العلاقات الأمريكية‏ التركية

بشير عبدالفتاح


مجلة السياسة الدولية العدد 150 - أكتوبر 2002

يعد الموقف التركي من مسألة ضرب العراق غاية في الأهمية بسبب الدور الاستراتيجي واللوجيستي المهم الذي يمكن أن تضطلع به تركيا في هذا الصدد بما تملكه من إمكانات هائلة وخبرات عديدة في التعامل العسكري مع الأراضي العراقية‏.‏ غير أن موافقة تركيا ومن ثم مشاركتها في مثل هذه الضربة العسكرية تظل مرهونة بعدد من الاعتبارات لعل أهمها‏,‏ المسألة الكردية وما يمكن أن يتخمض عنه سقوط نظام صدام حسين في هذا الصدد‏,‏ خصوصا إمكانية إعلان أكراد العراق لدولتهم المستقلة في شمال البلاد وما يمكن أن يثيره هذا الأمر من إضطرابات داخل تركيا‏,‏ فضلا عن الخسائر الاقتصادية المتوقعة بالنسبة لتركيا من جراء تلك الضربة والتي يمكن أن تلقي بظلال سيئة علي الحكومة التركية المتعثرة حاليا بسبب أزماتها الاقتصادية والسياسية العديدة‏.‏

ورغم هذه العراقيل التي قد تجعل من موافقة تركيا علي هذه الضربة العسكرية‏,‏ ثم مشاركتها فيها أمرا محفوفا بالمخاطر‏,‏ فإن أنقرة تتوخي بعض المكاسب الحيوية من جراء قبولها مساندة واشنطن في تنفيذ تلك الضربة‏,‏ فالمسؤولون الأتراك لايزالون في حاجة ماسة لدعم أمريكي اقتصادي‏,‏ فضلا عن مساعدات ديبلوماسية قوية حتي تحظي تركيا بعضوية الاتحاد الأوروبي‏.‏

الولايات المتحدة هي الأخري في حاجة إلي المساندة التركية اللوجيستية والعسكرية من أجل إنجاح الضربة العسكرية الأمريكية ضد بغداد‏,‏ حيث تظل تركيا هي الحليف الاستراتيجي الأمثل لأمريكا الذي يمكن أن يعينها علي هذا الأمر‏.‏ لذلك‏,‏ حرصت واشنطن علي تهدئة مخاوف المسؤولين الأتراك من احتمالات قيام دولة كردية في الشمال العراقي علي أثر الضربة العسكرية المرتقبة‏,‏ كما حاولت إغراء أنقرة بالعديد من المكاسب التي تقنع المسؤولين هناك بمساندة واشنطن في توجيه ضربتها العسكرية ضد نظام صدام حسين‏.‏

لذلك‏,‏ ورغم ولهواجس التركية إزاء الولايات المتحدة ووعود وتطمينات المسؤولين الأمريكيين‏,‏ لا تملك أنقرة خيارات أخري في ظل ظروفها الاقتصادية والسياسية المتدهورة حاليا‏,‏ سوي الوقوف إلي جوار حليفها الأمريكي‏,‏ حتي تبلغ غاياتها‏,‏ وإن كانت مجرد وعود أو تعهدات‏.

منقووول للفائدة .
AlexaLaw