأقليات‏.‏ ويذكر أن قضية الانضمام للاتحاد الأوروبي كانت أحد أسباب تصدع الائتلاف الحكومي‏.‏ وقد رحبت اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي بهذه الاصلاحات التشريعية‏,‏ واعتبرتها خطوة مهمة للغاية‏,‏ وطلبت توضيحات بشأن بعض النقاط التي لم تتضح‏.‏

ورغم أن رئيس الوزراء التركي أجاويد اعتبر بلاده باتت مستوفية لجميع المعايير السياسية التي يتطلبها الانضمام للاتحاد الأوروبي لبدء التفاوض علي العضوية الدائمة لتركيا في أكتوبر‏2002,‏ فإنه يبدو أن الطريق أمام تركيا مازال طويلا‏,‏ فالاصلاحات الأخيرة لا تغطي جميع المعايير التي يطلبها الاتحاد الأوروبي وخاصة علي صعيد حقوق الإنسان‏,‏ حيث تتعرض تركيا للنقد بسبب استمرار التعذيب في السجون‏,‏ كما يتوقف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي علي كيفية حل نزاعاتها الحدودية مع اليونان في جزيرة قبرص وبحر ايجه‏.‏ وعلي أية حال‏,‏ فإن قمة كوبنهاجن في‏12‏ ديسمبر القادم سوف تحسم مسألة قبول انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي من عدمه‏.

منقووول للفائدة .
AlexaLaw