الإجراءات القانونية لحماية البيئة البحرية من التلوث الناتج عن السفن - دراسة مقارنة للقانون اليمني والمصري في ضوء أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982




أ/ خالد إبراهيم أحمد الوزير
المقدمة
إن البحث في موضوعات البيئة عموماً .. يعد من الناحية القانونية حديثاً نسبياً ، حيث وقد بدأ الاهتمام بها منذ وقت قريب لا يتعدى العشرون عاما وإن كان قد سبق ذلك اهتمام من النواحي الإنسانية والاجتماعية .
ومن المتفق عليه أن الحماية والحفاظ على البيئة يعتمد في عصرنا الحديث على ركائز ثلاث .. هي :
الجانب العلمي والاجتماعي والقانوني .
فجهود العلماء والباحثين التي تسعى للحفاظ على البيئة وإبقائها صالة لمعيشة الإنسان وسائر الكائنات الحية وما يتوصلوا إلية من نتائج عملية لن يكون لها الأثر المطلوب رغم أهميتها القصوى البالغة ، أن لم يتضمنها نص قانوني جامع مانع لما يحتويه من إجراءات وترتيبات وعقوبات ويكون ملزم لكافة الأطراف المعنية سواءً كان هذا الطرف هو مصدر التلوث وباعثة أو المناط به إجراء الرقابة والحماية الواجبة ، أو الكافة من الأفراد والمؤسسات بما يجب عليهم أن يلزموا به من ضوابط واعتبارات تحمي في النهاية المجتمع الإنساني من أي تلوث يؤثر على سلامة أقامتهم على هذه الأرض . وقد رفع الأمين العام للأمم المتحدة السيد /كوفي عنان في يوم البيئة العالمي لعام 97م شعار" من أجل حياة على الأرض " إذ لا حياة على الأرض دون الحفاظ على البيئة ، و لا يمكن على أن نحافظ عليها إلا بوجود التشريع الذي بعد مطلب أساسي لوضع الضوابط والنظم الكفيلة بحماية البيئة ومعالجة ما يتعرض له من أثار ضارة إلا أن التشريع ذاته لا بد وأن يراعي فيه قبل إصدارها مكان تنفيذه الفعلي حتى لا يصبح تشريعاً جامداً معطلاً . مما يستدعي التحقق قبل إصداره من توفر العوامل الإيجابية والضوابط العملية للتنفيذ . ولم يخل التشريعين المصري واليمني من قوانين وقرارات تتناول جانب كبير من قضايا مسائل البيئة ولا سيما – في بحثنا هذا – قوانين حماية البيئة البحرية من التلوث الحد منها . وللبيئة بُعد دولي يستحق الاهتمام من الجميع .
كما أنه ليس بخافي على أحد أن الحفاظ على البيئة اليوم هو حماية لأبنائنا في الغد .
وفي هذا الإطار فالقانون يجب أن يساير ما يطرأ على المجتمع من تطورات ، ويلبي ما يستجد في الدولة من حاجات ، ويتفق مع ما تبرمه الدول من اتفاقيات ومعاهدات دولية .
لذلك بات من الضروري تدخل القانون لمواجهة ما نشاء عن التقدم التكنولوجي الكبير الذي أحرزه العالم وما أدى اليه من آثار جانبية خطيرة غابت عن إدراك الكثير بين فترة من الزمن .. إلا انه قد تم تداركها في معظم الدول بسبب ما ينبأ به الحاضر والمستقبل من مضار ومخاطر يتمثل في التلوث البيئي وما ينتج عنة من تعرض حياة الإنسان وبقائه للمخاطر ..
و قد حددنا موضوع بحثنا هذا المجال الإجراءات التي كفلها القانون لحماية البيئة البحرية من التلوث الناتج عن السفن … سواء ً كان التلوث بالزيت أو بالمواد الضارة أو بمخلفات الصرف الصحي والقمامة .. وسوف نعرض دراسة مقارنة للتشريعين المصري واليمني .. مع إبراز مدى الالتزام بتلك القوانين واتفاقها مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م مع التعرض لاتفاقية (ماربول) 73-78م –كما أقتضى الأمر – والخاصة بمنع تلوث المياه البحرية من السفن بالزيت أو من المواد الضارة الأخرى .
وقد اقتصر البحث على هذا الجزء من أشكال التلوث لسببين :
-الأول : أننا نؤمن بأن تخصص البحث في نقطة واحدة ومعالجتها جذرياً يترتب عنة – بمشيئة الله – نتيجة قانونية وعملية مفيدة على أساس تكامل وتعدد الأبحاث بهذا الشكل وفي نفس الإطار .. فمن أهم وأخطر مصادر التلوث في البحار ناتج عن السفن .. خاصة بعد التطورات التقنية الحديثة في صناعة السفن وبالتالي زيادة قدرتها على نقل مواد تسبب التلوث وكذلك السفن التي تنقل قدر كبير من البشر .
هذا بخلاف السفن والغواصات النووية ، وكذا ناقلات النفط العملاقة التي تجوب البحار .
-الثاني :أن هذا البحث هو بحث التخرج من دبلوم الدراسات العليا في مجال القانون وبذلك يمكنني التوسع مستقبلاً عند أعداد رسالة الماجستير أن شاء الله تعالى .
ونعلم أن التلوث من السفن يصدر في عدة صور أهمها :
(1) أعمال النقل البحري وما يشمله من تشغيل عادي للسفن بأنواعها المختلفة وما يترتب على ذلك من أضرار تلحق بالبيئة البحرية من جراء الإلقاء العمدي وغير العمدي لمواد ملوثة ، وكذلك راجع بالوعات السفن والنفايات الأخرى المختلفة بها . وتحتل ناقلات البترول داخل الإطار العام لتلوث مياه البحر من السفن الجانب الأكبر ، وذلك نتيجة لإلقائها لمياه الاتزان (الصابورة) التي تحملها في رحلاتها وهي فارغة متجهمة إلى مواني الشحن ، وكذلك مياه غسيل الصهاريج ، إلى جانب ما يحدث .