حال الميراث في صدر الاسلام .

في صدر الاسلام بقى القرآن الكريم على نظام التوارث السائد عند العرب قبل الاسلام ،والذي كان قائما على اسباب ثلاثة (النسب،التبني،والحلف) ومن العلماء من قال بل اقرهم الله على ذلك بعد بعثته (صلى الله عليه وسلم) الى ان نزلت آية المواريث فانزل الله ذلك الحكم وقال تعالى (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) اذا المفهوم من الشطر الاول من الآية التوارث بالنسب لان معنى موالي اولياء ورثة ومفهوم الشطر الثاني منها التوارث بالعهد والحلف اذ معنى عاقدت ايمانكم مولى اليمين وهو الحليف كما قال الامام الجصاص في (احكام القرآن جـ2 ص75وما بعدها) وكذلك ذكره البخاري في صحيحه جـ3 ص118).


التوريث بالتبني في صدر الاسلام
واما التوريث بالتبني فان الرجل منهم كان يتبنى اب غيره فينتسب اليه دون ابيه من النسب ويرثه وتبنى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زيد بن حارثة وكان يقال له زيد بن محمد واستمر ذلك في صدر الاسلام الى ما بعد الهجرة حتى ابطل القرآن الكريم التوارث بالتبني بقوله تعالى(مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ) انضر تفسير القرطبي جـ14ص119/ واحكام القرآن للجصاص جـ2ص77).
وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال : ان زيد بن حارثة مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ما كنا ندعوه الا زيداً بن محمد حتى نزل القرآن (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ) الآية. قال الامام ابي عبد الله القرطبي :وفي قول ابن عمر هذا دليل على ان التبني كا معمولا به في الجاهلية والاسلام يتوارثون به ويتناصرون الى ان نسخ الله ذلك بقول (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ)الاية.
التوريث بالمؤاخاة
هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة المنورة وبدا في ارساء دعائم الدولة الاسلامية الناشئة واقتظت ظروف الهجرة ان يؤاخي الرسول (صلى الله عليه وسلم) بين اصحابه من المهاجرين والانصار تقوية للروابط بينهم ومواساة للمهاجرين الذين تركوا ديارهم واموالهم في سبيل الله.
وجعل من الهجرة والمؤاخاة سببا للتوارث وقد ثبت مشروعية ذلك في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) فالمراد بالولاية هي الورثة .فكان المهاجرون والانصار آووا ونصروا بالهجرة وبالنصرة دون القرابة ثم قال تعالى ( وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ) فان ذلك عام في النصرة والميراث.
فان من كان مقيما بمكة وهو مؤمن تنقطع ولايته مع اخوانه المهاجرين حتى يهاجر ولا يقع التوارث بينه وبينهم.
قال حبر الامة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما جعل الله الميراث للمهاجرين والانصار دون ذوي الارحام) انظر احكام القرآن لابن العربي جـ2ص887.
قال الامام ابو جعفر الطبري كان النبي صلى الله عليه وسلم قد آخى بين المهاجرين والانصار اول ما كانت الهجرة وكانوا يتوارثون على ذلك) انظر جامع البيان في تأويل آي القرآن الكريمجـ12ص123. وبذلك اصبحت اسباب الميراث بعد الهجرة اربعة وهي :
1-رالميراث بالتبني

2-الميراث بالحلف

3-الميراث بالمؤاخاة

4-الميراث بالهجرة

قال الامام الفخر الرازيواما اسباب التوارث في الاسلام فقد ذكرنا ان في اول الامر قرر الحلف والتبني وزاد فيه امرين آخرين :
احدهما :الهجرة فكان المهاجر يرث المهاجر وان كان اجنبيا عنه اذا كان كل واحد منهما مختصا باالآخرة بمزيد .المخالطة والمخالصة ولايرثه غير المهاجر وان كان من اقربائه.
الامر الثاني: المؤاخاة كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يؤاخي بين كل اثنين منهم وكان ذلك سببا للتوارث) انظر التفسير الكبير للفخ الرازي جـ9ص203.
وقال الامام الجصاص في احكام القرآن ج2ص78).فجملة ما حصل عليه التوارث بالاسباب في اول الاسلام التبني والحلف والهجرة والمؤاخاة التي آخى بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واستمرت هذه المرحلة حتى تهيأ التفوس لقبول نظام التوريث في صورته النهائية.
ويعطي كل ذي حق حقه بعد ان زالت العوامل والاسباب رالنفسية والاجتماعية التي عليها نظام التوريث في صورته المؤقتة انظر منهج القرآن الكريم في تقرير الاحكام ص278.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.

منقووول للفائدة .
aiman_200020