عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .


عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .



عالم القانون

العدل أساس الملك - Justice is the basis
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
TvQuran
 ماهية الدولة وعناصر تكوينها 110
AlexaLaw on facebook
 ماهية الدولة وعناصر تكوينها 110
 ماهية الدولة وعناصر تكوينها 110
 ماهية الدولة وعناصر تكوينها 110
 ماهية الدولة وعناصر تكوينها 110
 ماهية الدولة وعناصر تكوينها 110

شاطر | 
 

  ماهية الدولة وعناصر تكوينها

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655185

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

 ماهية الدولة وعناصر تكوينها 1384c10


الأوسمة
 :


 ماهية الدولة وعناصر تكوينها Empty
مُساهمةموضوع: ماهية الدولة وعناصر تكوينها    ماهية الدولة وعناصر تكوينها I_icon_minitime18/6/2011, 10:45

خيارات المساهمة


ماهية الدولة وعناصر تكوينها

الفصل الاول
ماهية الدولة وعناصر تكوينها
*************

أولاً- تعريف الدولة:
هي جمع من الناس يقيمون على سبيل الاستقرار في إقليم معين، ويخضعون لسلطة عليا حاكمة ذات سيادة.
ثانياً- عناصر الدولة:
1- الشعب: يتكون شعب الدولة أساساً من مجموعة من الأفراد يستقرون في إقليمها ويرتبطون بها برابطة سياسية وقانونية، ولا يشترط أن يرتبط الشعب برابطة القومية المبنية على وحدة اللغة والدين والتاريخ حيث توجد دول متعددة القوميات، ولكن يستعاض عن الرابطة القومية برابطة الجنسية حيث تحدد حقوق وواجبات المتمتعين بها تجاه الدولة ويمكن تعريف الجنسية بأنها "رابطة قانونية وسياسية واجتماعية بين فرد ودولة ما في زمان معين حيث تحدد الحقوق والواجبات المتبادلة".
وتستقل الدولة بتنظيم أحكام الجنسية فيها دون تدخل من دولة أخرى ولكن يجب ألا يكون هناك تعارض مع قواعد القانون الدولي المتعلقة بموضوع الجنسية.
ولا يعتبر عدد السكان ركناً أساسياً من الأركان المكونة لعنصر الشعب حيث يمكن أن يكون عدده قليل ويمكن أن يكون كبير.
ولقد نادى البعض منذ القرن التاسع عشر بأن يكون أساس الدولة الرابطة القومية أو ما يسمى بمفهوم الأمة والذي يعني أنه لكل جماعة ترتبط فيما بينها بروابط الدين واللغة والتاريخ والثقافة أن تشكل دولة، ومن ثم يكون هناك ترادف بين مصطلحي "الأمة" و "الدولة" ولكن رغم ما تصف به هذه الدعوى من مثالية إلا أنها بعيدة عن أن تكون قاعدة من قواعد القانون الدولي الوضعية، فالرابطة القومية لا يترتب عليها أي أثر قانوني مباشر إلا في الأحوال التي تشكل امة في مجموعها شعب دولة واحدة، وعلى ذلك فالأمم التي يتوزع أفرادها بين دول متعددة، أو الأمم التي تشكل جزءاً من شعب دولة واحدة لا تتمتع بوصف الشخصية القانونية الدولية، فالأمم ليست كالدول، ولا يعني القانون الدولي بتصرفاتها، وإنما يعني إلى حد ما بمصالحها من خلال القواعد التي تنظم حماية مصالح الأقليات القومية، وهي حماية تفرضها الاعتبارات الإنسانية ولا يترتب عليها الاعتراف بالشخصية الدولية لهذه الأقليات إلا في الأحوال التي ترتفع فيها هذه الأمم إلى مصاف الدول عن طريق استكمال العناصر الرئيسية المكونة للدولة.
2- الإقليم: هو تلك الرقعة من الأرض والبحر وطبقات الجو التي تعلوها، وتباشر الدولة سلطاتها عليه، على وجه الاستقرار والدوام، والإقليم شرط لاكتساب الدولة للشخصية القانونية حيث تقضي قواعدها توافر القدرة على التصرف في نطاق إقليم معين لذلك لا تعد دولاً للقبائل الرحل ولا للجماعات القومية التي ليس لها إقليم خاص بها. ولا تأثير لاتساع الإقليم أو ضيقه على توافر عنصر الإقليم، وكذلك لا يمس الوحدة القانونية لإقليم الدولة أن تفقد السيطرة مؤقتاً على جزء من إقليمها حيث تظل الدول محتفظة بشخصيتها القانونية الدولية.
3- السلطة السياسية: إن السلطة الحاكمة هي التي تؤكد وحدة الشعب المعنوية والاقتصادية وتحقق مصالح الشعب وتتولى الدفاع عن كيان الإقليم داخلياً وخارجياً، ويعبر عن السلطة العامة في لغة القانون الدولي "بالسيادة" والسيادة هي التي تجعل الدولة تظهر في مواجهة الدول الأخرى كوحدة متميزة لها شخصية دولية، ولا عبرة بالشكل السياسي للسلطة في الدولة ما دامت تمثل من القوة والتنظيم ما يمكنها من فرض سلطتها على إقليم الدولة فلا فرق أن تكون ملكية فردية أم ديمقراطية.

الفصل الثاني: أنواع الدول
المبحث الأول : من حيث التكوين المادي
"الدول البسيطة والدول المركبة"
أولاً- الدول البسيطة:
الدول البسيطة: هي التي تنفرد بإدارة شئونها الداخلية والخارجية سلطة واحدة والغالبية العظمى من دول العالم دول بسيطة، ولا يؤثر اتساع رقعة الدولة في اعتبارها دولة بسيطة، كما لو كانت تتكون من عدة أقاليم أو مقاطعات تتمتع بالحكم الذاتي أو نظام الإدارة المحلية، كما لا تؤثر تملك المستعمرات في اعتبارها دولة بسيطة ما دامت هناك هيئة واحدة تنفرد بإدارة شئون الدولة ومستعمراتها كما هو الحال بالنسبة لفرنسا وبلجيكا فالفيصل في اعتبار الدولة من مجموع الدول البسيطة هو وجود حكومة واحدة تنفرد بالسيادة على إقليم الدولة في كل من المجالين الداخلي والدولي.
ثانيا- الدول المركبة:
هي التي تتكون باتحاد أكثر من دولة أو ولاية مستقلة بشئونها وارتباطها معاً برابطة الخضوع لسلطة حكومة مشتركة أو تحت رئيس أعلى واحد.
وتختلف حقوق وواجبات الدول أعضاء الرابطة الاتحادية من حيث مدى تأثيرها على الشخصية القانونية الدولية لأعضاء الاتحاد حيث تبقى الشخصية القانونية للدول المكونة للاتحاد أحياناً، في حين تذوب شخصيتها بشخصية الاتحاد أحياناً أخرى.
وعلى ذلك تنقسم الاتحادات الدولية من حيث الآثار التي ترتبها على الشخصية القانونية الدولية إلى قسمين رئيسيين ما:
القسم الأول: الاتحادات الدولية التي لا تأثير لها على الشخصية القانونية الدولية للدول المكونة لها:
1- الاتحاد الشخصي:
يقوم بين دولتين أو أكثر نمت عرش واحد مع احتفاظ كل منهم بذاتيها وشخصيتها الدولية واستقلالها الداخلي والخارجي، مع اشتراكها جميعها في شخص رئيس الدولة أو وحدة الأسرة المالكة، ويتحقق الاتحاد الشخصي نتيجة أيلولة العرش في دولتين مستقلتين لملك واحد أو بالتراضي بينهما على إنشاء مثل تلك الرابطة، وينتهي بزوال هذا التراضي أو بانتهاء رابطة الوراثة، ورابطة الاتحاد الشخصي تتمثل في شخص رئيس الدولة ولذلك فهي بطبيعتها رابطة وقتية عارضة وتعد أو أوهى الروابط وأقلها دواماً، وهذا النوع من الاتحادات لا يمكن تصور وجوه إلا بين دول ملكية تأخذ بنظام لوراثة العرش، فإذا اختلف النظامان بأن غيرت إحدى الدول من شكل الحكم فيها انفصلت رابطة الاتحاد القائمة بينها، ومن أمثلة هذا الاتحاد، اتحاد بولونيا ولتوانيا سنة 1386.
2- الاتحاد التعاهدي "الكونفدرالي":
يقوم بين دولتين أو أكثر بانضمامهم بعضاً إلى بعض بمقتضى معاهدة دولية واتفاقها على إقامة هيئة مشتركة تضم ممثلين لهذه الدول وتختص برسم السياسة العامة المشتركة لدول الاتحاد. واتخاذ قرارات بشأنها تبلغ كحكومات لتنفيذها بمعرفتها وتحتفظ كل دولة من دول الاتحاد بكامل سيادتها الداخلية والخارجية مع تنازلها للهيئة العامة المشتركة عن قدر من حريتها في التصرف، وتقوم هذه الهيئة بتحقيق الأهداف المتفق عليها في المعاهدة المنشئة للاتحاد، وهي عادة تتلخص في المحافظة على استقلال الدول الأعضاء والتنسيق بينها في المجالات السياسية والاقتصادية، وخلق نوع من التقارب والتوحيد بين \ول الاتحاد في المسائل الثقافية والتعليمية وغيرها.
* ولا تعد الهيئة العامة المشتركة حكومة عليا يعلو سلطانها على دول الاتحاد وليس لها سلطان على رعايا دول الاتحاد ولا تعد شخصاً دولياً، فهي لا تعد أن تكون مؤتمراً تتقرر فيه السياسة العامة للدول الأعضاء في المسائل التي تدخل في اختصاصها كما حددتها الاتفاقية المنشئة للتعاهد، وتصدر قرارات الهيئة العامة للتعاهد بالإجماع، ولا تلتزم الدولة إلا بالقرار الذي وافقت عليه، ومن أمثلة خذا الاتحاد التعاهد الجرماني الذي أقامته معاهدة فيينا عام 1815 واستمر حتى عام 1866.
القسم الثاني: الاتحادات الدولية التي تذوب فيها الشخصية القانونية الدولية للدول الأعضاء في شخص الهيئة الاتحادية:
1- الاتحاد الفعلي:
يقوم بين دولتين أو أكثر تحت حكم رئيس واحد ولهيئة مشتركة على شئونها الداخلية، واحتفاظها بدستورها الداخلي وتشريعها الخاص وإدارتها المستقلة، وفي هذا النوع من الاتحادات تذوب الشخصية الدولية لكل من دول الاتحاد في شخص الهيئة الاتحادية وعلى ذلك يتفق الاتحاد الفعلي مع الشخصي في احتفاظ الدول الأعضاء باستقلالها في إدارة شئونها الداخلية، ويختلف عنه في أن الدول الأعضاء تفقد استقلالها الخارجي تندمج شخصيتها الدولية في شخصية الهيئة الاتحادية مع التزام كل أعضاء الاتحاد بما تقوم به هذه الهيئة من تصرفات في المجال الدولي، ومن أمثلته اتحاد سويسرا والنرويج الذي دام حتى عام 1905، واتحاد النمسا والمجر منذ عام 1767 حتى عام 1919.
2- الدول الاتحادية "الاتحاد الفيدرالي":
ينشأ هذا النوع من الاتحادات بين دولتين أو أكثر بمقتضى وثيقة ذات طبيعة دستورية على خلق اتحاد دائم بين الدول الأعضاء تنزل فيها كل دولة عن كل سيادتها الخارجية وعن بعض سيادتها الداخلية إلى الهيئة المركزية التي ينشئها الاتحاد، وتكون هذه الهيئة حكومة بالمعنى الصحيح لها اختصاصات مباشرة على الدول الأعضاء ورعاياها، ويرأسها رئيس الدولة الاتحادية ويكون للاتحاد شخصية دولية تذوب فيها شخصيات الدول الأعضاء، حيث تظهر دول الاتحاد جميعاً بمظهر الشخص القانوني الدولي الواحد على المستوى الدولي. مع احتفاظ كل منها بدستورها ونظامها التشريعي والقضائي الخاص، وللدولة الاتحادية دستور عام مشترك ينظم علاقات الدول الأعضاء فيما بينها وعلاقاتها بالحكومة ويحدد اختصاصات كل منها ومن أمثلته:
أ- الولايات المتحدة الأمريكية: الذي لا يزال قائماً إلى الوقت الحالي منذ عام 1787 عقب مؤتمر فيلادلفيا، وتتكون الهيئة المركزية للتعاهد من سلطات ثلاث هي: السلطة التشريعية، وهي السلطة التنفيذية حيث يتولها رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد والثالثة: هي السلطة القضائية متمثلة في المحكمة الاتحادية العليا وتتولى إلى جانب اختصاصها العام الفصل في المنازعات التي قد تنشأ بين الولايات ذاتها أو بينها وبين الهيئة المركزية للاتحاد.
ب- الجمهورية العربية المتحدة: وهي نشأت عقب اتحاد سورية ومصر عام 1958 واستمر هذا الاتحاد حتى عام 1961.

المبحث الثاني : من حيث الظروف السياسية
الدول تامة السيادة والدول ناقصة السيادة
أولاً- الدول تامة السيادة:
هي التي تملك حق مباشرة كافة مظاهر السيادة الداخلية والخارجية دون أي تدخل أو رقابة من دولة أخرى أو هيئة دولية، وهذا هو الوضع الفعلي ولأغلب الدول الأعضاء في المجتمع الدولي.
ثانياً- الدول ناقصة السيادة:
هي الدول التي ليس لها كامل الحرية في ممارسة سيادتها وإنما تباشرها عنها دولة أو دول أخرى أو هيئة دولية، وينتج هذا الوضع عن ارتباط هذه الدولة بدولة أخرى أو خضوعها لها. ويوجد فارق بين الدول ناقصة السيادة وبين الأقاليم المكون اتحاد فعلي أو لدولة تعاهدية.
* فالدولة ناقصة السيادة هي المفروض أصلاً أنها تتمتع بالشخصية الدولية والسيادة في المجالين الداخلي والدولي، ولكن طرأت على هذه الدولة بعض الظروف التي قيدت من حريتها في ممارسة بعض مظاهر هذه السيادة أو حرمتها من ممارستها كلية مثلها كمثل القاصر أو عديم الأهلية في الأنظمة القانونية الداخلية، وغالباً ما يكون السبب في ذلك هو ارتباطها بدولة أخرى أو خضوعها لها.
وبالتالي يدخل نظام الدول ناقصة السيادة في إطار الأنظمة الاستعمارية التي كان يعترف بها وينظمها القانون الدولي التقليدي.
* أما الدول الأعضاء في اتحاد فعلي أو دولة تعاهدية فهي دول كانت أصلاً كاملة السيادة ومستقلة ثم فقدت بدخولها في هذا الاتحاد صفة الدولة حيث أصبحت جزءاً من الشخص الدولي الجديد أو الاتحاد.
وتشمل الدول ناقصة السيادة فئات ثلاث سندرسها تباعاً:
1- الدول التابعة:
هي التي ترتبط بدولة أخرى برابطة خضوع وولاء، وتنتج هذه الرابطة بعد الاستقلال من الاستعمار، حيث تبقى مرتبطة بالدولة التي كانت تستعمرها بهذه الرابطة حيث تخولها حق تصريف شئونها الخارجية نيابة عنها، وتختلف حالات التبعية باختلاف درجاتها ولكن تجمعها مبادئ مشتركة أهمها: الحرمان المطلق أو النسبي من التمتع بحق ممارسة سيادتها في الخارج وكذلك سريان المعاهدات التي تبرمها الدولة المتبوعة بحق الدولة التابعة فيما يتعلق بالشئون الداخلية ولكن ضمن الحدود المتفق عليها، ويترتب على ذلك أن الدول التابعة لا تشغل مركزها في المحيط الدولي إلا عن طريق الدولة المتبوعة التي تتولى تمثيلها وتصريف كل الشئون الخارجية الخاصة بها.
* وعلاقة التبعية علاقة غير طبيعية لا يمكن أن تدوم، وغالباً ما تنتهي إما بحصول الدولة التابعة على استقلالها وانفصال التبعية التي تربطها المتبوعة.
2- الدولة المحمية:
هي الدولة التي تضع نفسها اتفاق أو رغماً عنها في كنف أو حماية دولة أخرى أقوى منها تتولى مسئولية حمايتها من أي اعتداء خارجي قد تتعرض له، ويختلف مركز الدولة الحامية من حالة إلى أخرى وذلك نظراً لتباين شروط الحماية التي يتضمنها الاتفاق المبرم بين الدولة المحمية والدولة الحامية، ولكن هناك مبدأ مشترك يجمعها وهو أن هذه الرابطة تفترض بصفة عامة حرمان الدولة المحمية من ممارسة سيادتها في الخارج، مع احتفاظها بحرية تصريف كل أو بعض شئونها الداخلية، والحماية نوعان: حماية اختيارية، أ، حماية استعمارية.
* الحماية الاختيارية:
وتنشأ هذه الحماية باتفاق دولتين مستقلتين تتمتع كل منهما بالشخصية القانونية الدولية تضع فيه الدولة الضعيفة نفسها تحت حماية الدولة القوية عنها ذد أي عدوان خارجي وتقوم برعاية مصالحها الدولية، ويجب الرجوع إلى الاتفاق الدولي بين الدولتين لمعرفة نوع العلاقة التي تقوم بينهما، ولتحديد الرابطة التي تربطهما، على أن الحماية الاختيارية تتميز بصفة عامة بالخصائص التالية:
‌أ- تستند رابطة الحماية إلى معاهدة تبرم بين الدولة الحامية والدولة المحمية.
‌ب- تحتفظ الدولة المحمية بشخصيتها القانونية مستقلة عن شخصية الدولة المحمية.
‌ج- تتولى الدولة الحامية الشئون الداخلية وقد تشرف عليها الدولة المحمية أو تشاركها فيما حسبما يقضي اتفاق الجماعة.
‌د- تتولى الدولة المحمية تصريف شئونها الداخلية وقد تشرف عليها الدولة الحامية في بعض الشئون ذات الأهمية الخاصة كشئون الجيش والمالية...
* ويجب أعلام الدول الغير بمعاهدة على علاقات الدولة المحمية مع غيرها من الدول، وعلاوة على ذلك فإنه لا يمكن للدولة الحامية القيام بدورها الذي تخوله لها اتفاقية الحماية إلا في مواجهة الدولة التي اعترفت لها صراحة أو ضمناً بهذا الوضع.
* والعلاقة بين الدولة الحامية والدولة المحمية تعد نظرياً في حكم العلاقات الدولية وإن كانت غالباً ما تنقلب إلى علاقة تبعية نتيجة المركز الممتاز الذي تحصل عليها الدولة الحامية تجاه الدولة المحمية، وقد تؤدي الحماية إلى احتلال الدولة الحامية لأراضي الدولة المحمية، وممارستها لكافة مظاهر السيادة الخارجية نيابة عنها.
* الحماية الاستعمارية –أو القهرية أو المفروضة-:
وهي تتم بعمل انفرادي من جانب الدولة الحامية يكون الغرض منه ضه أو استعمار الدولة التي فرضت عليها الحماية، وغالباً ما تلجأ الدولة الاستعمارية هذا الأسلوب لتفادي مقاومة أبناء الإقليم أبناس الإقليم إذا أعلنت أنه ضم أو استعمار ولتفادي معارضة الدول الأجنبية.
وغالباً ما تبرم معاهدة أو اتفاقية مع الدولة المحمية لإكساء الطابع الشرعي على وضعها وللحصول على رضا الدول الأخرى لأن الحماية الاستعمارية لا ترتب أثرها إلا في مواجهة الدول التي قبلت بها صراحة أو ضمناً.
* ويوجد فارق بين الحماية الاستعمارية والاستعمار المباشر، فالاستعمار يضم إقليم الدولة وبالتالي تفقد شخصيتها القانونية الدولية، بينما الحماية الاستعمارية لا تفقد الدولة كيانها أو شخصيتها القانونية الدولية.
3- الدول المشمولة بالوصاية:
الأقاليم المشمولة بالوصايا وهي أقاليم ناقصة السيادة، تقرر وضعها تحت إشراف دولي والوصاية نظام أنشأه ميثاق الأمم المتحدة لإدارة الأقاليم التي كانت خاضعة للانتداب الدولي في عهد عصبة الأمم يكون الهدف منها حسب المادة (76) من الميثاق مساعدة هذه الدول على تحقيق تقدمها في كافة المجالات وتحقيق رفاهية رعاياها. وتحقيق السلم والأمن الدوليين وتعزيز حقوق الإنسان وقد تكون السلطة القائمة بإدارة الأقاليم المشمول بالوصاية دولة أو أكثر أو هيئة الأمم المتحدة ذاتها، ولا يشترط في الدولة التي تتولى الإدارة أن تكون عضواً في الأمم المتحدة ويشمل اتفاق الوصاية الشروط التي يتم بمقتضاها إدارة الإقليم المشمول بالوصاية وتحديد السلطة التي تباشر إدارة ذلك الإقليم، ولا يؤدي نظام الوصاية إلى ضم الأقاليم الخاضعة له إلى الدولة في الأمم المتحدة لأن ذلك يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة الذي أكد على المساواة بين أعضاء الهيئة الدولية.
* أثر الوصاية على السيادة الإقليمية:
لمعرفة هذا الأثر يجب الرجوع إلى الاتفاق الذي بمقتضاه طبق هذا النظام فشروط الوصاية تختلف بطبيعة الحال من إقليم إلى أخر تبعاً لدرجة تقدم سكان كل إقليم وكذلك تبعاً للظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وذلك تبعاً لموقع الإقليم الجغرافي.
ولكن في جميع الأحوال فإن حق الدولة التي يعهد لها الوصاية يقتصر على حق الإدارة وإشراف من أجل تحقيق أهداف الوصاية. دون أي تأثير على كيان الدولة الخاص أو على بقاء سكان الإقليم محتفظين بالسيادة الخاصة بهذا الإقليم.
* انتهاء الوصاية:
نظام الوصاية ليس نظاماً دائماً، فهو كالانتداب نظام مؤقت ينتهي بمجرد تحقق أهدافه، وقد جاء ميثاق الأمم المتحدة خالياً من النص على الصفة المؤقتة لنظام الوصاية وهو أمر كان يجب تقديره في الميثاق، وقد أثار هذا الأمر اعتراض بعض الدول أثناء مناقشة مشروع الميثاق، وقامت من جانبا بمحاولة تطالب فيها بأن ينص صراحة على حق الجمعية العامة للأمم المتحدة في وضع حد للوصاية إذا أصبح الإقليم أهلاً لاستقلال بشئونه ويجب على الجمعية العامة أن تغير الدولة القائمة بالإدارة إذا خالفت شروط الوصاية.
وعلى أية حال فقد سار نظام الوصاية وفق الطريق المرسوم له وهو في سبيل تحقيق الأهداف التي وجد من أجلها فحصول الغالبية العظمى من الأقاليم المشمولة بالوصاية على استقلالها، يجعل نظام الوصاية في طريقه إلى الزوال ويميزه عن نظام الانتداب بما حققه من نتائج إيجابية في هذا المجال.

الفصل الثالث :اكتساب الدولة للشخصية الدولية
المبحث الأول : نشأة الدولة
تنشأ الدولة ككيان مادي بمجرد اكتمال عناصرها من شعب وإقليم ونظام سياسي مستقل ولكن يجب بالإضافة إلى ذلك اعتراف الدول الأخرى بها، ونشأة الدولة ككيان مادي قد تتم على أحد الأوجه التالية:
أولاً- قد تنشأ الدولة من عناصر جديدة نتيجة لاستقرار مجموعة من الناس على إقليم غير مأهول لم يكن تابعاً من قبل لدولة ما، وقيامها باستكمال عناصرها كوحدة سياسية قائمة بذاتها لها حكومة مستقلة.
ثانياً- وقد تنشأ الدولة عن عناصر قديمة نتيجة تفكك أو انحلال بعض الدول القائمة وهذا هو الوجه الغالب في نشأة الدولة، وتتحقق نشأة الدولة على الوجه في الحالات التالية:
1- عندما تعلن ولاية أو مستعمرة انفصالها عن دولة الأصل واستقلالها بشئونها كدولة قائمة بذاتها.
2- تفكك إمبراطورية كبيرة إلى عدة دول صغيرة نتيجة حرب أو حركة انفصالية.
3- ضعف الرابطة التي تربط بين دول أعضاء في اتحاد فعلي أو تعاهدي وانفصام الرابطة الاتحادية باستقلال كل دولة بإدارة شئونها.
ثالثاً- قد تنشأ الدولة عن عناصر قديمة عن طريق انضمام عدة دول لبعضها لتكون دولة واحدة كما لو اتحدت دولتان أو عدة دول وكونت دولة بسيطة أو موحدة أو تعاهدية.
المبحث الثاني : الاعتراف بالدولة
لقد حدد مجمع القانون الدولي معنى الاعتراف بأنه "عمل حر تقر بمقتضاه دولة أو مجموعة من الدول، وجود جماعة لها تنظيم سياسي في إقليم معين، تتمتع بالاستقلال عن باقي الدول قادر على الوفاء بالالتزامات القانونية الدولية، وتظهر الدول بالاعتراف نيتها في اعتبار هذه الدولة عضواً في الجماعة الدولية.
أولاً- الطبيعة القانونية للاعتراف:
انقسمت الآراء حول ذلك إلى نظريتين أساسيتين: نظرية الاعتراف المنشئ ونظرية الاعتراف المقرر.
1- نظرية الاعتراف المنشئ:
يؤدي توافر عناصر الدولة في رأي أنصار هذه النظرية إلى وجود الدولة المادي فقط أما الوجود القانوني لا يكون إلا إذا اعترفت الدول الأخرى بها، حيث أن الاعتراف هو الذي ينشئ الشخصية القانونية الدولية.
ويترتب على ذلك عدم إمكان قيام علاقات دولية قانونية مع وحدة سياسية لم يعترف بها بعد، وأن تتمتع الدولة الجديدة بالحقوق التي يقرها القانون الدولي العام يتوقف على اعتراف الدول الأخرى بها، ومن ثم فإن أي وحدة سياسية جديدة تكتسب وصف الشخص القانوني الدولي في مواجهة الدول التي اعترفت بها فقط ولا تكتسب هذا الوصف في مواجهة الدول التي حجبت عنها هذا الاعتراف.
2- نظرية الاعتراف المقرر:
يرى أنصار هذه النظرية أن وجود الدولة يكتمل بتوافر عناصرها ولا يتوقف على إرادة الدول الأخرى وبالتالي فإن الاعتراف لا ينشئ الدولة ولكنه يقرر وجودها ويكفل لها ممارسة سيادتها الخارجية بقبول التعامل معها كعضو في المجتمع الدولي.
وتتفق هذه النظرية مع المنطق، فالاعتراف لا يكون له قيمة من حيث الواقع ما لم يتوافر في الدولة عناصرها، حيث أن الاعتراف ينشئ الدولة إذا لم تكتمل عناصرها والاعتراف لغة ينصرف إلى وجود الشيء المعترف به ولا يمكن أن ينصرف إلى شيء غير موجود لذلك فإن عدم اعتراف الدول بالدولة الجديدة لا يؤثر على وجودها ولا يحول بينها وبين مباشرة الحقوق التي تخولها لها الشخصية القانونية الدولية، ويمكنها الدخول في علاقات دولية مع الدول التي احترفت بها، أو التي تقبل التعامل معها.
وقد أيد مجمع القانون الدولي نظرية الاعتراف المقرر، ويترتب على اعتبار الاعتراف ذا صفة إقراراي لا إنشائية وأنه لا يخرج عن كونه إجراء قانوني لإقرار مركز فعلي سابق وجوده عليه، أي يكون أثره رجعياً، أي أن آثاره ترجع إلى التاريخ الذي اكتملت فيه عناصر الدولة بالفعل، وتم التسليم فيه بوجودها كدولة مستقلة وليس إلى تاريخ الاعتراف نفسه.
ثانياً- حرية الدولة في الاعتراف:
ليس في قواعد القانون الدولي ما يفرض على الدول وجود الاعتراف بالدولة الجديدة عند اكتمال عناصرها، حيث للدولة سلطة تقديرية مطلقة في الاعتراف أو عدم الاعتراف بدولة جديدة، حيث تتداخل في ذلك اعتبارات قانونية وسياسية بالإضافة إلى مصالح الدولة ويترتب على ذلك أن الدولة الجديدة لا تتمتع بوصف الدولة إلا مواجهة الدول التي اعترفت بها فقط.
* وينجم عن هذه الحرية في الاعتراف اختلاف مواعيد نشأة الشخصية القانونية الدولية للدولة الجديدة بالنسبة للدول، حيث يصدر الاعتراف في تواريخ مختلفة تبعاً للاعتبارات السابقة الذكر، حيث أنه من النادر أن يتم الاعتراف من جميع الدول في وقت واحد.
* ولكن السلطة التقديرية تقتصر على الاعتراف أو عدم الاعتراف، ولكن إذا اعترفت الدولة بالدولة الجديدة فلا يكون لها أن تقيد هذا الاعتراف بأي شرط، ومن جهة أخرى يجب أن يكون عدم الاعتراف مبرر وألا يكون في استعمال هذا الحق أي تعسف.
* يرى البعض أن الدول ملزمة بالاعتراف بكل دولة جديدة متى توافرت فيها عناصر الدولة ويبرر أنصار هذا الرأي قولهم بأن الاعتراف عمل قانوني، يصدر حتى تتوافر شروطه وعدم الاعتراف يعتبر إخلال بحق الدولة في ممارسة اختصاصاتها بمجرد وجودها وتوافر العناصر المكونة لها، ولكن الرأي الغالب في الفقه يرى أن نشوء الدولة ليس مسألة قانونية فقط وإنما هناك اعتبارات مختلفة سياسية واقتصادية واجتماعية تتعلق بهذا الوضع ولذا فلكل دولة حرية تقدير هذه الاعتبارات عند اتخاذ قرار الاعتراف أو عدم الاعتراف بالدولة الجديدة.
أولاً- نظرية عدم الاعتراف بالدولة:
ويطلق على هذه النظرية نظرية ستيمسون نسبة إلى وزير الخارجية الأمريكي الذي أصدر بياناً قرر فيه عدم اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بأي وضع أو معاهدة أو اتفاق ينشئ بوسائل مخالف لميثاق باريس عام 1928، وذلك عق اعتراف اليابان بقيام دولة "مانشوكو" الذي نتج عن غزو اليابان لإقليم منشوريا,
ولقد أدت الجمعية العامة لعصبة الأمم هذه النظرية، ولكن رغم استناد هذه النظرية إلى اعتبارات العدالة ومبدأ تحريم القوة في العلاقات الدولية، فإنها لم تلق رواجاً في المحيط الدولي حيث لا تزال هناك دول تنكر وجود مثل هذا الالتزام وما زال العمل القانون لا يفرق بين نشأة الدولة وبين الوسائل التي قامت بها، فما زال النظام القانوني الدولي لا يعتبر انفصال جزء من إقليم الدولة وتكوينه دولة جديدة أو نشأة دولة بالقوة أو على خلاف معاهدة دولية أعمالاً قانونية، ويرى لبعض من الفقهاء أنه في مثل هذه الحالات يجب أن تتخذ كل الوسائل لمنع قيام دولة عن طريق العنف أو القوة، إلا أنه لا يجوز تحريم الاعتراف بها إذا قامت رغم ذلك واستقرت حيث إن الدولة ظاهرة تاريخية وسياسية واجتماعية قبل أن تكون نظاماً قانونياً وحرية الدولة في الاعتراف بها تتفق مع فكرة سيادة الدولة.
رابعاً- صور الاعتراف بالدولة:
1- الاعتراف الصريح والضمني:
ويكون الاعتراف صريحاً كأن ينص عليه في معاهدة أو يتم بشكل إعلام أو وثيقة دبلوماسية من جانب الدولة المعترفة.
كما يمكن أن يكون الاعتراف ضمنياً ويستخلص من دخول الدولة القديمة في علاقات مع الدولة الجديدة لا تقوم عادة إلا بين الدول لحاملة السيادة، كتبادل المبعوثين الدبلوماسيين، ولكن يجب التعامل مع هذا الأمر بحذر لأن هناك علاقات لا تدل على الاعتراف الضمني بالضرورة، كإرسال برقيات التهاني أو تبادل القناصل أو إبرام اتفاقيات دولية، ولكن يجب ملاحظة أن إعلان الدولة صراحة أو عدم اعترافها بدولة معينة يلغي أي تصرف بينهما يمكن اعتباره في الظروف العادية اعترافاً ضمنياً، فمن المبادئ المسلم بها أن الإرادة الصريحة تلغي الإرادة الضمنية، أي أنه لا يمكن الاستناد إلى الإرادة الضمنية إلا حيث ينعدم وجود الإرادة الصحيحة الضمنية، أي أنه لا يمكن الاستناد إلى الإرادة الضمنية إلا حيث ينعدم وجود الإرادة الصحيحة.
ولقد جرى العمل الدولي على التفرقة بين نوعين من الاعتراف:
- الاعتراف القانوني: وهو الاعتراف الصريح المباشر.
- الاعتراف بالواقع: وهو الاعتراف الضمني الذي يستدل عليه نتيجة دخول الدولة في علاقات مع الدولة الجديدة دون التعرض بصفة رسمية صريحة لموضوع وجودها القانوني.
وهذه التفرقة أوجدتها الممارسة الدبلوماسية، حيث تلجأ إلى استخدام الاعتراف بالواقع حتى لا يؤخذ عليها تسرعها في الاعتراف من ناحية، وحتى لا تتأخر الدولة الجديدة في ممارسة نشاطها الخارجي لحين استقرار وضعها من ناحية أخرى.
وغالباً ما تلجأ الدول إلى الاعتراف بواقع وجود الدولة الجديدة حتى ستقر أمورها فتوليها اعترافها القانوني، وأخيراً لا تتيح التفرقة السابقة أي تغيير في مبدأ الاعتراف ذاته.
2- الاعتراف الفردي والاعتراف الجماعي:
غالباً ما يكون الاعتراف فردياً، والاعتراف الفردي هو الذي يصدر صراحة أو ضمناً من كل دولة حدة تجاه الدولة الجديدة إما من تلقاء نفسها أو إجابة لطلب الدولة الجديدة وقد يكون الاعتراف جماعياً في صور نادرة إذا صدر من مجموعة من الدول مجتمعة في معاهدة أو وثيقة مشتركة أو أثناء انعقاد مؤتمر دولي.
* ويعتبر في حكم الاعتراف الجماعي: القرار الصادر من منظمة أو هيئة دولية تكون عضويها قاصرة على الدول كهيئة الأمم المتحدة بقبول دولة جديدة عضواً بها ويفرق في هذا النوع من الاعتراف بين حالتين:
- إجماع الدول على عضوية الدولة الجديدة في المنظمة ولا يثير هذا الأمر أي صعوبة.
- معارضة بعض الدول الأعضاء على عضوية الدولة الجديدة.
لقد انقسم الفقه بشأن مدى صحيحة هذا الاعتراف في مواجهة الدول المعترضة إلى فريقين:
الفريق الأول: ويتزعمه جورج سيل، حيث قال أن قبول العضوية يؤدي إلى اعتراف جميع الدول الأعضاء بالدولة الجديدة لأنه من غير المعقول أن تكون الدولة الجديدة شريكة في الحقوق والواجبات التي يرتبها الانضمام للمنظمة مما يحتم وجود تعاون جميع الدول الأعضاء مع عدم اعتراف بض الأعضاء بصفاتها كدولة.
الفريق الثاني: يرى أن قبول الانضمام إلى المنظمة لا يفترض اعتراف كل دولة عضو في المنظمة الدولية الجديدة، فالدول التي صوتت ضد قبول الدولة الجديدة في المنظمة لا يمكن إلزامها بالاعتراف بالدولة الجديدة أو مباشرة العلاقات الدبلوماسية معها.
خامساً- هل يجوز سحب الاعتراف؟
تختلف الإجابة عن هذا التساؤل طبقاً للطبيعة القانونية للاعتراف ذاته، وهل بد الاعتراف منشئاً للدولة أم مقرراً لواقع وجودها، فإذا أخذنا بنظرية الاعتراف المنشئ فإنه يجوز للدولة سحب الاعتراف، أما إذا أخذنا بنظرية الاعتراف المقرر والتي تعتبر مجرد إقرار بالأمر الواقع فلا يجوز سحب الاعتراف ما دام هذا المر ما زال قائماً.
غير أنه لما كان الاعتراف عملاً من الأعمال الإرادية الحرة من جانب الدول المعترفة فإنه حتى في ظل الاعتراف المقرر يصبح من العسير إطلاق القول بعدم جواز الرجوع في الاعتراف أو سحبه، إلا أن أنصار نظرية الاعتراف المقرر يؤكدون أن سحب الاعتراف بعد صدوره إجراء خطير ويجب عدم اللجوء إليه إلا في حالات استثنائية تبرره كما لو تصرفت الدولة الجديدة تصرفاً يتنافى مع واجباتها كدولة متمدنة أو لم تلتزم في تصرفاتها بالقواعد القانونية أو لم تحترم الأوضاع الثابتة التي يجري عليها العمل في المجتمع الدولي.
* ولكن يجب أن يكون سحب الاعتراف صريحاً، فلا يمكن أن يستدل عليه ضمنياً، فقطع العلاقات الدبلوماسية لا يعتبر سحب الاعتراف بالدولة ما لم يتم إعلان ذلك صراحة ومثال ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وفرنسا عام 1956 ولم يفسر ذلك على أنه سحب للاعتراف بفرنسا.
سادساً- التفرقة بين الاعتراف بالدولة والاعترافات التمهيدية:
لا يجوز الاعتراف بالدولة التي تستكمل عناصرها، وعند نشوء دولة عقب حركة انفصالية، تكون الدول أمام اعتبارين الأول اعترافها بهذه الدولة لتباشر اختصاصاتها الدولية والثاني توخي الحيطة ريثما يتم التأكد من قيام الدولة الجديدة بشكل نهائي، ولكن مع التسليم بعدم جواز الاعتراف بالدولة إلا بعد استكمالها لعناصرها الأساسية، هناك صوراً أخرى من الاعترافات يطلق عليها الاعترافات التمهيدية وهي اعترافات تؤدي إلى مجرد إقرار أوضاع قائمة ويترتب عليها بعض الآثار القانونية، وتثور مسألة الاعترافات التمهيدية عادة في الحالات التي تسعى فيها بعض الجماعات عن طريق ثورة أو أعمال حربية إلى تكوين دولة مستقلة ولقد جرت العادة على التفرقة في هذه الحالات بين ثلاثة أنواع من الاعترافات على التفصيل الآتي:
1- الاعتراف بالثورة:
ويقصد بالثورة: العصيان الذي يزيد عن مجرد الهياج، والذي لا يبلغ من الجسامة حد الحرب الأهلية، ويجوز صدور الاعتراف بالثورة من دولة الأصل نفسها بهدف رفع مسئوليتها عن أعمال الثورة أو من دولة أجنبية.
* فإذا صدر الاعتراف من دولة الأصل نفسها ترتب على ذلك وجوب معاملة الثوار كأسرى حرب، وعدم جواز معاملتهم كخونة أو مجرمين، ومن ناحية أخرى تصبح دولة الأصل غير مسئولة عن تصرفات الثوار ويتحمل هؤلاء نتائج أعمالهم.
* أما إذا صدر الاعتراف من دولة أجنبية التزمت هذه الدولة بعدم التدخل إلى جانب دولة الأصل مقابل التزام الثوار باحترام سلامة أرواح رعاياها وأموالهم في الإقليم الذي يسيطرون عليه على أن الاعتراف من جانب دولة أجنبية لا يترتب عليه إعطاء الثوار الحقوق المقررة للمحاربين في القانون الدولي، مثل حق الزيارة وتفتيش السفن الأجنبية وإن كان يفرض على الدولة المعترفة أن لا تعاملهم كقراصنة إذا وقع منهم أي اعتداء على سفنها لأسباب تتعلق بالثورة.
2- الاعتراف بحالة الحرب:
وهو يتم إذا استمر النضال واتسع مداه وأصبح الثوار حكومة منظمة تباشر سلطاتها على إقليم معين وجيش منظم يتبع قواعد الحرب، وفي هذه الحالة يكون هناك محل للاعتراف بحالة الحرب والثوار بصفة محاربين بما يترتب على ذلك من آثار قانونية فيما يتعلق بتطبيق قواعد الحرب والحياد، وقد يصدر الاعتراف من دولة الأصل ويترتب على ذلك التزامها بمراعاة جميع قواعد الحرب مع الإقليم الثائر كما تثبت لهذا الإقليم جميع حقوق وواجبات المحاربين.
* أما إذا صدر الاعتراف من دولة أجنبية يلتزم محاربو الإقليم الثائر بمراعاة قانون الحرب والحياد في مواجهة هذه الدولة مقابل تمتعهم المحاربين وتلتزم الدولة المعترفة بمراعاة جانب الحياد.
3- الاعتراف بأمة:
يتم بقيام حركة عدائية من جانب رعايا دولة ما ضد هذه الدولة بغرض الانفصال عنها وتتخذ إقليم دولة أجنبية مركزاً لها توجه منه عملياتها العدائية ضد دولة الأصل، والاعتراف بالأمة لا سند له قانونياً وإنما هو إجراء استثنائي أملته سياسة دولة الحلفاء في الحرب العالمية الأولى الهدف منه كسب تعاطف الجماعات وكسبها إلى صفوفها، وتكمن أهمية هذا الاعتراف إلى أن الأمة إذا شكلت دولة مستقبلاً فإن الدولة المعترفة ستعترف بهذه الدولة الجديدة.
سابعاً- التفرقة بين الاعتراف بالدولة والاعتراف بالحكومة:
الاعتراف بالدولة يؤدي إلى نشأة شخصية قانونية دولية جديدة في حين أن الاعتراف بحكومة جديدة في دولة من الدول لا يقصد به أكثر من تمكين الدول التي يصدر منها من الاستمرار في علاقاتها مع الدولة التي تغير نظام الحكم بإحلال حكومة جديدة محل الحكومة القديمة ولا شأن لهذا الاعتراف بشخصية الدولة، بمعنى أن عدم الاعتراف بالحكومة الجديدة لا يترتب عليه أكثر من قطيع العلاقات الرسمية بين الدولة التي تغيرت حكومتها والدولة التي تمتنع عن الاعتراف بها، فتغير نظام الحكم من ملكي إلى جمهوري وغير ذلك من التغيرات الدستورية لا يؤثر في استمرار الشخصية الدولية للدولة.
* ويكفي للاعترافات بالحكومة الجديدة أن يثبت أنها تسيطر على زمام الأمور داخل الدولة وأن في مقدورها أن تفي بالتزاماتها الدولية، وليس للدولة التي تزمع الاعتراف بالحكومة الجديدة أن تتعرض إلى شكل تلك الحكومة أو كيفية توليها السلطة، وإن كان لها أن تمتنع عن هذا الاعتراف أو تؤجله إذا ما رأت أن هذه الحكومة قد وصلت إلى السلطة بطريق العنف أو الإرهاب أو بالمخالفة لأحكام القانون الدولي.
الفصل الرابع : التغيرات السياسية والإقليمية التي تطرأ على الدولة
إن المبدأ العام هو أنه مهما صادف الدولة من تغييرات على المستويين الداخلي والخارجي فإن هذا لا يؤثر على شخصية الدولة، فمتى نشأت الدولة واستمر وضعها في المجتمع الدولي باعتراف الدول بها كشخص قانوني دولي، فإنها تحافظ على هذه الشخصية الدولية، رغم ما يطرأ عليها من تغيرات.
المبحث الأول : النتائج المترتبة على تغيير نظام الدولة الداخلي
* لا يؤثر تغيير نظام الحكم على شخصية الدولة ولا على وضعها القانوني بالنسبة للدول الأخرى ويستمر تمتع الدولة بالحقوق المترتبة لها وللحكومة الجديدة أن تمارس كل الحقوق والمزايا والمطالبة بالحقوق المترتبة في ذمم الدول الأخرى وبالمقابل تلتزم بما على الدول من واجبات وديون حتى إن رتب ذلك الحكومة السابقة، لأن هذه الحكومة كانت تعمل باسم الدولة.
* وعلى الدولة إبلاغ الدول الأخرى بما حدث فيها من تغيرات حتى تعترف بالحكومة الجديدة والغرض من الاعتراف هو تسهيل مهمة اتصال الحكومة الجديدة بالدول الأخرى ولتحديد السلطة التي تقوم بتمثيل الدولة والتي يجب أن يتم التعامل معها فيما يتعلق بالشئون التي تهم علاقة هذه الدولة بالدولة الأخرى، وبتمام الاعتراف بالحكومة الجديدة تظل الأخيرة ملتزمة بجميع التعهدات الدولية للحكومة السابقة عليها.
المبحث الثاني : النتائج المترتبة على التغيرات التي تطرأ على إقليم الدولة
قد يطرأ على إقليم الدولة تغير بأن تفقد الدولة جزء من إقليمها باستقلاله أو بضمه لدولة أخرى أو عن طريق ضم الدولة لكل أو بعض إقليم دولة أخرى، وهاتان العمليتان مرتبطتان كل منهما بالأخرى فالانفصال يقابله حتماً انضمام الإقليم المنفصل إلى دولة أخرى ويترتب على ذلك تغير السيادة على الإقليم المنفصل أو المضموم ويدرس الشراح النتائج القانونية التي تترتب على الغيرات الإقليمية التي تطرأ على إقليم الدولة تحت اسم "الميراث الدولي" قياساً على ما يحدث عند انتقال تركة شخص إلى ورثته.
ويشترط لتمام عملية الميراث الدولي انتقال كل أو بعض إقليم الدولة من سيادتها إلى سيادة دولة أخرى، فالميراث الدولي قد يكون كلياً وذلك بانتقال إقليم الدولة بكامله إلى دولة أخرى وقد يكون جزئياً حينما تفقد الدولة بعض إقليمها فقط مع احتفاظها بشخصيتها الدولية. وهناك عدة جوانب يؤثر عليها الميراث الدولي سندرسها بالتفصيل.
أولاً- أثر الميراث الدولي على المعاهدات:
- في حالة الانفصال:
تبقى دولة الأصل ملتزمة بالمعاهدات التي أبرمتها لأن الانفصال لا يؤثر على شخصيتها الدولية، في حين لا تسري هذه المعاهدات بحق الإقليم الذي انفصل سواء انضم إلى دولة أخرى أو شكل دولة مستقلة إلا إذا كانت المعاهدة تنصب مباشرة على هذا الإقليم كمعاهدات تعيين الحدود أو تنظم حق الملاحة النهرية، أما الدول التي نالت استقلالها حديثاً، فبعضها تحلل من المعاهدات التي أبرمتها الدولة الاستعمارية وبعضها استمر على التزامه بها على أن يتم حسم الأمر بشكل لاحق في حين أن دولاً أخرى التزمت باحترام المعاهدة.
- في حالة الانضمام:
إن إبرام المعاهدات من أعمال السيادة وبالتالي يخضع الإقليم المنضر للمعاهدات التي أبرمتها الدولة قبل انضمامه إليها، أما إذا كان قصد الدول الأطراف في المعاهدة هو أن يقتصر تطبيقها على الأقاليم الخاضعة لكل منها وقت إبرامها، أو كانت طبيعة الإقليم المنضم لا تتفق مع طبيعة المعاهدة ففي هذه الحالة لا يخضع لما تقرره هذه المعاهدة من أحكام وغني عن البيان أنه يجوز الاتفاق على خلاف ما تقدم بشرط عدم المساس بحقوق الدول الأخرى المكتسبة على الإقليم المنضم.
ثانياً- أثر الميراث الدولي على الديون العامة:
فرق هنا بين حالة الميراث الكلي وحالة الميراث الجزئي:
- الميراث الكلي: تنتقل كافة ديون الدولة المورثة طبقاً للرأي الراجح من ذمتها إلى ذمة الدولة الوارثة، وذلك نظير استفادتها من موارد الإقليم الذي ضمته.
الميراث الجزئي: نفرق بين الديون المحلية والديون غير المحلية:
الديون المحلية: هي التي تكون الدولة المورثة قد التزمت بها لمصلحة الإقليم المنفصل فهذه الديون تنتقل بأكملها إلى الدولة الوارثة، وعلى الرغم من أن القاعدة العامة لا تعف الدولة من ديونها عند انفصال إقليم عنها، إلا أن ما تقدم تبرره مقتضيات العدالة حيث إن الديون التي نشأت في ذمة الدولة المورثة كان أساسها منفعة تتعلق بالجزء المنفصل على وجه التحديد وبالمقابل الدولة المورثة فقدت جزء من مواردها انفصال الإقليم عنها.
الديون غير المحلية: وهي التي تعقد لمصلحة الدولة المورثة ككل بما فيها الإقليم المنفصل، ولا توجد قاعدة بشأنها ولكن مقتضيات العدالة والضرورات الاقتصادية تقضي بوجوب تحميل الإقليم المنفصل نصيباً منها تلتزم به الدولة الجديدة التي نشأت فيه أو الدولة التي ضمته إليها.
وانقسم الفقه في هذا الشأن إلى عدة اتجاهات، فهناك رأي يحدد نصيب الإقليم من تحمل الديون بقدر مساحته الجغرافية ولكن يعاب على هذا المعيار أن مساحة الإقليم ليست مقياساً حقيقياً لقيمته الاقتصادية والمالية فقد يكون هذا الإقليم صحراء وينادي رأي آخر بأن يكون عدد السكان هو المعيار ولكن كثافة سكان إقليم معين ليست بالضرورة مؤشراً لثراء هذا الإقليم، وأما الرأي الذي يحظى بتأييد كثير من الشراح فهو الذي نادى به "بلنتشلي" والذي يرى أن يكون أساس التحديد هو نصيب الإقليم من مجموع ضرائب الدولة المورثة، وعلى هذا الرأي جرى العمل ولقد أخذت به معاهدات الصلح لعام 1919.

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655185

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

 ماهية الدولة وعناصر تكوينها 1384c10


الأوسمة
 :


 ماهية الدولة وعناصر تكوينها Empty
مُساهمةموضوع: رد: ماهية الدولة وعناصر تكوينها    ماهية الدولة وعناصر تكوينها I_icon_minitime18/6/2011, 10:47

خيارات المساهمة


ثالثاً- أثر الميراث الدولي على الأملاك:
في حال الميراث الكلي فإن الأموال العامة والخاصة التي كانت تملكها الدولة المورثة تنتقل بالكامل إلى ملكية الدولة الوارثة. أما في حالة الميراث الجزئي فتنتقل جميع الأملاك العامة الموجودة على هذا الإقليم إلى الدولة الوارثة مع احتفاظها بصفتها كأملاك مخصصة للمنفعة العامة كالطرق والسكك الحديدية... أما بالنسبة للأملاك الخاصة فتظل في ملكية الدولة المورثة ما لم يتفق على خلاف ذلك الدولتين صاحبتي الشأن أو إذا ورد شرط مخالف في المعاهدة التي ارتبطت بها الدولة المورثة مع الدولة الوارثة، وأخيراً لا تتأثر الأملاك الخاصة بالأفراد بانتقال الإقليم إلى سيادة الدولة الوارثة.
رابعاً- أثر الميراث الدولي على النظام القانوني الداخلي:
1- التشريع:
يخضع الإقليم بعد ضمه إلى دستور الدولة الوارثة والنظام السياسي مباشرة دون حاجة إلى أي إجراء، أما بالنسبة للقوانين الأخرى كالجنائية والإدارية يحتاج تطبيقها إلى بعض الإجراءات كالإصدار والنشر ليعلم بها سكان الإقليم وقبل سريان هذه القوانين أي في الفترة الانتقالية تطبق الدولة الوارثة مؤقتاً القوانين القديمة التي كانت سارية على الإقليم المنضم قبل انضمامه إلى أن تحل محلها قوانين هذه الدولة تدريجياً، غير أنه يجب المحافظة على الحقوق المكتسبة لرعايا الإقليم المنضم في ظل التشريعات القديمة، كما يجب احترام الحقوق الخاصة التي تكون قد منحت للشركات الأجنبية أو الأفراد بمعرفة الدولة المورثة على الإقليم المنضم.
2- القضاء:
وهنا يجب التفرقة بين الدعاوى التي تكون مطروحة أمام محاكم الإقليم قبل حصول الضم والتي لم يكن قد فصل فيها نهائياً، والأحكام النهائية التي أصدرتها هذه المحاكم قبل الضم ونبحث كل حالة من هذه الحالات في إطار المسائل المدنية ثم المسائل الجنائية.
أ- المسائل المدنية:
إذا لم يفصل نهائياً في الدعوى قبل حصول الضم تنتقل إلى محاكم الدولة الحديثة مع مراعاة الإجراءات السابقة فهي تعتبر حق مكتسب لذوي الشأن، كما يجب تطبيق القانون الذي رفعت الدعوى في ظله كلما أدى عدم تطبيقه إلى مساس بحق مكتسب لأطراف الدعوى حتى لا يضار المتقاضون وتصان حقوقهم المكتسبة قبل ضم الإقليم.
* أما إذا كان قد صدر في الدعوى حكم نهائي من محاكم الإقليم ولم يكن قد تم تنفيذها قبل الضم، كان هذا الحكم حقاً لمن صدر في صالحه وله أن يطلب تنفيذه على الوجه التالي:
- إذا كان التنفيذ على أرض الدولة المورثة فإنه يتم دون حاجة إلى أي إجراء جديد.
- إذا كان التنفيذ على أرض الإقليم المنفصل فقد جرى العرف على أن يتم دون حاجة إلى إجراء جديد وذلك تيسيراً على أطراف الدعوى.
- إذا كان التنفيذ على أرض الدولة الورثة وجب لإمكان القيام به الحصول على إذن بالتنفيذ من قضائها على اعتبار أن الحكم في هذه الحالة صادر من قضاء دولة أجنبية.
ب- المسائل الجنائية:
إذا لم تكن المحاكم الجنائية قد بدأت من أجل جريمة وقعت قبل ضم الإقليم فيقدم المتهم للمحاكمة أمام محكمة الدولة الوارثة، وتتم إجراءات المحاكمة وفقاً لقانونها وتقوم الدولة الوارثة عند محاكمة المتهم بمراعاة المبادئ العامة للقانون الجنائي فلا يحكم على المتهم بعقوبة أشد مما كان سيحكم به عليه وفقاً لقانون الدولة المورثة والتي وقعت الجريمة في إقليمها، أما إذا كان قانون الدولة الوارثة لا يعاقب على مثل الفعل منسوب إلى لامتهم فلا يجوز معاقبة الجاني في مثل هذه الحالة.
أما إذا كان المتهم قد كان حكم عليه نهائياً قبل الضم فتقوم الدولة الوارثة بتنفيذ هذا الحكم على الجاني بعد أخذ موافقة قضائها على ذلك مع مراعاة القواعد العامة السابقة الذكر.
ولما كانت المسائل الجنائية تثير صعوبات نتيجة لاختلاف التشريعات الجنائية والعقوبات من حيث نوعها وطريقة تطبيقها من دولة أخرى فإنه غالباً ما يتم النص في المعاهدات التي ينتقل بموجبها إقليم من سيادة دولة إلى سيادة دولة أخرى على كل الأمور التي يجب إتباعها بشأن هذه المسائل.
خامساً- أثر الميراث الدولي على الجنسية:
يفقد رعايا الدولة المورثة دون الأجانب المقيمين على الإقليم المنفصل جنسيتهم ويكتسبون جنسية الدولة الوارثة، ولكن مراعاة لمصالح الأفراد وميولهم جرت العادة على إعطائهم حق الخيار بين الاحتفاظ بجنسيتهم القديمة وبين اكتساب جنسية الدولة الوارثة في حال اختيار الفرض الأول عادة ما يرحلون عن الإقليم على أن يقوموا بتصفية أملاكهم فيه قبل مغادرتهم للإقليم.
الفصل الخامس : حقوق الدول وواجباتها
يترتب على ثبوت الشخصية الدولية للدولة مجموعة من الحقوق والواجبات تهدف إلى تحقيق الغرض من وجود الدولة، ومن أجل تسهيل المهام المختلفة التي تضطلع بها والحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
المبحث الأول : الحقوق الأساسية للدول
أولاً- حق المساواة:
تتمتع الدول بحق المساواة كنتيجة لسيادتها واستقلالها وهذا ما أكده ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية وعدد من التصريحات الرسمية الصادرة من رؤساء الدول ولكن وهذه المساواة قانونية ويترتب عليها النتائج التالية:
1- ليس لدولة كاملة السيادة أن تملي إرادتها على غيرها من الدول تامة السيادة في أي شأن من شئونها الخاصة.
2- إن شخصية الدولة مصونة وكذلك سلامة إقليمها واستقلالها السياسي.
3- لا تستطيع أي دولة أن تدعي لنفسها حق التقدم أو الصادرة على غيرها لأي سبب كان.
4- على كل دولة أن تنفذ تعهداتها الدولية بإخلاص.
5- لا تخضع دولة في تصرفاتها لقضاء دولة أجنبية.
6- الإقرار بمبدأ الإجماع في القرارات الدولية والقواعد القانونية الدولية على أن يكون لكل دولة صوت واحد في المنظمات والمؤتمرات الدولية.
ولكن لا تؤدي المساواة القانونية حتماً إلى المساواة السياسية، حيث أن ثروات الدولة وقوتها العسكرية والاقتصادية قد تخل بهذه المساواة حيث يكون هناك دول كبرى ودول صغرى وتجسد ذلك عملياً بإعطاء حق الفيتو للدول الخمسة دائماً العضوية في مجلس الأمن.
ثانياً- عدم التدخل:
التدخل هو تعرض دولة للشئون الداخلية أو الخارجية لدول أخرى دون أن يكون لهذا التعرض سند قانوني ويكون الهدف منه إلزام الدولة المتدخل في شئونها بإتباع ما تمليه عليها لذا في التدخل تقييد لحرية الدولة واعتداء على سيادتها، ولقد حرم ميثاق الأمم المتحدة التدخل في الشئون الداخلية للدولة الأخرى إلا تطبيقاً للفصل السابع للميثاق في المسائل التي تمس الأمن والسلم الدوليين.
ويتخذ التدخل صوراً مختلفة فقد يكون مالي أو اقتصادي أو عسكري ويتخذ الأخير شكلاً فردياً أو صريحاً وقد يكون صريحاً ومباشراً، فنياً ومقنعاً.
والتدخل عمل غير مشروع لأنه يشكل اعتداء على سيادة وحقوق الدول الأخرى وأن هذا المبدأ الرئيس الأمريكي جيمس مونرو رسمي مبدأ مونرو ولقد وجد صدى لدى دول العالم المختلفة التي كانت تعاني من وطأة التدخل الأجنبي في شئونها.
ثالثاً- الاستقلال السياسي والسيادة الإقليمية:
الاستقلال السياسي هو المظهر الخارجي لسيادة الدولة ولقد أيدته عصبة الأمم وكذلك الأمم المتحدة، وتحقيق الاستقلال السياسي ويتطلب عدم خضوع الدولة لأية سلطة أجنبية وانفرادها بممارسة كافة مظاهر السيادة على إقليمها من تنظيم وإدارة مرافقها العامة وفي مباشرة الولاية القضائية على كافة أفراد نظامها القانوني وكذا إدارة كافة شئونها الخارجية.
المبحث الثاني : واجبات الدول
يمكن إجمال واجبات الدول في ثلاثة على الوجه التالي:
1- احترام الحقوق الأساسية المقررة لكل منها.
2- مراعاة قواعد القانون الدولي العام والسير على مقتضاه.
3- احترام العهود التي ارتبطت بها وتنفيذ تعهدتها الدولية بحسن نية.
وأخيراً نقول: إن كثير من حقوق الدول تحمل في ذات الوقت طابع الواجب فحيث يكون للدولة حق يتعين على الدول الأخرى واجب احترامه، ومن ذلك نجد تلازماً بين الحقوق والواجبات.
الباب الثاني : الهيئات الدولية
الهيئات الدولية هي تلك المؤسسات التي تنشئها مجموعات من الدول بإرادتها بهدف تنظيم وسط اجتماعي معين على نحو يتسم بالدوام وتمنحها اختصاصات ذاتية تباشرها هذه المؤسسات في المجتمع الدولي وفي مواجهة الدول المنشئة لها.
الفصل الأول : الوضع القانوني للمنظمات الدولية
أولاً- الاتجاه المعارض لتمتع المنظمة الدولية بالشخصية القانونية:
يرى أنصار هذا الاتجاه وفي مقدمتهم "أنزيلوتي" أن القانون ينظم العلاقات بين الدول والاتفاق "المعاهدة" بين الدول لا يمكن أن يؤدي إلى قيام شخص قانوني دولي جديد، ويقتصر غرض هذه المعاهدة على تحديد الحقوق والالتزامات المتبادلة، ومع إنكار هذا الاتجاه إضفاء وصف الشخص القانوني الدولي على المنظمات الدولية، إلا أنهم لم يستطيعوا تحديد النظام القانوني الذي تخضع له المنظمات الدولية.
وحاول أنصار هذه النظرية تطويرها عن طريق تقديمها في شكل آخر وأطلق على هذه النظرية الجديدة عدة أسماء منها. الأجهزة المشتركة، والأجهزة الجماعية، والأجهزة المشتركة ذات النشاط الداخلي، وتقوم هذه النظرية على أن المنظمات الدولية ما هي إلا أجهزة مشتركة للدول التي أنشأتها وذلك بغرض حل المشاكل التي تقوم بينها، وتخضع هذه الأجهزة بحكم نشأتها في قيامها بهذا النشاط للدول التي أنشأتها.
ولقد تعرضت هذه النظرية للنقد حيث أنها تخلط بين الشخص القانوني وبيم الأجهزة التي يمارس نشاطه بها، فلا يجوز الخلط بين المنظمة الدولية والأجهزة التي تمثلها في العلاقات القانونية الداخلية والخارجية ويترتب على ذلك أن الشخصية القانونية إنما تثبت للمنظمة وليس للأجهزة التي تمارس بها المنظمة نشاطها.
• ويرى الأستاذ الدكتور علي صادق أبو هيف: أن الهيئات الدولية بها أهمية قانونية خاصة ذات طابع ولي بما أنها في المحيط الدولي إنما هذا لا يستتبع حتماً اعتبارها من أشخاص القانون الدولي العام لأنه لا تلازم حتمي بين الأهلية وبين الشخصية الدولية بمفهومها الدقيق، فهذه الهيئات ليست محل عناية هذا القانون لذاتها، ول ما هنالك أنه يخلقها وينظمها لمجرد الاستعانة بها على تنفيذ أحكامه فهي لا تخرج عن كونها أداة يستخدمها في تطبيق قواعده على أشخاصه الحقيقيين.
ثانياً- الاتجاه المؤيد لتمتع المنظمة الدولية الشخصية القانونية:
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وإنشاء عصبة الأمم سلم قطاع كبير من الفقهاء بتمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية إلا أنهم اختلفوا فيما بينهم في وصف وحدود هذه الشخصية والأساس الذي تبنى عليه.
* حيث يقرر الفقيه "جيدل" أن الأشخاص الدولية نوعان:
الأول: أشخاص عادية: ومنها الدول لأن الدولة تتكون من عناصر موضوعية وهي الشعب والإقليم والنظام السياسي المستقبل.
الثاني: أشخاص صناعية: ومنها المنظمات الدولية لأنها تقوم على اعتبارات سياسية وتنشأ عن إرادة الدول ذاتها.
* بينما يقرر الفقيه "كافلجييري" أن القانون الدولي ينظم علاقات الدول والهيئات الدولية وبالتالي تتمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية.
* بينما يقصر الفقيه "أوبنهايم" الأشخاص الدولية على الدول وعصبة الأمم فقط.
ولكن تغير الوضع بين إنشاء الأمم المتحدة حيث اعترفت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري عام 1949 بأن المنظمات الدولية تتمتع بالشخصية الدولية وتجسد ذلك من خلال اعترافها للأمم المتحدة بحق تحريك المسئولية الدولية لمن أصابه أحد موظفيها بالأضرار من قبل دولة أخرى، ولكن شخصية المنظمة الدولية لا تساوي شخصية الدولة لأنها شخصية وظيفية تنحصر في الأهداف والاختصاصات التي أقرتها الدول في ميثاق إنشائها.
ثالثاً- شروط تمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية:
1- أن يكون لها إرادة ذاتية مستقلة عن إرادات الدول التي أنشأتها، ويتم تكوين هذه الإرادة الذاتية عن طريق مجالس المنظمة وجمعياتها التي تصدر قراراتها بالأغلبية أو بالإجماع، ولكن لما كان شرط الإجماع يجعل إرادة المنظمة متطابقة مع إرادة الدول التي أنشأتها، فإن بعض الفقهاء يرى أن قرارات المنظمة يجب أن تصدر بأغلبية الأصوات حتى يمكن القول بأن للمنظمة إرادة ذاتية مستقلة عن إرادة الدول.
2- أن يكون معترفاً لها بالشخصية القانونية من جانب الدول سواء كان الاعتراف صريحاً أو ضمناً عن طريق الدخول مع المنظمة في علاقات دولية من ذلك النوع الذي لا يتم إلا بين أشخاص القانون الدولي.
3- أن يكون لها اختصاصات معينة تحددها المعاهدة التي أنشأتها ولا تظهر شخصية المنظمة الدولية إلا في تلك الحدود، وهي في الغالب اختصاصات الهدف منها تحقيق بعض الأهداف العامة أو الخاصة التي تهم الدول الأعضاء.


الفصل الثاني : الآثار التي تترتب على تمتع المنظمة الدولية بالشخصية القانونية
يترتب على الاعتراف للمنظمة الدولية بالشخصية القانونية عدة نتائج قانونية، أهمها:
1- حق المنظمة في التمتع بالمزايا والحصانات الدبلوماسية التي يقررها القانون الدولي لأشخاصه وأهمها الحصانة الدبلوماسية.
2- حق المنظمة في إبرام معاهدات مع الدول الأعضاء وغير الأعضاء والمنظمات الدولية الأخرى في حدود اختصاصاتها.
3- حق تحريك دعوى المسئولية الدولية لحماية موظفيها والمطالبة بتعويض عن الأضرار التي تصيبهم أثناء تأدية وظائفهم في خدمتها، مع جواز مساءلة المنظمة لنشاطها.
4- حق إنشاء علاقات دبلوماسية خارجية مع الدول الأعضاء وغير الأعضاء والمنظمات الأخرى.
5- حق التعاقد مع غيرها من المنظمات وما ينتج عن ذلك من حق تملك العقارات أو المنقولات.
6- حق التقاضي أمام القضاء الدولي ما لم يكن هناك نص صريح في نظام المحكمة الدولية يمنع المنظمات الدولية من ذلك كما هو الحال في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية.
7- حق الاشتراك في إنشاء قواعد القانون الدولي وذلك عن طريق إبرام المعاهدات أو بالمساهمة في خلق قواعد عرفية مما يعد مصدراً للقاعدة القانونية الدولية.
8- حق تسيير السفن والطائرات التي ترفع علم المنظمة.
9- حق إنشاء أجهزة في داخلها وفي الدول الأعضاء.
الباب الثالث : البابا والفاتيكان
الفصل الأول : الدولة البابوية
استمر البابا بممارسة نوعين من السيادة الروحية على العالم الكاثوليكي والزمنية على روما وبعض القطاعات الأخرى حتى عام 1870 عندما دخلت الجيوش الإيطالية روما حيث بقي للبابا السلطة الدينية والروحية في العالم الكاثوليكي، وفي عام 1871 أصدرت إيطاليا قانون الضمان حيث اعترف للبابا بصيانة ذاته وببعض القصور والمباني الخاصة، وإعطاء حق تبادل الممثلين الدبلوماسيين مع الدول مع تمتعهم بالحصانات والامتيازات الدبلوماسية المقررة في القانون الدولي العام.
ولقد تأكد هذا الوضع في معاهدة لاتران المبرمة بين البابا وبين الحكومة الإيطالية عام 1929 حيث تم أصبح للبابا السلطة الزمنية والروحية على الفاتيكان الذي أصبح دولة قائمة بذاته ومستقلاً عن إيطاليا، وتتمتع هذه الدولة بكافة مظاهر السيادة الخارجية ومنها حق الصدارة والتقدم على الدول الكاثوليكية وحق عقد الاتفاقيات الدولية الخاصة بتنظيم ممارسة مثلي الكنيسة في البلاد الأجنبية للأعمال المتصلة بالشئون الدينية وممارسة شعائرها، ومن مظاهر السيادة الداخلية تتمتع الفاتيكان بحق الإدارة والتشريع والقضاء في المسائل المدنية ومسائل الأحوال الشخصية الخاصة برعاياها.
الفصل الثاني : الوضع القانوني لمدينة الفاتيكان
اعتقد بعض الفقهاء أن البابا قد استعاد صفته كرئيس لدولة الفاتيكان بعد معاهدة 1929 غير أن ذلك الرأي لا يمكن التسليم به في ظل المعطيات الأساسية للقانون الدولي وخاصة تلك التي تتعلق بمعيار الشخصية القانونية الدولية، فمدينة الفاتيكان لا يمكن اعتبارها دولة حديثة حيث إنه ليس لها رعايا بالمعنى الصحيح فسكانها عبارة عن موظفي الفاتيكان وهم من الموظفين الذين يكتسبون الرعوية البابوية بحكم وظائفهم فقط، ويفقدون هذه الرعوية ويعودون إلى جنسياتهم الأصلية بمجرد تركهم لوظائفهم، أما فيما يتعلق بمباشرة الاختصاص العام المعترف به للدول فإن الفاتيكان لا تباشر مثل هذه الاختصاصات وإنما تتولاها الحكومة الإيطالية بناءً على طلب من الفاتيكان كما أن مباشرة القضاء الجنائي تقوم به المحاكم الإيطالية، ويلاحظ أن شخصية البابا الدولية كانت مستمدة من صفته الروحية بالنسبة للعالم المسيحي الكاثوليكي، ويترتب على ذلك أن دولة الفاتيكان تتمتع باختصاصات خاصة وليس عامة كما هو الحال بالنسبة للدول.
وبالتالي لم يقصد من اتفاقية 1929 جعل الفاتيكان دولة وإنما قصد منها فقط تمكين البابا من مباشرة سلطته الدينية كرئيس للكنيسة الكاثوليكية بعيداً عن أي مؤثرات خارجية ومن ناحية أخرى يمكن القول أن الباب يتمتع بشخصية دولة متميزة مصدرها ماله من سيادة روحية على العالم المسيحي الكاثوليكي، وخلاصة القول أن شخصية البابا الدولية هي شخصية قانونية من نوع خاص، الهدف منها توفير مجال مادي مستقل للبابا يمارس من خلاله سيادته الروحية على العالم المسيحي الكاثوليكي مع عدم جواز اشتراك الفاتيكان في المؤتمرات الدولية أو مؤتمرات الأمم المتحدة التي تناقش فيها المصالح الدنيوية التي تخرج عن النطاق الذي يباشر فيه شخصيته الدولية.
الباب الرابع
الفرد على المستوى الدولي
إن الحقوق والحريات التي اعترف بها فقهاء القانون الأوائل للفرد على المستوى الداخلي هي في أغلبها حقوق سلبية، بمعنى أن الدول تلتزم فقط باتخاذ موقف سلبي تجاهها يتخلص في امتناعها عن عرقلة الأفراد عن التمتع بهذه الحقوق والامتناع عما يؤدي إلى الاعتداء عليها.
ولكن في ظل نظرية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي ظهرت ابتداءً من العقد الثاني من القرن العشرين أصبح على الدولة التزام إيجابي بتمكين الأفراد من مباشرة حقوقهم ذات الطابع الإيجابي مثل حق العمل والتعليم، وقد كان لهذه النظرية تأثير كبير في تطور دساتير الدول وتشريعاتها الداخلية منذ الحرب العالمية الأول، وعلى وجه الخصوص في الفترة التي تلت انتهاء الحرب العالمية الثانية.
غير أن مركز الفرد في القانون الدولي مازال يكتنفه كثير من الغموض وعدم الوضوح، وتختلف آراء الفقهاء مابين مؤيد ومعارض لتمتع الفرد بالشخصية القانونية الدولية.
الفصل الأول : مركز الفرد في القانون الدولي
انقسم الفقه الدولي فيما يتعلق بمركز الفرد في القانون الدولي إلى عدة آراء:
أولاً- المدرسة الوضعية:
ترى هذه المدرسة أن الدول هي أشخاص القانون الدولي نظراً لما تتمتع به من سيادة في حين لا يعتبر الفرد من أشخاص القانون الدولي لأنه لا يتمتع بميزة خلق القواعد الدولية من جهة وعدم قدرته على أن يكون طرفاً في العلاقات الدولية من جهة ثانية وعدم انطباق قواعد القانون الدولي عليه بصورة مباشرة من جهة ثالثة.
وينتهي أنصار هذه المدرسة إلى القول بأن الفرد يمكن اعتباره محلاً للحقوق التي يقررها القانون الدولي ولكنه لا يعتبر من أشخاص القانون الدولي.



ثانياً- المدرسة الواقعية:
يقرر أنصارها أن الفرد هو الشخص الوحيد في القانون الدولي والداخلي، في حين ينكرون شخصية الدولة ويرفضون نظرية السيادة الوطنية باعتبار أن الدولة ما هي إلا وسيلة قانونية لإدارة مصالح الجماعة التي تتكون من أفراد هم في والواقع الأشخاص الوحيدون المنصور وجودهم في أي نظام قانوني.
وينطلق أنصار هذه النظرية في بناء تصورهم من إنكارهم لحقيقة الشخصية المعنوية واعتبارها ضرباً من ضروب الخيال القانوني، والدولة بهذا المفهوم لا تعد شخصاً من أشخاص القانون الدولي وهي ليست المخاطب الحقيقي بقواعد القانون الدولي، ولكنها وسيلة فنية يتم من خلالها إدارة مصالح جماعة الأفراد، ومن ثم فإنهم يقصرون وصف الشخص القانوني على الأفراد باعتبارهم المخاطبين الحقيقيين بقواعد الدولي العام.
ثالثاً- المدرسة الحديثة:
وهي وسط بين المدرستين، حيث لا تعتبر الفرد موضوعاً للقانون الدولي ولا شخصاً من أشخاصه ولكنها تعتبره المستفيد النهائي من أحكامه.
ويفرق أنصار هذه المدرسة وعلى رأسهم شارل روسو وبول رتير بين أمرين أساسيين فيما يتعلق بعلاقة الفرد بالقانون الدولي:
الأول: اهتمام القانون الدولي بالأفراد باعتبارهم الهدف البعيد له حيث أنه يحتوي قواعد قانونية هدفها النهائي رفاهية الفرد وسعادته.
الثاني: مخاطبة القانون الدولي للأفراد في بعض قواعده خطاباً مباشراً فيكون الأفراد موضوعاً لها وذلك بأن يكون لهم حقوق أو عليهم أو عليهم التزامات يترتب على مخالفتهم لها التعرض للجزاء.
وانتهى أنصار المدرسة الحديثة إلى أن للفرد وضع الشخص الدولي على أن أهليته لاكتساب الحقوق محدودة كما أنه لا يمارس هذه الحقوق بنفسه إلا في بعض الأحوال الاستثنائية فالفرد في بعض الحالات النادرة التي تخاطبه فيها قواعد القانون الدولي مباشرة يصبح شخصاً قانونياً دولياً بالمعنى الصحيح، ولكن هذه الحالات الاستثنائية لا تؤثر في الأصل العام، وهو أن الفرد ليس من أشخاص القانون الدولي المعتادين.
ويفرق الأستاذ طلعت الغنيمي بين الشخصية والذاتية والأهلية القانونية الدولية ويرى سيادته أنه لكي تتوافر للوحدة الشخصية القانونية الدولية لا بد أن تجمع وصفين:
1- أن تتمتع بالأهلية القانونية لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات الدولية.
2- أن تكون لدى الوحدة القدرة على خلق قواعد القانون الدولي.
وإن الوحدة التي تتمتع بالحقوق وتتحمل الالتزامات الدولية ولا تتمتع بالقدرة على خلق قواعد القانون الدولي تتمتع بالذاتية الدولية والتي يمكن تعريفها بأنها "مركز قانوني يتوسط بين انعدام الشخصية القانونية وما بين توافرها وهي خاصة بالوحدة التي تملك الأهلية القانونية دون الإرادة الشارعة".
وبالتالي يكون للفرد ذاتية دولية حيث يتمتع بالحقوق وبتحمل الالتزامات الدولية دون أن يكون له شخصية قانونية دولية.
وأخيراً على الرغم من أن لكل من النظريات السابقة وجاهته فإنه لا يمكن الأخذ بأي منها على إطلاقها في ظل المعطيات الجديدة للقانون الدولي المعاصر الذي أصبح الفرد في ظله يتمتع بمركز متميز في ميدان العلاقات الدولية، فقد أصبح الفرد الآن طرفاًً أصيلاً في كثير من الحالات التي تقوم فيها علاقات مباشرة بين الأفراد وبين أشخاص القانون الدولي، يضاف إلى ذلك الدور الذي يلعبه الفرد في المجال الدولي سواء في وقت السلم أو في زمن الحرب، وتأثيره المباشر وغير المباشر على علاقات الدول من ناحية وعلى حقوقه ومصالحه من ناحية أخرى، وهو ما جعل الفرد محل اهتمام متزايد من جانب القانون الدولي.
الفصل الثاني : الأفراد كمحل للحقوق في المعاهدات.
* يرجع الجدل الفقهي الذي أثاره مركز الفرد على المستوى الدولي إلى عدم إدراك الفارق بين الاعتراف له بالحقوق في المعاهدات الدولية، ومدى إمكانية اقتضاء الفرد لهذه الحقوق بنفسه، فالأفراد رغم تمتعهم بالحقوق فإنهم لا يمكنهم كفالة هذه الحقوق على المستوى الدولي إلا عن طريق الدول التي يتبعونها، غير أن ذلك لا يعني أن الفرد لا يمكن أن يعد من أشخاص القانون الدولي، أو أن حقوقه بصفة كاملة منوطة بالسلطة التي تتمتع بأهلية اقتضاء الحقوق نيابة عن الأفراد لذلك، فإن الرأي السائد في الفقه والذي ينادي بأن حقوق الفرد حال تواجده في بلد جنبي هي حقوق دولته وليست حقوقه هو رأي يجانبه الصواب، فالمفهوم الصحيح لدور الدولة في هذه الحالة هو أن دولة الشخص الأجنبي عندما تقوم باقتضاء الحقوق فإنها تذوب عن مواطنيها في المطالبة بحقوقهم التي تقررت بموجب المعاهدات الدولية أمام الدول الأجنبية، ولذلك، فإنه يجب استبعاد نظرية اقتضاء الحقوق وعدم اعتبارها الأساس الذي يبنى عليه الرأي القائل بأن الفرد لا يمكن أن يعد شخصاً من أشخاص القانون الدولي.
* وللإجابة على التساؤل الذي يطرح نفسه دائماً، عما إذا كان الفرد في بعض الأحوال يمكن أن يكون من أشخاص القانون الدولي أم لا، وما إذا كان هذا الوصف يمتد ليشمل أهلية الفرد لاقتضاء حقوقه، يجب الرجوع إلى كل حالة على حدة والنظر في المعاهدة التي تقرر للفرد الحقوق محل البحث، ويفرق فقهاء القانون العام في هذا الصدد بين الحقوق والحريات السلبية، وهي التي تظهر في صورة قيود على سلطة الدولة، والحقوق والحريات الإيجابية التي تتضمن خدمات إيجابية تقدمها الدولة إلى الأفراد.
* ويتضح المركز القانوني للفرد بالنظر إلى مدى إمكانية مطالبته بحقوقه مباشرة، طبقاً لنص المعاهدة التي تقرر له هذه الحقوق، بصفة استقلالية ودون الرجوع إلى النظام القانوني الداخلي الذي يتبعه، والاتفاقيات الدولية التي تتناول بالتنظيم حقوقاً للأفراد أو تضع أنظمة كما يتهم لا تقرر عادة حقوقاً مباشرة للأفراد وإنما ترتب حقوقاً والتزامات على عاتق الأطراف فيها ويترتب على ذلك أن الإفراد وإن كانوا يستفيدون من الحقوق التي أقرتها هذه الاتفاقيات.
فإنهم لا يمكنهم كفالة حماية هذه الحقوق أما الدول الأجنبية إلا عن طريق الدول التي يتبعونها طبقاً لقواعد الحماية الدبلوماسية.
* كما أن الحقوق الدولية للأفراد لا تصبح نافذة في إطار النظام القانوني الداخلي إلا وفقاً للقواعد المتعلقة بنفاذ المعاهدات داخل الدولة، وهذا ما أكدته محكمة العدل الدولية والإشارة إلى أنها تحفظت قائلة "أنه من الممكن أن تكون نية أطراف المعاهدة هي إنشاء مثل هذه الحقوق أو الالتزامات بالنسبة للأفراد ونفاذها أمام المحاكم الداخلية.
* وقد تناول رأي المحكمة رفضها الحجة التقليدية التي تنكر إمكانية اعتبار الفرد شخصاً من أشخاص القانون الدولي لعدم تمكنه مباشرة من اقتضاء الحقوق والتحمل بالالتزامات التي ترتبها الاتفاقيات التي تقرر حقوقاً للأفراد أو تضع أنظمة كما يتهم وقد أكدت المحكمة إمكانية تمتع الفرد بالحقوق وتحمله بالالتزامات إذا اتجهت نية أطراف المعاهدة إلى ذلك، ولا يعد ما قررته المحكمة واقعة فريدة من نوعها فقد توالت المحاكم بعد ذلك مؤيدة هذا الاتجاه.

منقووول للفائدة .
AlexaLaw

التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
 

ماهية الدولة وعناصر تكوينها

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

+
صفحة 1 من اصل 1

.:: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ::.


      هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة     
odessarab الكلمات الدلالية
odessarab رابط الموضوع
AlexaLaw bbcode BBCode
odessarab HTML HTML كود الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم القانون :: منتدى AlexaLaw لعالم القانون :: فروع القانون العام :: القانون العام الخارجي (القانون الدولي العام)-
انتقل الى:  
الإسلامي العام | عالم القانون | عالم الكتاب و الثقافة العامه | التجاره و المال و الأعمال | البرامج و تكنولوجيا المعلومات | تطوير المواقع و المدونات | الترفيهي و الإداري العام

Powered by AlexaLaw.com ® Phpbb Version 2
Copyright © 2010
.:: جميع الحقوق محفوظه لمنتدى عالم القانون © ::.

.::جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه و إنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه في حدود الديمقراطيه و حرية الرأي في التعبير ::.