عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .


عالم القانون
سيد الاستغفار

عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ . منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح ، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ » رواه البخاري .


كشفت أنظمة المنتدى أنك غير مسجل لدينا فأهلا وسهلا بك معنا و تفضل بتصفح المنتدى و إن شاء الله ينال إعجابك و لا تحرمنا حينها من تسجيلك معنا و مشاركاتك و إفادتنا بخبرتك .



عالم القانون

العدل أساس الملك - Justice is the basis
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
TvQuran
 حق الانتخاب 110
AlexaLaw on facebook
 حق الانتخاب 110
 حق الانتخاب 110
 حق الانتخاب 110
 حق الانتخاب 110
 حق الانتخاب 110

شاطر | 
 

  حق الانتخاب

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655185

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

 حق الانتخاب 1384c10


الأوسمة
 :


 حق الانتخاب Empty
مُساهمةموضوع: حق الانتخاب    حق الانتخاب I_icon_minitime7/10/2011, 11:03

خيارات المساهمة


حق الانتخاب

حق الانتخاب أو التصويت هو أبرز الحقوق المدنية والسياسية وأحد الركائز الأساسية للديمقراطية الحديثة، حيث اعتمد فيها كبديل مناسب لتمثيل الشعب بعد تعذر ممارسة الديمقراطية المباشرة. بدأ استعمال مصطلح حق الاقتراع أو التصويت أيام الفرانك الأحرار "Franks" في فرنسا القديمة عندما كان التصويت ممنوعاً على مجموعات كثيرة لأن أعضائها لم يكونوا رجالاً أحراراً .
فمع بداية تطبيقه كان محصوراً بطبقات اجتماعية معينة كالأغنياء أو ذوي المستوى التعليمي المحدد كما كان الحال في فرنسا قبل عام 1848، أو تم حصره بمن يجيد القراءة والكتابة أو بمن يحسن تفسير الدستور، كما كان حال الزنوج في أميركا في القرن التاسع عشر. كل ذلك كان بهدف إبعاد فئات معينة من ممارسة هذا الحق، أو السماح لفئات أو لطبقات محددة بالتمتع به . وقد خضع هذا الحق لعملية تطور من خلال الممارسة، أوصلته إلى مفهومه الحالي حيث أصبح يمارس ضمن شروط، وقواعد أبرزها العمومية والاختيارية والسرية.
يرى فيه بعض الفقة الدستوري أحد الحقوق الطبيعية، ولا يمكن سحبه من الشعب على حد تعبير جان جاك روسو إنطلاقاً من مبدأ السيادة الشعبية، بينما يرى فيه البعض الآخر نوعاً من الواجب الملزم قانوناً؛ كما حصل في العديد من الدول الديمقراطية التي اعتمدت التصويت الإلزامي أبرزها بلجيكا واستراليا. وقد جمع فريق ثالث بين الرأيين، إذ رأى فيه نوعاً من الواجب والحق في نفس الوقت.
إن حق الانتخاب بقي محصوراً بالرجال دون النساء حتى القرن العشرين، حيث بدأ السماح للنساء بالمشاركة بحق الانتخاب بدءاً بالولايات المتحدة الأميركية عام 1918، وفرنسا عام 1945، وسويسرا في العام 1971 ليصبح في نهاية القرن العشرين ظاهرة شائعة في العديد من دول العالم بعد أن وضعت له آليات التطبيق ونظمت القواعد الضرورية لحمايته. وبعد بروز عدد من الدول المستقلة، نجد أن هناك حوالي مائة وثمانية دول من أصل المائة وتسعة عشر دولة ديمقراطية تنص دساتيرها على حق المواطنين بإختيار ممثليهم السياسيين. بعض هذه الدول نصت دساتيرها على قواعد انتخابية مفصلة، وبعضها الآخر أعلن هذا الحق كحق أساسي تاركاً للقوانين وضع القواعد التفصيلية التي تنظم ممارسته وحمايته، كما هو الحال في لبنان مثلاً. جاء ذلك بعد أن أكّدت المعاهدات والإعلانات الدولية على واجب الدول في حماية حق الانتخاب لمواطنيها، وبعد أن كرس كأحد الحقوق الأساسية في القانون الدولي.
المطلب الأول: حق الانتخاب في القانون الدولي
أولى النصوص الدولية التي تناولت هذا الحق كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أكد في المادة 21 منه على حق الناس في المشاركة في سياسة شؤون بلدهم مباشرة أو عبر ممثلين يتم إختيارهم بحرية، معتبراً أن الانتخاب يعبر عن الإرادة الشعبية. وفي الفقرة الثالثة نص الإعلان على الصفات أو الخصائص التي يجب أن يتمتع بها حق الانتخاب وهي "الدورية، النزاهة، العمومية، المساواة، السرية" .
وبعد أن صدر الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي أصبح ملزماً بعد تصديقه من قبل أكثر من 150 دولة، أصبح بالإمكان القول إن القانون الدولي قد نص على هذا الحق وكرسه عندما أضاف على ما ورد في الإعلان العالمي، النص على أن المواطنين فقط لهم حق الاقتراع، كما ألزم الدول بإتخاذ الإجراءات الضرورية للتأكد من توفر الفرص لجميع المواطنين للتمتع بهذا الحق.
أما على صعيد المعاهدات الإقليمية فقد فرضت المادة 3 من البروتوكول رقم (1) (p3-1) الصادر عام 1952، والملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان الصادرة عام 1950 على الدول الأعضاء إجراء انتخابات حرة ضمن فترات معقولة، بالاقتراع السري ووفق شروط تؤكد على التعبير الحر لإرادة الناس في إختيار ممثليهم، وأمنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الحماية لهذا الحق كما فعلت تجاه باقي الحقوق والحريات، وسنتحدث عن كيفية تطبيق حماية هذا الحق في بعض الدول الديمقراطية.
المطلب الثاني: حق الانتخاب في الولايات المتحدة الأميركية
نص الدستور الأميركي الصادر عام 1787 على الحق في المشاركة السياسية، لكن هذه المشاركة اقتصرت على الرجال من الأميركيين البيض لمدة قاربت القرن من الزمن. وبعد الحرب الأهلية جاء التعديل الخامس عشر عام 1870 لينص على عدم جواز إنكار الحق في التصويت أو الانتقاص منه بسبب العنصر أو اللون أو حالة الرق السابقة، في فقرته الأولى، وترك التعديل الدستوري المذكور للكونغرس إصدار التشريع المناسب للتنفيذ في فقرته الثانية.
لكن التشريع المناسب لم يصدر إلاّ بعد حوالي قرن آخر من الزمن، وبعد صراع ما بين الولايات التي كانت تحاول التهرب من تطبيق النص الدستوري، وبين المحكمة الفدرالية العليا التي كانت تحاول حماية هذا الحق الدستوري .
ومع تطور الأحداث بدأت المحكمة العليا بالتخلي عن تفسيرها الحرفي الضيق لمعاني الدستور اعتباراً من العام 1944 في قضية "Smith v. Allwright" ، معلنة أن الدستور الأميركي أعطى لجميع المواطنين هذا الحق في المشاركة السياسية وانتخاب مسؤوليهم بدون قيود العرق أو اللون، وأسست قاعدة الصوت الواحد للشخص الواحد “One person, one vote” في العام 1964 . لكنها مع ذلك بقيت معتمدةً معياراً ضيقاً في التفسير في ظل غياب النصوص التشريعية الفدرالية حتى العام 1965 تاريخ صدور قانون التصويت رقم "437-U.S.C.42".
نص هذا القانون على حماية الأميركيين الذين لهم مهارات لغوية انكليزية محدودة ضد التمييز، فأعطى حق التصويت المتساوي للجميع بغض النظر عن العرق أو اللغة، ونص المقطع الخامس منه على حصول بعض الولايات على الموافقة الفدرالية المسبقة (preclearance) قبل قيامها بأي تغيير في إجراءات التصويت من قبل المحكمة الفدرالية أو المدعي العام الذي يمكنه توقيف أو تعليق قانون أي ولاية يقيد الناخب بشروط الاختبار أو الأداء، وكل ذلك بهدف ضمان عدم حرمان أي مواطن من حقه في التصويت استناداً إلى تلك الاختبارات التي اعتبرها القانون الأخير "عائقاًَ غير دستوري" يقف حائلاً دون ممارسة المواطنين لحقوق الاقتراع .
ويتبين لنا أنه رغم عراقة حق الانتخاب في الولايات المتحدة، حيث كان الدستور الأميركي أول من أورد النص على هذا الحق، كما أن قوانينها أول من ساوت بين الذكور والإناث في هذا الحق، وبالرغم من قيام المحكمة العليا بحماية هذا الحق؛ فإنه لا يزال هناك نوع من المس أو الخرق بمبادئ هذا الحق، خاصة لجهة المساواة. كما يبدو هناك مطالبة بأن يعدل الدستور الأميركي لينص على الحق ومبادئه بصراحة بدلاً من ترك الأمر لقوانين الانتخابات التي تحاول حكومات الولايات الالتفاف عليها.
المطلب الثالث: حق الانتخاب في فرنسا
الجدل الذي دار حول حق الانتخاب في فرنسا كان مختلفاً عن الجدل الأميركي، لأن النقاش دار في فرنسا بين نظريتين؛ السيادة الوطنية، والسيادة الشعبية، وتغير مفهوم الاقتراع تبعاً لتغيير التوجه نحو احدى هاتين النظريتين. ففي منطق السيادة الوطنية، يكون صاحب السيادة هو الأمة أو الوطن "nation" ويعود لها سلطة تعيين أو إختيار ممثليها. وهنا لا يعود الأمر، وجود حق أو عدم وجوده، بل تسيطر نظرية الواجب الذي تفرضه الأمة، أو تكلف به بعض الأشخاص.
أما في منطق السيادة الشعبية فالسيادة هي للشعب وكل فرد من هذا الشعب هو بالضرورة صاحب قسم من هذه السيادة، إذا هو صاحب حق ويترجم في الممارسة؛ أن الانتخاب هو حق يملكه كل مواطن.
وهاتان النظريتان للسيادة، اعطيتا معنينان مختلفان للإقتراع؛ معنى الحق الذي نادى به "روسو Rousseau"، ومعنى الواجب الذي تبناه باقي مفكري الثورة الفرنسية وأبرزهم "سييس Sieyess". وفي المرحلة الأولى التي تلت الثورة تغلب منطق "سييس" إذ سيطر مفهوم السيادة الوطنية، وكان الانتخاب واجباً على الفرد وليس حقاً له، وهذا كان خيار فرنسا خلال القرن التاسع عشر .
لكن دستور 1946 أو دستور الجمهورية الرابعة أعلن أن السيادة الوطنية هي ملك الشعب، مما يعني تغلب مفهوم الحق للانتخاب على مفهوم الواجب. وأما دستور 1958 فقد ورد فيه عبارة أريد لها أن تكون خلاصة ما بين السيادة الوطنية والسيادة الشعبية، شكلت نوعاً من التلاقي بين النظريتين، لأن تطور الديمقراطية أدى إلى تعميم حق الانتخاب على جميع المواطنين وانتفت بالتالي الحاجة إلى تبريرات فقهية تخفي مصالح فئات اجتماعية متناقضة.
والكثير من النتائج السياسية والقانونية ما زالت مرتبطة بفكرة السيادة الوطنية، كما هي حال النيابة مثلاً في دستور 58 الذي اعتبر أن كل نيابة مشروطة باطلة، وأن النواب أحراراً كلياً بالنسبة لمنتخبيهم الذين لا يملكون حق إعطاء أي أوامر لمرشحيهم أو وضع قيود، وعلى هؤلاء الآخرين واجب التداول بحرية من دون أي ضغط من قبل الناخبين. فالنائب يمثل فرنسا ولو تم انتخابه من أي منطقة كان، فهو يمثل الأمة وليس ناخبه.
هذا الصراع بين التوجهين الذي حاول دستور 58 حسمه بحل وسط، ترافق مع تطور وتغير مستمر لحق الانتخاب، مروراً بعدة محطات تاريخية بارزة.
تطور الموقف القانوني الفرنسي
حولت ثورة 1789 الإنسان الفرنسي من تابع إلى مواطن، لكن النظام السياسي الذي انبثق بعد الثورة حصر حق الإقتراع بدافعي الضرائب. وعلى رغم أن دستور 1793 أكد على الصفة العامة للإقتراع واعترف بحق الانتخاب لكل الرجال حتى الأجانب منهم ما داموا قد وُلدوا وسكنوا في فرنسا وبلغوا سن الـ21 سنة.
وهذا الحصر الذي استمر حتى عام 1848 ارتكز على نظرية السيادة الوطنية حيث الانتخاب هو من عمل الأمة أو الوطن واعتبر الإقتراع واجباً على من يمكنه القيام به؛ وهو من يقدر على دفع الضريبة، التي بسببها شهد القرن التاسع عشر نضالاً سياسياً لتحديد طبيعتها وكيفية دفعها؛ هل على أساس الأرض أم على أساس المهنة.
فأواخر أيام ملكية لويس فيليب ومع محاولة الطبقة البرجوازية تخفيض ضريبة الإقتراع لتتمكن من المشاركة أكثر بتقرير سياسة الدولة، ورفض رئيس الوزراء يومها غيزو Guizot فتح حق الانتخاب وتوسيعه، مما أدى إلى اندلاع ثورة شباط 1848، فكان أهم مطلب للثوار هو حق الإقتراع العام الذي أعلن اعتباراً من 15 آذار 1848، تلك الثورة التي طرحت مفاهيم ديموقراطية متطورة، وبالتالي لم تكن نتائجها متلازمة مع مصالح الطبقة البرجوازية التي اضطرت إلى تعميم حق الانتخاب، حيث إنغرس هذا الحق في الحياة العامة سريعاً رغم محاولات الإمبراطورية الثانية توجيهه بما يخدم مصالحها.
كانت المحطة الثانية المهمة في 21 نيسان 1944 عندما شمل حق الانتخاب النساء، وكانت فرنسا واحدة من آخر البلدان الديمقراطية الغربية التي تمنح النساء حق الانتخاب. التأخر الفرنسي كان لعدة أسباب، أولها ما يتعلق بدور المرأة في المجتمع (تركيز على العمل المنزلي والأعمال الخاصة) وضعف ثقافتها السياسية وعدم اهتمامها بالتالي بالحياة العامة، ولم تكن مؤهلة للقيام بواجب الانتخاب. وقد لعبت الكنسية دوراً في تأخير الاعتراف بحق المرأة بالانتخاب "حيث كان التساؤل يدور عما إذا كان للمرأة روح" كما أن اليسار الفرنسي وجد نفسه في تناقض مع أفكاره الفلسفية التي تؤيد حق المرأة في الانتخاب، حتى الراديكاليين منهم اعتبروا أنه ليس من الواجب إعطائها هذا الحق كونها أكثر تأثراً بالكنيسة، وخافوا من أن يؤدي انتخاب المرأة إلى فوز اليمين .
المحطة التاريخية الثالثة كانت عام 1974 حيث صوّت على القانون الذي خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة بدلاً من 21 سنة أيام الرئيس جيسكارديستان.
هذا التوسع والتطور في حق الانتخاب لم يقف عند هذا الحد بل تطور ليشمل الأجانب أحياناً متجاوزاً مبدأ الجنسية. فرغم أن المادة 53 من دستور 1958 تنص على أن الناخبين هم المواطنون الفرنسيون، أي أنها تربط ظاهرياً ما بين الجنسية والمواطنية، فهناك استثناءان لهذا المبدأ: الأول هو الاعتراف المحدد بحق الأجانب في الانتخاب، استثناء لمبدأ الجنسية وانسجاماً مع مبدأ المساواة لمن هم في نفس الوضع، حيث أصدر مجلس الشورى الفرنسي قراراً في 12 أيار 1978 أجاز فيه مشاركة الطلاب الأجانب في انتخاب أعضاء مجلس إدارة Crou "اكاديمية نانسي – ميتز"، وهذا الاجتهاد تناول الانتخابات المعروفة بالمهنية.
كما دعم هذا التوجه قراراً للمجلس الدستوري صدر في 14 ك أول 1982 أكد فيه أن الأجانب بإمكانهم الإقتراع لإختيار ممثلي المضمونين اجتماعياً في مجالس إدارة صناديق الضمان الاجتماعي. هذا التوجه القضائي يظهر الابتعاد عن مفهوم الواجب لمصلحة مفهوم الحق أو حرية الانتخاب.
أما الاستثاء الثاني وفيما يخص الانتخابات على المستوى الأوروبي فإن معاهدة ماستريخت أعطت مواطني الدول الأوروبية الموجودين في احدى دول الاتحاد الأوروبي حق الانتخاب وحق الترشح للانتخابات البلدية دون أن يكون لهم الحق في الوصول إلى رئاسة البلدية أو نيابة الرئاسة، كما أنهم لا يشاركون في انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ.
ويرى دومينيك روسو أن هذين الاستثناءين لمبدأ الجنسية في الانتخابات الاجتماعية أو المهنية أو الأوروبية يمكن أن يؤديا إلى افتقار الجنسية كشرط للمواطنية؛ مشبهاً الموقف من حق الأجانب بالانتخاب، بالموقف من حق المرأة بالانتخاب عام 1944، ومتوقعاً أن يساهم البناء الأوروبي في توسيع مفهوم حق الانتخاب أكثر ليتجاوز المواطن الفرنسي إلى المواطن الأوروبي .
المطلب الرابع: حق الانتخاب في الاتحاد الأوروبي
كرس الاتحاد الأوروبي حق التصويت كحق أساسي من حقوق الإنسان مع تجاوز للمفهوم الأميركي والفرنسي لهذا الحق، حيث فتح المجال أمام منح هذا الحق للمواطنين الأجانب وعدم حصره بمواطني الدولة في توجه جديد قد ينقل هذا الحق من مفهوم المواطنة إلى مفهوم الإنسان، وما يبدو مستغرباً اليوم قد يصبح مألوفاً وطبيعياً في المستقبل .
وما كرسته نصوص الاتحاد الأوروبي من قواعد ومبادئ لممارسة هذا الحق جاءت المحكمة
الأوروبية لتحمي هذا الحق الأساسي وتضمن حمايته، مبتعدة عن نظرية الواجب أو مفهوم المواطن وسيادة الأمة، معتمدة السيادة الشعبية للإنسان المقيم وحقه في ممارسة جزء من هذه السيادة أينما كان، فاتحة المجال أمام الإنسان المواطن وعدم اعتماد الجنسية كمعيار أو خاصة من خصائص حق الانتخاب.
المطلب الخامس: حق الانتخاب في لبنان
التطور الذي رافق حق الانتخاب إن كان على صعيد القانون الدولي أو على صعيد الدساتير والقوانين في الدول الديمقراطية، قد تجلى في الحفاظ على الانتخاب كأداة رئيسية للشرعية الديمقراطية التمثيلية، رغم خضوع هذا الحق إلى تطور مستمر في الأسس التي يقوم عليها، أو في الآليات التي يتم تنفيذه من خلالها، كما في وسائل الحماية المؤمنة له.
حددت معظم دساتير العالم الأسس العامة للانتخابات النيابية وأدخلتها في صلب القواعد الدستورية أسوة بالانتخابات الرئاسية، كونها الركيزة في صياغة التركيبة السياسية في المجتمع والتي تشكل أولى مهام الدستور.
هذه الأسس أو الركائز التي قامت عليها الدساتير وقوانين الانتخاب هي المعايير العالمية التي وردت في المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 5، من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي تلخص بـ: 1- نزاهة الانتخابات، 2- دورية الانتخاب، 3- عمومية الاقتراع العام، 4- المساواة بين الناخبين، 5- التصويت السري، 6- التعبير الحر عن إرادة الناخبين.
أما لبنان الذي صادق على العهد الدولي أيام الجمهورية الأولى، والتزم بالإعلان العالمي في مقدمة دستور الجمهورية الثانية، فقد أعلن التزامه بهذا الحق الرئيسي بدستوره، محيلاً تنظيم العملية الانتخابية إلى القوانين العادية.
لقد جاء الالتزام الدستوري اللبناني بحق الانتخاب بشكل غير مباشر في مقدمة الدستور كواحد من الحقوق والحريات التي نصت عليها الفقرتان ج و د اللتان نصتا على احترام الحريات وفي مقدمها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل. ثم كررت المادة السابعة من الدستور الالتزام اللبناني بالحقوق المدنية والسياسية وتحمل الفرائض العامة والواجبات دونما فرق بينهم وحق الانتخاب هو في طليعة الحقوق السياسية.
ثم ورد النص الدستوري الصريح في المادة 21 التي نصت على أنه لكل مواطن لبناني بلغ من العمر 21 سنة كامل الحق في أن يكون ناخباً على أن تتوفر فيه الشروط المطلوبة بمقتضى قانون الانتخاب، كما أكدت المادة 24 من الدستور عند حديثها عن النواب وانتخابهم إحالتها هذا الحق الأساسي إلى قوانين الانتخابات المرعية الإجراء.
والالتزام الدستوري في المادتين 21 و24 يظهر أن لبنان قد اعتمد مبدأ الديمقراطية غير المباشرة عن طريق انتخاب ممثلين للشعب الذي يقتصر دوره على انتخاب النواب دورياً، وبالتالي لم يقر الدستور أي وسيلة من وسائل الديمقراطية شبه المباشرة المطبقة في غالبية الدول الديمقراطية وبصورة خاصة الاستفتاء في المسائل الأساسية .
وانتخاب الناخب ممثلين للشعب يأتي بوصفه يتولى جزءاً من السيادة الشعبية، التي أكدتها الفقرة د من مقدمة الدستور عندما نصت على أن الشعب هو صاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية. ويؤكد هذا التوجه ما ورد في قانون الانتخاب اللبناني عام 1960 عندما منعت م49 منه توكيل الناخب لغيره ممارسة الحق بالاقتراع، والتي تكررت في قانون 1997 عندما منع الناخب من توكيل غيره بوضع الظرف في صندوق الاقتراع... باستثناء المصاب بعاهة جسدية. هذا بالإضافة إلى أنه على صعيد الواقع العملي فإن النائب اللبناني يرى نفسه ممثلاً لناخبيه وأنصاره، خاصة في ظل عدم وجود أحزاب سياسية مما يجعل مهمته الأولى خارج إطار البرلمان والتشريع ومن خلال الخدمات التي يؤمنها لأنصاره ولناخبيه .
نستنتج من كل هذا أن التشريع اللبناني يعتبر أن حق الانتخاب هو أحد الحقوق الأساسية التي يمارسها المواطن كجزء من السيادة الشعبية التي يمتلكها. وقد كرست هذه النظرية في قانون انتخاب 1960، وجاءت بعد فشل مبدأ الانتخاب الإلزامي الذي فرضه قانون 1953 عندما وضع غرامة على كل متخلف عن الانتخاب، فأصبح حقاً أساسياً وليس واجباً وأصبح للناخبين حرية الاختيار في ممارسة هذا الحق أو التخلي عنه كما هو الحال في الأكثرية الساحقة من الدول التي تعتبر الانتخاب حقاً قانونياً وبالتالي لا يعتمد مبدأ الانتخاب الإلزامي. كما أن هذا الحق تعدى فكرة الانتخاب أو عدمه ليصل إلى حرية الناخبين في إختيار المرشحين، شرط أن يكون عددهم يوازي أو أقل من عدد ممثلي كل دائرة ضمن نسبة التوازن الطائفي، وهو ما يعرف بالتشطيب .
بعد أن كرس الدستور اللبناني حق الانتخاب كواحد من الحقوق الأساسية الذي منحه لكل مواطن بلغ الـ21 سنة أحال إلى قانون الانتخاب وضع القواعد والتفاصيل لممارسة هذا الحق، أي أنه ترك للسلطة السياسية أن تضع هذا القانون وهو أمر يؤسف له وأفضل تعبير عن هذا الأسف يختصره قول العلامة دومينيك تيرون بقوله "من المؤسف أن لا تنص الدساتير على الانطمة الانتخابية فتتركها للسلطة فتضعها بما يناسب مصالحها وأهوائها". مما يطرح السؤال التالي وهو: هل التزمت القوانين الانتخابية في لبنان بالمعايير العالمية أم أنها وضعت القوانين التي تناسب مصالح وأهواء الطبقة السياسية؟ فتكليف السلطة السياسية بإعداد قوانين الانتخاب أدى في لبنان إلى تغييرات متعددة في قانون الانتخاب نتيجة لعوامل سياسية متعددة، أهمها إرتباط قانون الانتخاب بالسياسة التي ترغب الحكومة القائمة في انتهاجها حيث كانت الحكومة تتقدم بمشاريع قوانين لتعديل قانون الانتخاب بالشكل الذي يؤمن مصالحها الانتخابية، وقد طبق منذ وضع الدستور اللبناني عام 1926 لتاريخه ما يزيد على عشرين قانون انتخاب معتمداً عدة أشكال من الدوائر الانتخابية ودون استقرار في عدد النواب .
ونظراً لأهمية الموضوع وما يشكله من نقطة خلاف سياسية على طاولة البحث، بشكل شبه مستديم، فسنقوم بدراسة موقف هذه القوانين الانتخابية من كل معيار من المعايير العالمية على حدى، في محاولة لتحديد الثغرات التي شابت هذه القوانين ومست بهذا الحق الأساسي، ابتداءً من معيار نزاهة الانتخابات.
أولاً: نزاهة الانتخابات
نزاهة الانتخاب كانت أول المعايير التي نص عليها القانون الدولي وتضمنتها قوانين الدول الديمقراطية. فالقانون الإنكليزي الصادر في 25/8/1883 والمعدل بقانون 14/8/1884 يعتبر أن أعمال الرشوة التي يقوم بها المرشح، أو التي تتم بمعرفته وموافقته من دفع مال أو تقديم طعام وشراب أو تأمين وسائل نقل للناخبين لا تبطل الانتخاب فحسب، بل ويعاقب عليها بالحرمان من الترشيح لمدة سبع سنوات، وبحرمانه من تولي أي وظيفة عامة في الدائرة الانتخابية.
كما أن القانون الفرنسي تضمن نصوصاً مشابهة منذ عام 1852، وتوسع الاجتهاد الفرنسي في تطبيق رقابته على تلك النصوص وفي تفسيرها، لتشمل كل عمل ووسيلة غير مشروعة تسئ إلى حرية الاقتراع وتمس بمبدأ المساواة بين الناخبين، مثل تقديم وسائل النقل وإقامة الولائم ودفع المال والوعود بالوظائف أو إقامة مشاريع لمنطقة معينة أو تقديم التبرعات الخ...
تعتبر الرشوة التي هي ظاهرة عالمية من أبرز الأمور التي تسئ إلى نزاهة الانتخابات، لا يخلو منها مجتمع، وتكون بعدة وجوه منها: مباشرة كالتقديمات المالية، ومنها غير مباشرة كالوعود والخدمات. والانتخابات في لبنان وكما هو معروف تتسم بهذه الصفة من رشاوى مباشرة وغير مباشرة لدرجة أن ما مُنع في بريطانيا وفرنسا منذ أكثر من قرن ونصف، كتقديم وسائل النقل وإقامة الولائم، والوعود بالوظائف أو إقامة المشاريع وتقديم التبرعات، تتم كلها بشكل علني وتعتبر أمراً مألوفاً في الانتخابات اللبنانية!
ولم يتناول التشريع اللبناني مع الأسف هذا الموضوع مباشرة في قانون الانتخاب، إنما تناوله بشكل غير مباشر، حيث أوردت م. 66 من قانون 1960 المعدلة بموجب القانون رقم 154 تاريخ 22/1/1992 بأن" كل مخالفة لأحكام هذا القانون لا يشملها قانون العقوبات وفي الأخص م. 329 إلى م. 334 يعاقب مرتكبها بالغرامة من 500 ألف إلى مليون ليرة، معتبرة أن المخالفات الخاصة بقانون الانتخاب التي لا تقع ضمن أحكام قانون العقوبات هي من نوع المخالفة . وما ورد في قانون العقوبات جاء تحت عنوان "التعدي على الحقوق والواجبات المدنية حيث يعتبر د. رباط بأن الحقوق المدنية في اللغة الدستورية هي الحقوق والواجبات السياسية ومنها حق الانتخاب. لكن بالرغم من هذه النصوص وبالرغم من أن الرشوة وشراء الأصوات هي سمة من سمات الانتخابات في لبنان وعلى أوسع نطاق، فإن القضاء اللبناني لم يصدر حكماً مباشراً في هذا الصدد، لا بل إن بعض الأحكام أقرت ضمناً بشرعية بعض المخالفات لنزاهة الانتخابات السائدة في لبنان، ومنها تقديم وسائل النقل من قبل المرشح للناخبين، حيث أشارت محكمة بداية بيروت وفي قرار لها بتاريخ 20/4/1960 إلى أن التعامل الذي أصبح متعارفاً أن يؤمن المرشح لناخبيه سيارات تقلهم متحملاً عبء التنقل ومصاريفه فيكون له مصلحة شخصية في نقلهم، رغم أن الحكم جاء أثناء نظر المحكمة في المسؤولية الناتجة عن حوادث السير، فهو يمثل إقراراً قضائياً بما هو متعارف عليه في لبنان ويتناقض مع المعايير العالمية لحق الانتخاب .
إضافة إلى الرشاوى على أنواعها والتي تمس بمعيار نزاهة الانتخابات، فهناك أمر آخر وأخطر إلاّ وهو التزوير الانتخابي الذي يشكل في لبنان مدرسة لها خبراؤها واختصاصيوها، وهم من كافة الفرقاء اللبنانيين .
فظاهرة التزوير مدونة حيث تناولتها مقالات صحفية وكتب عديدة أحدثها ما أورده الدكتور طوني عطا الله في كتابه الأخير "تقنيات التزوير الانتخابي وسبل مكافحتها"، حيث يقول "بأن السلطة الحاكمة قبل أن تصل إلى مرحلة التزوير المباشر والعلني في عمليات التصويت كالتلاعب بالأوراق الموضوعة في صناديق الاقتراع، أو القيام باستبدال المحاضر الرسمية، فإنها تملك أكثر التقنيات وقعاً وتأثيراً في الانتخابات، فبوصفها السلطة المسيطرة فهي لا تتورع عن استخدام نفوذها لتحسم جزءاً كبيراً من العملية الانتخابية ومن تلك مواقع النفوذ والقرار في مجلس النواب فتنشط للتأثير على مستويين، تقطيع الدوائر الانتخابية من جهة، والإفادة من موقع السلطة المميّز للتأثير في تأليف اللوائح من جهة ثانية". -وهو ما حصل في عهد الجمهورية الثانية- هذا عدا عن التحكم بالمهلة الكافية لإقرار قانون الانتخاب حيث يعد قانون الانتخاب قبل مهلة قصيرة من موعد الانتخابات مما يباغت المرشحين والناخبين ولا يعطيهم الوقت الكافي لتحضير المعركة الانتخابية وإعلان برامجهم الانتخابية كما تقضي الأصول في الدول الديمقراطية.
وقد تميّزت قوانين الانتخاب في الجمهورية الثانية بأنها كانت عرضة للتعديل والتبديل قبيل كل دورة انتخابية باستناء قانون الـ2000 الذي سجلت له إيجابية وحيدة هي أنه أُقر قبل تسعة أشهر من موعد الانتخابات والذي اعتمد كذلك في انتخابات عام 2005 دون أن يعلن ذلك إلاّ قبل مدة تعد بالأيام. وكان الهدف الأساسي من التعديلات الإتيان بمجلس نيابي يسمح بقيام حكومة تماشي الأحوال القائمة، وتساهم في إختيار رئيس الجمهورية المقبل سواء بالتجديد للرئيس الموجود أو الإتيان برئيس جديد .
ولم يقتصر الأمر على التحكم بتوقيت إصدار القانون بل سجلت قبيل انتخابات عام 2000 مثلاً حوادث تتمثل باستدعاء المخاتير وبعض الفعاليات إلى مراكز أمنية وطلب إليها انتخاب لوائح معينة. كما أنه في بعض القرى النائية حيث يسود الجهل بمبادئ الانتخابات يتم شراء المفاتيح الانتخابية التي تتقاضى مبالغ معينة وفقاً لعدد الأصوات التي تؤمنها في الصناديق. وأورد هذه الحادثة تعبيراً عن الواقع المرير عندما سألت أحد هؤلاء المفاتيح عن سير العملية الانتخابية فأجاب بالحرف الواحد "الجو تمام وديمقراطي وفي آخر العملية الانتخابية سنقوم بقسمة الأصوات الباقية التي لم تقترع بالتساوي بيننا وبين مندوبي باقي اللوائح بالتفاهم مع رئيس القلم" وتابع كلامه بسؤالي أليست هذه ديمقراطية ؟
وأكبر دليل على المس بنزاهة الانتخابات كان ما أصدره المجلس الدستوري في 17/5/1997 من قرارات أبطل فيها نيابة أربعة من المنتخبين في انتخابات عام 1996 بسبب ثبوت مخالفات خطيرة ارتكبت في انتخابات الـ96 وأثرت سلباً على حرية الانتخابات ونزاهتها حيث استعملت فيها وسائل التهديد والضغوط على الناخبين إضافة إلى وسائل الرشوة والتزوير. ليتمكن بذلك المجلس الدستوري من توفير الحماية والضمانة لحق الانتخاب وهو ما عجز عنه البرلمان سابقاً رغم فداحة المخالفات التي كانت ترتكب ورغم سوء إدارة العمليات الانتخابية عموماً.
لهذا وللتخفيف من المس بمعيار نزاهة الانتخابات لا بد من إعداد قانون الانتخاب قبل مرور مدة معقولة تسمح للمرشحين بإعداد برامجهم وتحالفاتهم الانتخابية، وتسمح بشرح القانون للناخبين كي لا يسمح باستغلالهم أو توجيه قناعاتهم بما يخدم مصالح سماسرة الانتخابات.
كما أنه لا بد من تضمين القانون نص واضح وصريح يعتبر الرشوة وكل أنواع التقديمات والوعود بالخدمات والوظائف العامة والخاصة للأفراد والجماعات بمناسبة الانتخابات أسباباً مبطلة للانتخابات، ولو تم الأمر بصورة تدريجية مع البدء بالرشوة المباشرة على الأقل، وذلك للحد من تأثير رأس المال على نزاهة الانتخابات، كذلك من المفروض استحداث مراكز اقتراع في المدن الرئيسية لناخبي المحافظات الثانية منعاً لاستغلالهم من قبل لوائح المرشحين وشرائهم بواسطة نقل ووجبة طعام. وذلك أسوة بالدول الديمقراطية واحتراماً لجوهر العملية الانتخابية.
هذا ما يتعلق بالمعيار الأول من المعايير العالمية، فكيف كان وضع المعيار الثاني المتمثل بدورية الانتخاب؟
ثانياً: دورية الانتخاب
دورية الانتخابات الناتجة عن مبدأ تداول السلطة تعتبر من أبرز خصائص النظم الديمقراطية والتي جاءت على أنقاض الملكية الوراثية، فاتحةً المجال للتبديل في العملية السياسية لإتاحة المجال أمام تقدم الشعوب وتطورها. هذه الدورية أصبحت من ركائز قوانين الانتخاب والسلاح الفعال بيد الشعب للتمكن من تغيير سلطاته السياسية ضمن مدة معقولة، ولمراقبة وتجديد وتطوير مؤسساته السياسية. وقد جاءت الدورية نتيجة تسوية ما بين الطموح الديمقراطي بوضع المنتخبين تحت الرقابة المستمرة للناخبين، وما بين إعطائهم الفرصة الكافية لاكتساب الخبرة وإبراز كفاءاتهم.
لهذا كانت المدة المعقولة هي الأربع أو الخمس سنوات كما هي في فرنسا وبريطانيا ومعظم الدول الديمقراطية والتي تسمح للمنتخبين بإعطاء أفضل ما عندهم وللناخبين بالتجديد أو التغيير.
وقد اعتمد لبنان مبدأ الدورية منذ الجمهورية الأولى في الظروف الطبيعية لآن الظروف الاستثنائية حالت دون عقد انتخابات لمدة قاربت العشرون عاماً بين الـ72 والـ92. وقد حددت كل قوانين الانتخاب اللبناني مدة ولاية النواب بأربع سنوات. إنما ما يؤسف له أن الدستور اللبناني وتعديلاته لم يتعرض لمسألة مدة ولاية البرلمان، وهذه برأي الدكتور شكر "ثغرة أساسية في النظام الانتخابي اللبناني، فمدة ولاية البرلمان من المبادئ الدستورية الأساسية حيث تنص عليها أغلب الدساتير الديمقراطية . ورغم أن القوانين الانتخابية في لبنان قد نصت على دورية الانتخاب فإن السلطة التشريعية أقدمت على انتهاك هذا المبدأ الدستوري مرتين في عهد الجمهورية الثانية؛ الأولى كانت عندما أصدرت القانونين رقم 654 و655 الصادرين عام 1997 اللذين قضيا بتجديد ولاية المجالس البلدية واللجان القائمة بأعمال المجالس البلدية والمختارين والمجالس الاختيارية حتى عام 1999 دون أن يكون هناك ظروف استثنائية تستوجب ذلك.
وعندما طعن عشرة نواب بهذين القانونين أمام المجلس الدستوري، قبل المجلس المذكور الطعن وقام بإبطال القانونين بموجب قراريه رقم 1و2/97 تاريخ 12/9/1997 والذين كانا أحد القرارات البارزة للمجلس الدستوري اللبناني الذي حاول القيام بدوره كحامٍ للحقوق والحريات وحارساً أميناً للدستور، معلناً أن حق الاقتراع هو حق دستوري، وأن مبدأ دورية الانتخابات هو من المبادئ الدستورية التي لا يجوز خرقها، وأن مبدأ الانتخاب هو التعبير الأفضل عن الديمقراطية وبه تحقق ممارسة الشعب لسيادته، ومنه تستمد مؤسسات الدولة شرعيتها الدستورية، وأنه وإن كان يعود للمشترع أن يحدد مدة الوكالة الانتخابية فهو لا يستطيع أن يعدل في مدة الوكالة الجارية إلاّ لأسباب مستمدة من ضرورات قصوى أي وجود ظروف اسثنائية وتحت رقابة المجلس الدستوري .
كانت المرة الثانية عندما أقر قانون الانتخاب رقم 171/2000 تحديد مدة ولاية المجلس النيابي الجديد الذي سينتخب على أساسه إلى أربعة سنوات وثمانية أشهر تنتهي في 15 حزيران 2005، مشكلاً بذلك مخالفة لمبدأ دورية الانتخاب التي أكد عليها المجلس الدستوري اللبناني في قراراته وخاصة في القرار رقم 1/1997 تاريخ 12/9/1997 "وبما أنه يتولد عن حق الاقتراع، كما هو متفق عليه، علماً واجتهاداً، مبدأ دستوري آخر هو مبدأ الدورية في ممارسة الناخبين لحقهم في الاقتراع.... ويرى الرئيس وجدي الملاط أن هذا التعديل شكل إخلالاً بالقاعدة العامة والعرف البرلماني ولم يكن هناك من مبرر لهذا التمديد إذ ينذر بلجوء المجلس النيابي في المستقبل إلى التمديد لنفسه لأسباب واهية .
ويظهر أن خرق السلطة السياسية لمبدأ دورية الانتخابات يمس بمبدأ دستوري من جهة ويهدد الصيغة اللبنانية وكل الحقوق والحريات الدستورية من جهة ثانية، مما يفرض النص عليه صراحة في الدستور إن كان لجهة الانتخابات البرلمانية أو لجهة الانتخابات النيابية والبلدية لتحريم التلاعب به.
ثالثاً: عمومية الاقتراع
يشكل الانتخاب العام "suffrage universal" المعيار العالمي الثالث من معايير حق الانتخاب، ويقصد به النظام الانتخابي الذي يسمح لجميع المواطنين بممارسة حق الانتخاب، واشتراكهم بالتالي في عملية إسناد السلطة ضمن شروط عامة وقيود واضحة وموحدة مثل السن والجنسية والأهلية القانونية. عمومية الاقتراع أصبحت الأكثر شيوعاً في الدول الديمقراطية بعد أن ساهم تطور مفهوم الديمقراطية ونشوب الثورات في أواخر القرن التاسع عشر في أوروبا بإحداث انقلاب كبير في ممارسة حق الانتخاب. وقد أخذت بمبدأ الانتخاب العميم فرنسا منذ العام 1848 كما رأينا سابقاً وكذلك الولايات المتحدة الأميركية. ومعظم الدول الديمقراطية مثل ألمانيا التي اعتمدته عام 1871 وإسبانيا اعتباراً من العام 1890 وهولندا 1896 وبريطانيا 1928 ومن الدول العربية مصر اعتباراً من العام 1923 .
تماشياً مع هذا التطور الديمقراطي في معظم الأنظمة السياسية اعتمد قانون الانتخاب اللبناني الصادر في 26 نيسان 1960 صراحة نظام الاقتراع العام وفقاً لنص المادة الخامسة منه، حيث لم يشترط لا كفاءة علمية ولا ثروة مالية على ممارسته، إنما أعطي هذا الحق لكافة اللبنانيين على السواء وهو ما يزال معتمداً حتى يومنا هذا.
وكان الدستور اللبناني قد كرس هذا المعيار في المادة 21 منه عندما نص على أنه "لكل وطني لبناني بلغ من العمر إحدى وعشرون سنة كاملة الحق في أن يكون ناخباً على أن تتوفر فيه الشروط المطلوبة بموجب قانون الانتخاب". أما الشروط المطلوبة فهي تمتعه بالحقوق المدنية والسياسية وعدم وجوده في إحدى حالات عدم الأهلية المنصوص عليها في قانون الانتخاب، وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة 9 من قانون 1960. ثم جاء النص الصريح على اعتماد معيار العمومية في المادة 5 المذكورة أعلاه التي نصت على أن يكون الاقتراع عاماً وسرياً وعلى درجة واحدة.
لم يكن هذا المعيار معتمداً خلال المرحلة الممتدة من وضع الدستور حتى عام 1952 وخاصة بالنسبة للنساء، حيث كان هذا الحق محصوراً بالرجال، ومنح للمرأة اعتباراً من العام 1952 مشترطاً حيازتها مستوى التعليم الابتدائي ثم اكتسبته كاملاً في عام 1957 وتم تكريسه بصورة نهائية في قانون 1960.
حق الإقتراع الذي ينبغي أن يكون شاملاً تحقيقاً لمبدأ المساواة بين المواطنين يتوجب أن يؤمن لكل البالغين الراشدين دون تمييز على أساس العنصر أو ***** أو الثروة أو الدين أو الثقافة. من الناحية العملية لا يتطابق عدد الناخبين مع عدد السكان الراشدين لأن هناك استثناءات تحرم البعض من ممارسة هذا الحق لأسباب عديدة اهمها أو أبرزها السن، الجنسية، وعدم التمتع بالاهلية المدنية وبالتالي الانتخابية.
وقد أوضحت المادة 9 من قانون انتخاب 1960 الشروط التي يتوجب توفرها في الناخب اللبناني وهي الجنسية، وإكمال الحادية والعشرين من عمره، التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وغير موجود في إحدى حالات عدم الأهلية المنصوص عليها في القانون. فكيف طبق القانون اللبناني هذه الشروط وما مدى انسجامها مع الشروط العالمية.
1- الجنسية: يقتصر حق الانتخاب على مواطني الدولة لجهة المبدأ، حيث تفرض الدساتير شرط الجنسية لأنها الرابطة القانونية والسياسية بين الفرد والدولة، وهذه الرابطة تشكل الشرط الطبيعي لممارسة الحقوق السياسية على حد قول د. زهير شكر. إلاّ أن التطور البارز والذي حصل في بعض دول الاتحاد الأوروبي، وكما رأينا أثناء الحديث عن حق الانتخاب في فرنسا مثلاً، بدأ يفتح آفاقاً جديدة أمام ممارسة هذا الحق من قبل المقيمين في بلد معين دون أن يكونوا حائزين على جنسيته، أكان على صعيد الانتخابات المهنية أو على صعيد مواطني الاتحاد الأوروبي عل مستوى الانتخابات البلدية، والتي إن كان لا يمكن اعتبارها انتخابات سياسية، فليس من المستبعد أن يتسع هذا الحق ليشمل الانتخابات النيابية مع التطور الدستوري لمؤسسة الاتحاد الأوروبي باتجاه فدرالي.
لكن، بالرغم من هذا التوجه، لا يزال حق الانتخاب على المستوى العالمي محصوراً بمواطني كل دولة أي الحائزين على جنسية هذه الدولة، مع أن بعض الدول تمنع المجنسين الجدد من ممارسة حقوقهم السياسية بالكامل إلاّ بعد مرور مدة محددة على اكتسابهم الجنسية. أما لبنان فقد منح هذا الحق دون تمييز بين المواطنين ودون فرض مرور فترة زمنية على اكتسابهم الجنسية اللبنانية، رغم انتقاد بعض الفقهاء ومنهم الدكتور إبراهيم شيحا الذي يرى في كتابه النظم السياسية والقانون الدستوري "بأن ما سلكه المشرع اللبناني في هذا الخصوص مسلك منتقد وغير محمود، إذ يتعارض ذلك مع مبدأ ضرورة الاندماج في الوطن وثبوت الولاء والإخلاص للدولة".
2-السن:
تطور هذا الشرط كما تطورت شروط الانتخاب الأخرى، فبعد أن كان سن الانتخاب في أوروبا يتجاوز الـ30 سنة أي سن النضج عمدت الدول الديمقراطية إلى تخفيفه إلى 21 سنة أولاً ثم إلى 18 عاماً، لتدمج سن الرشد السياسي بسن الرشد المدني . وهذا ما رأيناه في الولايات المتحدة وفرنسا وكذلك الأمر في ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا ومعظم الدول الأوروبية باستثناء الاتحاد السويسري الذي يعتمد سن الـ 19 عاماً .
لكن الدستور وقوانين الانتخاب اللبنانية لا تزال تعتمد مثل هذا التمييز بين سن الرشد السياسي والمدني، وهو من الدول القليلة التي لا تزال تعتمد مثل هذا التمييز مثل الكويت والمغرب. ومع الأسف فإن التعديلات الدستورية في الطائف لم تطل المادة 21 التي تشترط سن ال21 والتي تبعتها قوانين الانتخاب في عهدي الجمهورية الأولى والثانية حيث نصت المادة 9 من قانون 1960 والتي بقيت كما هي في الجمهورية الثانية بأن "لكل لبناني ولبنانية أكمل 21 من عمره الحق في أن يكون ناخباً". مما يعني أن هذا الشرط دستوري وبالتالي لا يمكن تعديله إلاّ بتعديل المادة 21 من الدستور. وهذا ما يجعل البعض يعتبر أن القانون اللبناني لا يزال متخلفاً عما فرضته الأنظمة الانتخابية في العالم والتي اعتبرت أن سن الـ 18 عاماً كاف بحد ذاته لأن يكون سن الرشد المدني والسياسي على السواء بينما قانون الموجبات والعقود حدد سن الرشد المدني ب 18 عاماً وقانون الانتخاب يحدد سن الرشد السياسي بـ 21 عاماً مما يتسبب بمنع 10% من اللبنانيين من ممارسة حقهم بالانتخاب . هذا المنع يمس مبدأ الانتخاب العميم رغم الإجماع النيابي والسياسي على ضرورة خفض السن الانتخابي، ورغم الانتقادات التي توجه إلى لبنان وآخرها انتقاد بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات العام 2005 بشخص رئيسها "خوسيه سالافرانكا"، مع أن المطالبة بتخفيض السن الانتخابي بدأ منذ أوائل الخمسينات من القرن الماضي مع البرنامج الإصلاحي للجبهة الإشتراكية الوطنية وقد حدث أن تقدم 27 نائباً أيام الجمهورية الأولى باقتراح قانون لتعديل المادة 21 وتخفيض السن فلاقى بعض التحفظات ذات البعد الطائفي، ولم يتم التعديل الدستوري اللازم. ويعتقد الدكتور شكر أن للمسألة بعدين سياسي وطائفي لا يتوافقان مع مصالح بعض القيادات السياسية .
3- الأهلية المدنية: إضافة إلى حيازة الأهلية السياسية فإن الدساتير وقوانين الانتخاب تفرض أن يكون الناخب متمتعاً بكامل حقوقه المدنية. لذلك يحرم المرضى العقليين والسفهاء والمحظور عليهم من ممارسة حق الانتخاب مؤقتاً حتى تزول عنهم الحالة الموجبة للمنع. كما أن بعض القوانين تحرم بعض المجرمين المحكوم عليهم بجرائم عادية أو أخلاقية من ممارسة حقوقهم السياسية لفترة معينة كنوع من الجزاء الاجتماعي لخرقهم بعض قوانين المجتمع.
فرض قانون الانتخاب اللبناني وجوب توفر الأهلية الأدبية والعقلية لمزاولة حق الانتخاب، إذ أن المادة 10 من قانون الانتخاب لعام 1960 تنص على أن "يحرم من ممارسة حقوقهم الانتخابية الأشخاص المحجوز عليهم قضائياً، ما بقي هذا الحجز، وقد نقل المشترع اللبناني هذه الفقرة عن القانون الفرنسي دون أن يلاحظ اختلاف التشريعين فيما يتعلق بفاقدي الآهلية .
مما يعني أن القانون اللبناني يميّز بين المحجوزين بحكم قضائي (كالصغير والمعتوه وغيره) وبين السفيه والأبله، أي أن بإمكان الفئة الثانية ممارسة حق الانتخاب في لبنان. لذا يعتبر الدكتور شكر أن هذا الأمر غير مألوف وغير طبيعي لعدم توفر الرشد السياسي لديهم .
كما أن م42 من القانون ذاته علقت حق الاقتراع للموقوفين والأشخاص الموضوعين في مأوى الامراض العقلية حتى لو لم يكونوا تحت الحجز القانوني. هذا الحجز المؤقت المتعلق بالحالة المرضية يزول مع زوال المرض إذ أن الحكمة منه هو نقص قوة التمييز والادراك الضروريين لممارسة حق سياسي.
عدا عن الأسباب الطبية التي تعيق التمييز فإن المادة 10 حرمت البعض لأسباب أخرى كجزاء اجتماعي على أعمال اقترفوها ويصدر بحقهم أحكام قضائية على أن يستمر هذا الحرمان إلى ما بعد إعادة اعتبار هولاء الأفراد. ويعتبر هذا الحرمان كعقوبة يفرضها المجتمع على من أخل بقواعده وأساء إلى حريات وحقوق أفراده. وهذا أمر طبيعي ومقبول في أي مجتمع ديمقراطي.
لكن ما هو غير مقبول وغير طبيعي في مجتمع ديمقراطي هو ما تنص عليه م 28 من قانون الانتخاب من حرمان مؤقت للعسكريين ومن هم في حكمهم على اختلاف الرتب، وهو حرمان يطالهم بسبب حرص القانون على إبعاد العسكريين عن السياسة وعن التأثير على حرية الناخبين... وكذلك وفقاً لمضمون المادة 112 من القانون رقم 102 للدفاع الوطني الصادر في 16/9/1983 والمتعلقة بخدمة العلم، حيث يعود المجند لممارسة هذا الحق بعد إتمامه خدمته المحددة.
هذا ما كان الوضع عليه في فرنسا أيام الجمهورية الثالثة وفي بعض دول أميركا اللاتينية، وقد انتقد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات النيابية للعام 2005 هذه القيود داعياً في تقريره النهائي إلى إلغاء القيود المفروضة على حق إقتراع أفراد الجيش والشرطة وعلى حق الإقتراع الخاص بمهن معينة قدر الإمكان .
وإذا كانت ظروف الانقسامات السياسية الطائفية تبرر هذا القيد حيث يحرص المشترع على إبقاء هذه الفئة خارج إطار الصراع السياسي، فإن الأحداث التي مرت أثبتت عدم جدوى هذه القيود، ومن الافضل اظهار الانقسامات إلى العلن واعطائها منحى قانوني بدل أن تبقى دفينة وغير معروفة درجة عمقها وتغلغلها بالنفوس.
لذلك يبدو أن الموقف اللبناني من معيار عمومية الانتخاب لا يزال متخلفاً عن الدول الديمقراطية، وخاصة لجهة تحديد السن ومنع العسكريين من حق الانتخاب، والذي يعتقد أن بالإمكان السماح للعسكريين بممارسته، مع منع القيام بنشاط سياسي داخل المراكز العسكرية كما يحدث في الدول الديمقراطية. شرط أن يكون هذا السماح من ضمن سلة إصلاحات انتخابية تمنع الاستغلال والتوجيه بما يمس باقي معايير العملية الانتخابية.

الموضوع الأصلي : حق الانتخاب الكاتب : AlexaLaw المصدر : منتديات عالم القانون
التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى
AlexaLaw
مؤسس و مدير عام المنتدى

الجنس : ذكر

تاريخ التسجيل : 03/03/2010

عدد المساهمات : 19648

نقاط : 12655185

%إحترامك للقوانين 100

العمر : 35

الأوسمه :

 حق الانتخاب 1384c10


الأوسمة
 :


 حق الانتخاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: حق الانتخاب    حق الانتخاب I_icon_minitime7/10/2011, 11:04

خيارات المساهمة


رابعاً: المساواة بين الناخبين
بعد إلغاء التصويت التعددي الذي يسمح بممارسة الناخب لحقه في التصويت بصفات متعددة، أصبح مبدأ "مواطن واحد، صوت واحد" مبدأً عالمياً. ويعني أن يعطى لكل صوت القيمة المتساوية مع أصوات باقي المواطنين. لكن بالرغم من أن المساواة هي إحدى المعايير العالمية الأساسية فإن الإخلال بها في حق الاقتراع لا يزال قائماً في العديد من البلدان، وخاضعاً لعملية تطور مستمرة، باعتبار أن المساواة تبقى هدفاًً اسمى يتغير مفهومه بتغير الظروف والأمكنة، وهذا ما شاهدناه في تطور عملية الاقتراع في الولايات المتحدة وفرنسا. لكن لا شك أن الدول الديمقراطية وصلت بهذا التطور إلى درجة اسمى في تطبيقها لهذا الحق، بما يتناسب ومفاهيمها وتطورها وعمق أو تجذر الديمقراطية فيها. لكن خطر الإخلال بالمساواة كمبدأ عالمي لا يزال قائماً في العديد من البلدان ضمن إطارين؛ التصويت غير المباشر، وعبر التقسيم غير المتكافئ للدوائر الانتخابية.
وإن كان الاقتراع غير المباشر قد اختفى بشكل شبه كلي في انتخابات المجالس التشريعية، إلاّ أنه لا يزال قائماً في انتخابات المجالس الأخرى، وهو أمر غير معمول به في لبنان. أما بالنسبة للتقسيم غير المتكافئ للدوائر الانتخابية، فالمبدأ هو أنه لتحقيق المساواة بين الناخبين، فمن المفروض أن يكون لكل صوت نفس الوزن الانتخابي مثل أصوات الناخبين الآخرين. وقد تضمنت كافة الدساتير والقوانين الانتخابية في الدول الحديثة وخصوصاً الديمقراطية منها، نصوصاً تكفل هذه المساواة في حق الاقتراع بين الناخبين. وهذا ما يرى البعض أن لبنان حاول القيام به في قانون انتخاب العام 1960 عندما اعتمد بموجب المادة 2 منه الدائرة الانتخابية على أساس القضاء مما يفسح المجال للناخب بإختيار جميع نواب القضاء الموزعين على أساس طائفي، وأنه اعتمد معياراً موحداً في تقسيمه الدوائر، معتبرين أنه اعتمد المساواة في عمله هذا.
لكن حقيقة الأمر أنه إذا ما كان هناك مساواة، فهي على مستوى مقترعي القضاء الواحد ليس إلاّ، وهذا المعيار كان يؤمن المساواة الإدارية وليس المساواة الانتخابية، لأنه لتأمين المساواة في قانون الانتخاب؛ يفترض "أن يخضع لمعيار واحد يفرض المساواة التامة بين المرشحين والناخبين على السواء في تكوين المجلس النيابي" على حد قول د. حلمي الحجار. ولم تكن المساواة مؤمنة لأن عدد النواب تراوح ما بين نائبين في أصغر دائرة وثمانية في أكبر دائرة، فلم تكن لصوت الناخب نفس القيمة بل كانت اضعاف مضاعفة، وقد انتقد العلامة إدمون رباط هذا التقسيم للدوائر الانتخابية، مفضلاً برأيه الدائرة الفردية لأنه يرى أنه كلما كبرت الدائرة تضاءل دور المواطن في الاختيار .
لكن بالرغم من هذه الآراء فقد كان قانون 1960 محاولة إصلاحية وخطوة إلى الأمام في حين صدوره، وكان من أبرز إنجازات الجمهورية الأولى على مستوى القوانين الانتخابية رغم الشوائب التي ذكرنا.
أما في الجمهورية الثانية فبالرغم من الالتزامات اللبنانية التي وردت في مقدمة الدستور، وبالرغم من نص الدستور اللبناني في المادة السابعة منه، وبالرغم من أن اتفاقية الطائف قد نصت على تأمين "صحة التمثيل السياسي لشتى فئات الشعب وأجياله". بالرغم من كل هذا فإن قوانين انتخاب الجمهورية الثانية لم تراع هذ الالتزام الدستوري، ولم تساوِ لا بين الدوائر الإدارية ولا بين الدوائر الانتخابية ولا في أي منها، وربما السبب يعود لانعدام التوازن الديموغرافي بين المسلمين والمسيحيين كما يقول الدكتور شكر في ملاحظاته، مقترحاً أن يجد قانون الانتخاب الجديد حلاً يراعي تمثيل الطوائف ويؤسس لبناء تكتلات سياسية كبرى تتصارع داخل البرلمان، شرط أن لا يكون ذلك على حساب الوحدة الوطنية والعيش المشترك.
فالقانون الانتخابي الأول للجمهورية الثانية رقم 154/92 عمد إلى تقسيم محافظة جبل لبنان والبقاع إلى دائرة واحدة لكل قضاء باستثناء قضائي بعلبك الهرمل اللذين بقيا كدائرة انتخابية واحدة، وكذلك قضائي البقاع الغربي وراشيا. بينما تم دمج محافطتي النبطية والجنوب في دائرة انتخابية واحدة. وابقيت باقي المحافطات كل منها دائرة انتخابية واحدة. وتكرر هذا الأمر في القانون رقم 530 تاريخ 11/7/1996 مع فارق جعل البقاع هذه المرة دائرة انتخابية واحدة. فإضافة إلى اعتماد القضاء حيناً والمحافطة أحياناً فإن التفاوت في عدد النواب الذين يصوّت لهم ناخب واحد تراوح ما بين 3 نواب ليصل إلى 23 نائباً مما خلق تفاوتاً في القيمة الإقتراعية لأصوات المقترعين وشكل انتهاكاً لمبدأ المساواة بين الناخبين، وكذلك بين المرشحين مما حدا بالعديد من النواب والقوى السياسية ووسائل الإعلام إلى المطالبة بإبطال القانون الأخير. فتقدم عشرة نواب بمراجعة أمام المجلس الدستوري لإبطال م2 من القانون رقم 530/96، فاصدر المجلس الدستوري قراره الشهير رقم 4/96 تاريخ 7/8/1996 أبطل بموجبه هذه المادة استناداً إلى المبادئ والأسس التالية:
- إن القانون يجب أن يكون واحداً لجميع المواطنين، وإنطلاقاُ من مبدأ لكل صوت القيمة الاقتراعية ذاتها في مختلف الدوائر دون إخلال بالمساواة في فحوى قانون الانتخاب بالنسبة إلى تقسيم هذه الدوائر.
- إن مبدأ المساواة هو مبدأ مقرر بصورة واضحة وصريحة في أحكام الدستور كما في مقدمته التي تشكل جزءاً لا يتجزأ منه وإن صدقية النظام التمثيلي لا تتوقف فقط على المساواة في حق التصويت بل ترتكز أيضاً على قاعدة تقسيم للدوائر الانتخابية تكون ضامنة للمساواة في التمثيل السياسي، وإن قانون الانتخاب المطعون فيه قد اعتمد معايير مختلفة في تقسيم الدوائر الانتخابية، مما جعل المحافظة هي الدائرة الانتخابية في كل من محافظات بيروت، الشمال والبقاع، وضم محافظة النبطية للبنان الجنوبي. وجعلها دائرة انتخابية واحدة، وجعل كل قضاء في محافطة جبل لبنان دائرة انتخابية واحدة.
- وإن هذا القانون أوجد تفاوتاً بين الدوائر الانتخابية وميّز في المعاملة بين المواطنين ناخبين أو مرشحين في الحقوق والفرائض، دون أن يكون ذلك على سبيل الاستثناء الذي قد تدعو إليه وتبرره ظروف طارئة وملحة مما جعل هذا القانون مخالفاً لمبدأ المساواة الذي نصت عليه المادة السابعة من الدستور وأكدته مقدمته، مما يقضي إبطال المادة 2 الجديدة المذكورة.
وقد شكل هذا القرار ثورة قضائية دستورية في لبنان على الواقع السياسي، أعلن فيه المجلس نفسه حامي الحريات والحقوق وحارس الدستور أسوة بالمحكمة الفدرالية الأميركية والمجلس الدستوري الفرنسي وباقي المحاكم العليا في الدول الديمقراطية.
أما قانون عام 2000 الذي أُجريت على أساسه انتخابات العام 2000 والعام 2005 فقد جاء كالقوانين التي سبقته في عهد الجمهورية الثانية وقيل عنه إنه "قانوناً لا تحكمه عدالة، ولا مساواة، ولا منطق، يحمل كل سلبيات القوانين السابقة دون حسناتها" وخاصة عندما عمد إلى إنشاء وحدات إدارية جديدة لا ترتكز إلى أي معيار موضوعي. وإجمالاً فإن قوانين انتخاب الجمهورية الثانية كانت تصدر بشكل متسرع ومرتجل وتعدل بمعدل مرة لكل دورة باستثناء قانون الـ2000 الذي اعتمد ثانية عام 2005، إنما لم يحسم اعتماده أو تعديله إلاّ قبل وقت قصير من إجراء الانتخابات، وفي ظل ظروف استثنائية وضاغطة. هذه التعديلات وعدم وضوح أي قانون سيعتمد يسبب إرباكاً للناخب والمرشح ولموظفي وزارة الداخلية.
وإجمالاً فإن القوانين الثلاثة لم تعتمد معياراً واحداً بل محافظة هنا وتشابك هناك وقضاء في مكان آخر، ولم تعتمد القضاء إلاّ لتوزيع المقاعد والترشيح وإعطاء النتائج، مستعملة عبارة استثنائياً ولمرة واحدة أكثر من 12 مرة على حد قول نقولا نصر .
ويستخلص من هذا كله أن قوانين الانتخاب في الجمهورية الثانية سجلت تراجعاً بارزاً وخرقاً لمعيار المساواة عدا عن خرقها الدستور اللبناني وتجاوزها للمجلس الدستوري اللبناني، مما يستوجب أن يكون العامود الفقري للإصلاح الانتخابي هو اعتماد دوائر انتخابية متساوية ليس من الناحية الإدارية بل من كافة النواحي تعطي لصوت كل ناخب لبناني ذات القيمة – إلى أقرب حد ممكن - مثل باقي الناخبين مع مراعاة التوزيع الطائفي.
خامساً: سرية الانتخاب
سرية التصويت مبدأ انتخابي أو معيار عالمي لحق الانتخاب تضمنه كافة الدساتير الديمقراطية الحديثة. هذا المبدأ الذي يسمح للناخب بأن يختار من يريد دون خوف أو إكراه أو إغراء، يتمثل اليوم بدخول الناخب إلى مكان عازل يمنع اطلاع الغير على الاسماء المختارة. أقر هذا المبدأ في فرنسا عام 1871 وفي بريطانيا عام 1872. ويعتبر قاعدة انتخابية حديثة العهد نسبياً، لأنه بالسابق كان التصويت يتم بشكل علني، وكانت العلنية تتمتع بتأييد عدد من الفقهاء والفلاسفة. فمونتسكيو مثلاً كان يعتبر أن علنية التصويت هي من القوانين الديمقراطية لأنها تسمح بتوعية الناخبين الأميين، وجون ستيوارت ميل كان يرى أن علنية الانتخاب تعلم الناخبين على تحمل مسؤولياتهم المدنية والسياسية.
لكن هذه العلنية التي جاءت نتيجة مستوى ثقافي معين من الديمقراطية كانت تؤدي إلى امتناع الكثير من الناخبين عن المشاركة خوفاً من عقوبات قد تفرض عليهم إذا ما جاءت مخالفة لإرادة أصحاب النفوذ، إضافة إلى ما كانت تتم به من صفقات لشراء الأصوات وإفساد لجوهر العملية الانتخابية، مما كان يشكل إساءة للديمقراطية وتكريساً لنفوذ القوى المهيمنة، التي كانت تغلف ديكتاتوريتها بشكل ديمقراطي. لهذا بدأت الدول بالتخلي عن العلنية من أجل ضمان حرية الناخب في إختيار مرشحيه بعيداً عن الضغوطات ووسائل الترغيب والترهيب، وحثه على التصويت في الاتجاه الذي يريد.
ويتشدد القضاء الفرنسي في تطبيق مبدأ السرية حيث اعتبر أن وضع بطاقة التصويت في الظرف خارج المعزل يوجب إبطالها، كما اعتبر عدم استعمال المعزل في قلم الاقتراع مبطلاً لعملية الانتخاب حتى لو لم تثبت نية الغش . كما اعتبر أن عدم دخول عدداً كبيراً من المقترعين إلى المعزل يؤدي إلى بطلان الانتخابات .
وفي لبنان طبق مبدأ السرية لأول مرة بموجب الإصلاحات التي أدخلت على القانون الانتخابي لعام 1952 في عهد الرئيس كميل شمعون، حيث قبل ذلك التاريخ كان الانتخاب يتم تحت أعين رجال السلطة وكانت الانتقامات تمارس ضد المعارضين فكان الناخب يصوّت في جو من الترهيب.
كرس مبدأ السرية نهائياً في المادة 5 من قانون 1960 الذي نص على أن يكون الاقتراع عاماً وسرياً وعلى درجة واحدة، وفي الجمهورية الثانية نصت م14 من القانون رقم 665/97 على إلزام الناخب بدخول المعزل المعد لحجبه عن الأنظار وكان هذا النص من الإيجابيات القليلة لقوانين انتخاب الجمهورية الثانية.
وقد جاء هذا النص على أثر حصول بعض الخروقات لمبدأ السرية في أول انتخاب في الجمهورية الثانية عام 1992 عندما تركت بعض أقلام الاقتراع بلا معازل انتخابية رغم اشتراط القانون لوجودها (م. 47 و49 و50).
كذلك فإنه خلال انتخابات عام 2000 حصل تصويت من قبل بعض الأفراد دون وجود عازل سري الأمر الذي أثار اعتراض البعض حيث تم وضع العازل بعد مرور ساعات على بدء العملية الانتخابية .
وقد قدمت عدة طعون أمام المجلس الدستوري اثر انتخابات العام 2000 استندت إلى عدة أسباب كان من بعضها عدم استعمال المعزل من قبل الناخبين ولم يتناولها المجلس الدستوري في اجتهاداته مباشرة باستثناء الطعن المقدم من الدكتور قاسم عبد العزيز بالمراجعة رقم 25/2000 ضد النائب جهاد الصمد، فأصدر المجلس الدستوري القرار رقم 15 تاريخ 8 ك أول 2000 وجاء في أحدى حيثياته ما يلي: "ربما أن المعزل قد أقيم حفاظاً على السرية وأن هذه السرية هي لضمان سلامة الإرادة وتأمين حرية الانتخاب، فإذا شاء الناخب أن لا يخفي ميله إلى مرشح معين وأدلى بصوته جهاراً دون الدخول إلى المعزل فلا عيب يشوب إقتراعه، هذا إلاّ إذا كان المانع الذي حمل الناخب على عدم الدخول إلى المعزل وليد ضغط أو إكراه مما يحمله على انتخاب من لا يريد انتخابه فيما لو خلا إلى نفسه في المعزل وتحصن بالسرية، فيكون من شأن ذلك التأثير على صدقية الإقتراع.
وبما أن المستدعي لم يقم أي دليل ولم يقدم أي بينة على أن عدم دخول الكثير من الناخبين إلى المعزل، على فرض ثبوت ذلك، كان وليد ضغط أو إكراه."
ورغم تبني المجلس الدستوري لمعيار السرية التي اعتبرها ضمان لسلامة الإرادة وتأمين حرية الانتخاب، فهو اعتبر أن عدم استعمال المعزل لا يشوب الاقتراع إلاّ إذا كان عدم دخوله وليد ضغط أو إكراه. ولكن ماذا لو كان عدم دخول المعزل نتيجة إغراء حيث يقدم الناخب دليلاً على انتخابه للائحة ما أو مرشح ما ويقبض الثمن أو ما تبقى من الثمن لاحقاً. وهذه ظاهرة كانت معروفة منذ أيام الجمهورية الأولى حيث كان يعمد بعض ما يسمى بالمفاتيح الانتخابية بتوزيع مبلغ مئة ليرة للناخب تمزق إلى نصفين يعطى الأول قبل الانتخاب ويكمل النصف الثاني بعد التأكد من تصويت المرشح لدافع الثمن. لذلك كانت دعوة وزير الداخلية الياس المر المواطنين إلى التصويت العلني دون الدخول خلف العازل أثناء الانتخابات الفرعية في المتن عام 2002 محل انتقاد واستهجان الكثيرين.
مما يسمح بالقول إن الالتزام اللبناني بمعيار السرية لم يتم حمايته من قبل المجلس الدستوري الذي ربما نظر إلى الأمر من ناحية مبدئية وسها عن باله الواقع اللبناني المرير والعقلية التجارية. عدا عن أن موقف المجلس الدستوري يتناقض مع المبادىء العامة للانتخاب المكرسة في المواثيق الدولية. واشتراطه على صاحب المراجعة تقديم البينة هو نوع من التعجيز،إذ كيف عليه أن يثبت أن عدم دخول المعزل كان وليد إكراه وليس بإرادة الناخب الحرة، إضافة إلى أنه يناقض كل القوانين الانتخابية في العالم التي تشترط سرية الانتخاب ودخول العازل.
لذا من الضروري إلزام الناخب باستعمال المعزل منعاً للاستغلال وحفاظاً على هذا المعيار العالمي ما دام لم يمنع أحداً الناخب من إعلان رأيه خارج قلم الاقتراع.
سادساً: التعبير الحر عن إرادة الناخبين
يشكل التعبير الحر عن إرادة الناخبين المعيار الأخير من المعايير التي فرصها القانون الدولي والتي تشكل حلقات ضمن دائرة، إذا قطعت أي منها افسدت ديمقراطية الانتخاب وفقدت العملية الانتخابية دورها كوسيلة أساسية من وسائل الديمقراطية التمثيلية. ومعيار التعبير الحر يصعب وضع تعريف مستقل له كونه يتداخل مع المعايير الأخرى وخاصة مع معيار نزاهة الانتخابات، فمفهوم التعبير الحر هو مفهوم نسبي كما هو مفهوم الحرية.
وهو معيار لا يمكن توفره إذا لم تتوفر باقي حلقات الدائرة فلا يمكن الحديث عن تعبير حر عن إرادة الناخب إذا لم تتوفر انتخابات نزيهة ودورية وشاملة وسرية وضمن مبدأ المساواة.
لكن بالإضافة إلى ضرورة توفر هذه المعايير فهناك ضمانات يتوجب توفرها في قوانين الانتخاب تشكل الآلية التي تسمح للناخب بأن يعبر عن رأيه بحرية.
وقد حاولت قوانين الانتخاب في الجمهورية الثانية توفير بعض الضمانات. فالقانون رقم 665 تاريخ 29/12/1997 الذي عدل بعض نصوص قانون الانتخابات النيابية وقانون البلديات وقانون المختارين وإستبدلها ببعض النصوص الجديدة التي تؤمن مزيداً من الضمانات لتمكين الناخبين من التعبير عن رأيهم بحرية، منها تكليف مديرية الأحوال الشخصية بملاحقة أعداد القوائم الانتخابية الممكنة وأنشأت مصلحة تسمى المصلحة التقنية في ملاك وزارة الداخلية تقوم بجميع الأعمال المتعلقة بالقوائم الانتخابية الممكننة وتنظيم البطاقات الانتخابية وترسل القوائم المنقحة والموقعة إلى البلديات والمختارين ومراكز المحافظات والقائمقاميات قبل تاريخ 10 شباط من كل سنة بينما كان يتم ذلك قبل 25 آذار من كل سنة (م. 25).
كما أن هذه التعديلات فرضت إبراز البطاقة الانتخابية في كل عملية انتخاب حيث يتم تسلمها حتى اليوم السابع الذي يسبق أي عملية انتخابية (م. 24).
كما تضمنت م. 15و16و17و18 من القانون رقم 665 المذكور ضمانات توجب فتح صندوق الاقتراع وإحضار الظروف التي فيه كما تكفل للناخبين وممثلي المرشحين مراقبة عمل لجان القيد وأقلام الاقتراع والتأكد من صحته وكل ذلك في محاولة لمنح المزيد من الحماية لحرية الناخبين والمرشحين في الاقتراع.
إضافة إلى هذه الضمانات ولمنع التأثير غير المباشر على إرادة الناخبين في التعبير الحر أوردت المواد 66و68 من القانون رقم 171 تاريخ 9/1/2000 نصوصاً تحظر توزيع ونشر مخطوطات لصالح المرشحين أو ضدهم يوم الانتخاب، كما حظرت على كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة غير السياسية تعاطي الإعلان الانتخابي السياسي خلال الحملة الانتخابية حتى إجراء الانتخابات وإعلان النتائج النهائية تحت طائلة التعطيل والاقفال التام بقرار يصدر عن محكمة المطبوعات في غرفة المذاكرة.
لكن رغم هذا التطور الجزئي الإيجابي الذي سجلته الجمهورية الثانية لناحية النصوص، فإن الأداء السيء الذي رافق التنفيذ افقده فعاليته نسبياً وقد سجلت في انتخابات الجمهورية الثانية مجموعة من الشوائب أساءت إلى معيار التعبير الحر عن إرادة الناخب سنحاول سرد أبرزها ولو باختصار:
1)- عدم استخدام العازل بشكل إلزامي في بعض الأقلام أو من قبل بعض الناخبين، ووجود لوائح مرشحين وراء المعزل.
2)- الوجود غير المبرر للقوى الأمنية داخل أقلام الاقتراع وعدم مراعاة حرمة المراكز الانتخابية من قبل الماكينات الانتخابية والمرشحين.
3)- عدم الفصل الواضح بين الأقلام أحياناً. وغياب إشارات التوجيه في بعض مراكز الاقتراع.
4)- عدم تسهيل وصول المسنين والمعاقين.
5)- حجز البطاقات الانتخابية من قبل بعض المرشحين والقوى النافذة قبل الاقتراع وتأخر توزيع البطاقات الانتخابية وتصاريح المندوبين لتيارات معارضة ، عدا عن حالات تزوير للبطاقة، وعدم حصول البعض عليها أو عدم ورود الاسم على لوائح الشطب.
6)- عدم اعتماد وسائل تقنية في التصويت والفرز واستعمال اللوائح التي أعدتها الهيئة سلفاً .
7)- رصد حالات معينة من شراء الأصوات بالمال.
Cool- استغلال القوى السياسية لعملية نقل الناخبين إلى أماكن الانتخاب التي هي أماكن قيدهم وهي عادة مسقط العائلة ومن نتائجها تكوين نظام التبعية على أساس الإنتماء الطائفي.
9)- اللجوء إلى استخدام لوائح انتخابية غير موجودة ولا سيما اللوائح المعدة من جانب المرشحين والموزعة من قبل مندوبيهم في أماكن الاقتراع وهذا ما يضر بشكل كبير بسرية الاقتراع.
10)- وجود كثيف للنشاط الانتخابي داخل مراكز الاقتراع وخارجها بشكل خاص الأمر الذي أدى على الأرجح إلى إشاعة مناخ من الترهيب للمقترعين بحيت وصل الوضع أحياناً إلى توقف العملية الانتخابية بسبب صخب الأغاني الحماسية بمكبرات الصوت .
11)- في 16% من مراكز اقتراع شملتها المراقبة في انتخابات 2005، سجل رفض مقترعين من حملة البطاقات الانتخابية الأمر التي طرح تساؤلات حول دقة سجلات التشطيب وكفاءة إدارة الانتخابات.
12)- التأثير السياسي المباشر على الناخبين داخل أقلام الاقتراع، من خلال أجهزة التلفزيون المعدة أصلاً لأعمال الفرز، والتي جرى تشغيلها لبث التغطية الانتخابية لمحطات تلفزيونية في بعض الأقلام.
13)- وجود صور وشعارات لمرشحين أو تيارات سياسية داخل بعض أقلام الاقتراع .
إضافة إلى هذه الأمور التي تناقلتها الصحف والدراسات والتي شكلت عناوين للخروقات التي رصدت في عهد الجمهورية الثانية للتعبير الحر عن إرادة الناخبين؛ فإن قانون الانتخاب الأخير رقم 171/2000 لم يتضمن أية نصوص تتعلق بمصاريف الحملات الانتخابية وسقفها أو تكافؤ الفرص في الإعلام والإعلان بين المرشحين، بل إن الحكومة عمدت بعد خمسة أشهر من إقرار القانون الأخير إلى إعداد مشروع قانون يتعلق بالنفقات الانتخابية أُحيل على مجلس النواب بموجب المرسوم رقم 2299 وسجل بتاريخ 2/5/2000 مع أنه يحمل تاريخ 27/1/2000 وقامت لجنة الإدارة والعدل بتأجيل دراسة القانون ولم يصدر هذا القانون وسط اتهامات متبادلة بين الحكومة والمجلس حول من هو المسؤول عن عدم صدوره. وبعد إجراء انتخابات العام 2000 قال الرئيس الحص عندها بأن ما أُنفق على الانتخابات في بيروت وحدها يفوق ما أُنفق على الانتخابات الرئاسية الأميركية في كل الولايات. وقد تناقلت الأخبار الحديث عن العديد من المقاعد النيابية التي اشتراها المرشحون تحت عنوان نفقات انتخابية تدفع لرؤساء اللوائح وهم عادة من الرجالات السياسية التي تتقاسم النفوذ في البلد.
وقد أثبت المجلس الدستوري اثناء نظره في الطعون الانتخابية وجود مخالفات عديدة وجسيمة في تنظيم محاضر الانتخابات، وعدم احتساب نتائج بعض أقلام الإقتراع، ووجود محاضر غير موقعة وفقاً للأصول ومحاضر لا تتضمن اسماء المرشحين ولا عدد الاصوات ولا اسم البلدة ولا رقم الإقتراع، ووجود أصوات محتسبة لا تستند إلى محضر انتخاب أو إلى أي مستند آخر يبرر احتسابها، ووجود تلاعب في محاضر الانتخاب وغيرها من المخالفات التي تشكل انتهاكاً لحق الإقتراع وللحريات والحقوق السياسية الانتخابية للناخبين أو المرشحين، كما تشكل خرقاٌ لروح الدستور ومبادئه العامة ومخالفة للقانون وتشويهاً لإرادة الناخبين مما دفع المجلس الدستوري إلى إبطال خمس نيابات في عهد الجمهورية الثانية أربعة منها عام 96 وواحدة عام 2002 .
ونخلص من كل هذا إلى أن معيار التعبير الحر عن إرادة الناخبين قد سجل تراجعاً بارزاً في الجمهورية الثانية حيث سيطر الإعلام والمال على اللعبة الانتخابية وكان له آثاراً سلبية على هذا المعيار ومحاولات الإصلاح النظرية ضاعت في خضم التطبيقات العملية مما يستوجب إعادة النظر في قانون الانتخاب وإصدار تشريعات جديدة تسد هذه الثغرات.
وفي محاولة لمعالجة هذه الثغرات التي شابت القوانين الانتخابية في لبنان عمدت حكومة الرئيس السنيورة عام 2005 إلى إنشاء هيئة وطنية خاصة بقانون الانتخابات، وقد قامت هذه الهيئة باعداد مشروع قانون انتخابي نيابي بعد عمل استمر عدة أشهر، وبعد أن عقدت عدداً كبيراً من جلسات هيئتها العامة واللجان الفرعية، وبعد قيامها بدرس حوالي 120 مشروعاً كانت قد تسلمتها من الهيئات والأحزاب والشخصيات المهتمة بالشأن الانتخابي، وبعد أن ناقشت معهم ومع مندوبيهم هذه المشاريع.
وبعد أن حرصت الهيئة على تأمين الإجماع بين أعضائها على أمل انعكاس ذلك الإجماع على الوفاق بين اللبنانيين تقدمت الهيئة بمشروع قانون انتخابي مؤلف من 129 مادة موزعة على تسعة فصول بتاريخ الأول من حزيران 2006، حيث حاولت معالجة معظم الثغرات التي تحدثنا عنها والتي شابت قوانيننا الانتخابية في محاولة منها لرفع هذا الحق إلى مصاف الحقوق التي تتمتع بقوة دستورية -حيث أرفقت مشروعها باقتراح لتعديل الدستور- وتكريسه لكافة اللبنانيين حتى المنتشرين خارج الأراضي اللبنانية، وخفص سن الإقتراع إلى 18 عاماً، وإعطاء حصة "كوتا"، وإنشاء هيئة مستقلة للانتخابات تحل محل وزارة الداخلية في تنظيم العملية الانتخابية والإشراف عليها.
كما اقترحت الهيئة اعتماد نظام مختلط يجمع ما بين النظامين الأكثري والنسبي وجمعت ما بين القضاء والمحافطة في محاولة منها لإقامة توازن ما بين حق المساواة ومبدأ العيش المشترك .
لكن الخلافات السياسية التي تعصف بالبلاد لا تزال تعيق صدور هذا القانون، حيث يخضع الأمر للتشاور بين السياسيين في ظل حالة من التشنج يصعب معها التنبؤ بما ستؤول إليه النتائج.

بيروت في 21-5-2007
الدكتور صالح طليس

الموضوع الأصلي : حق الانتخاب الكاتب : AlexaLaw المصدر : منتديات عالم القانون
التوقيع
توقيع العضو : AlexaLaw
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.AlexaLaw.com
 

حق الانتخاب

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

+
صفحة 1 من اصل 1

.:: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ::.


      هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة     
odessarab الكلمات الدلالية
odessarab رابط الموضوع
AlexaLaw bbcode BBCode
odessarab HTML HTML كود الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم القانون :: منتدى AlexaLaw لعالم القانون :: فروع القانون العام :: القانون العام الداخلي :: القانون الدستوري-
انتقل الى:  
الإسلامي العام | عالم القانون | عالم الكتاب و الثقافة العامه | التجاره و المال و الأعمال | البرامج و تكنولوجيا المعلومات | تطوير المواقع و المدونات | الترفيهي و الإداري العام

Powered by AlexaLaw.com ® Phpbb Version 2
Copyright © 2010
.:: جميع الحقوق محفوظه لمنتدى عالم القانون © ::.

.::جميع ما ينشر في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليه و إنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه في حدود الديمقراطيه و حرية الرأي في التعبير ::.